(20)والوَقْفُ عَنْ حُكْمٍ [لِمَتْنٍ أَوْ] سَنَدْ *** بِأَنَّهُ أَصَحُّ مُطلَقًا أَسَدّْ
(21)وآخَرُونَ حَكَمُوا فاضْطَرَبُوا *** [لِفَوقِ عَشْرٍ ضُمِّنَتْهَا الْكُتُبُ]
(22)فَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَيِّدِهْ *** وَزِيدَ مَا لِلشَّافِعِي فَأَحْمَدِهْ
(23)وَابْنُ شِهابٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِهْ *** عَنْ جَدِّهِ، أَوْ سَالِمٍ عَمَّنْ نَبِهْ
(24)[أَوْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ حَبْرِ البَشَرْ *** هُوَ ابْنُ عَباسٍ وَهَذَا عَنْ عُمَرْ
(25)وَشُعْبَةٌ عَنْ عَمْرٍو ابْنِ مُرَّهْ *** عَنْ مُرَّةٍ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ كَرَّهْ
(26)أَوْ مَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَهْ *** إِلَى سَعِيدٍ عَنْ شُيُوخٍ سَادَهْ]
(27)ثُمَّ ابْنُ سِيرِينَ عَنِ الْحَبْرِ الْعَلِي *** عَبِيدَةٍ بِما رَوَاهُ عَنْ عَلِي
(28)كَذَا ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْراهِيمَ عَنْ *** عَلْقَمَةٍ عَنِ ابْنِ مَسعُودِ الْحَسَنْ
(29)[وَوَلَدُ القَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ *** عائِشَةٍ، وَقَالَ قَوْمٌذُو فِطَنْ]:
(30)لا يَنْبَغِي التَّعْمِيمُ فِي الإِسْنادِ *** [بَلْ خُصَّ بِالصَّحْبِ أَوِ البِلادِ]
الضبطُ:
* ضُمِّنـتْها: بضمِّ الضادِ وكسرِ الميم مع التشديد (مبني للمجهول), ويجوزُ فتحُ الضادِ وفتح الميم مع التشديد (ضَمَّنتها).
* عَمَّن: هكذا في جميع النسخ, وفي نسخِةِ [البحر الذي زخر]: على من.
* نَبِه: ويجوزُ: نبُه, والأولى ما أثبتناه توافقًا مع (أبِهْ).
* حَِبـر: يجوزُ فيه فتح الحاء (حَبر) وبالكسر (حِبر), وبعضهم أنكرَ الكسر.
* أو ما: وفي بعضِ النسخ: وما.
* إلى سعيد: وفي بعضِ النسخ: أبي سعيد, وهو تصحيف, إذ اسمه سعيد.
* الحَِبر: وفي بعضِ النسخ: الخير.
* مسعودِ: وفي بعضِ النسخ: مسعودٍ, بالتنوين.
* فِطَن: وفي بعضِ النسخ: فَطَن, بفتحتين.
الشرحُ:
& ثم شرعَ الناظمُ رحمه الله في ذكرِ مسألةٍ كبيرةٍ تنازعَ فيها العلماء واختلفوا, وهي "أصحُّ الأسانيد", وقد حكى الناظم ثلاثة أقوالٍ في المسألة مبتدئًا بالراجحِ عنده.
(20)والوقفُ –أي التوقف- عن الحكمِ لمتنٍ –أي حديثٍ- بأنَّه أصحُّ المتونِ مطلقًا, أو الحكمِ لسندٍ بأنَّه أصح الأسانيد مطلقًا, أَسَدْ –أفعل تفضيل أي أكثرُ سَدادًا- كما حكى ذلك ابن الصلاح: (ولهذا نرى الإمساكَ عن الحكمِ لإسنادٍ أو حديثٍ بأنَّه أصحُّ على الإطلاق اه).
(فائدةٌ): إنما ذكر الناظمُ رحمه الله المتنَ في إطلاقِ العلماءِ كالسندِ, لما جاءَ عن العلائي أنه قال عن حديثٍ (ليسَ في الدنيا أصح منه), وهو قليلٌ نادرٌ من المحدِّثين حتى إنَّ بعضهم كالنووي والعراقي نفوْا وجوده, ونبَّهوا أنَّه لا يلزمُ من كونِ الإسنادِ أصحُّ من غيره, أن يكون المتنَ المرويُّ به أصح من غيره على الإطلاق.
(21)وآخرون –ممن يقولوا في الجزمِ بأصحِّ الأسانيد مطلقًا- حكموا –في الأسانيد- فاضطربوا –اختلفوا في أقوالهم, لأنَّه إنما رجَّح كلٌ منهم بحسبِ ما قويَ عنده, ويكأنَّ الناظمُ يشعرُ بشدَّةِ ضعف هذا القول- لفوقِ عشرٍ –إلى فوق عشرةِ أقوال والناظمُ ذكرَ تسعةً- ضُمِّنتها الكتب –أي احتوتها الكتب المعنيَّة به-, ثم حكى الناظمُ هذه الأقوال التسعةَ:
(22) (القول الأول) ما رواه مالكُ –أبو عبدِ الله مالك بن أنس بن مالك الأصبُحِي تابعيٌ جليلٌ, إمامُ دارِ الهجرة, مؤسِّس المذهب المالكي, جمعَ بينَ الفقهِ والحديث, أثبتُ أصحابِ نافع, وهو النجمُ الذي لا يُسألُ عنه لجلالته, توفيَ سنة (179هـ)– عن نافع –أبو عبد الله المدني نافع بن هرمز, مولى ابن عمر وأجلُّ تلاميذه حتى إنَّ النسائي فضَّله في أحاديث على سالم بن عبد الله, توفي سنة (120هـ)- عن سيده –أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب, صحابي جليلوراوٍ مكثر روى (2630 حديثًا), شهد الغزوات كلها, توفي سنة (74هـ)-, وهذا مذهبُ الإمام البخاري, قال السيوطي في [التدريب]: وهذا أمرٌ تميلُ إليهِ النفوس, وتنجذب إليه القلوب اه.
وزِيدَ –ممنْ روى عن مالك, والذي زاده الإمام أبو المنصور عبد القاهر التميمي- ما للشافعي –أبي عبد الله محمد بن إدريس القرشي المطلبي, مؤسِّس المذهب الشافعي, جمعَ بين الفقه والحديث, أجلُّ أصحابِ مالك روايةً بإجماعِ المحدِّثين, توفي سنة (204هـ)- فأحمده –أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني, مؤسِّس المذهب الحنبلي, شيخُ السُّنةِ وناصرها, قامعُ البدعة وناسِفها, أجلُّ أصحابِ الشافعي روايةً بإجماعِ المحدِّثين, توفيَ سنة (241هـ).
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه أحمدُ بن حنبلَ عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
(فائدةٌ): قد وقعَ حديثٌ واحدٌ بهذه "السِّلسِلَةِ الذهبيَّةِ" وذلك فيما جاءَ في (مسند الإمام أحمد) قال حدَّثنا محمد بن إدريسَ الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (لا بيع بعضهم على بيع بعض, ونهى عن النجشِ, وهن بيع حبل الحبلة, وعن بيع المزابنة). ويُتـنبَّه إلى أن الإمام مالكا لم ينفرد روايته بهذا الحديث عن الشافعي بل رواه غيره عنه.
(23) (القولُ الثاني) ما رواه ابن شهاب –أبو بكرٍ محمد بن مسلم بن شهاب القرشي الزهري, أحدِ أئمةِ وأعلامِ الإسلام, له نحو ألفيْ حديث, توفيَ سنة (124هـ)- عن عَلِيٍ – أبو الحسن علي بن الحسينِ زين العابدين, كانَ فقيهًا ورعًا كثيرَ الحديث, يقال له (عليٌ الأصغر), وكانَ ابن أمةٍ حتى إنَّ قريشًا رغبتْ في أمهاتِ الأولادِ بعدَ ولادته, توفي سنة (95هـ)- عن أبه –الحسينُ بن علي سبطُ رسول الله وريحانته, سيد شباب أهل الجنةِ, توفي سنة (61هـ) - عن جدِّه –أبو الحسن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين, صحابيٌ جليلٌ وزوجُ ابنةِ رسول الله, ورابعُ الخلفاء الراشدين, قتله عبد الرحمن بن ملجم بسيفٍ مسموم سنة (40هـ)-, وهذا مذهب الإمامين أبي بكرٍ بن أبي شيبة وعبد الرزاق الصنعاني –رحمهما لله-, وليسَ في الكتب الستة بهذه الترجمة سوى حديثين.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب.
(القولُ الثالث) وقوله (أو سَالمٍ عمنْ نبِه) يعني أو ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم –بن عبد الله بن عمر بن الخطاب, مفتي المدينة وأحد الفقهاء السبعة, المجموعين في قولِ الشاعر:
إذَا قِيـلَ مَنْ فِي الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُـرٍ *** رِوَايَتُـهُمْ لَيْسَتْ عَنْ الْعِلْمِ خَارِجَـهْ
فَقُلْ هُمْ (عُبَيْدُ اللَّهِ) (عُرْوَةُ) (قَاسِمٌ) *** (سَعِيدٌ) (أَبُو بَكْرٍ) (سُلَيْمَانُ) (خَارِجَهْ)
وقيل (سالم) بدل (أبي بكر) وهذا مشهورٌ عندَ الأئمةِ المحدثين والمترجمين, توفي سنة (106هـ)- عمن نبِه –أي عن شخصٍ شريف وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب-,وهذا مذهبُ الإمامين أحمد بن حنبلَ وإسحاق بن راهويه –رحمهما لله-, وبهذه الترجمةِ في الكتب الستةِ الجم الغفير.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر الخطاب.
(فائدةٌ): قوله "أبـِهِ" أي أبيه, وأبِهِ لغة النقص في أبيهِ, على حدِّ قول الشاعر:
بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ فِي الكَرَمْ *** وَمَنْ يُشَابِـهْ أبَـهُ فَمَا ظَلَمْ
(24) (القولُ الرابع) ما رواه ابن شهاب الزهري عن عبيدِ الله –أبو عبد اللهِ عبيد الله بن عبد الله بن عتبةَ بن مسعودٍ الهذلي المدني الضرير, أحد الفقهاء السبعة, توفي سنة (98هـ) – عن حَبر –جمع أحبار, وهو العالم- البشر هو ابن عباس –عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ترجمان القرآن, صحابي جليل وابن عمِّ رسول الله, كانَ من كبارِ الصحابةِ علمًا ومن صغارهم سنًا, روي له نحو 1696 حديثًا, توفي سنة (68هـ)- وهذاعن عمر –أبي حفص عمر بن الخطاب العدوي, أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين, أحد العشرة المبشرين بالجنة, له (5039 حديثًا), توفي سنة (23هـ), وهذا مذهبُ الإمام النسائي –رحمه لله- مـمَّا قيَّده, وليسَ في الكتب الستة بهذه الترجمة سوى أربعةِ أحاديث.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباسٍ عن عمر بن الخطاب.
(25) (القولُ الخامس) ما رواه شعبةُ –أبو بِسطام شعبة بن الحجاج الأزدي العَتَكِي, عالمُ أهل البصرةِ ومحدِّثها, وأمير المؤمنين في الحديث, له نحو ألفيْ حديث, توفي سنة (160هـ)- عن عمروٍ ابْن مرة –أبا عبدِ الله المُرادي الكوفي, لا يُختلف في حديثهِ, قال ابن عيينةَ: هو مِن أفضلِ من أدركتُ اه, توفي سنة (118هـ)- عن مُرَّة –أبا إسماعيل مرة بن شراحيل الهمْداني الكوفي, المعروف بـ"مرة الخير" لعبادتِهِ, توفي سنة (76 هـ)- عن ابنِ قيسٍ –أبو موسى عبد الله بن قيسٍ بن سليمان الأشعري, صحابيٌ جليلٌ كانَ حسنَ الصوتِ بالقرآن, وقد انتهى العلمِ إليهِ, له 360 حديثًا, توفي سنة (53هـ)-, وقوله (كرَّه) أي مرةً, أي أن شعبةَ له تارات, فتارة يروي عن عمرو وتارةً عن غيره, وهذا مذهب الإمام وكيع شيخ الإمام الشافعي –رحمهما لله-, وليسَ في الكتب التسعة بهذه الترجمة سوى حديث (كَمَلَ من الرجال كثير).
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه شعبةُ بن الحجاج عن عمرو بن مرةَ المرادي عن مرةَ الخيرِ عن أبي موسى الأشعري.
(26) (القولُ السادسُ) ما رواه شعبةُ عن قتادةَ –أبو الخطَّاب قتادة بن دعامةَ السدوسي الحافظ الضرير, كانَ أحفظَ أهلِ البصرةِ, وكانَ مع علمه بالحديث رأسًا في العربيةِ, وقد رُميَ بالقدر, توفي سنة (117هـ)- إلى سعيدٍ –أبو محمد سعيدُ بن المسيِّب ابن حزْنٍ المدني, سيِّد التابعينَ في زمانهِ, وكانَ عالمَ العلماء كما يقول مكحول, توفي سنة (94هـ)- عن شيوخٍ سادهْ –أي من كبار التابعين والصحابة الكرام رضي الله عنهم-, وهذا قولُ حجَّاج بن شاعر –رحمه لله-, وممَّا جاءَ في هذا الطريق حديث الشيخين (العائدُ في هبته كالعائدِ في قيئه).
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه شعبةُ بن الحجاج عن قتادة بن دعامة عن سعيد بن المسيِّب عن الصحابة.
[استدراكٌ]:قال السيوطي في [البحر]: ولو قيلَ بدل شعبةَ سعيد بن أبي عروبةَ عن قتادة...لم يبعد, لكونِ سعيد بن أبي عروبة من أحفظِ وأتقنِ أصحابِ التابعي قتادة, وممَّا جاءَ في هذا الطريق (أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فقدم بتمرٍ جنيب).
(فائدةٌ): يقولُ الشيخ العلامة محمد بن آدم الأثيبوبي في ضبطِ "المسيب بن حزن":
قُلْـتُ: وكَسْرُهُ أَحَقُّ إِذْ أتَـى **** أهـلَ المَدِينةِ بِـهِ فثَبَتـا
وَعَن سَعيدٍ كُرْهه الفَتحَ ورَدْ **** بَلْ قِيلَ قَد دَعَا عَلى مَنِ اعْتَمَدْ
فابعُـدْ عِنِ الفَتحِ تَكُنْ مُجَانبـا **** دُعَـاءه وِنعْم ذَاكَ مَطْلبـا
(27) (القولُ السابعُ) ما رواه ابنُ سيرينَ –أبو بكرٍ محمد بن سيرين البصري, إمام البصرةِ ومحدِّثها, وكانَ أبوهُ مولىً لأنسِ بن مالك, اشتهرَ بالورعَ والتعبير, توفي سنة (110هـ)- عنِ الحبرِ العَلِي –صفة للبحر, أي الرفيع الشأن- عَبِيدةٍ –بن عمروٍ السَّلماني المرادي, تابعي جليل ولا صحبة له, وكانَ ثبتًا في الحديث بارعًا في الفقهِ, توفي سنة (72هـ)- بما رواهُ عن علي –بن أبي طالب, وهذا مقيَّد عنه- , وهذا مذهبُ عمرو بن علي الفلاَّس –رحمه لله-.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه محمد بن سيرين عن عبيدَة بن عمرو السلماني عن علي بن أبي طالب.
(28) (القول الثامن) ما رواه ابن مهران –أبو محمد سليمان بن مِهران الكوفي الأعمش, أحد الأئمة الثقات, من صغار التابعين, وهو من المدلِّسين المكثرين, له نحو (1300 حديث), توفي سنة (148هـ)- عنِ إبراهيمَ –أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخَعي, فقيه أهل العراق, كانَ بصيرًا بعلمِ ابن مسعود, وكانَ ذكيًا حافظًا, تـوفي سنة (96 هـ)- عن علقمةٍ –أبو شبل علقمة بن قيس النخعي الكوفي, ثقةٌ, فقيهٌ, عابدٌ, توفي بعدَ الستين- عن ابن مسعودٍ –أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي, صحابيٌ جليلٌ, وكانَ رسول الله يناديه بابن أم عبدٍ, وكانَ أعلمَ أصحاب رسول الله بكتاب الله, روى (8048 حديثًا), توفي سنة (32هـ)-, الحسن –أي حسن الأوصاف, لشبهه بالنبي هديًا ودلاًّ-, وهذا مذهبُ الإمام ابن معين –رحمه لله-, وفي الكتبِ الستة بهذه الترجمةِ أكثر من عشرين حديثًا.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه سليمان بن مهران الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن يزيد عن ابن مسعود.
(29) (القول التاسع) ما رواه ولدُ القاسمُ –أبو محمد عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكرٍ الصديق التيمي, من سادات أهل المدينة فقهًا وعلمًا وديانةً وفضلاً وحفظًا, توفي سنة (131هـ)- عن أبيهِ –القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق, له مائتا حديث, توفي سنة (106هـ) - عن عائشةٍ –أم عبد الله عائشة بنت أبي بكرٍ الصديق, زوجةُ رسول الله, وأعلمُ نساءً الصحابيات فقهًا وحديثًا, روت أكثر من (2470 حديثًا), توفيت أيامَ معاوية سنة (57هـ)-, وهذا مذهبُ ابن معين –رحمه الله- في القولِ الثاني عنه, وفي الكتبِ الستة بهذه الترجمةِ عدد كثير.
إذًا/ (أصحُّ الأسانيد) ما رواه عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة بنت أبي بكر.
* قال الناظمُ رحمه الله (وقالَ قومٌ ذو فِطنْ) أيْ/ قال جماعةٌ من أهلِ الحديث منْ أصحابِ الفطنةِ –أي الحِذق في فنِّ الحديثِ-, ويعنِي الناظمُ رحمه الله الإمامَ أبا عبدِ الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري, وكذلك قاله أحمد بن صالحٍ المصري والإمام أبو محمد بن حزم الظاهري –رحمهم الله-.
(30)لا ينبغي التعميمُ في الإسنادِ –بأن يقال: هذا أصحُّ الأسانيدِ مطلقًا- بل خُصَّ –أي هو من العامِ المخصوص- بالصحبِ –بأن يقال أصحُّ الأسانيد إلى فلانٍ كذا وكذا- أو البلادِ –بأن يقال أصحُّ أسانيدَ الكوفة كذا وكذا- من غير تعميمٍ ولا إطلاقٍ, وهذا قولُ الحاكمِ وتبعه عليه الإمام ابن الصلاحِ وابن كثيرٍ ونصره الناظمُ بمدحِ قائلِهِ, وكذا السخاوي وقال (لأنَّه حصر في باب واسع جدًا شديد الانتشار).