الحمدُ لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ...
أمَّا بعدُ :
فعن علي بن أبي طالبٍ ررر : أن فاطمة أتت النبي تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى ، وبلغه أنه جاءه رقيقٌ ، فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة ، فلما جاء أخبرته عائشةُ .
قال : فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال ( على مكانكما ) . فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدتُ بردَ قدميه على بطني ، فقال ( ألا أدلكما على خير مما سألتما ؟
إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما ، فسبحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبِّرا
أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم ) .
وهذا الحديث قد أخرجه أكثرُ الأئمة بعدةِ ألفاظ .
ولفظُ هذا الحديث للبخاري .
وفي روايةٍ عند أبي داود :
( ... اتَّقِي اللهَ يَا فَاطِمَةُ ، وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ ، وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ ، فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ ، فَسَبِّحِي ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَاحْمَدِي ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَكَبِّرِي أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ، فَتِلْكَ مِئَةٌ ، فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ ..)
قال في الفتح :
( ..وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْله " أَلَا أَدُلّكُمَا عَلَى خَيْر مِمَّا سَأَلْتُمَا " أَنَّ الَّذِي يُلَازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا لَهُ الْخَادِم ، أَوْ تَسْهُل الْأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا ، هَكَذَا اِسْتَنْبَطَهُ بَعْضهمْ مِنْ الْحَدِيث )
وقال أيضاً :
( .... وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْر عِنْد النَّوْم لَمْ يُصِبْهُ إِعْيَاء لِأَنَّ فَاطِمَة شَكَتْ التَّعَب مِنْ الْعَمَل فَأَحَالَهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، كَذَا أَفَادَهُ اِبْن تَيْمِيَةَ ، وَفِيهِ نَظَر وَلَا يَتَعَيَّن رَفْع التَّعَب بَلْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَا يَتَضَرَّر بِكَثْرَةِ الْعَمَل وَلَا يَشُقّ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّعَب ، وَاَللَّه أَعْلَم ) .
وقال العيني :
(وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالنِّسْبَةِ ـ أي في الخيريَّة ـ إِلَى مَا طَلَبَتْهُ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهَا بِسَبَبِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ قُوَّةٌ تَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَقْدِرُ الْخَادِمُ....)
وقال أيضاً :
(قوله [خير] قيل لا شك أن للتسبيح ونحوه ثواباً عظيماً لكن كيف يكون خيرا بالنسبة إلى مطلوبها وهو الإستخدام ؟
وأجيب لعل الله تعالى يعطي للمسبح قوة يقدر بها على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه أو يسهل الأمور عليه بحيث يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك أو أن معناه أن نفع التسبيح في الآخرة ونفع الخادم في الدنيا والآخرة خير وأبقى)
وقال القاري ـ كما في مرقاة المفاتيح ـ :
(وكأن قراءة هذه الأذكار عند المنام تزيل تعب خدمة النهار والآلام .)
قال ابنُ القيم ـ كما في الوابل الصيب ـ :
( ...من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنية عن خادم ...)
وقال أيضاً :
(قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل )