بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تفسير سورة الملك
و تسمى سورة تبارك , و الواقية , و المنجية , و هي مكية و آياتها ثلاثون آية .
فضلها :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غُفِر له " تبارك الذي بيده الملك " . صححه الألباني .
مجَّد الرب تعالى نفسه و عظمها و أثنى عليها بما هو أهله , و أخبر بأنه هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه , و لا يسأل عما يفعل لقهره و حكمته و عدله . فقال عز و جل :
( تبارك الذي بيده الملك و هو على كلّ شيء قدير ) قال ابن جرير : أي تعاظم الذي بيده ملك الدنيا و الآخرة , و سلطانهما , نافذ فيهما أمره و قضاؤه , و هو على ما يشاء فعله ذو قدرة , لا يمنعه مانع , و لا يحول بينه و بينه عجز .
( الذي خلق الموت و الحياة ) أي أوجد الموت و الحياة , فكل حيّ هو بالحياة التي خلق الله , و كل ميت هو بالموت الذي خلق الله , و هذا مظهر من مظاهر القدرة , أن يخلق الشيء و ضدّه .
لكن لماذا قدّم ذكر الموت على الحياة ؟ قال العلماء : في ذلك سِرَّان – و الله أعلم بأسرار كلامه - : 1 – أن الله سبحانه و تعالى خلق الموت قبل الحياة , فالموت سبق الحياة , و العدم سبق الوجود , قال الله تعالى " كيف تكفرون بالله و كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون " , و قال تعالى " هل أتى على الإنسان حين من الدَّهر لم يكن شيئا مذكورا , إنّا خلقنا الإنسان .." . 2 – أن يُكثر الإنسان من ذكر الموت و أن يكون متعلقا بالموت أكثر من تعلقه بالحياة , و هذه وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم , حيث قال عليه الصلاة و السلام : " أكثروا ذكر هاذم اللذات " , يعني : الموت . قال الألباني : حسن صحيح . و جعل عليه الصلاة و السلام الإكثار من ذكر الموت عنوان العقل . سُئل عليه الصلاة و السلام : أيُّ المؤمنين أَكْيَس ؟ قال : " أكثرهم للموت ذكرا , و أحسنهم لما بَعْدَهُ استعدادا , أولئك الأكياس " حسنه الألباني . قاله الشيخ عبد العظيم بدوي .
( ليبلوكم أيّكم أحسن عملا ) أي : أحياكم ليختبركم و يمتحنكم أيكم خير عملا . و خير العمل و أحسنه أخلصه و أصوبه , أي أخلصه لله تعالى , و أصوبه أي : أدائه كما شرعه بلا زيادة و لا نقصان .
( و هو العزيز الغفور ) و هو العزيز الذي له العزة كلها , التي قهر بها جميع الأشياء , و انقاد له المخلوقات . الغفور عن المسيئين و المقصرين و المذنبين , خصوصا إذا تابوا و أنابوا , فإنه يغفر ذنوبهم , و لو بلغت عنان السماء , و يستر عيوبهم , و لو كانت ملء الدنيا .
يتبع ....