تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سماع " القرآن الكريم " بإلإيقاع الموسيقي !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    23

    افتراضي سماع " القرآن الكريم " بإلإيقاع الموسيقي !

    نشهد اليوم وفي الآونة الأخيرة قيام بعض المحافل التي ترعاها بعض المؤسسات الإعلامية اليوم وبعض المراكز الإسلامية بإقامة المسابقات على طريقة قراءة القرآن على (المقامات الموسيقية ) أو (المقامات العربية ) او ما يسمى بـ "قانون النغم" ، وهذا إنما هو ضرب من الإنحراف التي تعانيه الأمة تجاه كتابها العظيم ، حتى تشكلت وتنوعت صور الإنحراف في تلاوة هذا الكتاب على كثرة صور الهجر الكثيرة حتى أصبح هذا القرآن وكأنما قد وضع للحفظ فقط ، أو للمناحات والمآتم أو أصواتا للطرب والتغني على وفق تلك المقامات !

    ولا جرم ان ما يحصل اليوم من أداء لقراءات القرآن في بعض المحافل على هيئة مسابقات تكون الغلبة لمن يتقن القراءة على المقام الموسيقي المتبارى فيه كالمقامات المشهورة التالية :
    مقام "البيَّاتي" : أي أساس النغمات .
    ومقام "الرَّاست" : أي القوة والحماسة .
    ومقام "الصَّبا" : أي الحُزن والشَّجَى .
    وغيرها من المقامات المعروفة عند هؤلاء ، إنما هو من تسويل الشيطان للصد عن العمل بهذا الكتاب العظيم ،.


    وبالرغم من أننا نرى اليوم آيات الله تتلى كثيرا في الإذاعات والقنوات الفضائية والمساجد والمحافل إلا أن الأمر لا يتوقف على تلاوته بقدر ما يتوقف على تدبره والعمل به ، وكما قال الحسن البصري رحمه الله : "نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به ؛ فاتخذوا تلاوته عملاً "
    أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به .


    لقد كثر في هذا الزمان من يقرؤون القرآن ، لكن هل كانت قراءتهم على ما كان عليه السلف من الحال والكيفية التي كانوا يقرأون بها .

    وإننا نرى أن على العلماء كفل من تحمل تبعات البلاغ ، والإنكار على مثل هذه المحافل والمسابقات .

    إن من المحزن جدا أن يقرأ القرآن بقراءاته ولا يتدبر معانيه ، ويتجمل به ولا يتأمل فيه .
    وما أشد قصور الأمة في استلهام قضاياه ، وتفعيلها في واقع الحياة واسقاطها على مستجداتها .

    وما زال جهلة المسلمين يتخذون ذرائع شتى لكل انحراف بأحاديث يتأولونها على غير مراد الله ومراد رسوله وفهم سلف الأمة من الصحابة ومن بعدهم ، فكان مدخل هذا التوسع لهذا التغني والتلحين هو احتجاجهم بهذا الحديث ( ليس منا من لم يتغنى بالقرآن ) ..
    أو الحديث الذي بلفظ مسلم (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به ). مع أن العلماء فسروا هذا الحديث وغيره بالترتيل والجهر به والتحسين له وليس بأن تكون وفق تلك المقامات المبتدعة .
    وقالوا غن قوله (أذن لنبي ) أي استمع إليه .
    وقوله (يتغنى بالقرآن) يحسن صوته ويزينه بالقراءة بترنم وتحزن وخشوع .
    ولفظ مسلم (يجهر به ) يعرف التغني ويحدده ، بأنه رفع الصوت بالقراءة مع تحسينه وبذل الجهد الذاتي في ذلك .
    فإذا أنكرت هذا الأمر على شخص من هؤلاء إذا به يرفع عقيرته بهذا الحديث ظاناً أنه يملك الدليل القاطع على شرعية هذا الأمر ، حتى أصبح القرآن عند أمثال هذا وسيلة للطرب والتغني الذي ينافي ما أراده الشارع منه .


    وهذا يذكرك بما كان من أمر الرافضة حين اتخذت من حديث زيد بن أرقم ررر وهو حديث (غدير خمّ) دليلاً على شركهم في آل البيت ، فعن زيد بن أرقم أن النبي خطبهم ، وفيه : أنه حث على التمسك بكتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : (وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهـل بيتي ) الحديث ..
    فاتخذوا ذلك ذريعة في الغلو في أهل البيت وعبادتهم مع الله ومدخلاً إلى ذلك الشرك العظيم ..
    ولا شك أن هذا الحديث أكبر فتنة لهم حين يرون أنه يبرر لهم هذا الشطط الذي يمارسونه على صور من الشرك عظيمة .


    وشبيه بذلك ما حصل للخوارج في تأويل آية إن الحكم إلا لله في تسويغ قتال المسلمين حين يحكّمون الرجال للإصلاح بين فئتين .


    وهكذا المرجئة في إنكار دخول الأعمال في مسمى الإيمان ، لأجل أن الإيمان هو التصديق كما في قوله تعالى وما أنت بمؤمن لنا أي ما أنت بمصدق لنا ، ولأجل حديث البطاقة وغيره من الأحاديث كحديث
    (فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ) .
    .
    وهكذا كل مبتدع لا يؤتى إلا من قبل فهمه للنص الإلهي أو النص النبوي أو كليهما .. وعدم رد فهم هذه النصوص إلى فهم الصحابة ومن بعدهم هي مبدأ كل فهم منكوس يؤول إلى ابتداع في الدين .

    قال الأشموني في منار الهدى : ويدخل الواقف على الوقوف المنهي عنها في عموم قولـه صلى اللـه عليه وسلم في حق من لم يعمل بالقرآن رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه كأن يقرأه بالتطريب والتصنع فهذه تخل بالمروءة وتسقط العدالة قال التتائي ومما يرد الشهادة التغني بالقرآن أي بالألحان التي تفسد نص القرآن ومخارج حروفه بالتطريب وترجيع الصوت من لحن بالتشديد طرب وأما الترنم بحسن الصوت فهو حسن فقد ورد أن النبي صلى اللـه عليه وسلم سمع صوت عبد اللـه بن قيس المكنى بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن فقال لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود.

    وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من اقتراب الساعة وذكر... واتخذوا القرآن مزامير "

    يقول القرطبي في أحكام القرآن بعد ان حكم بحرمتها ( وكما يفعل القراء بالديار المصرية اللذين يقرؤن القرآن امام الملوك والجنائز يأخذون على ذلك الأجور والجوائز ، ويحسبون انهم يحسنون صنعا) .


    قال الإمام المفسر ابن كثير في كتابه فضل القرآن " والفرض المطلوب شرعا إنما هو تحسين الصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والإنقياد للطاعة فاما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي ، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ، ويعظم ان يسلك في أوانه هذا المذهب ، قد جاءت السنة بالزجر عن ذلك " انتهى (19/1) .

    قال شيخ الإسلام في مقدمة التفسير من حاشية ابن قاسم في شأن هؤلاء ( لا صرف الهمة إلى ما حجب به أكثر الناس من الوسوسة في خروج الحروف وترقيقها وتفخيمها وغمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وشغله بالوصل والفصل والإجتماع والإرجاع والتطريب وغير ذلك مما هو من كلامه ، ومن تأمل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقراره أهل كل لسان على قراءتهم تبين له أن التنطع بالوسوسه في اخراج الحروف ليس من سنته "
    وقال : يكره التلحين الذي يشبه الغناء ، وكرهها أحمد وقال هي بدعة وروي ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في أشراط الساعة (أن يتخذ القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأقرأهم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم غناء ) .

    قال الشيخ المقريء أحمد الطويل حفظه الله ( القراءة المجودة محدثة لم تكن معروفة في العهد النبوي بل حدثت في العصر الأموي نتيحة التأثر بالغناء الفارسي ، وتشايع ذلك الغناء بالألحان فالتوت بعض الألسنة عن الترتيل المتبع في العهد النبوي ، إلى هذه الألحان الأعجمية ، ومن امتد به الأجل من الصحابة حكم على هذه الطريقة التي ابتدعت في العصر الأموي بعد دخول الغناء الفارسي أنها مبتدعة )

    قال ابن تيمية " لا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ولا أن يقرأ به من الألحان ما يقرن باللغناء من الآلات وغيرها ، لا عند من يقول بإباحة ذلك ولا عند من يحرمه ، بل المسلمون متفقون على الإنكار ، وألا يقرن بتحسين الصوت بالقرآن ، الآلات المطربة بالفم ، كالمزامير ، وباليد، كالغرابيل وإن جاز ذلك بغير الألحان ، فلا يتغير الحكم بأن يُسمع بالألحان "

    أن هذا الأمر لم يكن إلا دلالة واضحة على صدق نبوة نبينا محمد إذ قال ( أخاف عليكم ستاً : إمارة السفهاء ، وسفك الدم ، وبيع الحكم ، ونشوء جماعة يتخذون القرآن مزامير ، وكثرة الشُّرَط ) ،صححه الألباني في الجامع .

    كما أنصح من أراد التفقه في آداب التلاوة ان يقتني كتاب بعنوان ( فقه التلاوة ) للشيخ المقريء أحمد محمد الطويل حفظه الله فهو كتاب عظيم النفع في بابه ، وقد نقلت منه نقولات في هذا المقال .


    اللهم إنا نسألك التوفيق والسداد ، ونسألك التوفيق في قراءة كتابك على الوجه الذي يرضيك وأن ترزقنا العمل به إنك جواد كريم وبالإجابة جدير
    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    في مكان ما من هذا العالم.
    المشاركات
    372

    افتراضي رد: سماع " القرآن الكريم " بإلإيقاع الموسيقي !

    نفع الله بك , كلمات موفقات , ونصائح مسددات , لاحرمك الله النظر إلى وجهه الكريم ,ولاحرمنا وإياك الفردوس الأعلى ......
    واستسمحك عذرا في نقل بعض ماجاء في مقالك إلى صفحتي في الفيس بوك لتعميم النفع ............

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: سماع " القرآن الكريم " بإلإيقاع الموسيقي !

    بارك الله فيك أخي أبوفؤاد الليبي ، ونفعك بك المسلمين ، وخذ ما شئت من المقال فالمقصد النفع لإخواننا بارك الله فيك ، والسلام عليكم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •