الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
وبعد
أهلاً بك أخي قارئ القرآن ؛ يا من قضيت وقتك في هذه العبادة العظيمة الجليلة المباركة
عبادة فيها الأجور مضاعفة فالحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء
فهنيئاً ثم هنيئاً ثم هنيئاً لك أخي وأنت تقرأ كلام ربك جل في علاه.
ولكن اعلم رحمك الله تعالى أن المقصود بالقراءة ليس هو القراءة لذاتها إذ أن القراءة
إن لم يصاحبها التدبر والعمل فلا فائدة منها وربما كانت حجة على صاحبها يوم القيامة
قال تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"ول يقل الله تعالى أفلا يقرؤون القرآن
فانتبه أخي رعاك الله.
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى وغيره في التفسير عند قوله تعالى
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"
وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به
وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه
إلى غيره -من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره -من هجرانه،
فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يخلصنا مما يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه
من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار"أ هـ
ولذلك أخي نصيحتي إليك حاول أن تقرأ القرآن مع تدبر للآيات وفهم لها ؛ لكي تتمكن من العمل بها
العمل الذي على بصيرة ؛ وهذا يحتاج منك إلى القراءة بتدبر والوقوف عند الآيات التي لم تفهمها
والرجوع إلى كتب التفسيرلكي تفهمها وتعي معناها "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
وركز أخي حفظك الله أثناء قراءتك ولا تتعجل ويكون همك أن تنهي الجزء أو السورة
ولا تنشغل في عدد الختمات للقرآن ؛ وليكن همك التدبر والفهم والعمل لا الإنتهاء من الجزء أو السورة.
ففي الحديث الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه :"أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فينا ليلة بآية يرددها".
و جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال له :إني أقرأ المفصل في ركعة فقال عبد الله:
"هذا كهذ الشعر، إن أقواماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع".
لذلك أخي لا يكن همك أن تنهى السورة أو الجزء وتقول ختمت القرآن مرة أو خمسة أو عشرة
بل قل فهمت من كتاب الله كذا وكذا وعملت بكذا وكذا.
قال ابن مسعود رضي الله عنه كما أخرجه الآجروي"لا تنثروه نثر الدقل يعني التمر الردئ
ولا تهزوه كهز الشعر ؛ قفوا عند عجائبه ؛ وحركوا به القلوب ؛ ولا يكون هم أحدكم آخر السورة.
والحمد لله رب العالمين ؛ وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
أبو عبد الله المقدسي
فلسطين -غزة
6 رمضان 1432هـــ