اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم


المقدمة

الحمدلله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا احمده سبحانه وتعالى واستمد منه العون والرشد واشهد ان لااله إلاالله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده و رسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون , ان الله تعالى قد اكمل هذا الدين باستقلال الشريعة باصولها وفروعها واضفى عليها سبحانه طابع الشمولية والصلاحية لكل زمان ومكان ولكل انسان مهما اختلفت الوانهم والسنتهم وهي خالدة ’ولشمولها وخلودها تعهد الله تبارك وتعالى بحفظها قال عز وجل : انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون.... ومن هنا كان منصب الاجتهاد في الشريعة فرضا على الامة لانها بواسطته تسيرفي حياتها على شريعة الله وتحتكم اليه ولهذا فقد اهتم الاصوليون بالاجتها د باعتباره مظهرا لاحكام الله في الوقائع التي لم يردبها نص صريح ’ ان الدراسة المنهجية لاجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم تضع الدليل والحجة الناصعة والبرهان القوي امام المجتهد والمفتي والحاكم كي يكونوا على بينة من امرهم ويتبعوا سبيل من امنوا به نبيا ورسولا فيقتفوا اثره ويترسموا خطاه , ودراسة الجانب الاجتهادي في السنة المشرفة ناحية هامة جدا فهي تبين الهيكل الاساسي والخطة الرئسية ولاطار العام لقضية الاجتهاد الشرعي تلك القضية التي تهم كل مسلم وكل حاكم وكل راع حريص على تنفيذ امر الله في الواقعة المستجدة التي لم يرد بحكمها نص صريح . سأتابع فيما بعد بحول الله


فصل تمهيدي في مفهوم الاجتهاد

1_ تعريف الاجتهاد لغة: الاجتهاد في اللغة ماخوذ من الجهد بضم الجيم وفتحها المشقة فال تعالى : واقسموا بالله جهد ايمانهم ) وقد ورد في القران الكريم في ثلاثة مواضع كلها تدل على الاجتهاد يفيد في معناه بذل الوسع والطاقة والمبالغة في اليمين قال الزبيدي الجهد والجهد بالفتح والضم الطاقة والوسع قال ابن الاثير بالفتح المشقة وقيل المبالغة والغاية وبالضم الوسع والطاقة وقيل هما لغتان في الوسع والطاقة وجاء في لسان العرب الاجتهاد والتجاهد بذل الوسع في طلب الامر وهو افتعال من الجهد وهو الطاقة وقال التفتزاني : الاجتهاد في اللغة تحمل الجهد وهو المشقة في الامر يقال اجتهد في حمل حجر البزارة ولا يقال اجتهد في حمل الخرذلة وعلى هذا الاساس يقال اجتهد في الامر بذل وسعه وطاقته في طلبه ليبلغ مقصوده ويصل الى نهايته سواء كان الامر حسيا كالمشي والعمل او الامور المعنوية كاستخراج حكم اونظرية عقلية او لغوية اوشرعية فيقال بذل طاقته ووسعه في تحقيق امر من الامور التي تستلزم كلفة ومشقة فقط
تعريف الاجتهاد في الاصطلاح : _________ وقد ذكر للاجتهاد في الاصطلاح كثير من التعريفات التي سلك فيها الاصوليون مسلكين : _____ الاول: من حيث ما بديء او صدر به التعريف وقد اتجهوا فيه اتجاهين :

الاول : باعتبار ان الاجتهاد فعل المجتهد فقد صدر اصحاب هذا الاتجاه التعريف بكلمة بذل او استفراغ ونحوهما مما روعي فيه المعنى المصدري الذي جرت عادة الاصوليون غالبا بتعريفه الا ان منهم من اختار احداهما دون الاخرى ومنهم من جمع بينهما اختار الغزالي كلمة بذل قال ما نصه : صار اللفظ أي مصطلح الاجتهاد في عرف الفقهاء مخصوصا ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة ولاجتهاد التام : ان يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس نفسه بالعجز عن مزيد الطلب ووافقه في ذالك ابن القدامة والبزدوي والكمال ابن الهمام وصاحب مسلم الثبوت واختار كلمة استفراغ سيف الدين الامدي بقوله : استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الاحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد فيه وممن ارتضى ذالك ابن الحاجب والفتوحي وغيرهم هذا وقد جمع اسحاق الشيرازي بين الكلمتين حيث قال : في تعريفه : الاجتهاد في عرف الفقهاء استفراغ الوسع وبذل المجهود في طلب الحكم الشرعي ولعلنا الان ندرك انه لافارق بين هذه التعاريف على مستوى المعنى من حيث ما صدرت به اللهم الا الاختلاف في التعبير فقط

الثاني الاتجاهين: من حيث كونه صفة للمجتهد :فقد صدر اصحاب هذا الاتجاه تعريفهم بكلمة (ملكة) قالوا فيه انه ملكة يقتدر بها على استنباط الاحكام الشرعية العملية من ادلتها التفصيلية وهذا ثابت في كتب المحدثين وكثير من الشيعة فيعرف عندهم بانه (ملكة تحصيل لحجج على الاحكام السرعية او الوضائف العملية شرعية او عملية

المسلك الثاني : من حيث ذكر بعض القيود وعدم ذكرها


فبعد ان انهينا الكلام حول الكلمة الاولى في التعريف التي اطلق عليها المنا طقة لفظ الجنس صار من الحتمية بمكان الكلام على باقي القيودوتحقيقا لهذه الغاية سنضع امامكم ايها الاعزاء اينما كنتم مجموعة من التعاريف التي يختلف القيد في احدها عن الاخر 1-تعريف البيضاوي : قال استفراغ الجهد في درك الاحكام الشرعية .2- تعريف الغزالي : بذل المجتهد وسعه في طلب العلم باحكام الشريعة 3-تعريف ابن الحاجب : استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعي 4- تعريف الكمال ابن الهمام بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي عقليا كان او نقليا قطعيا كان اوظنيا وبا ستعراض هذه الحدود نجد الاصوليين اتفقو ا على اضافة كلمة بذل او استفراغ الى الطاقة او الوسع او الجهد ونحو ذالك ممايدل على المبالغة في الطلب حتى يحس المجتهد من نفسه العجز عن المزيد ونجد ايضا اتفاقهم على كلمة حكم اذ لم يخل منها تعريف من هذه التعاريف لاثبات ان مطلوب المجتهد هو الحكم و هناك تقاربا واضحا بين المعنى اللغوي والاصطلاحي بينهما عموم وخصوص مطلق على الجهة اللغوية رسم صورة عامة اما الجهة الاصطلاحية رسم صورة خصوصية . الى فرصة اخرى بحول الله وقوته