السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه و آله و صحبه أجمعين ..
ثم أما بعد فالحمد لله أن من على المستضعفين في الأرض وجعلهم أئمة و جعلهم الوارثين
الآن أحدثكم عن زيارتي له :
المرة الأولى ذهبنا ليلا بعد صلاة العشاء، فما أستطعنا دخوله، فعندما وقفنا أمام البوابة الرئيسية التي دخل منها الثوار كان الظلام و الرعب يغطي المكان حتى اجتاحنا الخوف
هذا رغم قراءتنا للقرآن لكنه كان مظلم كثيرا ومرعب كثيرا، فما كان منا إلا أن عاينا الباب ثم رجعنا قافلين.
أعتقد أن زيارته ليلا أمر يكاد يكون مستحيل فلا تنسى أنه كان بيت المردة من الشياطين و السحرة ..
ثم رجعنا اليوم الثاني ظهيرة قرأنا آية الكرسي قبل الدخول ثم دخلنا مكبرين ..و كان يعج بالناس دخلنا بالسيارة مشينا طويلا في أماكن كبيرة و مساحات واسعة واجتزنا ثلاث بوابات حتى وصلنا أمام "البيت الصامد" الذي لم أرى من صموده شيء
نزلنا من السيارة ثم سرنا نشاهد دروس و عبر، ونقرأ على جدرانه مواعظ من أبلغ المواعظ
ترتجف و تكاد تبكي وأنت فيه سبحان الله.. سبحان الله ..
هذا ما تشعر به و أنت تزور صرح فرعون صرح الطغيان صرح التجبر والعتو في الأرض "باب العزيزية"
الذي كنت تمر من أمامه غاض الطرف ولا تطل النظر، فكثرة نظرك إليه أمر يثير ريبة حراسة.
و إن ساورتك نفسك أن تخرج "كاميرا" وأنت أمامه فأعلم أن أقرب رصاصة ستستقر في رأسك سبحان الله.. لابد أن تتفكر و أنت تدخل إلى هناك سبحان الله.. يوم تدخل تجد أن لسان الحال يقول "الله ملك الملوك فأين ملوك الأرض؟"
أين أنت يا فرعون العصر ألم تكن آخر كلماتك (أنا هنا باق هنا بيتي هنا؟) فأين أنت اليوم؟ نحن نقف في عقر دارك وكأنك لم تسكنه ابدا و لم تمشي فيه ولم تنظر إلينا منه نظرة الاستكبار. قال تعالى:
"هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا" [98مريم]
سبحان ربي.. تستوقفك عبارات على أسواره و في "البيت الصامد":
(لمن الملك اليوم؟ و آخر يكتب: نحن هنا فأين أنت؟ و آخر يكتب في حجرة نوم الطاغي: "ها قد جئناك في عقر دارك")
سبحان الله حقيقة من لم يعتبر بنهاية الطاغية فلا اعتبر
و حقيقة ما رأيته وما شعرت به يربو عن الوصف.
فمن كان محبا لعبادة التفكر فأنا أنصحه بزيارة "باب العزيزية"
سبحان الله فقط سبحان الله تأثري بما رأيت يلجمني ومن أراد أن يعرف أكثر عليه أن يزوره ليرى ما رأيت.
و يتفكر في نهاية الظلم والاستكبار
سبحان الله تكاد تنطق الجمادات فيه بل لقد نطقت بما كتب عليها .
قال الله تعالى: "فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين" [58 القصص]