تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

  1. #1

    Post سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على خير من تعلم فعلم نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , أما بعد :

    فهذه سلسلة أبث فيها قطوفاً من القرآن الكريم , أبين فيها بعض الفروق بين بعض الكلمات التي لها معنى واحد لكن تختلف ألفاظها , والمراد يختلف عند ذكرها .

    ملاحظة : موضوع متجدد ومستمر إلى ما يشاء الله عز وجل .

    أولا : الجسم والجسد :

    الجسم يطلق على ما يكون فيه روح وحركة .

    وذلك استنادا لقوله تعالى " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ " المنافقون (4)

    أما الجسد يستعمل لما ليس فيه روح ولا حياة !

    وذلك استنادا لقوله تعالى " وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ" الأعراف (148)

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين الصب والسكب .

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    .

  2. #2

    Post الفرق بين الصب والسكب

    الفرق بين الصب والسكب

    * السكب هو الصب المتتابع , وقد ورد هذا اللفظ في موضوع واحد في القرآن الكريم " وظل ممدود وماء مسكوب " الواقعة (30 , 31 )
    أما الصب ففيه القوة والعنف , مثل قوله تعالى " فصب عليهم ربك سوط عذاب " الفجر ( 13 )
    وكما في قوله تعالى " ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم " الدخان ( 48 )
    وعليه ، فاستعمال لفظ " الصب " في العذاب يوحي بظلال أخرى غير التي نحسها في لفظ "السكب " , إذ نلاحظ القوة والعنف مع الصب , والهدوء والسلامة مع السكب .

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين الاستماع والانصات والاصغاء

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

  3. #3

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير من تعلم فعلم نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , أما بعد :

    الاستماع والانصات والاصغاء :
    الاستماع : هو إدراك المسموع , أما الإنصات : فهو السكوت بغية الاستماع لشيء ما , وعلى ذلك فقد جمع الله سبحانه وتعالى بينهما في قوله " وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " الأعراف :204 " حيث إن الواجب على المسلم الاستماع للقرآن دون حديث أو حركة وذلك هو الانصات . أما الاصغاء فمعناه لغة " الميل " وكر لسان العرب أن " أصغيت إليه " أي : ملت برأسك نحوه , والإصغاء يكون إذن للسمع وغيره , فإذا مال الانسان بسمعه قلنا : اصغى سمعه , وإذا مال بقلبه قلنا أصغى قلبه , ومن ذلك في القرآن " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " "التحريم : 4" وكما في قوله تعالى " ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة " "الأنعام : 113 "

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين الغيث والمطر .
    اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



  4. #4

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير من تعلم فعلم نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , أما بعد :

    الفرق بين الغيث والمطر :
    في القرآن الكريم نجد أن الماء النازل من السماء يذكر باسمه , والغيث والغوث هو العون والمساعدة كما في قوله " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " (يوسف : 49) كما أن مادة غيث تأتي بمعنى : الماء , الغيث الذي يسقي الماء والزرع , كما في قوله تعالى : " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام " (لقمان : 34) أما المطر فقد ورد ذكره في القرآن الكريم سواء جاء اسما أو فعلا في خمسة عشر موضوعا , منها , أربعة عشر في العذاب والعقاب صراحة " منها : قوله تعالى : وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين " (الشعراء : 173) وقوله تعالى : " ولقد أتو على القرية التي أُمطرت مطر السوء " (الفرقان : 40) .

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين الزواج والنكاح في القرآن الكريم .

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

  5. #5

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الزواج والنكاح :
    كلمة الزواج والفعل " زوّج " لا يستعملان إلا بعد تمام العقد والدخول واستقرار الحياة الزوجية , لذا نلاحظ استعمال الفعل " زوّج " بصيغة الماضي الذي يدل على وقوع الحدث , كما في قوله : " كذلك وزوجناهم بحور عين " الدخان( 54 ) , وكما في قوله تعالى " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " الأحزاب (37) .
    أما النكاح فإنه يعني الرغبة في الزواج , أو إرادة وقوعه ,أي قبل أن يتحقق الزواج فهو نكاح , لذلك نجد أن الأفعال التي تؤدي هذا المعنى في القرآن الكريم جميعها دالة على المستقبل ، كما في قوله " قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين " القصص ( 27 ) وكما في قوله " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " النساء (3) .

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين تسطع وتستطع

    اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



  6. #6

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الفرق بين : تسطع و تستطع .
    ذكر الله سبحانه وتعالى في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر في سورة الكهف ثلاثة أحداث أثارت إعتراض سيدنا موسى عليه السلام , وهي خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار بدون أجر ...
    وقبل أن يفارق الخضر سيدنا موسى ذكر له الحكمة من الثلاثة أفعال ... ولكنه قبل أن يؤول سببها قال له :
    " هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " الكهف : 78 .
    وبعد ما أول لسيدنا موسى الأحداث قال له " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " الكهف : 82 .
    أثبت التاء في تستطع وحذفها في تسطع فما الحكمة من ذلك ؟
    لقد راعى السياق القرآني الحالة النفسية لسيدنا موسى عليه السلام قبل أن يعرف تأويل سبب تلك الأفعال التي أنكرها فناسب إظهار التاء في تستطع لبيان ثقل هذا الأمر عليه بسبب الهم والفكر الحائر .
    فصار بناء الفعل ثقيلا ( خمسة أحرف ) فناسب ثقل الهم ثقل بناء الفعل .
    وحذف التاء من كلمة تسطع مما جعل بناء الفعل مخففا ( أربعة أحرف ) وهذا التخفيف مناسب للتخفيف في مشاعر سيدنا موسى بعد أن علم الحكمة من أفعال الخضر فارتاحت نفسه وزال ثقلها .


    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين اسطاعوا و استطاعوا

  7. #7

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الفرق بين اسطاعوا و استطاعوا .
    ومثل ذلك في السورة الكريمة عند الحديث عن سد ذي القرنين الذي بناه ليمنع خروج يأجوج ومأجوج قال تعالى " فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " الكهف :97
    معنى يظهروه : يتسلقوه . ومعنى نقبا : نقضه بالحفر .
    حذفت التاء في فما اسطاعوا أن يظهروه لأن المعنى هو عدم استطاعتهم تسلق السد لكونه أملس وخاليا من أي نتوء يمكن الإمساك بها .
    وبما أن التسلق يحتاج خفة ورشاقة ومهارة ... وكلما كان الشخص أخف كان تسلقه أسهل . جاء تخفيف بناء الفعل كأنه يشارك المتسلق في تحمل بعض أحماله .
    أما قوله " ما استطاعوا له نقبا " لأن ثقب الجدار يحتاج معدات وقوة وتعب أكثر من التسلق الذي هو أسهل من النقب .

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين : نبغِ و ونبغي ... في القرآن الكريم

    اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

  8. #8

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الفرق بين نبغِ ونبغي:
    قال تعالى في سورة يوسف: " وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ(65)".
    ولكنه قال في سورة الكهف: " قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا(63)قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى ءَاثَارِهِمَا قَصَصًا(64)فَوَجَ دَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا ءَاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا(65)".
    فما الحكمة من إثبات ياء نبغي في سورة يوسف وحذفها في سورة الكهف ؟؟
    في سورة يوسف جاء إثباتها على الأصل.. وذلك لبيان أن ذلك هو غاية ما يريدونه ويطلبونه.. فالطعام الذي أحضروه من مصر هو المُراد لذاته... كمال تمام الحرف ناسب كمال تمام الغاية.
    ( ما ) هنا استفهامية ... و ( ما ) في سورة الكهف اسم موصول.
    أما في سورة الكهف فلم يكن فقدان الحوت هو الغاية والهدف الرئيس ، لأن غايته هي الالتقاء بالخضر فكان الفقدان وسيلة وليس غاية... فناسب نقصان تمام الحرف نقصان تمام الغاية.

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين سارعوا وسابقوا

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

  9. #9

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الفرق بين سابقوا وسارعوا في القرآن الكريم



    وسارعوا إلى مغفرة ـ آل عمران والحديد
    (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133)
    (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21)
    السماء والسموات
    السماء في اللغة وفي المدلول القرآني لها معنيان
    1ـ واحدة السموات السبع، كقوله تعالى: "ولقد زَيّنا السّماءَ الدنيا بِمَصابيح " الملك،
    وقوله: "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ" ـ الصافات:6

    2ـ كل ما علا وارتفع عن الأرض
    ـ فسقف البيت في اللغة يسمى سماء، قال تعالى: " مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ" ـ الحج:15 يقول المفسرون : (أي ليمد حبلا إلى سقف بيته ثم ليخنق نفسه) فالسماء هنا بمعنى السقف
    ـ وقد تكون بمعنى السحاب: "أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا " ّالرعد:17
    ـ وقد تكون بمعنى المطر : " ينزل السماء عليكم مدرارا" نوح
    ـ وقد تكون بمعنى الفضاء والجو : "أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ـ النحل:79
    ـ وقوله عن السحاب: "فيبسطه في السماء كيف يشاء"
    و ذكر هذا الارتفاع العالي : "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)
    فالسماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف

    مثال آخر:
    " وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ" ـ الحجر:15
    فالإنسان إذا خرج من جو الأرض انتقل إلى ظلام فلا يبصر
    وبهذا تكون السموات جزءا من السماء ، لأن السماء كل ما علا وارتفع مما عدا الأرض، والسموات جزء منها بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الفضاء والسقف والمطر والسحاب، فإن (السماء) تكون أوسع من (السموات) فهي تشملها وغيرها
    قال تعالى: " قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6)
    وقال: "ربي يعلم القول في السماء والأرض" لأن القول أوسع من السر، فهو قد يكون سرا .
    " وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ـ المجادلة: 8
    وقد يكون جهرا فهو أوسع من السر والسر جزء منه

    فلما وسع قال (القول) وسع وقال (في السماء). ولما ضيق وقال (السر) قال (السموات)

    فبهذا المعنى الشامل تكون (السماء) أوسع بكثير من (السموات)، ولذلك لما قال (السموات) قال (عرضها السموات)، ولكن عندما اتسعت اتساعا هائلا جاء بأداة التشبيه (عرضها كعرض السماء) لأن المشبه به عادة أبلغ من المشبه، فهي لا تبلغ هذا المبلغ الواسع الذي يشمل كل شيء

    كلمة (السماء) تأتي عامة "والسماء بنيناها بأيد" ، "وفي السماء رزقكم وما توعدون" ، "أأمنتم من في السماء.." ثم تتسع لأشياء أخرى، فعندما يقول: "سبع سموات طباقا" فهي ليست الفضاء ولا السقف ولا السحاب، فعندما اتسعت قال (كعرض السماء) وعلى هذا بني التعبير كله في الآيتين
    أعدت للمتقين، أعدت للذين آمنوا
    عندما ضيق حددها للمتقين ثم وصفهم في الآيات التالية
    وعندما وسع عم القول ليسع الخلق (الذين آمنوا بالله ورسله)
    وهؤلاء المتقون جزء من الذين آمنوا، ولم يحدد عملا محددا لهؤلاء

    سابقوا، سارعوا
    ـ عندما قال (سارعوا) قال (عرضها السموات والأرض )
    وعندما قال (سابقوا) قال (كعرض السماء والأرض)

    ـ كثرة الخلق المتجهين لمكان واحد تقتضي المسابقة

    فإن قلوا اقتضى ذلك المسارعة فقط ، وليس المسابقة

    اتسع المكان فاتسع الخلق ، ذكر السماء التي تشمل السموات وزيادة ، وذكر الذين آمنوا بالله ورسله ووهي تشمل

    المتقين وزيادة ، ثم زاد وقال: "ذلك فضل الله

    لأن الفضل أوسع مما جاء في آل عمران بل الفضل واضح إذ جاءت عامة

    وكذلك لو لاحظنا الناحية الفنية لرأينا وضع كل واحدة يناسب ما هي فيه، ففي سورة الحديد تتكرر عبارات (آمنوا بالله) و(الفضل العظيم) و(يضاعف لهم) ففيها تفضلات كثيرة

    وكذلك وضع الواو في سارعوا ، آية آل عمران فيها تعاطفات، أما الأخرى فبلا عطف

    كذلك وضع الواو في سارعوا ، آية آل عمران فيها تعاطفات، أما الأخرى فبلا عطف

    وفي أل عمران نرى المتقين والأمر بالتقوى يتكرر عدة مرات .


    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين سلام والسلام
    ( سلام ) على يحيى و ( السلام ) على عيسى عليهما الصلاة والسلام

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    والحمد لله رب العالمين

  10. #10

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    ( سلام ) على يحيى و ( السلام ) على عيسى عليهما الصلاة والسلام..
    قال تعالى في سورة مريم : " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا(12)وَحَن َانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا(13)وَبَر ًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا(14)وَسَل َامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا(15) ".
    أما سيدنا عيسى عليه السلام : " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا(30)وَجَع َلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(31)وَبَرًّ ا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا(32)وَالس َّلَامُ عَليَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33)َ ".
    وحكمة مجيء ( سلام ) نكرة في سياق قصة سيدنا يحيى علية السلام : أن ذلك جاء في سياق تعداد نعم الله تعالى على سيدنا عيسى وإخبار من الله جل جلاله بأنه قد منح سيدنا يحيى ( سلاما ) كريما في مواطن ثلاثة: يوم ولادته، ويوم موته ، ويوم بعثه حيا في الآخرة .
    أما ( السلام ) في قصة سيدنا عيسى عليه السلام جاء معرفة : لأن لفظ ( السلام ) هو كلام من سيدنا عيسى حيث دعا ربه أن يمنحه السلام في ثلاثة مواطن : يوم ولادته ، ويوم موته ، ويوم بعثه حيا في الآخرة.
    فبما أن سيدنا عيسى هو الذي دعا ، فمن المؤكد أنه سيُلح في الدعاء كما هي السُنة فيطلب المعالي.. فلذلك عرّف السلام دلالة على أنه يريد السلام الكثير العام الشامل الغزير.
    وهنا إشارة إلى أن السلام الذي حصل عليه سيدنا عيسى كان أخص من السلام الذي حصل عليه سيدنا يحيى ، وأن سيدنا عيسى أفضل من سيدنا يحيى فهو من أولي العزم صلى الله عليهما وسلم .

    وسأكتب في المرة القادمة عن شيء من روائع التقديم والتأخير في بيان القرآن الكريم المعجز

  11. #11

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    من روائع التقديم والتأخير في بيان القرآن الكريم المعجز

    تقديم القتل على الموت وعكسه في نفس الموضع:من روائع التقديم والتأخير في بيان القرآن الكريم المعجز ورود آيتين متتابعتين قدم اللفظ في الأولى وأخر اللفظ نفسه في الثانية:
    قال تعالى في سورة آل عمران: " وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(157)و لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ(158)
    الآيات الكريمة في سياق غزوة أحد .. والتي كان فيها من الشهداء ما هو معلوم .. وبما أن الموت في سبيل الله هو أشرف موت وأعظمه أجرا عند الله.. قدم القتل على الموت.
    وهذا غير مُراد الآية الثانية التي تتحدث عن سنة الله على جميع الناس بالموت.
    وبما أن الموت على الفراش هو الأعم والأغلب فمعظم الناس يموتون ميتة طبيعية قدم الموت.
    والدليل على أن المقصود في الثانية هو بيان سنة الله في الناس كافة هو عدم اقتران القتل فيها بعبارة " في سبيل الله " التي اقترنت بها في الآية الأولى.
    وشتان بين قتل الشهيد وقتل الإنسان العادي
    فالشهيد ينال رحمة من الله ومغفرة لذنوبه كما هي عقيدة المسلمين وهذا ما أكدته الآية الأولى.
    وهذا ليس إلا للمسلمين...
    وبما أن القتل بشكل عام ( للمسلمين وغيرهم ) يكون فيه ظالم ومظلوم ... يجب أن يكون هنالك حكم عدل يفصل بينهم ....
    فمتى يُنتصف للمظلوم
    يُنتصف له يوم القيامة ... حيث يُحشر الجميع بين يدي الله ... الظالم والمظلوم..
    فقد يكون القاتل هو المظلوم .. والمقتول هو الظالم ...ولهذا جاء التعبير الإعجازي في الآية الثانية
    " لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ".

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين تفرقوا وتتفرقوا
    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

  12. #12

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    " تفرقوا " و " تتفرقوا"


    قال تعالى في سورة آل عمران: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا..".
    ولكن في سورة الشورى: " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ...".
    والسبب في ذلك أن الخطاب في سورة آل عمران للأمة المسلمة وهي أمة واحدة فناسب أن يكون الفعل بتاء واحدة.
    بينما السياق في سورة الشورى عن الإخبار بما وصى به الله تعالى الأمم السابقة التي بعث الله فيها باقي أولي العزم من الرسل وهي أمم عديدة مختلفة بينها أعوام طويلة جدا.
    فناسب تعدد التاءات في الفعل تنوع الأقوام وطول الزمان التي عاشته مجموع هذه الأمم ـ زيادة حرف آخر له.
    ومن حكمة ذلك أيضا أن الأمة الإسلامية منهية عن أدنى اختلاف قلت نسبته لأن ذلك يوهنها فدل على تحريم أي شيء من الاختلاف مهما قل.
    ولكن هذا المعنى غير مراد في الأمم الأخرى لأنها انتهت.. فلم يحذف من فعلها شيء فبقي على حاله.


    حكمة أخرى: سورة الشورى ذكر فيها الفعل مرتين مرة بصيغة المضارع ومرة بصيغة الماضي : " وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ .... وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ".
    أما في سياق آيات سورة آل عمران فقد ذكرت مرة واحدة فقط ولذلك جاء الفعل بتاء واحدة.


    وهكذا هو السياق القرآني المعجز.. يختار الحروف التي تتوافق مع السياق وتتناسب مع المعنى والصياغة ، فقد تقل الحروف في اللفظ وقد تزيد .. ويُحذف الحرف حذفا مقصودا ويُثبت كذلك.. لخدمة بيان المعنى المراد في أروع صورة بلاغية.
    وهنا لا مجال للحديث بأن السبب في ذلك هو مراعاة الفاصلة فقط..
    بل كل شيء يتم بأعلى درجات الدقة والتوازن...
    دقة عجزت عقول البشر عن اختراع شبيه لها
    وسبحان الله منزل القرآن

    وسأكتب في المرة القادمة عن التقديم في القرآن الكريم " إياك نعبد وإياك نستعين " وتقديم " لا فيها غول "

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    والحمد لله رب العالمين


  13. #13

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    التقديم في القرآن الكريم


    قدّم المفعول به في " إياك نعبد وإياك نستعين " ولم يقدمه في " اهدنا الصراط المستقيم "
    وذلك في سورة الفاتحة
    إياك : ضمير منفصل ( مفعول به ) مقدم على فعليه : نعبد ، نستعين .
    اهدنا : نا ( مفعول به أول ) والصراط مفعول به ثان .
    فلماذا لم يقدم هذا المفعول به فيصير : إيانا اهد . كما قال قبلها إياك نعبد ؟؟
    سبب تقديمه في الأولى هو الاختصاص فالعبادة لا تكون إلا لله ومن عبد غير الله واستعان بغيره فقد كفر..
    ومن هنا تظهر حكمة التقديم لغرض إيماني من خلال هذا الأسلوب البلاغي.
    وذلك مثل قوله تعالى: " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " .
    أما عدم تقديمه في " اهدنا الصراط المستقيم " لأن طلب الاختصاص في الهداية لا يصح فالله يهدي من يشاء.. وهم كثيرون.
    فيجوز لك أن تقول : اللهم اهدني وارزقني .... أي اجعلني في زمرة من كتبت لهم الهداية والرزق.
    ولا يجوز لك أن تقول : إياي اهد ، إياي ارزق ... بمعنى اللهم اهدني وحدي وارزقني وحدي.
    فالمسلم ليس أنانياً.

    -----------------------------

    تقديم " لا فيها غول "
    قال تعالى في وصف خمر الجنة التي أعدها لعباده المؤمنين " يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ(45)بَيْضَ اءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ(4 6)لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ(47) ".
    هذه الخمر ليس فيها غَول (الكحول).. فهي لا تغتال عقولهم بسبب ما تسببه من سكرٍ وصداع وفقدان للعقل والاتزان.
    أي منزوع عنها ما يسبب الإسكار (الغَول).


    وتقديم " لا فيها غول " للاختصاص.. أي أن خمر الجنة لا تغتال عقول المؤمنين وإنما هي شراب لذيذ.. فإن كانت خمر الدنيا تغتال عقول شاربيها.. فإن خمر الجنة اختصت بعدم ذلك.
    كما أن هذا التقديم في سياق النفي يدل على تفضيل خمر الجنة على خمر الدنيا.


    وسأكتب في المرة القادمة عن نكرة مكررة ثلاث مرات في آية واحدة

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    والحمد لله رب العالمين

  14. #14

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    نكرة مكررة ثلاث مرات في آية واحدة :




    قال تعالى في سورة الروم: " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ(54) ".
    يجب التذكير بالقاعدة البيانية: أن النكرة إذا تكررت فإنها في كل مرة تفيد معنى جديداً.

    ( ضعف ) نكرة تكرارها في نفس الموضع يفيد أن الضعف الأول غير الثاني وغير الثالث.
    المراد بالضعف الأول: النطفة ( ضعيفة فهي ماء مهين ).
    والضعف الثاني: الطفولة ( لأنه بحاجة إلى رعاية أمه في مرحلة الرضاع وعناية خاصة حتى يجتاز مرحلة المراهقة ويصل البلوغ ).
    والضعف الثالث: الشيخوخة ( لأنه يعود في مرحلة الشيخوخة ضعيفا عاجزا.. ضعيف الفكر.. ضعيف الحركة والسعي والنشاط ).
    واللطيف في الآية أن ( قوة ) وردت نكرة وكررت مرتين.
    إذاً.. القوة غير القوة .
    القوة الأولى: قوة فترة الصبا ( الصبي قوي مندفع كثير الحركة ).
    القوة الثانية: قوة الشباب ( قوة الجسم والمشاعر والأحاسيس والهمة والعزيمة والانطلاق في الفكر والأحلام والطموح ).
    " ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا "القوة الأولى تقود إلى القوة الثانية.
    هذه الآية الكريمة تلخص حياة الإنسان على الأرض وأنها تقوم على خمس مراحل:
    1.الضعف : وهو جنين في بطن أمه .
    2.الضعف : وهو رضيع في حضن أمه .
    3.القوة : وهو صبي مندفع .
    4.القوة : وهو شاب نشيط فاعل .5.
    الضعف : وهو شيخ عجوز هرم ..


    هنا روعة الإعجاز البياني القرآني .. التعبير الحق البليغ .. عن أدق التفاصيل .. بأقل عدد من الكلمات.. في نظم محكم بديع.. دون أن يخل بالسياق ... في جرْس موسيقي يأخذ بالألباب .

    اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا



    وسأكتب في المرة القادمة عن , ذكر " والمؤمنون " وحذفها في القرآن الكريم

  15. #15

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    ذكر " والمؤمنون " وحذفها :
    وردت آيتان كريمتان تتحدثان عن أمر واحد في سورة واحدة ... ومع ذلك اختلف التعبير في كل منها :
    أخبر الله تعالى بأنه سيرى العمل هو ورسوله في قوله تعالى في سورة التوبة : " وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(94) ".
    وأخبر في آية تالية في نفس السورة بأنه سيرى عملهم هو ورسوله والمؤمنون وذلك في قوله تعالى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(105) ".
    الآية الأولى كانت في سياق الحديث عن المنافقين ... وهم كفار اتخذوا وسيلة إظهار الإسلام وإبطان الكفر محاولة يائسة لنقض الإسلام من داخله ... أما الثانية فقد جاءت في سياق الحديث عن المؤمنين الصالحين ودعوتهم إلى العمل الصالح وخاصة دفع الزكاة.
    جاء حذف كلمة " والمؤمنون " في سياق الآية الأولى لأن الكلام فيها عن المنافقين ... ولطبيعة النفاق فإن المسلمين لا يعلمون ما يخفي المنافق في قلبه، لأنهم لا يعلمون الغيب.
    والله تبارك وتعالى عالم السر وأخفى أخبر سيدنا محمدا بأسمائهم كلهم .
    هم قدموا أعذارهم المقبولة ظاهريا أمام المسلمين ولكن الله ورسوله يعلمان كذبها ، لكن باقي المؤمنين لا يعلمون ذلك .
    أما في الآية الثاني فهي في سياق الحديث عن أعمال المسلمين الظاهرة المكشوفة من صلاة وزكاة ... يراها إخوانهم المسلمون ويطلعون عليها .
    وهناك قضية أخرى وهي سر التعبير بـ ( ثم ) في الآية الأولى والتعبير بالواو في الآية الثانية.
    بيَّن ذلك الكرماني بقوله : " الآية الأولى في المنافقين ولا يطلع على ضمائرهم إلا الله ثم رسوله بإطلاع الله إياه... والثانية في المؤمنين وطاعات المؤمنين وعاداتهم الظاهرة لله ولرسوله وللمؤمنين.....
    وختم آية المنافقين بقوله " ثم تردون " فقطعه عن الأول لأنه وعيد ......
    وختم آية المؤمنين بقوله " وستردون " لأنه وعد ... فبناه على قوله " فسيرى الله عملكم "..."
    وفي اختلاف التعبير دلالة أيضا على استعجال الوعد وعدم استعجال الوعيد :
    وعدُ الله للمؤمنين بقبول أعمالهم مباشرة ... فالصدقة تقع في يد الله تعالى قبل وقوعها في يد الفقير... وفي ذلك إشارة إلى عاجل بشرى المؤمن.
    ووعيد الكفار بفضحهم وتعذيبهم في نار جهنم .. إن لم يتوبوا :

    ( ثم ) تفيد الترتيب مع التراخي.. وهي تحمل معنى إمهالهم وعدم التعجيل بعذابهم لفتح باب التوبة لهم ليعودوا ...
    وإلا
    فلا يظنون ـ إن طال بهم الأمد ـ أن الله راضٍ عنهم أو نسيهم .... إن الله يمهل ولا يهمل... فإن لم ينالوا عذابهم في الدنيا ... فعذاب الآخرة أشد .
    فهل أحلم من الله على عباده ..

    وسأكتب في المرة القادمة عن الفرق بين قوله تعالى في سورة المعارج : " وتكون الجبال كالعهن " (9) وقوله في سورة القارعة : " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " (5)



    اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


  16. #16

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    من سورتي المعارج والقارعة



    قال تعالى في سورة المعارج : " وتكون الجبال كالعهن " (9)
    وقال في سورة القارعة : " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " (5)
    فزاد كلمة (المنفوش) في سورة القارعة على ما في المعارج ، فما سبب ذاك؟

    والجواب :
    1- أنه لما ذكر القارعة في أول السورة، والقارعة من (القَرْعِ) ، وهو الضرب بالعصا ، ناسب ذلك ذكر النفش، لأن من طرائق نفش الصوف أن يُقرعَ بالمقرعة.

    كما ناسب ذلك من ناحية أخرى وهي أن الجبال تهشم بالمقراع (وهو من القَرْع) وهو فأس عظيم تُحَطَّم به الحجارة ، فناسب ذلك ذكر النفش أيضاً.
    فلفظ القارعة أنسب شيء لهذا التعبير.

    كما ناسب ذكر القارعة ذكر (الفراش المبثوث) في قوله يَوْمَ يكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوثِ) أيضاً ؛ لأنك إذا قرعت طار الفراش وانتشر. ولم يحسن ذكر (الفراش) وحده كما لم يحسن ذكر (العهن) وحده.

    2- إن ما تقدم من ذكر اليوم الآخر في سورة القارعة ، أهول وأشد مما ذكر في سورة المعارج فقد قال في سورة المعارج تَعْرُجُ الملائكَةُ والرّوحُ إلَيْهِ في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ . فاصبِرْ صَبراً جمَيلاً . إنهُمْ يَرونَهُ بَعيداً. وَنَراهُ قَريباً) وليس متفقاً على تفسير أن المراد بهذا اليوم ، هو اليوم الآخر. وإذا كان المقصود به اليوم الآخر فإنه لم يذكر إلا طول ذلك اليوم ، وأنه تعرج الملائكة والروح فيه. في حين قال في سورة القارعة القارعة. مَا القارِعَةُ . وَما أدْراكَ ما القارِعَةُ) فكرر ذكرها وعَظَّمها وهوَّلها. فناسب هذا التعظيم والتهويل أن يذكر أن الجبال تكون فيه كالعهن المنفوش.

    وكونها كالعهن المنفوش أعظم وأهول من أن تكون كالعهن من غير نفش كما هو ظاهر.

    3- ذكر في سورة المعارج أن العذاب (واقع) وأنه ليس له دافع (سَألَ سائلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ . للكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِع) ووقوع الثقل على الصوف من غير دفع له لا ينفشه بخلاف ما في القارعة ، فإنه ذكر القرع وكرره ، والقرع ينفشه وخاصة إذا تكرر ، فناسب ذلك ذكر النفش فيها أيضاً.

    4- التوسع والتفصيل في ذكر القارعة حسَّن ذكرَ الزيادة والتفصيل فيها ، بخلاف الإجمال في سورة المعارج ، فإنه لم يزد على أن يقول : "في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ ".

    5- إن الفواصل في السورتين تقتضي أن يكون كل تعبير في مكانه ، ففي سورة القارعة قال تعالى:"يَوْمَ يَكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوث. وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ المنفوشِ). فناسبت كلمة (المنفوش) كلمةَ (المبثوث).
    وفي سورة المعارج ، قال يَوْمَ تكونُ السّماءُ كالمهُلِ . وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ) فناسب (العهن) (المهل).

    6- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضاً قوله في آخر السورة نار حامية) لأن النار الحامية هي التي تُذيبُ الجبالَ ، وتجعلها كالعهن المنفوش ، وذلك من شدة الحرارة ، في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله: "كلا إنها لظى. نَزّاعة للشّوَى" . والشوى هو جلد الإنسان.

    والحرارة التي تستدعي نزع جلد الإنسان أقل من التي تذيب الجبال ، وتجعلها كالعهن المنفوش ، فناسب زيادة (المنفوش) في القارعة من كل ناحية. والله أعلم.


    7- كما أن ذكر النار الحامية مناسب للقارعة من ناحية أخرى ، ذلك أن (القَرَّاعة) – وهي من لفظ القارعة – هي القداحة التي تُقدح بها النار.
    فناسب ذكر القارعة ذكر الصوف المنفوش ، وذكر النار الحامية ، فناسب آخر السورة أولها.
    وبهذا نرى أن ذكر القارعة حسَّنَ ذكر (المبثوث) مع الفراش ، وذكر (المنفوش) مع الصوف ، وذكر النار الحامية في آخر السورة. والله أعلم.


    وسأكتب في المرة القادمة عن قوله تعالى " يشاق الله " و قوله سبحانه " يشاقق الله ورسوله "

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    والحمد لله رب العالمين


  17. #17

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    " يشاق الله " و " يشاقق الله ورسوله "

    :
    تحدث القرآن الكريم عن معاداة الكافرين لله ولرسوله .. ولكنه عبر عن ذلك بتعبيرين متفاوتين:
    ففي سورة الأنفال قال تعالى : " وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(13) ".
    ولكنه قال في سورة الحشر : " وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(4) ".
    الفرق في التعبير بين الآيتين في : ذكر كلمة " رسوله ".
    لبيان سبب ذلك نرجع إلى سياق الآيتين الكريمتين.. فآية الأنفال تتحدث عن المشركين وعداوتهم عداوة واضحة مكشوفة للنبوة والرسالة.. لكونهم أنكروا نبيا من البشر يرسل إليهم.. ولأنهم أنكروا كون محمد صلى الله عليه وسلم يتيما فقيرا فهم يريدون رجلا غنيا .
    فهنالك عداوة مزدوجة لله ولسيدنا محمد بشخصه صلى الله عليه وسلم.
    ولسان حالهم يقول : لو أرسل الله رسولا وفق الشروط الخاصة التي نضعها للرسول لآمنا به.
    أما الكلام في سورة الحشر فهو عن اليهود الذين يحاربون الإسلام مهما كان النبي المرسل إليهم.
    فهم حاربوا الإسلام الذي جاء به الأنبياء منذ عهد سيدنا موسى عليه السلام مرورا بسيدنا عيسى عليه السلام وانتهاء بالرسول الخاتم محمد عليه السلام.
    فهم يعادون النبي لا لشخصه بل لوظيفته ... فمهما كان النبي فاليهود له مشاقون..
    وسبب آخر: أن سياق آية الأنفال يتحدث عن غزوة بدر الكبرى التي كان فيها قتال وتماس مباشر بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ولهذا كان شقاق الرسول واضحا.
    بينما سياق سورة الحشر في غزوة بني النضير التي لم يحدث فيها قتال مباشر بل كان حصارا لديارهم ثم استسلامهم.


    وسأكتب في المرة القادمة عن حكمة تنكير " أحد " وتعريف " الصمد " في سورة الإخلاص

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    والحمد لله رب العالمين

  18. #18

    Post رد: سلسلة قطوف من القرآن الكريم

    الدقة المعجزة في التعبير القرآني :



    حكمة تنكير " أحد " وتعريف " الصمد " :
    قال تعالى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4) ".
    حكمة تنكير " أحد " أنها مسبوقة بكلمتين معرفتين " هو الله " وهما مبتدأ وخبر.. وبما أن المبتدأ والخبر معرفتان ودلالتهما على الحصر .. فقد استغني بتعريفهما ودلالتهما على الحصر عن تعريف " أحد ".
    فجاء لفظ " أحد " نكرة على أصله .. لأن الأصل في الكلمة هو التنكير.. فهو نكرة ( وإعرابه خبر ثان ).
    كما أن لفظ " أحد " جاء على التنكير للتعظيم والتفخيم والتشريف وللإشارة إلى أن الله تعالى فرد أحد لا يمكن تعريف كيفيته ولا الإحاطة به سبحانه وتعالى.
    أما " الصمد " فقد جاء معرفة في الآية الثانية لأن " الله الصمد " مبتدأ وخبر.. وجاءا معرفتين ليطابقا " هو الله " في الآية الأولى .. وقد جاء تعريف " الله الصمد " ليدل على الحصر أيضاً .
    فقوله " هو الله أحد " يدل على الحصر لتعريف المبتدأ والخبر ( الأحدية محصورة بالله ).
    وقوله " الله الصمد " يدل على الحصر أيضا لتعريف المبتدأ والخبر ( والصمدانية محصورة بالله ).

    __________________


    والأمثلة على ذلك بالمئات تجدها في كل مقطع من مقاطع سور القرآن الكريم وإليكم مثالا على ذلك..
    قال تعالى" مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(41) ".
    لماذا لم يقل: أوهن الخيوط خيط العنكبوت ؟؟
    فلو كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لقال ذلك .. ولكن هذا يخالف الحقيقة العلمية الثابتة بأن خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الفولاذ.
    فكان التعبير الدقيق: " أَوْهَنَ الْبُيُوتِ ".

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي

    .......
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •