تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 29

الموضوع: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    Arrow تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    http://tafregh.a146.com/show.php?L=34
    تفريغ الدرس الأول من سلسلة أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني نسأل الله عز وجل أن ينفعكم بها ولاتنسونا من صالح دعائكم
    http://www.alheweny.org/aws/catplay.php?catsmktba=378
    الرابط الصوتي لسماع السلسلة
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ الدرس الأول من سلسلة أندى العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    تفريغ الدرس الأول من سلسلة أندى العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله
    http://tafregh.a146.com/show.php?L=35
    تفريغ الدرس الثاني من سلسلة أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني نسأل الله عز وجل أن ينفعكم بها ولاتنسونا من صالح دعائكم

    http://www.alheweny.org/aws/catplay.php?catsmktba=378
    الرابط الصوتي لسماع السلسلة

    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    Arrow تفريغ الدرس الثاني من أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    http://tafregh.a146.com/show.php?L=35
    تفريغ الدرس الثاني من سلسلة أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني نسأل الله عز وجل أن ينفعكم بها ولاتنسونا من صالح دعائكم

    http://www.alheweny.org/aws/catplay.php?catsmktba=378
    الرابط الصوتي لسماع السلسلة
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    حفظ الله الشيخ وأطال في عمره ونفعه ونفع به .
    وجزاك الله خيرًا يا أم محمد ، وقد دمجت الموضوعين في موضوع واحد وغيرت العنوان ،
    وأرجو أن تضيفي تفريغ باقي الدروس هنا في نفس الموضوع ، حتى تجتمع السلسلة
    ولا تتفرق على من يرغب في قراءتها أو سماعها.
    بارك الله فيك .
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    السلام عليكم مشرفنا المفضال أبشر بكل خير بشرك ربي بالفردوس العلي من الجنة
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي الثالث من سلسلة أندى العامين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ( أندى العالمين )
    الدرس[3]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واللقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني وأندى العالمين ، نحن كنا توقفنا في اللقاء السابق يمكن فضيلة الشيخ استطرد في جزئيات مهمة جدًا عن معنى الأسوة الحسنة ، عندما ننظر إلى قول ربنا تبارك وتعالى وهو يمدح رسوله r في سورة القلم ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم:4) ، والنبي r كثيرًا ما كان يؤكد « إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم » سنأخذ مشهد صغير في حديثنا عن حسن الخلق مع فضيلة الشيخ ، وبالتالي سنؤكد جدًا على أهمية حسن الخلق في سيرة المصطفى r ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته .
    المحاور: يمكن حضرتك أكدت في مسألة التأسي المرة السابقة على معاني كثيرة ، لكن كثير من الناس قد تتأسى برسول الله r وتحرص على هذا في سمتها الظاهر فقط ولكنها أحيانًا تنطوي على ركام من مساوئ الأخلاق تسيء إلى دعوة رسول الله r فيمكن أيضًا نحتاج حضرتك نؤكد على هذا المعنى أن مسألة التأسي لابد أن يكون في مرمى البصر خلق النبي r .
    الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r الحديث الذي ذكرته آنفًا « إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم » أي درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ، أي يقوم طول الليل ويصوم طول النهار ، ولا شك أن هذا من العناء المعنى بالنسبة للبدن ،أن يظل صائمًا الدهر كله مثلًا وأن يقوم كل ليلة وهذا رجل مطلع بعمل حياته ودنيوي إلى آخره ، كيف يمكن أن يبلغ المرء بحسن الخلق العاري عن هذا الصيام الدائم وهذا القيام الدائم ، لأن المسألة يوم القيامة مسألة موازين ، فكما تقول إنسان يأخذ ظاهر الالتزام ولديه سوء خلق سوء الخلق هذا سيتعرض لمظالم هذا يغتاب هذا ، يظلم هذا ، يهتك عرض هذا ، يأكل مال هذا والنبي r قال لأصحابه يومًا:« أتدرون من المفلس ؟ » قالوا: الذي لا درهم له ولا دينار ولا متاع ، قال:« لا ، المفلس يوم القيامة رجل يأتي بصلاة وزكاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح في النار » .
    حسن الخلق يأتي يوم القيامة لا خصوم له: فالحسنة التي يفعلها لا أحد يأخذها يثبتها لأنه لا خصوم له ، ومن حسن الخلق الذي لا يعرفه كثير من الناس بسبب اختلاط المعاني( المداراة) ، يظن كثير من الناس أن المداراة نفاق ، ولذلك يقول لك: أنا أقول للأعور أنت أعور في عينه ويواجه ناس بما يكرهون برغم أن ما في الناس ما يقول لكن من الذي يقبل حتى لو كان منافقًا أن تقول له: يا منافق ؟ أو أن تثبت للناس أنه منافق ، لا أحد يقبل هذا ، لكن يتصور أنه لو مدحه أو أنه داراه أن هذا نفاق ، أنا أريد أن أفرق وأبين للناس ، ما الفرق بين المداراة والنفاق ؟ ، لكي أحل الاشتباك ما بين المعاني المشتبهة لكي يعلم كل واحد أين موضع قدمه .
    الفرق بين النفاق والمداراة
    النفاق: يكون عادة لجلب مصلحة . والمداراة: يكون عادة لدفع مفسدة .
    حديث عائشة t في الصحيحين لما استأذن رجل على النبي r فقال:« بئس أخو العشيرة » ، أو قال:« بئس رجل العشيرة أأذنوا له » ، عندما دخل فرش له العباءة وغير ذلك وعائشة سمعت ما قاله فيه ورأت ما صنعه معه ، فوجدت تبايننًا ما بين القول الذي ذمه فيه وبين الفعل الذي أكرمه به ، فقالت: يا رسول قلت ما قلت وفعلت ما فعلت ، قال:« يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من يتقى لفحشه » هذا رجل سيء الخلق هذا رجل صفاته كذا كَذا كذا دفعت أذاه بأنني أكرمته هذه المداراة ، لكن النفاق رجل يريد أن يصل يريد أن يحصل مصلحة فيخلع على الذي ينافقه من صفات الكمال ما ليس فيه ، وهذا الرجل الذي ينافق وليس فيه هذه الصفات ، كما قال القائل: (إذا أقبلت عليه الدنيا أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت سلبته محاسن نفسه) ، أي هو الذي يفهم في كل شيء ، هو الذي يفهم في الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والدين والأخلاق ولديه كل شيء ، لدرجة أنه صار صورة الفضائل ، بعد ما يذهب من المنصب يجد نفسه ليس لديه ولا ميزة .
    المحاور: حتى لو كانت لديه ميزة .
    الشيخ: أنا أريد أن أقول لك: لا ، هو لم يكن لديه كل هذه الميزات ، فلما يقال من منصبه ويجد نفسه بني آدم مثل خلق الله أيضًا ، يبحث عن الصفات التي لديه يجد نفسه غبي لا يستطيع أن يدبر حال نفسه ، لا يستطيع أن يفهم وغير ذلك ، فتسلبه محاسن نفسه لدرجة يشك في المحاسن التي هى فيه ،فأنا أريد أن أقول: أي بني آدم ينافق يكون يطلب مصلحة ، أي بني آدم يدفع عن نفسه هذه اسمها مداراة ، فيكون هذا هو الضابط ما بين المداراة والنفاق.
    فالمداراة من حسن الخلق : ولذلك لا أريد أن أقول من قبة حسن الخلق ، لأن النبي r كان يداري r وهو لا يحتاج أن يداري لأن الذي يخالفه في نار جهنم على الفور لجلالة منصبه ومع ذلك كان يداري ، مثلًا مخرمة والد مسلم بن مخرمة ، لما كان النبي r يقسم غنائم حنين وغير ذلك مخرمة أسلم قال لابنه: هيا لنذهب لنرى ماذا سنأخذ من النبي r وكان صوت مخرمة أجش مميز فسمع صوته خارج الدار ، فدخل على الفور وأتى له عباءة والعباءة هذه مزركشة وغير ذلك ، وبعد ذلك خرج لمخرمة وقال له:« خبأت لك هذا » ، أخذها مخرمة وتبسم ، فالنبي r لما رأى ذلك قال:« رضي مخرمة ، رضي مخرمة ، رضي مخرمة » كأن رضا مخرمة غاية لا تدرك ، والذي يقول الكلام هذا النبي r ، لماذا يقول له هذا ؟ إرضاء له وإعانة له على نفسه ، النبي r ربنا U قال له:﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(الشعراء:3)أي قاتل نفسك أي تصل به الشفقة على الناس على المخالفين لهم لا يكون لديه غل عليهم ويريد أن يدخلهم النار ، لا ، هذا مشفق عليهم أنهم سيدخلون النار إلى درجة أنه سيقتل نفسه حزنًا عليهم أنهم لا يعلمون مصائرهم .
    المداراة من قبة حسن الخلق أيضًا ، ولذلك نصحنا معاشر الرجال أن نداري النساء ، وقال كلامًا أنا أرى أن مشاكل معظم البيوت سببها نوع من الغباء لدي الرجل ولدى المرأة.
    المحاور: أقول للأعور أنت أعور في عينه .
    الشيخ: بالضبط هكذا نومك كذا، أكلك . فأنا أريد أن أقول: النبي r لما قال في بعض ألفاظ الحديث:« المرأة خلقت من ضلع وأن أعوج الضلع أعلاه فإذا أردت أن تقيمه كسرته وإن تركته ظل على عوج » ، في راية قال:« فدارها تعش بها ، فدارها تعش بها ، فدارها تعش بها » ثلاث مرات يقول:« دارها تعش بها » ، فاليوم أنا أريد أن أقول: إن كثير من مشاكل البيوت سببها عدم استعمال هذا الأصل وهو المداراة ، المداراة أنك قد تخلع عليها من الصفات ما ليس فيها لتتقي شرها .
    المحاور: هذا يوقفنا يا شيخنا لجملة جميلة حضرتك ذكرتها مهمة جدًَا المداراة تعين أحيانًا الإنسان الذي تفعل معه الفعل هذا على نفسه .
    الشيخ: لا ، لا تعينه أحيانًا تعينه دائمًا .
    المحاور: ممكن تدخله في إطار الانضباط والاستقامة ودائمًا يحس منك مداراة فيحس المداراة تصنع في الإنسان أشياء قد لا يصنعها شيء آخر غير المداراة .
    الشيخ: بالضبط نحن ذكرنا أن المداراة دائمًا تتعلق بالعيب ، أنت تدفع شر الشر هذا هو عيب في الإنسان ، وأنا أريد أن أقول: لو أن فيه إنسان لديه من الصفات مثلًا عشرة ، عنده صفتين أو ثلاثة سنضعهم في الصفات السيئة سلبية ، وسبعة صفات إيجابية أو جميلة إذا استطعت أن تتعامل وتتحاشى الثلاث الصفات السيئة يكون صار هذا الإنسان كاملًا ، لماذا ؟ ، لأنه طالما عرفت تعالج العيب لم يعد عيب ، أنا مثلًا أول سيارة ركبتها في حياتي كان فيها عيب معين في الفتيس ، كلما نقلت الغيار الأول لابد أن يكون لها صوت عال ٍجدا فقلت للميكانيكي: العربة هذه ليست مثل العربات الثانية هذه ، كلما نقلت الغيار الأول لابد أن يكون لها صوت عال ٍجدا ، فقال لي: والله تحتاج قطعة غيار معينة وفي ذلك الوقت ليس عندي ما أشتري به هذه القطعة، فقلت له أريدها فقط بدون هذا الصوت المرتفع، فقال لي: سايسها ، قلت له: كيف أسايسها ؟ قال لي: تنقل بالطريقة الفلانية ، .
    المحاور: هل سايستها حضرتك ؟
    الشيخ: سايستها لم أسمع صوت النقلة الأول وأصبحت عربة كاملة مثل باقي العربات ، فأنا اليوم عندما يكون مثلًا رجل وامرأة الرجل يستفز بسرعة وعصبي المرأة إذا علمت كيف تتحاشى عصبيته يكون الرجل صار كاملًا لأنه لك يعد فيه عيب ، كيف تتحاشى غضبه ؟ لا تستطيع أن تتحاشاه إلا بالمداراة
    الشيخ: بالضبط هكذا تسايسه ،فأنا أريد أن أقول: أن المداراة جزء لا يتجزأ من حسن الخلق وليس كذب ، وأغلب المشاكل الموجودة في البيوت مثل ما ذكرت لك هى مشاكل سببها عدم إحسان فن المداراة ، لذلك النبي r عندما أعلمنا أن المرأة من خلقها أن تمسح جميل الرجل عند أول مطب وأول خطأ يخطئها الرجل تنكر ذلك: حتى يقولون: أن بعض الخلفاء زوجته قالت له: نفسي أسير في الطين حافية القدم فالمهم لأن طين الملوك يختلف عن طيننا ، طيننا تراب وماء ، إنما طينهم عبارة عن نشارة خشب مخلوطة بمسك ،وقال لها: تفضلي ، نزلت بقدمها في المسك وغير ذلك فالمهم حدث بينهم مشكلة في يوم من الأيام ، فقالت له: ما رأيت منك خيرًا قط ، قال لها: ولا يوم الطين ؟ فالمرأة لديها خلق خلقت به أنها تمسح جميل الرجل بممحاة مع أول خطأ وتقول له: ما رأيت منك خيرًا قط، في هذه الحالة الرجل أحوج إلى أن يداري المرأة من المرأة أن تداري الرجل ، لماذا ؟ ، لسرعة غضبها ومثل ما ذكرت لك على الفور تمسح جميل الرجل ، يكون المفترض أنه يداريها أكثر وأنا أعتقد أنني محتاج أن أبين هذا المعنى أكثر،لأنني أرى أن مشاكل البيوت التي تعرض عليه كثيرة جدًا في هذا .
    المحاور: يمكن فضيلة الشيخ يقول لنا هكذا: بالمداراة تستقيم أمور بيوت المسلمين لكي تستقيم الأمور ،ولكي تستمر البيوت بعيدًا عن هذا العراك الدائم في حياة المسلمين ، عند هذا المعنى نتوقف ونكمله بمشيئة الله مع فضيلة الشيخ في حلقة مقبلة أسأل الله I أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال .
    انتهى الدرس الثالث نسألكم الدعاء( أختكم أم محمد الظن)

    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس [4]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله ، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله r ، اللقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
    المحاور: كنا توقفنا في اللقاء السابق عند شيء أشار إليه فضيلة الشيخ أن معظم العراك وعدم الوفاق في البيوتات المسلمة لجهل كثير من الرجال والنساء الأزواج لمفهوم المداراة ومسألة الصراحة أننا نقول للأعور أنت أعور في وجهه ونستكمل حديثنا مع فضيلة الشيخ ولازلنا في إطار حسن الخلق مع أندى العالمين r .
    الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهr ، كنت أقول أن المداراة من قبة حسن الخلق ، لماذا قلت أنها من قبة حسن الخلق ؟ لأن أقل الناس هو الذي يحسنها لذلك تستطيع أن تفرق بين الذي يحسن المداراة من الذي لا يحسنها عند المحك في الغضب ، ممكن إنسان تجده هادئ جدًا حسن الخلق جدًا وتظل سنين طويلة تعتقد أنه رجل ممتاز في حسن الخلق لأنه لا يوجد محك عملي ، وأول ما يأتي أول محك تستنكر هذا الرجل ، وتقول هذا إنسان مختلف عن الإنسان الذي كنت أعرفه قبل ذلك ، هذا يشبه قول الشاعر:
    لو لا اشتعال النار فيما جاورت
    ما كان يعرف طيب عَرف العودِ
    البخور أنت لا تعرف رائحته إلا لما تشعل فيه وهذا معنى البيت،فأي إنسان تريد أن تعرف إلى أي درجة من الخلق هو ممكن أن تستفزه ، فيه بعض الناس كلما استفززته لا يزيد إلا حلمًا وكان رأس هؤلاء رسول اللهr أندى العالمين ، لا تزيد جهالة الجاهل عليه إلا حلمًا منه عليه r .
    وأرجع إلى مداراة المرأة وكيف أن النبي أمرنا بمداراتها ، لما ؟ لأن المرأة رقيقة ، و النبي r شبه النساء بالقوارير ، والقارورة أرق الزجاج الذي إذا نفخته يكسر التي هي كالبسكويت .
    المحاور: هذه البسكوتة الحقيقة كثير من الناس لما تابع حضرتك في هذه الحلقة بعض الناس لا يعرف قصة البسكوتة ما هي أساسًا.
    الشيخ: أنا لا أعيد الكلام لكن أريد أن أقول أغلب النساء عندهم حساسية بالغة وعندهم سوء ظن في تلقي الكلام ، ولذلك اللهI جعل العصمة بيد الرجل ، ولو جعلها بيد المرأة لكنا الرجال جميعًا طوالق ، لما ؟ ، لأن الرجل يمكن أن يحسن حتى ربنا I في باب الجدل قال:﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ (الزخرف:18) وهم النساء ، فالمرأة هي التي تحتاج إلى أن تدارى أقل من الرجل ، لذلك المرأة العاقلة لما تأتي لتختار عندما يتقدم لها رجل تبحث عن شخصية ، بخلاف الرجل إذا أراد أن يخطب يبحث عن شخص .
    الرجل يبحث عن شخص بعينه لأن الرجل يحب المرأة لجمالها فيبحث عن الجمال ، وقد يتغاضى عن كثير من الصفات الجوهرية في سبيل أنها جميلة ، المرأة العاقلة لا يعنيها جمال الرجل إنما تبحث عن شخصية وصفات ، وهذا هو الفرق الرجل يبحث عن شخص والمرأة تبحث عن شخصية ، فهذه الشخصية هي مجموعة من الصفات ، أنت مثلًا قد تكون فيه امرأة جميلة ومتزوجة برجل أخشن وأسمر ووجه غير حسن ، أنت نفسك تقول هل هذه لم ترى بعينها لكي تختار هذا الرجل ، وتجدها كثيرة الحب والعشق لهذا الرجل ، لم ؟ لأنها وجدت شخصية وصفات في هذا الرجل ، فلذلك الرجل لما أعطاه اللهU من الصفات ينبغي أن يحتوي المرأة ويداريها ، لا يظهر بغضه إياها ولا كراهيته لها ، ولذلك شرع له أن يكذب عليها .
    ما لا يجوز للرجل الكذب فيه علي المرأة: لكن نهى العلماء أن يكذب عليها في العَرَض ، العرض: الشيء المادي ، مثلًا لا يقول لها أعطني ذهبك لأعمل مشروع وهو يأخذه ويطير به ،لا ، هذه حقوق لا يحل له إطلاقًا أن يكذب عليها في شيء كهذا ، يكذب عليها فيما لا يلزمه من العَرَض كالمحبة القلبية ومثل ذلك، فأنا أرجع وأقول: أن المدارة خلق لابد أن يُفعَّل مرة أخرى ليس مع المرأة وحدها إنما مع كل الناس : فيه واحد تداريه من أجل شره ، ممكن ينقلب عليك فهذا تحتاج أنت، تداريه كما كان النبي r يداري ، أول يداري عبد الله بن أبي بن سلول وهو رأس النفاق ، داراه مع أنه غير محتاج لأن يداري أحد ، لماذا ؟ لجلالة منصبه r وأن من يخالفه يدخل النار مباشرة ، لكن نحن ليس لنا في هذه الميزة .
    حسن الخلق هو صرة الفضائل جميعًا : لما نراقب النبي r في حياته العامة نجد أن أعداءه شهدوا له قبل أوليائه ، قبل الذين تولونه فيما يتعلق بحسن الخلق في جميع الأحوال في الغضب والرضا كان النبيrكذلك ما كان يجور أبدًا ، إنما قد يتغير وجهه وقد يعاقب المسلم بما لا يعاقب به الجاهل ، الأقربين كان يعاملهم أحيانًا بالشدة أكثر مما يعامل الأبعدين ، لما ؟ لأن الأقربين هذا المفروض أنه أخذ من خلقه واقتبس ، لما أتاه عبد الله بن عمر ، ولا أضبط الصحابي بالضبط ، أظن عبد الله بن عمرو بن العاص وعليه حلة حمراء ، لما رآه أعرض عنه ، فعبد الله بن عمر فهمها ، فذهب إلى البيت وخلع الحلة الحمراء وكان يخبزون فرماها في الفرن وغير القميص وأتى النبيr فقال له: « أين ذهب الثوب ؟ » ، قال: سجرت به التنور أي رماه في الفرن ، فقال:« إنه لا بأس به للنساء » .
    أنا لما آخذ هذا المشهد وأذهب لمشهد أخر يرويه خزيمة بن ثابت الأنصاري ، أن النبيr أعجبه قاعود أي جمل صغير مع رجل أعرابي ، فقال له:« بعني هذا القاعود » ، قال: بكم ، قال: بكذا ، وجاء رجل آخر لا يعلم أن النبي r اشترى الجمل وقال له: هذا الجمل جميل بكم تبيعه ؟ فزاد عليه ، فالنبي r علم ، فقال:« يا أعرابي أو لم تبعني الجمل ؟ » ، قال: ما بعتك شيئًا ،هذا الفعل كفر ولا نقول أن الأعرابي كافر ، لما ؟ لأن هناك فرق بين أن يتكلم العبد بلسان الكفر ولا يكفر ، لأن الحكم بالتكفير المعين له شروط ، لكن ممكن الإنسان يفعل فعل الكفر ولا يكفر كما أنه يتكلم بكلام الكفر ولا يكفر ، قال: ما بعتك شيئًا ، قال:« بلى يا أعرابي بل بعتني » ، قال: ما بعتك شيئًا ، ثم قال: هلم شهيدًا يشهد أنني بعتك ، طبعًا كل الصحابة كانوا يلوذون بالنبيr ويقولون للأعرابي أن النبي لا يقول إلا حقًا ، ولا يستطيعوا أن يشهدوا ، لما ؟ يخشى الواحد منهم أن ينزل فيه قرءان يقول هل كنت حاضر أم غائب ، حتى انبرى خزيمة بن ثابت الأنصاري قال: أشهد انك بعته الجمل ، قال:« بما ؟ » ، قال: بتصديقك ، فجعل شهادته بشهادة رجلين .
    أنس بن مالك ترجم هذا في الحديث الذي رواه مسلم وغيره ، قال: كنا نهينا في القرءان أن نسأل النبي r فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية يسأل ونحن نسمع فلماذا نهاهم ؟ لأنهم كانوا يشققوا المسائل وممكن يسأل بمسألة لا يحتاجها أحد وينزل بها حكم وكنا معافين وهذا الكلام ، إنما الرجل العاقل إذا جاء من البادية ما كان يثرِّب عليه ولا يلوم كما يلوم الأقربين فيما يتعلق بأصحابه كان له خلق معهم وفيما يتعلق بالأعراب كان له خلق معهم لأنني لا أستطيع أن أعامل الناس كلهم معاملة واحدة .، ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى .
    المحاور: هذا يقودنا يا شيخ إلى نقطة نؤكد عليها مسألة حسن الخلق في جميع الأحوال مهمة ، نحن أحيانًا إنسان وزوجته تعامله بما يرضيه ويرى الأمور طيبة وهو خلقه طيب معها ، فإن بدت منها هفوة أو عملت شيء يبدو سوء الخلق يظهر في هذه اللحظة ، إذًا المحك العملي مهم جدًا بالحكم على حسن أخلاق الرجال ، لكن أكثر شيء في المحك العملي في مسألة حسن الخلق يمكن حضرنك تتكلم عنها مسألة التبسم حاجة ألصق بمسألة التجربة العملية، بحسن الخلق في التجربة العملية في مسألة حسن الخلق ، كيف كنت ترى مسألة تبسم النبي ودرجات تبسم النبي r مع أصحابه ومع زوجاته ومع الأطفال ومع أعداءه ومع المخالفين ومع الموافقين r .
    الشيخ :التبسم هو أقرب شيء للترجمة العملية لحسن الخلق :البسمة ، فيه كثير من الناس يتصور أنه إذا تبسم وتفاءل أن تذهب حشمته ، فيتخذ العبوس جملة حتى يحتمي بها في سبيل أن تظل حشمته كما هي ، ويستدلون لحكايات لبعض العلماء والسلف أنه ما كان يتبسم قط أو ما كان يرفع رأسه إلى السماء قط أو ما رأيته ضاحكًا قط ، أنا قرأت هذا الكلام كثيرًا في تراجم علماء أفاضل وأجلاء وغيرهم وأجد بعض أهل العلم وطلبة العلم يدندنون على هذا في مجالسهم ويترجمونه ترجمة عملية بأنه لا يضحك ولا يتبسم ويأخذ المسألة هكذا ويقول أن هذا مذهب السلف ويقول: كان السلف يفعلون كذا وكذا ، لا .
    لا يكون الشيء مذهبًا للسلف حتى يتواتر الناس على فعله : هذا الذي أقدر أن أقول أن هذا مذهب للسلف ، لكن أنا لا أقد أن أقول على خصلة فعلها فاضل أو اثنين أو ثلاثة أن هذا مذهب السلف ، لأن هذا العالم قد يكون هذا هو الذي يصلحه ، هو يعلم بينه وبين نفسه أن العبوس يمنعه من أن يفقد حشمته فيأخذ العبوس جملة يحترز بها ، وربما يكون رجل عنده مرض أو عيب معين هو يداريه بهذه الخصلة ، ولا يلزم أن تكون هذه الخصلة هي الخصلة السديدة .
    أنا لو أحببت أنني أتأسى كما قال المتنبي: ومن أراد البحر استقل السواقيا ، أنا أسوتي الرسول r ، والصحابة t .
    النبي r كان من أكثر الناس تبسمًا : كما قال عبد الله بن الحارث كان أكثر الناس تبسمًا وما لقيته قط إلا متبسمًا ، وجرير بن عبد الله t يقول: كان النبي r لا يراني إلا تبسم r ، نحن عندنا السرور أو التبسم والضحك هذا ثلاث درجات ، أول درجة: التبسم ، الدرجة الثانية: الضحك ، الدرجة الثالثة: القهقهة ، النبي r عمل الدرجة الأولى والثانية ولكنه لم يعمل الثالثة ، لم يقهقه قط في حياته ولم تظهر لهواته ، عائشة كما في الصحيحين تقول: أن النبي r( ما رأيت النبيr مستجمعًا ضاحكًا تظهر لهواته قط) ، واللهاة هو اللحم الذي بداخل سقف الفم من الداخل من ناحية لسان المزمار عند الحلق ، معناها أنه لا يفتح فمه وهو يضحك نهائيًا .
    إنما أقصى ما يمكن أن يكون النبيr يضحك هي التي تساوي عند الآخرين القهقهة إلى درجة البكاء ، فيه ناس تضحك لدرجة أنه يبكي من كثرة البكاء ، وفيه واحد يضحك ويقع على قفاه من كثرة الضحك كما كان يحدث للخلفاء من بني العباس أقصى ضحك النبي rأن تظهر أضراسه:التي هي النواجذ ، يقول: ضحك حتى بدت نواجذه أنا حاولت أجمع في جزء لي ظهور نواجذه r ، كم مرة ظهرت نواجذه وهي المواقف التي ممكن تقول أنها تثير الضحك إلى أبعد أحد ، لكن ستجد حشمة ضحكه r حتى تبدو نواجذه ، وستجد أيضًا حشمة الموقف ، .
    من المواقف التي بدت فيها نواجذه r:1- حديث أبي هريرة في الصحيحين لما الأعرابي وقع على امرأته في نهار رمضان فجاء فقال إني فعلت كذا وكذا ، فقال له « أعتق رقبة » ، قال: لا أستطيع « صم ستين يومًا » قال: لا أستطيع ، « أطعم ستين مسكينًا » ، قال: لا أستطيع ، ظل الرجل جاهز لا يوجد حل النبي r جاءه مكتل من تمر ، قال له:« خذها فتصدق بها » على أفقه الله ما بين لابتيها أفقر مني أفقر من أني أتصدق ، قال أبو هريرة: فضحك النبي r حتى بدت نواجذه وقال:« خذه فأطعمه أهلك » .
    2-من الأشياء التي بدت نواجذه r فيها حديث ابن مسعود t قال: قال رسول الله r:« إني لأعلم آخر آهل النار خروجًا منها وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة ، رجل في النار ربنا I أخرجه من النار وقال: أدخل الجنة ، فدخل فزين إليه أنها ملئ » لا يوجد له مكان « فقال: ربي وجدتها ملئ قال: أدخل الجنة دخل قال لها: وجدتها ملئ ثلاث مرات في المرة الثالثة قال: أدخل الجنة ولك عشر أمثالها » عشر أمثال الدنيا ، قال:« فالتفت الرجل وقال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين » ، يقول ابن مسعود: فضحك النبي r حتى بدت نواجذه وقال:« أما إني لا أستهزئ بك ولكني على ما أشاء قادر » .
    أكثر حياة كانت النبي r تبسمًا ،: جابر بن سمرة كما في صحيح مسلم كان يقول: كنا نذكر أشياءً في الجاهلية فنضحك والنبي يتبسم ، ضحك الصحابة ممكن يكون بقهقهة لكنه كان يتبسم من حسن خلقه أنه كان يشاركهم هذا ، ليس أنه يتجهم مع أنهم ممكن يكونوا يتكلموا في أشياء مما كان يحدث في الجاهلية لا يوجد شريعة ولا فيه خطام ولا فيه زمام ولا في غير ذلك ويتبسم r ، وأحيانًا كان يتبسم في بعض المواقف الحرجة التي ممكن نتحرج منها ربما تأتي فرصة وأذكر موقفًا من هذه المواقف المحرجة
    المحاور: الحقيقة يمكن مسألة تبسم النبي r والتجربة العملية والمحك المهم جدًا في حياتنا كنا نرى النبي حتى حين يغلظ له بعض مخالفيه في القول والفعل كان لا يزيد ذلك رسول الله r إلا تبسمًا ، سنتوقف عند هذا القدر ونكمل حديثنا في لقاء مقبل مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق ، وصلى الله وسلم وبارك على المصطفي والحمد لله رب العالمين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
    انتهى اللقاء الرابع نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)




    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    http://www.islamup.com/download.php?id=136572
    ملف التحميل للدرس الرابع
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس [5]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ولقاء جديد وأندى العالمين مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .
    المحاور: كنا قد توقفنا في اللقاء السابق مع مواقف من تبسم النبي r وفضيلة الشيخ فرق لنا في مسألة التبسم ثم الضحك ثم القهقهة ، وأخبرنا أن النبي r ما وصل إلى المرحلة الثالثة وهى القهقهة ، وكان الشيخ الحقيقة تكلم عن أن التبسم مهم جدًا أن نفهم أنه جزء من المحك العملي والتجربة العملية في مسألة حسن الخلق في المواقف المختلفة في حياة النبي r .
    الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r ، أعتقد أنك في الحلقة السابقة ، قلت: ما كان يزيد النبي r ، سوء خلق الناس إلا تبسمًا في حديث ورد في هذا في الصحيحين ، لما جاء رجل إلى النبي r يطلب عطاءً فأخذ بمجامع ثوبه وقال: أعطني من مال الله فليس مالك ولا مال أبيك ولا مال أمك ، الرواية تقول: فضحك النبي r وأمر له بعطاء ، الموقف مغضب لكن كما ذكرت أو كما ينبغي أن يقال أن:
    صاحب أي دعوة لابد أن يكون لديه أريحية يستطيع أن يستجمع العالم كله في قلبه ، لأن رأس مال الداعية في أي مذهب (الناس )، مثل التاجر رأس ماله المال إذا دخل السوق وخسر جنية واثنين وعشرة وعشرين وثلاثين وأربعين يخرج حزين من السوق وإذا استمر على هذه السياسة سيفلس ، كذلك أي رجل يدعو إلى أي مذهب من المذاهب لا يستطيع أن يتحمل أخلاق الناس كلها فإنه بطبيعة الحال سيفلس مع الوقت ، لماذا ؟ لأنه سيصطدم بهذا وسيصطدم بهذا وسيصطدم بهذا وكل واحد يصطدم به سيخرج من حساباته ، فبالتالي إما أن يتقلص رأس ماله، حتى يكون قليل أو يفلس
    فالنبي r كان رأس ماله الناس فما خسر أحدًا قط إلا الكافرين : المسلمين طبعًا أولى الناس به ، المنافقون كانوا ينافقونه أيضًا ، لم يكن يعاديه عداءً سافرًا إلا الكفار وهؤلاء خارج الحسابات خارج رأس المال ، فالرسول r في مواقفه الكثيرة التي لا تُحصى ، الإمام البخاري في الصحيح قال: ( باب التبسم والضحك)في كتاب الأدب ففرق بينهما ، وذكر أمثلة تدل على أن هنالك مواقف كان يتبسم فيها ولا يضحك ، وفيه مواقف يضحك فيها ولا يتبسم الكلام هذا كله على حسب الموقف ذاته ، أي من المواقف المحرجة أنا يمكن نبهت قلت في حلقة سابقة أنه في بعض المواقف المحرجة النبي r كان يمررها بالضحك .
    من المواقف المحرجة النبي r كان يمررها بالضحك : مثل حديث امرأة رفاعة عندما طلقها رفاعة البتة وتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وكانت تحب رفاعة في الأصل وتريد أن ترجع إليه ، ففعلت المرأة شيئًا لم يتحمله خالد ابن الوليد لم يتحمل كلام المرأة وكان أبو بكر الصديق كان في هذا المجلس ، لما قالت: والله يا رسول الله إنه ليس معه إلا هذا وأمسكت بطرف ثوبها .
    فقال خالد لأبي بكر: ألا تمنع هذه المرأة أن تجهر بهذا الذي تقوله في مجلس النبي r ، قال: فضحك النبي r حتى بدت نواجذه لأن الموقف مضحك فعلًا ، وقال:« تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق من عُسيلتك وتذوقين من عُسيلته » ، والحديث له تتمة ، لا أريد أن أذكرها حتى لا أخرج عن السياق .
    من المواقف التي ضحك فيها النبي r حتى بدت نواجذه الشريفة: حديث سعد بن أبي وقاص في الصحيحين وغيرهما لما قال: بينما النبي r يجالس نسوة من قريشٍ يستكثرن عليه عالية أصواتهن إذ قيل عمر بالباب ، فلما سمعن ذلك ابتدرن الحجاب كلهم دخلوا وراء الستارة والنبي r بقي وحده فعندما دخل عمر على النبي r وجده يضحك ، في العادة أن الإنسان لا يضحك وحده وجده يضحك قال: ما يضحكك ؟ أضحك الله سنك يا رسول الله ، قال:« عجبت من هؤلاء » وأشار إليهن « يستكثرن عليَّ عاليةً أصواتهن فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب » ، فاتجه إليهن عمر وقال: أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ؟ ، فقلن: نعم إنك أفظ وأغلظ من رسول الله ، وفي بعض الروايات قالت: إنك فظ ، طبعًا أفظ وأغلظ هذه بعض الناس الجهلاء أنكرها ، وقالوا: هذا فيه نسبة فظاظة إلى رسول الله r لأن هذا أفعل أفظ وأغلظ أفعل تفضيل ، فكأن النبي r فيه بعض الفظاظة لكن عمر أفظ منه ، فنحن نقول: هذا له تأويل: إما أن يكون أفعل التفضيل خرج على غير بابه مثل ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ (الزمر:55) ، هل يوجد أحسن وأقل مثلًا ؟ لا ، لا يوجد فهذا اسمه خرج على غير بابه ويكون معناها أنك الأفظ والأغلظ ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ(يوسف:33) ليس معنى ذلك الذي يدعونه إلي حسن أو حبيب إلي وهذا أحب إنما خرج على غير بابه .
    أو أن الفظاظة والغلظة الموجودة في النبي r إنما تتوجه لمن يستحقها ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ (التحريم:9) بعض الصحابة النبي r غلظ عليهم القول أو الفعل ، كعب بن مالك ورفيقيه في تخلفه عن غزوة تبوك هذه كانت شدة عليهما ، ومع أسامة بن زيد لما جاء يشفع في المرأة المخزومية ، هذا الخلق إنما يستحقه صاحبه ويكون هو حسن الخلق أيضًا ، كما أنا قلت بيت المتنبي أ
    ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرٌ


    كوضع السيف في موضع الندى
    الذي ترميه بالسيف لا ينفع أن ترميه بوردة والعكس صحيح .
    وضع كل شيء في موضعه هو الحكمة : قلنا في حلقة سابقة أن الحكمة الله أخلاها من الوصف ولم يصفها بشيء لأنها لابد أن تكون حسنة ذاتية ، فقالوا: إنك أفظ وأغلظ من رسول الله r ، أو إنك فظ ، فقال النبي r:« إيها يابن الخطاب والله ما سلكت فجًا إلا سلك الشيطان فجًا غير فجك » ، .
    الموضع الثاني الذي ضحك فيه النبي rحتى بدت نواجذه: حديث أنس في الصحيحين أيضًا ، قال: بينما النبيr يخطب الجمعة إذا جاء أعرابي فوقف على الباب فقال يا رسول الله هلك الزرع والضرع ونفقت الماشية فادعوا الله أن يسقينا ، فرفع إصبعه السبابة إلى السماء وقال: « اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا » ، وهذه سنة الإمام الذي على المنبر أن يرفع إصبعه وليس يديه ، لأن رفع اليدين للإمام على المنبر منكر من الفعل ، كما في صحيح مسلم من حديث عمرة بن روينهt لما رأى بعض خلفاء بنو أمية يرفع يديه على المنبر قال: (قبح الله هاتين اليدين ما كان النبي r يرفع يديه إنما كان يشير بالسبابة إلى السماء ).
    فيقول أنسy: وكانت السماء مثل الزجاجة ليس فيها قزعة ، لا يوجد فيها أي شيء يدل على أنها تمطر ، قال: وما نزل من على المنبر إلا ولحيته يتحدر من عليها الماء وخرجنا إلى بيوتنا نخوض في الماء وظللنا لا نرى الشمس جمعة ، وفي رواية سبتًا ، المهم لمدة أسبوع ، بعد الأسبوع في الجمعة التالية جاء نفس الأعرابي ووقف على البابوقال يا رسول الله هلك الزرع والضرع ونفقت الماشية فاسأل الله أن يحبس عنا الماء ، قال: فضحك النبي r وقال:« أشهد أني عبد الله ورسوله » ، يريد أن يقول أنا لا حول لي ولا قوة وليس هذا كله لا بملكي ولا بيميني إنما هذا بقدر الله وقوته ولطفه بعباده ، ثم قال:« اللهم حوالينا لا علينا ، اللهم على الزراب والآكام والشجر ..... إلى أخر الحديث » .
    والتبسم جسر الدفء بين الناس: أريد أن أقول: أن حياته r كانت فيها تبسم كثير والتبسم هو جسر الدفء بينك وبين غيرك ، إذا أردت أن تمد جسر دفء بينك وبين الآخرين تقابلهم بالابتسام ، لكن لأن الابتسام قد وقد ، نحن نريد أن نقول: الابتسام إذا أطلقنا معنى كلمة الابتسام المفترض أن الوجه ينير ، كما في حديث كعب بن مالك وهو عندما تخلف عن غزة تبوك قال: فلما نزلت توبتنا سر النبي r وكان إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر ، وفي حديث عائشة t في الصحيحين كان الناس يطعنوا في نسب أسامة بن زيد، لأن زيدًا كان أبيض وأسامة كان أسود فكانوا يقولون: هذا ليس بابنه ، فذات مرة كان أسامة بن زيد وابنه نائمين ،ولا يظهر منهما غير رجليهم،فمر قائف ، القائف: هو من يعلم الأنساب ، فلما نظر ، قال: هذه الأقدام بعضها من بعض ، فالنبي r عندما سمع قول القائف تقول: عائشة رضى الله عنها، فدخل علي وقد انفرجت أسارير وجهه ، قسمات وجهه من التبسم عليها النور تبرق هذه رواية الليث بن سعد ويمكن ابن أبي عاصم قال: أنه لم يروي( تبرق أسارير وجهه) إلا الليث فقط في هذا الحديث ، (تبرق أسارير وجهه) وقال:« أرأيتي ما قال القائف ؟ » فرح ،لأن هذا يثبت أن هذا نسب هذا برغم أنه كلام تقوله الناس ، فكان طبيعة التبسم أن الوجه ينير .
    والعين إذا تبسم المرء عن محبة وفرح ترسل ضوءًا لا يستطيع أفصح الناس أن يصفه ، عندما تضحك من قلبك تجد عينك تنير .
    الشيخ: عندما أقول لك: صف لي النور الذي ترسله العين لكي ينير الوجه وأحس أنك تتبسم عن سرور أنت تعجز أن تأتي بكلمات تساوي المعنى ، فالتبسم إذا أطلق يكون هكذا ، لكن فيه تبسم مغضب فلابد أن يقيد ، وحديث كعب بن مالك عندما تخلف عن غزة تبوك والنبيr رجع إلى المدينة وكعب بن مالك دخل عليه أول مرة قال: فلما رآني تبسم تبسم المغضب وقال لي:« ما خلفك ؟ » ، غير إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر هذا ورد في الحديثين الاثنين مع بعض ، فتبسم المغضب يكون ظاهر عليه وجهه منطفئ وضحكته صفراء مثل ما نحن نقول ، لأن المعنى ملتبس هنا في قصة سليمان u عندما قالت النملة للنمل:﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا(النمل:18- 19)، لماذا قال ضاحكًا ؟ لكي يبين أنه لم يتبسم تبسم المغضب لأن عادةً الملوك لا تحتمل أن يواجهها أحد بما يكره .
    المحاور: وهى كلمات كانت ثقيلة .
    الشيخ: لا يوجد ملك يقبل بأن يعنفه أحد ولا يغلظ له القول ، طبيعته وهو جالس يلبس الملك مثل أي إنسان،والنبي r أشار إلى هذا عندما قال:« البطر والكبر في أهل الخيل ، والوقار والسكينة في أهل الغنم » ، طبيعة الخيل التعجرف ، فالملوك لا يحتملون مثل هذا المعنى ، ولذلك جاءت لفظة ﴿ ضَاحِكًا ﴾ بجوار التبسم لكي تؤكد أنه تبسم تَبسم سرورٍ ولم يكن تبسم مغضب .
    المحاور: بهذه الوقفة مع نبي الله سليمان نختم حديثنا مع فضيلة الشيخ العلامة المحدث أبي إسحاق الحويني ، ولا يسعنا إلا أن نشكر فضيلته على وعد أن يتجدد اللقاء جزاكم الله خيرًا وصلى الله وسلم وبارك على المصطفي والحمد لله رب العالمين سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
    انتهى اللقاء الخامس نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)



    http://www.islamup.com/download.php?id=136616
    لتحميل الملف ورد
    الرابط الصوتي للدرس الخامس
    http://www.alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=11812
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    128

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    جزاكم الله خيرا
    الحلقة الاولى والثانية غير موجود التفريغ , يا حبذا لو وضع هنا كالحلقات الاخرى لانني لم اجده.
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس [1]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والصلاة والسلام على رسول الله r أحبتي في الله: كل عام وأنتم بخير وإلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم أندى العالمين برنامج سيكون مع فضيلة الشيخ العلامة المحدث أبي إسحاق الحويني حفظه الله ، السلام عليكم فضيلة الشيخ ، كل عام وأنت بخير.
    قصة البرنامج: قدرها اللهI بشكل لم يكن متفقا عليه بيني وبين الشيخ حفظه الله ، مكالمة هاتفية أقول للشيخ أريد عمل برنامج (الناس والنبي) فقال لي الشيخ هذا الاسم ليس جيدًا قلت له نختار اسم ونريد أن نسجل مع حضرتك خمس حلقات إذا وفقنا ومع كل شيخ سنختاره تقول لنا على بعض المشايخ ترشحها نسجل مع كل شيخ خمس حلقات ، و استرسل الشيخ في الحديث معي وقال لي بيتين شعر ، وهما تتر مقدمة البرنامج نفسه ، ثم بدأ الشيخ يسترسل قرابة الساعة يكلمني على البيتين وما معناهما، فلما قال لي ما رأيك أن نسمي هذا البرنامج (أندى العالمين ) كلما قلت لأحد سأعمل مع الشيخ برنامج اسمه أندى العالمين أجد الكل يتوقف ولا يفهم المعنى ومعنى كلمة أندى العالمين ، وهذا الذي جعلنا نتفق مع فضيلة الشيخ أعطاه الله الصحة والعافية ووافق مشكورًا أن نتحرك في هذا المعنى مع الناس في شهر رمضان حتى يكون الكلام عن النبيr مختلف قليلًا وبعيد عن الأشياء الدارجة في الأحاديث ، والشيخ يرى أننا يجب أن نرتقي في الحديث عن النبيr بشكل يكون أقرب للناس وأوضح للناس ، وهذه كانت قصتي مع الشيخ في بداية الكلام عن البرنامج ، لكن اسمحوا لي أن أبدأ مع الشيخ وأقول له: فضيلة الشيخ لم أكلم أحد عن اسم البرنامج إلا وتوقف عند معناه ولا يفهم ما معنى أندى العالمين ، وكل واحد أقول له ضع كلمة ندى وضع أمامها ألف في التليفون حتى يبدأ يفهم معي ما معنى أندي العالمين ، ليتك شيخنا تشرح لنا البيتين اللذين قلتهما لي حتى نستطيع أن نوصل للناس فكرة أندى العالمين
    الشيخ حفظه الله: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهr ، هذا البيت.

    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي
    هذا بيت من قصيدة مدح بها جرير بن عطية عبدالملك بن مروان ، وجرير هو صاحب النقائض مع الفرزدق ، فلما وصل جرير إلى هذا البيت كان عبدالملك بن مروان متكئًا فجلس وقال: كيف قلت ؟ فأعاد عليه هذا البيت مرة أخرى ، فقال: من كان مادحًا فليمدح بمثل هذا ، وقرأت لبعض العلماء المتقدمين هذا أمدح بيت قالته العرب.

    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي
    والبحر نفسه الذي اختاره جرير لهذه القصيدة البحر الوافر وهذا من أمتع البحور في تفعيلاته .

    ألستم خير من ركب المطايا
    وأندى العالمين بطون راحي
    الشاعر الموفق هو الذي يختار البحر ليبرز به المعنى ، لذلك حتى القصيدة نفسها ، عندما قرأتها شعرت أنني أتمايل، فمعنى البيت يقول له: أنتم خير من ركب المطايا ولا يستغني أي إنسان أن يركب مطية فكأنه قال: أنتم خير العالمين .
    وأندى العالمين بطون راحي
    الندى: هو البلل الخفيف ﴿ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾(البقرة:265)الطل هذا هو الندى ، والندى يطلق على الجود والكرم وعلى السخاء فيقول: أنتم...
    أندى العالمين بطون راحي
    الراح: راحة اليد ، كف الإنسان له ظهر وبطن بطن اليد هذه اسمها الراح راحة اليد ، لأن الإنسان إذا أراد أن يعطي أحدًا إنما يعطيه براحة يده لا يضع الدرهم ويقذفه في وجهه أي مثلًا بظهر يده .
    وأندى العالمين بطون راحي
    أي أنتم أكرم الناس في العطاء والعطية ، أنا عندما قرأت هذا البيت قلت: هذا لا يستحقه إلا النبي r .
    المحاور: وهل كان جرير بن عطية يقصد أنه يكلم عبدالملك بن مروان بهذا البيت لشخص عبدالملك بن مروان أم كان هناك تصور عند عبدالملك بن مروان أنه أيضًا كما ذكرت لفضيلتك أنه من مدح فليمدح يمكن البيت هذا لا يصح إلا للنبي r ؟
    الشيخ: لا ، لا ، هو أراد بالعكس أراد أن يقول: أنك بلغت الغاية في مدحي ، فمن كان مادحًا فليمدحني على قدر مكانتي هذا أمير المؤمنين فعندما تمدح أمير المؤمنين لا تساويه بالناس ، مثل النابغة يقول له:
    فإنك شمس والملوك كواكب
    فطبعًا أيضًا أعلاه جدًا ، فأراد أن يقول: من أراد أن يمدحني فليمدحني بمثل مكانتي ، لا أنه قصد النبي r لكن أنا بيني وبين نفسي قلت: أول ما قرأت هذا البيت وأعجبني وأحسست بأريحية في قلبي من جهته قلت أنه لا يستحق هذا إلا النبي r ، ولذلك أنت عندما كلمتني عن البرنامج جاء اسم البرنامج عفوًا ، وخطر على بالي بيت جرير بن عطية هذا ، والحقيقة أنا لا أخفي إعجابي أنا بهذا العنوان ، أندى العالمين هو r نداه تفرق في كل الشعاب .
    المحاور: إذ انتقلنا يا فضيلة الشيخ إلى مسألة الأسوة إذا كنا نتكلم عن أندى العالمين ، والمعني الذي تذكره فضيلتك أننا نرى أنه فعلًا لا يستحق هذا الوصف إلا سيد الخلق r نتصور دائمًا أن الإنسان الذي تكمل فيه هذه الأوصاف وتستحق هذه المزايا العالية والمدح العالي لابد أن يكون في محط أسوة الناس تتأسى به تنظر له بهذا الشكل ، هل تري فضيلتك أن مسألة التأسي بالنبي r ضعفت في هذه المرحلة في حياتنا لدرجة أننا لا نلتفت إلى هذه المعاني ؟
    الشيخ: طبعًا لا شك أن هذا المعني ضعف كثيرًا في نفوس كثير من المسلمين ، لأن الله U اشترط شرطين لمن أراد أن يتأسى فتسهل الأسوة عليه ، فقال I:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(الأحزاب:21) ، ما الذي يجعل الإنسان لا يتأسى ؟ لأن أعماله كثيرًا ما تكون للدنيا ، مثلًا لو أخذنا أي شيء ظاهري ، ولماذا أقول ظاهري ؟ ليس لأنه أهم من الجوهر ، لا الظاهر مع الجوهر يتناغمان في بناء الالتزام ، لكن أنا أقول الظاهر لأنه هو الذي يظهر لنا بخلاف الباطن أنا لا أستطيع أن أقيمه ، فمثلًا أنا لو أخذت اللحية مثلًا كظاهر لسمت المسلم ، لماذا لا يُعفِي أغلب الناس لحاهم ، والنبي r لا أقول أنه التحى أو أعفى لحيته لأنها كانت من سمت العرب أو غير ذلك ، لأنه حض عليها في عدة أحاديث حديث ابن عمر وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة .
    مما يسهل التأسي علي من أراده:الذي يريد أن يتأسى لو أنه تأسى لله واليوم الآخر سهل عليه هذا ، لكنه دائمًا ينظر إلى مصلحته في الدنيا من وراء التأسي ، فيقول: أنا لو أعفيت لحيتي ممكن أُفصل من عملي ممكن لا أترقى، بعض المعيدين في الجامعات مثلًا كان يقول لي عندما أقول له: لماذا لا تعفي لحيتك ؟ ، يقول لي: لأنني لو أعفيت لحيتي سآخذ الماجستير بدل من أأخذه في سنتين سأأخذه في أربعة مثلًا أو أأخذه في ستة
    متى تعفي لحيتك ؟ أنت عندما تأخذ الدكتوراه لن تترقى إلى أستاذ مساعد وأنت تارك لحيتك ، ولو أصبحت أستاذ لن تكون رئيس القسم لو أنت أعفيت لحيتك ، ولو أصبحت رئيس القسم لن تكون رئيس الجامعة لو أنت أعفيت لحيتك ، ولو أصبحت رئيس الجامعة لن تكون وزير التعليم العالي لو أعفيت لحيتك ، إذًا قل لي متى ؟ ، إذًا أنا عندما أنظر إلى الآية ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ وصف الأسوة هنا ، لماذا ؟ لأن في أسوة بالشر بخلاف قوله تبارك وتعالى:﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(النحل:125) ، فأخلى الحكمة من ذكر الوصف ووصف الموعظة ووصف الجدال ، لأن الحكمة حُسنها ذاتي فإن خلت من الحسن لن تكن حكمة ، ولذلك يقبح أن نصف الحكمة ، هذه اسمها حكمة ، إنما الموعظة ممكن تكون موعظة جافة فلذلك أمرهم أن تكون حسنة ، قالr:« أيها الناس إن منكم منفرين في القول والفعل » .
    إذًا الموعظة ممكن أنا وأنا أقف على المنبر وهذه تحدث لي وتحدث لك وتحدث لأي واحد يرقي المنبر ننسى أنفسنا أحيانًا ونوبخ الناس بما نحن واقعين فيه ، الإنسان يأخذ سخونة المنبر وهو يتكلم يَتكلم مثالي جدًا جِدًا وقد لا يكون هو على نفس المستوى الذي يتكلم به أي قدمه تكون أعلى من رأس أي واحد من الجالسين ، فأنا أريد أن أقول: الموعظة ممكن أن تكون جافة وعنيفة وغليظة فأمر المرء أن تكون حسنة ، والجدال لأنه يكون فيه حظ نفس أكد عليه أكثر قال:﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فلما الله U يقول:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ يكون فيه أسوة سيئة ، الأسوة الحسنة لا تأتي إلا من النبي r ابتداءًr﴿ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَإذًَا الذي يتأسى بالنبي r ويريد أن يخف الفعل عنه يرجو الله ويرجو اليوم الآخر لأن هذه درجات ،بعض الناس قد لا يستطيع أن يصل إلى هذا المعنى .
    المحاور: فضيلة الشيخ أحيانًا الناس تقف عند هذه الكلمة كثيرا ما معنى كلمة ﴿ يَرْجُو اللَّهَ ؟ هل هي الإخلاص أم رجاء ثواب الله في الآخرة ؟
    الشيخ: هو يرجو الله يرجو رحمته وثوابه وجزاءه ، هذه المسألة لها نظرية كثير من الناس يقعد يستحضرها ، وكذلك اليوم الأخر ، لكن اليوم الآخر يمكن أن أستحضره لكثرة ما جاء فيه من وصفه وتفصيلاته والجنة والنار وقبل ذلك الوقوف بين يدي الله U والحساب ، فيمكن وعندي درجات أترقى فيها ﴿ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ، فالذي يحقق هذين يسهل عليه أن يتأسى إذا أراد أن يرجو اللهU فلا ينظر إلى الناس ، إذا أراد اليوم الآخر ويعلم أنه لا ينفعه أحد والمساءلة بين يدي الله فردية ولم ينفعه أنه فعل هذا لأجل فلان أوعلان فتسهل عليه الأسوة ، فكل من صعبت عليه الأسوة في أي مجال من مجالات الحياة التي فعل فيها النبي فعلًا وأمر به أو فعل فعلًا ولم يأمر به ، وهذه أيضًا درجات ، إذا صعب عليه ذلك فلينظر وليفتش في نفسه سيجد غالبًا أنه لا يرجو الله بهذا الفعل ولا يرجو اليوم الآخر حتى وإن ادعى بلسانه ، وحتى النبي r في سورة الأنعام ذكر اللهU ثمانية عشر نبيًا وآباءهم وأبناءهم وذرياتهم ثم قال:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ(الأنعام:90) .
    استدل العلماء من هذه الآية: على أن النبي r أفضل الأنبياء جميعًا إذ جمع الله كمالات الأنبياء وجعلها فيه ، لأن كل نبي من هؤلاء الثمانية عشر نبي هؤلاء ومن آباءهم وإخوانهم وذرياتهم ، كل واحد من هؤلاء كان له فضيلة في نفسه تميز بها عن الأخر ، فإذا أخذ النبي r الفضيلة من كل نبي فاجتمع له الخير كله والفضل كله فتم له الكمال بهذه الآية .
    المحاور: يمكن هذا المعنى في قوله تعالى ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾(الأحقاف:35) نفس القصة أيضًا في هذه السورة ، فضيلة الشيخ يمكن كثير من الناس تقول كيف أحقق هذه الأسوة ، الكلام النظري سهل إنما المحكات العملية تكون كالفلاتر تقع فيها أناس كثر، كيف يتحول الإنسان ليضع نصب عينيه أن يحقق مسألة الأسوة في رسول اللهr بهذا العمل القلبي أو بهذين الشرطين القلبيين .
    الشيخ: المسألة تحتاج أسرع طريق إلى هذا الرفقة ، والنبي r يقول:« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » ، على دين خليله أي على ميله وهواه ، فلا يمكن أن تجد رجلاً تقيًا يصاحب رجلًا فاسقًا ، لا يتفقون مع بعض لأن الصفات تختلف ، الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، والعرب تقول الصاحب ساحب ، فإذا أراد المرء أن يأتسي فأول شيء عليه لابد أن يختار الرفقة الصالحة لأن هذا أسرع وسيلة للتأسي .
    مع اختيار الرفقة الصالحة التي تسهل على المرء أن يتأسى بالنبي r سنتوقف مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله على وعد بلقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ ، دمتم في أمان الله .
    انتهى اللقاء الأول نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)



    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس [2]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى لقاءنا يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني كنا قد توقفنا في اللقاء السابق عند مسألة الأسوة ، والشيخ الحقيقة في إجابته على سؤال :كيف نصل إلى مرحلة التأسي بالنبي r دونما تقاعس ؟ والمسألة تحتاج لفهم الشرطين اللذين ذكرهما ربنا I في القرآن:﴿ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾(الأحزاب:21) ، نكمل حديثنا في هذه الجزئية مع فضيلة الشيخ ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
    المحاور: تكلمت فضيلتك في قضية في منتهى الخطورة هى التي تصعب التأسي على كثير من المسلمين لما يشعر بشيء من أنه متغير عن جل الناس ،المرأة ترى أن المحجبات قلائل ، الرجل يرى أن كل الرجال ليسوا ملتحين وبالتالي يصعب عليه مسألة أن يتأسى من خلال التغاير الذي يراه عن شرطي التأسي اللذان ذكرهما الله عز وجل في كتابه .
    الشيخ: قلت في المرة الماضية أن أسرع وسيلة إلى التأسي الرفقة أو الصحبة ، لأن أصل الإئتساء معناه المداواة والإصلاح ، ولذلك يسمى الطبيب الآسي وليس القاسي الذي يأسو الجراح أي يداويها ، الصاحب ساحب كما كانت العرب تقول ، فأنا الآن كل إنسان على حسب مذهبه فيه رجل يرجو الله واليوم الآخر ، وفيه رجل يرجو الدنيا الذي يرجو الدنيا هذا نحن لن نتكلم فيه أنا أريد أن أتكلم على الذي يرجو الله واليوم الآخر لابد أن ينتقي صحبته ،المجتمع الواسع يكون هو مجتمعي أنا لي مجتمع بسيط أنا أذكر كلام سفيان الثوري - رحمه الله - كان يقول: ( الغربة قوة ) فأنا كنت أستغرب من هذه الكلمة ، أول ما قرأتها، طبعًا على خلاف أن كل الناس يعتقدون أن الغربة ضعف ، طبعًا كنت مستغرب من الكلمة حتى قَلَّبت فيها وجوه النظر في أول طلبي للعلم قرأت هذا الكلام لسفيان ، وبعد ذلك لم أفهمه إلا بعد سنوات طويلة عندما قرع هذا القول قلبي مرة أخرى .
    في منتصف السبعينيات أول ما بدأنا الالتزام وإعفاء اللحية ، عندما كانت المحافظة عندي ،محافظة كفر الشيخ لم يكن فيها ملتحين إلا حوالي سبعة كنت أعرفهم بأسمائهم وبلادهم وأعيانهم وأعرف كل شيء عنهم وكان بيننا تواصل قلبي ، وأنا أذكر شيئًا غريبًا جدًا كان لدي دراجة عادية طبعًا هذه كانت أقصى أمنياتي أن يكون لدي دراجة عادية ، وكان أحد أعز أصحابي في الالتزام بيني وبينه حوالي ثلاثة كيلو أو أربعة كيلو متر ، فكنت عندما اشتري الكتب وكنت فقيرًا جدًا آنذاك ، فلما كنت أشتري الكتب كنت أجتهد أن أشتري له نفس الكتاب الذي أشتريه لنفسي كان ممكن استدين ، كان ممكن أأخذه بالقسط وغير ذلك أضع الكتب على الدراجة من الخلف وأربطها ثم انطلق إليه كنت أصل إليه في ربع ساعة ، بعد أن اشتريت سيارة وكنت أذهب إليه بالسيارة في ربع ساعة فأنا لفت نظري ، كيف أنا بالدراجة العادية أذهب في ربع ساعة والسيارة أسير على سرعة مثلًا ستين سبعين على حسب الطريق التراب وغير ذلك وأصل في ربع ساعة ؟ .
    عندما قرع هذا المعنى قلبي جلست أفكر ، ما الذي يجعل المسافة الزمنية متساوية ؟ فعلمت وأنا راكب الدراجة كانت المحبة تحملني إليه فكانت تعطيني القوة الحقيقة أن أقطع المسافة في هذه المسافة ، لكن عندما ركبت السيارة أيضًا كان فيه محبة وكل شيء لكن لم أكن أنا الذي أتحرك المحبة كانت تحركني أنا بينما الذي يحرك السيارة الموتور
    فأنا أريد أن أقول: كنا قلة فكان فيه نوع من التمايز والمحبة الصادقة ، أنا كنت مع أخي الأكبر - رحمه الله - في ميدان رمسيس ورأيت واحد ملتح في موقف أحمد حلمي فذهبت إليه على الفور وسلمت عليه وأخذته بالحضن وغير ذلك ، وما أخبارك ؟ لا أعرفه أول مرة أراه في حياتي ، من أين أنت ؟ قال لي: أنا من أسوان أخذت اسمه وعنوان ورقم تليفونه وغير ذلك ، فأخي يقول لي: هل هذا صاحبك في الدراسة في الكلية ؟ ، قلت له: لا ، أنا أول مرة أراه ، قال له: والله يا أخي أنتم ستفجروننا هكذا كيف تقابله وتحضنه وفرحان به وأنت أول مرة تعرفه ؟ ، عندما دخل في الصف من ليس منه أنت قلبك أصبح حذرا ، لماذا ؟ ، لأن عندما يدخل في الصف عادة من ليس منه ممكن يكون واحد مدسوس عليك علمت أن الكثرة فيها الضعف وأن الغربة فيها قوة ، ولذلك سفيان الثوري كان يقول: (إذا كان لك أخ سني أنت بالمشرق ولك أخ سني بالمغرب فأرسل السلام فإن أهل السنة غرباء) .
    ولذلك الغرباء الأولون من الصحابة، كانوا أقوياء كانوا غرباء ، فكان كل واحد يشعر أن قوته بالالتحام بالآخر ، فالغربة قوة في الحقيقة اليوم مع كثرة الزخم الذي حدث واشتباه الأزياء واشتباه الأشكال وغير ذلك أنت لم تعد تستطيع أن تعطي قلبك لأي واحد،لاحتمال يكون هكذا أو هكذا بالأخص بعد ما الأشياء التي كانت للمخابرات أصبحت هذه هى الأشخاص .
    المحاور: يمكن فضيلتك تتكلم بفكرة أيضًا أنه في الوقت هذا في زمن الغربة المتأسي برسول الله r يتأسى عن صدق ، لأنه أحيانًا في زمن الكثرة والمنفعة والدنيا والمصالح قد يحاول الإنسان أن يتأسى بالظاهر لكي يستطيع أن يجد مصلحة في هذا الجمع الكثير .
    الشيخ: هذا ربما وأنت ترى مثلًا من بعض الحوادث التي حدثت قريبًا واحد بلطجي وبعد ذلك التزم ذهب قتل واحد وزوجته القصة المعروفة المشهورة ، وهذا ملتحي لكن لم تتغير طباعه ، فأنا أريد أن أقول: إذا رجعنا إلى أصل معنى كلمة الإئتساء هى المداواة والإصلاح ، أنا لا أستطيع أن أصاحب رجلًا لا يأتيني منه خير (صاحبك من إذا ذكرت الله أعانك وإن نسيته ذكرك) .
    المحاور: وهذا يمكن الذي جاء في قول الله:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ(الكهف:28) ، يمكن فضيلة الشيخ مثلما تكلمني فضيلتك أيضًا ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾(الأحزاب:21) ، نريد أيضًا أن نتوقف عند الأسوة السيئة ، رسول الله خير الدعاة r ، هل تتصور فضيلتك أنه يمكن أحيانًا أحد بهذا المنظور يكون كما قال النبي:« دعاة على أبواب جهنم » ، حمل لفظ الدعاة بين قوسين إنما هو داعية سوء يقود الناس إلى ما لا يرضى ربنا I .
    الشيخ: طبعًا بلا شك لأن هذه ترجع إلى الصفات الجبلية التي يخلق المرء بها ، في واحد عنده شر بمفرده أو رجل أصولي يريد أن يصل منافق قد يتصور أنه كل ما تنازل عن شيء من دينه إرضاءً لسيده أنه ممكن يرتقي ، أنا لا أتصور مثلًا مفتي في بعض البلاد العربية عندما أراد أن يحلل للناس الربا وأنا سمعت هذه القصة من شيخنا الألباني - رحمة الله عليه - ، يقول: لو أنك قلت له: أسلفك المائة جنية وتعطيني مائة وعشرة سيكون ربا ، فكيف يمكن أن يخلص الناس من الربا ؟ فيقول: وأنت تأخذ منه المائة جنية وهو يطلب منك المائة وعشرة ، قل: لله علي أن أعطيه عن كل مائة جنية عشرة جنيهات ، فيقول لك: لم يعد ربا لأنه تحول إلى نذر حينئذ والنذر واجب الأداء ، أسوة سيئة هذا المسكين ، ما مصلحته أن يدخل النار لأجل فلان ؟
    محمد بن عجلان شيخ مالك كان لا يفتي في الطلقة الثالثة ، لماذا ؟كان يخشى على نفسه أنه لو أفتى في الطلقة الثالثة ، يقول: (إنما يستمتع الرجل مع امرأته وأحملها أنا فكان )لا يفتي في الطلقة الثالثة ، وكان يقول: (إذا ترك الرجل كلمة لا أدري أصيبت مقاتله)،ليس من الممكن أن يعلم الإنسان كل شيء لابد أن يقول: لا أدري ، ومالك ورث عنه هذا كان مالك - رحمه الله - ورفع إليه ست وثلاثون مسألة أجاب فيها ببضعة عشر مسألة وترك الباقي قال: لا أدري ، فقال له رجل: يا أبا عبد الله مثلك لا يدري ؟ ، قال: نعم وقل من خلفك أنني لا أدري لا يعيبه أنه يقول: أنا لا أدري .
    فأنا أريد أن أقول: أن هناك ناس يبيعون دينهم بدنيا غيرهم ، حتى أحيانًا تكون قراءته قراءة سيئة قراءة خاطئة، يتصور مثلًا يقول :سيدي يريد كذا يقرأ قراءة خاطئة فقد يضر سيده بكثرة تنازلاته وبكثرة تجاوزاته وتساهله ، فأنا أريد أن أقول: هذه تكون صفات شخصية عند الفرد أنه على استعداد أن يتنازل عن الحق لمأرب دنيوي ، والأصل الذي نتكلم فيه أندى العالمين r وأقول: دائمًا أننا نأخذ منه الأسوة الحسنة ، في الصحيح من حديث سعد بن هشام أنه أراد أن يبيع ماله وعقاره وكل ما يملك من الدنيا ويشتري به سلاحًا وكراعًا ، الكراع: أي الخيل ، ويذهب ليقاتل الروم حتى يموت فسأل نفرًا من أصحاب النبي فنهوه عن ذلك ، وبالمرة طلق امرأته أيضًا حتى لا يكون لديه مال ولا لديه امرأة فيذهب ليموت وهو يقاتل الروم .
    فلما أخبر بعض أصحاب النبي r: نهوه عن ذلك وقالوا له: إن ستة رهط أتوا النبي r أرادوا أن يفعلوا مثلما تريد أنت فنهاهم النبي r وقال لهم:« أفما لكم فيَّ أسوة ؟ » فسألهم عن وتر النبي r ، فقالوا له: أذهب إلى ابن عباس فذهب إلى ابن عباس فقال له: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر النبي إنها عائشة على أساس أن النبي r كان آخر الليل وكان يكون في أبيات أزواجه وأزواجه أعلم الناس بوتره ، فجاء إلى عائشة t وسألها ، قال لها: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله r ؟ ، قالت له: ألست تقرأ القرآن ؟ ، قال: بلى ، قالت: إن خلقه القرآن ، ثم سألها عن وتر النبي r الشاهد من هذه المسألة أن رهطًا ستة أو سبعة من أصحاب النبي r أرادوا أن يفعلوا مثلما فعل هذا وبعضهم أراد أن يختصي حتى لا يكون لهما رغبة في النساء عبادة النبي r مثل الثلاثة الذين تقالوا عبادة النبيr يقول النبيr :« أفما لكم في أسوة ؟ »صحاب النبي r فردهم إلى القصد « عليكم هديًا قاصدًا » ، لماذا ؟ لأن الإنسان ينفسخ عزمه كثيرًا
    أحيانًا أنت عندما تقرأ قصة من القصص الأبطال والصحابة وغير ذلك ترتدي الدور وعلى استعداد أن تفعل مثله ، لكن أول ما تقع على المحك تجد أن القلب قد انفسخت عزيمته ، فالنبيr لأنه يعلم انفساخ عزم القلب فقال:« عليكم هديًا قاصدًا » ، حتى في التوجه إلى الله أي عندما دخل المسجد فوجد حبلًا مربوطًا بين ساريتين قال:« حبل من هذا ؟ » ، قالوا: هذا حبل زينب ، « ماذا تفعل به ؟ » ، قال: إذا تعبت قدماها عن أن تحملها من كثرة قيام الليل رمت نفسها على الحبل أو تعلقت بالحبل ، فقال:« حلوه إن الله لا يمل حتى تملوا ويطيق من العمل ما تطيقون » ، حتى في هذا نهاهم فالقلب ينفسخ عزمه حتى يطول نفسه ويستمر في الطريق إلى نهاية الشوط فيقول له: ساعة وساعة ، مثل ما قال لحنظله ، قال له:« ساعة وساعة » ، لماذا ؟ لأن الله لما خلق الإنسان ركب فيه هذا وذاك ، لابد أن يستجم بشيء من الباطل المباح حتى يواصل السير الجاد إلى الله I ، فكان يردهمr إلى أصل خلقتهم لأن الله U لما خلقهم خَلقهم فيهم هذا وهذا ، فإذا لم يفعل هذا أو ذاك يحدث نوع من الاصطدام كما يقول العلماء .
    المحاور: هذا يمكن الذي يجعل حضرتك دائمًا في معظم خطبك ودروسك لا تغير خطبة النبي r التي تؤكد فيها حضرتك على معني وهذا الذي أكده النبي r فكرة « وخير الهدي هدي محمد r » ، وأنا أتصور أحيانًا أن بعض أهل البدع من أئمة الضلال لما يخرجوا خارج هذا الهدي ويكونوا أسوة للناس في ابتداع عبادات وابتداع أذكار ، وابتداع صلوات ما أنزل الله بها من سلطان تكون من منطلق أنه في حقيقة باطنه هو لا يرجو الله واليوم الأخر.
    الشيخ: والله أنا لي تحفظ على حقيقة باطنه لأن لا اطلاع لنا .
    المحاور: لا ، أنا قصدي أقول لحضرتك: نحن دائمًا نقول أن الظاهر في اتساق وتناغم مع الباطن ، فعندما أجد إنسان يرجو الله واليوم الآخر في باطنه ، ينضح على ظاهره إنما إنسان آخر مصر على أنه يبتدع في دين الله I بذكر ، باحتفال ما ، بصلاة ما بدعاء ما ، بأوراد ما ، فيتصور أحيانًا هل ممكن هذا يكون له اتصال بفكرة أنه لا يوجد حقيقة قوية في قلبه من هذا الرجاء لله واليوم الآخر وبالتالي حاد عن منهج رسول الله في الأسوة الحسنة ؟
    الشيخ: يمكن تخريج هذا الكلام على أصل ، وهو:لن نخرج عن معنى أندى العالمين بتقريبه لأنني أرى أن المسألة مهمة ، أنت عندما تقول: هذا يدل على أنه من باطنه لا يرجو الله واليوم الآخر أنا ، لماذا قلت الظاهر والباطن بينهما ارتباط ؟ ، في الصحيحين من حديث عتبان بن مالك t أنه قال للنبي r ائتي بيتي فصلي في مكان ما حتى أتخذه مسجدًا فقال:« إن شئت » وأتوه في وسط النهار هو وأبو بكر t ، وعلم كثير من الصحابة أن النبي r سيصلي في بيت عتبان فثاب كثير من القوم إلى بيته ، فقال:« أين تريد أن أصلى ؟ » قال: تصلي في المكان الفلاني فصلى فيه والنبي r يصلي الصحابة يتحدثوا مع بعض بصوت عال فذكروا مالك بن الدخشم أو الدخشن فذكروه بسوء قالوا: وددنا أنه هلك ، وددنا أن النبي r دعا عليه فهلك ، وددنا أنه أصابه شر ، المهم النبي r بعد أن انتهى من الصلاة ، قال لهم:« أولستم تعلمون أنه يشهد ألا لا إله إلا الله خالصًا بها قلبه ؟ » قالوا: الله ورسوله أعلم لكننا لا نرى وجهه ووده إلا إلى المنافقين ، فقال:« إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله مخلصًا بها قلبه » ، الشاهد هنا أنهم لما قال لهم النبي r:« أليس يشهد ألا لا إله إلا الله خالصًا بها قلبه ؟ » ، كلمة « خالصًا بها قلبه ؟ » فهم لا يستطيعوا أن يجيبوا ، قالوا: الله ورسوله أعلم لكننا هذه هى القرينة الخارجية التي نصب الحكم عليها علقوا الحكم بها .
    المحاور: يروا وده للمنافقين .
    الشيخ: بالضبط هكذا ، لأنه يصعب جدًا على أهل الإيمان أن يكون وده ووجهه إلى المنافقين هذا كلام لا يستقيم ، فأنا اليوم عندما يكون في واحد منافق معلوم النفاق بالنسبة لنا وآخر يصاحبه دائمًا يلصق له ومعه كظله أنا لو اتهمته بالنفاق فأنا معذور
    المحاور: الشواهد هى التي تقول هكذا .
    الشيخ: النبي r لم يقل لهم: كيف تقولون هذا وأنتم لا تعلمون ما في قلبه ؟ ، لماذا ؟ ، لأن فيه قرينة خارجية علق الحكم بها ، فأنا أستطيع أن أحكم على ما في القلب بتعليق الحكم على القرينة الخارجية ، مثل حديث « من سره أن يتمثل الرجال له قيامً فليتبوأ مقعده من النار » ، مسألة السرور مسألة قلبية ، المدرس عندما يدخل الفصل عادتنا التي علموها لنا قيام كل واحد لابد أن يقف للمعلم قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ، لو أن طالب لم يقف ، ماذا يفعل المدرس ؟
    المحاور: ممكن يعاقبه .
    الشيخ: يقول له: تعالى يا ولد أخرج في الخارج وهات ولي أمرك غدًا ، أنا أعلم من هذا أن هذا المدرس يحب من قلبه أن يتمثل الرجال له قيامًا ، لماذا ؟ لأن غضبه الظاهر أستطيع أن أعلق به الحكم ، أنا عرفت ما في قلبه لكي لا يأتي واحد يقول لي: ما الذي أعلمك ما في قلبه ؟ أقول لك: القرينة الخارجية التي علقنا عليها الحكم وهو غضبه واستدعاء ولي الأمر ، واتهام الولد بقلة الأدب أنه لم يقم ، فلذلك أنا أؤكد أيضًا لكي لا أستدرك على نفسي عندما ذكرت من قلبه وأنه كذا ، أنا قلت لك: نحن لا نحكم على ما في قلبه ، فأنت قلت لي: ارتباط الظاهر والباطن ، فأنا أيضًا أحببت أن أدلي بهذه الفائدة لأن الظاهر فائدته أن نعلق الحكم عليه حتى يمكن أن نصل إلى بعض الباطن على الأقل .
    المحاور: جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ وعلى وعد بلقاء يتجدد وأندى العالمين دمتم في أمان الله سلام الله عليكم .
    انتهى اللقاء الثاني نسألكم الدعاء أختكم أم محمد الظن




    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[6]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله لقاء جديد وأندى العالمين r مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق السلام عليكم فضيلة الشيخ ،فضيلة الشيخ يمكن كنا توقفنا في المرة السابقة يمكن حضرتك أكدت على معنى المائة ثمانية وعشرين والمرسيدس وأنه أحيانًا الإنسان سيارته يتقمص شخصيتها نقوده يتقمص شخصيتها وكما قال النبي:« السكينة والوقار في أهل الغنم والبطر والكبر في أهل الخيل والإبل » ، ما علاقة هذا بحسن الخلق أو سوء الخلق ؟.
    الشيخ: السكينة والوقار من الأخلاق الحميدة مثلما الكبر والبطر من الأخلاق المذمومة ، لكن فيه ملحظ فيما يتعلق بحسن الخلق في هذا الحديث وهو قولهr:« السكينة والوقار في أهل الغنم »،لما تأخذ الحديث وتربطه بقول النبيr« ما بعث الله نبيًا إلا راعي غنم ،» أو « ما من نبي إلا رعى الغنم » ، لماذا الأنبياء يرعون الغنم ؟ طبيعة الغنم الشرود كل غنمة لها رأس مختلفة عن رأس الأخرى ولذلك يلقى الراعي شدة في رعي الغنم ، والنبيrلما بين الشذوذ عن الجماعة قال:« إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية » ، لم يقل من البقر ولا الجاموس ولا الإبل ولا غير ذلك ، ممكن تجد كل الحيوانات تمشي في جماعات مثل الحمر الوحشي والفيلة والجاموس البري والطيور تمشي في سرب مثل رأس السهم ، إلا الغنم لا يمكن تجد الغنم إلا شاردة يمين وشمال ، فحتى يربى القائد على الصبر فيرعى الغنم لكي يجمع هذه الغنمة برفق وهذه برفق ويجمع شتاتها بهدوء .
    كان بعض الصحابةy كما في صحيح مسلم عائذ بن عمر قال لأحد الأمراء: يا بني إني سمعت النبيr يقول:« شر الرّعاء الحطمة ، فإياك أن تكون منهم» ، شر الرعاء الذين يرعون الغنم ، الحطمة: أي كل ما غنمة تزهقه يحملها ويضربها في الأرض تخيل لو واحد عصبي يرعى الغنم سيرجع آخر النهار بلا غنم أو على الأقل يفقد اثنين ، ثلاثة ، أربعة ، لأنه سيحملها ويضربها في الأرض فستخرج روحها فبالتالي رأس ماله سيتناقص شيئًا فشيئًا ، فهو يقول له إني سمعت النبيr يقول: « شر الرعاء الحطمة ، فإياك أن تكون منهم» ، فقال له: اسكت فإنك من نخالة أصحاب محمد فقال: أو كان فيهم نخالة ؟ ، إنما النخالة في غيرهم وفيمن جاء بعدهم يريد ان يقول له مثل أمثالك ، هم الذين فيهم نخالة ، إنما لم يكن فيه حد منهم نخالة إنما كلهم كانوا شامة .
    فأنا عندي السكينة والوقار في أهل الغنم لأن الغنم وفمها في الأرض باستمرار فبالتالي ليس عندها شموخ الإبل أو جموح الخيل ، فالنبي الذي يرعى الغنم يتعلم الصبر بأنه يضم بعدها إلى بعض حتى لا تشرد ويتعلم السكينة من منظرها ، فيكون عنده صبر وتواضع وسكينة ، فمهما أعتدي عليه وعلى عرضه فلا ينظر إلى ذات نفسه ولكن ينظر إلى دعوته فيضحي بحظ نفسه من أجل دعوته ، والنبيr كان يفعل هذا ، كان يسمع السب بأذنه وما كان يقابل السيئة بمثلها .
    المحاور: على خلاف أهل الخيل والإبل ، فضيلة الشيخ يمكن نرجع مرة أخرى لفكرة الظاهر والباطن ، أولًا أريد أن أتوقف مع حضرتك عند بعض الناس تسيء الفهم في قول اللهI في قصة قارون:﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(القصص:76) ، فبدأ يعتبر أنه لو حتى الموقف يستدعي الفرح لا ينفع أن تفرح ، لو حتى الموقف استدعى الضحك لا ينفع أن تضحك ، استدعى التبسم فلا ينفع أن تتبسم ، ودائمًا وأبدًا نرى كثير من الناس عابس جدًا ويعلل ذلك أو زوجته ويقول: لا والله هو قلبه أبيض من الداخل ولا يغرك منظره وشكله .
    الشيخ: طبعًا الآية ليست كذلك ، أنا لما تكلمت عن التبسم قلت التبسم قد وقد ، إنما أصل التبسم هذا يدل على السرور حتى أنقل التبسم من حقيقته إلى معنى آخر لابد أن أعطيه قرينة ، فيكون تبسم المغضب ، لكن لما أقول تبسم فقط المفروض أنه يكون تبسم عن سرور ، فيه قاعدة عند العلماء يقولون: السياق من المقيدات ، نحن عندنا في أصول الفقه المطلق والمقيد ، السياق من المقيدات والكلام سياق وسباق ولحاق ، كلمة يسبقها كلام ويتلوها كلام ، ولا ينفع أن تأخذ السياق وتنزعه وتخرج به لوحده وتترك الذي قبله والذي بعده وإلا سيخرج المعنى مشوه ، هنا في قصة قارون فيه سياق للقصة ، وفيه سياق لموعظة الناس لقارون ، ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى ﴾(القصص:76) .
    لابد من أخذ الكلام كله في سياقه لأنني لو نزعته من سياقه سأضيع المعنى ، ﴿ كَانَ مِنْ ﴾ ، ليس له قيمة واحد ، وفجأة صار عنده كنوز المفاتيح وحدها لا يعرف أن يحملها الأقوياء فكيف بالذي بداخل الكنوز؟ ، واحد عنده خزنة يدخلها واقف مثل الذي عنده خمسمائة ساعة في البنك يدخل الخزنة واقف ، لكن نحن خزنتنا لو عندنا خزنة تكون حوالي خمسين سنتمتر في خمسين سنتيمتر ، أي لا تستطيع أن تضع رأسك فيها ، لكن هذا يدخل الخزنة واقف ، هذا قارون مفتاح الخزنة يحمله ثلاثة لكي يضعوه في الباب ويفتحوا الباب ، فخزائنه كم تكون ، فهذا الذي كان من وأنا أقول من وأعمل بيدي هكذا ليعلم أنه ليس له أي قيمة على الإطلاق لا ذكاء ولا نسب ولا شرف ولا حسب ولا أي شيء ، وفجأة صار عنده هذا الغنى كله .
    ولذلك بغى عليهم ، ﴿ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِإِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾( القصص:76) ، لازم لا تفرح أرجع بها على، ﴿ فَبَغَىعَلَيْهِمْ ﴾ لكي أفهم المعنى فهمًا سليمًا وإلا كلمة: فرح أصلها هكذا فرح يفرح فرحًا ، هذه لابد أن تكون عن غبطةٍ وسرور ، هذا ككلمة مجردة من سياق ، كلمة ومعناها ، نحن لابد أن نقف على حقيقة مهمة الظاهر والباطن لا ينفصلان على الإطلاق ، لا يقدر إنسان أبدًا أن يفصل بينهم إلا إذا كان منافقًا ، المنافق هو الشخص الوحيد الذي يفصل بين الظاهر والباطن ومع ذلك لابد أن يظهر في لحن القول ، لابد من مطب يقع فيه ، لا يقدر أن يمشي على طول الخط ، إنك قد تخدع كل الناس بعض الوقت أو بعض الناس كل الوقت ، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت .
    المحاور: فكرة أن يقول أحد لحضرتك برغم تصرفاته السيئة جدًا ، ويقول ربنا يعلم الذي في قلبي وربنا رب قلوب .
    الشيخ: أنا أريد أن أستثني الحمق ، فيه واحد أحمق ، ينطق بأشياء لكن ترجم ترجمة خاطئة لما في باطنه ، فهذه تظهر ، ومثلًا النبيr كان :يتأول القرآن ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ (النصر:3) يقول:« رب أغفر لي » ، مثل ما كانت عائشة تقول ، لكن أراد بعض الناس ، أن يتأول القرآن هكذا اجتهادًا من عنده ، فقرأ وهو يقرأ في القرآن ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (آل عمران:6) ، فكلما مر بأية مثلًا يدعو دعوة ، قال: اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وسودها يوم تسود وجوه واحد ماذا تقول في هذا الشخص ؟ هذا باطنه هذا أحمق أنا أستطيع أن أقول عليه أحمق ، أو كما يقول ابن الجوزي مثلًا في أخبار الحمقى والمغفلين واحد يحكي عن جار له أنه كان يحب أن يقرأ القرآن بالليل وجده يبكي ببكاء عالي جدًا جدًا فجلس يسمع ماذا يقرأ هذا آيات نار وآيات عذاب ؟ ، وجده يقرأ ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ (البقرة:222) ويبكي ، قال: فعلمت أنه أحمق ، لماذا ؟ لأن هذا حكم شرعي ، ممكن الإنسان يبكي في الجنة والنار المواقف نفسها ، باستثناء الأحمق الذي يمكن أن يعبر تعبيرًا خاطئًا عما في باطنه الظاهر لا ينفصل عن الباطن .
    وفيه مجموعة من الناس خرجت في يوم من الأيام وكل ما تأمره بالهدي الظاهر اللحية والقميص وأنه يبدو عليك سمت المسلم يقول: هذا من القشور وليس من اللباب المهم القلب ليس مهم الشكل ، أنا أريد أن أقول للناس هؤلاء باختصار شديد من غير أن ندخل ونتعمق في الموضوع، هل هناك لب يحيى بلا قشر ؟ أصبع الموز قشره واتركه ، ما الذي سيحدث للبابه ؟ سيسود ويفسد ولا تستطيع أن تأكله إذًا بقاء حياته بالقشر ، أي ثمرة من الثمار قشرها واتركها تفسد على الفور ، هذه البرتقالة مثلًا هذه أنت ممكن تتركها بالأسبوع قشرها واتركها تأخذ يومين مثلًا وتفسد .
    إذًا ليس هناك لب يحيى بلا قشر ، ولا يستطيع رجل أن يدعي الفصل بين الظاهر والباطن إلا إذا كان لا يفهم القضية أصلًا ، لذلك عندما نقول: هذا قشر هم يسموه قشر على اللحية ، هذا هو الذي يحميه ويحفظه ، وأنا كنت سمعت بعض شيوخي قديمًا كان يقول: يا بني أنت عندما يقول لك أحد: ربي لحيتك هى التي تربيك وليس أنت الذي تربيها ، لماذا ؟ هذا حمى هذا الجوهر كله ، أنت نفسك لو تقترف معاصي أو تنظر إلى لحيتك تضع يدك عليها فقط تنظر إلى وجهك في المرأة ممكن تستحي ، أنا فيه كثير جدًا من الناس الذين يتصلوا بي على الأعوام الكثيرة لديهم اكتئاب نفسي حاد لماذا ؟ ، يقول: أنا أقترف بعض الذنوب التي لا أستطيع أن أتركها وأنا رجل ملتحي فالناس تقدمني للإمامة ويقولون عني أنه رجل فاضل وإلى آخره ولا يعلمون ما الذي أفعله أنا في الخفاء ، فأنا أتمزق من داخلي بسبب هذه اللحية ، فهذا القشر يحمي القلب .
    المحاور: حتى لأن لو فيه عامي يا فضيلة الشيخ حتى يرى ملتحي يتصرف تصرف يقول له: يا أخي عيب على لحيتك .
    الشيخ: بالضبط هكذا إنما ينظر إلى ظاهره ، فأنا أريد أن أقول: التناغم ما بين الظاهر والباطن هذه مسألة في غاية الأهمية ولا يستطيع أحد أن يفصل بينها ، الذي تربى على السنة حقيقة لا يستطيع أن يترك التبسم ، ولا يستطيع أن لا يمد جسور الدفء بينه وبين الناس ، أنا أعرف واحد كان صاحب منصب كبير وأول ما التزم هو يحكي لي ذهب إلى بعض الشيوخ وهو أكبر من هذا الشيخ سنًا بعشر سنوات ، يقول: أنا التزمت لأنه عمل معي شيء واحد فقط أحببت الدين وأحببت الشيوخ بشيء واحدة فقط عندما قال درسه و عرفني به أحد الأخوة وقال له: هذا فلان الفلاني وظيفته كذا وكذا ، فيقول: فأخذني تحت أبطه ووضع يده على كتفي ، يقول: هذه الحادثة هى التي أدخلتني في الالتزام ، مع أن الشيخ لا يخطر على باله أن هذه الحركة البسيطة تفعل هكذا ، تجعل هذا الإنسان يلتزم .
    المحاور: هذا سوف يدعوني يا فضيلة الشيخ أن أقول لحضرتك أنه وبضدها تتميز الأشياء ، هذا الموقف أخرج إنسان إلى حالة من حالات الالتزام برغم أنه لم يكن في وعي الشيخ أنه ممكن يفعل هذا ، هناك يمكن بعض الناس تخرج من الالتزام بسبب عبوس شيخ أو تصرف يشعر فيه بشيء من الغلظة والشيء يكون مستقر في ذهنه أن هيبته لن تتأتي إلا إذا كان عابسًا .
    الشيخ: هو بكل أسف أنا مثل ما ذكرت لك، في بعض الناس يأخذ موقفًا جزئيًا لعالم نفع مع العالم هذا أو كانت الظروف والجو يناسب هذا فيحاول أن ينقله إلى جوه فلا ينفع ، العلم له سياسة ليس العلم هو الدليل الصحيح فقط .
    المحاور: العلم له سياسة .
    الشيخ: طبعًا طَبعًا وسياسة العلم أعوص من إتقانه أنا ممكن أكون عالم في ظرف سنتين ، لكن لا أستطيع أن أسوس الناس بعلمي في خلال عشرات السنين فالعلم له سياسة ، سياسة العلم أعوص من إتقان العلم ذاته ، مثلًا واحد يقرأ عن الأعمش وطريقة الأعمش الغليظة في التعامل مع الطلبة ويجد الطلبة يتهافتوا عليه يقول لما أقلد الأعمش ، هل أنت مثل الأعمش ؟ ، وهل طلابك مثل طلبة الأعمش ؟ لا ، الجو مختلف الأعمش كان يربي كلب للطلبة تخيل من تلامذة الأعمش .
    المحاور: يربي كلب ؟ .
    الشيخ: نعم يربي لهم كلب كما روى الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث ربى لهم كلبًا ، لماذا ؟ كان أصحاب الحديث الأعمش كان كفيفًا ، وكان حافظًا متقنًا فكانوا يتهافتوا عليه لإتقانه وحفظه ، من تلامذة الأعمش ؟ شعبة ، سفيان الثوري ، وكيع بن الجراح ، أبو داوود الحفري ، أناس ثقال الواحد منهم يزن بلد ، تخيل أول ما الأعمش يسمع دبيب الأقدام آتية ناحية البيت يُخرج لهم الكلب ، تخيل عندما يجري سفيان الثوري أمام الكلب وشعبة يجري أمام الكلب ، فالرواية تقول التي رواها الخطيب تقول: كل يوم يرسلوا طليعة يروا الكلب سيخرج لهم أم لا ؟ ، ففي يوم من الأيام ظلوا ماشيين ماشِيين ماشيين الكلب لم يخرج دقوا على الباب الكلب لم يخرج ، فتح لهم الأعمش وبكى ، قالوا له: ما يبكيك يا أبا محمد ؟ قال: قد مات الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو الكلب ، فممكن بعض الناس يتصور أنه لو ربى كلب وأخرجه على الطلبة سيفعل مثل ما كان يفعل الأعمش يحاول يطبق هذا الكلام ، لا .
    لا الجو جوك ولا أنت الأعمش ولا تلامذتك من تلامذة الأعمش لكي ممكن تتحمل مثل هذا ، وأنا معذرة أريد أن أبسط هذا المعنى قليلًا بحيث أبين عذر بعض الشيوخ الذين لديهم شدة ، لماذا يشتدون ؟ ، لأننا لا نريد أن نظلم لأن في شيوخ أفاضل لديهم عبوس ولديهم شدة وغير ذلك ، فلابد الفاضل إذا فعل فعلًا ينافي الفضل أن نُخرج فعله على شيء يوافق الفضل .
    المحاور: بهذه الجملة سنتوقف ونكمل حديثنا في لقاء مقبل بمشيئة الله مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله دمتم في أمان الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
    انتهى اللقاء السادس نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)




    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    http://www.islamup.com/download.php?id=137316
    رابط التحميل للدرس السادس
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[7]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى ومازلنا مع أندى العالمين r ويتواصل حديثنا مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .
    المحاور: فضيلة الشيخ يمكن حضرتك أشرت إلى موقف في غاية الأهمية أن الداعية قد بتصرف قد يجد لا يرى الإنسان في حياة الداعية إلا هذا التصرف ، حضرتك قلت: أن هناك من استقام ولم يحفظ لداعية أو لشيخ إلا أنه وضع يده على كتفه وهو يسير معه ، ويمكن عقبت على هذا الكلام في أنه أحيانًا أيضًا يخرج إنسان من الالتزام بتصرف داعية يعبس معه يشتد عليه فبعد ما كان يحبه يبغض هذا الموقف وبالتالي يبتدئ يتحرك بعيدًا عن خط الاستقامة الذي كان يسير فيه ، ويمكن ختمنا حديثنا بمقولة مهمة لحضرتك جدًا: (الرجل الفاضل إذا صدر منه مالا يناسب فضله ينبغي أن نحمله على محملٍ حسنٍ يناسب فضله) ، فنحن محتاجون شرح لهذا الموقف من حضرتك .
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين ، هذا الكلام تردد وإن لم يكن بلفظه ، إنما تردد بمعناه في تصرفات كثير من أهل العلم ، لأن الرجل الفاضل إذا صدر منه تصرف لا يناسب فضله لابد أن أجد في التأويل مصاغًا لهذا التصرف ، إذ أن الفاضل لا يصدر منه ناقص ، أي لا أعامل الرجل الفاضل كالرجل الجاهل ، فأنا ذكرت أن فيه بعض الناس وأنا أخص المشايخ على الأخص قد يكون هذا الشيخ له طريقة معينة في التربية شديدة فيها جفاف ممكن يكون أخذها من عالم من العلماء ، لكن الواقع غير ملائم وضربت المثل بالأعمش ، والأعمش الحقيقة له فلتات كثيرة كانوا يحتملون ذلك للأعمش لمكان الأعمش ولأن العلم الشرعي كان آنذاك يغطي الدنيا ، اليوم مثلا أنا لكي أجد وظيفة جيدة وأكون في المجتمع لابد أن أكون دار لغات ، وإذا عرفت لغة أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة ودخلت على الكمبيوتر أكون متميز ، كان قديمًا الذي له باع في العلم الشرعي هذا هو المتميز ، وكان الخلفاء نفسهم يحضروا مجالس أهل العلم ، والمأمون كان يحدث يقول: حدثنا هشيم قال:حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن ويأخذ أسانيد لم يكن يتكلم هكذا ، فالبضاعة الرائجة آنذاك كانت هى العلم والأسانيد وغير ذلك فشيء طبيعي أن الأعمش يكون له هذه المكانة كانت له مكانة بسبب حفظه وإلى آخره بالإضافة إلى أنه كان رجلًا قرآنيًا أيضًا يحفظ القرآن كما يشرب المرء الماء ، وإن كانت قراءته في عداد الشاذ ولا يقرءون بها ، ولكن كان رجلًا قرآنيا على أي حال ، أضف إلى ذلك كان محدثًا كبيرًا .
    فأي تصرف من الأعمش غير لائق كانوا يحتملونه له أي كان من عادته أنه كان عسرًا في التحديث لكي تخرج الحديث منه كأنك أنت أخرجت روحه ، فذات مرة أحد الأذكياء هؤلاء وأنا ذكرت لك في المرة الماضية الأعمش كان كفيفًا ، قال له: يا أبا محمد أريد أن أصحبك كانوا في جنازة أريد أن أصحبك يا أبا محمد فأخذ بذراعه والعالم تسير هكذا في القبور وهو شارد بالأعمش بمفرده هكذا والأعمش طبعًا الجنازة فيها صمت هو لا يعلم أين ذاهب ، المهم أنهم ظلوا ماشيين شاردين شاردين وبعد ذلك قال له: يا أبا محمد أتدري أين أنت ؟ قال له: لا ، قال: أنت في جبانة كذا ، أخذه على جبانة البلد الثانية التي ليس فيها ميت والله لا أردك البلد حتى تملأ ألواحي حديثًا ، أتي بكشكول مائة ورقة ويريد أن يملأها أحاديث من الأعمش ، ظل يقول له: حدثنا فلان عن فلان وأعطى له أحاديث كثيرة جدًا ، طبعًا الرجل ذكي ليس غبي والأعمش متغيظ عليه لكن صابر عليه لحين أن يدخل البلد ، هو داخل البلد فالرجل هذا بصمت أعطى الألواح لواحد صاحبه قال له: هكذا والأعمش غير منتبه أول ما قال له: يا أبا محمد وصلنا البيت فتشاجر معه وقال: خذوا الألواح من الفاسق ، فقال: قد مضت الألواح يا أبا محمد ، فقال له: كل ما حدثتك كذب لأنه لا يريده أن ينتفع به كل ما حدثتك كذب ، قال له: أنت أعلم بالله من أن تكذب ، أنظر حتى رد التلميذ على الأعمش .
    كان يجلس مرة وكان لا يحب أن يجلس أحد بجواره جاء واحد من الغرباء الذي لا يعرف قانون الأعمش وجلس بجواره ، فلما أحس أن في واحد جالس بجواره كان يقول حدثنا ويبصق عليه ، فلان ويبصق عليه والتلامذة كلهم يفعلوا له هكذا لا تتحرك ، لماذا ؟ سيقطع مجلس التحديث ، واحد مرة يقول له: يا أبا محمد حديث كذا وكذا ، ما إسناده ؟ فأخذه بحلقه ولصقه بالحائط وقال: هذا إسناده ، فكانوا يحتملون له ، يحيى بن معين مثلًا جاء رجل من الغرباء ، قال: يا أبا زكريا حدثني بحديث أذكرك به ، قال: أذكرني إذ طلبت مني فلم أفعل ، لما يكون واحد مثلًا من طبيعته الانجفال عن الناس ليس لديه انبساط طبيعته هكذا ، مخلوق هكذا أي عرق انطوائي وبعد ذلك ربنا رزقه العلم وغير ذلك وبعد ذلك أصبح شيخ ويريد أن يربي الطلبة من الذي يقع على هواه من الحكايات هذه كلها ؟ يقع على هواه الكلام الذي أقوله يقول لك: الأعمش هذا رجل فاضل ، ويحيى بن معين هذا إمام الجرح والتعديل أبو بكر بن عياش اسمه شعبة يروي عن عاصم مثل حفص ، عاصم صاحب القراءة المشهورة له راويان: حفص وشعبة شعبة هو أبو بكر بن عياش كان تلميذ الأعمش وورث نفس القصة من الأعمش كان شديدًا وعسرًا في التحديث وإلى آخره وغير ذلك .
    فلما يكون واحد صفته هكذا لديه انجماع عن الناس وغير ذلك فيجد في تصرفات بعض هؤلاء العلماء ما يؤكد الصفة التي لديه لا يضحك ، ويأخذ المسألة جد ، وإذا واحد ضحك في مجلسه ممكن يفض المجلس ، ويعتبر هذه قلة أدب ، وممكن يقول: أحملوه ارموه في الخارج ، أو يقول له: لا تأتي ولا تحضر ولا غير ذلك ، وكان فيه بعض العلماء عبد الرحمن بن مهدي لو تكلم أحد في مجلسه كان يفض المجلس ، لو واحد فر الكراسة وفعلت صوت يفض المجلس، فكانوا يحذرون تمامًا أن يكون للورقة صوت ،عندما تقرأ ترجمة عبد الرحمن بن مهدي هذا عظيم بمفرده .
    فأنا أريد أن أقول: المشايخ الذين ينكر عليهم بعض الناس بعض تصرفات من العبوس أو غير ذلك أو الشدة لهم سلف في المسألة هذه ، فأنا إن وجدت لهم سلفًا ومثابًا في التأويل لابد أن أحمله على ما يناسب فضلهم ، لا أن أدخل وأذم مباشرة وأقول: فلان كذا وفلان كذا الذي يذم العوام الذين لا يعلمون حقيقة القاعدة التي نتكلم فيها .
    المحاور: مسألة اختلاف البيئات والأجواء والأفهام يجعلنا نقول لبعض المشايخ الذي مثلًا ممكن يكون يتعامل بهذه الصورة أنه بقدر الإمكان أيضًا الأعراف في هذه الأوقات كانت تختلف عن الأعراف في أوقاتنا .
    الشيخ: هذه هى المشكلة أن أخذ شيئًا كان له عرف وكان له جو مختلف وغير ذلك أنقله إلى غير الجو ، الجماعة أصحاب التبديع والهجرة الذين هم على وزن التكفير والهجرة لأنهم بدعوا خلق الله، لماذا ؟ ، يأخذ كلام كان يقال في زمن الإمام أحمد يريد أن يطبقه اليوم الجو مختلف ، نحن لدينا شعار اسمه الشرطة في خدمة الشعب الشعار هذا خطأ المفروض اسمها الشرطة في خدمة الدين ، لماذا ؟ ، لأن الشرطة في خدمة الشعب لو الشعب هذا منحل ، تكون الشرطة في خدمة من ؟ في خدمة الشعب المنحل حتى ضد المنظومة الخلقية ، لو نحن لدينا مثلًا مثل في الغرب مثلًا الشرطة في خدمة الدعارة ، والشرطة في خدمة الانحلال ، وأنا ذهبت إلى ألمانيا ومررت في أوروبا في جولتي في العلاج وغير ذلك كنا نذهب في المطارات أجد واحد يقبل واحدة وغير ذلك مثل أمه ونحن جالسون ، طبعًا أول ما نرى هذا المنظر على الفور كأنك رميت بحجر، كيف والعالم تسير تأتي وتذهب ؟ ، أنا لو ذهبت قلت له: ما الذي تفعله هذا ؟ ينادي لي الشرطة على الفور يقول لي: هذا اعتداء على الحريات الشخصية ، وكيف تتدخل وغير ذلك ؟ تكون الشرطة في خدمة الشعب ، لا ، الشرطة قديمًا كانت في خدمة الدين .
    شعبة بن الحجاج مر على رجل يروي الأحاديث مناكير قال له: لتنتهين أو لاستعدين عليك السلطان ، يذهب يأتي بالشرطة لكي يقول: هذا يروي أحاديث موضوعة هذا إن شاء الله لو نحن رغبنا أن نطبق هذا الكلام تقريبًا معظم خطباء الأوقاف سيدخلون السجن ، بسبب ماذا ؟ كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة التي تقال على المنابر .
    أريد أن أقول: لا أستطيع أنا أأتي شعار الذي هناك وأستطيع أضعه الآن لأن المنظومة أصبحت مختلفة تمامًا ، لأجل هذا قلت: الرجال غير الرجال والجو غير الجو تمامًا وأتذكر الآن كلمة قرأتها في الكتب وأنا لم أحقق في إسنادها لأنني لم أقف لها على إسناد ، أو لم أبحث عن أصح عن إسناد لها ، قيل: ( لعلي بن أبي طالب t: لما ثارت الفتن في عصرك ولم تثر في عصر عمر ؟ قال: لأن عمر كان واليًا على مثلي وأنا واليًا على مثلك ،) فاختلاف نوعية الرجال هذا هو الذي أدى إلى اختلاف الأفهام والأحكام وغير ذلك ، فنحن نحاول بقدر المستطاع نحن أيضًا لأننا نرى أيضًا في طائفة من الناس تذم بعض المشايخ لشدتها أو غير ذلك ،أريد أن أقول: يا جماعة المشايخ هؤلاء ناس فضلاء لهم تأويل وإن كنت أنا لا أوافق على المنظومة في حد ذاتها وأقول:
    من أراد البحر استقل السواقيا
    تريد أن تأتسي عليك بالنبي r ، كيف كان النبي كان يتبسم وكان يضحك وكان يلاعب الأطفال ، اليوم النبي r كان يفعل عمل مع الأطفال أعتقد أننا لا نستطيع أن نفعلها أمام العوام ، كان يبهش للحسن بن علي أو لصبي آخر كان يخرج له لسانه كان يُدلِع لسانه يخرج لسانه r ، فالصبي يعتقد أنه تمرة فيحب أن يخطفه فيدخل لسانه r ويخرج له لسانه مرة أخرى ويبتدئ يفعل هذه القصة مع الولد ، أعتقد أنه ممكن كثير منا يحتشم أن يفعل شيء مثل هذا أمام التلاميذ، النبي r فعلها ، لو أن فيه واحد
    أتي لي في يوم من الأيام وقال لي: هذا رجل صفته كذا وكذا لأنه كان يخرج لسانه للأطفال وغير ذلك ، أنا لدي أقوى حجه أستطيع أن أستند عليها وأخطئ هذا الإنسان ، لكن عندما يكون واحد عبوس ويقول لي: كان سفيان الثوري يقول ، أقول له: والله سفيان الثوري غير معصوم وإن كان رجلًا فاضلًا ، الخصلة هذه كانت تعالج هذا لدى سفيان الثوري ، سفيان الثوري مثلًا وإن كانت المسألة ربما تطول قليلًا لكن أنا أحتاج أُأسس لهذا الأصل لأن بعض الناس يرحموا أنفسهم من اغتياب المشايخ ، سفيان الثوري كان الرشيد يحتاجه بجواره فهو لا يريد أن يكون بجوار السلطان أبدًا خائف على نفسه أنه لو اقترب من الرشيد وأكل أكله ، وشرب شربه ، وأعطى له هدية في هدية في غير ذلك يكسر عينه فلا يستطيع أن يقول كلمة الحق إذا رأى منكرًا فكان يشتد هربًا ، لماذا ؟ يعلم نفسه لو قرب سيقع ، واحد مثلًا مثل أبو يوسف أو محمد بن حسن الشيباني أو مثل الشافعي أو مثل مالك أو غير ذلك مثلًا رأى من نفسه قوة نفسٍ وأنه لو قرب من السلطان لا يعنيه لا يستطيع أن يؤثر فيه فاقترب من السلطان ونصح له وكان من خيار حاشيته وغير ذلك هذا ينفع يضع نفسه .

    المحاور: مسألة اختلاف عزائم .
    الشيخ: نعم طبعًا ، سفيان الثوري يرى مع زهده وورعه أنه لو وضع نفسه مكان مثلًا مالك سيقع فيحمي نفسه بأنه يهرب ، يقول لك ومن كلامه: ( لو أرسل إليك السلطان وقال: تعالى فأقرأ عليَّ القرآن لا تذهب ، ولو رأيت القارئ عند الحاكم فأعلم أنه لص) ، انظر كلام شديد ، أنا اليوم أتي على كل العلماء وأخذ كلمة سفيان وأتي على كل العلماء الذين كانوا قريبين من السلطان وأقول عليهم لصوص ؟ سفيان قال هكذا هى جُنة احترز بها وحاول أن يحصن نفسه منها ضعيف لا يستطيع ، واحد أقوى منه يستطيع هذه مسألة عزائم .
    فأنا أريد أن أقول: كل واحد من هؤلاء العلماء ،نعطى له مجال في التأويل إذا كان رجلًا فاضلًا ، لكن الذي يريد أن يستند إلى حجة أقوى فليركن إلى فعل النبي r وسنة النبي r ، لأجل هذا أقول وأكرر يمكن ذكرتها مرتين وأقولها للمرة الثالثة أيضًا:
    من أراد البحر استقل السواقيا
    الذي دائمًا يشرب من لجة البحر من الداخل لا يشرب من الساقية ، الساقية: هي القناة الصغيرة لأن من السهل تنزل فيها تعكرها بقدمك ، لكن تنزل في وسط البحر ، كيف تعكره ؟ لا تستطيع أن تعكره ، فلذلك أنا أرى وأحذر أن يأخذ إنسان خصلة من عالم فاضل أو اثنين من العلماء ويقول: هذا فعل السلف ، لا أقول فعل السلف في شيء إلا إذا تواتر فعل العلماء ، أو كان أكثر العلماء على هذا الفعل .
    المحاور: هذا يقودنا يا فضيلة الشيخ ولو أن الوقت يداهمنا ونستطيع أن نستكمل حديثنا في مسألة حتى العتاب ، حضرتك كنت أحيانًا ونحن نتكلم مع حضرتك قد نتعلم أن العتاب من حسن الخلق ولكن كثيرًا من الناس لا يرون هذا ومازلنا نحن متواصلين مع مسألة حسن الخلق مع أندى العالمين r وكان حسن الخلق حتى في عتابه r .
    الشيخ: الألفاظ سعد كما يقول الناس ، النبي r كان في المعتبة يقول لما كان يحب أن يعاتب أحد يقول:« ما له تربت يمينه ؟ » أنا والله عندما أقف لكي أحلل العبارة هذه أنا أستغرب جدًا أولًا:« ما له »: هو يخاطب واحد ، الواحد هذا حاضر أم غائب ؟ .
    المحاور: يمكن تصور لك تربت يمينك .
    الشيخ: مثلًا هذا حاضر يخاطبه بضمير الغائب مع أنه حاضر هذا اسمه التفات في علم البلاغة، لماذا ؟ لأن العتاب أو التقريع يَقبُح أن تستعمل فيه المباشرة إنما تستعمل فيه ضمير الغائب فالمعاتب يقول: ليس أنا ، كأنه ليس أنا المقصود بالكلام ، وبعد ذلك يقول:« تربت يمينه » هذا وهو يعاتب ، ويدل على صبره r ، حديث أنس في الصحيحين وغيرهما يقول: خدمت النبي r تسع سنين وفي رواية عشر سنين طبعًا هذه محمولة على أنها ممكن تكون تسعة ونصف الكسر ويصل لعشرة مثلًا أو ينزل لتسعة ، أريد أن أقول: ممكن يكون تسعة وشهرين تسعة وثلاث شهور فيصل إلى أقرب رقم صحيح إما يصل إلى عشرة وإما يصل إلى تسعة ، عشر سنين فما قال لي قط لشيء فعلته لما فعلته ، ولا لشيء تركته لما تركته ولم أكن كما يحب لي صاحبي ، يريد أن يقول: أنا لم أكن مستقيمًا معه دائمًا ولا مطيعًا كما يحب r ومع ذلك ظل عشر سنين لا يعاتبه إطلاقًا على فعلٍ ولم يعاقبه على ترك.
    المحاور: مع أنها علاقة تستوجب أحيانًا العتاب .
    الشيخ: أحيانًا العتاب بالضبط هكذا ، هو قال هكذا في رواية أبي الشيخ يقول كلام معناه: ولم أكن له كما يحب الصاحب لصاحبه ، أيضًا يريد أن يقول كان عندي مخالفات كان عندي غير ذلك ومع ذلك كان يغضي r عما يكره ، فالعتاب كثيرًا ما يفسد ، وأحيانًا يصلح لكن الإنسان المعاتب هو الذي يجعلني أعاتب أم لا ، لأن بعض الناس يقولون قول الشاعر:
    ويبقى الود ما بقي العتاب
    طول ما أنت تعاتب تكون أنت مازلت باقي عليه و من الناس من يفسده العتاب يفسدها ، فأنا لابد أن أضع الكلام في واحد يعاتب يرجع أحسن مما كان وفي واحد يعاتب يفر ، لذلك لا أستطيع أن أقول: أن العتاب من حسن الخلق ولا ترك العتاب من حسن الخلق ، لماذا ؟ سنرجع أيضًا إلى محل العتاب نفسه المعاتب ، هل العتاب يصلحه أم لا ؟ إذا كان يصلحه يكون العتاب من حسن الخلق ، إذا كان لا يصلحه يكون العتاب من سوء الخلق .
    المحاور: مع العتاب وكيف يصلح النفس أو يفسدها نتوقف مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله ، ولا يسعنا إلا أن نشكر فضيلته على هذا الحوار الماتع ، وما زلنا ننتظر لقاءً بعد لقاء دمتم في أمان الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
    انتهى اللقاء السابع نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)
    http://www.islamup.com/download.php?id=137329
    لتحميل الدرس ملف ورد


    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[8]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r ومازلنا مع أندى العالمين r ويتواصل حديثي مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .
    المحاور: فضيلة الشيخ يمكن نحن على مدار حلقات نتحدث عن عموم هذا الموضوع الذي نتكلم فيه أندى العالمين r ، نحتاج أن نتحرك في تجارب عملية ويمكن حضرتك آثرت وفضلت أن البداية تكون مع ندى النبي r مع الصحابة أو مع الأصحاب ، حضرتك يمكن ورد أو تبادر إلى ذهني سؤال مع أن النبيr له ندى مع الأصحاب والزوجات والأطفال والأعداء والمخالفين والمنافقين والبعيد والقريب إلا أن حضرتك قررت أن أهم جزئية نبدأ بها ندى رسول الله r مع الأصحاب ، لماذا ؟
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أنا فضلت طبعًا أبدأ بالأصحاب لأنهم هم الذين نشروا الدين وهم الذين حملوه أول مرة كانوا مصدر التحمل النبي r كان يقول وهم كانوا ينفذوا فهم الذين أعطوا هذا الزخم للإسلام ، وأصحاب نبينا r وy ليس لهم نظير في الدنيا كلها ، كما أن نبينا r هو سيد الأنبياء كذلك أصحابه كانوا سادة أصحاب الرسل نقلوا لنا كل شيء ، لو فتشنا في القرآن ، وفتشنا في صحيح السنة ، وفتشنا في الإسرائيليات مع قطع النظر عن صحتها وضعفها لن نحصل عن سائر الأنبياء السابقين صلوات الله وسلامه عليهم عشر معشار ما نعلمه عن نبينا r ، هل تعلم عن نوح u أي شيء عن حياته الشخصية ؟
    المحاور: غير السفينة والقصة في القرآن .
    الشيخ: لا يوجد غير الجانب الدعوي فقط .
    المحاور: أو ما ذكره القرآن .
    الشيخ: هذا المذكور في القرآن ، وإذا ظفرت بحديث أو غير ذلك تجد أشياء قليلة ، وكذلك إبراهيم u أبو الحنفاء ، وكذلك موسى u وسائر الأنبياء عمومًا ، نبينا r نحن نعلم عنه كل شيء النقير والقطمير في حياته ، من الذي نقل إلينا كل هذا ؟
    المحاور: أصحابه .
    الشيخ: أصحاب النبي r ، فالأصحاب رزق مثل رزق الولد مثل المال وغير ذلك فالأصحاب رزق ، الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الأربعة ، هل لا يوجد في الإسلام غير المذاهب الأربعة ؟ ، لا والله كان في فقهاء بعضهم أفقه من بعض العلماء الأربعة ومع ذلك لا نسمع عن مذاهبهم حسًا ولا خبرًا .
    المحاور: بسبب الأصحاب .
    الشيخ: بسبب الأصحاب ، يقول الشافعي - رحمه الله - والشافعي طبعًا هذا رمان الميزان في الفقه ، هو الذي كتب الكتب وأصل الأصول ، وكتب أصول الفقه أول مرة ، ولم يكتبها أحد قبله بهذا الجمال والروعة في كتاب الرسالة ، يقول الشافعي: (الليث بن سعد أفقه من مالك لكن أصحابه لم يقوموا به )، وقال: ( الفقه لليث والحظوة لمالك) ، الليث بن سعد أين مذهبه ، لا أحد يعرف شي عن مذهب الليث إلا المتخصصين فقط ومن كتب الفقه القديمة مثل كتب ابن المنذر وما جرى مجراه .
    المحاور: حتى الاسم نفسه الشافعي والليث بن سعد عند العوام .
    الشيخ: الليث كان مصريا والشافعي كان كذلك مصريا لكن أنظر إلى الفرق بينهما ، الشافعي خمول الليث بن سعد ، وسفيان الثوري كان له مذهب ، الأوزاعي كان في الشام له مذهب ، يقول مالك : (لا زال أهل الشام بخير ما بقي فيهم الأوزاعي ،) كان ينظر بمالك فما الذي جعل الأئمة الأربعة يخرجون ويدين المسلمون في كافة الأقطار بمذهبهم بخلاف ما جاء به العلماء ؟ الأصحاب ، الأصحاب رزق ، فالنبي r رزق بأصحاب نقلوا عنه كل شيء فكما أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ولم يأتي نبي بعده ليصحح ما أخطأت فيه الأمة أمة النبي السابق كما كان النبي r يفعل أو كما فعل الأنبياء السابقون حتى تكون الرسالة عامة وخاتمه فكان أصحابه على هذا المستوى من المسئولية والمحبة ، حتى أنه ملك قلوبهم .
    أنظر في قصة بلقيس الهدهد لما ذهب إلى سليمان ماذا قال له ؟ قال:﴿إِنِّيوَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ(النمل:23) لم يقل تحكمهم ، ما معنى :﴿تَمْلِكُهُمْ، أي لا يصدرون إلا عن رأيها بحب بالغ لها ، وهذا معنى تملكهم ، كيف تملك إنسانًا ؟ وليس كيف تحكم إنسانًا ؟، أنا ممكن أحكم إنسانًا ولا يتنفس بالحديد والنار لا يحبني ويلعنني من قلبه ، الحجاج بن يوسف الثقفي كان على المنبر يقول: ( والله لو أمرت أحدكم أن يدخل من هذا الباب وأن يخرج من هذا الباب فخالف لضربت عنقه) هل كان أحد يقدر ، عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير كان الحجاج لما يخطب كان يخطب من الظهر إلى ما بعد العصر ، فأين ذهب الظهر ؟ صح بالإسناد الصحيح: ( أن عطاء وسعيدًا كانوا يصلون الظهر إيماءً وهم يجلسون يصلي برأسه) حتى لا يفوت الظهر هذا الجبار العنيد .
    المحاور: لم يكن فيه أمن دولة .
    الشيخ: أمن الدولة هو الحجاج بن يوسف ، قال: ( أن أمير المؤمنين نظر في العالمين فلم يجد أعجمها عودًا ولا أمرها صبرًا غيري أنا فبعثني عليكم )، لم يؤدب العراق غيره آنذاك ، فأنا أريد أن أقول ممكن أنا أحكمه ولا أحبه ، مثل القائل يقول ، يقول: (كمموا الأفواه هل تكميمها يمنع الأعين أن تنظر شذرا )، أسكتني لكن سأبحلق لك ( أغمضوا الأعين هل إغماضها يمنع الأنفاس أن تخرج حرا ،) لا أقدر أن أنظر إليك سأنفخ ،أريد أن أقول: أستطيع أن أعبر بأي وسيلة من وسائل التعبير لكن هو هنا قال:﴿إِنِّيوَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ، كيف تملكهم ؟ ، كيف استرقت قلوبهم ؟ استرقت قلوبهم بالإحسان ، كذلك كان النبي r لا يقابل السيئة أبدًا بمثلها بل يعفو ويصفح لأجل هذا غلبت محبته قلوبهم ، فيه أثر إسرائيلي قيل: ( للشيطان أنا لا أقول احتجاجًا ولكن أريد أن أوضح الفكرة ، قيل للشيطان: (هل أحببت أحدًا من بني آدم ، قال: أحببت موسى ، قالوا له: لما ؟ ، قال: لأن الله ، قال:﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي(طه:39) فغلب على محبتي) طالما الله U ألقى المحبة منه على موسى فلا يراه أحدًا إلا يحبه غصب عنه .
    المحاور: حتى لو كان عدوه .
    الشيخ: بالضبط هكذا غصب عنه ، النبي r كان أعداءه يحبونه ويحترمونه ويوقرونه ويبجلونه ويعلمون أنه على الحق ، مثل ما قال ربنا في اليهود:﴿ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ(البقرة:146) ، فملك قلوبهم بالإحسان ، ومن جملة إحسانه r طالما أننا نتكلم عن نداه مع أصحابه الذين نقلوا هذا الدين والدين خلق ، النبي r ما بدأ دعوته أبدًا بالجهاد ولا بغزو الأراضي ، مثل الكلام الذي كانوا نسبوه إلي أنني أقول: نريد أن نملأ الخزائن فنحتل البلاد ، وبعض الناس قال: نحتل السويد أنا لا أعلم لماذا السويد على الأخص ، أنا أعلم أن دخل الفرد فيها أعلى دخل فرد في العالم لكن أنا لم أذكر السويد ولا غير ذلك ، ما بدأ النبي r دعوته بالجهاد أبدًا لأنه لو بدأ بالجهاد والغزو لفر الناس منه لكنه بدأ بالخلق والإحسان الدين خلق ، فكان ينقل خلقه لأصحابه وأصحابه ينقلون الخلق إلى الناس لأن النبي r لا يستطيع أن يخاطب الناس كلها كل صاحبٍ كان رسولًا يدعو إلى الإسلام ، لكي أستطيع أن أنشر الإسلام لا أستطيع أن أنشره بمفردي إنما كان يرسل رسله تترا إلى الناس ، فعندما يرى الأخلاق هذه يقول: أي دين هذا ؟ .
    المحاور: إذ معنى ذلك فضيلتك قبل أن نشرع في ندى رسول الله مع أصحابه أي داعية يتصدر للدعوة أو أي عالم لابد من فهم هذا الباب جيدًا أنك تبدأ بالأصحاب لأنهم هم سوف يكونوا قاعدتك العريضة ؟ .
    الشيخ: طبعًا لاشك أنا اليوم ، من الذي يغلب على قربي ؟ تلامذتي ، من الذين أئتمنهم على الفهم الصحيح وعلى التعامل الصحيح ؟ تلامذتي وليس العوام ، لذلك الشيخ الذي لا يربي تلامذة وقاعدة عريضة يموت يوم يموت أي يدفن كله يوم يموت ويدفن ، إنما ما بقى له تلاميذ يحملون منهجه يحملون أخلاقه يظل حيًا دائمًا ، فمثل ما نحن قلنا العلماء الذين لهم تلاميذ والعلماء الذين ليس لديهم تلاميذ ، أنا أحاول انتقي في ذهني مواقف لها طرافة وفيها جمال .
    لدينا مثلًا في صحيح مسلم حديث المقداد بن الأسودt قال: أتيت النبي r أنا وصاحبان لي قد ذهبت أبصارنا وأسماعنا من الجهد من الجوع فعرضنا أنفسنا على أصحاب النبي r فليس أحد منهم يقبلنا ، لماذا ؟ ليس لديهم ، أيضًا الأكل على القدر وليس لديه شيء يضيف به ، من أخر باب ؟ النبي r ، قال: فذهبنا إلى النبي r فإذا ثلاثة أعنز ثلاث شياه ويحلبوا لبن ، قال:« احتلبوا هذا اللبن بيننا » ، أصبحوا كم ؟ أربعة ثلاثة المقداد واثنين والنبي r ، قال: الذي ينزل من اللبن من هذه الشياه قسموه بيننا كل واحد يأخذ إناء ، فبدءوا يحلبوا وكل واحد يشرب إناء وإناء النبي r أبقوه له يغطوه ويتركوه ، فكان النبي r في جولاته مع الصحابة وغير ذلك والناس ويتفقد أحوال الرعية وغير ذلك ويأتي أخر الليل قال: يسلم سلامًا يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم ، ثم يأتي المسجد فيصلي ركعتين ثم يأتي إناءه فيشرب نصيبه من اللبن
    المحاور: الذي أبقوه له .
    الشيخ: الذي أبقوه له ، قال: فجاءني الشيطان يومًا فقال: إن محمد يأتي الأنصار فيتحفونه يأكل ويشرب عندهم وغير ذلك والكل يريد أن يعزمه ويأكله وما به حاجة إلى هذا اللبن قم فأشرب ، قال: فقمت فشربتها شرب إناء النبي r ووضع عليها الغطاء أيضًا كما كان ، قال: فبعد أن شربت اللبن ندمني الشيطان وقال: ويحك ماذا صنعت أشربت شراب محمد الآن يأتي فيكشف إناءه فلا يجد اللبن ويدعو عليك فتذهب دنياك وآخرتك ، قال: وعلي شملة إن غطيت رأسي بدا قدماي وإن غطيت قدماي بدا رأسي وجعل النوم لا يجيئني ، أما صاحباي فناما ولم يفعلا ما فعلت حتى جاء النبي r فقمت يترقب ، ماذا سيفعل ؟ أتي فسلم كعادته r صلى ركعتين ، وبعد ذلك كشف الإناء فلم يجد اللبن فرفع يده إلى السماء ، فقال المقداد: قلت الآن أهلك يدعو علي فتذهب دنياي وآخرتي ، قال: فسمعته يقول:« اللهم أطعم من أطعمني وأسقي من سقاني » ، قال: فأخذت الشفرة شددت الشملة عليه وأخذت الشفرة وذاهب يذبح معزة من الثلاثة للنبي هو يريد أن ينال بركة الدعاء « اللهم أطعم من أطعمني وأسقي من سقاني » ، هل ستذبح المعزة التي ستحلب لبن ؟ ، هو يريد أن يدرك وغير ذلك هو فعل فعلة وخائف منها وغير ذلك ، يقول: فلما ذهبت إلى الأعنز وجدتهن حفلٌ كلهن الضرع ممتلئ باللبن على غير العادة ، قال: فجئت بإناء واسع عميق ما يطمع آل محمد أن يحتلبوا فيه ، قال: فحلبت حتى علت رغوة اللبن فأتيت النبي r فقلت: يا رسول الله اشرب ، فقال:« أشربتم شرابكم الليلة ؟ » ، قلت: يا رسول الله اشرب هو لا يريد أن يقول له شربنا أو لم نشرب هو يريد أن يداري الموضوع هو خائف أن يقول له القصة هذه .
    قال: اشرب يا رسول الله فشرب ، قال له: اشرب ظل يقول له: اشرب ، قال: حتى علمت أنني أصبت بركة دعوته ضحكت حتى ألقيت على الأرض وقع على قفاه من كثرة الضحك ، فقال النبي r:« إحدى سوءاتك يا مقداد » أنت أكيد فعلت مصيبة ، قال: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا وفعلت كذا وكذا ، أنظر إلى تعليقه قال:« ما هذه إلا رحمة من الله هلا آذنتني فأيقظنا صاحبينا فيصيبان معنا من هذا اللبن » ، أنظر إلى رقته يقول: نحن الآن أربعة ونشرب ونقسم اللبن علينا نحن الآن شربنا في إناء كبير نحن الاثنين ، لأن المقداد بعد ما النبي r شرب لم يشرب الإناء كله المقداد شربه قال له:« هلا أيقظنا صاحبينا فيصيبان معنا من هذا اللبن » ، قال: قلت: والذي بعثك بالحق لا أبالي ما أصبتها أنت وأصبتها أنا من أصابها معنا .
    فأنا أريد أن أقول: عندما يكون هذا خلق هذا موقف من جملة المواقف عندما يكون موقف مثل هذا الذي هز قلب النبي r :
    أولًا: لم يعاتب المقداد بن الأسود ، وبعد ذلك بل مازحه ، وقال:« إحدى سوءاتك يا مقداد » ، وبعد ذلك يقول له: كان المفروض الجماعة النائمين هؤلاء يستيقظوا يشربوا معنا لأن هذا عقد الوفاء طالما نحن نشرب نحن الأربعة لا ينفع أنا وأنت نشرب وهم لا يشربوا فتصرف مثل هذا ، لا يملك قلب المقداد ؟ ، لا يملك قلب أي إنسان حتى يسمع الحكاية هذه ويعلم كيف كان خلق النبي r مع أصحابه ؟
    المحاور: عشنا في قصة واحدة من ندى رسول الله r مع أصحابه ولا زلنا متواصلين مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق في حلقات مقبلة ، أسأل الله جل وعلا أن يجعل ذلك في ميزان حسناته ، وصلى الله وسلم على أندى العالمين سلام الله عليكم ورجمته وبركاته .

    انتهى اللقاء الثامن نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)




    http://www.islamup.com/download.php?id=137331
    الدرس كملف ورد
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[9]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r ومازلنا مع المصطفى أندى العالمين r ومازال حديثنا متواصلًا مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .
    المحاور: فضيلة الشيخ يمكن حضرتك في اللقاء السابق أكدت على أن أي إنسان يريد أن تبقى سيرته حتى وإن مات لابد أن يكون له أصحاب ينشرون علمه وتعاليمه ودعوته من بعده وهذا ما كان مع النبي المصطفى r ، ولهذا النبي يمكن آثرت حضرتك أن نحن نبدأ بنداه مع الأصحاب لأن هؤلاء هم كانوا رمانة الميزان في حياة النبي الذين أبلغوا العلم عنه r ، نحن مازلنا متواصلون مع ندى رسول الله مع أصحابه كنا توقفنا الحقيقة في موقف المقداد بن الأسود وصاحبيه y أجمعين .
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أنا أذكر بعض المواقف لأن طبعًا لو استرسلنا إلى حياته الشريفة y مع أصحابه على مدى ثلاثة وعشرين سنة أعتقد إننا نحتاج إلى حلقات كثيرة جدًا لكن نحن نذكر نتفًا من نداه ، وأحاول أن أأتي بالأحاديث التي فيها معنى الندى ، لأن الله U يقول:﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ(الأنبياء:30) ، والندى من الماء فالشيء الذي يمد في ندى رسول الله حياة r .
    الإمام البخاري روى حديثًا في صحيحه عن أبي هريرة t قال: والله الذي لا إله غيره لقد رأيتني أصرع جنب هذا المنبر فيجيء الجائي فيضع قدمه على عنقي يظن أن بي جنونًا وما بي إلا الجوع ، ولقد وقفت في طريقهم يومًا ، أي الطريق الرئيسي في المدينة الذي يخرج الناس منه من المسجد ، فأبو هريرة أحب حفاظًا على ماء وجهه وهو جائع فاحتال هذه الحيلة ، قال: ولقد وقفت على طريقهم يومًا فمر بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله وإنها لمعي ،ما سألته إلا رجاء أن يستتبعني ، يقول لي: اتبعني تعالى نتناول الغذاء وبعد ذلك نكمل كلامنا على الغذاء فكأن المسألة سارت ، لماذا ؟ الذي أغرى أبا هريرة بهذا أن جعفر بن أبي طالب t كان هكذا مع أبي هريرة يسأله سؤال يقول له: تعالى نتناول الغذاء ونحن في البيت نكمل الكلام وغير ذلك فهو ظن أن المسألة سارية ، فقال: أجابني ومضى .
    المحاور: ما التقط منه .
    الشيخ: ما التفت إلى قوله أو ما فطن إلى مراد أبي هريرة لأنه كان شيئًا في قلب أبي هريرة ، قال: ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله وإنها لمعي ما سألته إلا رجاء أن يستتبعني ، فيه رواية ثانية في الموضعين إلا رجاء أن يشبعني ، طبعًا يستتبعني يشبعني قريبين من بعض ، قال: فأجابني ومضى ولم يفعل حتى جاء أبو القاسم r فنظر إلى وجهي وعرف ما بي ، فقال:« أبا هر الحق بنا » ، أول شيء في حسن خلقه ونداه r « أبا هر » هذه ، لماذا ؟ ، الترخيم ترخيم الكنية أو ترخيم الاسم هذا فيه إدلال ، مثلًا عائشة يقول لها:« يا عائش » أسامة يقول له:« يا أسيم » ، نحن الآن محمد نقول له: أبو حميد ، محمود نقول له: يا حنف ، مصطفى نقول له: يا درش مما يدل على سقوط الكلفة وأن فيه نوع من الود والدفء الموجود ، فأول شيء من حسن خلقه ونداه r أنه يكسر الشيء الذي أراد أبو هريرة أن يحجزه عن الصحابة وأنه لا يريد أن يريق ماء وجهه في أنه يطلب أن يأكل .
    مثل مثلًا واحد صوته عالي يناديك فأنت تجيبه بصوت عالي أيضًا ، نفس طبقة الصوت هذا يدل على حسن خلق ، الأمير يقول للشعبي: كم عطاءك ؟ المفروض كم عطاؤك ؟ ، كم عطاءك ؟ فالأمير أخطأ ، فالشعبي قال له: ألفين لم يرد أن يقول له: ألفان ، لو الصواب يقول: ألفان فالأمير انتبه للحنه ولم ينتبه للحن نفسه ،فقال: ويحك هلا قلت ألفان ؟ ، قال: لحن الأمير فكرهت أن أعرب ،هو أخطأ فأخطأ ، هذا حسن خلق لكن لا يكون يتمعلم عليه ، فلما قال له:« أبا هر »هكذا يكون مد جسور الدفء بينه وبينه ابتداءً لكي يسقط الذي خشي أبو هريرة أن يظهره لأبي بكر وعمر ، هذا أول شيء في حسن خلقهr ونداه ، قال:« الحق بنا» ، وأبو هريرة ثبت عنه أنه كان يقول: ما كنت أمشي مع النبي r إلا على ملء بطني ، وهو يرد على عائشة وابن عمر كانوا ينكروا عليه بعض الأحاديث ، قال: أنا كنت أمشي معه على ملء بطني فلم أكن أتركه ذاهب يمين ذاهب شمال ذاهب في أي مكان ذاهب لكي أكل ، لماذا ؟ لأن هذا كان مصدر رزق أبو هريرة .
    فأبو هريرة سار وراءهم دخلوا وجدوا لبن في البيت فالنبي r سأل:« من أين هذا اللبن ؟ » قالوا: أهداه لك فلان ، فقال:« أبا هر الحق بأهل الصفة فادعوهم يشركوننا في هذا اللبن » العلماء قالوا أن أهل الصفة: كانوا يصلوا أحيانًا إلى أربعمائة لكن كان العدد لا يقل مثلًا عن ستين سبعين ، قال أبو هريرة: فأحزنني ذلك ، وما يفعل أهل الصفة في هذا اللبن ؟، قال: ولم يكن من طاعة الله ولا طاعة رسوله بد هذا الكلام المفترض أننا نضع تحته دوائر كثيرة جدًا ولكن نحن نمسه مسًا رقيقًا ونحن نسير ، الذي أحزن أبو هريرة شيئين: الشيء الأول: أن اللبن قليل على أهل الصفة ، الشيء الثاني: أنني أسقيهم وساقي القوم أخرهم شربًا فلن يجد شيء ، طالما أنه لم يكن من طاعة رسول الله بد على الفور ذهب أتى بأهل الصفة وجلسوا كلهم ، وأمر أبى هريرة أن يسقيهم فيسقي يعطي للرجل الإناء يشرب يَشرب يشرب حتى ينتهي وأبو هريرة ينظر في الإناء يجد اللبن كما هو حتى شربوا جميعا واللبن لم ينقص
    المحاور: وبقى النبي وأبو هريرة .
    الشيخ: نعم الاثنين ، قال: فنظر النبي r وتبسم هو يعلم ما الذي يدور في ذهن أبي هريرة يعلم القصة كلها وغير ذلك .
    المحاور: أي من البداية .
    الشيخ: من البداية ، فقال:« يا أبا هر لم يبق إلا أنا وأنت » ، فقلت: صدقت يا رسول الله ، قال:« أبا هر أقعد » ، قال: فقعدت ، قال:« اشرب » ، قال: فشربت ، قال:« اشرب اشرب اشرب اشرب » ، فقال: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكًا ،فقال:« أرني الإناء » وقد بقيت فضلة فسم الله وشربها ، فمسألة الفطنة أن أفطن لأصحابي هذا الذي جعل النبي r يملك الصحابة به ، كان يفطن إليهم ويقرأ حاجتهم في وجوههم كالمرآة ، وهذا يدل على عناية بالغة بأصحابه r ، ويدل على وفاء منه بهم r
    صحابي آخر اسمه زاهر: كان دميم الوجه أي لم يكن جميل فكان النبي r يقول:« زاهر باديتنا ونحن حاضروه » أي عندما نذهب في البادية كان زاهر كل ما يأتي من البادية يتحف النبيr مما في البادية ، والنبيr لو مثلًا ذاهب إلى البادية يعطي له مما في الحضر ، ففي يوم من الأيام النبي r دخل السوق فوجد زاهرًا فأتى له من الخلف ومن غير أن يحس وأغمض عينه ، وجعل يقول:« من يشتري هذا العبد ؟ » طبعًا صوت النبي مميز r وملمس يده مميز ،لا يخطئه أحد مثل نعله لا يخطئه أحد إطلاقًا وقصة نعله قصة طريفة جدًا وفريدة يمكن نقولها إن شاء الله ، فالمهم أنه كما قال أنس: ما مسست ديباجًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله r ولا شممت لا مسك ولا عطر أطيب من ريحه r ، وكانوا يعلمون الشارع الذي يسير فيه من العطر الذي يملأ الشارع r ، فطبعًا أول ما زاهر سمع النبي r يقول:« من يشتري هذا العبد ؟ » ، قال: فجعل زاهر الراوي يقول: لا يألوا يلصق ظهره ببطن النبي r ، وقال: يا سول الله إذًا تجدني كاسدًا تريد أن تبيعني لن أساوي شيء ، من يشتريني ؟ قال له:« لا ولكنك عند الله ربيح » ، هذه الكلمة تهز سامعها، كيف كان تعامله مع أصحابه ؟ بساطته r عندما يأتي يغمض صاحب من أصحابه في ناس كثيرين قد تبلغ بهم الحشمة أنه لا يفعل هذا مطلقًا ، ويرى أن هذا فيه تقليل من الحشمة وسيآخذوا عليه لا ، عندما يكون هذا هو الذي أستطيع أن أقول: أنه ملكهم r ويأتي ﴿ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ (النمل:23) وتشعر كيف يملك المرء غيره ؟ لا يملك المرء غيره ولا يسترقه إلا بالإحسان إليه وأن يكون حسن الخلق معه
    المحاور: وليس الإحسان معناه يا شيخنا .
    الشيخ: قيل لأعرابي ، ما هو الإحسان ؟ ، قال: كف الأذى وبذل الندى
    المحاور: هذا توافق مع أندى العالمين .
    الشيخ: نعم أنظر كف الأذى وبذل الندى ، أي واحد أساء إلي فأرسلت له هدية ، ما موقف هذا لو حدث شيء مثل هذا ؟ فالنبي r كان مع أصحابه هكذا ، عندنا حديث جابر t طبعًا جابر له مع النبي r أحاديث وأقاصيص هذا يحتاج إلى حلقة مفردة ، ولكن أنا أريد أن أقول: إجمالًا حديث جابر بن عبد الله الذي في الصحيحين الذي في حفر الخندق ، وهم يحفروا الخندق جابر بن عبد الله يقول: كنا نحفر خندق وظللنا ثلاثة أيام لا نذوق فيها ذواقًا ، لا توجد لقمة أكلوها في الثلاثة أيام ، حتى اعترضتنا كُدية عظيمة صخرة كبيرة لا تعمل فيها المعاول لا يستطيعون أن يكسروها من الذي كسرها ؟ النبي r .
    مثل على بن أبي طالب يقول: كان إذا أحمر البأس احتمينا بالنبي r ، فكان هو آخر باب في كل شيء ، فجاء للنبي r جابر قال: ويربط الحجر على بطنه من الجوع لكي يستطيع أن يقيم صلبه ، قلت: يا رسول الله صخرة عظيمة لا تعمل فيها المعاول قال: فقام أعرف في وجهه الجوع وأمسك بالمعول وقال:« بسم الله » ، قال: فضربها فجعلها كثيبًا أهيل جعلها رمل ، فجابر استأذن النبي r أن يأتي إلى البيت ذهب إلى امرأته قال لها: لقد رأيت شيئًا مالي عليه صبر رأيت الجوع بوجه النبي r .
    المحاور: هذا الذي كان ملكهم فهذا رد فعلهم .
    الشيخ: نعم بالضبط هكذا ، أولًا جابر جائع لم يشعر بجوعه في مقابل جوع النبي r قال: رأيت شيئًا مالي عليه صبر رأيت الجوع في وجه النبيr برغم أنه جائع يقول: ظللنا ثلاثة أيام ما ذقنا فيها ذواقًا هو أيضًا ، فأنظر الحب بلغ ، ماذا عندكٍ ؟ قالت: عندي شاه صغيرة وصاع من شعير ، قال لها: اذبحي الشاه واعجني فقالت له: لا تفضحني برسول الله ومن معه ،اذهب إلى النبي r وأسر إليه في أذنه ، فذهب إلى النبي r وتكلم بصوت منخفض في أذنه وهمس إليه وقال له: كذا كذا كذا ، قال: فلم يروعني ويفاجئني إلا أن النبي r يقول لأهل الخندق:« يا أهل الخندق هلموا قد صنع لكم جابر طعامًا » ، قال: فأدركني من الحياء ما لا يعلمه إلا الله قال له:« فقط اذهب لا تضع البرمة حتى أجيء ولا تخبزوا حتى أجيء » أي اللحم ،لما رأت امرأة جابرالجيش العرمرم أتي قالت له: بك وبك ، أي فضحتني ،قال: قلت الذي أمرتنني به ، قال: رسول الله أعلم ، قال: فسرت قال:« أين برمتكم ؟ » جاء فبصق فيها وبارك « أين عجينكم ؟ » جيء به فبصق فيه وبارك ، وضعوا البرمة على النار اخبزوا ، يقول جابر في أخر الحديث كما في صحيح البخاري وغيره: فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تحولوا وتركوه وكانوا ألف رجل ، وإن اللحم على البرمة كما هو وإن العجين ليخبز كما هو ، عندما يكون واحد قائد يعلم أصحابه يحفرون الخندق وهو في سبيل الله لا يستطيع أن يأكل لقمة من غيرهم ، وينادي عليهم جميعًا وكانوا ألف رجل « هلموا قد صنع لكم جابر طعامًا » ، إذًا وضع مزية لجابر مع أن جابر بن عبد الله الأنصاري إنما قال له: أنت واثنين ثلاثة ، فعمم معروف جابر أمام الناس جميعًا وجعله في عداد الكرماء وأنه عزم الخندق كله مع أن القصة كلها كانت لنفرين ثلاثة ، فأنظر كيف أسدى لجابر جميلًا وجَمَل جابرًا ، وفي نفس الوقت لم ينفرد بطعامٍ هو واثنين ثلاثة من أصحابه الخلص ويترك هذا العدد .
    المحاور: مع ندى المصطفى r ، وكيف كان يَملك قلوب أصحابه بهذا الإحسان نواصل حديثنا في لقاء مقبل بمشيئة الله مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني ، أترككم في حفظ الله وأمنه سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
    انتهى اللقاء التاسع نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)
    http://www.islamup.com/download.php?id=137344


    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[10]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله r ومازلنا مع حديث فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني الماتع في أندى العالمين r السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .
    المحاور: فضيلة الشيخ مازلنا نستمتع بهذه المواقف الثرية الطيبة التي فيها من الدروس والعبر ، ولكن بحكم أننا نتكلم في أندى العالمين يمكن حضرتك نتوقف أو كما أشرت فضيلتك في اللقاء السابق أننا نمس الأمر مس دون الدخول في التفاصيل لأن الهدف الأساسي أن نرى ندى رسول الله r مع أصحابه .
    الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r ، أنا أيضًا أريد أن أتكلم عن جابر t لأن له مواقف مع النبي r أيضًا يظهر منها نداه معه ، قصة جمل جابر قصة مشهورة في الصحيحين وغيرهما وله سياقات متعددة وكثيرة ، وأنا عندما أعزو الحديث إلى الصحيحين لا أقصد الاقتصار على لفظ الصحيحين ، لأنني من عادتي إذا أردت أن أتكلم عن حديث أأتي بكل طرقه وأجمعها أسبكها في بعضها فربما أذكر سياق أحمد وأنسبه للبخاري ، فأنا عندما أقول: في الصحيحين من باب العزو إلى أصل الحديث مع قطع النظر عن خصوص ألفاظه ، جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري أبوه عبد الله بن حرام قتل يوم أحد ، وأوصى جابرًا بأخواته البنات وكانوا تسعة وفي رواية سبعة وفي رواية ستة .
    المحاور: لم يكن يوجد تحديد نسل .
    الشيخ: لا لم يكن يوجد كانوا يتدينون بالإنجاب ،حتى يحققوا أمنية للنبي r:« تناسلوا ، تناكحوا ، تكاثروا فإن مفاخر بكم الأمم يوم القيامة » ، فهذه كانت رغبة للنبي r ، كيف لا أفعلها ؟ أيضًا هذا جانب آخر .
    المهم أن جابر بن عبد الله يقول: أنه كان في غزوة ذات الرقاع ، وهم راجعون الكل مسرع مُسرع مسرع ، وجابر يركب جملًا بطيئًا يضرب في الجمل لكي يسرع ليكون مع الناس الجمل أبطأ به حتى برك على الأرض ، فطبعًا أصبح بمفرده ، فجعل يقول: واه لهف أمياه مازال لنا ناضح سوء ، قال: وكان النبيr يكون في أخريات الناس يزجي الضعيف ويساعد المحتاج لأنه رجل مسئول فلو أن النبي r كان في مقدم الناس ممكن واحد يقع يموت والناس تجري ولا أحد يحس به فهو أخر واحد ، كان يقول لهم حتى في هذا الحديث « تقدموا وخلوا ظهري للملائكة » r ، من بركات أنه كان يتأخر عن الناس أنه أدرك جابرًا والجمل بارك به ولا يستطيع ، فقال:« من ؟ » فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله جابر ، قال:« ما دهاك ؟ » ، قلت: أعيا جملي قال:« أمعك عصا ؟ » ، أعطى له العصا ضرب الجمل ضربتين ، قال: قام الجمل ارتدت إليه العافية ، قال: فجعل جملي يسبق ناقته ، أنظر إلى الجمل الذي كان يتساوق هزالًا وبرك من كثرة الإعياء ،ببركة هذه الضربة ارتدت إليه العافية لدرجة أنه يسبق ناقة النبيr ، قال: فأشد خطامه ، لماذا ؟ لأنه لا يصح ،بدأ النبي r يسامر جابرًا وهم سائرين ، قال:« ما أعجلك يا جابر ؟ »، قال: إني حديث عهدٍ بعرس ، قال:« بمن تزوجت ؟ » ، فقلت: بأيم كانت بالمدينة ، المرأة الأيم: التي لا زوج لها ، قال:« فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك » ، فقلت: يا رسول الله إن عبد الله ترك لي تسع نسوة خُرق ،( خُرق) : البنت الصغيرة التي لا تحسن تدبير أمر نفسها ولا غير ذلك ، فقلت: لا أتيهن بخرقاء مثلهن ، فقلت: هذه أجمع لأمري وأرشد ، الولد البار الذي أبوه قال له: خذ بالك من أخواتك البنات ضحى برغبته تنفيذًا لوصية أبيه تزوج واحده ممكن تكون في عمر أمه .
    المحاور: أكبر منه في السن .
    الشيخ: أكبر منه في السن لا أرب له فيها .
    المحاور: ترك حظ نفسه من أجل أخواته .
    الشيخ: بالضبط هكذا من أجل أخواته ، قال: تمشطهن وتقوم على شئونهن وغير ذلك ، فقال له:« أصبت ورشدت » ، النبي r كان يعلم أن على عبد الله دين فأحب أن يساعد جابر فقال له:« بعني جملك يا جابر » ، قلت: هو لك يا رسول الله ، قال:« لا ، بل بعنيه » ، قال: خذه بدرهم ، قال: أخذه بدرهم ، قال: درهم جمل بدرهم ، قال: فلازال يترقى معي في السعر حتى وصل إلى أوقيه ، قال له: اشتريت الجمل واشترط جابر ظهره إلى المدينة ، لأن الجمل أصبح ملك للنبي الآن لكن أنا أشترط أظل أركبه حتى أن أصل إلى المدينة ، وصل جابر البيت قص على خاله القصة وقال له: الرسول قال بعني الجمل ولم أستطيع أنني لا أبيعه ، قال: فلامني خالي ، لماذا ؟ لا يوجد لديهم غيره وكان مصدر رزق ،قال: فلامني خالي أنني بعت الجمل للنبي r فجاء جابر وعلى باب المسجد ربط الجمل ، هو وصل ، وقال له: يا رسول الله الجمل على باب المسجد خذه ، قال:« يا بلال قم فأعطه ثمن الجمل » وهو الأوقية « وزده » هذا يريد أن يوفي لجابر دينه وحريص على أن لا يجرحه ، مع أن النبي r لو دخل على الفور أنا أقضي دين أبيك وغير ذلك لا توجد مشكلة ،وهذا بركة أيضًا ويتمنى جابر الكلام هذا كما سأذكر قصة الغرماء والتمر ، لأنها قصة الحقيقة تستحق أن نقف عندها وقفة تأمل حتى ولو على سبيل السرد السريع ، هذا لا يريد أن يجرح شعور جابر ، فأشعره أولاً ،أنه لما أخذ المال أخذه بحقه كأن النبي ليس له جميل عليه ، فبعدما وفاه بلال بالأوقية ، قال له:« خذ جملك يا جابر هو لك » ، فأعطاه الأوقية وأمر بلالًا أن يزيده عليها وأعطاه الجمل ، أنا عندما أنظر إلى مثل هذه القصة وعناية النبي r بقضاء دين عبد الله الذي قتل في سبيل الله I في يوم أحد وكان رجلًا صالحًا
    وكان النبي r يحبه ويقربه كان حريصًا على أنه يقضي دين والد جابر ، فالقصة هذه نفسي تحدثني أو تريد أن تغلبني أنني أقف على بعض فوائدها لكن أنا أعلم أن الحلقة قصيرة .
    المحاور: ممكن معنا وقت نذكر أيضًا فوائدها إن شاء الله .
    الشيخ: خاصة بجمل جابر .
    المحاور: خاصة بجمل جابر لأننا نريد أيضًا أن نؤكد على هذا المعنى الرائع من بداية اهتمام النبي r بشأن جابر إلى أن يوفي له دينه بهذه الطريقة وقضى له دينه بهذه الطريقة
    الشيخ: أنظر النبي r ابتداءً ، لما قال له:« هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك » ، قال له هذا الكلام لأن تحت الكلمة هذه معنى كبير ، حتى قال له في الرواية الثانية في البخاري وغيره ، قال:« مالك وللعذارى ولَعابها » ، وضبطها بعض الشراح « ولُعابها » ، « ولَعابها »: من اللعب ، « ولُعابها »: من اللعاب ، المرأة عندما تتزوج أول مرة الرجل الأول إذا كان رجلًا بمعنى كلمة رجل يخط مجراه في قلبها هذه أول فائدة أن يتزوج المرء بكرًا يعتلي عرش قلبها ، إذا كان يستحق ذلك لأن كثير من الناس يتزوجوا وبعد ذلك يفترقوا ويلعن بعضهم بعضًا ، لماذا ؟ ، لأنها لم تجرب أحدًا قبله لأنها ممكن تعمل مقارنة في ذهنها بينها وبين زوجها الأول أو إلى آخره فابتداءً قال له هكذا ، فلما رأى إن في مصلحة من وراء أن يتخلى عن هذه النصيحة .
    المحاور: عن هذا الشرط .
    الشيخ: عن هذا الشرط قال له:« أصبت ورشدت » ، لماذا ؟ ، لأنه رأى أن هذا الولد البار يريد أن ينفذ وصية أبيه ويترك حظ نفسه ، بدل الأثرة أصبح في إيثار ، نصحه فلما وجده يبحث عن الأصلح والأفضل أيده بذلك .
    المحاور: قدم مصلحة الجميع على الفرد .
    الشيخ: بالضبط هكذا ، هذا أول شيء نقف عنده الشيء الثاني: مسامرته r مع جابر وبعد ذلك عندما سامره كان يريد أن يدخل على قصة الدين ، لأن الدخول على قصة الدين مباشرة ممكن تسبب نوع من الإحراج لجابر ، فهو الأول يريد أن يستأنس مثلما فعل عمر بن الخطاب ، لما اعتزل النبي r زوجاته في مسألة النفقة وغير ذلك وبعد ذلك أحب أن يدخل رباح قال له: لا ، ومنعه من الدخول ، المهم عندما دخل على النبي r وهو معتزل في المشربة وغاضب من نسائه، قال عمر: فأردت أن أستأنس ، الأول النبي r غاضب وغير ذلك غاضب من ابنته حفصة أيضًا فيريد أن يستأنس ، فقلت: يا رسول الله لو رأيتنا معشر قريش قوم نغلب نساءنا فلما قدمنا على الأنصار إذ هم قوم تغلبهم نساءهم ، قال: فتبسم النبي r ، قال: فجلست ، نستفيد من القصة هذه إن عندما يكون فيه موضوع محرج أو فيه موضوع فيه عتاب أو غضب لا أدخل مباشرة عليه أفعل مقدمة أستأنس الأول بدون أن أدخل في لب الموضوع لكي أهيئ الطرف الآخر لقبول كلامي ، فاليوم بدل من أن يدخل عمر بن الخطاب ويقول للنبي: ما الذي يغضبك يا رسول الله ؟ ، يقول: كذا وكذا وكَذا أراد أن يستأنس ، أول ما قال له: لو رأيتني وأنا أقول لحفصة لا يغرنكِ أن كانت جارتكِ أوضأ وأحب إلى النبي r منكِ ، قال: فتبسم النبي r تبسمة أخرى التبسمة الأخرى هذه جعلت عمر يجلس ، بعد ما جلس ، قال: لم أجد شيئًا في بيته يرد البصر إلا أهبة ثلاث وحصير قد أثر في جنبه حصير رمال ، قلت: يا رسول الله أدعو الله لأمتك أن يوسع عليها فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله ، قال: وكان متكئًا فجلس قال:« أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب ؟ » ، هنا عمر غير الموضوع هو داخل عارف لأنه ذهب لحفصة الأول ، وبعد ذلك قال لها: ماذا فعلتي أطلقكن النبي r أم لا ؟ ، قالت: لا أدري ، قال: قد قلت لكي قبل ذلك لولاي لطلقكي النبي r ولامها وقال لها ما شاء الله أن تقول حتى بكت حفصة t من الكلام هذا ، فعمر بن الخطاب يعلم القصة مسبقًا لكن دخل يريد أن يهيأ القصة ، وبعد ذلك عندما وجد النبي r تبسم فغير الموضوع ، فنحن نقول: اليوم النبي r بدأ يسامر جابر ويقول له:« ما أعجلك يا جابر ؟ » وفتح الكلام هذا .
    المحاور: لكي يصل للهدف .
    الشيخ: و« بعني جملك يا جابر » ويبتدئ يتدرج في هذه القصة ، ما هذه الخلق ؟ .
    المحاور: حرص على المشاعر .
    الشيخ: ما هذا الخلق ؟ ، النبي r كان وكان أصحابه يلقطوا منه أيضًا ، لماذا ؟ لأنه كان محل اهتمامهم وملء قلوبهم فكان كل حركة وسكنة يراقبونها ، كل شيء في النبي r كانت تحت المجهر عندهم ، حتى سئل أنس عن شيب النبي r ، قال: ما شاب إنما كان في لحيته سبع عشرة شعرة ، أنا لا أفهم واحد يقول: لحيته كلها ليس فيها غير سبعة عشر شعرة بيضاء ، كم جلس يعدهم ؟ ، كل اهتمامه يعد ينظر واحد اثنين ثلاثة أربعة ولو أنت سألته عن موقع الشعر يقول لك: واحدة مثلًا تحت أذنه ، وواحدة تحتها بسنتيمتر ، وواحدة بعدها باثنين سنتيمتر وغير ذلك ، كما أنه كان r حفيًا بهم كانوا هم أكثر حفاوة منه r لأن الله U أرسله إليهم وأنقذهم من الضلالة وأخرجهم من الضلالة إلى الهدى ، وأخرجهم من الظلمات إلى النور فشيء طبيعي مسألة التمهيد ، الحديث هذا أنا كنت شرحته قديمًا وأخذت فيه حوالي ثلاثة ساعات وأنا أتكلم عن فوائد هذا الحديث وأقف عندها .
    المحاور: دعوني أن أشكر باسمكم فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني على هذا الحديث الرائع الماتع في كلامنا عن أندى العالمين r ، وفي نداه مع أصحابه ومازال الحديث متواصلًا بمشية الله في حلقاتٍ مقبلة ، الله أسأل أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وصلى الله وسلم على أندى العالمين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

    انتهى اللقاء العاشر نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)


    http://www.islamup.com/download.php?id=137367
    الدرس كملف ورد
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة دروس ((أندى العالمين)) للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
    الدرس[11]
    المحاور: السلام عليكم ورحمة الله ، الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى r ، فما زلنا نتواصل وأندى العالمين صلوات ربي وسلامي عليه ، وما زلنا نواصل حديثنا الماتع مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
    الشيخ: وعليكم السلام .
    المحاور: فضيلة الشيخ كنا توقفنا في لقاءنا السابق عند ندى النبيr مع أصحابه وحضرتك كلمتنا في قصة جمل جابرt ثم عقبت أن هناك قصة قضاء دين جابرt وحضرتك أخبرتنا في الحلقة السابقة أن هذه القصة فيها من العظات والدروس والعبر والوقفات الكثير والكثير ، فهلم نستمتع بقصة دين جابر وقضاءهt .
    الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهr ، الحقيقة أن هذا الحديث لما جمعت طرقه وجمعت ألفاظه بعدها على بعض خرجت بفوائد كثيرة ، وهذا الحديث رواه عن جابر حوالي سبعة أو ثمانية من الرواة وأوفى الروايات كلها رواية نبيحٍ العنزي ورواية أبو المتوكل الناجي ، وفيها سبحان الله تجلى رفق النبيr مع جابر ، أنا سأختار رواية نُبيح العنزي الموجودة في مسند الإمام أحمد بطولها وسأطعمها ببعض الروايات الأخرى وبعض الألفاظ لتصبح أوفى الروايات .
    جابرt يقول: أن النبيr غزا غزوة فقال جابر: فدعاني أبي وقال لي يا بني لا بأس أو لا عليك أن تكون في النظارين من أهل المدينة لتنظر ما يؤول إليه أمرنا ، والنظارين: هم الجماعة الذين ينتظروا ما الذي تنتهي عليه المعركة أي يتفرجوا ، منهم النساء والأطفال والذين هم بمعزل عن حقيقة الحرب ، قال له: ولولا أنني تركت بنات لي يضعن من بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي ، فلما انتهت المعركة قال: إذا عمتي جاءت بأبي وخالي كلاهما قتيل عادلتهما على ناضح ، والناضح: هو البعير ،وضعت جثة في ناحية وجثة في ناحية وعادلتهما على ناضح ودخلت لكي تدفنهم في المدينة فإذا بمنادي النبي r ينادي أن أرجعوا القتلى إلى مضاجعهم ، المكان الذين قتلوا فيه في غزوة أحد ، بعد أربعين سنة في ولاية معاوية ابن أبي سفيان t كان يصلحون الطريق فطبعًا أسفل الجبل سيمرون على المدافن ، وهم يحفرون بالفؤوس ظهرت جثة فجاء رجل إلى جابر مسرعًا وقال له: إن عمال معاوية لما أثاروا الأرض ظهرت طائفة من بدن أبيك ، فتعالى خذ أباك وانقله إلى مكان آخر ، يقول جابر: فوجدته كما هو بعد أربعين سنة جسمه ساخنا إلا ما مسه القتل ، إذا كان ضرب بسيف وفتحت بطنه مثلًا .
    في بعض الروايات خارج حديث الغرماء أنه لما دفن عبد الله بن حرام وضع يده على الجرح ، يقول جابر: فلما رفعت يده انبجس الدم أي فار الدم بعد أربعين سنة من مقتله انبجس الدم فأرجع يده إلى مكانها ونقله إلى قبر آخر ، قال: وكان لعبد الله دينًا علي ، هذا الدين كان كثير جدًا يزيد عن المليون والكسر ولم يكن له غير حديقتين وهاتين الحديقتين تمرهما لا يفي إطلاقًا بقضاء واحد منهما ، كان واحد يهودي له دين هذا الدين يستوعب تمر الحديقتين جميعًا وهناك باقي الغرماء ، واحد من الغرماء فقط يأخذ كل المحصول ، وكان فيه كثير من الغرماء فكانوا يغلظون على جابر في التقاضي هات الدين لماذا لم تسده وغير ذلك والذي كان يؤرق جابرا دين أبيه ، لأنه كان يعرف أن الدين مشكلة وكل ذنب يغفر إلا الدين ، والشهيد نفسه كما قال النبيr:« أن جبريل ألقى في روعي أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين » ، فلو إنسان ليس عنده أي مشكلة وممكن يدخل الجنة مباشرة الدين يوقفه مباشرة ، فهذا كان يعمل إرهاق شديد على جابر ، أهم شيء كيف يقضي دين أبيه .
    قال للغرماء: أمهلوني إلى الصرام المقبل أي العام المقبل ، والصرام: هو الحصاد القادم فأبوا وأفحشوا له في الكلام ، فأراد أن يخفف من حدة طلبهم فمن الذي ممكن أن يأتي به ويكون له حشمة ويحتمي جابر فيه لكي لا يفحش له الغرماء في التقاضي ؟ النبيr أندى العالمينr ، فقال: يا رسول الله إن عبد الله قتل يوم كذا وكذا وترك عليه دين كثيرا وأفحش عليَّ الغرماء فلو جئت وشفعت لي عند هؤلاء الغرماء أن يمهلونا إلى الصرام المقبل ، أي يأخذ جزء من دينه ويأتي السنة القادمة ويصبروا علي قليلًا .
    المحاور: فنظرة إلى ميسرة .
    الشيخ: بالضبط هكذا ، فقال له:« أفعل إن شاء الله » ، فجاء وجاء واحد كان له دين كبير من العجوة وآخر له دين من عزق زيد والتمور كان لها أسماء ، فهو يريد من هذا لأن هذا الغالي الذي يباع ، فيقول له: خذ من هذا فيقول لا هذا رخيص وأنا أريد من هذا ، النخل الذي عندي لا يفي بهذا وأنت الذي لك عند أبي يحتاج سنتين لكي أسد دينك من هذه الطائفة من الثمرة ، فخذ طائفة أخرى من التمر ، والنبي r قال لواحد منهم: « أمهل جابرًا وأيسره إلى صرام العام القادم » ، قال: ما أنا بفاعل واعتل بأنه مال أيتام ، وقال اليهودي: لأن عبد الله كان مدين لأكثر من واحد كان منهم اليهودي ، وهذا اليهودي له تمر يستغرق الحديقتين .
    فلما رفض الرجل وأنا أتعجب الحقيقة لما يقول له: أنذر يقول ما أنا بفاعل ، أنا نفسي تعجبت من هذا جدًا ، لأنها ثقيلة أن يقال هذا لرسول الله وأنا أريد أن أقول شيء في نفس المعنى لكن خارج السياق ، لما بريرة كانت زوجة مغيث ثم كاتبت بريرة ونالت حريتها بينما ظل مغيث عبدًا ، فالمرأة بعد أن تأخذ حريتها لها الخيار في هذه الحالة هل تبقى مع زوجها العبد أو أنها تطلق منه ، أول ما نالت حريتها طلبت الطلاق وكان مغيث يحبها حبًا شديدًا ، فحاول أنها تعيش معه ، لكنها رفضت تمامًا إلا أن تطلق فلم يجد إلا أندى العالمينr يستشفع به أنها تعيش معه ، وجاء مغيث وهو يبكي فأرسل إلى بريرة وحضها على أن تبقى معه وأنها تعيش معه وأنه يحبها ، أنظر إلى كلمتها وماذا قالت له ، قالت: يا رسول الله: أتأمرني ؟ قال لها:« لا ، إنما أنا شفيع »فقالت لا حاجة لي فيه .
    أنا نفسي لم أقدر أن أفهم كيف ردت شفاعته r ، أنا نفسي أستعظمها وهذا حقها صحيح حقها فعلًا ، لما يقول:« إنما أنا شفيع » ، فالنبي r قضى ومضت بريرة تمشي ومشى مغيث يبكي خلفها فقال:« يا عباس يا عباس أنظر إلى حب مغيثٍ بريرة وبغض بريرة مغيثًا » ، فأنا قلبي لم يقدر أن يتحمل أن يقول لواحد افعل كذا يقول ما أنا بفاعل ، واعتل بالأيتام وأن هذا مال أيتام ولا أستطيع أن أفرط فيه وهذا الكلام ، مع أنه كان من الممكن أن يسأل النبيr عن الحكم الشرعي فيقول يا رسول الله هذا مال أيتام أيجوز لي النذرة فيه مثلا .
    الحقيقة هذه الكلمة كأنما قذفني أحدٌ بحجر لما قرأتها ، فقال لجابر:« لا عليك » ومشى في الحديقة ، فيه رواية من الروايات ، قال: وجعل تحت كل نخلة يقف ويتكلم بكلام لا أفهمه ، ثم قال:« كِل لهم » ، في رواية نُبيح العنزي لما جاء النبي r إلى جابر قال جابر لامرأته: إن النبيr سيأتينا إياك أن تكلميه أو أن تؤذيه أو أن تطلبي منه شيئًا ، ودعا خادمه وقال له: أن النبيr سيأتي وينام ،فإذا استيقظ دعا بطهور فإذا تطهر خرج إلى المسجد ، فنريد أن نفرغ من هذا الطعام قبل أن يستيقظ بحيث إذا توضأ يجد الطعام أمامه مباشرة ، قال: فجاء النبيr ومعه عمر فأعطيته وسادة نام عليها ولم أجد وسادة لعمر .
    فنام النبيr وخبزت المرأة وهو والخادم ذبحوا العناق على عجل وانتهوا منه فقال:« يا جابر ائتني بطهور » ، وبعد أن فرغ من الوضوء وجد الطعام عل الفور ، فنظر إليه وتبسم وقال: « لعلك علمت حبنا للحم » ، أكل النبيr وفرغ وبعد ما دعا في الحديقة عند كل نخلة خرج ليصلي العصر وقال:« كِل لغرمائك » ، يقول جابر: وفيت كل غرمائي وبقي التمر كما هو ستة عشر وسقًا ، وفي رواية ثلاثة عشر وسقًا ، قال: فذهبت إلى النبي r في المسجد كأنني شرارة ، وشرارة أي سريع جدًا وقال: يا رسول الله أرأيت لقد وفيت دين عبد الله ، فقال:« الحمد لله اذهب لعمر فقل له ذلك » ، لأن طبعًا عمر بن الخطاب كان غضبان من الغرماء ولم يقبلوا شفاعة النبي وكيف والنبيr وكل واحد يتكلم بهذه الطريقة ، النبيr يقول لعمر:« سل جابر ما الذي جرى » ، قال: ما أنا بسائل ، قال:« اسأله ما الذي جرى » قال: ما أنا بسائل ثلاث مرات وكان النبيr لا يراجع أحدًا بعد ثلاث مرات .
    فجابر يسأل عمر: لماذا لا تريد أن تسأل ؟ قال: لقد علمت أن الله سيوفي الدين لما طاف في الحديقة عليه الصلاة والسلام ، فانظر إلى رفقهr بأصحابه لاسيما عبد الله بن حرام كان النبيr يحبه وهو دفنه في أحد مع عمر بن الجموح في قبر واحد وقال ادفنوا هذين المتحابين في قبر واحد ، عبد الله بن حرام وعمر بن الجموح ، القصة الحقيقة طويلة وأنا حاولت أن أختصرها لأنني لو أتيت بها كلها على وجهها بكل رواياتها ربما تستغرق حلقتين كاملتين ، لكن تتمة ذلك ، بعد أن أكل النبيr وهو يريد أن يخرج قال: فخرجت امرأتي بصدرها من شباك في البيت، وقالت: يا رسول الله: صلي علي وعلى زوجي ، فقال: « صلى الله عليك وعلى زوجك » ، أي جابر فطبعًا في الأول جابر قال لهاك لا تكلميه ولا تؤذيه ولا تطلبي منه شيئًا ، فرجع لها قال لها: ألم أقل لك لا تكلميه ولا تطلبي منه شيئًا ولا تؤذيه ، قالت له: أظننت أن يأتي النبيr إلى بيتنا ولا أسأله الصلاة عليَّ وعليك قبل أن يخرج .
    أنظر محبة المرأة لدعاء وبركة النبي r كيف يدخل البيت والصلاة من النبيr إنما هي دعاء كما هو معروف ، هذا من جملة المواقف ، والنبي r ممكن يتلقى فحش الغرماء اليوم عندما يقول له واحد ما أنا بفاعل ويواجهه بهذا فهل هذا قليل ، لما يذهب ويقول ليهودي:« أنذر جابر » ، فيقول له: ما أنا بفاعل وهذا الكلام ، فكون النبيr يكون جنة عن أصحابه كما كان علي بن أبي طالب يقول: كنا إذا احمر البأس احتمينا بالنبي r ، لأنه كان آخر خط دفاع ، فكان كل واحد تصيبه مصيبة أو مسألة فالنبي r هو أخر خط للدفاع بالنسبة له بحيث أنه يحتمي فيه كما فعل جابر t .
    في الحديث وقفات كثيرة قضاء دين جابر مع الغرماء وعند هذا الحد نتوقف ونكمل حديثنا في لقاءنا المقبل بمشيئة الله وصلى الله وسلم على أندى العالمين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
    انتهى اللقاء الحادي عشر نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)




    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •