تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تفريغ الدرس الأول من سلسلة (الوصايا قبل المنايا )للشيخ أبي إسحاق الحويني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    Arrow تفريغ الدرس الأول من سلسلة (الوصايا قبل المنايا )للشيخ أبي إسحاق الحويني

    سلسلة الوصايا قبل المنايا


    للشيخ أبي إسحاق الحويني


    الدرس الأول ( وصية نوح )

    إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرر أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
    ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(آل عمران: 102)
    ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( النساء:1).
    ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(الأحزاب: 70،71 ) .أما بعد.
    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    فهذه الخطبة وما يليها من خطب بعنوان: (الوصايا قبل المنايا) وأعني بالوصية: آخر ما تكلم به المرسلون والأنبياء والصالحون من أهل العلم أي هي الوصية عند الموت.
    والوصية معناها: العهد ، فلان أوصى لفلان أي عهد إليه ، وقد علمنا اللهU الوصية وأمرنا بها وعلمناها رسول اللهr وأمرنا بها وأكثر ما تكون الوصاة من الله على الوجوب إما لاجتناب محرم أو لفعل واجب ، قال تعالى:﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا ﴾(النساء:131).وقال تعالى:﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (الأنعام:151-153) .
    وقال تعالى:﴿وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾(الأحقاف:15)، ﴿ وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾(لقمان:14) ،﴿ وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾(العنكبوت:8).
    والنبيr يقول في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما: « ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين » وفي رواية خارج الصحيح « ثلاث ليالي إلا ووصيته مكتوبة عنده »
    « ما حق امرؤ مسلم »: أي ما يجمل بالمرء المسلم أن يبيت ليلتين وعنده شيء يريد أن يوصي به فلا يفعل، إن المنية يوشك أن تسبق الوصية إذا لم ينتبه الإنسان، النبي r استعاذ من موت الفجأة وقال:« موت الفجأة أخذة أَ سِف » كم من حسرات في بطون المقابر ألوف الموتى كان لهم أمنيات ، كان يريد أن يقول كلمة أخيرة قبل أن يموت ومع ذلك خرج ولم يعد ، ﴿ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾(يس:50) .
    « أخذة أسِف»: أي يموت المرء وعنده أسي وعنده حزن كان يريد أن يقول كلمة وأتته سكتة ، لأجل هذا لا ينبغي للعاقل أن يعيش بلا وصية، عادةً لا يوصي المرء إلا بما كان يعتقده في حياته ، ويعمل له في حياته فيريد أن يقدم خلاصة ما كان يعتقد لأولاده ، ولا يجد أعز من بنيه لكي يضع بينهم الوصية ، والموفق من وفقه الله ، والسعيد من كتب اللهU له السعادة .
    بعض الناس يوصي بأشياء عاش لها فعلًا لكنها كانت محرمة ، ممثل مشهور قرأت وصيته في الجرائد أوصي أن تخرج جنازته من المسرح القومي المقدس الذي أفني حياته كلها له ، وموسيقار آخر مشهور أوصي بأن يوضع العود في متحف ، لأن العود هذا الذي أفرز أعذب الألحان ، الذي أسعد به ملايين الناس فأوصي أن يوضع العود في متحف والناس يذهبوا مثل الحجر الأسود هكذا ويأخذوا منه البركات وينظروا إليه ويتذكروا هذا الإنسان .
    ورجل آخر مغني مشهور يوم الخميس الكبير ذهب ألوف كل واحد معه تسجيل ومعه شريط وكل واحد معه أغنية وشغلوا الأغاني عند القبر كل إنسان يعاقب بما فعل أو يجازي بما فعل ، السعيد من سَعِد في بطن أمه والشقي كذلك من شقي في بطن أمه ، تنظر إلي خير الناس الأنبياء والمرسلين ، كيف كانت حياتهم ؟ ، وما هو آخر شيء تكلموا به وأوصوا العباد به ؟!
    أقدم من علمته أوصي عند موته بالسند الصحيح إليه هو نوح u ونحن نتحرى فيما يتعلق بالأنبياء والمرسلين نتحرى الإسناد الصحيح ، وكذلك الصحابة ، ونتسامح في الأسانيد إذا كان في بعضها كلام عند التابعين وأهل العلم .
    أما وصية نوح u فرواها الإمام البخاري في كتاب (الأدب المفرد) ورواها الإمام أحمد في مسنده ، والبزار والطبراني بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص y قال:( كنا جلوسًا عند رسول اللهr فجاء رجل أعرابي من أهل البادية عليه تيجان مزرورة بديباج )
    تيجان: نوع من أنواع اللباس الأخضر. مزرورة بديباج: أي لها أزرار من حرير .أو مكفوفة: أي مزينة مطعمة بحرير .فلما رآها النبي r وكان أفرس الناس إذا رأي الرجل عرفه وقيمه ، فلما رآه قال: « هذا يريد أن يُرفع كل راع بن راع ويَضَع كل فارس بن فارس» أي الراعي والفارس بينهما مسافة .
    الفارس: كناية عن الرجل النبيل ، رجل فارس: أي رجل نبيل ، لماذا ؟ لأنه لم يكن يركب الفرس ، ولم يكن يقاتل علي الفرس إلا الشجعان والفرس أو الفارس مثل رأس الحربة مثل الذين يركبون الطائرات المقاتلة الطيار وبالأخص المقاتل أرفع من الذي يركب دبابة تجد سلاح الطيران أعلى في المرتبة وفي التقييم وفي المرتب من سلاح المشاة مع إن سلاح الطيران لا ينفع إلا بحماية أرضية ، لكن فيه ناس لهم الشهرة والصيت وناس عليهم العمى ، لكن أشتهر بين الناس أن الفارس كلمة تطلق علي الرجل النبيل ذي النسب .
    هذا رجل أتي يلبس طيلسان أخضر مزرور بديباج، ويظهر عليه علامات الكبر، فلما رآه النبيr بهذه الهيئة قال أن هذا الرجل أتي ليَضع أهل الفضل ويرفع الرعاع والسوق هو يريد أن يفعل ذلك « إن هذا يريد أن يرفع كل راع بن راع » ليس له نسب ولا لأبيه نسب ، وليس له كرامة ولا لأبيه كرامة وفي نفس الوقت يضع كل فارس بن فارس، ثم قام إليه فأخذه من جبته مغضبًا وقال له:« ألا أري عليك ثياب من لا يعقل » ثم تركه وجلس ثم قالr:« إن نوحًا لما حضرته الوفاة دعي ابنه » ، وفي رواية للإمام أحمد« دعي ابنيه» هكذا علي التثنية « فقال: إني قاصٌ عليكما الوصية» ، وفي لفظ لأحمد قال:« إني قاصر عليكما الوصية آمركما باثنتين وأنهاكما عن اثنتين» وكان كلامه نذر يسير قليل لأنه في موقف لا يحتاج كثير كلام ، والسعيد من وفق إلي إيجاز ما يريد بأقل الألفاظ .
    قال:« إني قاص عليكما الوصية آمركما باثنتين وأنهاكما عن اثنتين: آمركما بلا إله إلا الله » هكذا عاش لها ، ومن أجلها أرسله الله ، وأنزل عليه الكتاب وعالج الناس أشد المعالجة ومضي إلي الله وليس له من الأرض إلا حفنة من المؤمنين به « آمركما بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضيين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله ، ولو أن السماوات والأرض كن حلقة مبهمة » ليست مفرغة من الداخل « مبهمة لَقَسَمَتهُنَّ لا إله إلا الله ، وآمركما بسبحان الله وبحمده فهي صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق ، وأنهاكما عن اثنتين ، عن الشرك والكبر» .
    فقال رجل: يا رسول الله إن الرجل منا يحب أن يكون له نعلان حسنتان أو قال شراكان حسنان أفهذا كبر؟ قال: «لا» ، قال: فإن الرجل منا يحب أن يكون ثوبه حسنًا أهذا كبر؟ قال: «لا» ، قال: فإن الرجل منا يحب أن يكون له دابة حسنة فهذا كبر؟ قال: «لا» ، قال: فإن الرجل منا يحب أن يكون له أناس يجلسون إليه أهذا كبر؟ قال: لا ، قالوا: فما الكبر ؟! قال:« الكبر بطر الحق أو سفه الحق وغمط الناس » .
    ثنتان أمر بهما نوح ابنه أو ابنيه لا إله إلا الله ، أي اعملوا بها وقاتلوا لأجلها فهي تستحق ذلك ، إياك أن ترفع عنك شعار الغُربة طمعًا في الأمان تحلق لحيتك لأنك خائف لا تفعلها إنها شعار الغرباء ، والغربة شرف لا يُعَير بأنه غريب إنما يُمدَح بذلك قال النبيr:« إن الإسلام بدأ غريبًا » وليس أهل الإسلام « إن الإسلام » يعطيك دفعة حتى تشعر بالشرف الدين نفسه « بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبي للغرباء» ﴿ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ ﴾(الرعد:29) .
    وفي الخبر الصحيح أن النبي r قال:« إن في الجنة شجرة يسير الراكب» الذي يركب الجواد المضمر « في ظلها مائة عام لا يقطعها » قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾(الواقعة:30) شجرة واحدة لو ركبت جوادك الذي أعددته للسباق وانطلقت به بأقصى سرعة تظل تجري في ظل شجرة واحدة مائة عام ولا تصل إلي آخر الظل ، أعدها الله U لمن يحملون شعار الغربة لا إله إلا الله تستحق ذلك ، وتستحق أن تضحي بنفسك ومالك وأهلك وأعز ما تملك لأنها أعظم من ذلك وإن فعلت ، ولا تؤدي حقها أبدًا حتى وإن فعلت ذلك .
    لو تصورنا أن رجلًا ضحي بكل ما ذكرت فإنه لا يستطيع أن يوفي حق لا إله إلا الله بها قامت السماوات والأرض ، ولها أنزل الله الكتب ، وبعث الرسل ، وكُل كلامه الذي أنزله إلي الأرض وشَرَّفَ الأرض به إنما هو لإقامة هذه الكلمة الجليلة ولجلالتها ولعظمتها لو تلفظ بها إنسان في آخر حياته يكافأ بأن يدخل الجنة .
    كيف لا ؟ وهو الذي يعاملنا بالكرم وبالفضل ولو أن رجلًا ملأ الأرض طولًا وعرضًا ووصل إلي عنان السماء وما ترك معصية إلا فعلها ثم رجع إليه قَبِل ولا يعاتبه ، وإن أسقط ذنبه لا يعيد عليه السؤال مرة أخري ، من مثله ؟! له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لماذا تشتد هربًا منه وهو هو في عليائه وكبريائه وأنت أنت ؟
    رأي مطرف بن عبدالله بن الشخير المهلب وكان رجلا له شارة حسنة وكان رجل من الأكابر، والأكابر هؤلاء يعلموا أولادهم ويورثوا أولادهم داء العظمة يعلمه كيف يمشي ، وكيف يأكل ، وكيف يتعامل ، فنهاه عن ذلك ، فالتفت إليه المهلب مستنكرًا قال: ألا تعرفني ؟! قال: نعم ، أعرفك أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل العذرة العَذِرَة: هي فضلات البطن ،فقل لي: ما هو مسوغ الكبر عندك؟ وقد خلقت عبدًا رغم أنفك فاستحيا المهلب .
    ومثل ذلك عمر بن عبد العزيز عندما كان آباؤه يعدوه للخلافة فيعلموه مشية الخليفة ،فنهاه أظن واحد من الصحابة أو واحد من كبار التابعين .فقال له: والله إن كل عضو فيَّ ضُرِب لأتعلم هذه المشية ،.
    (لا إله إلا الله): ليست كلمة تقال لأجلها خرج الصحابة ، ولأجلها أوذيَ النبي r تركوا الديار والأموال ، وترك الدار من أعظم المصائب قرنها الله U بالقتل قال تعالي:﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ ﴾(النساء:66) ، فقرن ما بين القتل والخروج من الدار ، خرجوا من الديار وتركوها وطوحوا بها خلف ظهورهم فداءً لله ورسوله ، وما ندموا علي شيء من ذلك .
    مِصعَب بن عمير: الشاب المنعم الذي كان فراشه من الحرير الخالص وكان مدللًا غاية التدليل ، خرج سفيرًا لدينه غريبًا ، وذهب إلي المدينة يسبق النبي rداعيًا لما مات لم يجدوا بردة يواروه بها إن غطوا رأسه بدا رجلاه ، وإن غطوا رجليه بدا رأسه ، تذكره عبد الرحمن بن عوف كما في صحيح البخاري، تذكر مصعب بن عمير ، وكان صائمًا وقرب إليه الإفطار ليفطر فتذكر هؤلاء الصحبة الذين ماتوا في سبيل الله فقال:( قُتِل مصعب بن عمير وكان خيرًا مني ، وقتل حمزة وكان خيرًا مني ، ثم بُسِطَت لنا الدنيا ماتوا ولم يأكلوا من أجورهم شيئًا ثم بُسِطَت لنا الدنيا فمازال يذكرهم ويبكي حتى ترك الطعام ) .هؤلاء ما أخرجهم من ديارهم إلا هذه الكلمة المعظمة الشريفة التي قامت بها السموات والأرض .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ الدرس الأول من سلسلة (الوصايا قبل المنايا )للشيخ أبي إسحاق الحويني

    لا إله إلا الله: هي الأمانة التي أشار إليها رب العالمين في قوله- تبارك وتعالى-:﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ﴾(الأحزاب:72) ، ﴿ َأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ لأنها صعبة ولها تكاليف صعبه ﴿ وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ﴾ ، لم يعرف قدر نفسه فلم يعرف قدر الكلمة .
    لا إله إلا الله: من عظمتها أن تطيش السموات والأرض في مقابلها ، فكيف بذنوب حتى وإن ملأت السموات والأرض ؟روى الترمذي وغيره أن النبيr قال:« يصاح برجل بين يدي الخلائق يوم القيامة » يصرخ عليه وذلك اليوم كما قال اللهU:﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾(هود:103) ، يصاح بهذا الرجل على رؤوس الخلائق وتؤتى بالسجلات التي كتبت فيها ذنوبه تسعة وتسعون سجلًا ، كل سجل مد البصر طولًا وعرضًا ، الورقة طولها منتهى بصرك وعرضها منتهى بصرك وتسعة وتسعون دفتر ، فيقول اللهU: « انظر هل تنكر شيئًا مما فيها ؟ كتبنا عليك شيئًا لم تفعله ؟ فيقول: لا ، فيساق إلى النار ، وقد علم أنه من أهل النار .فيقول الله U للملائكة ردوه ، ثم يقول له: عبدي إنه لا يظلم عندي اليوم أحد ، وإن لك عندنا بطاقة »، بطاقة مثل كف اليد ، فالرجل ف نفسه يقول وما بطاقة في مقابل تسعة وتسعون سجلًا المسألة عند الله مسألة موازين ، تسع وتسعين دفتر في كفة وبطاقة في كفة ، وإذا مكتوبٌ في البطاقة لا إله إلا الله .
    فتوضع البطاقة في كفة فترجح بالسجلات كلها ، قالr« ولا يرجح باسم الله شيء »، وهذه بطاقة لكن فيها الكلمة التي قامت بها السموات والأرض . نأ
    والكلمة الثانية:قال:« وآمركما بسبحان الله وبحمده فهي صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق » .سبحان الله:أي أنزه الله، عن النقائص وعن الشبيه وعن الند وعن النظير ، كل شيء يخطر ببالك فالله أجل من ذلك ، وليس معنى هذا أن ننفى ما أثبته الله U لنفسه بدعوى التنزيه ، فإن أناسًا ضلوا في باب الأسماء والصفات بهذا .
    له وجه يقول: لا ، ليس له وجه ، لأن معنى إثبات الوجه له فأنا شبهته بخلقه فيكون ليس له وجه ، نقول: لا كذبوا بل له وجه كما قال الله لكن ليس كوجوهنا ، وله يد ليست كأيدينا وله سمع لا كسمعنا وله بصر لا كبصرنا ، وهو سميع بسمع ، بصير ببصر، عليم بعلم ، قدير بقدرة كما أثبت السلف .
    كثير من الناس يقول السلف كانوا يفوضون ، وهذا غلط ، لا نعلم أحدًا من السلف كان يفوض ، ما هو التفويض هذا ؟
    التفويض :عندهم هو إثبات اللفظ بلا معنى ، أي كلمة ليس لها معنى وجه الله ، قال فوض ، وما معنى فوض ؟ أي لا نفهم معنى وجه الله لكن له وجه لكن لا نعرف معنى وجه الله ، ففرغوا الكلام من محتواها كان السلف يمررون اللفظ وفرق بين التمرير والتفويض .
    تمرير اللفظ: إثبات معناه على الكيفية التي تليق بالله ، وليس أننا نثبت اللفظ ونقول أننا لا نعرف له معنى ، لا ، سبحان الله ننزهه عن النقائص كما شرفك بالعبودية فأنت تنزهه بالإلوهية .
    سئل بعض الواعظين في مجلس وعظه عن معنى الإضافة في قوله تعالى:﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ﴾(الزمر:53) الإضافة في:﴿يَا عِبَادِيَ﴾ أي إضافة العباد إلى الله ما سرها ؟:﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ﴾ ،﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾(الزمر:17) ، فأنشد قول الشاعر:

    وهَانَ عَلَيَّ اللَّومُ في جَنبِ حُبِهَا
    وقَول الأَعَادِي إنَّهُ لَخَلِيعُ
    أَصمُ إذا نُوديتُ بِاسمي وإننَي
    إذا قِيلَ لِي يَا عَبدَها لَسمِيعُ
    فضج المجلس بالبكاء ، لأنهم فهموا المقصود وهذا أبلغ من أن يفسره .
    وهَانَ عَلَيَّ اللَّومُ في جَنبِ حُبِهَا
    وقَول الأَعَادِي إنَّهُ لَخَلِيعُ
    وقَول الأَعَادِي: أي وهان علي قول الأعادي إنَّهُ لَخَلِيعُ.
    أَصمُ إذا نُوديتُ بِاسمي وأننَي
    إذا قِيلَ لِي يَا عَبدَها لَسمِيعُ
    أراد أن يقول: حظ نفسي هدر بجنبه ، هو مقدم إذا قيل لي يا عبده أنا أسمع لأنني أحبه ، والأصم لو كان محبًا لسمع بقلبه .إن الأصم يفهم وهذه لغة الحب وهي أرقى أنواع التعامل أن نتعامل بلغة الحب ، .
    أَصمُ إذا نُوديتُ بِاسمي وأننَي
    إذا قِيلَ لِي يَا عَبدَها لَسمِيعُ

    فالمعنى الذي أراد أن يقوله إن التشريف تشريف الإضافة في كلمة ﴿عِبَادِيَ﴾ إنما أراد أن يرفع مقامك بنسبتك إليه ، هذا هو المعنى ، وكما أنه رفعك لما نسبك إليه نزهه بالإلوهية ، ولا تنسب إليه نقيصةً أبدًا ، وانحز إلى جنبه إذا خيرت بينه وبين غيره ، وأنا أحلف بالله غير حانث ولا أستثني فأقول إن شاء الله بل أقولها جازمًا بها أنك لو خيرت بينه وبين غيره فانحزت إليه فأنت منصور .
    لا يلحقك غبار هزيمةٍ أبدًا فضلًا عن وقوع الهزيمة بك ، لا تكن كالذين غضب الله عليهم فقال فيهم وفي أجناسهم:﴿ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾(الفرقان:55) كلما رأى عدوًا لله تعاون معه .
    سبحان الله وبحمده: ثبت فيها حديث جليل ومبشر وفيه أجر عظيم ، قالr:« كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم »
    « خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن » ، لأجل هذا أقول مُذَكِرًا التزموا ألفاظ النبيr في الدعاء ، إذا أردت أن تدعوا ربك بكل ما تريد التزم الأذكار التي سنها لنا النبيr ، لأن النبيr أوتي جوامع الكلم ، ثم هو معلم من قبل الله ما ينطق قط فيما يتعلق بالشرع إلا بتعليم ربه .
    فهذه الأذكار اختارها الله له وأمره أن يذكره بها فهي إذًا أحب الكلام إلى الله وأنت مهما اجتهدت في أن تأتي بألفاظ جامعة لما في نفسك لا تستطيع أن تقول ما قاله النبيr ، فلما تحيد عنها ؟ وهي أحب الكلام أيضًا إلى الله لذلك اختارها رسول اللهr ودعا بها ، قال في دعاء واحد جمع كل أدعيتة ولم يغادر منها دعاءً واحدًا قال: قل« اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه نبيك محمدr وأستعيذ بك من كل شر استعاذك منه نبيك محمدr » .
    فقل لي هل غادرت هذه الدعوة شيئًا ، إنه ما دعا إلا بخير أو بدفع شر فإذا قلت هذا جمعت كل ما قاله في حياته المباركة .
    « حبيبتان إلى الرحمن » هو الذي علمها للنبيr ، فإذا قلت كلامًا حبيبًا إليه نظر لك وغفر لك ، ولله المثل الأعلى كما يقال لأحدنا في الدنيا بكلام هو يحبه ، مثل ما جرير بن عطيه الشاعر المشهور الذي كان بينه وبين الفرزدق مناقضات ، (مناقضات جرير والفرزدق) ، هذا الرجل قال بيتًا في المدح لا أعلم له نظيرًا ،.ومنذ أيام اطلعت على حكاية هذا البيت فعلمت أنني أصبت في ذوقي ،لما قرأت هذا البيت ، هذا البيت قاله جرير لعبد الملك بن مروان أمير المؤمنين يمدحه .قال:

    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي
    حتى قال الأصمعي أظن قال: هذا أمدح بيت قالته العرب .
    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي

    بطن الرحى: بطن اليد ، لأن الإنسان إنما يعطي العطايا ببطن يده والراح: أي الراحة راحة اليد وصفحتها وبطنها ، لما أنشد جرير بن عطيه لعبد الملك وكان متكئًا فجلس وقال من كان مادحنا فليمدحنا بمثل هذا .
    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي
    فلما تقول كلامًا حبيبًا لأي إنسان تَستَمِيل قلبه وتَسِلُ سَخِيمة صدره عليك إذا كان غاضبًا ولله المثل الأعلى فكيف لو قلت كلامًا حبيبًا إليه هو يحبه وهو الذي علمه نبيهr ومنه هذه الكلمة العظيمة « سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم » .
    انتهى الدرس الأول أختكم أم محمد الظن
    http://www.islamup.com/download.php?id=140195
    الدرس ملف ورد
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: تفريغ الدرس الأول من سلسلة (الوصايا قبل المنايا )للشيخ أبي إسحاق الحويني

    جزاكم الله خيرا
    جهد مشكور .. وسعي مأجور .. إن شاء الله
    في انتظار باقي السلسلة
    روى البيهقي في مناقب الشافعي (1/334)
    قال الشافعي -رحمه الله- { ناظرت محمد بن الحسن في الشفق، فقال الأبيض ،وقلت الأحمر، فلم أرض حتى نظرت فإذا هو الأحمر }

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ الدرس الأول من سلسلة (الوصايا قبل المنايا )للشيخ أبي إسحاق الحويني

    ان شاء الله قريبا لأنني أعمل في أكثر من عمل في آن واحد فالجهد موزع فتابعنا ان شاء الله
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •