بارك الله فيك أخي عبد الكريم ، ونفع بك .
وللفائدة :
قال شيح الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في الفتاوى (25/300) : « وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان :
طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت ، وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة ، وإما جهال وأصحاب هوى .
وطائفة ناصبة تبغض عليًّا وأصحابه ؛ لما جرى من القتال في الفتنة ما جرى ».
إلى أن قال – رحمه الله – (25/309) :
« فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتمًا ، وما يصنعون فيه من الندب والنياحة ، وإنشاد قصائد الحزن ، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب ، وإثارة الشحناء والحرب ، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام ، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين ، وكثرة الكذب والفتن في الدنيا ، ولم يعرف طوائف الإسلام أكثر كذبًا وفتنًا ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية ، فإنهم شر من الخوارج المارقين .
وأولئك قال فيهم النبي - صلى الله عليه سلم - : (( يقتلون أَهْلَ الإسلام، ويدعون أهل الأوثان )) .
وهؤلاء يعاونون اليهود والنصاري والمشركين على أهل بيت النبي - صلى الله عليه سلم- ، وأمته المؤمنين كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ولد العباس ، وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين ، من القتل والسبي وخراب الديار . وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام .
فعارض هؤلاء قوم ، إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل
بيته ، وإما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد ، والكذب بالكذب ، والشر بالشر ، والبدعة بالبدعة ، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب ، وتوسيع النفقات على العيال ، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ، ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم ، فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسمًا كمواسم الأعياد والأفراح ، وأولئك يتخذونه مأتمًا يقيمون فيه الأحزان والأتراح، وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة ، وإن كان أولئك أسوأ قصدًا وأعظم جهلاً، وأظهر ظلمًا ، لكن الله أمر بالعدل والإحسان، وقد قال النبي - صلى الله عليه سلم - : (( إنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة )) .
ولم يسن رسول الله - صلى الله عليه سلم - ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئًا من هذه الأمور، لا شعائر الحزن والترح ، ولا شعائر السرور والفرح ، ولكنه صلى الله عليه سلم لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : (( ما هذا ؟ )) ، فقالوا : هذا يوم نجي الله فيه موسي من الغرق فنحن نصومه . فقال : (( نحن أحق بموسي منكم )) فصامه وأمر بصيامه » .