تفردت يالله بالبقاء، وكتبت على غيرك الفناء، لك العزة والكبرياء، ولك أجل الصفات وأحسن الأسماء أنت عالم الغيب البريء من كل عيب، تكتب المقدور، وتعلم ما في الصدور وتبعثر ما في القبور، وأنت الحاكم يوم النشور:



أرواحنا يارب فوق أكفنا .. لم نخش طاغوتا يحاربنا
ولو كنا نرى الأصنام من ذهب .. نرجوا ثوابك مغنما وجوارا
نصبُ المنايا حولنا أسوارا .. فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا

سلام على ليبيا في الآخرين كذلك نجزي المحسنين، فهي مداد المجاهدين، وسلة خبز للجائعين، ومقبرة المرتزقة المستعمرين أهلك الله أعداءها ثم قال: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}.

لطالما سارت إلى تحرير ليبيا أحلامي وأشواقي وهلّ دمعي فصرت الشارب الساقي، وفي ضلوعي أحاديث مرتلة غاية آمالي وترياقي.

في ليبيا القافية السائرة، والجملة الساحرة، والمقالة الآسرة، والفكرة العاطرة، عالم من الجنود والبنود والوفود.

هذه ليبيا يا سادة، دنيا للقيادة، أهل الإفادة والرفادة، كوكبة العصر وكتيبة النصر وإيوان القصر، هنا الدهر يكتب من ذكرياته فنونا، هنا التاريخ يبث من صوره شجونا، هنا الجمال يسكب من إنائه فتونا.

في ليبيا من كل مكان، سحق الطغيان ومزق جنود الشيطان، وأحرقت وثيقة الزور والبهتان، وارتفعت ملة الرحمن.

قتل الكذاب الأشر، صاحب الفكر الأخضر، الذي لطالما من غوغاويته مسَّنا الضر.
انتهت خرافة ملك الملوك، ظن بغبائه أنه لاهوت تجسد في ناسوت، ألا يعلم أنه مثل الذبابة، جفا القرابة، وسب الصحابة، ارتكب الكبيرة، وأتى الجريرة، كيف يهمل الرسول والأصول وأهل المنقول والعقول كيف يبني القصر من غير أسس، ويقيم الجسم بلا رأس، يريد المسجد بلا محراب، والمدرسة بلا كتاب، حُكمهُ بين ولاية وعزل، وأسر وقتل، أسقط الرئيس والمرؤوس وقتل العريس والعروس، هدر الأعمار وعطّل الأفكار وخلى الديار.

أبدا ولا يهنى بعيش ناعم .. دنيا متى ما أضحكت في يومها

أبكت غدا من قاتل أو هادم. وأمَّا عظماؤنا مابين مقتول ومذبوح وأسير ومبطوح ومضروب ومجروح:

وما مات منا سيدٌ حتف أنفه .. ولكن بحد السيف في الروع نقتل

إذا لم يبدأ التاريخ بنا فاعلم أنه منكوس، وإذا لم يثن علينا سفر المكارم فاعلم أنه منحوس:

إبدأ بنا في رأس كل صحيفة .. أسماؤنا في أصلها عنوانُ
وإذا كتبت رواية شرقية .. فحديثنا من ضمنها تيجانُ

اسأل السماء والضياء والهواء والماء عن معالينا .. واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
لم نهب بارجة ولا دبابة، صدورنا واقي لكل رصاصة، كأنها نجوم تسقط وكواكب تهبط، ونيازك تلتهب ترمي بشرر ولهب.
رجال تكاد الأسود أن تقول من شجاعتهم رفقا يا ناس، ويكاد السحاب ينادي جبالها لا مساس.
الفراق صعب ودموع الأحباب تخونهم عند فراق الحبيب سوف يودع العالم الرئيس اللامع طيب الذكر السيرة والسريرة الرئيس المجدد الموفق معمر القذافي فتذكرت قول ابن زيدون:
ودّع الصبرُ محبا ودّعك .. ذائعا من سره ما استودعك
سوف يترك الرئاسة والبلطجية ويذهب وقد ترك العالم في حيرة بعد إنجازات لم يسبقه إليها أحد، دمر الاقتصاد وقطع جسور العلاقات وأعان في خراب العرب ودعم العصابات، سجن الأبرياء، ويتم الأطفال والضعفاء، ورمل النساء، عذب الشرفاء وخذل الأوفياء وخالف النصحاء وأطاع الأغبياء.
قد نبأه شيطانه أنه سوف يستقبله العالم حتى في أواخر عمره بالباقات والهتافات، فإذا هو يستقبل بالجزمات وغضب الأحياء والأموات وصرخات الأمهات.
وعزاء القذافي السمعة الحسنة والذكر الجميل والحب الذي زرعه في القلوب واقترح عند موته أن يحنط ويوضع بجانب فرعون في الأهرامات ليكون لمن بعده آية.
ياله من مسكين، ياله من جرذ حقير، جعلنا نتيهُ في الأرض أربعين سنة بئسا له من سلالة قوم فاسقين.
كثيرا ماكنت أقول في عهد المغلول، وا أسفي على منهج يوسف، في هذا الواقع المؤسف، صور عارية وكأس وجارية وربا وشهوات سارية، كلها تقول (هيت لك) وليس عند الجيل صرخة معاذ الله.

الآن حصحص الحق، وبان الفرق، فيا شباب الصدق، قولوا في أحسن نطق معاذ الله وانصرنا يا الله.

يا أصحاب الهمة الهمة، يا صاحب الفطن، تريد أن تدخل الجنة بلا ثمن، يامن يريدون الغروس والعروس ابذلوا النفوس وقدموا الرؤوس.

سوف يرى العالم من ليبيا عروبة صريحة، صراحة اللبن المذاب، والسنة فصيحة فصاحة الفجر الجذاب.

بديهتهم أسرع من الضوء إذا سرى
وذاكرتهم أغزر من السيل إذا جرى

ما قطر اللا إلحاد في ديارهم قطرة، لأنهم على الفطرة
من الآن ليبيا شجرة زيتونة لاشرقية ولاغربية بل نور على نور ثمرة واحدة وأصل واحد.
صبرٌ جميل والله المستعان، ألا إن نصر الله قريب، شدوا الوثاق لا منا ولا فداء.
أهلي تفضلوا الشكر مني والإشادة وخذوا من القلب حبهُ ووداده.

ثمن المجد دم جدْنا به .. فاسأل كيف دفعنا الثمنا

إلى هنا ما لنا إلا أن نودع معمر وعزاؤنا في فراقك دعاء منا لك بظاهر الغيب وذكرى جميلة لن ننساها لك وتاريخ مشرق يبقى لك أبد الدهر. والآن مت متى شئت، فالموت أستر والقبر أجدر..!!