ضَجَرُ السُّرَى ..
إلى جارة العاصي -حمص- في محنتها.. وفاء لصبرها ومصابرتها..
يَمَّمْتُ وجهَكِ كالربيعِ تَهَلَّلا=وسَنا جَبينِكِ باليقينِ تَكلَّلا
ومضيتُ يحملُني إليكِ تَوَلُّهي=ونِداءُ شوقٍ من عيونِكِ أُرسِلا
فسرَيتُ في درب الضياءِ يقودُني=طيفٌ لأمسِكِ بالعَلاءِ تسَربَلا
تَجري خيولُكِ راقِصاتٍ في دمي=وعلى فمي تَزهو القصائدُ رُفَّلا
جاريتُ نهرَكِ (من حَماةَ) مُصَعِّداً=فعرفتُ من أيِّ الفَرادِسِ أقبلا
أوقفْتُ عَنسي عند بابكِ مُوقِناً=أني وجدتُ إلى الجِنانِ المُدْخَلا
ألقَيْتِ سِحْرَ الضفّتَين على يدي=وبذَلْتِ من سُحُبِ الجمالِ الهُُطَّلا
فملأتُ من نَهْر الصباح عُلالتي=وقبَسْتُ من ألْقِ الضياءِ الأجملا
* * *
يا (جارةَ العاصي) أتَيتُكِ طائعاً=فوَرَدْتُ من ماء الكرامةِ مَنْهَلا
إني أتيتُكِ والرماحُ نَواهِلٌ=منّي.. وسكّينُ القبيلةِ أوغَلا
بدَمي يُضيءُ (أبو عُبَيدةَ) مَجْدَهُ=قبساً على شفةِ الخلودِ مُرتَّلا
ويفُتُّ فيهِ (أبو الفداءِ) طيوبَهُ=فأشُمُّ نَصْرَ الفاتحينَ مُؤَثَّلا
شمّرْتُ ثوبي للصلاةِ فجُدْتِ لي=بدموعِكِ الثّكْلى وَضُوءاً سَلسَلا
وسَجدتُ خلفَ (ابن الوليد) تَخَشُّعاً=أنِّي سألمحُ وجهَ (خالدَ) مُقْبِلا
وجهٌ رجَعْتُ على مفاتن سحرِهِ=بَصَري، فعادَ إليَّ كَلاًّ مُسْبَلا
ولمستُ من خلف العيون مَواجعي=ولثمتُ فيها الطهْرَ حقلاً مُمْحِلا
* * *
يا(ابن الوليد) أما ضَجِرْتَ من السُّرى=أوَما حَلَلْتَ من المكارمِ مَنْزِلا
هذي الجراحُ على إِهابِكَ سَطّرت=قصصَ البطولةِ والكرامةِ والعُلا
لم يَبْقَ في جسَدِ الكرامةِ موضعٌ=إلاّ وأمسى من جراحكَ مُثْقَلا
عَقَدَتْ بمفرقِكَ الدماءَ (عِصابةٌ=نَكْراءُ) لم ترْعَ اليمينَ الأعْزَلا
سَفَحَتْ على (سَنَنِ المَجوسِ) دماءَنا=وعزيزُ قومِكَ للمَذَلّةِ أُوكِلا
صبّتْ على أرضِ الشآمِ ضَلالها=وتقصَّدَتْ أن تستبيحَ المقتَلا
جثَمَتْ على صدر البلاد بكلكلٍ=عاتٍ، وداستْ في ثراها السنبُلا
ناديتَ (يا الله)، حِلْمُكَ واسعٌ=قد طالَ ليلُ الظالمينَ وألْيَلا
ما لي سواك هُدىً وقد "وجّهتُ وجْـ=ـهيَ للذي فطَرَ السمواتِ" العُلا
فخرجْتَ من خَلَلِ المآسي مارداً=وجريتَ في الأرض الأبيَّةِ جدولا
وسلكتَ للجُلّى سبيلاً موحِشاً=ليُضيءَ قنديلُ الحياةِ ويُجتَلى
هتَفَتْ لعزمتكَ الحناجرُ وانتشتْ=وهفَتْ لها سُمْرُ السواعدِ حُفّلا
وتخاذل الباغي لعزمكَ صاغراً=وأحالَ عنكَ -لهُ ضُراطٌ- مُجْفَلا
* * *
أمُعَفِّرَ (الأسَدِ) الهِزَبْرِ (بصَوتِهِ)=هَلاّ (بسوطِكَ) هِجْتَهُ كي يَرحَلا
هَلاّ نَفضْتَ غُبارَ سيفِكَ آدَهُ=صَدأُ السنين، وفَلَّ منه المُنْصُلا
اُكتبْ بسيفِكَ مجدَ شعبكَ إنّه=إما طغى الباغونَ كانَ الفيصَلا
1/12/2011