تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 104

الموضوع: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب


    من كلام ابن القيم / الفوائد:


    خراب القلب من الأمن و الغفلة و عمارته من الخشية والذكر
    إذا زهدت القلوب فى موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة و اذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد.
    لا تدخل محبة الله فى قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل فى سم الابرة
    ---------------------
    خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن و لا بد لها من شيء تطحنه فإن وضع فيها حب طحنته و إن وضع فيها تراب أو حصا طحنته .
    ----------------------
    من أراد علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه و إحكامه و شدة الاعتناء به فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس و إحكامه
    -----------------------
    أفضل الزهد إخفاء الزهد و أصعبه الزهد فى الحظوظ
    ------------------------
    دخل الناس النار من ثلاثة أبواب :
    باب شبهة اورثت شكا في دين الله
    و باب شهوة اورثت تقديم الهوى على طاعته و مرضاته
    و باب غضب أورث العدوان على خلقه


    أصول الخطايا كلها ثلاثة:
    الكبر و هو الذى أصار ابليس الي ما أصاره
    و الحرص و هو الذى أخرج آدم من الجنة
    و الحسد و هو الذى جرأ أحدا بني آدم علي أخيه
    فمن وقى شر هذه الثلاثة فقد وقى الشر
    فالكفر من الكبر و المعاصى من الحرص و البغى و الظلم من الحسد
    ---------------------------
    أفضل الذكر و أنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان و كان من الأذكار النبوية و شهد الذاكر معانيه و مقاصده
    ------------------------
    من صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره
    ----------------------
    سئل سهل التستري الرجل يأكل في اليوم أكلة؟
    قال أكل الصديقين
    قيل له :فأكلتين ؟
    قال :أكل المؤمنين
    قيل له :فثلاث أكلات ؟
    فقال :قل لأهله يبنوا له معلفا
    ---------------------------
    الدنيا كامرأه بغى لا تثبت مع زوج انما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها, فلا ترضى بالدياثه
    ميزت بين جمالها وفعالها ... فأذا الملاحة بالقباحة لا تفي
    حلفت لنا ان لا تخون عهودنا ... فكأنها حلفت لنا ان لا تفي
    .............يتبع...


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب


    من كلام ابن القيم / الفوائد:


    أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا أو تصنع إليه معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك و كمالك
    فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر
    و أضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي الله فيه فإنه عون لك على مضرتك ونقصك
    ================
    إذا تصادمت جيوش الدنيا و الآخرة في قلبك و أردت أن تعلم من أي الفريقين أنت فانظر مع من تميل منهما و مع من تقاتل إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين فأنت مع أحدهما لا محالة
    فالفريق الأول استَغَشوا الهوى فخالفوه و استنصحوا العقل فشاوروه و فرغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له و جوارحهم للعمل بما أمروا به و أوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة و استظهروا على سرعة الأجل بالمبادرة إلى الأعمال و سكنوا الدنيا و قلوبهم مسافرة عنها و استوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها و اهتموا بالله و طاعنه على قدر حاجتهم إليها و تزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها فعجل لهم سبحانه من نعيم الجنة و روحها أن آنسهم بنفسه و أقبل بقلوبهم إليه و جمعها على محبته و شوقهم إلى لقائه و نعمهم بقربه و فرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا و الهم والحزن على فوتها و الغم من خوف ذهابها
    فاستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون
    صحبوا الدنيا بأبدانهم والملأ الأعلى بأرواحهم .
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

    قال ابن درستويه صاحب سهل بن عبد الله -و نحن بين يديه؛ إذ أقبل أصحاب الحديث و معهم المحابر؛ فقال: قال سهل:


    ((اجتهدوا ألا تلقوا الله إلا ومعكم هذه المحابر)).
    فغمزت بعضهم و قلت له: يملي شيئاً. فقال: يا أيها الشيخ قد مدحتها؛ فذكرنا بشيء فقال:
    ((اكتبوا .. .. : الدنيا كلها لا شيء؛ إلا ما كان منها علم؛ و العلم كله حجة إلا ما كان منه عمل؛ والعمل كله هباء إلا ما كان منه إخلاص؛ و أهل الإخلاص على وجل - ثم تلا: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ})).
    --------------------------


    كان الربيع بن خثيم يقول:
    ((السرائر؛ السرائر؛ اللاتي تخفون على الناس وهي عند الله -عز وجل- بواد التمسوا دواءهن و ما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود)).
    ------------------------
    قال رجل لمحمد بن النضر الحارثي:
    ((أنى أعبد الله؟؛ قال: أصلح سريرتك؛ واعبده حيث شئت)).
    ------------------------------
    قال: يحيى بن معاذ -رحمه الله- و سئل عن هذه الآية:
    {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة}.
    فقال يحيى: استقاموا عليه فعلاً؛ كما أقروا به قولاً
    ثم قال يحيى: كونوا عباد الله بأفعالكم كما زعمتم أنكم عبيد الله بأقوالكم.
    -----------------------------
    قال إبراهيم بن أدهم :
    ((أعربنا الكلام فما نلحن؛ ولحنا في الأعمال فما نعرب)).
    ----------------
    قال ذو النون المصري وهو يوصي أخاه ذا الكفل:
    ((يا أخي، كن بالخير موصوفاً؛ ولا تكن للخير وصافاً)).
    ------------------------------
    قال علي بن الفضيل لأبيه:
    ((يا أبت؛ ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
    قال: يا بني؛ وتدري لم حلا؟ لأنهم أرادوا به الله تعالى)).
    --------------------------------
    قال: يوسف بن أسباط :
    ((إني لأحسب أن الفاسق خير مني؛ لأني لو قلت للفاسق: يا فاسق، احتمل مني. ولو قال لي: يا مرائي غضبت)).
    -----------------------------
    قال الحسن :
    ((كانت شجرة تعبد من دون الله؛ فجاء إليها رجل؛ و قال: لأقطعن هذه الشجرة فجاء إليها ليقطعها غضباً لله؛ فلقيه الشيطان في صورة إنسان؛ فقال: ما تريد؟
    قال: رأيت أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى.
    قال: إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها؟
    قال: لأقطعنها.
    قال له الشيطان: هل لك فيما هو خير لك، لا تقطعها؛ ولك ديناران كل يوم؛ إذا أصبحت عند وسادتك.
    قال: فمن لي بذلك.
    قال: أنا لك بذلك
    فرجع؛ فأصبح فوجد دينارين عند وسادته ثم أصبح فلم يجد شيئاً.
    فقام غضبان ليقطعها. فتمثل له الشيطان في صورته. فقال: ما تريد؟
    قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله -عز وجل-
    قال: كذبت. ما لك إلى ذلك سبيل.
    فذهب ليقطعها فضرب به الأرض و خنقه حتى كاد أن يقتله. وقال: تدري من أنا؟! أنا الشيطان. جئت أول مرة غضباً لله تعالى فلم يكن لي عليك سبيل؛ فخدعتك بالدينارين؛ فتركتها؛ فلما فقدتهما جئت غضباً للدينارين؛ فسلطت عليك)).
    -------------------
    قال الأوزاعي :
    إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً؛ وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً


    الترغيب والترهيب/أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قوام السنة




    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  4. #84

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

    بارك الله فيكم وأحسن إليكم
    الحمد لله رب العالمين

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فراس السليماني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم وأحسن إليكم
    آمين و لك بالمثل
    -------------

    عن سفيان بن عيينة قال:
    ((كان رجل من السلف يأتي الأخ من إخوانه فيقول: ما هذا: اتق الله؛ وإن استطعت أن لا تسيء إلى من تحب فافعل؛ فقال له رجل: وهل يسيء الإنسان إلى من يحب؟
    قال: نعم؛ نفسك أعز الأنفس عليك؛ وإذا عصيت الله فقد أسأت إليها)).
    -------------------
    قال سعيد بن عبد العزيز :
    من أحسن فليرج الثواب؛ ومن أساء فلا يستنكر الجزاء.
    ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله تعالى ذلاً بحق
    ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم.
    -------------------
    قال محمد بن أبي توبة :
    أقام معروف الصلاة، ثم قال لي: تقدم. تقدم.
    فقال محمد: إني إن صليت بكم هذه الصلاة لم أصل بكم غيرها
    فقال له معروف: و أنت تحدث نفسك أن تصلي صلاة أخرى، نعوذ بالله من طول الأمل، فإنه يضيع خير العمل
    -------------------
    قال الفضل بن عياض : إنما أمس مثل، واليوم عمل، وغداً أمل.
    -------------------
    قال علي -رضي الله عنه- :
    أخوف ما أخاف عليكم ثنتان: اتباع الهوى، وطول الأمل.
    فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة.
    و ارتحلت الدنيا مدبرة، و ارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا
    اليوم عمل و لا حساب، و غداً حساب و لا عمل
    -------------------
    قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-:
    ((تجمعون ما لا تأكلون، و تأملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تسكنون، كالذين من قبلكم بنوا شديداً، و جمعوا كثيراً، و أملوا بعيداً، فأصبح جمعهم بوراً، و بيوتهم قبوراً و أملهم غروراً)).
    -------------------
    قال: مسعر بن كدام :
    ((كم من مستقبل يوماً ليس مستكمله، و منتظر غداً ليس من أجله، لو رأيتم الأجل و مسيره لأبغضتم الأمل وغروره)).
    -------------------
    قال الفضيل بن عياض:
    ((ما أطال رجل الأمل إلا أساء العمل)).


    الترغيب والترهيب/أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قوام السنة

    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

    للرفع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد البر طارق مشاهدة المشاركة

    قال علي -رضي الله عنه- :
    أخوف ما أخاف عليكم ثنتان: اتباع الهوى، وطول الأمل.
    فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة.
    و ارتحلت الدنيا مدبرة، و ارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا
    اليوم عمل و لا حساب، و غداً حساب و لا عمل
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

    من كلام ابن الجوزي



    سفر الليل لا يطيقه إلى مضمر المجاعة، تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيل التواني، فتزين حب النوم، وتزخرف طيب الفراش، وتخوف برد الماء، فإذا ثارت شعلة من نار الحزم، أضاءت بها طريق القصد، فسمعت أذن اليقين هاتف: هل من سائل؟
    فَقُمتُ أَفرِشُ خَدِّي في الطَريقِ لَهُ ... ذُلاً وَأَسحَبُ أَجفاني عَلى الأَثَرِ
    ---
    طلبت نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة، أتروم الحصاد ولم تبذر؟
    ----
    يا رابطا مناه بخيط الأمل، إنه ضعيف الفتل، لو فتحت عين التيقظ لرأيت حيطان العمر قد تهدمت، فبكيت على خراب دار الأمل، جسمك عندنا وقلبك على فراسخ، لا بالتسويف ترعوي، ولا بالتخويف تستوي، ضاعت مفاتيحي معك.
    ----
    من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود، ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة.
    إخواني: نهار الحزين كالليل، وليل المطرود كالنهار
    يا أعمى عن طريق القوم، أنا مشغول بإصلاح عينك، فإذا استوت أرشدتك الطريق، هذا أمر لا ينكشف للقلوب المظلمة برين الهوى، حتى يجلوها صيقل المجاهدة، أرضك مشحونة بشوك الذنوب فلو قد أسلمتها إلى الزارع رأيتها قد تغيرت (يَوم تُبَدَلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرض).
    ----
    خلقنا نتقلب في " ستة " أسفار إلى أن يتسقر بالقوم المنزل:
    السفر الأول: سفر السلالة من الطين، السفر الثاني: سفر النطفة من الظهر إلى البطن، السفر الثالث: من البطن إلى الدنيا، الرابع: من الدنيا إلى القبور، الخامس: من القبور إلى العرض، السادس: من العرض إلى منزل الإقامة.
    فقد قطعنا نصف السفر، وما بعد أصعب.
    ----
    يا مستفتحا أبواب المعاش بغير مفتاح التقوى، كيف توسع طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق؟
    لو اتقيت ما عسر عليك مطلوب، مفتاح التقوى يقع على كل باب ما دام المتقي على صفاء
    التقى لا يلقى أذى، فإذا انحرف عن التقى إلتقى بالكدر.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    من كلام السلف / مجمع الأمثال للميداني


    الموت أهون مما بعده، وأشد مما قبله.
    إذا فاتك خير فأدركه، وإن أدركك شر فاسبقه.
    أطوع الناس لله أشدهم بغضاً لمعصيته.
    كثير القول ينسي بعضه بعضاً، وإنما لك ما وعى عنك.
    أصلح نفسك يصلح لك الناس
    حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلاً، وحق لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفاً.
    من كتم سره كان الخيار في يده
    من لم يعرف الشر كان جديراً أن يقع فيه
    اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة.
    غمض عن الدنيا عينك، و ول عنها قلبك، و إياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك
    فقد رأيت مصارعها وعاينت سوء آثارها على أهلها،
    وكيف عري من كست، وجاع من أطعمت؛ ومات من أحيت.
    إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجوف، مؤدية إلى السقم.
    قال عثمان رضي الله عنه:
    خير العباد من عصم واعتصم بكتاب الله تعالى.
    ونظر إلى قبر فبكى وقال: هو أول منازل الآخرة، وآخر منازل الدنيا، فمن شدد عليه فما بعده أشد ومن هون عليك فما بعده أهون.
    أنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال. قاله يوم صعد المنبر فأرتج عليه.
    وقال يوم حصر: لأن أقتل قبل الدماء أحب إلي من أن أقتل بعد الدماء.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    بعض أقوال السلف / العزلة / الخطابي:
    ارض بالله صاحبا وذر الناس جانبا قلب الناس كيف شئت تجدهم عقاربا
    قال الفضيل بن عياض ، رحمه الله : « كفى بالله محبا ، وبالقرآن مؤنسا ، وبالموت واعظا اتخذ الله صاحبا وذر الناس جانبا »
    -----
    إن الناس كانوا دواء يتداوى به فأصبحوا داء لا يقبل الدواء ففر منهم فرارك من الأسد واتخذ الله تعالى مؤنسا
    قال سفيان رحمه الله : هذا زمان السكوت ولزوم البيوت
    قال إبراهيم النخعي لمغيرة : « تفقه ثم اعتزل »
    قال مالك: لا يتهيأ للمرء أن يخبر بكل عذر
    قال عون بن عبد الله : كنت أجالس الأغنياء فلا أزال مغموما كنت أرى ثوبا أحسن من ثوبي ودابة أفره من دابتي فجالست الفقراء فاسترحت
    ----
    إن الحق كما قيل مغضبة وبعض النصح للعداوة مكسبة
    قد قال بعض الحكماء : من قابل الكثير من الفساد باليسير من الصلاح فقد غر نفسه
    ------
    معاشرة الأشرار تورث سوء الظن بالأبرار
    قال بعض الحكماء : إنك لن تصلح أبدا حتى تصلح جليسك
    -----
    كل موجود مملول وكل ممنوع مطلوب
    قيل للأعمش : مم عمشت عيناك ؟ قال : من النظر إلى الثقلاء
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي


    أسباب عذاب القبر
    قال ابن قيم الجوزية/ الروح :


    المسألة التاسعة و هي قول السائل ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور ؟


    جوابها من وجهين مجمل ومفصل أما المجمل فانهم يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره وارتكابهم لمعاصيه فلا يعذب الله روحا عرفته وأحبته و امتثلت أمره و اجتنبت نهيه و لا بدنا كانت فيه أبدا فان عذاب القبر و عذاب الآخرة أثر غضب الله و سخطه على عبده فمن أغضب الله و أسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه فمستقل ومستكثر ومصدق ومكذب




    و أما الجواب المفصل فقد أخبر النبي عن الرجلين الذين رآهما يعذبان في قبورهما يمشى أحدهما بالنميمة بين الناس ويترك الآخر الاستبراء من البول فهذا ترك الطهارة الواجبة وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة بين الناس بلسانه وإن كان صادقا وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور والبهتان أعظم عذابا كما أن في ترك الاستبراء من البول تنبيها على أن من ترك الصلاة التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذابا
    و في حديث شعبة أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس فهذا مغتاب وذلك نمام وقد تقدم حديث ابن مسعود رضى الله عنه في الذى ضرب سوطا امتلأ القبر عليه به نارا لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور ومر على مظلوم فلم ينصره
    و قد تقدم حديث سمرة في صحيح البخارى في تعذيب من يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق و تعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل و لا يعمل به بالنهار وتعذيب الزناة والزوانى وتعذيب آكل الربا كما شاهدهم النبي في البرزخ

    و تقدم حديث أبى هريرة رضى الله عنه الذى فيه رضخ رءوس أقوام بالصخر لتثاقل رءوسهم عن الصلاة والذى يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم والذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم والذين تقرض شفاههم بمقاريض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب


    و تقدم حديث أبى سعيد وعقوبة أرباب تلك الجرائم فمنهم من بطونهم أمثال البيوت و هم على سابلة آل فرعون و هم أكلة الربا
    و منهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم وهم أكلة أموال اليتامى
    و منهم المعلقات بثديهن و هن الزوانى
    و منهم من تقطع جنوبهم و يطعمون لحومهم و هم المغتابون
    و منهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم و صدورهم و هم الذين يغمتون أعراض الناس
    و قد أخبرنا النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن صاحب الشملة التي غلها من المغنم انها تشتعل نارا في قبره هذا و له فيها حق فكيف بمن ظلم غيره ما لا حق له فيه


    فعذاب القبر عن معاصي القلب و العين و الاذن و الفم و اللسان و البطن و الفرج و اليد و الرجل و البدن كله
    فالنمام و الكذاب و المغتاب و شاهد الزور و قاذف المحصن و الموضع في الفتنة و الداعي إلى البدعة و القائل على الله و رسوله مالا علم له به والمجازف في كلامه وآكل الربا آكل أموال اليتامى وآكل السحت من الرشوة و البرطيل و نحوهما وآكل مال أخيه المسلم بغير حق أو مال المعاهد و شارب المسكر وآكل لقمة الشجرة الملعونة و الزاني و اللوطي و السارق و الخائن و الغادر و المخادع وا لماكر و آخذ الربا و معطيه و كاتبه و شاهداه وا لمحلل و المحلل له و المحتال على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه ومؤذي المسلمين و متتبع عوراتهم و الحاكم بغير ما أنزل الله و المفتي بغير ما شرعه الله و المعين على الاثم و العدوان وقاتل النفس التي حرم الله و الملحد في حرم الله و المعطل لحقائق أسماء الله و صفاته الملحد فيها و المقدم رأيه و ذوقه وسياسته على سنة رسول و النائحة والمستمع إليها
    و نواحوا جهنم وهم المغنون الغناء الذى حرمه الله و رسوله و المستمع إليهم
    و الذين يبنون المساجد على القبور و يوقدون عليها القناديل و السرج و المطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه وهضم ما عليهم إذا بذلوه
    والجبارون والمتكبرون والمراؤون والهمازون واللمازون والطاعنون على السلف والذين يأتون الكهنة والمنجمين و العرافين فيسألونهم ويصدقونهم وأعوان الظلمة الذين قد باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم
    والذى إذا خوفته بالله وذكرته به لم يرعو و لم ينزجر فاذا خوفته بمخلوق مثله خاف و ارعوى وكف عما هو فيه و الذى يهدى بكلام الله ورسوله فلا يهتدى ولا يرفع به رأسا فاذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطىء عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه
    والذى يقرأ عليه القرآن فلا يؤثر فيه و ربما استثقل به فاذا سمع قرآن الشيطان و رقية الزنا ومادة النفاق طاب سره و تواجد و هاج من قلبه دواعى الطرب و ود أن المغنى لا يسكت
    و الذى يحلف بالله و يكذب فاذا حلف بالبندق أو برئ من شيخه أو قريبه أو سراويل الفتوة أو حياة من يحبه و يعظمه من المخلوقين لم يكذب و لو هدد وعوقب
    و الذى يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين اخوانه وأضرابه و هو المجاهر
    والذى لا تأمنه على مالك وحرمتك
    و الفاحش اللسان البذىء الذى تركه الخلق اتقاء شره و فحشه
    والذى يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها و ينقرها ولا يذكر الله فيها إلا قليلا و لا يؤدى زكاة ماله طيبة بها نفسه ولا يحج مع قدرته على الحج ولا يؤدى ما عليه من الحقوق مع قدرته عليها ولا يتورع من لحظة ولا لفظة ولا أكلة ولا خطوة و لا يبإلى بما حصل من المال من حلال أو حرام و لا يصل رحمه و لا يرحم المسكين و لا الأرملة و لا اليتيم ولا الحيوان البهيم بل يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين و يرائى للعالمين و يمنع الماعون و يشتغل بعيوب الناس عن عيبه و بذنوبهم عن ذنبه
    فكل هؤلاء و مثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها وقلتها وصغيرها وكبيرها




    و لما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين و الفائز منهم قليل
    فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب
    ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات وفي باطنها الدواهى والبليات تغلى بالحسرات كما تغلى القدور بما فيها
    ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها و أمانيها تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالا و نادت يا عمار الدنيا لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا وخربتم دارا أنتم مسرعونى إليها انتقالا
    عمرتم بيوتا لغيركم منافعها وسكناها وخربتم بيوتا ليس لكم مساكن سواها
    هذه دار الاستباق ومستودع الاعمال وبذر الزرع وهذه محل للعبر رياض من رياض الجنة أو حفر من حفر النار
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    قال رجل لأبي الدرداء : « كنا نأخذ القليل من المال ينفعنا ونعرف فيه البركة ، وإنا نأخذ اليوم الكثير من المال فلم نجده ينفعنا ولا نعرف فيه البركة ؟
    فقال أبو الدرداء : ذلك مال جمع من الغلول يعني الظلم »


    قال الحسن : « إن الفتنة و الله ما هي إلا عقوبة من الله عز و جل تحل بالناس »


    عن مالك بن دينار ، قال : « قرأت في الحكمة أن الله تبارك وتعالى يقول : أنا ملك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، و من عصاني جعلتهم عليه نقمة ، و لا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم »


    قال مالك بن دينار سمعت الحجاج ، يقول : « اعلموا أنكم كلما أحدثتم ذنبا أحدث الله عز وجل من سلطانكم عقوبة »


    قيل للحجاج : إنك تفعل وتفعل ؟
    قال : أنا نقمة بعثت على أهل العراق »


    قال الحسن « إن الحجاج عقوبة من الله عز وجل لم تك ؛ فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف ، ولكن استقبلوها بتوبة وتضرع و استكانة ، وتوبوا تكفوه »


    « مر الأعمش على صناع القدور فقال : انظروا إلى أبناء الأنبياء ما صيرتهم المعاصي »


    قال الحسن : إذا رأيت في ولدك ما تكره ، فاعتب ربك ، فإنما هو شيء يراد به أنت


    قال خطاب العابد : « إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله عز وجل ، فيجيء إخوانه ، فيرون أثر ذلك عليه »


    إن الرجل ليذنب الذنب في السر ، فيصبح وعليه مذلته


    قال محمد بن واسع : « الذنب على الذنب يميت القلب »


    قال : مالك بن دينار : « إن الله عز وجل إذا غضب على قوم سلط عليهم صبيانهم »


    قال الأوزاعي : « إن أول ما استنكر الناس من أمر دينهم لعب الصبيان في المساجد »


    قال داود بن أبي هند : « ما نزل بلاء إلا نزلت معه رحمة ، فيكون ناس في الرحمة ، وناس في البلاء »


    قال مكحول ، : « رأيت رجلا يبكي في صلاته ، فاتهمته بالرياء ، فحرمت البكاء سنة »


    قال إبراهيم : « إني لآخذ نفسي تحدثني بالسر ، فما يمنعني أن أتكلم إلا مخافة أن أبتلى به »


    العقوبات/ ابن أبي الدنيا


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    من روائع ابن الجوزي:


    كم من يوم قطعته بالتسويف؟ وكم من سبب أضعت فيه التكليف، وكم أذن سمّاعة لا يزجرها التخويف؟.


    كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو.


    كم من عالم جمع كتباً كثيرة ما انتفع بها.
    وكم من منتفع ما عنده عشرة أجزاء، وكم من طيب العيش لا يملك دينارين.
    وكم من ذي قناطير منغص.


    كم من نظرة تحلو في العاجلة، ومرارتها لا تطاق في العاقبة الآجلة و كم من نظرة محتقرة زلت بها الأقدام.


    عبد الله بن سهل الرازي قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول: كم من مستغفر ممقوت وساكت مرحوم. ثم قال يحيى: هذا أستغفر الله وقلبه فاجر، وهذا سكت وقلبه ذاكر.


    كم من رجل يرى أنه قد أصلح شأنه، قد أصلح قربانه، قد أصلح همته، قد أصلح عمله، يجمع ذلك يوم القيامة ثم يضرب به وجهه.


    كم من مذكر بالله ناس لله، وكم من مخوف بالله جريء على الله وكم من داع إلى الله فار من الله. وكم تال لكتاب الله منسلخ من آيات الله.


    كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وراج غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.


    كم من موعظة تعيها وكأنك ما سمعتها و كم من ذنوب تعيب غيرك بها أنت صنعتها وكم أمرتك النفس بما يؤذي فأطعتها يا موافقا لنفسه آذيتها خالفها وقد نفعتها


    كم من شهوة ذهبت لذتها وبقيت تبعتها


    كم من قائم لله تعالى في هذا الليل قد اغتبط بقيامه في ظلمة حفرته وكم من نائم قد ندم على طول نومه


    كم من جواد بلا حمار ومن حمار على حمار !!
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي


    ما جاء من المواعظ على صيغة( يا ابن آدم)


    يا ابن آدم، لم تحرّض الناس على الخير، وتدع ذلك من نفسك؟
    يا ابن آدم، لم تذكّر الناس وتنسى نفسك؟
    يا ابن آدم، لم تدعوني وتفرّ مني؟
    ان كان كما تقول، فاحبس لسانك، واذكر خطيئتك، واقعد في بيتك.


    يا ابن آدم، هبطت صحيفتك، ووكّل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فالذي عن يمينك يكتب حسناتك، والذي عن يسارك يكتب سيئاتك
    اعمل ما شئت، و أقلل أو أكثر، حتى إذا فارقت الدنيا، طويت صحيفتك، وعلّقت في عنقك، فإذا كان يوم القيامة، أخرجت وقيل لك:{ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الاسراء 14.
    يا أخي، عدل و الله عليك من جعلك حسيب نفسك.
    يا ابن آدم، اعلم أنك تموت وحدك، و تدخل قبرك وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.


    يا ابن آدم، انّ لك عاجلا و عاقبة، فلا تؤثر عاجلتك على عاقبتك، فقد، والله، رأيت أقواما آثروا عاجلتهم على عاقبتهم، فهلكوا وذلوا وافتضحوا.
    يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا.
    يا ابن آدم، لا يضرّك ما أصابك منشدة الدنيا إذا ادّخر لك خير الآخرة، وهل ينفعك ما أصبت من رخائها إذا حرمت من خير الآخرة.
    يا ابن آدم، الدنيا مطيّة، ان ركبتها حملتك، وان حملتها قتلتك.
    يا ابن آدم: انك مرتهن بعملك، وآت على أجلك، ومعروض على ربك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، وعند لموت يأتيك الخبر.
    يا ابن آدم: لا تعلق قلبك بالدنيا فتعلقه بشر متعلق، حسبك أيها المرء ما بلّغك المحل.


    يا ابن آدم، ما تصنع بالدنيا؟ حلالها حساب، وحرامها عقاب".


    يا ابن آدم، ما لك تأسف على مفقود لا يرده عليك الفوت؟ وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟


    مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب - يا ابن آدم لا يزال دينك متمزقاً ما دام قلبك بحب الدنيا متعلقاً.


    من مثلك يا ابن آدم؟ خلي بينك وبين المحراب والماء. كلما شئت دخلت على الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان.


    يا ابن ادم انه قد ذهب منك ما لا يرجع اليك واقام معك ما سيذهب.


    يا ابن ادم مضت لنا اصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد اصله.


    يا ابن آدم لقد خلقت لأمر عظيم لو كنت تعقل لظهر قنوعك و لبان خشوعك وثارت دموعك خوفا من القبر و وحشته و من اللحد وضغطته ومن هول المطلع وروعته


    اعلم يا مسكين أن المنية خير من الحياة الدنية يا ابن آدم الرقاد و الله تحت التراب خير لمعصيتك لرب الأرباب


    يا ابن آدم تطلب موعظة ساعة وتقيم على الذنب سنة


    يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل وحزنها في غد طويل


    يا ابن آدم أنت بين ذنب لا تدري أغفر؟ وحسنة لا تدري أقبلت؟ فأين الانزعاج؟


    يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا.


    يا ابن آدم، لا يضرّك ما أصابك في الدنيا إذا ادّخر لك خير الآخرة، وهل ينفعك ما أصبت من رخائها إذا حرمت من خير الآخرة.


    يا ابن آدم، الدنيا مطيّة، ان ركبتها حملتك، وان حملتها قتلتك.
    يا ابن آدم: انك مرتهن بعملك، وآت على أجلك، و معروض على ربك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، وعد لموت يأتيك الخبر.
    يا ابن آدم: لا تعلق قلبك بالدنيا فتعلقه بشر متعلق، حسبك أيها المرء ما بلّغك المحل.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    60 موعظة قصيرة لابن الجوزي




    1- اخواني : الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى ، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .


    2- يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ، يا اسير المعاصي إبك على الذنوب الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟


    3- أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور .


    4- اذكر اسم من إذا اطعته افادك ، و إذا اتيته شاكراً زادك ، و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك


    5- أيها الغافل ما عندك خبر منه ! فما تعرف من نفسك إلا ان تجوع فتاكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !


    6- واعجباً لك ! لو رايت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب ، و انت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف اعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !


    7- يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت ! اما علمت ان النار للعصاة خلقت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة تطفيها .


    8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ، تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .


    9- يا مُطالباً باعماله ، يا مسؤلاً عن افعاله ، يا مكتوباً عليه جميع أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب !


    10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد


    11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم


    12- من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .


    13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية ، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على العافية .


    14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من اين اقبلت ؟ قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل ادركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! انت تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .


    15- يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه .


    16- كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام


    17- ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في كسب الحطام .


    18- أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت في السحر دموعاً سائلة .


    19- تحب اولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و اخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، و استغفر لهما و اقض عنهما الدين


    20- من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ، و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً لك كيف تكون ، و اهوال القبر لا تطاق .


    21- كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من وعيد يخرق الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل اعمانا .


    22- يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما دام المؤمن في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور


    23- انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج اهل الدار بالبكاء فسالوه عن حاله فقال : ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء


    24- يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ، إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش ، و كيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .


    25- ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل الكفة لا القشر


    26- رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما تمكن و ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها و ندبت .


    27- يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا مصيبة كموت القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .


    28- إلى كم اعمالك كلها قباح ، اين الجد إلى كم مزاح ، كثر الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأرواح الأجساد إما في غدو و إما في رواح ، و سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك ام الأمر مزاح


    29- فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ، فما صدق صادق فرُد ، و لا اتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي ؟ و إنما الشان في صدق التوية .


    30- إخواني : الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا هم على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .


    31- النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من صام الهواجر ؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر اللذات ، و كان لم يلتذ من نال الشهوات .


    32- حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت محبسك ؟ قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى يجمعنا يوم


    33- جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .


    34- إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها فلا تُنفر أقصاها بقلة لشكر .


    35- اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى الذرة ، و العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ، ثمار ما قد غرسوه .


    36- يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد حياة القلب .


    37- يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب بالمعاصي أوقاته ، لخليق ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في الدجى هجوعه .


    38- أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .


    39- لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة ، من زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و العلم لا يُدرك إلا بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل .


    40- كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على القلب فأوقد حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .


    41- كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و سنته تهدم عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على موته .


    42- إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و الزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم .


    43- ويحك ! أنت في القبر محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو مجرور ، حزين او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا اللهو و الغرور !


    44- بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من نسي عظمة شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .


    45- يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .


    46- ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن سبيل رشده ، قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد دنا تشتيت عظامه ، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته


    47- يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و تنبه للسعود فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي بالبخس .


    48- عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على الذنوب إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .


    49- كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و التواصي ، و يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في لحاقهم ايها العاصي ، قبل ان تبغتك المنون .


    50- أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا الأجساد يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام ، و اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ، فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .


    51- يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين ما تتركون ، أراكم متوطنين تأمنون المنون


    52- وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ، و من لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار أمامك .
    53- يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من فرح بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى بها .


    54- إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم نظراتها ، و كُف كفها عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في نجاتها .


    55- علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و ما ملكت عبداً إلا ذل .

    56- ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على الكلمة قالها في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من الخير طفيف ، احذر ميزان عدل لا يحيف .


    57- سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟


    58- يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه رعود و تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت .


    59- قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من يرى ، و إذا عزمت فاذكر من يعلم .
    60- قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل .


    61- كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ، و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب .




    المصدر


    http://www.saaid.net/rasael/292.htm
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    إِن الْمَوْت أَمر كبار لمن أنجد وأغار وكأس تدار فِيمَن أَقَامَ أَو سَار وَبَاب تسوقك إِلَيْهِ يَد الأقدار و يزعجك فِيهِ حكم الِاضْطِرَار وَيخرج بك إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار




    وَاعْلَمُوا أَنه لَو لم يكن فِي الْمَوْت إِلَّا الإعدام وانحلال الْأَجْسَام ونسيانك أُخْرَى اللَّيَالِي وَالْأَيَّام لَكَانَ وَالله لأهل اللَّذَّات مكدرا ولأصحاب النَّعيم مغيرا و لأرباب الْعُقُول عَن الرَّغْبَة فِي هَذِه الدَّار زاجرا ومنفرا كَمَا قَالَ مطرف بن عبد الله بن الشخير:
    إِن هَذَا الْمَوْت نغص على أهل النَّعيم نعيمهم فَاطْلُبُوا نعيما لَا موت فِيهِ


    وَاعْلَمُوا رحمكم الله أَن النَّاس فِي ذكر الْمَوْت على ضروب فَمنهمْ المنهمك فِي لذاته المثابر على شهواته المضيع فِيهَا مَالا يرجع من أوقاته لَا يخْطر الْمَوْت لَهُ على بَال وَلَا يحدث نَفسه بِزَوَال قد أطرح أخراه واكب على دُنْيَاهُ وَاتخذ إلهه هَوَاهُ فأصمه ذَلِك وأعماه وأهلكه وأرداه


    فَإِن ذكر لَهُ الْمَوْت نفر وشرد وَإِن وعظ أنف وَبعد وَ قَامَ فِي أمره الأول وَ قعد
    قد حاد عَن سَوَاء نهجه و نكب عَن طَرِيق فلجه وَأَقْبل على بَطْنه وفرجه تبت يَدَاهُ وخاب مسعاه وَكَأَنَّهُ لم يسمع قَول الله عز وَجل (كل نفس ذائقة الْمَوْت)


    ثمَّ رُبمَا أخطر الْمَوْت بخاطره وَجعله من بعض خواطره فَلَا يهيج مِنْهُ إِلَّا غما وَلَا يثير من قلبه إِلَّا حزنا مَخَافَة أَن يقطعهُ عَمَّا يؤمل أَو يفطمه عَن لَذَّة فِي الْمُسْتَقْبل
    وَرُبمَا فر بفكره مِنْهُ وَدفع ذَلِك الخاطر عَنهُ وَيَا ويحه كَأَنَّهُ لم يسمع قَول الله عز وَجل {قل إِن الْمَوْت الَّذِي تفرون مِنْهُ فَإِنَّهُ ملاقيكم} وَلَا قَول الْقَائِل
    فر من الْمَوْت أَو اثْبتْ لَهُ ... لَا بُد من أَنَّك تَلقاهُ
    واكتب بهذي الدَّار مَا شئته ... فَإِن فِي تِلْكَ ستقراه


    وَ كَذَلِكَ من كَانَ قلبه مُتَعَلقا بالدنيا وهمه فِيهَا وَ نَظره مصروفا إِلَيْهَا و سعيه كُله لَهَا وَ هُوَ مَعَ ذَلِك من طلابها المحرومين وأبنائها المكدودين لم ينل مِنْهَا حظا وَ لَا رقى مِنْهَا مرقى وَ لَا نجح لَهُ فِيهَا مسعى
    إِن ذكر لَهُ الْمَوْت تصامم عَن ذكره وَ لم يُمكنهُ من فكره وَ تَمَادَى على أول أمره رَجَاء أَن يبلغ مَا أمل أَو يدْرك بعض مَا تخيل
    فعمره ينقص وحرصه يزِيد وجسمه يخلق وأمله جَدِيد وحتفه قريب ومطلبه بعيد


    يحرص حرص مُقيم و لا يسير إِلَى الْآخِرَة سير مجد كَأَن الدُّنْيَا حق الْيَقِين وَالْآخِرَة ظن من الظنون وَفِي مثل هَذَا قيل:
    أتحرص يَا ابْن آدم حرص بَاقٍ ... وَأَنت تمر وَيحك كل حِين
    وتعمل طول دهرك فِي ظنون ... وَأَنت من الْمنون على يَقِين


    وَ هَذَا إِذا ذكر الْمَوْت أَو ذكر بِهِ لم يخف أَن يقطع عَلَيْهِ مهما من الْأَغْرَاض قد كَانَ حصله وَلَا عَظِيما من الآمال فِي نَفسه قد كَانَ أدْركهُ لِأَنَّهُ لم يصل إِلَيْهِ وَلَا قدر عَلَيْهِ لكنه يخَاف أَن يقطعهُ فِي الْمُسْتَقْبل عَن بُلُوغ أمل يحدث بِهِ نَفسه و يخدع بِهِ حسه وَهُوَ يرى فِيهِ يَوْمه كَمَا قد رأى فِيهِ أمسه
    قد مَلأ قلبه بِتِلْكَ الْأَحَادِيث المشغلة والأماني المرذلة والوساوس المتلفة قد جعلهَا ديدنه وَدينه وإيمانه ويقينه
    وَ رُبمَا ضَاقَ ذرعه بالدنيا وَطَالَ همه فِيهَا من تعذر مُرَاده عَلَيْهِ وَقلة تَأتيه لَهُ فتمنى الْمَوْت إِذْ ذَاك ليستريح بِزَعْمِهِ وَ هَذَا من جَهله بِالْمَوْتِ وَبِمَا بعد الْمَوْت
    وَالَّذِي يستريح بِالْمَوْتِ غَيره وَالَّذِي يفرح بِهِ سواهُ إِنَّمَا الْفَرح من وَرَاء الصِّرَاط والراحة بعد الْمَغْفِرَة


    توفيت امْرَأَة كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمازحونها وَيضْحَكُونَ مَعهَا فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لقد استراحت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا يستريح من غفر لَهُ ذكره أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده


    فَلَا يزَال هَذَا البائس يتَحَمَّل من الدُّنْيَا بؤسها ويتلقى نحوسها و يلبس لكل شدَّة لبوسها وَ هُوَ يتعلل بعسى وَ لَعَلَّ
    وَ يرى جنده الأفل وَحزبه الْأَقَل وناصره الْأَذَل فَلَا يرعوي وَلَا يزدجر وَلَا يفكر وَلَا يعْتَبر وَلَا ينظر وَلَا يستبصر حَتَّى إِذا وَقعت رايته وَقَامَت قِيَامَته وهجمت عَلَيْهِ منيته وأحاطت بِهِ خطيئته فانكشف لَهُ الغطاء وتبدت لَهُ موارد الشَّقَاء صَاح واخيبتاه واثكل أُمَّاهُ واسوء منقلباه


    هَيْهَات هَيْهَات نَدم وَالله حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ النَّدَم وَأَرَادَ التثبيت بَعْدَمَا زلت بِهِ الْقدَم فَخر صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ إِلَى حَيْثُ أَلْقَت رَحلهَا أم قشعم
    فنعوذ بِاللَّه من الحرمان وَمن ضحك الْعَدو وشماتة الشَّيْطَان

    وَ هَذَا وَالَّذِي قبله إِن لم يكن لَهما عناية أزلية وسابقة أولية فَيمسك عَلَيْهِمَا الْإِيمَان وَيخْتم لَهما بِالْإِسْلَامِ وَإِلَّا فقد هلكا كل الْهَلَاك و وقعا بِحَيْثُ لَا دراك وَلَا مخلص وَلَا إنفكاك
    فنعوذ بِاللَّه من سوء الْقَضَاء ودرك الشَّقَاء بفضله وَرَحمته


    وَ رجل آخر وَ قَلِيل مَا هم من أزيل من عينه قذاها وكشف عَن بصيرته عماها وَعرضت عَلَيْهِ الْحَقِيقَة فرآها وَأبْصر نَفسه وهواها فزجرها ونهاها وأبغضها وقلاها
    فلبى الْمُنَادِي وَأجَاب الدَّاعِي وشمر لتلافي مَا فَاتَ وَالنَّظَر فِيمَا هُوَ آتٍ وتأهب لهجوم الْمَمَات وحلول الشتات والانتقال إِلَى محلّة الْأَمْوَات


    وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ يكره الْمَوْت أَن يشْهد وقائعه أَو يرى طلائعه أَو يكون ذَاكِرًا حَدِيثه أَو سامعه وَ لَيْسَ يكره الْمَوْت لذاته وَلَا لِأَنَّهُ هَادِم لذاته وَلَكِن يخَاف أَن يقطعهُ عَن الاستعداد ليَوْم الْمعَاد والاكتساب ليَوْم الْحساب وَيكرهُ أَن تطوى صحيفَة عمله قبل بُلُوغ أمله وَأَن يُبَادر بأجله قبل إصْلَاح خلله وتدارك زلله
    فَهُوَ يُرِيد الْبَقَاء فِي هَذِه الدَّار لقَضَاء هَذِه الأوطار وَالْإِقَامَة بِهَذِهِ الْمحلة بِسَبَب هَذِه الْعلَّة كَمَا روى عَن بعض الْعَالمين وَقد بَكَى عِنْد الْمَوْت فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ :
    وَالله مَا أبكى لفراق هَذِه الدَّار حرصا على غرس الْأَشْجَار وإجراء الْأَنْهَار لَكِن على مَا يفوتني من الادخار ليَوْم الافتقار والاكتساب ليَوْم الْحساب




    وَهَذَا إِذا مَاتَ فيالله دره من ميت مَا أفضل حَيَاته وَأطيب مماته وَأعظم سعادته وَأكْرم وفادته وَأتم سروره وأكمل حبوره


    وَاعْلَم أَن هَذَا لَا يدْخل تَحت قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كره لِقَاء الله كره الله لقاءه لِأَن هَذَا لم يكره لِقَاء الله تَعَالَى لذات اللِّقَاء إِنَّمَا كره أَن يقدم على الله عز وَجل متدنسا بأوضاره ثقيل الظّهْر بأوزاره ملأن من عاره وشناره فَأَرَادَ أَن يتطيب للقاء ويستعد لفصل الْقَضَاء
    قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي قلت لأم هَارُون العابدة أتحبين أَن تموتي؟
    قَالَت لَا
    قلت :وَلم ؟
    قَالَت وَالله لَو عصيت مخلوقا لكرهت لقاءه فَكيف بالخالق جلّ جَلَاله


    وَقَالَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك لأبي حَازِم يَا أَبَا حَازِم مَا لنا نكره الْمَوْت؟
    فَقَالَ لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم أخراكم فَأنْتم تَكْرَهُونَ النقلَة من الْعمرَان إِلَى الخراب
    قَالَ كَيفَ الْقدوم على الله عز وَجل؟
    فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما المحسن فكالغائب يَأْتِي أَهله فَرحا مَسْرُورا وَأما الْمُسِيء فكالعبد الآبق يَأْتِي مَوْلَاهُ خَائفًا مَحْزُونا


    قَالَ أَبُو بكر الكتاني كَانَ رجل يُحَاسب نَفسه فَحسب يَوْمًا سنيه فَوَجَدَهَا سِتِّينَ سنة فَحسب أَيَّامهَا فَوَجَدَهَا وَاحِدًا وَعشْرين ألف يَوْم وَخَمْسمِائة يَوْم فَصَرَخَ صرخة وخر مغشيا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ يَا ويلتاه أَنا آتِي رَبِّي بِوَاحِد وَعشْرين ألف ذَنْب وَخَمْسمِائة ذَنْب
    يَقُول هَذَا لَو كَانَ ذَنْب وَاحِد فِي كل يَوْم فَكيف بذنوب كَثِيرَة لَا تحصى
    ثمَّ قَالَ: آه عَليّ عمرت دنياي وَخَربَتْ أخراي وعصيت مولَايَ ثمَّ لَا أشتهي النقلَة من الْعمرَان إِلَى الخراب وَكَيف أشتهي النقلَة إِلَى دَار الْكتاب والحساب والعتاب وَالْعَذَاب بِلَا عمل وَلَا ثَوَاب




    العاقبة في ذكر الموت/ عبد الحق الأشبيلي


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي


    صفات الزهاد/ من كلام ابن الجوزي:
    رجال قد نحلت مِنْهُم الْأَبدَان وتغيرت مِنْهُم المحاسن والألوان وَخَوف الْعَذَاب والنيران وشوقا إِلَى نعيم الْجنان
    رجال صحبوا الْقُرْآن بِحسن الْعَمَل وَلم يغتروا بطول الأمل ونصبوا لأعينهم تقريب الْأَجَل وسمت هممهم إِلَى الرفيع من الْمحل واشتاقت نُفُوسهم إِلَى الْملك الْأَعْلَى الْأَجَل فَلَو رَأَيْتهمْ لرأيت قوما يَتلون كتاب الله بشفاه ذابلة ودموع وابلة وزفرات قاتلة وأجسام ناحلة وعقول زائلة وخواطر فِي عَظمته جلّ جَلَاله جائلة


    رجال الْمَسَاجِد مأواهم وَالله جلّ جَلَاله معبودهم ومولاهم تركُوا الْمعاصِي خوفًا من الْحساب وَالسُّؤَال وَبَادرُوا إِلَى الطَّاعَة وَحسن الْأَعْمَال وتنزهوا عَن الغي وَاللَّهْو والمحال وحادوا عَن طَرِيق كل مطرود بطال وَأَشْفَقُوا من عُقُوبَة ذِي الْمجد والجلال وَعمِلُوا ليَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال




    رجال إِذا نظرُوا اعتبروا وَإِذا سكتوا تَفَكَّرُوا وَإِذا ابتلوا استرجعوا وَإِذا جهل عَلَيْهِم حلموا وَإِذا علمُوا تواضعوا وَإِذا عمِلُوا رفقوا وَإِذا سئلوا بذلوا عونا للوارد وتفضيلا للقاصد حلفاء صدق وكهوف ودق قد عمِلُوا بِالسنةِ وَالْكتاب ونطقوا بالحكمة وَالصَّوَاب وحاسبوا أنفسهم قبل يَوْم الْحساب وخافوا من عُقُوبَة رب الأرباب
    رجال لزموا الْبكاء والعويل وَرَضوا من الدُّنْيَا بِالْقَلِيلِ فأزمعوا إِلَى الْآخِرَة التَّحْوِيل وَرَغبُوا فِي ثَوَاب الْملك الْجَلِيل وحنوا إِلَى النَّعيم الدَّائِم الجزيل وتمسكوا بِالسنةِ والتنزيل وَمنعُوا أنفسهم التسويف وَالتَّعْلِيل وَأَشْفَقُوا من هول الْيَوْم العبوس الثقيل الهائل المنظر الطَّوِيل




    رجال جالت قُلُوبهم فِي الملكوت رجال تَفَكَّرُوا فِي العظمة والجبروت رجال استقاموا على عبَادَة الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت رجال خطرت على قُلُوبهم الأشجان وأتعبوا النُّفُوس والأبدان وتسربلوا الْخَوْف وَالْأَحْزَان وَأَقْبلُوا على مَوْلَاهُم كورود الظمآن
    شربوا بكأس الزلَال مَعَ الْيَمين وتأسوا بِسَيِّد الْمُرْسلين وَعمِلُوا أَعمال الصَّالِحين وأتبعوا سيرة الْمُؤمنِينَ واستقاموا على طَرِيق الْهدى وَالدّين
    رجال شربوا بكأس الوداد وَالْحب فكشف لَهُم حجب الْغَيْب وَغفر لَهُم مَا عمِلُوا من ذَنْب فأشعلوا فِي قُلُوبهم نيران خوف الْملك الرب
    رجال أقلقهم خوف الْوَعيد وأنحل أجسامهم التفكر الشَّديد رجال تجنبوا الْفَوَاحِش والآثام ولذيذ الشَّرَاب وَالطَّعَام
    رجال ليلهم قيام ونهارهم صِيَام يطْلبُونَ رضَا ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام
    رجال كحلوا أَعينهم بالسهر وغضوها عَمَّا لَا يحل من النّظر وشغلوا خواطرهم بالفكر وأشغلوا قُلُوبهم بالعبر
    رجال أزعجوا أنفسهم عَن الأوطان ولزموا مَسَاجِد الْملك الرَّحْمَن وجالت قُلُوبهم فِي عُلُوم الْقُرْآن وَمَا واعدهم وتواعدهم بِهِ الْمَاجِد الديَّان


    رجال تحولوا عَن الدُّنْيَا تحويلا وبدلوها تبديلا وَلم يشتروا بِعَهْد الله ثمنا قَلِيلا وَعَلمُوا أَن وَرَاءَهُمْ يَوْمًا عبوسا هائلا ثقيلا وَأَن أمامهم من الْمَوْت خطبا جَلِيلًا وبدلت عيونهم وَقُلُوبهمْ بكاء ونوحا وعويلا حِين سمعُوا مَوْلَاهُم يَقُول {كَانَ وعده مَفْعُولا} المزمل 18


    رجال قطعُوا الْأَيَّام والليالي بالتفكير وخافوا من هول يَوْم عبوس قمطرير وجالت قُلُوبهم خوف الْعلي الْكَبِير فعما قَلِيل ينجون من الْفَزع الهائل الخطير ويجاورون السَّيِّد النذير البشير فِي جنَّة لَيْسَ فِيهَا شمس وَلَا زمهرير


    رجال اطمأنت قُلُوبهم بِذكر الرَّحْمَن ولزموا الطَّاعَة وتجنبوا الْعِصْيَان وحفظوا ألسنتهم من الْعَيْبة والبهتان وَاتبعُوا السّنة وَأَحْكَام الْقُرْآن وَلم يقبلُوا من خدع الْعَدو الشَّيْطَان وطلبوا الزِّيَادَة وَلم يرْضوا بِالنُّقْصَانِ فأثابهم الْجَبَّار بجنة الرضْوَان ومتعهم بالحور الغنجات الحسان كأنهن الْيَاقُوت والمرجان فَأخْبرنَا الْجَلِيل جلّ جَلَاله فِي مُحكم الْقُرْآن عَمَّا أَتَاهُم بِهِ من الْجُود والامتنان فَقَالَ تَعَالَى {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} الرَّحْمَن 60


    فالإحسان من العَبْد فِي الدُّنْيَا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْإِحْسَان من الله فِي الْآخِرَة الْجنَّة
    فَمن أحسن الرِّضَا عَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ جازاه الله بِالرِّضَا عَنهُ فقابل الرِّضَا بِالرِّضَا وَهَذَا غَايَة الْجَزَاء وَنِهَايَة الْعَطاء
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    عباد الله يَنْبَغِي لمن أصبح صَائِما أَن يَقُول لِلِسَانِهِ إِنَّك الْيَوْم صَائِم من الْكَذِب والنميمة وَقَول الزُّور وَالْبَاطِل والغيبة
    و لعينيه إنَّكُمَا الْيَوْم صائمتان عَن النّظر إِلَى مَا لَا يحل لَكمَا
    و للأذنين إنَّكُمَا الْيَوْم صائمتان من الِاسْتِمَاع إِلَى مَا يكره رَبكُمَا
    و لليدين إنَّكُمَا الْيَوْم صائمتان من الْبَطْش فِيمَا حرم عَلَيْكُمَا من الْغِشّ فِي البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء
    وللبطن إِنَّك الْيَوْم صَائِمَة عَن الْمطعم فانظري على مَاذَا تفطري و تجنبي الْمطعم الْخَبيث الَّذِي تدعين إِلَيْهِ فَإِن الله طيب وَلَا يقبل إِلَّا الطّيب
    و للقدمين إنَّكُمَا الْيَوْم صائمتان من السَّعْي إِلَى مَا يكْتب عَلَيْكُمَا وزره وَ يبقى قبلكما تبعته وإثمه
    وَمن وقف لهَذَا وصبر عَلَيْهِ فقد أوفى بِعَهْد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
    و هَكَذَا كلما أصبح صباح أَو أقبل مسَاء وفقنا الله وَإِيَّاكُم لاستعمال ذَلِك وَأَمْثَاله بتوبة صَادِقَة مخلصة عاجلة بكرمه
    فَالله الله عباد الله امتثلوا فِي هَذَا الشَّهْر المكرم وَفِي غَيره لأوامر الله تَعَالَى وانتهوا عَن نواهيه


    فافق يَا ذَا الغي والمحال واستيقظ يَا ذَا السَّهْو والإغفال وانتبه من السكرات الطوَال
    أترضى يَا مِسْكين أَن يرد صومك فِي وَجهك من غير قبُول من الله؟
    أتستحسن أَن تكون جائعا عطشان وَلَيْسَ لَك جاه عِنْد الله ؟
    أَيْن النِّيَّة الْمُجَرَّدَة؟ أَيْن التَّوْبَة المجددة؟ أَيْن الندامة الْمُؤَكّدَة؟ أَيْن الْحَلَال من الطَّعَام؟
    أَيْن اجْتِنَاب الطعمة الْحَرَام ؟أَيْن حجر الأوزار والآثام؟ أَيْن الرَّحْمَة لِذَوي الْفقر والضعفاء والأيتام؟
    أَيْن الْإِخْلَاص للْملك العلام؟ أَيْن الْتِزَام شَرِيعَة الْإِسْلَام؟ أَيْن الأسوة بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟


    انْظُر يَا مِسْكين إِذا قطعت نهارك بالعطش والجوع وأحييت ليلك بطول السُّجُود الرُّكُوع إِنَّك فِيمَا تظن صَائِم وَأَنت فِي جهالتك جازم وَفِي صَلَاتك دَائِم وَفِي بحار سكراتك هائم
    أَيْن أَنْت من التَّوَاضُع والخشوع ؟أَيْن أَنْت من الذلة لمولاك والخضوع؟
    أتحسب أَنَّك عِنْد الله من أهل الصّيام والأمان الفائزين فِي شهر رَمَضَان ؟
    كلا وَالله حَتَّى تخلص النِّيَّة وتجردها وتطهر الطوية وتجودها
    وتجتنب الْأَعْمَال الدنية وَلَا تردها وتكثر الْبكاء وَالْحَسْرَة وتسيل الدُّمُوع وَالْعبْرَة وَتلْزم الفكرة وَالْعبْرَة وتسأل مَوْلَاك إقَالَة العثرة
    فَحِينَئِذٍ يكون صيامك لَك من الذُّنُوب شِفَاء وَمن الْعُيُوب ستْرَة وجلبابا
    أَيْن الصائمون ؟أَيْن القائمون ؟أَيْن الطائعون؟ أَيْن الْعَامِلُونَ ؟
    أَيْن السَّابِقُونَ ؟أَيْن الخاشعون؟ أَيْن الذاكرون؟ أَيْن القانتون ؟أَيْن الصادقون؟ أَيْن الصَّابِرُونَ ؟أَيْن المتصدقون؟ أَيْن الآمرون بِالْمَعْرُوفِ؟ أَيْن المغيثون الملهوف؟ أَيْن الناهون عَن الْمُنكر؟ أَيْن المستشعرون للفكر ؟
    أَيْن السامعون للعبر ؟
    بادوا وَالله مَعَ الصَّالِحين وانقلبوا مَعَ الْمُؤمنِينَ ونزلوا مَعَ النَّبِيين وَسَكنُوا مَعَ الصديقين وَبَقينَا وَالله مَعَ الْجَاهِلين وسكنا مَعَ الْفَاسِقين وتأسينا بالغافلين واصطلحنا على مَعْصِيّة رب بالعالمين
    فصيامك يَا مِسْكين فِي وَجهك مَرْدُود وَأَنت عَن رشدك مغيب مَفْقُود وَعَن صلاحك ونجاحك غير مَوْجُود
    وَأَنت عَن بَاب مَوْلَاك مبعد مطرود وأعمالك بِالْفِسْقِ مَوْصُولَة وجوارحك للعصيان مبذولة وألفاظك فِي الْغَيْبَة مجعولة وعزيمتك للطاعة محلولة وعبادتك فِي هَذَا الشَّهْر غير مَقْبُولَة وفرائض مَوْلَاك بِالْمَعَاصِي مهمولة
    بستان الوعظين/ ابن الجوزي


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  18. #98
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي




    موعظة أب لابنه من كتاب الزهد والرقائق لابن المبارك


    قال عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، لِابْنِهِ: " يَا بُنَيَّ، كُنْ مِمَّنْ نَأْيُهُ عَمَّنْ نَأَى عَنْهُ يَقِينٌ وَنَزَاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ، لَيْسَ نَأْيُهُ بِكِبْرٍ، وَلَا عَظَمَةٍ، وَلَا دُنُوُّهُ بِخَدْعٍ، وَلَا خِلَابَةٍ، يَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَهُ، فَهُوَ إِمَامٌ لِمَنْ بَعْدَهُ
    وَلَا يَعْجَلُ فِيمَا رَابَهُ، وَيَعْفُو إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ، يُغْمِضُ فِي الَّذِي لَهُ، وَيَزِيدُ فِي الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ
    لَا يَعْزُبُ حِلْمُهُ، وَلَا يَحْضُرُ جَهْلُهُ، الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ، إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ، وَاسْتَغْفَرَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ، لَا يَغُرُّهُ ثَنَاءُ مَنْ جَهِلَهُ، وَلَا يَنْسَى إِحْصَاءَ مَنْ عَلِمَهُ، يَقُولُ: رَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِي مِنْ غَيْرِي، فَهُوَ يَسْتَبْطِئُ نَفْسَهُ فِي الْعَمَلِ، وَيَأْتِي مَا أَتَى مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَلَى وَجَلٍ


    إِنْ عَصَتْهُ نَفْسُهُ فِيمَا كَرِهَتْ لَمْ يُطِعْهَا فِيمَا أَحَبَّتْهُ، يَبِيتُ وَهُوَ يَذْكُرُ، وَيُصْبِحُ وَهِمَّتُهُ أَنْ يَشْكُرَ، يَبِيتُ حَذِرًا، وَيُصْبِحُ فَرِحًا، حَذِرًا لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، فَرِحًا لِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ


    لَا يُحَدِّثُ أَمَانَتَهُ الْأَصْدِقَاءَ، وَلَا يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ الْأَعْدَاءَ، وَلَا يَعْمَلُ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ رِيَاءً، وَلَا يَدَعُ شَيْئًا مِنْهُ حَيَاءً


    إِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ؛ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ حِينَ لَا يَذْكُرُونَ، وَلَا يَغْفُلُ حِينَ يَذْكُرُونَ
    زَهَادَتُهُ فِيمَا يَنْفَدُ، وَرَغْبَتُهُ فِيمَا يَخْلُدُ، فَيَصْمُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ، وَيَنْطِقُ لِيُفْهِمَ، وَيُخَالِطُ لِيَعْلَمَ، وَلَا يَنْصِبُ لِلْخَيْرِ وَهُوَ يَسْهُو، وَلَا يَسْتَمِعُ لَهُ وَهُوَ يَلْغُو
    مَجَالِسُ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَجَالِسِ اللَّغْوِ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ


    وَلَا تَكُنْ يَا بُنَيَّ، مِمَّنْ يَعْجَبُ بِالْيَقِينِ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا ذَهَبَ، وَيَنْسَى الْيَقِينَ فِيمَا رَجَا وَطَلَبَ، يَقُولُ فِيمَا ذَهَبَ: لَوْ قُدِّرَ شَيْءٌ كَانَ، وَيَقُولُ فِيمَا بَقِيَ: ابْتَغِ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ
    شَاخِصًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ، لَا يَثِقُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا قَدْ تُضُمِّنَ لَهُ، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَلَا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ، يَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ، وَيَعْمَلُ فِي الْمَعْصِيَةِ
    كَانَ فِي أَوَّلِ عُمُرِهِ فِي غَفْلَةٍ وَغِرَّةٍ، ثُمَّ أُبْقِيَ، وَأُقِيلَ الْعَثْرَةَ، فَإِذَا هُوَ فِي آخِرِهِ كَسِلٌ ذُو فَتْرَةٍ، طَالَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ فَفَتَرَ، وَطَالَ عَلَيْهِ الْأَمَدُ فَاغْتَرَّ، وَأُعْذِرَ إِلَيْهِ فِيمَا عُمِّرَ، وَلَيْسَ فِيمَا عُمِّرَ بِمُعْذَرٍ، عُمِّرَ فِيمَا يُتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ، وَهُوَ مِنَ الذَّنْبِ وَالنِّعْمَةِ مُوقَرٌ


    إِنْ أُعْطِيَ لَمْ يَشْكُرْ، وَإِنْ مُنِعَ قَالَ: لِمَ لَمْ يُقَدَّرْ، أَسَاءَ الْعَبْدُ وَاسْتَكْبَرَ، اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُشْكَرَ، وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ لَا يُعْذَرَ


    يَتَكَلَّفُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ، وَيُضَيِّعُ مَا هُوَ أَكْبَرُ، يَسْأَلُ الْكَثِيرَ، وَيُنْفِقُ الْيَسِيرَ، فَأُعْطِيَ مَا يَكْفِي، وَمُنِعَ مَا يُلْهِي، فَلَيْسَ يَرَى شَيْئًا يُغْنِي، إِلَّا غِنَاءً يُطْغِي
    يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُعْطِيَ، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ، يَسْتَبْطِئُ نَفْسَهُ فِي شُكْرِ مَا أُوتِيَ، وَيَنْسَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ فِيمَا وُقِيَ، يَنْهَى وَلَا يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ بِمَا لَا يَأْتِي، يَهْلَكُ فِي بُغْضِهِ، وَلَا يَقْصِدُ فِي حُبِّهِ، يَغُرُّهُ مِنْ نَفْسِهِ حُبُّهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَيَبْغَضُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِثْلَهُ


    يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيَبْغَضُ الْمُسِيئِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، يَرْجُو الْأَجْرَ فِي بُغْضِهِ عَلَى ظَنِّهِ، وَلَا يَخْشَى الْمَقْتَ فِي الْيَقِينِ مِنْ نَفْسِهِ، لَا يَقْدِرُ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَا يَهْوَى، وَلَا يَقْبَلُ مِنَ الْآخِرَةِ مَا يَبْقَى، إِنْ عُوفِيَ حَسِبَ أَنَّهُ قَدْ تَابَ، وَإِنِ ابْتُلِيَ عَادَ
    إِنْ عُرِضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ قَالَ: يَكْفِيكَ الْعَمَلُ فَوَقَعَ، وَإِنْ عُرِضَ لَهُ الْعَمَلُ كَسِلَ فَفَتَرَ، وَقَالَ: يَكْفِيكَ الْوَرَعُ
    لَا يُذْهِبُهُ مَخَافَتُهُ الْكَسَلَ، وَلَا تَبْعَثُهُ رَغْبَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ، مَرِضَ وَهُوَ لَا يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ، ثُمَّ يُؤَخَّرُ وَهُوَ يَخْشَى أَنْ يُقْبَرَ، ثُمَّ لَا يَسْعَى فِيمَا لَهُ خُلِقَ يَزْعُمُ إِنَّمَا تُكُفِّلَ لَهُ بِهِ الرِّزْقُ، يُشْغَلُ عَمَّا فَرَغَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ، يَخْشَى الْخَلْقَ فِي رَبِّهِ، وَلَا يَخْشَى الرَّبَّ فِي خَلْقِهِ، يَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُعِيذَ بِاللَّهِ مِمَّنْ هُوَ تَحْتَهُ، يَخْشَى الْمَوْتَ وَلَا يَرْجُو الْفَوْتَ، ثُمَّ يَأْمَنُ مَا يُخْشَى، وَقَدْ أَيْقَنَ بِهِ، وَلَا يَأْيَسْ مِمَّا يَرْجُو، وَقَدْ أُوئِسَ مِنْهُ


    يَرْجُو نَفْعَ عِلْمٍ لَا يَعْمَلُ بِهِ، وَيَأْمَنُ ضَرَّ جَهْلٍ قَدْ أَيْقَنَ بِهِ، يَضْجَرُ مِمَّنْ تَحْتَهُ مِنَ الْخَلْقِ، وَيَنْسَى مَا عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، إِنْ ذُكِرَ الْيَقِينُ قَالَ: مَا هَكَذَا كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَا تَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِمْ؟ قَالَ: مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُمْ، كَأَنَّ النَّقْصَ لَمْ يُصِبْهُ مَعَهُمْ، يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ مَا يُيَسَّرُ مِنْ عَمَلِهِ، تُبَصِّرُهُ الْعَوْرَةُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَغْفَلُهَا مِنْ نَفْسِهِ، وَيَلِينُ لِيُحْسَبَ أَنَّ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَهُوَ يَرْصُدُ الْخِيَانَةَ، يَسْتَعْجِلُ بِالسَّيِّئَةِ وَهُوَ فِي الْحَسَنَةِ ، خُفِّفَ عَلَيْهِ الشِّعْرُ، وَثَقُلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ، وَاللَّغْوُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ


    يُعَجِّلُ النَّوْمَ، وَيُؤَخِّرُ الصَّوْمَ، فَلَا يَبِيتُ قَائِمًا، وَلَا يُصْبِحُ صَائِمًا، يُصْبِحُ وَهَمُّهُ التَّصَبُّحُ مِنَ النَّوْمِ، وَلَمْ يَسْهَرْ، وَيُمْسِي وَهَمُّهُ الْعَشَاءُ وَهُوَ مُفْطِرٌ، إِنْ صَلَّى اعْتَرَضَ، وَإِنْ رَكَعَ رَبَضَ، وَإِنْ سَجَدَ نَقَرَ، وَإِنْ جَلَسَ شَغَرَ، وَإِنْ سَأَلَ أَلْحَفَ، وَإِنْ سُئِلَ سَوَّفَ، وَإِنْ حَدَّثَ حَلَفَ، وَإِنْ حَلَفَ حَنِثَ، وَإِنْ وُعِظَ كَلَحَ، وَإِنْ مُدِحَ فَرَجَ، طَلَبُهُ شَرٌّ، وَتَرْكُهُ وِزْرٌ، لَيْسَ لَهُ فِي نَفْسِهِ عَنْ عَيْبِ النَّاسِ شُغْلٌ، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْإِحْسَانِ فَضْلٌ، يَمِيلُ لَهَا، وَيُحِبُّ لَهَا مِنْهُمُ الْعَدْلَ، يَرَى لَهُ فِي الْعَدْلِ سَعَةً، وَيَرَى عَلَيْهِ فِيهِ مَنْقَصَةً


    أَهْلُ الْخِيَانَةِ لَهُ بِطَانَةٌ، وَأَهْلُ الْأَمَانَةِ لَهُ عِلَاوَةٌ، ثُمَّ يَعْجَبُ مِنْ أَنْ يَفْشُوَ سِرُّهُ، وَلَا يَشْعُرُ مِنْ أَيْنَ جَاءَ ضُرُّهُ، إِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُسْمِعْ، وَإِنْ أَسْمَعَ لَمْ يَرْجِعْ، يَنْظُرُ نَظَرَ الْحَسُودِ، وَيُعْرِضُ إِعْرَاضَ الْحَقُودِ، وَيَسْخَرُ بِالْمُقْبِلِ، وَيَأْكُلُ الْمُدْبِرَ، وَيُرْضِي الشَّاهِدَ، وَيُسْخِطُ الْغَائِبَ، وَيُرْضِي الشَّاهِدَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَيُسْخِطُ الْغَائِبَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِيهِ، مَنِ اشْتَهَى زَكَّى، وَمَنْ كَرِهَ قَفَا، جَرَى عَلَى الْخِيَانَةِ، وَبَرِئَ مِنَ الْأَمَانَةِ، مَنْ أَحَبَّ كَذَبَ، وَمَنْ أَبْغَضَ خَلَبَ، يَضْحَكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ، وَيَمْشِي إِلَى غَيْرِ الْأَرَبِ، لَا يَنْجُو مِنْهُ مَنْ جَانَبَ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ مَنْ صَاحَبَ، إِنْ حَدَّثْتَهُ مَلَّكَ، وَإِنْ حَدَّثَكَ غَمَّكَ، وَإِنْ سُؤْتَهُ سَرَّكَ، وَإِنْ سَرَرْتَهُ ضَرَّكَ، وَإِنْ فَارَقَكَ أَكَلَكَ، وَإِنْ بَاطَنْتَهُ فَجَعَكَ، وَإِنْ بَاعَدْتَهُ بَهَتَكَ، وَإِنْ وَافَقْتَهُ حَسَدَكَ، وَإِنْ خَالَفْتَهُ مَقَتَكَ، يَحْسُدُ أَنْ يُفْضَلَ، وَيَزْهَدُ أَنْ يُفْضِلَ، يَحْسُدُ مَنْ فَضَلَهُ، وَيَزْهَدُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَيَعْجِزُ عَنْ مُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَيُفْرِطُ فِيمَنْ بَغَى عَلَيْهِ، لَهُ الْفَضْلُ فِي الشَّرِّ، وَعَلَيْهِ الْفَضْلُ فِي الْأَجْرِ، فَيُصْبِحُ صَاحِبُهُ فِي أَجْرٍ، وَيُصْبِحُ مِنْهُ فِي وِزْرٍ، إِنْ أُفِيضَ فِي الْخَيْرِ كَزِمَ يَعْنِي سَكَتَ، وَضَعُفَ، وَاسْتَسْلَمَ، وَقَالَ: الصَّمْتُ حِلْمٌ، فَهَذَا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَإِنْ أُفِيضَ فِي الشَّرِّ قَالَ: يُحْسَبُ بِكَ غَيٌّ، فَتَكَلَّمَ فَجَمَعَ بَيْنَ الْأَرْوَى وَالنَّعَامِ، وَبَيْنَ الْخَالِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ، قَالَ: وَلَاءَمَ مَا يَتَلَاءَمُ لَهُ، لَا يُنْصِتُ فَيَسْلَمَ، وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا لَا يَعْلَمُ، يَخَافُ زَعْمَ أَنْ يُتَّهَمَ، وَنَهْمَتَهُ إِذَا تَكَلَّمَ، يَغْلِبُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ، وَلَا يَضْبِطُ قَلْبُهُ قَوْلَهُ، يَتَعَلَّمُ الْمِرَاءَ، وَيَتَفَقَّهُ لِلرِّيَاءِ، وَيُكِنُّ الْكِبْرِيَاءَ، فَيَظْهَرُ مِنْهُ مَا أَخْفَى، وَلَا يَخْفَى مِنْهُ مَا أَبْدَى، يُبَادِرُ مَا يَفْنَى، وَيُوَاكِلُ مَا يَبْقَى، يُبَادِرُ الدُّنْيَا، وَيُوَاكِلُ التَّقْوَى "
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  19. #99
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي




    بادر بالأعمال الصالحة


    طوبى لمن بادر عمره القصير، فعمر به دار المصير، وتهيأ لحساب الناقد البصير قبل فوات القدرة وإعراض النصير
    قال عليه السلام: «بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً؟ أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو موتاً مجهزاً، أو هرماً مفنداً، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر» .


    كان الحسن يقول: عجبت لأقوام أمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل، وجلس أولهم على آخرهم وهم يلعبون.
    وكان يقول: يا بن آدم: السكين تشحذ، والتنور يسجر، والكبش يعتلف.


    وقال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان كسادها، فإنه لو جاء وقت نفاقها لم تصلوا فيها إلى قليل و لا كثير


    وكان عون بن عبد الله يقول:كم مستقبل يوم لا يستكمله، وكم من مؤمل لغد لايدركه، إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره، بغضتم الأمل وغروره.


    وكان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أحدكم درهم لظل يومه يقول: إنا لله، ذهب درهمي وهو يذهب عمره، ولا يقول: ذهب عمري، وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات.


    فقيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنه ما مات حتى سرد الصوم.


    وكانت عائشة رضي الله عنها تسرد، وسرد أبو طلحة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة
    وقال نافع: ما رأيت ابن عمر صائماً في سفره ولا مفطراً في حضره.
    قال سعيد بن المسيب: ماتركت الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة.


    وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في ليلتين.


    وكان الأسود يقوم حتى يخضر ويصفر، وحج ثمانين حجة.


    وقال ثابت البناني: ما تركت في الجامع سادنة إلا وختمت القرآن عندها.


    وقيل لعمرو بن هانيء: لا نرى لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم؟ قال: مائة ألف، إلا ما تخطيء الأصابع.


    وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة وقام ليلها، وكان الليل كله يبكي فتقول له أمه: يا بني قتلت قتيلاً، فيقول: أنا أعلم بما صنعت نفسي.


    قال الجماني: لما حضرت أبو بكر بن عياش الوفاة بكت أخته، فقال: لا تبك، وأشار إلى زاوية في البيت، إنه قد ختم أخوك في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة.
    قال الربيع: وكان الشافعي رضي الله عنه يقرأ في كل شهر ثلاثين ختمة، وفي كل شهر رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلوات، واعلم أن الراحة لا تنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تنال بالفتور، ومن زرع حصد، ومن جد وجد.


    لله در أقوام شغلهم تحصيل زادهم، عن أهاليهم و أولادهم، ومال بهم ذكر المآل عن المال في معادهم، و صاحت بهم الدنيا فما أجابوا شغلاً بمرادهم، وتوسدوا أحزانهم بدلاً عن وسادهم، واتخذوا الليل مسلكاً لجهادهم واجتهادهم، وحرسوا جوارحهم من النار عن غيهم و فسادهم، فيا طالب الهوى جز بناديهم ونادهم:


    أحيوا فؤادي ولكنهم ... على صيحة من البين ماتوا جميعاً
    حرموا راحة النوم أجفانهم ... ولفوا على الزفرات الضلوعا
    طوال السواعد شم الأنوف.... فطابوا أصولا وطابوا فروعاً


    أقبلت قلوبهم ترعى حق الحق فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق.
    فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى، والقلوب في رياض الملكوت ترعى، نازلهم الخوف فصاروا والهين، وناجاهم الفكر فعادوا، خائفين، وجن عليهم الليل فباتوا ساهرين، وناداهم منادي الصلاح، حي على الفلاح، فقاموا متجهين، وهبت عليهم ريح الأسحار فتيقظوا مستغفرين، وقطعوا بند المجاهدة فأصبحوا واصلين، فلما رجعوا وقت الفجر بالأجر نادى الفجر يا خيبة النائمين.


    الياقوتة/ مواعظ ابن الجوزي


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  20. #100
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته؛ فإنه ينتبه انتباهًا لا يوصف، ويقلق قلقًا لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، و يود لو ترك كي يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف.
    ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية، حصل كل مقصود من العمل بالتقوى.
    فالعاقل من مثل تلك الساعة، وعمل بمقتضى ذلك؛ فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته، تخايله على قدر يقظته، فإنه يكف كف الهوى، ويبعث على الجد.


    فَأَمَّا من كانت تلك الساعة نصب عينيه، كان كالأسير لها، كما روي عن حبيب العجمي: أنه كان إذا أصبح، يقول لامرأته: إذا مت اليوم، ففلان يغسلني، وفلان يحملني.


    وقال معروف لرجل: صل بنا الظهر! فقال: إن صليت بكم الظهر، لم أصل بكم العصر: فقال: وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر؟! نعوذ بالله من طول الأمل.
    وذكر رجل رجلًا بين يديه بغيبةٍ، فجعل معروف يقول له: اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك!


    صيد الخاطر


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •