تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 88

الموضوع: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    مسائل وجوابات منثورة في الأصول

    هذه طائفة من المسائل والفوائد التي لها تعلق بأصول الفقه، لكنها وقعت منثورة هنا وهناك في روابط مختلفة، فأحببت جمعها هنا كي يسهل الرجوع إليها.

    ولا أستغني عن إرشادات الإخوة الأفاضل والمشايخ الكرماء.

    أخوكم/ أبو مالك العوضي
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما معنى قول أهل العلم ( القطع والظن أمر إضافي ) ؟

    الجواب:
    قول أهل العلم (القطع والظن أمر إضافي) أي يختلف من إنسان إلى آخر؛ فإن الصحابي الذي يسمع الحديث من النبي يقطع بنسبته إليه، بخلاف الذي يسمعه بوسائط لا تفيد اليقين.

    مثاله حديث (من كذب علي متعمدا) وسنة (المسح على الخفين)، وأحاديث المهدي، ورؤية الله، وحديث (تقتل عمارا الفئة الباغية)، وغير ذلك.

    فكل هذه الأحاديث متواترة عند أهل العلم بالحديث، وقد يجهلها آحاد أهل العلم، أو تصل إليهم بطريق ظني لا قطعي، فيختلف الحكم على قطعية الشيء من إنسان إلى آخر.

    وكما يختلف أهل العلم في الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف، فكذلك يختلفون في الحكم عليه بالتواتر أو الاستفاضة أو الآحاد.

    مثال آخر: (القياس) و(الإجماع)
    الأكثرون من أهل العلم على حجية هذين، وقالوا: إن حجيتهما ثبتت بالقطع من مجموع الأدلة، مع أن آحاد الأدلة ظنية، إلا أنها ارتقت إلى القطع بانضمام بعضها إلى بعض.

    والظاهرية يقولون: إن هذه الأدلة لا تفيد إلا الظن، فلا يأخذون بها

    فاختلف الحكم على الشيء نفسه من جهة كونه قطعيا أو ظنيا باختلاف الأشخاص.

    والله أعلم
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما معنى قولهم ( الجمهور ) أو ( الأكثر ) أو نحو ذلك ؟


    الجواب:
    كلمة (الجمهور) وبعضهم يقول (الأكثر) وبعضهم يقول (العامة) أو (عامة أهل العلم) فكل هذه الألفاظ متقاربة، سواء وافق ذلك الدليل أو لم يوافق الدليل؛ لأن موافقة الدليل هذه أمر إضافي، فعدم موافقة الدليل تكون عندك أنت، أما هؤلاء العلماء فهم موافقون للدليل من وجهة نظرهم، ولا يتصور بأحد الأئمة مخالفة الدليل بالهوى.

    ولا بد أن تكون الكثرة ظاهرة، فإن تقارب العدد بين الفئتين لم يكن أحدهما جمهورا وإن كان أكثر عددا.

    والجمهور قد يختلف من عصر إلى عصر ومن مصر إلى مصر، فينبغي النظر إلى من أطلق هذا اللفظ (الجمهور) فقد يكون المشهور في بلده مخالفا لغيره، فإذا اتفقت كلمة أهل العلم على أن هذا هو قول الجمهور فبها ونعمت.

    وبعض أهل العلم يطلق هذه الألفاظ على اصطلاحات أخص، فبعضهم يطلقها على غالب الأئمة الأربعة، فقد يتفق ثلاثة منهم على قول دون الرابع، فيحكمون بأنه قول الجمهور، وقد يكون من وافقوا هذا الواحد من غير الأربعة كثيرين.

    وبعضهم يطلق هذه الألفاظ على علماء المذهب، فكأنه قال المعتمد في المذهب كذا.

    وأيا كان الأمر فليس قول الجمهور دليلا على صحة القول، ولا حجة ملزمة للناس بالاتفاق، وإنما هو قرينة على رجحان القول، ولو كان قول الجمهور حجة ملزمة لما ساغ لأحد الأئمة أن يخرج عن قول جمهورهم، وما وجدنا أحدا من أهل العلم أنكر على أحمد مثلا أنه يخالف مالكا والشافعي، ولا وجدنا أحدا أنكر على الشافعي أنه يخالف مالكا وأبا حنيفة.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما معنى هذين البيتين من السلم المنورق:
    وعندهم من جملة المردود ......... أن تدخل الأحكام في الحدود
    ولا يجوز في الحدود ذكر أو ............. وجائز في الرسم فادر ما رووا

    الجواب:
    هذان شرطان من شروط ( الحد )

    والحد - كما تعلم - هو المعرّف المطرد المنعكس، أو الجامع المانع؛ يجمع كل ما يدخل فيه، ويمنع دخول ما ليس منه.

    ( وعندهم ) أي عند أصحاب هذا العلم ( من جملة المردود ) أي من الأشياء التي لا تصح ولا تسوغ ( أن تدخل الأحكام في الحدود ) أي أن يذكر في ضمن الحد حكم المحدود، كأن تقول: "الواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه" فهذا لا يصح عندهم أن يكون حدا، وإنما هو "رسم".
    ( ولا يجوز في الحدود ذكر "أو" ) أي لا يصح أن تستعمل حرف "أو" في الحد، والمقصود "أو" التي للشك كقولك (الإنسان هو الضاحك أو الكاتب)، أما التي للتقسيم فيجوز إدخالها في الحدود، كقولك (العدد زوج أو فرد) (الكلمة اسم أو فعل أو حرف).
    ( وجائز في الرسم ) أي ويجوز كل ما سبق في التعريف بالرسم، والتعريف بالرسم أن تذكر الجنس القريب والخاصة كأن تقول: "الإنسان حيوان ضاحك"

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    ( استدلال طريف جدا )

    من أجمل الكتب التي قرأتها كتاب ( ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان )

    للعلامة ابن الوزير اليماني المتوفى سنة 840 هـ

    وقد ناقش في الكتاب مسألة معرفة الراسخين في العلم بتأويل القرآن، وقول من قال: إنه لا يوجد شيء في القرآن لا يُعرف تأويله، واستدل على نقض هذا القول بأكثر من عشرين دليلا.

    ولكن أطرف هذه الأدلة هو الدليل السادس عشر، بل هو أطرف دليل رأيته في حياتي؛ حيث قال:

    (( الدليل السادس عشر: وهو ما يبطل دعواهم لذلك بحجة واضحة يعبَّر عنها بحروف مقطعة من جنس ما فهموه عن الله تعالى؛ فإن فهموا عنا مرادنا فيها سلَّمنا لهم، وإن لم يفهموا وَضَحَ الحق، فنقول في احتجاجنا عليهم: { الم، وكهيعص } ))
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    (من خالف الجمهور، هل يعد قوله شاذا)؟


    الجواب:
    فإن كان الخلاف نادرا أو لا يكاد يعرف، أو انقرض، فيمكن أن يقال عن المخالف في هذه الحالة إنه شذ.

    أما إن كان الخلاف مشهورا معروفا ولكن الجمهور على خلافه، فلا يقال عنه حينئذ إنه شذ.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل هذا الكلام راجح أو مرجوح : ( ويسمى المندوب سنة ومستحبا وتطوعا وطاعة ... إلخ ) ؟

    الجواب:
    هذه اصطلاحات لا يقال فيها راجح ومرجوح ! فلا مشاحة في الاصطلاح !
    ومختصر التحرير وشرحه الكوكب المنير خاصان بمذهب الحنابلة
    والمشهور أن (السنة) و(المندوب) و(المستحب) و(التطوع) و(النفل) ونحوها ألفاظ مترادفة أو متقاربة في اصطلاح أكثر العلماء
    والحنفية عندهم بعض الفروق بين السنة وغيرها من الألفاظ، فيجعلون السنة لما واظب عليه النبي دائما، ويجعلون تاركها آثما.
    والمالكية أيضا عندهم فروق دقيقة بينها، بيَّنها صاحبُ المراقي بقوله:
    فضيلة والندب والذي استُحب .............. ترادفـت ثم التطوع انتُخِبْ
    رغيبة مـا فيـه رغـب النبي .............. بذكر ما فيـه من الأجر جُبي
    أو دام فعله بوصـف النفـل .............. والنفـلَ من تلك القيود أخلِ
    والأمرِ بـل أعـلم بالثـواب .............. فيه نبيُّ الرشـد والصـواب
    وسنةٌ ما أحـمدٌ قـد واظـبا ............. عليـه والظـهور فيـه وجبا
    وبعضـهم سمى الذي قد أكدا .............. منها بـ(واجب) فخذ ما قيدا
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما الفرق بين قولنا (الإجماع بغير نص) وقولنا (الإجماع بغير مستند) ؟


    الجواب:
    هناك خلط يحدث كثيرا في هذه المسألة، وهو عدم التفريق بين قولنا ( الإجماع بغير نص )، وقولنا ( الإجماع بغير مستند )، والفرق واضح بينهما لمن تأمل.

    فلو كان الإجماع لا يصح إلا بنص في خصوص المسألة المجمع عليها لكان الإجماع بلا فائدة إلا قليلا.

    أما المقصود بـ(المستند) فهو الدليل أو السبب أو المرجع الذي رجع إليه أهل العلم في هذا الإجماع، وهذا المستند قد يكون قول صحابي، وقد يكون قياسا، وقد يكون عملا بقواعد الشريعة العامة، وقد يكون مراعاة للعرف، وقد يكون غير ذلك من الأمور التي هي أعم من النصوص.

    ولو أجمع العلماء على مسألة واستدل كل واحد منهم بدليل مغاير للآخر فإن هذا الإجماع صحيح لم يقدح فيه أحد، فلو كان النص شرطا في صحة الإجماع لقدح ذلك في هذا الإجماع المذكور.

    والقول المشهور عند أهل العلم أنه لا يلزم البحث عن مستند الإجماع، ولذلك فالخلاف في هذه المسألة خلاف نظري لا فائدة فيه؛ لأن مجرد ثبوت الإجماع يكفي في الاحتجاج، ولا يلزم معرفة الدليل الذي استندوا إليه، ولا يصح أن يقال: هذا إجماع بغير دليل؛ لأن عدم معرفتك لدليل أهل الإجماع لا يلزم منه عدمه كما هو واضح.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل يمكن تطبيق قاعدة ( الأمر في الآداب للاستحباب على اللحية ) ؟


    الجواب:
    قاعدة (الأمر في الآداب للاستحباب) حتى لو افترضنا أنها قاعدة صحيحة متفق عليها، فهي إنما تطبق عند عدم وجود قرائن تدل على الوجوب بالاتفاق.

    وهنا قرائن كثيرة تفيد الوجوب، ولذلك أنا أتعجب من الذين يستدلون على فرضية اللحية بقاعدة (الأمر المجرد من القرائن للوجوب)!! فإن هذا الأمر قد اقترن به قرائن كثيرة تفيد الوجوب، فكيف نقول: مجرد من القرائن.

    ومن هذه القرائن:
    = تعدد صيغ الأمر الواردة في الأحاديث مما يدل على شدة الاهتمام.
    = اقتران النهي بمخالفة المشركين.
    = اقتران النهي بمخالفة المجوس.
    = ورود النص بالإنكار على المجوس.
    = لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه حلق لحيته.
    = فهم عشرات العلماء على مر العصور أنها للوجوب.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل من مثال تطبيقي يثبت أن داود الظاهري أعمل القياس تطبيقا وإن أنكره تأصيلا؟


    الجواب:
    أنا أظن والله أعلم أن هذا السؤال لا يمكن الجواب عنه بجواب فاصل؛ لسببين:
    أولا: لأن تصانيف داود لم تصلنا.
    ثانيا: لأن كل مثال يمكن استخراجه يمكن أيضا أن يُورد عليه كثير من الإيرادات التي تخرجه عن كونه قياسا؛ لأننا لا نعرف معرفة تامة كيفية استدلال داود.

    وأضيف شيئا آخر، وهو أنه إن كان مراد الأخ السائل أن يثبت تناقض داود لأنه أنكر القياس تأصيلا وذهب إليه عملا، فأحب أن أقول: إن هذا مسلك غير سليم؛ لأن (لازم المذهب ليس بمذهب) على الصحيح، وكذلك فكثير من العلماء قديما وحديثا يؤصلون أصولا ثم يخالفونها في بعض الفروع، فقل أن يسلم أحد من ذلك.

    فلا أدري حقيقةً ما الفائدة العملية من هذا السؤال.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    عندما نزلت آيات الحجاب، لماذا وقع الخلاف أساسًا ؟ فمن المؤكد أن الرسول عليه الصلاة والسلام تلاها ودرسها للصحابة رضي الله عنهم وتم حسم المسائل الفقيهة فيها و لم يعد هناك مجال للاختلاف فلم يكون باب التفسير مفتوحًا فيما يخص الأحكام الشرعية و المسائل الفقيهة؟


    الجواب:
    يظهر الجواب عن هذا السؤال بتعميم السؤال؛ فنقول:
    - لماذا وقع الخلاف بين العلماء في كثير من مسائل الوضوء والصلاة التي هي أظهر وأشهر من الحجاب بمراحل؟ حتى اختلف العلماء هل كان النبي ينزل على يديه أو على ركبتيه؟ مع أن هذا أمر مشاهد ويتكرر يوميا مرارا!
    - ولماذا وقع الخلاف في معظم الأبواب الفقهية وفي أشياء واضحة يراها الألوف المؤلفة مثل مسائل الحج حتى لقد وقع الخلاف بين العلماء في حج النبي هل كان مفردا أو متمتعا؟
    - بل الأمر أعظم من ذلك، فلماذا وقع الخلاف بين الفرق المنتسبة للإسلام كالقدرية والجبرية والخوارج وغيرهم وبعضهم ظهر من قديم في الخلافة الراشدة؟
    - ولماذا نرى العلماء يختلفون في تصحيح وتضعيف بعض الأحاديث؟ فمن المفترض أن النبي قد قالها وأمر الناس بالتبليغ والدين محفوظ، فكيف يقع مثل هذا الاختلاف؟
    - ولماذا نرى العلماء يختلفون في أشهر أحداث السيرة حتى اختلفوا في قصة عائشة لما حبست الناس ونزلت آية التيمم فقال بعضهم سنة أربع وبعضهم سنة خمس وبعضهم سنة ست؟
    - ولماذا نرى العلماء يختلفون في فهم آيات القرآن حتى الآيات التي هي وثيقة الصلة بحياة الناس اليومية ولها تعلق بالأحكام الفقهية، أليس من المفترض أن يكون النبي قد بين معاني هذه الآيات للصحابة كما قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}؟
    - بل لماذا نرى المتأخرين يختلفون في أهم مهمات أصول الدين من مسائل العقيدة والصفات؟!
    إلخ إلخ.

    وبهذه الأسئلة وما أشبهها نستطيع أن نفهم أن هذا السؤال ينسحب على جميع مسائل العلم تقريبا وليس مختصا بالحجاب.

    وجواب هذا السؤال يظهر من وجوه:
    - أولا: أن الاختلاف بين الناس طبيعة بشرية لازمة لهم؛ لاختلاف الفهوم والعلوم والعقول، ومن ثم كان الاتفاق حجة إذ لا يحصل الاتفاق إلا بعصمة الله عز وجل للأمة.
    - ثانيا: أن الله عز وجل ابتلى عباده بمثل هذه الاختلافات ليختبر اجتهادهم وبحثهم عن الحق.
    - ثالثا: أن كثيرا من هذه الاختلافات نشأت بعد الاتفاق لخفاء قرائن الأحوال على من دون الصحابة، وإلى هذا يشير قول ابن عباس لعمر بن الخطاب: إن القرآن نزل علينا وعلمنا فيم نزل، وسيأتي بعدنا أقوام لا يعلمون فيم أنزل فيختلفون فيه؟
    - رابعا: أن تأخر الأعصار عن نور عصر النبوة يؤدي إلى كثرة الاختلافات؛ لأن العلم يدرس مع الوقت والأمور تخفى ثم تزداد خفاء بعد حين، ولهذا عبدت التماثيل بعد أن كانت تذكيرا بقوم صالحين.

    ولكن كل ما سبق لا يمنع الاستدلال بمثل هذا الإشكال أحيانا في بعض المسائل الفقهية وغيرها، وهي طريقة معروفة عند الحنفية في مسائل عموم البلوى.
    فمثلا لو قال قائل: (الصلوات الخمس زادت فصارت ستا وهذه الصلاة السادسة فريضة على جميع المسلمين مثل الصلوات الخمس) فيقال له: هذا مستحيل بالضرورة؛ لأن هذا لا يمكن أن يخفى على بعض الأمة فضلا عن جميع الأمة.
    ولو قال قائل: (إن النبي والصحابة سلكوا مسالك المتكلمين في تقرير مسائل العقيدة) لكان الجواب أن هذا مستحيل بالضرورة كمثل سابقه.

    هذا ما حضرني الآن، والموضوع أوسع من هذا، ولعل هذه الإشارة تكفي.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل يمكن أن يوجد استقراء تام؟


    الجواب:
    نعم يمكن أن يوجد استقراء تام قطعي إذا كانت الوقائع المطلوب استقراؤها محصورة، وذلك كأن يقال: لم يشتمل القرآن مثلا على كذا، وذلك بالاستقراء، أو يقال: كل ما في القرآن من (يا أيها الناس) مكي، وكل ما فيه من (يا أيها الذين آمنوا) مدني، وهذا مجرد تمثيل، وإلا ففي هذا الاستقراء نظر.
    وكذلك يمكن أن يوجد استقراء تام إذا مرت أزمنة متطاولة يُدعى فيها هذا الاستقراء بغير أن يوجد ما يخالفه، وذلك كقول النحويين إنه لا يوجد قسم رابع للكلم غير الاسم والفعل والحرف، وذلك بالاستقراء التام.

    السؤال:
    كيف نقبل قول من يدعي الاستقراء التام؟


    الجواب:
    إذا ادعى بعض العلماء الاستقراء التام في مسألة، وكانت جزئياتها غير محصورة، فإن قوله يقبل إذا كان هو من المعروفين بسعة الاطلاع ووفور العلم، ولا يدفع كلامه إلا بإيراد جزئية تدحض هذه الكلية، ولا يكفي مجرد الرد بأنه يحتمل كذا وكذا.

    = وأنبه على أنه يوجد خلاف بين الأصوليين في تعريف الاستقراء التام، هل يعم صورة النزاع أو لا يعمها، والظاهر من اسمه أنه يعمها، ولكن الأقرب إلى الواقع وإلى استعمال أهل العلم أنه لا يعمها، وإلا كان الاحتجاج به تحصيلا للحاصل.

    = وقد جرت عادة أهل العلم في جميع العلوم تقريبا أن يحتجوا بالاستقراء، حتى لو كان ناقصا، وذلك إذا كان قريبا من اليقين، ولم يقدح في هذه الطريقة أحد من أهل العلم إلا ابن حزم (في التقريب)؛ بناء على أصله في عدم الاعتداد بالظن مطلقا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    قولنا ( عدم الاعتداد بالظاهرية ) ما المقصود بذلك ؟


    الجواب:
    إن كان المقصود عدم الاعتداد بهم لأنهم ليسوا مجتهدين؛ إذْ لم تتوفر فيهم شروط الاجتهاد، فهذا الكلام يمكن ادعاؤه في غيرهم من المجتهدين المعتبرين، وإذا كانت شروط الاجتهاد أصلا مما يمكن الاختلاف فيه، فقد صار القول بعدم الاعتداد بهم مصادرة على المطلوب.

    وإن كان المقصود عدم الاعتداد بهم في مسائل القياس؛ لأنهم أنكروه، فصار هذا من باب زلة العالم، فهذا القول له وجاهته، ولكنه غير مختص بالظاهرية، بل هو موجود في جميع المذاهب، فلا يكاد يخلو مذهب من شذوذات، فالصواب على هذا الوجه أن يقال: لا يعتد بالأقوال الشاذة عند أهل العلم، وهذه طريقة الطبري وابن المنذر وابن عبد البر وغيرهم، لا يعتدون بالأقوال الشاذة ولو كانت من أقوال الأئمة الأربعة.

    وأما من يذهب إلى عدم الاعتداد بأقوالهم لأنهم أغبياء ولا فهم عندهم، فهذا القول بعيد عن التحرير؛ لأن الغباء والذكاء مواهب ربانية لا تتعلق بخصوص الظاهرية، وكثير من الظاهرية الأذكياء، وإن كان كلامهم لا يخلو من شذوذ، ففي غير الظاهرية شذوذ أيضا، فالمقصود أن الشذوذ مرفوض مطلقا.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    وجدت أكثر التعريفات ـ أعني في كتب الأصوليين العالمين باللغة ... ـ للحكم لغة : المنع ، ومنه حكمة الدابة ......... ثم يقولون : قال جرير : أبني حنيفة أحكموا سفهائكم .... أي امنوعهم ....
    الذي أشكل عليّ : أليس هناك فرق بين مادة حكم وأحكم ؟
    حكم يَحكُم حكماً ... من المنع، أحكم يحُكِم إحكاماً ... من الضبط والإتقان ...
    أرجو الإفادة ،، وبارك الله فيكم ،،


    الجواب:
    وفقك الله وسدد خطاك

    الإشكال نفسه وارد على كلام الأصوليين في كثير من الأبواب الأصولية، ووارد على اللغويين في كثير من الأبواب اللغوية، ووارد على المفسرين في كثير من الأبواب التفسيرية.

    وبيان ذلك أنهم لا يتقيدون بذلك في بيان الأصل اللغوي للكلام، كما قالوا: التفسير والفسر من التفسرة، ومعلوم أن (فَسَرَ) غير (فسَّر)، وقالوا: الشهر من الاشتهار، ومعلوم أن (شهر) غير (اشتهر)، وقالوا: الصلاة صلة، ومعلوم أن (صلّى) غير (صلا)، وغير (وصل)، وهذا كثير عندهم.

    ولكن المقصود يا أخي الكريم بيان اشتقاق الكلمة، وهذا ما يسمى عندهم بالاشتقاق الأصغر الذي يرد جميع مفردات المادة إلى معنى واحد، أو معانٍ محدودة، على طريقة ابن فارس المؤصلة تأصيلا بليغا في (مقاييس اللغة)، ولذلك فأنت تبحث عن (أحكم) و(حكم) كليهما في مادة واحدة من معجمات اللغة.

    وهناك ما هو أبلغ من ذلك، وهو بحثهم في الاشتقاق الأوسط (أو الكبير على اختلاف الاصطلاح) مثل ما فعل ابن جني في كلامه على اشتقاق (القول) ببيان تقاليب الكلمة الستة، ومثلما فعل الرازي في كلامه على اشتقاق (العبر) ببيان تقاليبها الستة، وهذا كثير في كلامهم.

    ثم إن هذا الكلام كله مبني على أن (الحكم) مصدر (حكم يحكم)، وهو غير مسلم، بل هو اسم مصدر بمعنى الإحكام، مثل الغُسل اسم مصدر بمعنى الاغتسال.

    وأيضا فالإحكام ليس بمعنى الإتقان في قول الشاعر (أحكموا) بل هو بمعنى المنع، من باب توافق (فعل وأفعل) وهو كثير في كلام العرب حتى أفرده جمع من أهل العلم بالتصنيف.


    (اعتراض على الجواب السابق)
    أخي الفاضل : لم يتبين لي أن الحكم اسم مصدرٍ لا مصدر ، وأرى أن ثمة فرقاً بين الحكم والغُسل ... فالغسل : اسم مصدر من اغتسل يغتسل اغتسالاً ، واسم المصدر منه : غسلاً
    أما الحكم : فمصدر لحكم يحكم حكماً ،، كطرق يطرق طرقاً ،،
    ثم أخي الفاضل : ألا يكون كلام جرير بمعنى الضبط وهو قدرٌ زائد على المنع .
    حتى يبقى معنى الإحكام : الضبط والإتقان
    قوله تعالى : كتابٌ أحكمت آياته .. هل يمكن أن يأتي معنى المنع فيها ،، أم لا يتجاوز المعنى الضبط والإتقان . أرجو منك التكرم بالجواب ، وجزاك الله عنا كلّ خير .

    الجواب:
    قياس المصدر أن يأتي على (فَعْل) بفتح الفاء، ولا يمتنع ورود المصدر على (فُعْل) بالضم، ولكنه خلاف الأصل، وأنت ضربت مثالا على المصدر بقولك (طرق يطرق طرقا)، ومعلوم أن (الطرق) بفتح الطاء لا بضمها، فلا يصلح هذا للتمثيل، ويمكنك أن تمثل بأشياء أخرى كقولهم (شكر يشكر شُكرا) مثلا.

    وأما بخصوص هذه المادة فإذا أردت المنع، فإن تصريف الفعل يكون (حكم يحكم حَكْما) بفتح الحاء، وليس بضمها، أما (الحُكم) بالضم فهو مصدر (حكم عليه حُكما).

    وأما (أحكم) فهو يرد أيضا بمعنيين، وكلاهما يتصرف على المهيع (أحكم يُحكم إحكاما)، المعنى الأول - وهو الأصل - المنع أيضا، ومنه بيت جرير السابق، والمعنى الثاني - وهو الفرع - بمعنى الإتقان، ويقولون: هو مشتق من حكمة الفرس أو البعير وهو اللجام الذي يحيط بفكيه؛ لأنه يمنعه من الحركة.
    ولا يمكن حمل بيت جرير على معنى الإتقان؛ إذ لا يقال: أتقنوا سفهاءكم.

    وسبب المناسبة بين (الإتقان) و(المنع) أن الشيء المتقن هو الذي يكون ممنوعا من دخول الفساد، أو من ورود العوارض عليه، أو يكون ممنوعا من الزوال عن مواضعه.

    وقريب من ذلك أيضا اشتقاق (العقل)، فهو مشتق من (عقال) البعير؛ لأنه يمنعه أيضا من الحركة، ولذلك يقولون: (إذا عقَلَك عقلُك عما لا ينبغي فأنت عاقل)، فالعقل في الأصل هو الذي يعقلك - أي يمنعك - من الأشياء الفاسدة، فاشتُق اللفظ المعنوي من اللفظ المادي كما هي عادة العرب في الاشتقاق.

    وقريب من ذلك أيضا اشتقاق (الأسر) بمعنى إحكام الخلق، وهو في الأصل مشتق من (الإسار) وهو القيد الذي كانوا يقيدون به (الأسير) أي المأسور، فالأسر أيضا هو المنع أو الربط بالإسار، فصار الأسر هو الخلق؛ لأنه محكم متماسك، قال تعالى: {وشددنا أسرهم} أي أحكمنا خلقهم.

    فكل هذه المواد (حكم) (عقل) (أسر) وغيرها، هي في الأصل بمعنى (المنع)، ثم عبر عنه بلازمه وهو الإتقان؛ لأن الإتقان ما هو إلا منع دخول الفساد على الصنعة.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما الضابط في كوني متمذهبا؟ الأصول أو الفروع ؟


    الجواب:
    قد أجاب عن هذا الإشكال عدد من أهل العلم من علماء المذاهب؛ منهم الإمام النووي رحمه الله، ومنهم القاضي عبد الوهاب رحمه الله.

    وبيان ذلك أن التمذهب معناه أن أصولك وافقت أصول الشافعي رحمه الله، إما تقليدا له في الأصول واجتهادا في تفريع للفروع عليها، وإما لأن اجتهادك في الأصول وافق اجتهاد الشافعي، وكذلك في باقي المذاهب.
    والترجيح والاجتهاد مراتب عند أهل المذاهب، فمرتبة الترجيح في الأصول العامة هي للمجتهد المطلق، أما مرتبة الترجيح في الفروع فلمجتهد المذهب، فلا يلزم من مخالفة المذهب في الفرع الخروج عنه في الأصل.

    ولذلك خالف الصاحبان أبا حنيفة رحمهم الله في كثير من مسائل المذهب، وقالوا: لو رأى صاحبنا ما رأينا لقال بقولنا؛ لأنهم بنوا على الأصول نفسها فلم يخرجوا عن الإطار العام للمذهب.

    وهاهنا أيضا جواب آخر إجمالي يخرجنا تماما من الإشكال، وهو أن نسأل: التمذهب ما معناه؟
    إن قيل: إن معناه الالتزام بأقوال المذهب وعدم الخروج عنها مطلقا، فحينئذ نكون قد صيرنا المذهب إلها معبودا، أو نبيا متبعا، وغاية الأمر في ذلك أن يكون ذلك جائزا للعامي للضرورة.
    أما إن قيل: إن معناه تنظيم الدراسة لتكون على منهجية وخطوات واضحة مرتبة، فحينئذ نخرج تماما من هذا الإشكال.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    الدليل الظني الثبوت قطعي الدلالة، هل ينشئ حكما قطعيا?


    الجواب:
    إذا اتُّفِق على المراد من قولنا (القطعي) و(الظني)، فحينئذ نقول: إن الظني وحده لا يمكن أن ينتج قطعيا؛ لأننا فرضناه ظنيا، والضعيف لا ينتج قويا، والفرع أضعف من الأصل، فإذا فرضناه ينتج قطعيا صار أقوى من الأصل، فصار أضعف وأقوى في حال واحد، هذا خلف.

    لكن الدليل الظني الثبوت القطعي الدلالة ينتج حكما قطعيا في أحوال أخرى:
    - منها أن ينضم له أدلة ظنية أخرى تقويه فيكون لاجتماعها من القوة ما ليس من الانفراد، ولهذا كان المتواتر قطعيا مع أن أفراده ظنية.
    - ومنها أن ينضم له قرائن تقويه فترفعه من درجة الظنية لدرجة اليقين، كالحديث الصحيح الذي تلقته الأمة بالقبول.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما مستند قاعدة ( الكثرة من أسباب الترجيح )


    الجواب:
    كون الكثرة من أسباب الترجيح هو أمر فطري أو بدهي في العقول أو حاصل بالتجربة المستمرة التي لا تتخلف فيقرب من العلم الضروري.

    فإن العاجز عن شيء يستعين بغيره في تحصيله، والذي يحارب عدوه يستعين بأمثاله وأوليائه إذا ضعف عن مصاولة عدوه.

    ولا شك عند أحد من العقلاء أن وضع صاعين في كفة الميزان يرجح على وضع صاع في الكفة الأخرى.

    والذي يسمع الأخبار من واحد ثم يسمعها من غيره ثم يسمعها من ثالث ثم يسمعها من رابع يحصل له علم ضروري بزيادة علمه مع زيادة المخبرين، والكلام هنا عند استواء صفاتهم.

    لأن الترجيح كما يحصل بالكثرة يحصل بالصفات، فحيث استوت الصفات كان الترجيح بالكثرة، ولذلك فإن العقل يحكم بالبديهة بأنه إذا تلاقى عشرة رجال مع رجل واحد في معركة وقد استوى الجميع في الصفات بأن العشرة يغلبون الواحد.

    ومسألة الترجيح بالصفات هي أيضا عائدة إلى قاعدة الترجيح بالكثرة؛ لأنه يمكن أن يقدر في الذهن للصفات مقدار فبدلا من أن نقول: إن فلانا صادق وفلانا أصدق منه، نقول: إن مقدار صدق هذا أقل من مقدار صدق هذا، فيكون الترجيح بالكثرة أيضا، كما نقول إن فلانا أجود من فلان، بمعنى أن مقدار ما يجود به أكثر من مقدار ما يجود به الآخر، وفلانا أشجع من فلان بمعنى أننا لو قدرنا في الذهن قدرا للشجاعة فإننا نعلم بالضرورة أن قدر شجاعة هذا أكثر من قدر شجاعة هذا.

    ولو لم تكن الكثرة من أسباب الترجيح لما استطاع من يسمع الأخبار المتعارضة أن يرجح بينها، ولما استطاع خصم أن يغلب خصمه، ولما ترجحت كفة على كفة.

    ومن البين الواضح في الفطر السليمة أن المسائل الشرعية التي تواردت على إثباتها عشرات النصوص أقوى وأوضح في الذهن من المسائل التي لم تثبت إلا بنص واحد.

    ومن البين الواضح في الفطر السليمة أن الأحاديث التي رواها عشرون أو ثلاثون من الصحابة تفيد الإنسان علما أقوى مما يفيده نقل صحابي واحد.

    ولولا أن الكثرة تفيد ما لا تفيده القلة لما استطعنا أن نجزم بشيء من الأخبار، ونحن نقطع ونجزم بكثير من الأمور المنقولة إلينا مثل كون الإمام مالك أحد العلماء الأعلام، وكون الصين بلدا عظيما موجودا، وكون امرئ القيس كان شاعرا جاهليا، وغير ذلك من المنقولات إلينا.

    وعلمنا بهذه الأشياء بالضرورة ليس كعلمنا بالأخبار المنقولة فذا عن فذ، أو لا يعرفها إلا المتخصصون في فنهم.

    ولو لم تكن الكثرة من أسباب الترجيح لما أمكن التفاوت في هذه المعلومات؛ لأنه يبقى المنقول الأول مثل المنقول الثاني، وهو باطل قطعا.

    فبرهان الترجيح بالكثرة ينتظم بدليل الخلف هكذا:

    الكثرة إما أن تكون من أسباب الترجيح وإما أن لا تكون من أسباب الترجيح، فإن لم تكن من أسباب الترجيح كان المنقول إلينا بالتواتر مثل المنقول إلينا بالآحاد، وكان علمنا المستفاد بالسماع من واحد مثل علمنا المستفاد بالسماع من ألوف، وهذا باطل بالضرورة، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم، ولم يبق إلا أن تكون الكثرة من أسباب الترجيح.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل يمكن أن يقدم المفهوم على المنطوق؟


    الجواب:
    إذا اختلف نصان في الظاهر فالأصل أن نحاول الجمع بينهما بطرق الجمع المعروفة عند أهل العلم.

    أما إذا لم نستطع الجمع، فحينئذ نلجأ إلى الترجيح، وطرق الترجيح المذكورة في الكتب كثيرة جدا؛ منها تقديم المنطوق على المفهوم، وليس ذلك بأقوى طرق الترجيح، فقد يكون هناك ما هو أقوى من ذلك.
    مثل أن يكون المفهوم خصوصا والمنطوق عموما، لا سيما إذا كان عموما ضعيفا قد خصص، وكان الخصوص ظاهرا أو موافقا لأقوال الصحابة أو نحو ذلك من طرق الترجيح .

    فقولنا ( تقديم المفهوم على المنطوق ) إنما ينظر فيه باعتبار عدم وجود مرجحات أخرى، فحينئذ لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم، أما إن كانت هناك مرجحات أخرى، فحينئذ ينظر في أقوى المرجحات فيعمل بها، وهذه طريقة كثير من المتقدمين ؛ يعملون بالشيء أحيانا ويدعونه أحيانا، فيظن الناظر بادي الرأي أن هذا تناقض، وما هو بتناقض، وإنما هو إعمال لأقوى المرجحات المتعلقة المسألة.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    العالم الذي يقول : (قال الجمهور أو أجمع العلماء) هل يشترط أن يكون مسبوقا بذلك؟


    الجواب:
    لا يشترط أن يكون مسبوقا بالنص على الإجماع أو على الجمهور، ولكن يشترط ألا يكون مسبوقا بضد ذلك أو ما يخالفه، وكثير من المسائل المعاصرة يظهر فيها الإجماع أو قول الجمهور واضحا مع أنها ليست منصوصة في كتب الفقه، فمثلا: قد وقع الإجماع على جواز استعمال الكتب المطبوعة (بعد أن كان بعض العلماء يمنع منها) وهذا الإجماع لن تجده في كتب الفقه القديمة؛ إذ لم تكن الطباعة ظهرت أصلا.

    والاستقراء في مثل هذه الأمور يقبل من العالم المعروف بالبحث والتحري والنظر والتقصي وسعة الاطلاع، ولا يسأل عن دليله عليه، ولو كنا سننتظر في كل إجماع أو في كل نقل عن الجمهور محكي عن أهل العلم أن يأتي صاحبه بدليل لما قبلنا قول أحد منهم.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما معنى قول الشاطبي في الموافقات: "فإذا كان الحكم في القرآن إجماليا وهو في السنة تفصيلي، فكأنه ليس إياه ...".


    الجواب:
    الشاطبي رحمه الله يرد على الذين لا يقبلون من السنة إلا ما كان موافقا للقرآن.

    يقول : يلزمكم ألا تقبلوا بيان السنة أيضا ؛ لأن البيان غير المبين ، إذ لو كان هو إياه من كل وجه لم يحتج إلى بيان أصلا .

    فالحكم إذا ورد في القرآن إجماليا وورد في السنة مفصلا ، فأنت تتوقف عند ورود المجمل وتنتظر حتى يأتي البيان التفصيلي .

    فصار الحكم الواجب عليك عند ورود المجمل هو التوقف ، والحكم الواجب عليك عند ورود المبين هو العمل ، فاختلف الحكم المطلوب منك إزاء كل منهما ، وهذا يدل على وجوب العمل بكل منهما .

    والله أعلم .
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •