خواطر وتساؤلات عن اللسان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فهذه خواطر وتساؤلات عن اللسان أسأل الله تعالى أن ينفعني وقارئها بها وأن تكون ذخرا لي يوم ألقاه إنه سميع مجيب .
التساؤل الأول : هل اللسان نعمة أم نقمة ؟
مما لا شك فيه أن اللسان نعمة من نعم الله العظيمة ومنحة من لطيف صنعه البديع فقد امتن الله على الإنسان بهذه النعمة العظيمة والوسيلة الجليلة للكلام والتعبير عما في داخل الضمير فقال تعالى ((أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ )) وقال سبحانه ((خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ))وحكى دعاء موسى عليه الصلاة والسلام ((وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي )) وقوله ((وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ )) .
قال بعض الحكماء:" في اللسان عشر خصال أداة يظهر بها البيان وشاهد يخبر عن الضمير وحاكم يفصل به القضاء وناطق يرد به الجواب وشافع تقضى به الحوائج وواصف تعرف به الأشياء وواعظ ينهى به عن القبيح ومعزٍّ تسكن به الأحزان وملاطف تذهب به الضغينة ومؤنق يلهي الأسماع " . باللسان تتبادل المعرفة ويحصل التعليم وتزكو المعارف وبه يدعى إلى العقائد وبه تحسن الطبائع والعادات وبه ينفى عن النفس ما يلصف بها من قدح أو عيب .
اللسان صغير الحجم ولكنه عظيم الطاعة والجرم ، له في الخير مجال رحب ، وله في الشر ذيل سحب ، فهو من حيث الأصل نعمة من نعم الله التي لا تحصى وأما فيما يتعلق بأثره فهو سلاح ذو حدين قد يكون نعمة وقد يكون نقمة على صاحبه .
فإن استخدمه في الطاعة لله كقراءة القرآن والنصح للخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم كان نعمة على صاحبه وقد قال صلى الله عليه وسلم " وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " وإن لم يستعمله في الطاعة جرَّه للوقوع في الشر وارتكاب ما حرم الله كالغيبة والنميمة والزور والكذب والبهتان والتفريق بين المتحابين وانتهاك أعراض المسلمين وغير ذلك مما حرم الله ورسوله وكان نقمة على صاحبه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم"
وإلى تساؤل آخر عما قريب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .