تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 123

الموضوع: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تفسير سورة الملك

    و تسمى سورة تبارك , و الواقية , و المنجية , و هي مكية و آياتها ثلاثون آية .

    فضلها :

    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غُفِر له " تبارك الذي بيده الملك " . صححه الألباني .

    مجَّد الرب تعالى نفسه و عظمها و أثنى عليها بما هو أهله , و أخبر بأنه هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه , و لا يسأل عما يفعل لقهره و حكمته و عدله . فقال عز و جل :

    ( تبارك الذي بيده الملك و هو على كلّ شيء قدير ) قال ابن جرير : أي تعاظم الذي بيده ملك الدنيا و الآخرة , و سلطانهما , نافذ فيهما أمره و قضاؤه , و هو على ما يشاء فعله ذو قدرة , لا يمنعه مانع , و لا يحول بينه و بينه عجز .

    ( الذي خلق الموت و الحياة ) أي أوجد الموت و الحياة , فكل حيّ هو بالحياة التي خلق الله , و كل ميت هو بالموت الذي خلق الله , و هذا مظهر من مظاهر القدرة , أن يخلق الشيء و ضدّه .
    لكن لماذا قدّم ذكر الموت على الحياة ؟ قال العلماء : في ذلك سِرَّان – و الله أعلم بأسرار كلامه - : 1 – أن الله سبحانه و تعالى خلق الموت قبل الحياة , فالموت سبق الحياة , و العدم سبق الوجود , قال الله تعالى " كيف تكفرون بالله و كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون " , و قال تعالى " هل أتى على الإنسان حين من الدَّهر لم يكن شيئا مذكورا , إنّا خلقنا الإنسان .." . 2 – أن يُكثر الإنسان من ذكر الموت و أن يكون متعلقا بالموت أكثر من تعلقه بالحياة , و هذه وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم , حيث قال عليه الصلاة و السلام : " أكثروا ذكر هاذم اللذات " , يعني : الموت . قال الألباني : حسن صحيح . و جعل عليه الصلاة و السلام الإكثار من ذكر الموت عنوان العقل . سُئل عليه الصلاة و السلام : أيُّ المؤمنين أَكْيَس ؟ قال : " أكثرهم للموت ذكرا , و أحسنهم لما بَعْدَهُ استعدادا , أولئك الأكياس " حسنه الألباني . قاله الشيخ عبد العظيم بدوي .

    ( ليبلوكم أيّكم أحسن عملا ) أي : أحياكم ليختبركم و يمتحنكم أيكم خير عملا . و خير العمل و أحسنه أخلصه و أصوبه , أي أخلصه لله تعالى , و أصوبه أي : أدائه كما شرعه بلا زيادة و لا نقصان .

    ( و هو العزيز الغفور ) و هو العزيز الذي له العزة كلها , التي قهر بها جميع الأشياء , و انقاد له المخلوقات . الغفور عن المسيئين و المقصرين و المذنبين , خصوصا إذا تابوا و أنابوا , فإنه يغفر ذنوبهم , و لو بلغت عنان السماء , و يستر عيوبهم , و لو كانت ملء الدنيا .

    يتبع ....

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ) أي سماء فوق سماء , لكن من غير مماسة , إذا ما بين كل سماء و أخرى هواء و فراغ مسيرة خمسمائة عام .

    ( ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت ) أي ليس في خلق الله تعالى نقص أو عيب أو خلل .

    ( فارجع البصر هل ترى من فُطور ) أي : إن شككت , فكرر النظر إلى السماء و تأملها , هل ترى فيها عيبا أو نقصا أو خللا أو شقوق .

    ( ثم ارجع البصر كرتين ) أي مرتين , مرة بعد مرة . و المراد بذلك كثرة التكرار , ابتغاء الخلل و الفساد و العبث .

    ( ينقلب إليك البصر خاسئا ) يرجع إليك البصر ذليلا عاجزا عن أن يرى خللا أو عيبا , و لو حرصت غاية الحرص .

    ( و هو حسير ) أي : كليل تعب , و قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرار , و لا يرى نقصا .

    يتبع ...

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    جزاك الله خيراً .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالحي مشاهدة المشاركة
    ( و من يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا ) أي : من أعرض عن ذكر الله , الذي هو كتابه , فلم يتبعه و ينقذ له , بل غفل عنه و لهي , فإنه سوف يعذب عذابا شاقا شديدا موجعا مؤلما .
    للفائدة :
    قال ابن عاشور في تفسيره :
    والصّعَد: الشاق الغالِبُ، وكأنه جاءٍ من مصدر صَعد، كفرح إذا علا وارتفع، أي صَعِد على مفعوله وغلبه،
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    بارك الله فيكم

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( و لقد زيّنّا السّماء الدنيا بمصابيح ) و لقد جمّلنا السماء التي ترونها – و هي الدانية من الأرض القريبة منها – بالنجوم و الكواكب التي وضعت فيها من السيارات و الثوابت , لأنه لولا ما فيها من النجوم و الكواكب لكان سقفا مظلما , لا حسن فيه و لا جمال . و سميت الكواكب و النجوم بمصابيح لإضاءتها . و كذلك الصبح , إنما قيل له صبح , للضوء الذي يضيء للناس من النهار .

    ( و جعلناها رجوما للشياطين ) أي هذه النجوم و الكواكب جعلناها رجوما للشياطين ترجم بها الملائكة شياطين الجن الذين يريدون استراق السمع من كلام الملائكة – في السماء الدنيا – حتى لا يفتنوا الناس في الأرض عن دين الله عز وجل . و هذه الآية مثل قوله تعالى في سورة الصافات " إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينة الكواكب , و حفظا من كلّ شيطان مّارد , لا يسّمّعون إلى الملأ الأعلى و يقذفون من كلّ جانب , دُحورا و لهم عذاب واصب , إلاّ من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " .
    قال قتادة : إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال : خلقها زينة للسماء , و رجوما للشياطين , و علامات يهتدى بها , فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه و أخطأ حظه , و أضاع نصيبه , و تكلف ما لا علم له به .

    هذه الشهب التي ترمى من النجوم , أعدها الله في الدنيا للشياطين , أما في الآخرة فقد قال الله تعالى ( و أعتدنا لهم عذاب السعير ) أي : و هيأنا للشياطين – لأنهم تمردوا على الله , و أضلوا عباده – عذاب السعير يعذبون به يوم القيامة كسائر الكافرين من الإنس و الجن .
    يتبع ..

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( و للذين كفروا بربّهم عذاب جهنّم و بئس المصير ) إن للذين جحدوا – من الإنس و الجن – ألوهية الله سبحانه و تعالى و لقاءه , فما عبدوه و لا آمنوا به , عذاب جهنم , و بئس المآل و المنقلب .

    ( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا ) إذا ألقي الكافرون في النار – على وجه الإهانة و الذل – سمعوا لها صوتا عاليا فظيعا مزعجا كصوت الحمار إذا شهق أو نهق .

    ( و هي تفور ) قال الثوري : تغلي بهم كما يغلي الحَبّ القليل في الماء الكثير .

    ( تكاد تميّز من الغيظ ) تكاد جهنم على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضا , و تتقطع من شدة غيظها و حنقها على الكفار , فما ظنك ما تفعل بهم , إذا حصلوا فيها ؟!!

    ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير , قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذّبنا و قلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم إلاّ في ضلال كبير ) كلما ألقي في جهنم جماعة من الكفرة سألهم الملائكة الموكلون بالنار و عذابها – و هم الزبانية و عددهم تسعة عشر ملكا – سؤال توبيخ و تقريع , ألم يأتكم رسول من الله في الدنيا يدعوكم إلى الإيمان و الطاعة , و ينذركم هذا العذاب ؟ فأجابوا قائلين : نعم قد جاءنا نذير و لكن كذبنا الرسل و أفرطنا في التكذيب , حتى نفينا الإنزال و الإرسال رأسًا , و بالغنا في نسبتهم إلى الضلال .

    ( و قالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير ) و قالوا معترفين بعدم أهليتهم للهدى و الرشاد : لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزل الله من الحق , لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله و الإغترار به , و ما كنّا في أصحاب النار , و لكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل , و لا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم .

    ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) أي : فأقروا بجحدهم الحق , و تكذيبهم الرسل , فبعدا لهم بعدا من رحمة الله . لأنهم سواء اعترفوا بذنبهم أو أنكروه , فإن ذلك لا ينفعهم , و أن مقرهم سيبقى هو هو جهنم و بئس المصير . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لن يهلِك الناس حتى يَعذِروا – أو يُعذِروا – من أنفسهم " رواه أبو داود و صححه الألباني .

    يتبع ...

  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    لما ذكر الله تعالى حالة الأشقياء الفجار , ذكر حالة السعداء الأبرار , فقال :

    ( إن الذين يخشون ربّهم بالغيب لهم مغفرة و أجر كبير ) إن الذين يخافون الله تعالى في جميع أحوالهم - حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا هو سبحانه و تعالى , فإنهم لا يقدمون على معاصيه , و لا يقصرون فيما أمر به - لهم مغفرة لذنوبهم , و إذا غفر الله ذنوبهم , و قاهم شرها , و وقاهم عذاب الجحيم . و لهم أجر كبير و هو ما أعده الله لهم في الجنة , من النعيم المقيم , و الملك الكبير , و اللذات المتواصلات و المشتهيات , و القصور و المنازل العاليات , و الحور الحسان , و الخدم و الولدان . و أعظم من ذلك و أكبر رضا الرحمن , الذي يحله الله على أهل الجنان .

    ( و أسروا قولكم أو اجهروا به إنّه عليم بذات الصّدور ) هذا إخبار من الله تعالى بسعة علمه , و شمول لطفه , فسواء جهرتم بالقول أو أخفيتموه عن الناس أو في الصدور , فإنه سبحانه و تعالى مطلع على ذلك , عالم به , لا يخفى عليه منها شيء . بل إن الجهر و السر عنده سواء .

    ( و هو اللطيف الخبير ) أي : اللطيف بعباده , الخبير بأعمالهم , حتى أدرك السرائر و الضمائر , و الخبايا و الخفايا و الغيوب .
    و من معاني اللطيف , أنه الذي يلطف بعبده و وليه , فيسوق إليه البر و الإحسان من حيث لا يشعر , و يعصمه من الشر من حيث لا يحتسب , و يرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من العبد على بال , حتى إنه يذيقه المكاره , ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة , و المقامات النبيلة . قال الغزالي : إنما يستحق اسم اللطيف من يعلم دقائق الأمور و غوامضها , و ما لطف منها , ثم يسلك في إيصال ما يصلحها سبيل الرفق , دون العنف , و الخبير هو الذي لا يعزب عن علمه الأمور الباطنة , فلا تتحرك في الملك و الملكوت ذرة , و لا تسكن أو تضطرب نفس , إلا و عنده خبرها , و هو بمعنى العليم .

    يتبع ....

  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    لما ذكر الله تعالى حالة الأشقياء الفجار , ذكر حالة السعداء الأبرار , فقال :

    (
    إن الذين يخشون ربّهم بالغيب لهم مغفرة و أجر كبير
    ) إن الذين يخافون الله تعالى في جميع أحوالهم - حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا هو سبحانه و تعالى , فإنهم لا يقدمون على معاصيه , و لا يقصرون فيما أمر به - لهم مغفرة لذنوبهم , و إذا غفر الله ذنوبهم , و قاهم شرها , و وقاهم عذاب الجحيم . و لهم أجر كبير و هو ما أعده الله لهم في الجنة , من النعيم المقيم , و الملك الكبير , و اللذات المتواصلات و المشتهيات , و القصور و المنازل العاليات , و الحور الحسان , و الخدم و الولدان . و أعظم من ذلك و أكبر رضا الرحمن , الذي يحله الله على أهل الجنان .

    (
    و أسروا قولكم أو اجهروا به إنّه عليم بذات الصّدور
    ) هذا إخبار من الله تعالى بسعة علمه , و شمول لطفه , فسواء جهرتم بالقول أو أخفيتموه عن الناس أو في الصدور , فإنه سبحانه و تعالى مطلع على ذلك , عالم به , لا يخفى عليه منها شيء . بل إن الجهر و السر عنده سواء .

    ( ألا يعلم من خلق ) أي : كيف لا يعلم سركم كما يعلم جهركم و هو الخالق لكم , فالخالق يعرف مخلوقه .

    (
    و هو اللطيف الخبير
    ) أي : اللطيف بعباده , الخبير بأعمالهم , حتى أدرك السرائر و الضمائر , و الخبايا و الخفايا و الغيوب .
    و من معاني اللطيف , أنه الذي يلطف بعبده و وليه , فيسوق إليه البر و الإحسان من حيث لا يشعر , و يعصمه من الشر من حيث لا يحتسب , و يرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من العبد على بال , حتى إنه يذيقه المكاره , ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة , و المقامات النبيلة .
    قال الغزالي
    : إنما يستحق اسم اللطيف من يعلم دقائق الأمور و غوامضها , و ما لطف منها , ثم يسلك في إيصال ما يصلحها سبيل الرفق , دون العنف , و الخبير هو الذي لا يعزب عن علمه الأمور الباطنة , فلا تتحرك في الملك و الملكوت ذرة , و لا تسكن أو تضطرب نفس , إلا و عنده خبرها , و هو بمعنى العليم .

    يتبع ...

  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا ) أي : هو الذي سخر لكم الأرض فجعلها ساكنة لينة سهلة المسالك و سهلة للمشي و السير عليها , و أنبع فيها من العيون , و هيأ فيها من المنافع و مواضع الزروع و الثمار , حتى تدركوا منها كل ما تعلقت به حاجاتكم , من غرس و بناء و حرث , و طرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية و البلدان الشاسعة .

    ( فامشوا في مناكبها ) فامشوا و سافروا حيث شئتم من أقطارها , و ترددوا في أقاليمها و أرجائها - شرقا و غربا - في طلب الرزق و أنواع المكاسب و التجارات .

    ( و كلوا من رزقه ) أي : إلتمسوا من نعمه تعالى و كلوا من رزقه الذي خلق لكم . قال الشهاب : فالأكل و الرزق , أريد به طلب النعم مطلقا , و تحصيلها أكلا و غيره . قال : و أنت إذا تأملت نعيم الدنيا , و ما فيها , لم تجد شيئا منها على المرء غير ما أكله , و ما سواه متمم له , أو دافع للضرر عنه .

    ( و إليه النشور ) أي : إليه سبحانه و تعالى المرجع يوم القيامة , فتبعثون بعد موتكم , و تحشرون إليه عز و جل , ليجازيكم بأعمالكم الحسنة و السيئة .

    يتبع ...

  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض ) هذا تهديد و وعيد من الله تعالى لمن استمر في طغيانه و تعدِّيه , و عصيانه الموجب للنكال و حلول العقوبة . و معناه : أأمنتم عذاب من في السماء – و هو الله تعالى العليُّ الأعلى – أن يخسف بكم الأرض لتهلكوا كلكم في جوفها , فيغيبكم إلى أسفل سافلين .
    و في هذا الإستفهام ينكر عليهم أمنهم من الخسوف بهم و هم قائمون على معاصي توجب لهم ذلك .

    ( فإذا هي تمور ) أي تضطرب و تهتز هزا شديدا بكم , و ترتفع فوقكم , و تنقلب عليكم حتى تتلفكم و تهلككم .

    ( أم أمنتم مّن في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) أن يرسل عليكم ريحا عاصفا ترميكم بالحصباء الصغار فتهلككم . قال تعالى " أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البرّ أو يرسل عليكم حاصبا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا " .
    و الإستفهام الذي في الآية هو إنكاري تعجبي , ينكر عليهم أمنهم من عذاب الله بإرسال حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط فتهلكهم كما أهلكتهم , إذ هم قائمين على تكذيبهم و شركهم و كفرهم .

    ( فستعلمون كيف نذير ) قال ابن جرير : أي عاقبة نذيري لكم , إذا كذّبتم به , و رددتموه على رسولي .

    ( و لقد كذب الذين من قبلهم ) و لقد كذب أقوام من الأمم السابقة و القرون الخالية – مع كونهم أشد منهم عددا و عُددا – رسلي حينما أنكروا عليهم الشرك و الكفر , فأهلكناهم .

    ( فكيف كان نكير ) فانظروا كيف كان إنكار الله عليهم , عاجلهم بالعقوبة الدنيوية قبل عقوبة الآخرة , فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم . قال القاضي : هو تسلية للرسول صلى الله عليه و سلم , و تهديد لقومه المشركين .

    يتبع ...

  11. #111

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    السلام عليكم شيخنا عبد الحي ارجو التعرف عليك مباشرة لطباعة هذا التفسير لعل الله ينفع به المسلمين ممن لا يدخلون شبكة الأنتر نت هذا اميلي asem_sw2007@yahoo.com
    asem_sw2007@hotmail.com

  12. #112
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات و يقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن ) أولم ينظروا إلى الطير الذي سخر الله له الجو و الهواء , تبسط و تقبض أجنحتها للطيران , فما يمسكها عن الوقوع من السماء في حالة البسط أو القبض إلا الرحمن – جل جلاله و عظم سلطانه – بما شاء من السنن و النواميس التي يحكم بها خلقه و يدبر بها ملكوته , قال تعالى : " أولم يروا إلى الطير مُسخَّرات في جو السّماء ما يمسكهن إلاّ الله إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون " .
    و هذا دال على قدرة الله تعالى و علمه و رحمته الموجبة لعبادته وحده , فكيف ينكر المشركون و الكفار ألوهيته و رحمته ؟! إنّ هذا لعجب العجاب .

    ( إنّه بكل شيء بصير ) أي : بما يصلح كل شيء من مخلوقاته . قال القاشاني : فيعطيه ما يليق به , و يسوِّيه بحسب مشيئته , و يودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته , ثم يهديه إليه بتوفيقه .

    ( أمّن هذا الذي هو جُندٌ لكم ينصركم مّن دون الرحمن ) يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا غيره , يبتغون عندهم نصرا و رزقا , مُنكرا عليهم فيما اعتقدوه , و مُخبرا لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه : من هذا الذي يعينكم و ينصركم - من دون الله تعالى – إذا أراد بكم الرحمن – سبحانه و تعالى – سوءًا , فيدفعه عنكم ؟ و من الذي ينصركم على أعدائكم غير الرحمن ؟ فإنه تعالى هو الناصر المعز المذل , و غيره من الخلق لو اجتمعوا على نصر عبد , لم ينفعوه مثقال ذرة , على أيّ عدوّ كان .
    و الإستفهام للتبكيت و التأنيب و الإضراب الإنتقالي إذ تنقل من توبيخهم على عدم التأمل فيما يشاهدونه من أحوال الطير المُنْبئة عن آثار قدرة الله و رحمته إلى التبكيت بضعفهم و قلة الناصر لهم سوى الرحمن الذي يكفرون به .

    ( إنّ الكافرون إلاّ في غرور ) إن استمرار الكافرين على كفرهم , بعد أن علموا أنه لا ينصرهم أحد من دون الرحمن , غرور و سَفَهٌ .

    ( أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) من هذا الذي يطعمكم و يسقيكم و يأتي بأقواتكم إن أمسك الله ربكم رزقه عنكم , فلو قطع عليكم المطر ما أتاكم به أحد غير الله , لأن لا أحد يعطي و يمنع و يخلق و يرزق , و ينصر إلا الله عز وجل , وحده لا شريك له .
    و أصلا الخلق لا يقدرون على رزق أنفسهم , فكيف بغيرهم ؟

    ( بل لّجّوا في عتُّوٍّ و نفور ) بالرغم من علمهم أن الله تعالى هو الناصر الرازق و بالرغم من هذا التبكيت و التأنيب , استمر الكافرون في طغيانهم و إفكهم و ضلالهم , معاندة و استكبارا و نفورا على أدبارهم عن الحق , لا يسمعون له و لا يتبعونه , و أصرّوا على اعتقاد أنهم يُحفظون من النوائب , و يُرزقون ببركة آلهتهم , و أنهم الجند الناصر الرازق , مكابرة و عنادًا .

    يتبع ...

  13. #113
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( أفمن يمشي مُكبّا على وجهه أهدى , أمّن يمشي سويّا على صراط مّستقيم ) أي : أيّ الرجلين أهدى ؟ من كان تائها في الضلال , غارقا في الكفر قد انتكس قلبه , فصار الحق عنده باطلا , و الباطل حقا ؟ و من كان عالما بالحق , مؤثرا له , عاملا به , يمشي على الصراط المستقيم في أقواله و أعماله و جميع أحواله ؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين , يعلم الفرق بينهما , و المهتدي و الضال منهما , و الأحوال أكثر شاهد من الأقوال . ثم إن في الآخرة أيضا , المؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم , مُفضى به إلى الجنة الفيحاء , و أما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجه إلى نار جهنم .
    عن أنس بن مالك قال : قيل يا رسول الله , كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم " رواه البخاري و مسلم .

    ( قُل هو الذي أنشأكم و جعل لكم السّمع و الأبصار و الأفئدة ) أي : هو المستحق للعبادة وحده , و سلوك صراطه , لأنه هو الذي أوجدكم من العدم - أي بعد أن لم تكونو شيئا مذكورا - من غير معاون له و لا مُظاهر , و لما خلقكم , كمّل لكم الوجود بالسمع و الأبصار و القلوب , التي هي أنفع أعضاء البدن , و أكمل القوى الجسمانية .

    ( قليلا ما تشكرون ) أي : قلّما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته و امتثال أوامره و ترك زواجره .

