تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    Arrow مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    ألفية السيوطي (ضبط, وتعليق)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيد المرسلين , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن اقتفى هديهم واستن طريقهم إلى يوم الدين , أما بعد:

    * فهذه مؤانسة علمية حديثية أجالسها مع علمٍ جليلٍ من علوم الدين, ألا وهو "مصطلح الحديث" الذي هو سبيل فهمِ أجلِّ العلوم وأشرفها بلا مراء (علم الحديث الشريف) .
    * وأشرع آنذا –مستمدًا من الله العون- في ضبطِ والتعليقِ على ألفيةٍ حديثية من ألفيات مصطلح الحديث, المسماة (نظم الدرر في علم الأثر) للإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة (911هـ) الشهيرة بـ"ألفية السيوطي في علم الحديث".
    سبب الاختيار:
    * وإنما وقع الاختيارُ على هذه الألفية لأمور –أجدها جديرة الذكر-:
    الأول: زهدُ وتزهيدُ كثير من أهلِ العلم وطلبته في هذه الألفية, وترجيح ألفية العراقي عليها مما أدى إلى عدم الاعتراف بها عندِ (البعض)!
    الثاني: سيرًا على خُطى مشروع (الكوكب الساطع –ضبط وتصحيح وزيادات-) للأخ "فتح الباري" فإنه وتكميلا لسِلك العقدِ, أجدُ النفسَ متحفِّزة لإتمامِ القصدِ, كما أنه جرى اهتمامي بها من بعيد بحمدِ الله مما يجعلني أزيد في ضبطها والاستفادة مما قد يطرأ من جديد ما كنت غافلا عنه.
    الثالث: فساد كثير من طبعاتِ الألفية من حيث الضبط, سواء أكانَ في متنٍ بانفراد, أو كان ملحقًا بالشرح, وكم من طالبِ علم اشتكى من هذه القضية, وكل هذا راجعٌ إلى قلة اهتمام أهل العلم بها, وعدم شهرتها.
    عملي في هذه الألفية:
    وأنا رجل مبادر لرجاءِ النفعِ للطالبين, ولبلوغ قصدِ المريدين, وذلك لا يتمُّ إلاَّ أن يَشجع مشايخ هذا المجلس العلمي لبلوغ الألفية للرقيَّ, فالمرء قويٌُّ بإخوانه, ضعيف في نفسه, فلا مانع لأن يَشركني إخواني في هذا المجلس بالتصحيح والضبط, والتنبيه على أمر منه لا بدَّ.
    - إذا علمَ هذا فإنَّ عملنا لهذه الألفية سيكونُ مقتصرا على أمرين:
    الأول: ضبطُ الألفية ضبطا كاملاً, ومرجعنا لهذا الضبط, مقارنة النسخ قديما وحديثا مما توفَّر لديَّ ولدى الأخوة, ومقارنة تصحيح الشروح جميعها, وضبطِ مشايخنا لها.
    الثاني: التعليق الوجيز عليها, فهو تعليق سهل مبسط, لأنَّ التطويلَ يستوجبُ الخمولَ عن المطلوب, اللهم إلاَّ أبواب مصطلح الحديث الصرفة من باب (حد الحديث وأقسامه) إلى آخر باب (الموضوع) فإنه سيكونُ أشبهَ بالشرحِ بإذن الله.
    مميزات هذه العمل:
    ومما يمتاز به عملنا هذا أمورًا كثيرة, منها:
    1- أن الشرح الذي سيكون في الألفية (من حدِّ الحديث وأقسامه إلى الموضوع) مستمدٌ بتصرفٍ من شروح الألفية التي سيأتي ذكرها, وكذلك من شرح الشيخ المحدث عبد المحسن العباد, فقد عُنيت بتفريغ شرح أبواب مصطلح الحديث الصرفة, أما بقية الأبوابِ فسيكونُ مستمدًا من الشروح المطبوعة.
    2- إعلامُ طلبةِ العلم أهميةَ هذه الألفيةِ, من سهولتها وسلاستها وجماعتها, وذلكَ يقضي أنه لو أراد أحد شبابنا المباشرةَ بها, فسيجدُ الطريقَ –بإذن الله- ممهدًا ومسهَّلا لحفظها وفهمها ودراستها وتدريسها, وقد أعجبتني كلمة الأخ مسعر العامري (القصد من المتون تصور الفنِّ لا الاستدلال بها) بل أقول هيَ أهمُّ المقاصد وأسماها.
    3-ربطُ الشرح مع شرح الناظمِ نفسه رحمه الله, فإن ظهور شرح الناظم المسمى (البحر الذي زخر) كانَ في وقتٍ ليس ببعيد.
    كيفية العمل:
    وسأضع بإذن الله تعالى في كل يومٍ أو يومين أو أكثر خمسةَ أبياتٍ إلى أن نصلَ إلى (باب الموضوع) وأبواب (آداب المحدث وطالب الحديث), هذا الأصل اللهم إلاَّ أن يطرأ علينا بعض المشاغل في بعضِ الأيام, فإنه سيكون بإذن الله لفترة لا تدوم. (وفي كل فترة خيرة).
    وآمل من جميع إخواني –ممن يريد المشاركة- أن يلتزمَ بما ذكرناه, ويكفينا الخوضَ في الخلافيات, أو تكرير القطعِ في البديهيات.
    · وسنشرعُ بإذن الله تعالى في هذا العملِ يوم السبتِ آملاً بانتظارِ ناصحٍ أو معاونٍ أو نقدٍ علمي أو إشارة غنم, وقبل المباشرة بعملنا سنملي (المقدِّمة اللازمة) لهذه الألفية, من التعريفِ بها وبشروحها الصوتية والمكتوبة ومميزاتها وإلى غير ذلك بإذن الله تعالى.
    ونسأل الله لنا الإعانة *** فيما توخينا من الإبانة
    · والله الموفق لا ربَّ سواه.



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    أولاً: التعريف بمؤلف المنظومة.
    هو الإمام جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر المصري السيوطي (أو أُسيوطي أو إِسيوطي أو سُيوطي أو سَيوطي أو سِيوطي) الطولوني الشافعي, الملقب (بابن الكتب) [[ولقب بذلك, لأنَّ أباه أمر أمه –وكانت أم ولد له- أمرها بإحضار كتاب, فأجاءها المخاض عند الكُتُب, فوضعته بينها]],ولد سنة (849هـ), وتوفي سنة (911هـ) وقد ناهزَ من العمر واحدا وستين سنة.
    · ونشأ إمامنا يتيمًا بعدَ أن تركَ أبوه الوصاية لمشايخ زمانه كالكمال بن الهمام وسراج الدين البلقيني وقد بلغوا الستمائة نفس, وكان أبوه من سلالة الصحابة وخيار العرب, وأمه عجمية, فترعرعَ في جميع العلوم بلا استثناء.
    · (وكان أعلمَ أهل زمانه بالحديث, وفنونه, ورجاله, وكان يحفظ ما يزيد على مائتي ألف حديث), وقرأ أمهات الحديث على تقي الدين الشلبي, وقرأ ألفية العراقي على سعيد الدين المرزباني, وإنما نِالت ثقافته الحديثية مكانتها لتلمذته على يدي عدد من النساء الكبريات, أمثال زينب بنت الحافظ العراقي وسارة بنت السراج بن جماعة وغيرهما, ويشهد له إمامته في الحديث كتبه الوافرة في هذا العلم, كـ"تدريب الراوي" و "الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة" و "نظم الدرر في ألفية الأثر" و "قطر الدرر في شرح ألفية العراقي في علم الأثر".
    · وقد تبحر في سبعةِ علوم (الحديث, والتفسير, والفقه, والنحو, والمعاني, والبيان, والبديع) ويقول (قد كملت عندي آلات الاجتهاد بحمد الله), وتعلم التصوف عند شيخه محمد المجذوب.
    · وشهرة الإمام السيوطي تغني عن أقومَ بترجمة له, إذ كيفَ يعرِّف قطرةٌ بالبحر, كما قال عن نفسه:
    .......**** علمي كبحر من الأمواج ملتطم
    * فضيلتان للإمام السيوطي.
    الأولى/ أنه ضربَ بكلِّ حظٍّ وافر, فلم يدعْ شيخًا يستفاد منه إلاَّ ولازمه, فشيخه (عز الدين الحنبلي) و (أمين الدين الحنفي) مع أنه شافعي المذهب.
    الثانية/ أنه يلازم الشيخ حتى وفاته أو أن يلزمه فترةً طويلة من الزمن, حتى ينهل من علم شيخه قدر المستطاع.
    * ومن أراد الاستزادة, فعليه بـ "حسن المحاضرة" للسيوطي, و"شذرات الذهب لابن العماد", و"الضوء اللامع" للسخاوي, و"طبقات الشافعية" للأسدي, ومقدمة تحقيق "البحر الذي زخر" لأنيس طاهر, وغيرهم كثر.
    ثانيًا: التعريف بالمنظومة (ألفية السيوطي).
    إنَّألفية السيوطي الموسومة (نظمالدرر في علم الأثر)لتهتم بعلم "مصطلح الحديث", وهيَ أحد الألفيات التينظمتْ لخدمةِ هذا العلمِ الشريف, وقد اشتملت على جميع أنواع المصطلح ومسائله, جميعها الإمام السيوطي في (985 بيتًا), وقد جاءت سهلة سلسة جامعة وجيزة, على بحرالرجز الذي يعدُّ من أسهل البحور, والذي مفتاحه:
    مستفعلن مستفعلن مستفعلُ
    (استمدادها)
    *وهيَ في الحقيقةِ مستمدَّة من ألفية العراقيالتي هيَ مستمدة من "مقدمة ابن الصلاح" غير إنها زيدت بزوائد كانتْ حسنةً فيها, قالصاحب الرسالة المستطرفة ص215: ( حاذى بها ألفية العراقي، وزاد عليها نكتاً غزيرةوفوائد جمة) اهـ.
    وقال السيوطي في أول شرحه عليها: ( احتوت على جميع علوم ابنالصلاح وزوائد ألفية العراقي، وزادت بضعف ذلك تماماً ) اهـ.(مدةُ تأليفها)
    *وقد ألَّفها الإمام السيوطي -رحمه الله0 فيخمسة أيام, كما قال في آخر الألفية:
    نظمتها في خمسةِ الأيامِ *** بقدرةِ المهيمنِالعلاَّمِ
    (اسمها)
    واسمها على الصواب كما قاله السيوطي في شرحه (البحر الذي زخر) (1/223) وهو الذي أقره الشرَّاح: فإني نظمتُ في علمِ الحديث ألفيةً, سميْتها "نظم الدرر في علم الأثر" كادتْ عقود الجواهر تكونُ لأبياتها خدَّاما اهـ.
    (قلة الاعتناء بها)
    *وقدظهرَ الاعتناء بها منذ زمن بعيد إلاَّ أنها لم تحظى بأهمية كبرى, ولا يعني ذلكالتنقيص من منزلتها, أو التنقيص من علم مؤلفها على وترِ قول بعضهم (كان يُحسن الجمعوالنقل)!, ولكن أقول كما قال بعضُ أحبتنا: (ما كان لله بقيَ وانتشر, وما كان لغيرهفنيَ واندثر).
    ثالثًا: المقارنة بين ألفية السيوطي وألفية العراقي.
    لقد كثرَ الحديث بين أهلِ العلمِ وطلبتهِ في الترجيح ألفيةٍ على الأخرى, وهم أحد رجلين: إما مقلدين, وهم الأكثر, وإما مجرِّبين ودارسين, وهم قلة, إلاَّ أن في قولهم تجدُ لمسةَ الإنصاف والصحة.
    * وقد ألَّف فضيلة الدكتور عبد العزيز الحربي رسالة أسماها (الموازنة بين ألفية السيوطي والعراقي) وقد رجَّح في آخرِ المطاف "ألفية السيوطي" على "ألفية العراقي".
    وللإنصاف أقول: إنَّ كلا الألفتين لتمتازين في مزايا لا توجدُ في الأخرى, قد ذكرها الدكتور وكثير من أهل العلم, وعُلم ذلك بالتجربة.
    فأما ألفية العراقي, فتمتاز بما يلي:
    1) جزالةُ اللغة ورصانة العبارة, فتجدُ الأبيات جيِّدة السبكِ, سليمةُ اللفظ, .
    2) قِدمُ التأليف وسبقُ الفِكرةِ والتركيبِ والمعنى, فقد استفاد السيوطي من العراقي رحمهما الله استفادةً بالغةً, وحاله:
    وهو بسبقٍ حائزٌ تفضيلاً *** مستوجبٌ ثنائي الجميلا
    3) الصناعةُ الحديثية, وهذا بارزٌ في كثرةِ ضربه الشواهد الحديثية لتقرير المسائل, وإسناد الأقوال إلى قائليها مع ذكرِ الملح الإسنادية والنوادر الحديثية.
    4) كثرةُ اهتمامِ أهل الحديث بها قديمًا وحديثًا, مما جعلها تبرزُ ذكرًا وشهرةً على ألفية السيوطي.
    وأمَّا ألفية السيوطي, فتمتازُ بما يلي:
    1) سهولةُ اللفظِ وسلاسته, حيث إنَّها أقربُ إلى النثر منها إلى النظم, وذاكَ بيِّن من قوله:
    نظم بديع الوصف سهل حلو *** ليس به تعقد أوحشو
    2) جودةُ الجمع, فإنها اشتملت على أبواب الحديثِ أجمعها, فالإضافات العلمية التي زيدت على ألفية العراقي تبلغُ (270) إضافة, وكذلك فقد جاءت عدد أنواع الألفية نحوًا من (77 نوعًا) يعني ذلك أنها زيدت على أنواع ألفية العراقي باثني عشر نوعا, وأما عدُّ الأبيات فإنها ومع إضافاته وأنواعاه الكثيرة إلاَّ أنها لم تتجاوز الألف!
    3) الإيجازُ, أي لألفاظها مع كثرةِ المعاني, لأنها زادت على العراقي بأنواع كثيرة, واشتملت على فوائدَ عديدة, ومع ذلك فإنها لم تزدد في عدّ الأبيات, مع كونِ الأصلِ أن تأتي الضعف!
    4) الاتساق, أي انتظامُ بعضها مع بعضٍ على وجه المناسبة, وإنما لم ينسّقه باتساق العراقي لأنه ساير الأصل "مقدمة ابن الصلاح" فقد أملاها شيئا فشيئا.
    - وفي مدحِ الألفية, يقول الناظمُ رحمه الله:
    فائقةً ألفيةَ العراقي *** في (الجمعِ) و (الإيجازِ) و (اتساقِ)
    * وعليهِ فإنِّي أرجِّحُ لطالب الحديث حفظَ (ألفية السيوطي) على (ألفية العراقي) كما يقول الشيخ الحربي في آخر كتابه (وعليه فإنني أنصح من أراد حفظ إحداهما أن يحفظ ألفية السيوطي لكونها أجمع وأوجز, ولأن فيها ما ليس في تلك؛ ولأن الطالب المستحفظ إنما يعنيه حفظ قدر كبير منالمسائل، وكون الجمع ومراعاة الإيجاز له أثر في الألفاظ أو في ظهور الصنعة أو نحوذلك لا يعنيه كثيراً كما يعنيه ما أسلفته) اهـ.
    * ولكن أقول, مع عدم التشنيع لمن قدَّم تلكَ على هذه, فهذه مناهج للتعلم الغرضُ منها تمام الفائدة, وما أحسنَ حين سُئل عن الألفيتين, فقال: ألفيةُ السيوطي أوسع علماً, وألفيةُ العراقي ألصق بالصّنعةالحديثية, وعلى كلٍّ فمَن حفظ أيّاً منهما فقد نال مبتغاه. أهـ
    - وحينَ سئل المحدث أبو إسحاق الحويني فقال: ألفية السيوطي أسهل وأفضل, وإن كان العراقي أمكن في الحديث اهـ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    رابعًا: شروح ألفية السيوطي المطبوعة والصوتية.
    * وأما شروح هذه الألفية فإنها ليست بالكثيرة, إلاَّ أن ما صنِّف يغني بإذن الله لفهم الألفية بأوجهها, ذلك أني أقول دومًا لزملائي في الطلب (عِلْمُ المُصْطَلحِ النَّظَرِيُّ وَاحِدٌ لَا يَتَجَدَّدُ) فمن فهم المصطلح النظري بأي طريقة فقد نال مبتغاه, بغض النظر عن الطريقة التي وصل إليها هذا الطالب.

    - الحاصلُ أن ما صنِّف في الشروح المطبوعة –فيما وقفتُ عليه ووقفَ عليه غيري- هنَّ:
    1) "البحر الذي زخر بشرح ألفية الأثر", للإمام السيوطي نفسه, لكنه لم يتم, وإنما انتهى فيه إلى الكلام عن الحديث الضعيف, وهي مطبوعة في ثلاثة مجلدات بتحقيق د. أنيس طاهر و د. عبد الباري الأنصاري، رسالةعلمية بالجامعة الأسلامية، طبع بدار الغرباء بالمدينة النبوية, وهو شرحٌ ماتع موسوعيَّ, (لو أنَّ المصنف أكمله لكان أكبر موسوعة حديثية في المصطلح), ويكثر في نقلِ الأقوال وذكر الخلافيات, وقلَّ ما يصرحُ بالراجح عنده, وقد صنَّف كتابه هذا بعد تصنيفه لكتاب "تدريب الراوي", وأيهما أميزُ ؟ بالطبع كتابنا "البحر" لكثرة الموراد التي اعتمدَ عليها, ولوجود إضافات علمية جديدة, وأسلوبه فيه أمتع وألصق بالصناعة الحديثية, لكون السيوطي مقيدًا بكلام النووي في "التدريب" (أفاده المحقق الشيخ أنيس طاهر).
    2) "منهج ذوي النظر بشرح ألفية الأثر", لمحمد محفوظ الترمسي رحمه الله المتوفى سنة (1329هـ) وهو شرح متوسط مفيد جدًا, ويعتني بذكرِ الفروق في النسخ, وهو مطبوع في مجلد يقع في ثلاثمائة صفحة, طبعته مكتبة الحلبي بمصر, وقد أوصى به فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد – حفظه الله – وغيره من أهل العلم.
    3) "إسعاف ذوي الوطر بشرح ألفية الأثر" لفضيلة العلامة محمد بن الشيخ آدم الأثيوبي حفظه الله, ويقع شرحه في مجلدين, طبعته دار ابن تيمية بمصر ومكتبة الغرباء بالمدينة, وهو شرحٌ نفيسٌ في غايةِ الروعة, من لزمه وفهمه فإني أضمنُ له العلوَّ في دراسةِ الألفية خصوصًا, والمصطلح عموماً.
    4) "الشرح ألوسيط على ألفية السيوطي في علم الحديث", للشيخ أبي الحسين نوري حسن حامد المسلاَّتي –أستاذ الدراسات الإسلامية واللغوية بجامعة قاريونس - اجدابيا, وهو مجلد يقع في (400 صفحة), طبعته دار ابن حزم, وهو شرح متوسط سهل مبسط, والبدء به لفهم الألفية أولى وأنفع.
    5) "شرح الشيخ العلامة محمد محي الدين عبد الحميد", ويقع في مجلدين نافعين, وقد اعتنى به وعلق عليه الشيخ طارق عوض الله، وهو من إصدارات دار ابن القيم(السعودية) ودار ابن عفان (مصر).
    6) تعليقات العلامة المحدث أحمد شاكر, وهو مجلدٌ لطيفٌ مفيد جدًا, وفيه تحقيقات نافعة ومهمة, طبعته
    7)"الجامع المحرر على نظم الدرر" للشيخ/ محمد الحسن بن أحمد الخديم البعقوبي الموريتاني, وهو من إصدارات معهد التيسير للعلوم الشرعيبموريتانيا؛ وهو شرح لطيف في مجلد, (أفاده بعض الأخوة).

    * وأما الشروح التي هيمخطوطة أو غير موجودة:
    (1) "استقصاء الأثر بشرح ألفية الأثر" لمحمد حجازي القلقشندي المتوفى سنة (1035هـ) وهي مخطوطة تقع في تسعين صفحة, موجودة في مكتبة أبي تراب الظاهري بجدة, ومنهجُ المؤلف: تحليل العبارات, وإعراب الكلمات, وتجلية المراد وتوضيحه, وهو (من أوسع الشروح وأحسنها) كما يقول الشيخ أنيس الأندونوسي.
    * وجاء في جامع الشروح والحواشي لعبد الله الحبشي ( 1 / 260 ) طبعة المجمع الثقافي:
    (2) "شرح نظم الدرر في مصطلح أهل الأثر للسيوطي"، لأبي بكر بنأبي القاسم الأهدل اليمني ، من علماء القرن الحادي عشر الهجري .
    (3) "شرح ألفية السيوطي في الحديث" ، لمحمد الطيب بنعبد المجيد بن كيران ، المتوفى سنة 1227 هـ.
    (4) "تعليق على ألفية السيوطي في مصطلح الحديث"، لمحمد الحافظ العلوي ،المتوفى سنة 1245 هـ.
    (5) "فرائد المنح على ألفيةالسيوطي في الحديث" ، لأحمد دهاق العلوي ، المتوفى سنة 1361 هـ . انتهى من "جامع الشروح والحواشي".
    (6) "الطرَّة على ألفية السيوطي في المصطلح", لصالح الفلاني, انظر (الرسالة المستطرفة للكتاني) ص4.
    (7) شرح ألفية السيوطي في الاصطلاح, لمحدث حلب عمر بن عبد الوهاب العرضي, انظر (الرسالة المستطرفة للكتاني) (2/792).
    (8) "شرح ألفية المصطلح", لمحمد بن عبد الرسول البرزنجي, انظر (الأعلام للزركلي) (ص147).
    (9) "الفتح الرباني" وشرحه "ظفر الأماني" لعبد الحق الهاشمي, جمع فيه بين ألفيتي السيوطي والعراقي وكتاب الصنعاني, وهو مخطوط بمكتبة ابنه أبي تراب الظاهري.
    (10) "جوهرة الدرر على ألفية الأثر", للشيخ العلامة محمد أمين الهرري, صاحب التفسير الكبير (حدائق الروح والرويحان) وأغلب الظنِّ أنه لم يطبع!


    وأما الشروح الصوتية:
    1) شرح الشيخ عبد المحسن العباد, شرحه الشيخ في المسجد النبوي, وهو شرح سهل مختصر, ولم أجد من فرَّغ الشرح, وقد عُنيتُ به بعضَ الشيء حتى فرغتُ أبواب مصطلح الحديث الصرفة, وحُذف مني بعضها, وستجد في ثَنَايا الشرح أن الأصل هو كلام الشيخ نوعًا ما, وتقع دروسه في (145 شريطًا) وهذا رابط الشرح:
    http://www.archive.org/details/abad-saioti
    2) شرح الشيخ محمد آدم الأثيوبي, وتقع دروسه في (65 شريطًا), إلاَّ أنه لم ينزل بأكمله, وهذا رابط الشرح:
    http://www.alsonah.org/sound/iv2/sound.php?catid=4&page=0&limit =20
    3) شرح الشيخ أبو إسحاق الحويني, وتقع دروسه في (40 شريطًا) إلاَّ أنه لم يكتمل!, وهذا رابط الشرح:
    http://www.saidziani.net/catplay.php?catsmktba=120
    4) شرح الشيخ سعد الحميد, وتقع دروسه في (28 شريطًا) إلاَّ أنه لم يكتمل!, وهذا رابط الشرح:
    http://faculty.ksu.edu.sa/HOMAYED/Pages/Audio.aspx
    5) شرح الشيخ طارق عوض الله, وتقع دروسه في (20 شريطًا) إلاَّ أنه لم ينزل بأكمله, وهذا رابط الشرح:
    http://ar.islamway.com/collection/3917
    6) شرح الشيخ عبد الله بن المدني, وهو أحد مشايخ المغرب, وتقع دروسه في (48 شريطًا) وهذا رابط الشرح:http://www.maghrawi.net/modules.php?name=Masmou3a&sinf =13&sheikh=122&silsila=125

    · ولمن أرادَ "الألفية" صوتية المتن: قراءة الشيخ طه الفهد, http://www.almtoon.com/taha.php ,وقد حكى أنه اعتنى كثيرًا بضبطِ ألفاظها, فنرجو أن يفيدنا هاهنا. أو نستفيدَ من قراءته.


    · ولمن أراد "الألفية" نصيةَ المتنِ, -وقد طبعته دار السلام باعتناء سيد حملاوي-: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=91&book=914

    تنبيه:
    كل ما يأتي من الأبيات ما بين معقوفتين[ ]فهو من زيادات السيوطي على العراقي في ألفيته.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    (المبادئ العشرة في مصطلح الحديث)

    * اعلمْ أنه ينبغي معرفةالمبادئ العشرة التي يُحتاج إليها الدارس في كل فنّ من الفنون, وهذه المبادئ مجموعةٌ جمعت في عدٍ من الأبيات :
    إنَّ مبادي كلّ فنّ عشرة *** الحد والموضوع ثم الثمرة
    ونسبةٌ وفضلُه والواضعُ *** والاسمُ الاستمداد حكم الشارع
    مسائلٌ والبعض بالبعض اكتفى *** ومن درى الجميع حاز الشرفا
    (الحد)مصطلح الحديث: مضاف ومضاف إليه, والمصطلح هو ما اصطلحَ عليه أئمةُ الحديث, والحديث: ما أضيف إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خُلُقي, وهو: علم يشتمل على قواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
    فقولنا قواعد: أي أصول وضوابط تتعلق بالراوي والمروي.
    (موضوعه) أي المجال الذي يدور حوله: السند والمتن , أو الراوي والمروي .
    (فائدتُه وثمرتُه) معرفة المقبول فيعمل به, والمردود فيعرض عنه.
    (نسبته إلى غيره من العلوم) أنّه من العلوم الشرعية, فهو علمٌ يخدم حديثَ النبي صلى الله عليه وسلم.
    (منزلته وفضله) تحمّل حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغه, كما قال –عليه الصلاة السلام-: نضر الله امرءًا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغ إلى من هو أحفظ منه، ويبلغه من هوأحفظ منه إلى من هو أفقه منه، فرب حامل فقه ليس بفقيه اه.
    (الواضع) أول من كتب فيه كتابًا مستقلاً هو أبو محمدٍ الحسن بن خلاّد الرامهرمزي القاضي (المتوفى سنة 360 هـ) فألف "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي".
    (اسمه) له عدّة أسماء: (علم مصطلح الحديث) (علوم الحديث) (علم دراية الحديث) فكلها تدل على مسمّى واحد.
    (استمداده) مستمدٌّ من كلام أئمةِ الحديث واصطلاحاتهم, إما بكلامهم على حديث أو تدويناتهم عليهِ, وكذا أقوالهم في مقدمات الكتب وأواخرها, أو يكون باستقراء ما جاء عنهم.
    (حكم تعلمه وتعليمه) فرض كفاية, فلا بدّ من وجود من يقومُ على هذا العلم .
    (مسائله وأنواعه) أي الجزئيات التي ينبني عليه هذا العلم, وهي كثيرة جداً, منهم من أوصلها إلى 65 نوعاً . ومنهم من زاد على ذلك, والمشتهر أنّ من قام بتجميعها بعد تنافرها: أبو عمرو ابن الصلاح (المتوفى سنة 643 هـ) .


    (نشأة وتدوين هذا العلم وما أُلف فيه)
    * كان التدوينُ بداية في زمن الرسول تدويناً شخصياً كفعل عبد الله ابن عمرو العاص, ثم صارَ ولما خطب النبي في الحج الناس قال: اكتبوا لأبي شاه بدأ الناسُ في التدوين, ثم صار التدوين معروفًا رسميا عن طريق الدولة في رأس المائة الأولى في خلافة عمر بن عبد العزيز حينَ كتب إلى عماله أن يكتبوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم, كما قال السيوطي في ألفيته :
    أول جامع الحديث والأثر *** ابن شهاب آمرًا له عمُر
    ثم جاءَ القرن الثاني فكُتبتِ الأجزاء وموطأ الإمام مالك, ثّم جاءَ القرن الثالث –العصر الذهبي- فحصل بأوسع من قبل, فألَّف البخاري (256 هـ) ثم مسلم (261 هـ) . ثم السنن الأربعة كلهم بين ( 273) و(279) والرابع النسائي: 303 .
    * وكان علم المصطلح في الثاني والثالث قد وجد في بطون الكتب, كالإمام مسلم في مقدمته حيث شملت على عدّة مسائل في الحديث, وكذا الترمذي في آخر كتابه "الجامع" حيث اشتمل على بعض المسائل الحديثية, وكذا الشافعي فقد اشتمل كتابه "الرسالة" على كثير من مسائل الحديث والأصول, ولم يُؤلَّف كتابا مستقلاً حتى القرن الرابع .
    * فلما جاءَ القرن الرابع صنَّف أبو محمدٍ الحسن بن خلاّد الرامهرمزي القاضي (المتوفى سنة 360 هـ) فألف "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" ولكنه لم يستوعب, ثم جاء الحافظ الحاكم ( 405) فألّف "معرفة أنواع الحديث" فجمع أنواعاً من المصطلح ولكنه غير مرتب ولا مهذب, ثم جاء أبو نعيم الأصبهاني (430 هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة فألّف في هذا العلم, ثم الخطيب البغدادي (464هـ) -حافظ المشرق وصاحب "تاريخ بغداد"- فألّف كتابين جامعين " الكفاية في قوانين الرواية" فقعّد ووضع القوانين, ثم ألّف " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" . وغيرها من الكتب المفردة في مسائل المصطلح, قال الحافظ أبو بكر بن نقطة (629)" كل من أنصف علم أنّ المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه" .
    * ثم جاء القاضي عياض (544هـ) فألّفَ كتاب "الإلماع" , حتى جاءَ الحافظ أبو عمرو عثمان بن الإمام صلاح الدين بن عثمان الشهرزوري (643هـ) فألف كتابه "علوم الحديث" واعتمد على كتب الخطيب كلها, فجمع شتاتها ورتَّب مسائلها واجتمعَ له ما لم يجتمع لغيره, فأوصلها إلى (65) نوعاً. فاهتمَّ أهل العلم بهذه المقدمة, فاختصرت -كالنووي في الإرشاد ثم اختصره بالتقريب الذي شرحه السيوطي بـ "تدريب الراوي"- ونظمت - كالعراقي (806 هـ) والسيوطي (911 هـ) في ألفيتيهما-, ونكتت –كالعراقي وابن حجر- .
    ثم جاءَ الحافظ ابن حجر (852 هـ) فألّف "نخبة الفكر" وهو متنٌ وجيزٌ فيه قواعد عامة وشرحه بكتابه "نزهة النظر" ونظمه الإمام الصنعاني بـ "قصب السكر" .
    ثم جاء الإمام عمر البيقوني الدمشقي فنظمَ أهمَّ مسائل الاصطلاح, وهي منظومة مشهورة تقع في 34 بيتًا .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    بسم الله الرحمن الرحيم *
    (1) لِلَّهِ حَمْدِي وَإِلَيهِ أَسْـتَنِدْ *** وما يَنوبُ فَعَلَيْـهِ أَعْتَمِـدْ
    (2) ثمَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّـدِ *** خَيْـرُ صَلاةٍ وسَلامٍ سَرْمَدِ
    (3) وَهَذِهِ أَلْفيَّـةٌ تَحكِي الدُّرَرْ *** مَنظُومـةٌ ضَمَّنْـتُها عِلْمَ الأَثَرْ
    (4) فائِقـةٌ أَلْفيَّةَ العِرَاقِي *** فِي الجَمْـعِ والإِيجـازِ وَاْتِّسَـاقِ
    (5) واللَّـهُ يُجْرِيْ سَابِغَ الإِحْسانِ *** لِيْ وَلَـهُ ولِذَوِي الإِيْمَانِ

    الضبط:
    * فائقةٌ: يجوزُ فيها الضمُّ والنصب, أما الضم فكونها معطوفة على "منظومةٌ", وأما النصب فكونها حال أي "حالَ كونها فائقةً" وقد وردتْ في بعضِ النسخ.
    * خيرُ: يجوزُ فيها الضمُّ والنصب, أما الضمُّ فكونها مبتدأ مؤخر, وأما النصبُ فكونها على النيابةِ عن المفعول المطلق, وقد وردت في بعض النسخ.
    * منظومةٌ:يجوزُ فيها تنوينُ الضم وتنوين النصب, أما الضم فكونها بدل من ألفيةٌ, وأما النصب فكونها حال أي حال كونها "منظومة".
    تنبيه: أجدُ في بعضِ المتونِ والشروحِ أول الكتاب بعد (بسم الله الرحمن الرحيم): [وبه ثقتي] فلعلها مأخوذةٌ من كلام السيوطي نفسه في شرحه "البحر الذي زخر" فإنه قال [بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم, وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم, وبه ثقتي] .

    الشرح:
    * بدأ الناظمُ رحمه الله بالبسملةِ اقتداءً بالكتاب العزيز, واقتفاءً لآثار نبيه الكريم, واستعانةً بالربِّ المعين, وتبركًا لإتمام العمل الجليل.
    (1) أي أبتدأ مقالتي بحمدِ الله تعالى –والحمدُ هو: الثناء بالجميلِ الاختياري على وجهِ التبجيل والتعظيم- وأستندُ إليه تعالى -أي ألتجئُ- طالبًا منهُ المددَ في نظمِ الألفيةِ, وما ينوب –أي ما يصيبني من العوائق عن تكميلِ المقصود-, فإني إلى ربي أعتمدُ وأعتصم.
    (2) ثم أثنِّي خيرَ الصَّلاةَ –وهو ثناء الله عليه في الملأ الأعلى- وخيرَ السَّلامِ –وهو دعاء الله أن يسلَّمَ محمدٌ وسنته من الآفات المنافية للكمال- على نبيِّه محمد –أي نبيِّ الله محمد, والنبي مأخوذة من النبَاءِ أي المنبِّئ المخبر, أو من النَّبْوةِ أي الارتفاع- سَّرْمَدِ –أي دائم لا ينقطعُ مأخوذ من السرد والميم زيدت للمبالغة-, وإنما ذكرَ السلام لكراهة العلماء إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة.
    فائدةٌ: قوله (خَيْرُ) اعلم أن خير أفعل تفضيل أصله أخير, حذفت الهمزة ونقلت فتحتة الياءِ إلى الخاءِ تخفيفًا لكثرة الاستعمال, ومثله (شر, وأشر), قال ابن مالك:
    وغالبًا أغناهمُ خير وشر *** عن قولهم أخيرُ من وأشر
    (3) وهذه أرجوزةٌ ألفيةٌ –منسوبةٌ إلى الألف المفرد- تَحْكِي الدُّرَر –أي تشابه الدرر في نفاستها وعزِّة وجودها, وهذه مَنْظُومَةٌ –النظمُ: التأليف في سلكٍ واحدٍ منتظم حسًا ومعنًى- ضَمَّنْـتُها –أي جعلت فيها- عِلْمَ الأَثَرِ –أي علمُ الحديث دراية- وهذا ليَـبين مضمونَ الألفيةِ ومحتواها.
    (4) وهذِه الألفيةُ فائِقَةٌ أَلْفِيَّةَ –وهي الأصلَ التي سارَ عليه السيوطي في نظمه- العِرَاقِي –هو الإمام أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي الشافعي, ولد سنة (725هـ) وتوفي سنة (806هـ), وكانَ قد اشتغلَ بالقراءات ثم صرَف عنه إلى علم الحديث لما قال له ابن جماعة –حين رآه متوغِّلا في القراءات-: إنه علمٌ كثير التعبِ قليلُ الجدوى, وأنت متوقِّد الذهنِ فاصرف همَّتكَ إلى الحديث اه. فِي الجَمْعِ –لاشتمالها على أنواع كثيرة- وَالإِيْجَازِ –لقلةِ عددها مع كثرةِ محتواها- وَاتِّسَاقِ –لاجتماعها على وجهٍ مناسب- .
    (5) وَاللَّهُ يُجْرِي –من الإجراء أو يجزي من الإجزاء- سَابِغَ الإِحْسَانِ –أي تمامه وأعلاه- لِي –للسيوطي- وَلَهُ –للعراقي- وَلِذَوِي الإِيمَانِ –من آمنَ بالله وصدَّق به- وبدأ بنفسه ثم بغيره ثم بالمؤمنين كما في دعاء نوحٍ عليه السلام {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ}.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    باب (حدُّ الحديث وأقسامه) *

    (6) [عِلمُ الحَدِيثِ: ذُو قوانِينَ تُحَدْ *** يُدْرَى بِها أَحْوَالُ مَتْنٍ وَسَنَدْ
    (7) فَذَانِكَ الموضوعُ، والمقصودُ *** أَنْ يُعرَفَ المقبُولُ والمَردُودُ
    (8) والسَّنَدُ: اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ *** مَتْنٍ كَالاِسْنادِ لَدَى فَرِيقِ
    (9) وَالْمَتْنُ: ما انْتَهَى إِلَيْهِ السَّنَدُ *** مِنَ الْكَلامِ، والحديثَ قَيَّدُوا]

    الضبط:
    * فريق:وفي نسخة (الفريق) بالتعريف.
    * قيدوا:وفي نسخة (حدَّدوا) أي عرفوا.
    الشرح:
    * بدأ الناظمُ رحمه الله بذكرِ بعضِ المبادئ العشرة التي ينبغي أن تدرسَ لكل فنِّ, ولم يذكر سوى أهمِّ ثلاثة وهن "الحد" و "الموضوع" و "الثمرة", ثم ذكرَ السند والإسناد والمتن والحديث والخبر والأثر, وذكرَ أقسام الحديث.
    (6) علم الحديث ينقسمُ قسمين: درايةً, وروايةً, أما حدُّ (علم الحديث درايةً) فأخبرَ الناظمُ: أنه ذو قوانينَ –أي قواعد- تحدّ –أي تعرف, والحد لغةً المنع, واصطلاحًا: ما يمَيِّز الشيءَ عما عداه- وهذه القوانينُ يدرى بها –أي يُعلم ويُفهم بها- أحوال متنٍ –من صحةٍ وحسنٍ وضعفٍ ورفعٍ ووقف- وسند –من اتصالٍ وانقطاعٍ وإعضالٍ-, وهذا التعريف يحكي قول ابن جماعةَ في تعريفه إذ قال: علمٌ بقوانينَ يعرف بها أحوال المتنِ والسند اه قال ابن حجر أولى التعاريف أن يقال: معرفةُ القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي اه وتعريف ابن جماعةَ أحسن كما يقول السيوطي رحمه الله.
    وأما حدُّ (علم الحديث روايةً) فلم يذكرِه الناظمُ, وتعريفه كما قال ابن الأكفاني: علمٌ يشتمل على نقلِ أقوالِ النبي صلى الله عليهِ وسلم وأفعاله, وروايتها, وضبطها, وتحرير ألفاظها اه.
    (7) فذانك –أصله ذان- ويريد "المتنَ والسند" وهو عودٌ إلى المضاف إليه, الموضوع –أي موضوع علم الحديث الخاصِّ بالدراية- والمقصودُ –أي ثمرتُهُ- معرفةُ المقبول –فيعملُ به- من المردود –فلا يعمل به-.
    (8) والسندُ –مأخوذ من السندِ وهو ما ارتفعَ وعلا عن سفحِ الجبل لأنَّ المسنِدَ يرفعهُ إلى قائلهِ, أو من قولهم: فلانٍ سند: أي معتمد لاعتمادِ الحفاظِ في صحةِ الحديث وضعفه عليه- واصطلاحًا: هو الإخبارُ عن طريق المتنِ, فعلى هذا: السَّندِكالإسنا دِ في التعريف, وقيل السندُ –وصف المصدر-: الطريق الموصل إلى المتن, والإسنادُ –مصدر-: عزوُ الحديث إلى قائله, وقيل: معناهما واحد, كما قال ابن جماعة: المحدثون يستعملون السندَ والإسنادَ لشيء واحد اه.
    (9) والمتن –مشتقٌ من المماتنة وهي المباعدة في الغاية لأن المتنَ غايةُ السند, أو من المتن وهو ما صلب وارتفع عن الأرض لأن المسنِد يقوِّيه بالسندِ ويرفعه إلى قائله- واصطلاحًا: ما انتهى إليه السند من الكلام.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    211

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    بارك الله فيك على هذا المجهود لكن هذا كله متاح للطلبة , كنت اود ان تكون صفحتك للاسئلة و النقاش و يكون كل يوم حصة من الابيات و بهذا تحصل المنفعة من المذاكرة و لا يكون شرح كبقية شروحات الكتب المتاحة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    حياك الله أخي أبو هشام .

    هذا موجود في أصلِ الموضوع والمكان (ملتقى أهل الحديث) وقد طلب مني بعض المشايخ نقله في (المجلس العلمي) وكنت آنذا قد فرغت إلى (30 بيت) , وإلاَّ فالأمر متاح وموضوع لمناقشة الأخوة وتصحيحهم .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    .....................***...... ...... [ والحديثَ قَيَّدُوا*
    (10) بِمَا أضيفَ لِلنَّبِيِّ قَوْلاً اوْ *** فِعْلاً وَتَقْرِيراً وَنَحْوَهَا حَكَوْا
    (11) وَقِيلَ: لا يَخْتَصُّ بِالمَرْفُوعِ *** بَلْ جَاءَ لِلمَوْقُوفِ وَالمَقْطُوعِ
    (12) فَهْوَ عَلَى هَذَا مُرادِفُ الْخَبَرْ *** وَشَهَّرُوا شُمُولَهَذَيْنِالأَثَرْ]
    (13) [وَالأَكْثَرُونَ] قَسَّمُوا هَذِيْ السُّنَنْ *** إِلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَحَسَنْ

    الضبط:
    * قيدوا:وفي نسخة (حدَّدوا) أي عرفوا, وقد سبق.
    * قولاً او: هي كذا رسمًا, وأما لفظًا فتحذف الهمزة لتصير (قولنَ وْ).
    * حَكَوْا: وفي نسخةٍ: (رووْا) أي روى العلماء الحفَّاظ.
    * شمول: وفي نسخةٍ: (رَدْفَ) أي ترادفَ, والمترادف: ما اختلفَ اسمهُ واتفق معناه.
    * هذين: وفي نسخةٍ: (الحَدِيثِ وَالأَثر), أي ترادف الحديث والأثر.

    الشرح:
    * وقيَّدَوا –أيْ عرَّفوا- الحديثَ بما يلي:
    (10) تعريف الحديث –لغةً: ضد القديم- واصطلاحًا: ما أضيفَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم –وهو المرفوع- قولاً –كقوله (إنما الأعمال بالنيات)- أو فعلاً –كقول أبي موسى (رأيت النبي يأكل الدجاج)- أو تقريرًا –كأكلِ خالد بن الوليد الضبَّ أمام رسول الله-, وقوله (وَنَحْوَهَا حَكَوْا) يشتمل غير ذلك, كالوَصْف الخُلُقي –كقولِ ابن عمروٍ عنه: لم يكنْ فاحشًا ولا متفحشًا- أو الخَلْقي -كقول أنس عنه: ليسَ بالطويل البائن ولا بالقصير - ومطلق الهمِّ بالفعلِ –كحديث أنه همَّ بقلبِ الرداء في الاستسقاء فثقل عليه- .
    (11) وقيل: الحديثُ لا يختصُّ بالمرفوع, بل يطلق على الموقوف –وهو ما أضيفَ إلى الصحابي- والمقطوع –وهو ما أضيف إلى التابعي-, هذا هو التعريف الثاني, وهو محكيٌ عن بعضِ أهل الحديث.
    (12) الخبر: هو المرفوع والموقوف والمقطوع, فعليهِ/ هذا التعريف مرادف الحديث في التعريف الثاني كما قال ابن حجر: الخبر عندَ علماءِ الفنِّ مرادفٌ للحديث فيطلقان على المرفوع والموقوف والمقطوع اه.
    القول الثالث/ أن بينهما عموم وخصوص مطلق, فالحديث ما جاءَ عن النبي, والخبر ما جاء عن النبي وعن غيره, (فكل حديث خبر وليس كل خبر حديثًا).
    وشهَّروا –أهل الحديث- شمول هذين –المرفوع والموقوف وزاد ابن حجر: المقطوع- الأثر –أي تسميتهم بالأثر, والأثر لغةً: ما بقيَ من رسمِ الشيءِ, فالذي بقي من الأثرِ: كلامهم-, أما فقهاء خراسان فإنهم يسمون الموقوف بالأثر, والمرفوع بالحديثِ والخبر.
    (تَـنْبِـيهٌ): وأما على روايةِ (وشهَّروا رَدْف الحديثِ والأثر) فالمرادُ أنَّ الحديث والخبر والأثر بمعنًى واحدٍ إلاَّ أن الأثر يشملهما, ومن زعمَ –كالإثيوبي- (أنَّ مؤدَّى الراويتين واحد) فقد غلط, قاله العلامة محي الدين عبد الحميد.
    (13)والأكثرون –من أهل الحديث- قسَّموا هذي السُّنَن –جمع: سُنة, وهي الطريقة, واصطلاحًا: كالحديث- إلى صَحِيحٍ –وهو الحديث المسندُ المتصلُ بنقلِ العدلِ الضابطِ من غير شذوذ ولا علة- وَضَعِيفٍ –وهو الحديث الذي قَصُر عن شروطِ الحَسن-,وإنما أُدرجَ الضعيف في (السنن) تغليبًا, وإلاَّ فهو ليسَ بسنةٍ, وَحَسَنْ –وهو الحديث المسندُ المتصلُ بنقلِ عدلٍ خفيفِ الضبطِ من غير شذوذ ولا علة-.
    (فَائِدَةٌ): ومن العلماءِ من قسَّم الحديث إلى (صحيح) و (ضعيف) وجعلَ الحسنَ مندرجًا تحتَ الصحيح, وهذا ما يدلُّ عليهِ صنيعُ المتقدِّمين –رحمهم الله-, وذلك أن الحديث إما مقبول وإما مردود.
    (فَائِدَةٌ): قوله (والأكثرون) إشارةٌ أوضحُ من قولِ العراقي حينَ قال (وأهل هذا الشأن) بل فيها مزيدُ فائدة.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    جزاك الله خيرا وبارك فيك
    وأتمنى أن تكمل الألفية كاملة بهذه الطريقة لعلك تشجعنا على الحفظ.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا وبارك فيك
    وأتمنى أن تكمل الألفية كاملة بهذه الطريقة لعلك تشجعنا على الحفظ.
    الله يكرمك يا شيخنا الفاضل .

    تحفيزكم وتشجيعكم المستمر لنا -بعدَ إعانةِ الله وكرمه- خيرُ ما أجد متكئًا لألج هذا الخِضم.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    باب (الصحيح)*

    (14) حَدُّ الصَّحِيحِ: مُسنَدٌ بِوَصْلِهِ *** بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطٍ عَنْ مِثْلِهِ
    (15) ولَمْ يَكُنْ شَذَّ وَلا مُعَلَّلا *** والحُكْمُ بِالصَّحَة ِوَالضَّعْفِ عَلَى
    (16) ظاهِرِهِ، لا القَطْعِ، إِلاَّ مَا حَوَى *** كِتَابُ مُسلِمٍ أَوِ الجُعْفِي [سِوَى
    (17) ما انْتَقَدُوا] فَابْنُ الصَّلاحِ رَجَّحَا *** قَطْعًا بِهِ، [وَكَمْ إِمَامٍ جَنَحَا]
    (18) والنَّوَوِي رَجَّحَ فِي التَّقْرِيبِ *** ظَنًّا بِهِ، [وَالقَطْعُ ذُو تَصْوِيبِ
    (19) وَلَيْسَ شَرْطًا عَدَدٌ، وَمَنْ شَرَطْ *** رِوَايَةَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا غَلَطَ]

    الضبط:
    *شذَّ: وفي بعضِ الطبعاتِ (شذًّا) بالتتوينِ مع إثبات الألف بعده, وكلاهما موزون.
    *والضَُّعف: يجوز فيه فتح الضادِ (الضَّعف) وضمها (الضُّعف).
    * غلَِط: يجوزُ فيه كسرِ اللامِ (غلِط) جوابُ شرطٍ, والأولى فتحها (غلَط) أي فهو ذو غلَط.
    الشرح:
    *ثم ذكر الناظم رحمه الله تعريف الحديث الصحيح, ومسألة (هل يفيد الحديث الصحيح القطعَ أو العلمَ؟ ورأي العلماءِ في ذلك, ثم ذكرَ (هل يشترطُ عدد معين لروايةِ الحديث)؟ ثم ذكر مسألة (أصحِّ الأسانيد) وأقوال العلماء والراجح فيه.
    (14)حدُّ –أي تعريف- الصحيح –على وزنِ فعيل, بمعنى فاعل, من الصحَّةِ, وجمعه صِحاح-: هو المسنَد –أي المرويُّ بإسنادٍ, لا أنه (المسند) المرويُ عن النبي خاصةً- بوصلِهِ –أي المتصل, فخرجَ/ المنقطعُ والمعضلُ والمرسلُ- بنقلِ عدلٍ –فخرجَ/ الكافر, والمجنون, والفاسق, والمجهول عينًا أو حالاً- ضابطٍ –فخرجَ/ خفيفُ الضبطِ, ومن ليسَ بضابطٍ- عن مثله –أي من مبتدأ السندِ إلى منتهاه-.
    (15)ولم يكن –أي الحديث الصحيح- شذَّ –أي شاذا مصدر شذَّا, فدخلَ/ الحديثُ المحفوظ, وخرجَ المنكرَ من بابِ أولى- ولا معلَّلاً –فدخلَ/ الحديث السالم من قوادح العلةِِ الخفيّة-.
    شرح شروطُ الصحيح:
    الأول: الاتصال, والمراد بالاتصال: تحقُّق أخذِ كلِّ راوٍ الحديثَ ممن فوقه, وانتقادُ الناظمِ بأنه [لو عبَّر بـ"اتصال السندِ" بدل "المسند المتصل" لكانَ أولى] غير صواب, لما سبقَ أن بينتُ مراده في قوله "مسند".
    الثاني: أن يكونَ الراوي عدلاً, والمرادُ بالعدلِ: من عرفتْ عينُهُ, وحُمدت خصالُهُ, ونزَّهها عن الرذائلِ والخوارم, فالعدالة تقتضي: الإسلام, والعقلَ, والصدقَ, والسلامةَ من الفسقِ, والجهالة.
    الثالث, أن يكونَ الراوي ضابطًا, والمرادُ بالضبطِ: حفظُ الحديثِ جيِّدا من تحمُّلِهِ إلى أدائِهِ, والضبطُ ضبطان:
    ضبطُ صدر, وهو أن يثبت الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء حتى يؤديه.
    ضبطُ كتابة, وهو صيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه.
    (تَنْبِيْـهٌ): يرى الإمامُ السيوطي في التدريب أن التعبير بـ"نقل الثقة" بدل "العدل والضبط" أجمعُ لهما وأخصر, وذلكَ أن التعريفات مبنية على الاختصار لا الإسهاب, ويَرِدُ عليهِ بأن (الثقة قد تطلق على من كان مقبولاً, وإن لم يكن تام الضبط, والمعتبر في حد الصحيح إنما هو تمام الضبط).
    الرابع, عدم الشذوذ, أي عدمُ وجود المخالفةِ للثقاتِ, أو للأوثقِ, لا مطلق التفرد. وقد اعترض ابن حجرٍ على هذا الشرطِ إذ قال: (مجردُ مخالفةِ أحد رواته لمن هو أوثق منه أو أكثر عددًا لا يستلزم الضعف بل يكونُ من باب صحيح أو وأصحَّ اه), إلى أن قال (فهذا يلزمُ أن يسمِّي الحديث صحيحًا ولا يعمل به؟ قلنا: لا مانع من ذلك, إذ ليس كل صحيح يُعمل به بدليل المنسوخ اه).
    الخامس, عدمُ العلةِ, والمرادُ بالعلة هنا "القادحة والخفية" فإذًا هيَ: سببٌ غامضٌ يؤثِّر في صحَّة الحديث, سندًا أو متنًا. وإنما لم يذكرِ الناظم لفظَ "القدح" لأنَّ المعلَّل ما فيهِ علة قادحة, وما فيه علة غير قادحةٍ لا يسمَّى معلَّلاً, أفاده السيوطي في شرحه.
    * ثم ذكرَ مسألةَ القطعِ بصحةِ كل حديثٍ جمعَ "حدَّ الصحيح" فقال:
    .............................* ** والحُكْمُ بِالصَّحَة ِوَالضَّعْفِ عَلَى
    (16) ظاهِرِهِ، لا القَطْعِ، إِلاَّ مَا حَوَى *** كِتَابُ مُسلِمٍ أَوِ الجُعْفِي [سِوَى]
    (والحكمُ بالصحةِ والضعفِ على ظاهره) -أي إذا قيل: هذا حديث صحيح وهذا حديث ضعيف, فهو حكمٌ ظاهريٌ أي بحسبِ الظاهرِ لا أنه مقطوع به في نفسِ الأمر, لجوازِ الخطأ والنسيان على الثقة, والصدق والإصابة على كثير الخطأ- لا القطعِ -فلا يحكمُ بالقطعِ خلافًا لجماعةٍ من أهل الحديث, بل غايته إفادة العلمِ اليقيني- إلاَّ ما حوى –أي ضمَّ وشمل- كتاب مسلم –أي صحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري المتوفى سنة (261هـ)- أو –بمعنى و- الجعفي –أي صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة (256هـ), فيحكمُ بالقطعِ في صحَّتهما- سوى –الأحاديث المتنقدة التي انتقدها الإمام الدار قطني وأبي مسعود الدمشقي وغيرهما-.
    (17)سوى ما انتقدوا -أي أنَّ الأحاديث المنتقدَةَ في صحيحي البخاري ومسلم لا يحكمُ بالقطعِ في صحتهما, وهي في جملتها تبلغ عشرين ومائتين, وقد أجيبَ عنهما فمنهم المصيب ومنهم المخطئ- فابن الصَّلاح رجَّحا قطعًا به -أي أن الإمام ابن الصلاح المتوفى سنة (643هـ) يرى ما حكيناه, وهو القطعُ بصحَّةِ أحاديثِ الشيخين سوى المنتقدِ عليهما فيه وسوى الأحاديث المعلقة والموقوفة- وكم –بمعنى كثير- إمام جنحا –أي جنحَ لهذا القول, كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفراييني والبُلقيني, وابن كثيرٍ إذ قال (وأنا مع ابن الصلاح فيما عوَّل عليهِ وأرشدَ إليه) ونقلَه ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة والسلف عامة, وهو رأي جمهور الأصوليين-.
    (18)والنووي –الإمام محي الدين أبو زكريا الشافعي المتوفى سنة (676هـ)– رجَّح في التقريب –واسمه "التقريب والتيسير لسنن البشير النذير" وهو الكتاب الذي شرحه السيوطي بـ"تدريب الراوي بشرح تقريب النوواي" وقد اختصره النووي من كتابِهِ (الإرشاد) الذي اختصره من كتاب (علوم الحديث لابن الصلاح)- ظنَّا به –أي أن صحتهما ظنيَّة وليستْ بقطعية, قال (لأنَّ ذلك شأن الآحاد, ولا فرق في ذلك بين الشيخينِ وغيرهما, وتلقي الأمة بالقبولِ إنما أفاد وجوب العمل بما فيها من غير توقف على النظر فيه) وهو بعيدٌ- والقطعُ ذو تصويب –والحكمُ بالقطعِ هو الصواب عند الناظم رحمه الله-.
    (19) اشترطَ المعتزلةِ وغيرهم في صحَّةِ الحديث (العدد) كالشهادة, وادَّعى الميانجي في كتابه (ما لا يسع المحدث جهله) أن الشيخين اشترطَا لكل حديث ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنانِ فصاعدًا..وقد ردَّ ابن حجر فقال: (وهو كلامُ من لم يمارس الصحيحين أدنى ممارسة اه) وردَّ هذا الناظم فقال: وليسَ شرطًا عددٌ –أي روايةَ متعدد- ومن شرطَ –من المحدثين أو من غيرهم- رواية اثنين فصاعدًا غَلَط –أي أبعدَ النُجعةَ ولم يصب, وغلَط خبر مبتدأ محذوف تقديره (فهو ذو)-.



    (فَـائِـدَةٌ): الأدلةُ على إثباتِ قبولِ خبر الواحدِ عديدةٌ جدًا, فمنها: قول النبي صلى اللع عليه وسلم (نضر الله امرءًا سمِعَ مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها), وأرسلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمنِ لدعوةِ التوحيدِ, وما استقبل أهلُ قباء الكعبةَ إلاَّ حينَ جاءهم منادٍ وهم في صلاتهم أن (حوِّلت القبلة) فتوجهوا من غير نكير, فهل بعدَ هذا التقرير قرارُ؟ وما على المعاندين إلاَّ الفرار!


    (فَـائِـدَةٌ): مثالٌ على روايةِ الإمام البخاري في صحيحه لأحاديث غريبة: أول حديث وضعه في صحيحه, وهو حديث "إنما الأعمال بالنيات", فهذا عن يحيى بن سعيد الأنصاري –وَلَمْ يَروِهِ غَيْرُه مِنْ طَبَقَتِهِ- عن محمد بن إبراهيم التيمي –وَلَمْ يَروِهِ غَيْرُه مِنْ طَبَقَتِهِ- عن علقة بن وقاص الليثي –وَلَمْ يَروِهِ غَيْرُه مِنْ طَبَقَتِهِ- عن عمر بن الخطاب –وَلَمْ يَروِهِ غَيْرُه مِنْ طَبَقَتِهِ-, ثم اشتهر الحديث بعد يحيى بن سعيد وكثُر الرواةُ عنه .
    & والأمثلة في مثلِ ذلك أكثر من أن يحصى, حتى إنك لا تجدُ مصنَّفا حديثيًا يفنى من ذلك.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    اللهم باركـ لنا في شـامنا
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    جزاكم الله خيرًا .
    يا رب !!
    اجْعلني من الرَّاسخين في العلم

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    104

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    (20)والوَقْفُ عَنْ حُكْمٍ [لِمَتْنٍ أَوْ] سَنَدْ *** بِأَنَّهُ أَصَحُّ مُطلَقًا أَسَدّْ
    (21)وآخَرُونَ حَكَمُوا فاضْطَرَبُوا *** [لِفَوقِ عَشْرٍ ضُمِّنَتْهَا الْكُتُبُ]
    (22)فَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَيِّدِهْ *** وَزِيدَ مَا لِلشَّافِعِي فَأَحْمَدِهْ
    (23)وَابْنُ شِهابٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِهْ *** عَنْ جَدِّهِ، أَوْ سَالِمٍ عَمَّنْ نَبِهْ
    (24)[أَوْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ حَبْرِ البَشَرْ *** هُوَ ابْنُ عَباسٍ وَهَذَا عَنْ عُمَرْ
    (25)وَشُعْبَةٌ عَنْ عَمْرٍو ابْنِ مُرَّهْ *** عَنْ مُرَّةٍ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ كَرَّهْ
    (26)أَوْ مَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَهْ *** إِلَى سَعِيدٍ عَنْ شُيُوخٍ سَادَهْ]
    (27)ثُمَّ ابْنُ سِيرِينَ عَنِ الْحَبْرِ الْعَلِي *** عَبِيدَةٍ بِما رَوَاهُ عَنْ عَلِي
    (28)كَذَا ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْراهِيمَ عَنْ *** عَلْقَمَةٍ عَنِ ابْنِ مَسعُودِ الْحَسَنْ
    (29)[وَوَلَدُ القَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ *** عائِشَةٍ، وَقَالَ قَوْمٌذُو فِطَنْ]:
    (30)لا يَنْبَغِي التَّعْمِيمُ فِي الإِسْنادِ *** [بَلْ خُصَّ بِالصَّحْبِ أَوِ البِلادِ]
    الضبطُ:
    * ضُمِّنـتْها: بضمِّ الضادِ وكسرِ الميم مع التشديد (مبني للمجهول), ويجوزُ فتحُ الضادِ وفتح الميم مع التشديد (ضَمَّنتها).
    * عَمَّن: هكذا في جميع النسخ, وفي نسخِةِ [البحر الذي زخر]: على من.
    * نَبِه: ويجوزُ: نبُه, والأولى ما أثبتناه توافقًا مع (أبِهْ).
    * حَِبـر: يجوزُ فيه فتح الحاء (حَبر) وبالكسر (حِبر), وبعضهم أنكرَ الكسر.
    * أو ما: وفي بعضِ النسخ: وما.
    * إلى سعيد: وفي بعضِ النسخ: أبي سعيد, وهو تصحيف, إذ اسمه سعيد.
    * الحَِبر: وفي بعضِ النسخ: الخير.
    * مسعودِ: وفي بعضِ النسخ: مسعودٍ, بالتنوين.
    * فِطَن: وفي بعضِ النسخ: فَطَن, بفتحتين.
    الشرحُ:
    & ثم شرعَ الناظمُ رحمه الله في ذكرِ مسألةٍ كبيرةٍ تنازعَ فيها العلماء واختلفوا, وهي "أصحُّ الأسانيد", وقد حكى الناظم ثلاثة أقوالٍ في المسألة مبتدئًا بالراجحِ عنده.
    (20)والوقفُ –أي التوقف- عن الحكمِ لمتنٍ –أي حديثٍ- بأنَّه أصحُّ المتونِ مطلقًا, أو الحكمِ لسندٍ بأنَّه أصح الأسانيد مطلقًا, أَسَدْ –أفعل تفضيل أي أكثرُ سَدادًا- كما حكى ذلك ابن الصلاح: (ولهذا نرى الإمساكَ عن الحكمِ لإسنادٍ أو حديثٍ بأنَّه أصحُّ على الإطلاق اه).
    (فائدةٌ): إنما ذكر الناظمُ رحمه الله المتنَ في إطلاقِ العلماءِ كالسندِ, لما جاءَ عن العلائي أنه قال عن حديثٍ (ليسَ في الدنيا أصح منه), وهو قليلٌ نادرٌ من المحدِّثين حتى إنَّ بعضهم كالنووي والعراقي نفوْا وجوده, ونبَّهوا أنَّه لا يلزمُ من كونِ الإسنادِ أصحُّ من غيره, أن يكون المتنَ المرويُّ به أصح من غيره على الإطلاق.
    (21)وآخرون –ممن يقولوا في الجزمِ بأصحِّ الأسانيد مطلقًا- حكموا –في الأسانيد- فاضطربوا –اختلفوا في أقوالهم, لأنَّه إنما رجَّح كلٌ منهم بحسبِ ما قويَ عنده, ويكأنَّ الناظمُ يشعرُ بشدَّةِ ضعف هذا القول- لفوقِ عشرٍ –إلى فوق عشرةِ أقوال والناظمُ ذكرَ تسعةً- ضُمِّنتها الكتب –أي احتوتها الكتب المعنيَّة به-, ثم حكى الناظمُ هذه الأقوال التسعةَ:
    (22) (القول الأول) ما رواه مالكُ –أبو عبدِ الله مالك بن أنس بن مالك الأصبُحِي تابعيٌ جليلٌ, إمامُ دارِ الهجرة, مؤسِّس المذهب المالكي, جمعَ بينَ الفقهِ والحديث, أثبتُ أصحابِ نافع, وهو النجمُ الذي لا يُسألُ عنه لجلالته, توفيَ سنة (179هـ)– عن نافع –أبو عبد الله المدني نافع بن هرمز, مولى ابن عمر وأجلُّ تلاميذه حتى إنَّ النسائي فضَّله في أحاديث على سالم بن عبد الله, توفي سنة (120هـ)- عن سيده –أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب, صحابي جليلوراوٍ مكثر روى (2630 حديثًا), شهد الغزوات كلها, توفي سنة (74هـ)-, وهذا مذهبُ الإمام البخاري, قال السيوطي في [التدريب]: وهذا أمرٌ تميلُ إليهِ النفوس, وتنجذب إليه القلوب اه.
    وزِيدَ –ممنْ روى عن مالك, والذي زاده الإمام أبو المنصور عبد القاهر التميمي- ما للشافعي –أبي عبد الله محمد بن إدريس القرشي المطلبي, مؤسِّس المذهب الشافعي, جمعَ بين الفقه والحديث, أجلُّ أصحابِ مالك روايةً بإجماعِ المحدِّثين, توفي سنة (204هـ)- فأحمده –أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني, مؤسِّس المذهب الحنبلي, شيخُ السُّنةِ وناصرها, قامعُ البدعة وناسِفها, أجلُّ أصحابِ الشافعي روايةً بإجماعِ المحدِّثين, توفيَ سنة (241هـ).
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه أحمدُ بن حنبلَ عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
    (فائدةٌ): قد وقعَ حديثٌ واحدٌ بهذه "السِّلسِلَةِ الذهبيَّةِ" وذلك فيما جاءَ في (مسند الإمام أحمد) قال حدَّثنا محمد بن إدريسَ الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (لا بيع بعضهم على بيع بعض, ونهى عن النجشِ, وهن بيع حبل الحبلة, وعن بيع المزابنة). ويُتـنبَّه إلى أن الإمام مالكا لم ينفرد روايته بهذا الحديث عن الشافعي بل رواه غيره عنه.
    (23) (القولُ الثاني) ما رواه ابن شهاب –أبو بكرٍ محمد بن مسلم بن شهاب القرشي الزهري, أحدِ أئمةِ وأعلامِ الإسلام, له نحو ألفيْ حديث, توفيَ سنة (124هـ)- عن عَلِيٍ – أبو الحسن علي بن الحسينِ زين العابدين, كانَ فقيهًا ورعًا كثيرَ الحديث, يقال له (عليٌ الأصغر), وكانَ ابن أمةٍ حتى إنَّ قريشًا رغبتْ في أمهاتِ الأولادِ بعدَ ولادته, توفي سنة (95هـ)- عن أبه –الحسينُ بن علي سبطُ رسول الله وريحانته, سيد شباب أهل الجنةِ, توفي سنة (61هـ) - عن جدِّه –أبو الحسن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين, صحابيٌ جليلٌ وزوجُ ابنةِ رسول الله, ورابعُ الخلفاء الراشدين, قتله عبد الرحمن بن ملجم بسيفٍ مسموم سنة (40هـ)-, وهذا مذهب الإمامين أبي بكرٍ بن أبي شيبة وعبد الرزاق الصنعاني –رحمهما لله-, وليسَ في الكتب الستة بهذه الترجمة سوى حديثين.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب.
    (القولُ الثالث) وقوله (أو سَالمٍ عمنْ نبِه) يعني أو ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم –بن عبد الله بن عمر بن الخطاب, مفتي المدينة وأحد الفقهاء السبعة, المجموعين في قولِ الشاعر:
    إذَا قِيـلَ مَنْ فِي الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُـرٍ *** رِوَايَتُـهُمْ لَيْسَتْ عَنْ الْعِلْمِ خَارِجَـهْ
    فَقُلْ هُمْ (عُبَيْدُ اللَّهِ) (عُرْوَةُ) (قَاسِمٌ) *** (سَعِيدٌ) (أَبُو بَكْرٍ) (سُلَيْمَانُ) (خَارِجَهْ)
    وقيل (سالم) بدل (أبي بكر) وهذا مشهورٌ عندَ الأئمةِ المحدثين والمترجمين, توفي سنة (106هـ)- عمن نبِه –أي عن شخصٍ شريف وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب-,وهذا مذهبُ الإمامين أحمد بن حنبلَ وإسحاق بن راهويه –رحمهما لله-, وبهذه الترجمةِ في الكتب الستةِ الجم الغفير.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر الخطاب.
    (فائدةٌ): قوله "أبـِهِ" أي أبيه, وأبِهِ لغة النقص في أبيهِ, على حدِّ قول الشاعر:
    بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ فِي الكَرَمْ *** وَمَنْ يُشَابِـهْ أبَـهُ فَمَا ظَلَمْ
    (24) (القولُ الرابع) ما رواه ابن شهاب الزهري عن عبيدِ الله –أبو عبد اللهِ عبيد الله بن عبد الله بن عتبةَ بن مسعودٍ الهذلي المدني الضرير, أحد الفقهاء السبعة, توفي سنة (98هـ) – عن حَبر –جمع أحبار, وهو العالم- البشر هو ابن عباس –عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ترجمان القرآن, صحابي جليل وابن عمِّ رسول الله, كانَ من كبارِ الصحابةِ علمًا ومن صغارهم سنًا, روي له نحو 1696 حديثًا, توفي سنة (68هـ)- وهذاعن عمر –أبي حفص عمر بن الخطاب العدوي, أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين, أحد العشرة المبشرين بالجنة, له (5039 حديثًا), توفي سنة (23هـ), وهذا مذهبُ الإمام النسائي –رحمه لله- مـمَّا قيَّده, وليسَ في الكتب الستة بهذه الترجمة سوى أربعةِ أحاديث.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباسٍ عن عمر بن الخطاب.
    (25) (القولُ الخامس) ما رواه شعبةُ –أبو بِسطام شعبة بن الحجاج الأزدي العَتَكِي, عالمُ أهل البصرةِ ومحدِّثها, وأمير المؤمنين في الحديث, له نحو ألفيْ حديث, توفي سنة (160هـ)- عن عمروٍ ابْن مرة –أبا عبدِ الله المُرادي الكوفي, لا يُختلف في حديثهِ, قال ابن عيينةَ: هو مِن أفضلِ من أدركتُ اه, توفي سنة (118هـ)- عن مُرَّة –أبا إسماعيل مرة بن شراحيل الهمْداني الكوفي, المعروف بـ"مرة الخير" لعبادتِهِ, توفي سنة (76 هـ)- عن ابنِ قيسٍ –أبو موسى عبد الله بن قيسٍ بن سليمان الأشعري, صحابيٌ جليلٌ كانَ حسنَ الصوتِ بالقرآن, وقد انتهى العلمِ إليهِ, له 360 حديثًا, توفي سنة (53هـ)-, وقوله (كرَّه) أي مرةً, أي أن شعبةَ له تارات, فتارة يروي عن عمرو وتارةً عن غيره, وهذا مذهب الإمام وكيع شيخ الإمام الشافعي –رحمهما لله-, وليسَ في الكتب التسعة بهذه الترجمة سوى حديث (كَمَلَ من الرجال كثير).
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه شعبةُ بن الحجاج عن عمرو بن مرةَ المرادي عن مرةَ الخيرِ عن أبي موسى الأشعري.
    (26) (القولُ السادسُ) ما رواه شعبةُ عن قتادةَ –أبو الخطَّاب قتادة بن دعامةَ السدوسي الحافظ الضرير, كانَ أحفظَ أهلِ البصرةِ, وكانَ مع علمه بالحديث رأسًا في العربيةِ, وقد رُميَ بالقدر, توفي سنة (117هـ)- إلى سعيدٍ –أبو محمد سعيدُ بن المسيِّب ابن حزْنٍ المدني, سيِّد التابعينَ في زمانهِ, وكانَ عالمَ العلماء كما يقول مكحول, توفي سنة (94هـ)- عن شيوخٍ سادهْ –أي من كبار التابعين والصحابة الكرام رضي الله عنهم-, وهذا قولُ حجَّاج بن شاعر –رحمه لله-, وممَّا جاءَ في هذا الطريق حديث الشيخين (العائدُ في هبته كالعائدِ في قيئه).
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه شعبةُ بن الحجاج عن قتادة بن دعامة عن سعيد بن المسيِّب عن الصحابة.
    [استدراكٌ]:قال السيوطي في [البحر]: ولو قيلَ بدل شعبةَ سعيد بن أبي عروبةَ عن قتادة...لم يبعد, لكونِ سعيد بن أبي عروبة من أحفظِ وأتقنِ أصحابِ التابعي قتادة, وممَّا جاءَ في هذا الطريق (أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فقدم بتمرٍ جنيب).
    (فائدةٌ): يقولُ الشيخ العلامة محمد بن آدم الأثيبوبي في ضبطِ "المسيب بن حزن":
    قُلْـتُ: وكَسْرُهُ أَحَقُّ إِذْ أتَـى **** أهـلَ المَدِينةِ بِـهِ فثَبَتـا
    وَعَن سَعيدٍ كُرْهه الفَتحَ ورَدْ **** بَلْ قِيلَ قَد دَعَا عَلى مَنِ اعْتَمَدْ
    فابعُـدْ عِنِ الفَتحِ تَكُنْ مُجَانبـا **** دُعَـاءه وِنعْم ذَاكَ مَطْلبـا
    (27) (القولُ السابعُ) ما رواه ابنُ سيرينَ –أبو بكرٍ محمد بن سيرين البصري, إمام البصرةِ ومحدِّثها, وكانَ أبوهُ مولىً لأنسِ بن مالك, اشتهرَ بالورعَ والتعبير, توفي سنة (110هـ)- عنِ الحبرِ العَلِي –صفة للبحر, أي الرفيع الشأن- عَبِيدةٍ –بن عمروٍ السَّلماني المرادي, تابعي جليل ولا صحبة له, وكانَ ثبتًا في الحديث بارعًا في الفقهِ, توفي سنة (72هـ)- بما رواهُ عن علي –بن أبي طالب, وهذا مقيَّد عنه- , وهذا مذهبُ عمرو بن علي الفلاَّس –رحمه لله-.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه محمد بن سيرين عن عبيدَة بن عمرو السلماني عن علي بن أبي طالب.
    (28) (القول الثامن) ما رواه ابن مهران –أبو محمد سليمان بن مِهران الكوفي الأعمش, أحد الأئمة الثقات, من صغار التابعين, وهو من المدلِّسين المكثرين, له نحو (1300 حديث), توفي سنة (148هـ)- عنِ إبراهيمَ –أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخَعي, فقيه أهل العراق, كانَ بصيرًا بعلمِ ابن مسعود, وكانَ ذكيًا حافظًا, تـوفي سنة (96 هـ)- عن علقمةٍ –أبو شبل علقمة بن قيس النخعي الكوفي, ثقةٌ, فقيهٌ, عابدٌ, توفي بعدَ الستين- عن ابن مسعودٍ –أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي, صحابيٌ جليلٌ, وكانَ رسول الله يناديه بابن أم عبدٍ, وكانَ أعلمَ أصحاب رسول الله بكتاب الله, روى (8048 حديثًا), توفي سنة (32هـ)-, الحسن –أي حسن الأوصاف, لشبهه بالنبي هديًا ودلاًّ-, وهذا مذهبُ الإمام ابن معين –رحمه لله-, وفي الكتبِ الستة بهذه الترجمةِ أكثر من عشرين حديثًا.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه سليمان بن مهران الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن يزيد عن ابن مسعود.
    (29) (القول التاسع) ما رواه ولدُ القاسمُ –أبو محمد عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكرٍ الصديق التيمي, من سادات أهل المدينة فقهًا وعلمًا وديانةً وفضلاً وحفظًا, توفي سنة (131هـ)- عن أبيهِ –القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق, له مائتا حديث, توفي سنة (106هـ) - عن عائشةٍ –أم عبد الله عائشة بنت أبي بكرٍ الصديق, زوجةُ رسول الله, وأعلمُ نساءً الصحابيات فقهًا وحديثًا, روت أكثر من (2470 حديثًا), توفيت أيامَ معاوية سنة (57هـ)-, وهذا مذهبُ ابن معين –رحمه الله- في القولِ الثاني عنه, وفي الكتبِ الستة بهذه الترجمةِ عدد كثير.
    إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة بنت أبي بكر.
    * قال الناظمُ رحمه الله (وقالَ قومٌ ذو فِطنْ) أيْ/ قال جماعةٌ من أهلِ الحديث منْ أصحابِ الفطنةِ –أي الحِذق في فنِّ الحديثِ-, ويعنِي الناظمُ رحمه الله الإمامَ أبا عبدِ الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري, وكذلك قاله أحمد بن صالحٍ المصري والإمام أبو محمد بن حزم الظاهري –رحمهم الله-.
    (30)لا ينبغي التعميمُ في الإسنادِ –بأن يقال: هذا أصحُّ الأسانيدِ مطلقًا- بل خُصَّ –أي هو من العامِ المخصوص- بالصحبِ –بأن يقال أصحُّ الأسانيد إلى فلانٍ كذا وكذا- أو البلادِ –بأن يقال أصحُّ أسانيدَ الكوفة كذا وكذا- من غير تعميمٍ ولا إطلاقٍ, وهذا قولُ الحاكمِ وتبعه عليه الإمام ابن الصلاحِ وابن كثيرٍ ونصره الناظمُ بمدحِ قائلِهِ, وكذا السخاوي وقال (لأنَّه حصر في باب واسع جدًا شديد الانتشار).

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,091

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    جزاكم الله خيرا
    (8) والسَّنَدُ: اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ *** مَتْنٍ كَالاِسْنادِ لَدَى فَرِيقِ

    عدله الشيخ طارق بن عوض الله فقال:
    16- و(السند) الإخبار عن طريق ... متن، كـ(الاسناد) وكـ(الطريق)

    شرح لغة المحدث ص62، وينظر ما كتبه في الحاشية.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    اللهم باركـ لنا في شـامنا
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: مُدارسةُ / ألفيَّة السُّيوطِي في مُصْطلحِ الحَدِيث / (ضَبْطٌ, وَتَعْلِيقُ)

    جزيتم خيرا
    يا رب !!
    اجْعلني من الرَّاسخين في العلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •