بسم الله وبعد:
فإن ما يُسمى بمثلث برمودا بأمريكا، ومثلث برموزا ببحر الشيطان باليابان يُعدان من عجائب الله في كونه التي حيَّرَت العلماء والعلم الحديث، وأعجزتهم وجعلتهم في حيرة من أمرهم، حتى أنكرهما بعضهم وقال: إن هذا من فعل المخابرات الأمريكية التي تبني مصانع متقدمة بتلك المنطقة وتشوش على المارين وتهلكهم، وهذا أمر بعيد، وجعلها بعضهم ظاهرة طبيعية تحدث في كل بحار الأرض بصفة عامة، وفي تلك المنطقة بصفة خاصة، بينما اعترف عامة علماء البحار والجيولوجيا والفلك بأن هذه الظاهرة َ في تلك المنطقةِ كونيةٌ معجزةٌ لا يزال لغزها سرا غامضا من أسرار الله تعالى في الكون، وقد كثرت الأشرطة والأفلام الوثائقية حول هذا المثلث، وقد أخذت منها جزءا كبيرا من المعلومات حول هذا البحث، كما ألف العالم (Charles berlitz) كتابا عن المثلث أسماه:"the bermuda triangle"، وذكر فيه الكثير من القصص الغريبة حول هذا المثلث وأسراره.
وبينما كنت أقرأ أحاديثَ الفتن وما ينطبق عليها في هذا الزمن - مع بعض أفراد العائلة -، إذ مررت بحديث حذيفة الطويل في وصف الفتن، وإذا بي أجد الحلّ لهذا اللغز الغامض الذي لا يعرف حلّه إلا الله ورسوله، أو من مرَّ به هذا الحديث الغريب العجيب وأمعن فيه، وإنه والله لمن أكبر العجائب، وأغرب الغرائب، وأوضح الدلائل على الإعجاز النبوي الذي لا ينطق صاحبه عن الهوى، ولذلك ارتأيت أن أتكلم على هذا الأمر في تسعة مسائل:
م1/ في ماهية وتحديد مكان تواجد مثلث برمودة: حيث يقع غرب الكرة الأرضية من المحيط الأطلسي على مساحة حوالي 770000 كم مربع، ممتدا من بحر سارجاسو من الجنوب الغربي لميامي بولاية فلوريدا الأمريكية، إلى بورتوريكو بخليج المكسيك شرق جنوب، ثم إلى جزيرة برمودا شمالا، بحيث تلتقي فيه مياه المحيط الباردة بمياه بحر سارجاسو الدافئة، وهذه المسافة تقريبية احتياطية فقط حتى لا يُقترب منه لشدة جاذبيته، كما أنه لا يعني بالضبط أن يكون مثلثا بل قد يكون مربعا أو على شكل دائرة والله أعلم.


م2/ في ماهية وتحديد مكان تواجد مثلث التنين فرموزا(Dragons triangle) : يقع في شرق الكرة الأرضية من المحيطالهادي، ممتدا من الساحل الغربي لليابان من جزيرة "يوكوهاما" اليابانية شمالا، وجزيرة جوام الفلبينية جنوباً، وجزر ماريانا من الساحل الجنوب الغربي للصين، بحيث يبعد حوالي 145 كم عن ساحل الصين الجنوبي الشرقي ( تايوان )



م3/ خصائص المثلثين: يتميزان بحدوث التيه في تلك المنطقة، وذلك بسبب قوة الجاذبية البحرية التي تؤدي إلى جذب كل الأشياء الجارية على البحر، بل وحتى الطائرات، من دون أن تترك لها أثرا، كما تلتقي في المثلثين التيارات الباردة بالتيارات الدافئة، ويتكاثر فيهما الضباب والسحب والغازات المنبعثة من عمق البحر، بسب عدم وجود القاع في هذا الجزء من البحر، وهذا ما يؤدي إلى الشذوذ المغناطيسي للأرض والتشويش على البوصلة والأجهزة الإلكترونية، ويجعل هذه المنطقة عبارة عن دوامات مائية معرضة للأعاصير، كما أنه لا يطفو شيء على هذا الجزء من البحر، بل كل شيء يجري عليه يغرق فيه ولا يُسمع عنه خبر ولا أثر .
م4/ العلاقة بين المثلثين:يمتازان بنفس الخصائص السابقة إضافة إلى كونهما متناظرين في الموقع والحجم والأبعاد الثلاثية، ذلك أن أحدهما يقع من جهة المشرق، والآخر مقابلا له من جهة المغرب، بل إن كليهما يقع على نفس خط العرض 35 درجة.
ثم أن مثلث برمودا تلتقي فيه تيارات مياه المحيط الأطلنطي الباردة بتيارات مياه بحر سارجاسو الدافئة التي تخرج من جوف الأرض الداخلي ، ومثلث فرموزا تلتقي فيه تيارات مياه المحيط الهادي الباردة بتيارات مياه بحر الشيطان الدافئة التي تخرج من جوف الأرض أيضا، فيا ترى ما سبب هذا التناظر والتقابل والتشابه بينهما ؟
م5/ سبب جذبهما للأشياء: اختلفت تفاسير العلماء المُحْدَثِين في حل هذا اللغز:
1- فمن قائل بأن هذا من أفعال الطبيعة العادية .
2- وقائل أن عرش الشياطين هنالك لما صح من حديث جَابِرٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاء [البحر ] ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً"، لكن ليس في هذا الحديثِ تصريح عن أي بحر من بحار الدنيا يتخذ الشيطان سرير ملكه، فقد يكون في بحار أخرى الله وحده الأعلم بها، نعم قد ورد أن الشيطان يحب الجلوس في المكانين المتناقضين كجلوسه بين الظل والشمس، فله أن يتخذ مكانه في البحر في مثل هذا المكان، أو بين البحرين الملتقيان، ويوجد هذا الالتقاء في عدة من بحار من العالم منها منطقة المثلثين، والسؤال أن يقال: هل يستطيع الشيطان الناري أن يقيم عرشه في مثل هذا المكان الذي يجذب بقوة كل الأشياء إليه ؟ الله أعلم بذلك وحده ! .
3- وذهب آخرون إلى أن هناك مخلوقات فضائية أو أرضية غريبة هي التي تفعل هذه الأشياء، وهذا أمر بعيد جدا.
نعم قد صح من حديث ابن عباس وجود كواكب أخرى من جنس الأرض حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: { الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن } قال:" سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم و آدم كآدم، و نوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى"، وفي رواية:" في كل أرض نحو إبراهيم "، وقال تلميذه مجاهد : «إن هذا الحرم حرم ما حذاءه من السموات السبع والأرضين السبع، وإن هذا البيت رابع أربعة عشر بيتا، في كل سماء بيت، وفي كل أرض بيت، ولو وقعن وقع بعضهن على بعض»،
وأعلم يقينا بأنه سيأتي من يتعجب من هذا ! وقد ينكره أو يُكَذّب به لغرابته، لكن قد صح من طريق مجاهد عن ابن عباس أنه قال:" لو حدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها"، ومن المحال أن يرمي ابن عباس بالتكفير لشيء ليس له حكم الرفع !.
وهذا الحديث يُثْبِتُ وجودَ مخلوقات أخرى في كواكب الأرض الأخرى، وأن رسالة الأنبياء تأهيها، أن رسالة محمد عليه السلام قد بلغتها، لكن ليس فيه ما يدل على أنها تقطن في هذا البحر الجذاب، وإن زعم زاعمون بأنها أمم متطورة وتأتي إليه في الأطباق الطائرة !
وأغلب ظني أن تلك المخلوقات هي من الإنس ومن بني آدم، لأن آدم عليه السلام كان في جنّة الدنيا والتي هي في بعض تلك الكواكب ثم أُهبط منها، ومما قد يؤكد ذلك ما قاله تعالى:{أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما}، فصارت السماوات سبعا، والأرضين سبعا، وقد فصلت ذكر ذلك في مبحث أسميته:" قصة بدإ الخلق أولا فأولا".
4- وقيل بوجود كهوف عميقة في البحرين تتسبب في تلكم الدوامات المائية المغرقة،
5- أو أن هنالك زلازل أو انزلاقات في القشرة الأرضية التي في قاع المحيط، لكن لا تختص الزلازل والانزلاقات بتلك المنطقة فقط .
6- ومن قائل بأن هذا يرجع إلى شدة عمق هذا البحر اللجي.
7- ومن ناف لكل تلكم التعليلات وجاعلا ذلك لغزا لم يتمكن من حله حتىّ العلم الحديث .
8- وقال عالم المحيطات: آرثر مريانو" أن سبب ذلك هو تيار الخليج فإنه قادر على إذهاب السفن وتمزيقها فجأة حتى لا يبقى لها أي أثر، بسبب قوة التيار والموج في شيء سماه:" التشتيت الهائج"، وأجرى على ذلك تجربة، لكن: ما هو سبب قوة التيار نفسه في تلك المنطقة ؟؟!! .
9- وقيل أن السبب هو الطاقة المغناطيسية الكبيرة التي تعطل كل الأجهزة الإلكترونية، وذكر ابن طاهر في البدإ والتاريخ (4/94) عن بعضهم أن في وسط البحر جبالا من حجر المغناطيس إذا انتهت إليه السفن جذبت ما فيها من المسامير فانتقضت فغرقت"، لكن هل يؤثر المغناطيس والجذب حتى في الماء نفسه ليحدث كل تلكم التيارات والغازات والضباب و... ؟؟!!.
10- وقيل سبب ذلك هو الضباب الإلكتروني المحيط بالمثلث، وادعى هاجيسن أن بإمكانه أن يحدث ضبابا يحاكي فيه ضباب المثلث ليحل لغز الجذب، وتعقبه "نيكل"و"فلين"، بأنه استعمل حيلا في تجربته للجذب، ومع ذلك فيقي السؤال مطروحا: ما سبب ذلك الضباب نفسه ؟؟!! .
11- وقيل سبب ذلك وجود كمية كبيرة من الغازات وغاز الميثان الراكدة به، والعالقة بالطين المترسب فيه، فيسرع الغاز في التحول من مادة إلى أخرى ويتفاقم فيغرق السفن، وقد أجرى الفزيائي بروز بناردو تجربة لقارب نفخ تحته من الغازات فأغرقته، ويشكل عليه أن السفن التي تغرق بسبب الغازات قليلة كما أنها معلومة الأثر والسبب، ويبقى السؤال الحقيقي أن يقال: ما سبب كل هذه الظواهر الكثيرة التي تحدث في المثلثين من غازات وضباب وتيارات وإعصارات ودوامات مائية وجذب وتعطيل للبوصلة والإلكترونيات وغيرها مما يتسبب أخيرا في اختفاء الجواري والسفن؟ وما سبب انبعاث تلك الكميات الكبيرة من الغازات من جوفه ؟ هل هو الترسبات أم شيء آخر ؟
ثم الأغمض من ذلك أن نقول: ما هو سر هذا التناظر والتقابل والتشابه بين المثلثين ؟ بل وما سر وجودهما حتى في نفس خطوط العرض ؟؟؟!!! :
هذا ما سنجاوب عنه مبتدئين بهذا العرض التاريخي عنه:
م6/ وصول ذي القرنين الإسكندر إلى بلاد الشرق الأقصى عبر ذلك البحر:فذكر أبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال (ص 35) قال:" ثم هم بالاجتياز إلى أرض المشرق، فقال له وزراؤه: كيف يمكنك الاجتياز إلى مطلع الشمس من هذه الجهة، ودون ذلك البحر الأخضر، ولا تعمل فيه السفن، لأن ماءه شبيه بالقيح، ولا يصبر على نتن ريحه أحد ؟ فقال: لا بد من المسير، ولو لم أسر إلا وحدي، قالوا: نحن معك حيث سرت"، فسار حتى قطع أرض الروم، يؤم مشرق الشمس، ثم جاوزهم..".
م7/ ذكره في نصوص الشرع: لقد جاءَ في السنة المطهرة الحلّ الواضح لكل هذه الألغاز الغامضة، وأن سبب كل هذه الظواهرِ هو عدم وجود قعرٍ للبحر في هذه المنطقة، لأن فيه فرجةً كبيرةً ممتدةً من هذه المنطقة الغربية عبر جوف الأرض، لتصل إلى الجهة الشرقية المقابلة له من الأرض، كل منهما يجذب الأشياء إلى الأسفل لِيَلْتقيان في جوف الأرض الواسع ومركزها، والذي هو عبارة عن بحر كبير، وهذا ما يفسر التناظر بينهما، وقد جاء له ذكر في التفسير:
فقد قال سفيان عن الجبل الذي تجلى الله له فدُكّ:" روى أنه انساح في الأرض وأفضى إلى البحر الذي تحت الأرضين"، قال ابن الكلبي : فهو يهوي فيه إلى يوم القيامة"، وذكر بعض الخبراء المُحْدَثين أن الجبل الذي ابتلع فيه هو من جزيرة :" ATLANTICA". فالله أعلم .

المشرق (مثلث التنين)
البحر المغرب (مثلث برمودا)
وسط الأرض

إذن فمركز الأرض بحر لجّي هائل، له تُجذب كل الأشياء من المُثَلّثين، وهذا ما يفسر اختفاءها إلى الأبد.
وكأن هذه المنطقة هي البحر اللجي المذكور في القرآن من قوله تعالى:{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} فإن اللجة هي الشيء الداخل العميق المتمادي في العمق والدخول، كما في قوله تعالى:{ للجوا في طغيانهم يعمهون} أي تمادوا فيه، يؤيد ذلك ما قاله القرطبي في تفسيره للآية من أحكامه:" قيل: هو منسوب اللجة، وهو الذي لا يدرك قعره.."، وقال البقاعي: { لجي } أي ذي لج هو اللج ، إشارة إلى أنه عميق لا يدرك له قرار ... وجمع اللجة لجج ولج"، وفي المعجم الوسيط:" ( اللج ) معظم الماء حيث لا يدرك قعره "، وقال ابن منظور:" ولُجَّةُ البَحْر حيث لا يُدْرَكُ قَعْرُه ولُجُّ الوادي جانبُه ولُجُّ البحرِ عُرْضُه قال ولُجُّ البحرِ الماءُ الكثير الذي لا يُرَى طرَفاه "، وقال الأزهري في تهذيب اللغة:" عن سلمة عن الفراء قال: لَجِجْتُ، ولَجَجْتُ لَجَاجَةً ولَجَجاً، وقال غيرُه : لُجَّةُ البَحْرِ حَيْثُ لا يُدْرَكُ قَعْرُه"، ولجَّجَ القَوْمُ : وقعُوا في اللُّجَّة، وقال الله:{ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ} قال الفراء يقال: بَحْرٌ لُجِّيٌّ ، ولِجِّيٌّ "، وقال الشوكاني في فتح القدير في تفسيره للآية السابقة : والجمع لجج، وهو : الذي لا يدرك لعمقه، ثم وصف سبحانه هذا البحر بصفة أخرى فقال { يغشاه مَوْجٌ } أي : يعلو هذا البحر موج ، فيستره ويغطيه بالكلية، ثم وصف هذا الموج بقوله { مّن فَوْقِهِ مَوْجٌ } أي من فوق هذا الموج موج، ثم وصف الموج الثاني، فقال: { مّن فَوْقِهِ سَحَابٌ } أي : من فوق ذلك الموج الثاني سحاب ، فيجتمع حينئذٍ عليهم خوف البحر وأمواجه والسحاب المرتفعة فوقه"،
وهذه هي صفة ذلك البحر الغامض، وصفة ما يسمى بالضباب الإلكترني فوق البحرين السابقين، وذكر الأزهري والبقاعي والحميري في شمس العلوم أن اللِّجة من الوُلوج، فاللجة من لجج وولج، والولوج هو الدخول، كما في الحديث:" بسم الله ولجنا.."، وعليه فالبحر اللجي هو العميق الذي لا يُدرك عمقه، والداخل في جوف الأرض، وهذه صفة بحر التنين وبرمودة، فلا يدرك عمقهما بل يدخلان حتى يلتقيان في البحر الذي في جوف الأرض الواسع والله أعلم.
وكأن هذا البحر الذي في وسط الأرض هو الذي تمده بحار الأرض السبعة المذكورة في قوله تعالى :{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } [لقمان 27] والله أعلم.
وقد اختلف الناس في تعيين هذه البحار السبعة بعد اتفاق أكثرهم على أن الآية صريحة في حصر البحار في سبعة أبحر، برهان ذلك ما خرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 219) عن الأبار عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو أن حوراء بصقت في سبعة أبحر لعذبت البحار من عذوبة ريقها ، ويخلق الحوراء من الزعفران"، وله متابع خرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (ر 297) عن عكرمة عن ابن عباس قال: لو أن امرأة من أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل"، وروى علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:« من تهاون بصلاته فإن الله عز وجل يعاقبه بخمس عشرة خصلة :... يموت عطشانا فلو صب في حلقه ماء سبعة أبحر ما روى"،
يؤيد مفهوم الحصر ما أخرجه الطحاوي في أحكامه (ر 57) قال: حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا حجاج حدثنا حماد عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو أنه قال: " سبعة أبحر وسبعة أنهر لا يجزين من جنابة ولا من طهور"، وله متابعات عدة .
ولما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً بها ... حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سموات، قال : وذلك قوله { والبحر يمده من بعده سبعة أبحر } [ لقمان : 27 ]" ، وقال وهب بن منبه: على وجه الأرض سبعة أبحر والأرضون سبع"،
وقال الشربيني وابن عادل:" قال علماء الهيئة: ثلاثة أرباع كرة الأرض غائصة في الماء فذاك هو البحر المحيط وجعل في هذا الربع المسكون سبعة أبحر قال تعالى: {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر} (لقمان، 27)
وقد اختلف الناس في تعيينها:
فقال القدماء هي: بحر بانداوبحر سيليبسوبحر فلوريسوبحر جاوة وبحر الصين الجنوبي وبحر سولو وبحر تيمور، وقيل: هي (عين الكبريت) و (عين اليمن) و(عين البرهوت) و(عين الطبرية) و(جمة ما سيدان) وجمة(افريقا)و(عي ماجروا) .
وبعد اكتشاف أمريكا ذكر بعضهم أنها سبعة مسطحات مائية في العالم وهي :المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمحيط الشمالي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الكاريبي وخليج المكسيك.
وقيل: بل هي المحيطات السبعة التي تحيط بالعالم وهي: شمال المحيط الهادئ، وجنوب المحيط الهادي، وشمال المحيط الأطلسي، وجنوب المحيط الأطلسي، والمحيط الهندي، والمحيط الجنوبي، والمحيط الشمالي. والبقية تندرج ضمن هذه البحار السبعة،
هذا وإن للرقم سبعةً من الوحيين أسرار كبيرة، وعجيبة كثيرة في هذا الكون، ليس هذا مجال ذكرها،
وقد أشار عبد الله بن عمرو وابن عباس إلى المحيطات السبعة، وإلى هذا البحر الثامن الموجود في جوف الأرض فيما خرجه أبو الشيخ في العظمة (4/1408) عن علي بن عاصم حدثنا عوف عن أبي المغيرة القواس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:« تحت بحركم هذا بحر من نار ، تحت ذلك البحر من النار بحر من ماء ، وتحت ذلك البحر من الماء بحر من نار ، حتى عد سبعة أبحر من نار ، وسبعة أبحر من ماء »، ثم خرج (1411) عن أشرس أبي شيبان عن أبي مالك العقيلي قال: كنت مع أبي الجوزاء فكان إمام قومه فقال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال:« إن هذا الخلق أحاط بهم بحر»، قلت : وما بعد البحر ؟ قال : « هواء »، قلت : وما بعد الهواء؟ قال : « بحر أحاط بهذا الهواء، والبحر الداخل على سبعة أبحر، والثامن »، قال : قلت: وما بعد الثامن ؟ قال:« ثم انتهى الأمر ».
يعني أنه هذا البحرَ هو الأخير الذي بداخل الأرض والذي تلج وتدخل إليه البحار السبعة، ويتم هذا الدخول إلى وسط الأرض عبر هذين المثلثين المتناظرين والمتقابلين والله أعلم .
ومن المعلوم ضرورة أن هذا الأمر يؤدي إلى الكثرة الهائلة من الضباب والسحب والتيارات والغازات والفقاعات المائية والأعاصير المفاجئة في هاذين المثلّثين المتقابلين، وهذا هو سر التناظر والتشابه بينهما، وهذا هو سر جذبهما الشديد للأشياء، وهذا السر هو ما لا يعلم حلَّ لغزه إلا الله ورسوله، ثم من تمعن في هذا الحديث المُعجِز الجَلل وأمعن :
دليل ذلك ومكان المثلث: حديث حذيفة الطويل في الفتن والذي خرجه الإمام الأندلسي أبو عمرو الداني في الفتن : (ص 1090)قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عمرو المكتب قراءة مني عليه قال: حدثنا عتاب بن هارون حدثنا الفضل بن عبيد الله حدثنا عبد الصمد بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن سنان القلانسي بحلب حدثنا عبد الوهاب الخزاز أبو أحمد الرقي حدثنا مسلمة بن ثابت عن عبد الرحمن عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تكون وقعة بالزوراء » قالوا : يا رسول الله وما الزوراء ؟ قال : « مدينة بالمشرق بين أنهار يسكنها شرار خلق الله وجبابرة من أمتي ....." ثم ذكر هجوم السود على العرب ثم خروج السفياني فالمهدي ثم تحالف جيش المسلمين مع الروم لقتال عدو من خلفهم – ولا أراهم إلا الروس ومن خلفهم من حلفائهم الصينيين-، ثم النصر فغدر الروم ثم إعادة فتح القسطنطنية، فروما، ومن ثم استرجاع حُلِيّ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالتَّابُوت الَّذِي فِيهِ السَّكِينَةُ وَمَائِدَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَرَضْرَاضَةَ الْأَلْوَاحِ وَعَصَا مُوسَى وَمِنْبَرَ سُلَيْمَانَ وَقَفِيزَانِ مِنَ الْمَنِّ، ثم ذكر سبب اختفائها وأنه بظلم اليهود وتسليط الله عليهم الروم لقتلهم وطردهم من بيت المقدس عدة مرات، ثم ذكر مسير جيش المهدي عبر البحر الظلمات أو البحر الأخضر، أو ما يسمى بالمحيط الأطلسي وقد يكون الهادي، إلى أمريكا أو اليابان، وذكر أن هنالك بحرا لا يحمل أيَّة جارية، لا سفينة ولا غيرها،لأنها تغرق فيه بمجرد دخولها إلى مجال جاذبيته فقال صلى الله عليه وسلم: " ثم يسيرون حتى يأتوا مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الذي لا يحمل جارية - يعني السفن - قيل : يا رسول الله ولم لا يحمل جارية؟ قال: لأنه ليس له قعر، وإن ما ترون من خلجان ذلك البحر جعله الله عز وجل منافع لبني آدم لها قعور فهي تحمل السفن". قال حذيفة : فقال عبد الله بن سلام : والذي بعثك بالحق إن صفة هذه المدينة في التوراة طولها ألف ميل وهي تسمى في الإنجيل فرعا - أو قرعا - طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لها ستون وثلثمائة باب يخرج من كل باب منها مائة ألف مقاتل، فيكبرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيغنمون ما فيها ، ثم تقيمون فيها سبع سنين ثم تقفلون منها إلى بيت المقدس فيبلغكم أن الدجال قد خرج...".
م8/ ذكر الكلام على إسناد هذا الحديث: أعلّه قوم بجهالة عامّة رجال إسناده، وقد قال الإمام القرطبي في التذكرة (1198):" وهذه الأسانيد عن حذيفة في عدة أوراق ظاهرة الوضع والاختلاف، قال الحافظ أبو الخطاب:" ونحن نرغب عن تسويد الورق بالموضوعات فيه، ونثبت الصحيح الذي يقربنا من إله الأرضين والسموات ، فعبد الرحمن الذي يرويه عن الثوري هو ابن هانئ أبو نعيم النخعي الكوفي، قال يحيى بن معين: كذاب، وقال أحمد: ليس بشيء ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه"، كذا قال وفيما قاله نظر كبير، فقد قمت بتتبع رجال الحديث فردا فردا، فلم أجد فيهم متهما مكَذّبا:
فأما شيخ الداني عبد الله بن عمرو أبو محمد المكتب فلم أعرفه، لكن قد قرأ الإمام الداني هذا الحديث عليه من كتابه لا من حفظه، وأكثر من الرواية عنه، ولا يضر عدم المعرفة بحاله لأن الحديث موجود في كتاب الفضل الذي سيأتي:
وأما عتّاب بن هارون بن عتّاب بن بِشْر الغافِقيّ: فمن أهل شَذُونَة؛ يُكنّى: أبا أيّوب قال ابن الفرضي في تاريخ الأندلس: كان حافِظاً لِلْرأْي على مَذهَب مالِك وأصحابه، حَسِن النظر.. مُجاب الدّعوة. سمِعْتُ أبا محمد عبد الله بن محمد بن قاسِم الثّغريّ يقول: لَستُ أعلَمُ بالأندَلُس أفضَل من أبي أيّوب بن بِشر، قالَ لي أبو أيّوب: وُلِدتُ في شهْر رَبيع الأول سنة إحدى عَشْرة وثلاثِ مائة. وتوفّي (رحمه الله): سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة،كما نقلَ الثناءَ عليه القاضي عياض في ترتيب المدارك، وقال الذهبي في السير:" وكان صالحاً عابداً".
وأما الفضل فهو ابن عبيد الله بن أحمد أو محمد بن الفضل الهاشمي صاحب كتاب فضائل بيت المقدس، وهذا الحديث منه، لاحتوائه على تاريخ بيت المقدس وما سيرجع عليه من فضل، فقال الإمام الحافظ الأندلسي ابن بشكوال في كتابه المستغيثين بالله:" وذكر هذه القصة – عن حديث آخر- : أبو عبد الله الفضل بن عبيد الله بن الفضل الهاشمي في كتاب: فضائل بيت المقدس من تأليفه فقال: أخبرنا عبد الصمد بن محمد الهمداني، قال: ثنا النضر بن سلمة ..."،
والفضل هذا كأنه الذي ترجمه الذهبي في السير فقال:" الشَّيْخ الأَمِين أَبُو القَاسِمِ الفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بن شَهْرَيَارَ الأَصْبَهَانِيّ ُ، التَّاجِر السَّفَّار، تُوُفِّي فِي شَوَّال سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْن"، وقد روى عنه أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشته فقال: ثنا أبو القاسم الفضل بن عبيد الله بن أحمد العدل أبنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار المديني بها"، فوصفه بالعدل، لكن لم أجد من نسبه بالهاشمي كما في السند، وقد روى عن الهاشمي هذا ثلاثة، منهم أَبُو عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن رزوبة فقال حَدَّثَنَا الْفضل بْن عُبَيْد الله بْن صالِح الْهَاشِمِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن سهل الْمَرْوَزِيّ حديث:" خلقتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر وَعمر من طِينَة وَاحِدَة"، كما روى عنه أحمد بن محمد بن يعقوب أبو عياض أنه سمع أبا عبد الله الفضل بن عبيد الله بن صالح الهاشمي ببيت المقدس يحدث ..، وروى الاسماعيلي حدثنا أبو العباس الفضل بن صالح الهاشمي يعرف بعم العشيرة ببغداد، فالله أعلم، فلئن كان هو الذي ترجمه الذهبي فهو صدوق والراجح أنه هو .
وأما عبد الصمد بن محمد الهمداني فقد قال الدَّارَقُطْنِي ّ في الغرائب:" عبد الصمد ليس بالقوي"، وقد ذكره نايف المنصوري في إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني (360) فقال: "صدوق مقرئ"، وقال ابن الجزري في طبقات القراء: عبد الصمد بن محمد بن أبي عمران أبو محمد الهمذاني المقدسي العينوني مقرئ متصدر معروف"، وأخرج له الضياء في المختارة، وهذا توثيق ضمني له فهو صدوق ، توفي سنة أربع وتسعين ومائتين بقرية عينون من بيت المقدس .
وأما أحمد بن سنان القلانسي فأراه أبا جعفر أحمد بن سنان بن أسد بن حبان القطان الواسطي فإنه مات سنة 259 أو 254 هـ، قال الدارقطني: حدثنا عنه ابن صاعد وابن أبي داود وابن مبشر وغير واحد من شيوخنا، جمع المسند وحديث الأعمش وكان ثقة ثبتا"، وقال أبو زرعة الدمشقي: أدركته ولم أكتب عنه"، وهذا يعني احتمال دخوله حلب، وقد روى عن طبقة عبد الرحمن بن مهدي، فيحتمل أنه نزل في هذا الحديث،
وأما عبد الوهاب الخزاز أبو أحمد الرقيفلم أجده، وقد روى البيهقي عن أبي عثمان البصري نا أبو أحمد عبد الوهاب نا يعلى بن عبيد وهذا يعني أن له راويان لكن الله أعلم به وبحاله، وهذا الحديث يتوقف على معرفة حاله،
إلا أن وروده بهذه السياقة يشعر بأن له أصلا، كيف ولهذا الحديث متابعتين أخرتين، فقد قال القرطبي في التذكرة:" وقد رواه عن الثوري عمر بن يحيى بالسند المذكور آنفاً ، وقال : تعذب بأربعة أصناف بخسف ومسح وقذف قال البرقاني ولم يذكر الرابع"، قال القرطبي: وعمر بن يحيى متروك الحديث".
وأما مسلمة بن ثابت فثقة مأمون من أصحاب مالك، كذا في تاريخ دمشق (35/167)، وقال الحموي في البلدان:" قال أبو الفضل: قال أبو علي صاحب " تاريخ الرقه ": سعيد بن أبي سعيد الواسطي واسم أبيه مسلمة بن ثابت خراساني سكن واسط الرقة وكان شيخاً صالحاً مات في رجب، سنة ثنتين وأربعين ومئتين، حدث أبوه مسلمة عن شريك وغيره "،
وأما عبد الرحمن فيحتمل أن يكون عبد الرحمان بن عمرو الأوزاعي الشامي الثقة وهو الأرجح لأن الإسناد شامي، كما يحتمل أن يكون هو عبد الرحمان بن مهدي وهو ثقة أيضا، ولئن كان هو ابن هانئ النخعي الذي كنيته أبو نعيم الكوفي فقد روى عنه الكوفيون ومات سنة إحدى أو اثنتي عشرة ومائتين، وهو صدوق، فلئن قال عنه أحمد: ليس بشيء، وكذبه ابن معين فأفرط، وضعفه أبو نعيم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه"، فقد وثقه ابن حبان وابن خلفون وقال عنه أبو حاتم: ليس به بأس، وقال العجلي: ثقة، وقال الحافظ: صدوق له أغلاط، أفرط ابن معين فكذبه"، وقال مغلطاي: هو صدوق في الأصل"، وأما سفيان الثوري وقيس بن مسلم وربعي بن حراش فثقات أثبات، وللحديث متابعتان أخريتان:
أولاهما مختصرة: خرجها الخطيبُ في تاريخه فقال : حدثنا أبو بكر البرقاني من كتابه قال: قرئ على الحسين بن علي التميمي وأنا أسمع حدثكم زنجويه بن محمد اللباد حَدَّثَنا سهل بن محمد بن يعيش الختلي العسكري أبو السري ثنا عمر بن يحيى حَدَّثَنا سفيان عن قيس بن مسلم عن ربعي بن حِراش عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تكون وقعة بين زوراء قالوا وما الزوراء يا رسول الله قال مدينة بين أنهار في أرض جوخى يسكنها جبابرة أمتي تعذب بأربعة أصناف بخسف ومسخ وقذف"، قال البرقاني" ولم يذكر الرابع"، الذي يروي عن سفيان هو عمرو بن يحيى المازني وهو صدوق والله أعلم، وللحديث متابعة ثالثة:
فقد قرأت لبعضهم قال:" أخرج الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليستخرجن المهدي ذلك حتى يرده إلى بيت المقدس، ثم يسير ومن معه حتى يأتوا خلف رومية، مدينة فيها مائة سوق، في كل سوق مائة ألف سوقي، فيفتحونها، ثم يسيرون حتى يأتوا مدينة يقال لها القاطع، على البحر الأخضر المحدق بالدنيا، ليس خلفه إلا أمر الله تعالى، طول المدينة ألف ميل، وعرضها خمسمائة ميل، لها ثلاثة آلاف باب، وذلك البحر لا يحمل جارية السفينة؛ لأنه ليس له قعر، وكل شيء ترونه من البحار إنما هو خلجان من ذلك البحر، جعله الله تعالى منافع لابن آدم"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فالدنيا مسيرة خمسمائة عام"، وليت كتابَ "مناقب المهدي" موجودٌ ليُنظر في إسناده .
م9/ الكلام على متن هذا الحديث: تضمن هذا الحديث الشريف عدة حقائق تاريخية ومستقبلية وعلمية نذكر منها ما يختص بالمثلث والبحر الذي لا يحمل السفن، وسبب ذلك، ومما تضمن ما يلي:
1/ وجود مدينة يقال لها القاطع تكون في ساحل هذا البحر، وهذا في قوله:" ثم يسيرون حتى يأتوا مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الذي لا يحمل جارية - يعني السفن -"، وهل المراد بالبحر هو الأطلسي، فتكون المدينة هي كاليفورنيا الأمريكية التي سيفتحها المسلمون، أم أن المراد بالبحر هو الهادي فتكون هي اليابان أو نحوها، أم أن لفظ البحر يشمل الجميع وهو الأظهر والله أعلم .
2/ قوله في الحديث:" قيل: يا رسول الله ولم لا يحمل جارية ؟ قال: لأنه ليس له قعر"، فيه دليل صريح، وحل واضح صحيحٌ، لسبب ابتلاع البحر لكل ما يجري عليه، لأنه ليس له عمق يُنتهى إليه، وهذا يعني أن هذا الجزء من البحر ممتد في عمق الأرض عبر جوفها، حتى يصل التجويف إلى الجهة المقابلة من الأرض، ويعني هذا وجود بقعة أخرى مقابلة ومماثلة لهذا الجزء ومناظرة له، فهل هي موجودة حقا ؟
نعم، لقد مرّ ذكر أدلّة وجود هذه المنطقة الثّانية في المسألة الثانية وهي:" في ماهية وتحديد مكان تواجد مثلث التنين فرموزا(Dragons triangle)"، وقد ذكر ساندرسن وغيره أيضا بأن هناك مثلثا آخر في الشرق مقابلا لمثلّث برمودا في الغرب، ويقع أمام السّاحل اليابانيّ الّذي يسمّى ببحر الشّيطان، والذي تحدث فيه نفس المظاهر التي تحدث في مثلث برمودا، ثم ذكر بأن هناك سببا ما يحدث في قلب الأرض لكنه قال: لم أتمكن من تفسيره"، وقد فسره رسول الله عليه أفضل صلوات الله .
3/ قوله في الحديث:" وإنّ ما ترون من خلجان ذلك البحر جعله الله عز وجل منافع لبني آدم لها قعور، فهي تحمل السفن"، تضمن أشياء منها وجود خلجان في ذلك البحر كخليج المكسيك وغيره، ومنها كثرة منافع تلك الخلجان .
ومن الإعجاز أيضا: أن سائر بحار الدنيا لها عمق وعقور تنتهي إليها، ولذلك تحمل السفن والجواري ونحوها، وهذا يعني أن أرضية كل الأعماق لها علاقة كبيرة في عملية التوازن للجاذبية،
ونستنتج من هذا أن للماء وأرضيته السفلى قوة جذب للأشياء إلى أسفل، كما أن ذلك الأسفل الأرضيّ له قوةُ دفْع للأشياء اللاغائرة إلى الأعلى، وهذا ما يسمى بالتوازن الجاذبي الذي به تطفو السفن والأشياء والحمد لله على منه، وكل هذا مستنبط من هذا الحديث العجيب، المُعْجز الغريب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




وكتبه أبو عيسى الزياني الجزائري