عنوان النص : لطائف من منظومة السير إلى الله والدار الآخرة (2)
:
وَهُــمُ الَّذِينَ مَـــلا الإلَـهُ قُلُوبَـهُـــمْ بِـــوِدَادِهِ وَمَـحَـبَّـــة ِ الــرَّحْـمَـــ ــنِ

هذه المنزلة -وهي منزلة المحبة- هي أصلُ المنازل كلِّها، ومنها تنشأ جميعُ الأعمالِ الصالحة والنافعة، والمنازل العالِية.

ومعنى المحبة: تعلُّق القلب بالمحبوب، ولُزوم الحُبِّ للقلبِ فلا تنفك عنه، تقتضـي مِن صاحبِها الانكِفاف عما يكرهُ الحبيب، والمبادرةَ إلى ما يُرضيه بقلبٍ مُنشـرحٍ وصدرٍ رحيب؛ فإن تكلَّم تكلَّم بالله، وإن سَكت سَكَت لله، وإنْ تحرَّك فَلِله، وإنْ سَكن فَلَهُ، ويَحدُث عن الحبِّ الشوقُ إلى الله والقلق؛ فلا يكادُ صاحبُه يستقرُّ.

فإن قيل: فهل [للمحبة] -التي هي أعلى المراتب- مِن وسيلةٍ وسببٍ؟

قيل: لم يجعلِ الله مطلبًا إلا جعل لحصولِه سببًا؛ فمِن أكبر أسبابِها: الانكفافُ عن كلِّ قاطع بالقولِ والفعل والأفكار الرديَّة، والإكثارُ من ذِكر الله بحضور قلبٍ وتدبُّر كلامِه الكريم، ومُطالعة نِعمِه العظيمة على العبد، وبالوقوفِ بين يديه بحضورِ قلبٍ وأدَب في الوقوف بين يديْه، ومجالسةُ المحبِّين ومجانبة كلِّ قاطع، فمَن فعل ذلك؛ نال محبةَ اللهِ -إن شاء الله-، و الله المستعان.


للاستزادة كتاب الدرة الفاخرة في التعليق على منظومة السير إلى الله والدار الآخرة ( ص 16 ).