    ( قل هو الذي ذرأكم في الأرض ) هو الذي خلقكم في الأرض و بثكم و نشركم في أقطارها و أرجائها , مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم , و ألوانكم و أشكالكم , لتعبدوه , و تقوموا بالقسط الذي أمر به .

    ( و إليه تحشرون ) أي : تُجمعون بعد هذا التفرق و الشتات - للحساب و الجزاء - , يجمعكم كما فرقكم و يعيدكم كما بدأكم .

    يتبع ...

  14. #114
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    17

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    الله ينفع بيك أخي الكريم ويزيدك علم ورفعة في الدارين ياحي ياقيوم..

    بادرة جدا جدا جدا طيبة الله يقويك يارب وتتمها إلى سورة البقرة..

    متابعين وبشغف..

    جزاك الباري الجنة

  15. #115
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    اللهم أمين و إياكم

    أحسن الله إليكم و بارك فيكم و شكرا لكم جزيلا

  16. #116
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    457

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تتمة تفسير سورة الملك

    ( و يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) أي : و يقول الكافرون لرسول الله صلى الله عليه و سلم و المؤمنين : متى يجيء هذا الوعد الذي تعدوننا به و هو يوم القيامة ؟

    ( قل إنّما العلم عند الله ) و هي كقوله تعالى " قل إنما علمها عند ربي " فلا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله عز و جل , و لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن و واقع لا محالة فاحذروه .

    ( و إنما أنا نذير مبين ) و إنما أنا عليَّ البلاغ , و قد أديته إليكم .

    ( فلمّا رأوه زلفة سيئة وجوه الذين كفروا و قيل هذا الذي كنتم به تدَّعون ) لما قامت القيامة و شاهدها الكفار , و رأوا أن الأمر كان قريبا , لأن كل ما هو آتٍ آتٍ و إن طال زمنه , فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك و أفظعهم , و قلقل أفئدتهم , فتغيرت وجوههم من الكآبة و الغم و الإنكسار و الحزن . لما يعلمون ما لهم هناك من شر . قال تعالى : " و بدا لهم سيئات ما كسبوا و حاق بهم مّا كانوا به يستهزئون " , و لهذا يقال لهم على وجه التقريع و التوبيخ , هذا الذي كنتم به تكذبون , و هذا الذي كنتم به تطلبون و تستعجلون , متحدّين رسولنا و المؤمنين , فاليوم رأيتموه عيانا , و انجلى لكم الأمر , و تقطعت بكم الأسباب و لم يبق إلا مباشرة العذاب .

    ( قل أرءيتم إن أهلكني الله و من معيَّ أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ) لما كان المكذبون للرسول صلى الله عليه و سلم , الذين يردون رسالته , و ينتظرون هلاكه و موته , تخلصًا من دعوته و انتشارها . أمره الله تعالى أن يقول لهم : خلِّصوا أنفسكم , فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة و الإنابة , و الرجوع إلى دينه , و لا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب و النَّكال , فسواء عذبنا الله أو رحمنا , فلا مناص لكم من نكاله و عذابه الأليم الواقع بكم .

    ( قل هو الرَّحمن ءامنَّا به و عليه توكلنا , فستعلمون من هو في ضلال مبين ) أي : آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم , و عليه اعتمدنا في جميع أمورنا , لا على ما تتكلون عليه من رجالكم و أموالكم , و إنه في يوم ما سوف تعلمون من هو في ضلال ممن هو على صراط مستقيم .

    ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بما معين ) أي : قل لهؤلاء المشركين يا رسولنا تذكيرا لهم : أخبروني إن أصبح ماؤكم الذي تشربون منه , ذاهبا في الأرض إلى أسفل , فلا يُنال بالفئوس الحداد , و لا السواعد الشداد , فمن يأتيكم بماء نابع سائح جار على وجه الأرض ؟ الجواب : لا أحد . لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عز و جل , إذا فلم لا تؤمنون به و توحدونه في عبادته و تتقربون إليه بالعبادات التي شرع لعباده أن يعبدوه بها ؟ .

  17. #117
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    المشاركات
    1

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    شكرا علي قبولي عضوا لديكم

  18. #118
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    6,048

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    شكرا علي قبولي عضوا لديكم
    أهلا ومرحبا بكم أيها الفاضل...

  19. #119
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    219

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    بوركت يا أخي الفاضل .. أسأل الله أن يجزل لكم الثواب على هذا العمل الطيب.
    { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } (البقرة: 235)

  20. #120
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين

    جزاك الله خيرا

    وبارك الله فيك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •