هل يشترط في المحرم ان يكون مسلما وهل خالف احد في هذه المسألة وما هي ادلة الطرفين؟
وجزاكم الله خيرا
هل يشترط في المحرم ان يكون مسلما وهل خالف احد في هذه المسألة وما هي ادلة الطرفين؟
وجزاكم الله خيرا
يبدو أن السؤال عن "المَحْرَم" ، وليس "المُحْرِم" ، لأنه من المعلوم بالضرورة أن الكافرَ لا تُقبلُ منه العبادات حتى يُسلم ، وعليه أقول:
ليس من شروط المَحْرَم أن يكون مسلماً ، وذلك لعموم اللفظ في قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنّ َ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء ، وهذه الألفاظ العامة يدخل فيها المحرم الكافر ، بشرط أن يكون مؤتمَناً.
وما ذكرتُه هو قول أبي حنيفة والشافعي ، قال ابن قدامة في "المغني": "وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ : هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا - يقصد الكافر - لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ ." انتهى.
وقد استثنى الأحناف المجوسي لأنه صاحب ديانة تبيح الزواج بالأم والأخت.
قال ابن نجيم الحنفي في كتابه "البحر الرائق" : "وَالْمَحْرَم مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِقَرَابَةٍ ، أَوْ رَضَاعٍ ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي يَعْتَقِدُ إبَاحَةَ نِكَاحِهَا وَالْمُسْلِمُ الْقَرِيبُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ وَالْمَجْنُونُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَحْرَمِ الْحِفْظُ وَالصِّيَانَةُ لَهَا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ". انتهى.
أما المالكية فيرون كراهيةَ السفر مع كل من ضعُفَ فيه مَدْرَكِ التَّحْرِيم.
قال الحطاب في "مواهب الجليل": "قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَالْمَحْرَمُ يَشْمَلُ النَّسَبَ وَالرَّضَاعَ وَالصِّهْرَ لَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ سَفَرَهَا مَعَ رَبِيبِهَا إمَّا لِفَسَادِ الزَّمَانِ لِضَعْفِ مَدْرَكِ التَّحْرِيمِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعَلَى هَذَا فَيُلْحَقُ بِهِ مَحَارِمُ مَحْرَمِ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ وَإِمَّا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ فَسَفَرُهَا مَعَهُ تَعْرِيضٌ لِضَيْعَتِهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ بِجَوَازِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمِهَا مِنْ الرَّضَاعِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ" انتهى.
لكن الحنابلة يرون إخراجَ الكافر من محارم المرأة بالكلية ، قال ابن قدامة في "المغني": "وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِلْمُسْلِمَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ ابْنَتَهُ .قَالَ أَحْمَدُ فِي يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ ابْنَته : لَا يُزَوِّجُهَا ، وَلَا يُسَافِرُ مَعَهَا ، لَيْسَ هُوَ لَهَا بِمَحْرَمٍ ." انتهى.
وقد قاس الحنابلة المسألة على حضانة الطفل ، فقالوا: كما أنه لا تصح الحضانة لكافر ، لأنه قد يفتن الطفل عن دينه ، كذلك فإن المَحْرَمَ تَثبتُ له الخَلوة فيتمكن بسبب ذلك من فتنة المسلمة عن دينها.
والله تعالى أعلم.
بارك الله فيك