ترجمة الامام النووى

هو أستاذ المتأخرين وحجة الله على اللاحقين ، وما رأت العين أزهد منه فى يقظة ولا منام ، ولا عاينت أكثر اتباعاً منه لطرق السالفين من أمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام .

محرر المذهب ومهذبه ومحققه ومرتبه ، إمام أهل عصره علماً وعبادةً سيد أوانه ورعاً وسيادةً وحوى من العلم والفضل ما حوى وبلغ ما نوى أثنى عليه الموافق والمخالف وقبل كلامه النائي والألفُ وشاع ثناؤه الحسن بين المذاهب .

وأتى دمشق متلقياً للأخذ من علمائها ، متقللاً من عيشها حتى كاد يعف فلا يشرب من مائها

الصوّام القّوام الزاهد فى الدنيا الراغب فى الآخرة .

الشيخ محى الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرى بن حسن بن حسينبن محمد بن جمعة بن حِزام الحزامى النواوى ثم الدمشقى ثم الشافعى

· فوائده:

1. تلقيبه بـ ( محى الدين ) لا ينافى ما نقل عنه أنه قال لا أجعل فى حل من يُسمينى بـ محى الدين . لأن ذلك إنما من باب التواضع . ومن ثمّ أن من صرح بأن مدحه بحق يؤديه لا يحرم مكره وليس هو من قولهم الغيبه لأن مرادهم الظاهر بما هو يكره . ما يكره عرفاً

أما إن كره الثناء بحق فلا يلتفت إلى كراهته لذلك وإن لم يكن من باب التواضع فإنه حين إذ بالعبث أشبه ، كذا ذكر إبراهيم بن عُليّه

2. نواوى نسبة إلى نوى قرية من قرى دمشق ونواوى بالألف على غير القياس . ونوى هى الأن الجولان

* مولده : ولد فى العشر الأول من المحرم سنة أحدى وثلاثين وستمائة

* ولد بنوى من قرى دمشق

* طلبه للعلم : ختم القرآن وقد ناهز الأحتلام .

قال بن العطار : فلما كان عمرى تسع عشرة سنة قدم بى والدى إلى دمشق سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية , وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبى إلى الأرض ، وكان قوتى فيها جرايت المدرسة لا غير .

قال : وحفظت التنبيه فى أربعة أشهر ونصف وحفظت ربع المهذب فى باقى السنة

قال : ولما قرأت قول التنبيه : يجب الغسل من إيلاج الحشفة كنت أظن أنها قرقرة الجوف ، فقعدت منها مدة أغتسل منها بالماء البارد وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا الامام العالم الزاهد إسحاق بن أحمد بن عثمان

قال : كنت أقرأ كل يوم أثنى عشر درساً على المشايخ شرحاً ( درسين فى الوسيط ودرساً فى المهذب ، ودرساً فى الجمع بين الصحيحن ، درساً فى صحيح مسلم ، ودرساً فى اللمع لابن جنى ودرساً فى إصلاح المنطق لابن السكيك فى اللغة ودرساً فى التصريف ، ودرساً فى أصول الفقه ، ودرساً فى أسماء الرجال ، درساً فى أصول الدين ) وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مُشكَل ووضوح عبارة وضبط لغة .

قال : وخطر لى الاشتغال فى علم الطب فاشتريت كتاب القانون وعزمت على الاشتغال بشىء ففكرت فى أمرى وأين دخل علىّ الداخل فألهمنى الله تعالى أن سببه اشتغالى بالطب فبعت فى الحال الكتاب المذكور وأخرجت من بيتى كل ما يتعلق بالطب فاستنار قلبي ورجع إلىّ حالى وعدت إلى ماكنت عليه أولاً .

· حاله مع ذكر الله :

إذ نشطنى الله تعالى وعافانى من الحمى فاشتاقت نفسي ، إلى الذكر فجعلت أسبح ، فبينا أنا كذلك بين الجهر والإسرار ، إذا شيخ حسن الصورة جميل المنظر يتوضأ على حافة البركة وقت نصف الليل أو قريب منه ، فلما فما فرغ من وضوئه آتانى وقال لى يا ولدى ، لا تذكر الله تعالى تشوش على والدك وأخوتك ومن فى هذه المدرسة ، فقلت : يا شيخ من أنت ؟ فقال أنا ناصح لك ودعنى أكون من كنت فوقع فى نفسى أنه أبليس . فقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ورفعت صوتى بالتسبيح ، فأعرض عنى ومشى إلى ناحية باب المدرسة فأنبهت والدي والجماعة على صوتى فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلاً ، وفتشتها ، فلم أجد فيها أحد غير من كان فيها فقال لى والدى : يا يحيى ما خبرك فأخبرته الخبر ، فجعلوا يتعجبون ، قعدنا كلنا نسبح ونذكر0

حرصه على الوقت .

· قال بن العطار : ذكر لى أنه لا يضيع وقت فى ليل ولا نهار إلا فى وطيفة من الاشتغال بالعلم حتى فى ذهابه فى الطريق ومجيئه ، يشتغل فى تكرار ومطالعة وأنه بقى على التحصيل على هذا الوجه نحو سن ستين ثم اشتغل بالتصنيف والاشتغال والافادة

· مواقفه : قال الكمال الأدفوى فى البدر السافر ونوزع مرة فى النقل على الوسيط فقال : أتنازعونى وقد طالعته أربعمائة مرة ؟

ووافق الملك الظاهر بيبرس لما ورد دمشق في أمور ، فظن أنه من أصحاب الوظائف ليعزله ، فذكر له حاله فقال ، وكان بعد ذلك يقول إنى أفزع منه

وكان لا يدخل الحمام ولا يأكل فى اليوم إلا أكلة واحدة بعد العشاء ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر ولا يشرب المبرد أى الملقى فيه الثلج ولم يتزوج



· شيوخه :

1. الامام جمال الدين بن مالك

2. إبراهيم بن عيسى المرادى

3. أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسى

4. الضياء بن تمام الحنفى

5. أبو زكريا يحيى بن أبو الفتح الصيرفى

6. أبو الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر المقدسى

· تلاميذه :

1. علاء الدين بن العطار

2. شمس الدين بن النقيب

3. شمس الدين بن جعوان

4. الحافظ جمال الدين المزى

5. بدر الدين بن جماعة

6. أبو العباس بن فرج الاشبيلى

· مصنفاته :

· فمن أشهر ما صنفه الإمام

1. الروضة مختصر الشرح الكبير للرافعى

2. شرح صحيح مسلم سماه المنهاج

3. رياض الصالحين

4. تهذيب الأسماء واللغات

5. التبيان فى آداب حملة القرأن

6. التقريب

7. المجموع شرح المهذب ولم يكمله

8. وله شرح علي البخاري وعلي سنن أبي داود ولم يتما

· عقيدته :

قد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والأفتاء ( المجلد الثالث مجـ 163 ) فتوى رقم

( 4264 ) .

بالنسبة للامام النووى بعض الأخوة يقول أنه أشعرى فى الأسماء والصفات فهل يصح هذا ؟ وما الدليل ؟ وهل يصح التكلم فى حق العلماء بهذه الصورة ؟

الإجابة :

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد له أغلاط فى الصفات سلك فيها مسلك المؤولين وأخطأ فى ذلك فلا يقتدى به فى ذلك بل الواجب التمسك بقول أهل السنة وهو إثبات الأسماء والصفات الواردة فى الكتاب العزيز والسنة المطهرة والإيمان بذلك على الوجه اللائق بالله جل وعلى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل عملاً بقله تعالى " ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ".

وقال الشيخ مقبل فى غارة الاشرطة " عندما شئل عن النووى وابن حجر رحمهما الله أنهما مؤلين للأسماء والصفات .
مسلسل
الصفة
تأويل النووى
1
الوجه
الذات
2
الضحك
رضاه ومحبته
3
الساق
الاهتمام أو النور
4
اين الله ؟فى السماء
ليست على ظاهره بل متأوله
5
الحب
الخير
6
البغض
الشر
7
النزول
رحمته وأمره وملائكته
8
اليمين
القبول والرضا
9
كف الرحمن
كف الّذى تدفع إليه الصدقة
10
يداه
نعمتاه
11
يبسط يداه
قبول التوبة





ثم تبين بعد ذلك أن الإمام عاد عن ذلك وانقلب الى عقيدة اهل السنة والجماعة وأثبته فى كتابه "ذكر اعتقاد السلف فى الحروف والاصوات " وقد كتبه قبل موته بما يقرب من شهرين وذلك فى شهر ربيع الأخر سنة 676هـ .ونقل فيه مذهب أهل السنة والجماعة قائلا:

"نحن من ديننا التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمةالحديث المشهورين ونؤمن بجميع أحاديث الصفات لا نزيد على ذلك شيئاً ولا ننقص منه شيئاً،كحديث قصة الدجال وقوله فيه "وإن ربكم ليس بأعور" إلى أن قال وما أشبه هذه الاحاديث جميعها كما جاءتبها الرواية من غير كشف عن تأويلها وأن نمرها كما جاءت".

وقال "وأشباه ذلك من آيات الصفات ولانتأولها ولانكشف عنها,بل نكف عن ذلك كما كف عنه السلف الصالح .ونؤمن بأن الله على عرشه كما كما أخبر فى كتابه العزيز ولا نقول هو فى كل مكان بل هو فى السماء وعلمه فى كل مكان ,لا يخلوا منه مكان كما قال"أمنتم من فى السماء......."ص 80,81 .

مات رحمه الله تعالى على المذهب السلفى منهج أهل السنة والجماعة وكل ما نقل عنه فى القديم يصرف إلى ما مات عليه ويرد عليه وينسب إليه الجديد دون القديم .

ومن الاستزادة فعليه الرجوع إلي الكتاب المذكور .



وفاته :

توفى في ليلة الأربعاء ...... من رجب سنة 676 ست وسبعين وستمائة ودفن ببلده .

كتبه

خالد جميل السيد