الدرس التاسع تابع باب الفدية
س" ينقسم الصيد إلى قسمين فماهما؟
القسم الأول ما له مثل:
س" هل يلزم من المماثلة المماثلة الكلية مع ذكر الدليل؟
لا يلزم في المماثلة المماثلة الكلية بل ولو شابهها في صورة واحدة جاز أن يكون لهذا الصيد مثل؛ الحمامة مثلا شابهت الشاه في شرب الماء وهذه صورة واحدةقال تعالى : ﴿وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ
والقسم الثاني ما ليس له مثل.
س"مالحكم إن لم يكن للطير مثل؟
إن لم يكن له مثل فله أن ينتقل إلىكفارة طعام مساكين ومعنى كفارة طعام مساكين يعني يقوِّم هذا المثل؛ يقوِّمه بدراهم يشترى بها طعام فلو أنه قتل حمامة مثلا وقلنا إن الحمامة تقدر بالشاة فكم قيمة الشاة إذا أراد ألا يذبح شاة قلنا قيمة الشاة ثلاثمائة ريال يشتري بثلاثمائة ريال طعاماً وهذا هو قوله تعالى: ﴿ أَوْ كَفّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ﴾،
الخلاصة"فهو هذا القسم الثاني الذي له الخيار فيه إما أن يذبح مثله وهو الشاة, فإن لم يجد أو لم يستطع أو أحب أن يطعم فنقول: قدِّر الشاة بدراهم تشتري بها طعاماً.
س"كيف يقسم الطعام إن كان بر أو غيره؟
1-إن كان بر -يعني قمح- يجعل لكل مسكين مد بر, والمد هو ملء الكف المعتدلة المليئة هذا هو المد. إن كان براً.
2- وإن لم بر كغيره من الأطعمة فإنه يطعمه على أنه نصف صاع؛ والصاع هو أربعة أمداد ونصفه مدين وربعه مد، فإذا كان الطعام غير بر فإن المؤلف -رحمه الله تعالى- يقول يطعم عن نصف صاع لكل مسكين.
س" مالعمل إذا لم يحي أن يطعم؟
- إذا أحب ألا يطعم, بل أحب الصيام, فالمؤلف يقول يقدر كل مد فيصوم عنه يوماً
ينقسم الصيد المثلي إلي ثلاثة أقسام فماهي؟
القسم الأول: أن يتقدم فيه حكم من النبي -صلى الله عليه وسلم- فالمرجع إلى ما حكم به النبي -صلى الله عليه وسلم-مثال :(حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الضبع شاة)
القسم الثاني: أن يتقدم فيه حكم من الصحابة -رضي الله عنهم- فالمرجع في ذلك إلى ما حكم الصحابة -رضي الله عنهم- من ذلك ما روا ه البيهقي وغيره أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان -رضي الله عنهم- حكموا في الظبي -وهو أكبر من الغزال- شاة, وفي الغزال ماعز.
القسم الثالث: ألا يتقدم فيه حكم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة، فالمرجع هنا ما ذكره الله بقوله: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ ﴾ فيقوم رجلان خبيران فيقدران هذا الصيد بشيء مثله.
س " ماهو القسم الثاني من التخيير؟
ما ليس له مثل : يقدر قيمة الشاة دراهم تشتري بها طعاماً - فإن قال: أنا لا أريد أن أطعم, ليس عندي مال. قلنا له: هذا الطعام قسمه -على كلام المؤلف- مد إن كان بر أو نصف صاع, قسم هذا الطعام لكل مسكين نصف صاع, ثم صم عن كل نصف صاع يوماً.
والمؤلف -رحمه الله- ذكر أنه يطعم لكل مسكين مداً من بر أو يصوم , هذا مذهب الحنابلة
وذهب الحنفية وهو قول ابن عباس -كما رواه البيهقي وغيره- إلى أن الطعام يقدر على أنه نصف صاع, لكل نصف صاع يوماً يصومه الإنسان ولا فرق في ذلك بين البر وبين غيره, وهذا هو فتوى ابن عباس -رضي الله عنه- وهذا القول أقوى
س" ما سبب قوة هذا القول؟
1- لأنه فتوى ابن عباس -رضي الله عنه.
- 2-: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدر كفارة الأذى إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع, كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة.
س" هل الطائر له مثل؟
الطائر ليس له مثل؛ لأنها لا تشابه الحيوانات ولكن له القيمة.
س" مالعمل إذا لم يكن للطائر مثل؟
يقدر قيمة الصيد أو المثل فلو أنه قسم الطعام وبقي آخر الطعام بعض المد, المؤلف يقول يصوم عن كل مد يوماً أليس كذلك, لكن لو كان بعض المد؟ قال العلماء: يصوم أيضاً يوماً, قالوا: لأن الصوم لا يتجزأ فيصوم يوماً عن مد أو عن نصف صاع.
س"ماكفارة النعامة والشاه؟
الحمامة فيها شاة, والنعامة ففيها بدنة(بعير) حكم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان ومعاوية -رضي الله عنهم- أن من قتل نعامة ففيها بدنة.
س" هل يجزئ البقرة ؟
الأقرب والله أعلم أنها يجزئ؛ لأن البقرة تسمى بدنة .
س" هل يخير بين إخراج المثل أو تقويمه بطعام ؟
المؤلف" يقول يخير بين إخراج المثل أو تقويمه بطعام فيطعم لكل مسكين مداً من بر
س" مالقول الذي رجحه الشارح؟
الراجح: يطعم لكل مسكين نصف صاع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حكم بالإطعام في فدية الأذى كما في حديث كعب بن عجرة قال: (صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو اذبح شاة) فنقول المعول على ماذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في فدية الأذى.
س" مالذي يلزم هدي التمتع ومالدليل؟
هدي التمتع يلزمه أن يذبح شاة.
الدليل" قال تعالى: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾[البقرة: 196.
س" ماهي شروط وجوب هدي التمتع؟
الشرط الأول: ألا يكون من حاضري المسجد الحرام: لأن حاضري المسجد الحرام ليس عليهم الهدي لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
الشرط الثاني: ألا يسافر بينهما سفراً إلى أهله: على الراجح –
الشرط الثالث: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.
الشرط الرابع: أن يحج من عامه.
الشرط الخامس: أنيحل من العمرة قبل إحرامه من الحج.
س"من هو القارن وهل يلزمه هدي؟
فالقارن؛ وهو الذي لبى بالحج والعمرة جميعاً, أو لبى بالعمرة فأدخل عليها الحج فإنه .
1-نعم يلزمه هدي و هو الراجح والله أعلم. لأن الصحابة يسمون القارن متمتعاً., كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي معه) وكونه تمتع بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي معه هذا هو القران, بدليل قوله: (فبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالحج ثم أدخل عليه العمرة).
2- وذهب ابن حزم إلى أن القارن ليس عليه هدي إلا إن ساق الهدي,
س"ماهي الأمور التي يلزم لها الهدي؟:
أولا: لما روى جابر في صحيح مسلم أن عائشة -رضي الله عنها- كانت قارنة فذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة -رضي الله عنها- بقرة.
ثانياً: لإجماع الصحابة أن في قول الله تعالى ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ﴾ هو أن يأخذ حج وعمرة في سفرة واحدة ونقل الإجماع بن عبد البر في التمهيد والاستذكار
س" هل سعي القارن بين الصفا والمروة وطوافه بالبيت عن حجه وعمرته ومالدليل؟
نعم القارن حينما يقول لبيك عمرة وحجة يكون سعيه بين الصفا والمروة وطوافه بالبيت عن حجه وعمرته جميعاً لأجل نيته.
الدليل" كما قال -صلى الله عليه وسلم- (طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يجزئ عن حجك وعمرتك جميع)
س"ماذا يفعل من لم يجد الشاة؟
من لم يجد الشاة فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع. لقوله تعالى: ﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ﴾ويجوز له أن يصوم في الحج من حين إحرامه بالعمرة.
س"متي يجوز له أن يصوم السبع ؟
1- الجمهور"له أن يصوم إذا رجع إلى وطنه, هذا لا خلاف فيه, ولكن له أن يصوم أيضاً إذا أنهى جميع أعمال الحج؛ فلو طاف للوداع مثلاً وهو في طريقه فله أن يصوم, .
2-للشافعي؛ لأنه يصدق أن يسمى أنه: رجع إلى أهله.
س"ماهي فدية الجماع ومالدليل؟
فدية الجماع بدنة بدليل إجماع الصحابة كما روى البيهقي أن عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم- أفتوا من جامع قبل التحلل الأول أن عليه البدنة.
س" مالحكم فيمن وجبت عليه فدية الجماع - إذا لم يجد الفدية ؟
القول الأول : المؤلف يقول: (فإن لم يجد فصيام كصيام التمتع) يعني ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، هذا هو مذهب الحنابلةودليلهم في هذا قالوا: لأنه صار بإحرامه كالمتمتع إذا لم يجد الهدي.
القول الثاني:قول ابن حزم وأبي حنيفة: قالوا كل من وجب عليه هدي غير هدي التمتع كمن ترك واجباً أو المحصر إذا لم يجد الهدي, فإنه تبقى في ذمته إلى حين الوجوب ولا ينتقل إلى الصيام كما هو مذهب الحنابلة، قالوا: لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يوجب على من لم يجد الهدي في الإحصار أن ينتقل إلى الصيام ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وهذا القول قوي
الخلاصة"فكل من وجب عليه دم كدم الفوات أو دم الإحصار أو ترك واجب إذا لم يجد فهو بالخيار إما أن يبقى في ذمته وإما أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع والله أعلم.
س"ماحكم من باشر أهله دون الفرج و مامعني المباشرة؟
معنى المباشرة" وهو أن يباشر أهله دون الفرج .
الأقرب أن عليه شاة" ودليل الشاة أن ما روي عن ابن عباس: (وليهدي هدياً, قالت المرأة: أي الهدي؟ قال وتقدرين ذلك؟ قالت: نعم. قال: فعليك بدنة).
قال: (ودم الفوات)ودليل دم الفوات حديث عمر بن الخطاب حينما أمر هبار بن الأسود فقال له: (إذا كان عام قابل فاحجج فإن وجدت سعة فأهدي فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت)
س" هل علي المحصر دم؟
1- المؤلف وجماهير أهل العلم: المحصر يلزمه دم.
2- للمالكية على أن المحصر يلزمه الهدي, يقول تعالى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾،
س"مالمقصود بما استيسر من الهدي؟
استيسر من الهدي أي هدي؛ إما شاة وإما بقرة وإما بعيراً أو ناقة, فإن لم يجد فصيام عشرة أيام.
س" ماهو رأي الشارح فيمن لم يجد الهدي؟
من لم يجد الهدي -وهو محصر- فإنه يصوم عشرة أيام ثم بعد ذلك يتحلل من حجه أو من عمرته.
س"ينقسم من كرر محظوراً إلى قسمين فما هما؟
القسم الأول:أ-من كرر محظورا من جنس واحد بأن لبس سراويل ثم لبس الخفان ثم لبس –مثلاً- قفازين فالمؤلف يقول هذه الأشياء الثلاثة كلها بمحظور واحد؛ وهو لبس الخيطفإن كان لم يكفر للأول حتى فعل الثاني والثالث فإن المؤلف يقول يلزمه كفارة واحدة.
ودليل ذلكأن الله تعالى أمر بفدية الأذى في الحلق أمر بالفدية الواحدة؛ وهذا قول عامة الفقهاء
يقول المؤلف: (غير قتل الصيد)
الصيد استثنى فلو قتل شخص غزالاً ولم يكفر ثم قتل غزالاً ولم يكفر ثم آخر ولم يكفر يلزمه كفارة ثلاث؛ لأن الله يقول: ﴿ وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾[المائدة: 95]، فقوله ﴿ فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾
المؤلف: (إلا أن يكون كفر عن الأول)
ب- لو فرض أنه لبس السراويل ثم كفر ثم أحس ببرد فلبس جبة أو جاكيت فنقول يلزمك فدية أخرى لكونك كفرت عن الأول فيكون الأول كأن لم يكن محظوراً؛ وجود الكفارة عن المحظور الأول محى هذا المحظور فكأنك لم تفعل محظوراً قط.
القسم الثاني: من كرر محظورا من أجناس: يقول المؤلف (وإن فعل محظوراً من أجناس فلكل واحد كفارة) من أجناس؛ يعني لو أنه تطيب ثم لبس خفيه فكم جنس هنا؟ الطيب جنس ولبس المخيط جنس, يقول المؤلف: فيلزمه كفارتان, قالوا: لأن هذه المحظورات لا تتداخل.
ما تقولون في شخص غطى رأسه ولبس قميصاً هل يلزمه كفارتان أم يلزمه كفارة واحدة؟
الحنابلة والشافعية قالوا: يلزمه كفارة واحدة؛ لأن تغطية الرأس ولبس المخيط ولبس الخفين كلها بمعنى اللبس كلها تدخل بمعنى اللبس فيلزمه كفارة واحدة لأنها تسمى من جنس واحد
وذهب علماءنا المعاصرين أمثال شيخنا عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله الغديان متمثلين باللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وهو رأي شيخنا محمد بن عثيمين قالوا: إن تغطية الرأس جنس ولبس المخيط جنس آخر؛ فعلى هذا يلزمه كفارتان. والقول الثاني أحوط؛ لأن تغطية الرأس شيء ولبس المخيط شيء آخر
يقول المؤلف: (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عمده وسهوه)
الفدية تنقسم في مسألة المحظور إلى أقسام:
القسم الأول: أن يفعله عالماً مختاراً ذاكراً ولكنه لعذر وحاجة... فالمؤلف -رحمه الله تعالى- يقول: يلزمه -إذا كان لعذر- الفدية ويسقط الإثم, والأقرب أن يقال: أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام عالماً ذاكراً مختاراً فيلزمه الفدية إلا السراويل لمن لم يجد الإزار وإلا الخفين لمن لم يجد النعلين؛ لورود النص بعدمه أما المحتاج إلى لبس القميص فإنه يلزمه الفدية ويرفع الإثم كما روى الطحاوي من حديث عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال: (يا أبا معبد ناولني طيالستي. قال: أولست كنت تنهى عن ذلك؟! قال: نعم, ولكني سأفتدي) فابن عباس لبسها للحاجة ومع ذلك أمره بالفدية
القسم الثاني: أن يفعله عالماً ذاكراً مختاراً من غير عذر, نقول يلزمه الفدية وعليه الإثم, القسم الأول ما عليه إثم والقسم الثاني عليه الإثم.
القسم الثالث: أن يفعله جاهلاً أو ناسياً:
المسألة 38 أن يفعله جاهلا أو ناسيا : فالمؤلف -رحمه الله- يقول: من فعل الحلق أو تقليم الأظفار أو وطئ امرأته أو قتل الصيد سواءً نسي أو جهل أو تعمد كله سواء فيلزمه ماذا؟ قالوا: فيلزمه الفدية المنصوصة عليه, فلو حلق يلزمه فدية الحلق, ولو قلَّم يلزمه كذلك, ولو وطئ يلزمه كذلك وكذلك قتل الصيد.
وقول المؤلف بالتفريق بين الحلق والتقليم والوطء والصيد, قال: لأن الحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد فيه إتلاف والإتلاف يضمن صاحبه ولا فرق بين العامد والمخطئ.
القول الثاني في المسألة أن كل محظورات الإحرام لو فعلها المرء جاهلاً أو ناسياً فلا حرج عليه, سواء في ذلك الحلق والتقليم والوطء قتل الصيد أو غيرها من محظورات الإحرام وهو اللبس والطيب ونحو ذلك.
ولكن الراجح هو التفريق؛ لأن الله قال في الكتاب: ﴿وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّدً﴾فظاهره: مفهوم المخالفة أن من قتله غير متعمد فلا حرج عليه, وهذا هو أحد القولين عند الحنابلة وهو اختيار ابن تيمية -رحمه الله- وهو رأي شيخنا محمد بن عثيمين, وهو الأقرب والله أعلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ولا فرق بين الحلق ولا بين التقليم ولا بين قتل الصيد ولقوله تعالى: ﴿ وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ ﴾؛ وعلى هذا فالقسم الثالث من فعله جاهلاً أو ناسياً لا حرج عليه, ولكنه يلزم بترك المحظور ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث يعلى بن أمية (أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جاهل قال يا رسول الله ما ترى أصنع في عمرتي وقد لبس جبته وعليها أثر الطيب فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- اخلع جبتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك) ولم يأمره بفعل الفدية؛ لأنه كان جاهلا
انتهى الدرس التاسع
-------------------------------------------------