من آفات اللسان النميمة وما أدراك ما النميمة ؟
النميمة:المشكلة الخطيرة أن هذه الآفات فسادها متعدد ، أي أنك عندما تسمعها على أنها من الكبائر ومعصية متعلقة بالشخص تكون هكذا علمت نصف الخطر ربما أقل من نصف الخطر ، لأن خطر النميمة أن فسادها متعدد ، ومن فضول الكلام ما نذكره المدح أيضًا هذه لا نستطيع أن نقول من الكبائر ولكن فسادها متعدد ، وفضول النظر أيضًا فساده متعدد ، فهذه الأمراض أو الآفات أو السموم خطيرة جدًا والمطلوب أن يشعر القلب بخطورة هذه الآفات ، ونسأل الله السلامة والعافية .
( قال الله تعالى:﴿ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾[القلم: 1] ، قال أهل التفسير: نزلت في الوليد بن المغيرة ،_أي هذا ذم ،_ وقال تعالى:﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾[المسد: 4] _قيل أنها نمامة حمالة للحديث_، وعن حذيفة t قال: قال رسول الله r: « لا يدخل الجنة نمام » ) رواه البخاري ، « لا يدخل الجنة نمام » لأنه مُبغوض هذا خلق لا يحبه مؤمن ويبغضه الله - تبارك وتعالى - .
( وعن ابن عباس y أن رسول الله r مر بقبرين فقال:« إنهما يُعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله » ، ففي قوله:« وما يُعذبان في كبير » ، قال أهل العلم: أي كبير في زعمهما ) ،1- أي هذا أمر استهانوا به ، 2-وقيل:« وما يُعذبان في كبير »: أي ليس في تركه كبير مشقة أي يسهل على الإنسان أن يتركه أو أن يحترز منه .
وقال r:« ألا أخبركم بشراراكم ؟ » ، قالوا: بلى قال:« المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرئاء العنت » « المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرئاء العنت » حتى تعلم أن الخطر متعدد ، وعن ابن مسعود t عنهما قال: « ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس » والعضه: أي البهتان الظلم .
( ومعنى النميمة: نقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء ) ،(فالنم خلق ذميم لأنه باعث للفتن ، وقاطع للصلات ، وزارع للحقد ، ومفرق للجماعات) والنميمة: (اسم يطلق على من ينم قول الغير إلى المقول فيه )، تقول: فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا، وليست النميمة مختصة به بل حدها كشف ما يكره كشفه.
الباعث على النميمة: ( إرادة السوء للمحكي عنه) بسبب حسد أو شيء في النفس ، (أو إظهار الحب للمحكي) إليه بسبب التقرب والتزلف ، واحد يريد أن يتقرب إلى شيخ أو إلى عالم فيتقرب إليه بنقل الأسرار وما يخفى عليه من الأمور يشعر بأن هذا الإنسان مخلص له وحريص وعنده ولاء له فيسمع منه الكلام فيأتي بالفساد المبين ،( أو التفرج بالحديث )والذي هو مرض النفس هو ينقل الكلام هذا هواية لديه ومرض في قلبه وفي نفسه (والخوض في الفضول والباطل ).
ومن نقلت إليه النميمة عليه ستة أمور:
الأمر الأول: (لا يصدق النمام ، لأن النمام فاسق) قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾[الحجرات: 6] ،
الأمر الثاني: تنهى النمام عن ذلك وتنصح له وتقبح عليه فعله .
الأمر الثالث: تبغضه في الله ، وهذا البغض يختلف من الشخص الذي ينم إليك ، شخص مريض وهذا صفة فيه وأنت أنه تعلم أنه يأتي يتقرب إليك بهذا الكلام لا هو صديقك ، ولا حبيبك في الله ، ولا أخوك في الله ، ولا تعلم عنه الخير ، لأنه لو هو حبيبك في الله وصديقك وأخوك في الله ويفعل هكذا قصده الغيرة وأنه تتأذى مما تتأذى أنت منه ، ولكن هذا استذله الشيطان وذكر النميمة ولكن بتلبيس ، فأنت لا تبغضه في الله ستكتفي بنصحه ولا تقبل كلامه .
الأمر الرابع: (لا تظن بأخيك الغائب الذي نقل النمام كلامه لا تظن به سوءًا ، قال تعالى:﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾[الحجرات: 12] ، وهذه حقيقة لا تعتقد أن هو مادام نقل إليك الكلام يكون صادق ومادام نقل لك الكلام يكون فعلًا حدث ، لا ، هذا تسعين في المائة من هذا الكلام يكون مرض وتكون كلمة نقلها بمعنى ما فهم ، يكون صاحب الكلمة قالها بمعنى وفهم منه معنى سوء فذهب نقل المعنى الذي فهمه أو زاد عليه عشر كلمات ، فكل هذا وارد فاحذر النمام .
الأمر الخامس: (ولا يحملك ما حكي لك على التجسس والبحث للتحقق منه لقوله U:﴿ ولَا تَجَسَّسُوا ﴾ ، أما قوله: ﴿ فَتَبَيَّنُوا ﴾: هذا إذا كان الكلام سيتخذ عليه قرار ، فلابد التبين لا تحكم إلا إذا تبينت ، أما إذا لم يكن هناك قرار وإنما المسألة أنك ستجتنبه أو تغضب أو غير ذلك ، لا تتجسس واعتبر أن هذا الكلام لم يحدث .
الأمر السادس:لا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه ، ولا تحكي نميمته فتكون نمامًا ومغتابًا ،_أي لا تقول فلان وتحكي نفس النميمة فإن هذا أيضًا من النميمة _ فليتق الله ذو الألسنة الحداد ولا ينطق إلا بما فيه الخير لخلق الله - تبارك وتعالى - ، تذكر النمام شيطان مثل الشيطان بالضبط مدخل النمام إليك هواك وطبعك يخدعك ، كما أن مدخل الشيطان إلى النفس الهوى والطبع ويخدع الإنسان ، فالنمام مخادع مثل الشيطان فأحذره ليس صديقًا ، ولا وليًا ، ولا محبًا .
الآثار في النميمة:
1-وقال الحسن: من نم إليك نم عليك )
2-( قال رجل لعمرو بن عبيد: إن الأسواري ما يزال يذكرك في قصصه بشر ، قال: يا هذا ما راعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ، ولا أديت حقيِ حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه: أن الموت يعمنا والقبر يضمنا ، والقيامة تجمعنا ، والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين).
3-( وروي أن سليمان بن عبد الملك كان جالسًا وعنده الزهري فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنك وقعت فيَّ وقلت كذا وكذا وكذا ، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت ، فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق ، فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقً ).
4-( وقال بعضهم: لو صح ما نقله النمام إليك لكان هو المجترئ بالشتم عليك ).
5-( ويروى أن عمر بن عبد العزيز دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل آخر فقال عمر: إن شئت حققنا هذا الأمر ، قال تعالى:﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾[الحجرات: 6] ، وإن كنت صادقًا ) أي أنت لو كنت كذاب ستكون فاسق ، ( وأن كنت صادقًا فأنت من أهل هذه الآية:﴿ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾[القلم: 11] ) أي أنت الآن إما صادق وإما كاذب ، كاذب تكون أنت فاسق ، صادق يكون أنت نمام ، ( وإن شئت عفونا عنك ، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا) .