بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
أما بعد:
فقول الأخوين الكريمين في مقالهما ـ في سياق الكلام على الذات العلية ـ: ((المتصفِ بصفةِ النزول العليَّة، إلى سماء الدنيا الدنية)):
يَرِدُ على قولهما: أن هذه العبارةَ مما لا يجوز إطلاقه على الله تعالى؛ إذ إن صفة النزول الثابتةَ بالدليل، لا ينبغي لمسلم أن يصفها بالنزول إلى دناءة بحال من الأحوال، فإن الدنيا وإن وصفت بالدناءة، بل هذا ظاهرٌ منَ اسمها، إلا أن ذكرها في سياق الارتباط بصفة من الصفات العُليا يمنع وصفها بالدناءة؛ لما يُوهِمه هذا الإطلاق من النقص المحال؛ شاهدُ ذلك أن الله تعالى رب كل شيء وخالقه، ومع ذلك فلا يجوز أن يوصف بأنه رب الكلب ولا رب الخنزير هكذا بالإفراد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ((الحكم إذا كان عامًّا، وفي تخصيص بعضه باللفظ خروج عن القول الجميل، فإنه يمنع من التخصيص؛ فإن الله خالق كل شيء ومريد لكل حادث، ومع هذا يُمنَع الإنسان أن يخص ما يُستقذَر من المخلوقات وما يستقبحه الشرع من الحوادث؛ بأن يقول على الانفراد: يا خالق الكلاب، ويا مريد الزنا،،، ونحو ذلك، بخلاف ما لو قال: يا خالق كل شيء، ويا مَن كل شيء يجري بمشيئته)) انظر: مجموع الفتاوى: 6/504
وعليه فأقل أحوال هذه العبارة: الغفلة عن الأدب الرفيع الواجب الالتزام في هذا المقام المهيب.
ولعل سبب الوقوع في هذا المأخذ حرص الأخوين الكريمين على المشاكلة اللفظية، واعتمادهما السجعَ، ومراعاتهما الفواصلَ، حتى جَارَ احتفالهما باللفظ على المعنى؛ فأضعفه أحيانا.
جزى الله الأخوين الكريمين خيرا، وسدد رَمْيَهما، ونفع بهما.