أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم على الأنبياء وعلى جميع ولد آدم ونقض ما يخالف ذلك والرد على المخالفين للعلامة الألباني


النبي صلى الله عليه وسلم خير ولد آدم
قال الإمام الألباني رحمه الله :
قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم» صريح في تفضيله صلى الله عليه وسلم على جميع ولد آدم.
"الضعيفة"(3/43).
النبي صلى الله عليه وسلم خير من طلعت عليه الشمس
[روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال]:
«ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر»
(موضوع)
قال الإمام الألباني رحمه الله :
ثم إن الحديث ظاهر البطلان، لمخالفته لما هو مقطوع به: أن خير من طلعت عليه الشمس إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الرسل والأنبياء، ثم أبو بكر، وقد جاء من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ".
أخرجه جمع من المحدثين منهم عبد بن حميد والخطيب وغيرهما، وهو أصح من الأول سنداً ومتناً كما ترى، وقد حسنه بعضهم، ولكن الطرق المشار إليها بحاجة إلى دراسة دقيقة، وهذا مما لم يتيسر لي بعد. والله الموفق.
"الضعيفة"(3/533-534).
نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين
[روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال]:
«ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل عليه السلام، وأفضل النبيين آدم، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشهور شهر رمضان، وأفضل الليالي ليلة القدر، وأفضل النساء مريم بنت عمران»
(موضوع)
قال الإمام الألباني رحمه الله :
وأفضل النبيين إنما هو نبينا محمد ص بدليل الحديث الصحيح:«أنا سيد الناس يوم القيامة ...» .
أخرجه مسلم (1/127)، فهذا يدل على وضع هذا الحديث
"الضعيفة"(1/638).
نبينا صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين يقيناً
- [قال الإمام معلقا على قول صاحب الطحاوية:وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء وسيد المرسلين].
قلت: هذه العقيدة ثبتت في أحاديث كثيرة مستفيضة تلقتها الأمة بالقبول . وقد ذكر الشارح (في الصفحة 169 - الطبعة الرابعة) طائفة منها فلتراجع منه فهي تفيد العلم واليقين فهو ص سيد المرسلين يقيناً.
ومن المؤسف أن أقول: إن هذه العقيدة لا يؤمن بها أولئك الذين يشترطون في الحديث الذي يجب الإيمان به أن يكون متواتراً فكيف يؤمن بها من صرح بأن العقيدة لا تؤخذ إلا من القرآن كالشيخ شلتوت وغيره وقد رددت على هؤلاء جميعا من عشرين وجها في رسالتي " وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين " وذكرت في آخرها عشرين مثالاً من العقائد الثابتة في الأحاديث الصحيحة يلزمهم جحدها وعدم الإيمان بها وهذه العقيدة واحدة منها فراجعها فإنها مطبوعة وهامة.
"التعليق على متن الطحاوية"(ص20).
التنبيه على لفظ ضعيف قد يورد ضمن الأدلة الصحيحة على أن نبينا ص أفضل الخلق
(أخرج) البخارى [وغيره] من طرق عن الأعمش حدثنا خيثمة حدثنا سويد بن غفلة، قال علي رضي الله عنه:
" إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فوالله لأن أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب عليه, وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم, فإن الحرب خدعة, وإنى سمعت رسول الله ص يقول:.. " سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان, سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية, لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية, فأينما لقيتموهم فاقتلوهم, فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة" .
[نبه الإمام على أن الحديث جاء من وجه آخر بلفظ]:
"يقولون من قول خير البرية" بدلاً من "يقولون من خير قول البرية"
[ثم نبه على ضعف هذا اللفظ إلى أن قال]:
هذا وقد كنت قرأت قديماً في بعض الشروح مما لا أذكره الآن أن بعضهم استدل باللفظ الآخر: " يقولون من قول خير البرية " على أنه ص أفضل الخلق بناءً على أنه هو المراد بقوله " خير البرية ", وإذا قد علمت أن اللفظ المذكور شاذ غير محفوظ, فلا يصح الاستدلال به على ما ذكر . والله سبحانه وتعالى أعلم.
"إرواء الغليل"(8/120-123).
هل الأنبياء أفضل من الملائكة؟ وهل إبراهيم عليه السلام خير من نبينا صلى الله عليه وسلم ومن الملائكة؟
جاء رجل إلى رسول الله ص فقال: يا خير البرية! فقال رسول الله ص:... «ذاك إبراهيم عليه السلام. يعني: أنّه خير البريّة».
قال الإمام الألباني رحمه الله :
قلت: وظاهر الحديث يدل على أمرين:
أحدهما: أن إبراهيم عليه السلام خير الخلق مطلقاً بما فيهم الملائكة.
والآخر: أنه أفضل من نبينا محمد ص .
وأجاب العلماء عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك تواضعاً وهضماً لنفسه، أو أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه بأن الله تعالى اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وأنه سيد الناس يوم القيامة، آدم فمن دونه تحت لوائه ص، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وبهذا أجاب الطحاوي، فراجعه فإنه هام مفيد.
وأما الأمر الأول؛ فلم يتعرض له الطحاوي، فأرى- والله أعلم- أن قوله ص: "خير البرية" من حيث إنه لا يشمل الملائكة، كقوله تعالى في سورة (البينة): ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية﴾ بعد قوله: ﴿إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية﴾، وأن المراد بـ (خير البرية) و(شر البرية)؛ إنما هم غير الملائكة- كما يشعر بذلك السياق-؛ فإن الملائكة ﴿لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾. وقد ذكر القرطبي أنه قد استدل بقوله تعالى: (خير البرية) مَنْ فَضَّل بني آدم على الملائكة، ثم أحال في بيان الخلاف في ذلك على سورة البقرة (1/289)، وهناك ذكر الخلاف في المسألة بشيء من التفصيل، وذكر دليل من قال بذلك، والقائل بأن الملائكة أفضل، ومن ذلك قوله: "وفي البخاري: "يقول الله تعالى: من ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم "، وهذا نص " ( ).
ثم قال:
"وقال بعض العلماء: ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم, لأن طريق ذلك خبر الله تعالى، وخبر رسوله، أو إجماع الأمة، وليس ههنا شيء من ذلك ".
ثم رأيت العلامة ابن أبي العز الحنفي قد توسع جداً في ذكر أدلة الفريقين ومناقشتها، وبيان ما لها وما عليها في "شرح العقيدة الطحاوية" (301- 311)- وتبعه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري " (13/384- 388)-؛ وذكر عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لم يقطع فيها بجواب، وقال: "وهذا هو الحق، فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين، وليس علينا أن نعتقد أي الفريقين أفضل؛ فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصاً.. وحملني على بسط الكلام هنا: أن بعض الجاهلين يسيئون الأدب بقولهم: كان الملك خادماً للنبي ص! أو أن بعض الملائكة خدام بني آدم!! يعنون: الملائكة الموكلين بالبشر، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع المجانبة للأدب.. ".
ثم شرع في البسط المذكور، وختمه بقوله: "وحاصل الكلام: أن هذه المسألة من فضول المسائل، ولهذا لم يتعرض لها كثير من أهل الأصول، وتوقف أبو حنيفة في الجواب عنها كما تقدم. والله أعلم بالصواب ".
قلت: ولقد كان التوقف المذكور هو الذي يقتضيه النظر والتأمل في أدلة الفريقين، وجواب كل منهما عن أدلة الآخر، لولا حديث البخاري الذي قال فيه القرطبي: إنه نص في المسألة كما تقدم؛ وقد حكاه الحافظ العسقلاني عن ابن بطال أيضاً، وإن كان الحافظ تكلف في رد دلالته وتأويله: "بأن الخيرية إنما حصلت بالذاكر والملأ معاً؛ فالجانب الذي فيه رب العزة خير من الجانب الذي ليس هو فيه بلا ارتياب، فالخيرية حصلت بالنسبة للمجموع على المجموع ".
وقد كنت وقفت منذ القديم في "الترغيب والترهيب " على حديث من رواية البزار وابن حبان في "صحيحه " هو نص في الموضوع وأقوى؛ لأنه يبطل التأويل المذكور، ونصه: «أول من يدخل الجنة من خلق الله: الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله لملائكته: ائتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة: ربنا! نحن سكان سماواتك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؛! قال: إن هؤلاء كانوا عباداً لي يعبدوني لا يشركون بي شيئاً، وتسد بهم الثغور..، قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك؛ فيدخلون عليهم من كل باب: ﴿سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾.
وقال المنذري (4/86)، والهيثمي (10/259):
"ورجاله ثقات ".
وهو في "موارد الظمآن " (2565)- والسياق له-، ومخرج في المجلد السادس من "الصحيحة" برقم (2559).
وإني لأستغرب جدا كيف فات على أولئك العلماء من الفريقين إيراده احتجاجاً ودفعاً؟! وبخاصة الحافظ ابن حجر العسقلاني، لنعلم رأيه في
شهادة الملائكة أمام ربهم: أنهم خيرة خلقه، وما أظن أنه يجد له تأويلاً إلا
التسليم لدلالته!
ونحوه حديث الترجمة، فما تعرض أحد منهم لذكره، ولعل ذلك لأنهم يرون أيضاً أنه خاص بالناس دون الملائكة؛ كما تقدم بيانه في طليعة هذا التخريج، وهو الذي استظهره الإمام الآلوسي في تفسيره "روح المعاني " (3/264)! والله
ولي التوفيق.

من كتاب جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة