احفظ الحديث كحفظ فقهاء المحدثين
أعني:
اجمع روايات الحديث في موطن واحد واحفظها واحفظ الرواة أصحاب الزوائد
فإنك إذا فعلت ذلك حزت الإمامة في الحديث والفقه
وقد كان ولا زال ناس يحفظون الحديث بلفظ واحد ولا يعتنون بجمع رواياته
وبعضهم يحفظ من غير نظر واهتمام لزيادات الرواة المتعلقة بالأحكام والفقهيات
والطريقة والمنهجية الأولى أفود وأكثر عائدا
وقد تميز فيها فيما أعلم كل من:
أسند أبو بكر الخطيب في تاريخه عن الدار قطني أنه قال:
" كنا ببغداد يوما جلوسا في مجلس اجتمع فيه جماعة من الحفاظ يتذاكرون وذكر الدار قطني أبا طالب الحافظ وأبا بكر الجعابي وغيرهما
فجاء رجل من الفقهاء فسأل الجماعة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا أو جعلت تربتها لنا طهورا فقالت الجماعة روى هذا الحديث فلان وفلان وسموهم
فقال السائل أريد هذه اللفظة (( وجعلت تربتها لنا طهورا)) فلم يكن عند واحد منهم جواب
ثم قالوا ليس لنا غير أبي بكر النيسابوري
فقاموا بأجمعهم إلى أبي بكر فسألوه عن هذه اللفظة
فقال نعم حدثنا فلان عن فلان وساق في الوقت من حفظه الحديث واللفظ فيه
قال الخطيب وهذا الحديث على هذا اللفظ يرويه أبو عوانة عن أبي مالك الاشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم تفرد به أبو عوانة واخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه"ا.هـ
قال أبو علي الحافظ : كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارىء السورة.
قال أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي: ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها حتى كان السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط.
قال الفقيه أبو بكر محمد بن علي الشاشي: حضرت ابن خزيمة فقال له أبو بكر النقاش المقرئ: بلغني أنه لما وقع بين المزني وابن عبد الحكم قيل للمزني: إنه يرد على الشافعي فقال: لا يمكنه إلا بمحمد بن إسحاق النيسابوري؟ فقال أبو بكر: كذا كان.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان ( ابن زياد أبو بكر النيسابوري) إمام عصره من الشافعية بالعراق ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة.
وقال أبو الحسن الدارقطني: ما رأيت أحفظ من ابن زياد كان يعرف زيادات الألفاظ في المتون...
والله أعلم
رد مع اقتباس
