تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    235

    افتراضي لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟



    بسم الله الرحمن الرحيم

    نقَل الإمام ابنُ رجب - رحمه الله - في "ذيل طبقات الحنابلة": أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية صرَّح بندمه في آخرِ حياته، فلماذا؟
    لماذا؟! فمِثلُه لا يندم إلا على أمرٍ عظيم.
    لماذا ندم، وهو الذي أمْضى حياته دعوةً وتعليمًا، وجهادًا، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر؟!
    يندم وهو الذي شَرَعَ في الجمْع والتصنيف من دون العشرين، ولم يزلْ في علوٍّ وازدياد من العلم والقدر إلى آخرِ عمره - كما ذكر ذلك ابن رجب نفسه، رحمه الله!

    وقال عنه الإمام المؤرِّخ الذهبي - رحمه الله -: "فريد العصر علمًا ومعرفة، وشجاعةً وذكاءً، وتنويرًا إلهيًّا، وكرمًا ونصحًا للأمَّة، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر".

    وقال فيه ابن الزملَكاني - رحمه الله -:
    مَاذَا يَقُولُ الوَاصِفُونَ لَهُ
    وَصِفَاتُهُ جَلَّتْ عَنِ الْحَصْرِ
    هُوَ حُجَّةٌ لِلَّهِ قَاهِرَةٌ
    هُوَ بَيْنَنَا أُعْجُوبَةُ الدَّهْرِ
    هُوَ آيَةٌ لِلْخَلْقِ ظَاهِرَةٌ
    أَنْوَارُهَا أَرْبَتْ عَلَى الْفَجْرِ
    يندم وقد كان في حياته - رحمه الله - محافظًا على الصلاة والصوم، معظِّمًا للشرائع ظاهرًا وباطنًا، لا يُؤتَى من سوء فهْم، فإنَّ له من الذكاء المفرط، ولا مِن قلَّة العمل فإنَّه بحر زخَّار"؛ قاله الذهبي.
    وقال آخر: كان مِن أذْكياء العالَم، وله في ذلك أمورٌ عظيمة.

    ووصفَه عمادُ الدين الواسطي - رحمه الله - فقال: "واللهِ ثُمَّ واللهِ، لم أرَ تحتَ أديم السماء مثلَه علمًا وعملاً، وجمالاً وخُلقًا، واتباعًا وكرمًا، وحلمًا في حقِّ نفسه، وقيامًا في حقِّ الله تعالى عند انتهاك حُرْمته".

    بل قال له تقيُّ الدين ابنُ دقيق العيد - رحم الله الجميع - بعدَ الاجتماع به وسماع كلامه قال: "ما كنتُ أظنُّ أنَّ الله بَقِي يخلُق مثلَك"؛ حكاها الذهبي.

    يندم شيخُ الإسلام في آخر حياته، وله من المؤلَّفات والقواعد، والفتاوى والأجوبة، والرسائل والتعاليق، ما لا ينحصر ولا ينضبط، ولا أعلم أحدًا من المتقدِّمين ولا مِن المتأخِّرين جمَع مثل ما جمَع، ولا صنَّف نحوَ ما صنَّف، ولا قريبًا من ذلك، مع أنَّ تصانيفه كان يكتبها مِن حفظه، وكتب كثيرًا منها في الحبْس، وليس عنده ما يحتاج إليه ويراجعه من الكُتب"؛ الذهبي.

    وقال: وأمَّا شجاعته فبها تُضرَب الأمثال، وببعضِها يتشبه أكابرُ الأبطال.

    وقال فيه خليل الصفدي (ت 764): "لم أرَ أنا ولا غيري مثلَ استحضاره، ولا مثلَ سبْقه إلى الشواهد وسُرعة إحْضاره، ولا مثل عزْوِه الحديثَ إلى أصله الذي فيه نُقطة مداره، وأمَّا علم الأصلَيْن فقهًا وكلامًا، وفَهْمًا وإعلامًا، فكان عجبًا لمن يسمعه، ومعجزًا لم يعدَّ ما يأتي به أو يجمعه".

    وقال - رحمه الله - أيضًا: "وكان ذا قلمٍ يُسابق البَرْق إذا لمع، والودقَ إذا همَع، يُملي على المسألة الواحدة ما شاء مِن رأس القلم، ويكتب الكرَّاسين والثلاثة في قعدة".

    وكان الحافظ المِزيُّ يقول فيه: لم يُرَ مثله منذ أربعمائة سَنَة.

    وفي وفاته ذَكَر الإمام ابن حجر - رحمه الله - أنَّه لما مات شيخ الإسلام ابن تيمية كان أميرُ البلد غائبًا، وكان أكثر مَن بالبلد من الفقهاء قد تعصَّبوا عليه حتى مات محبوسًا بالقلعة، ومع هذا فلم يتخلَّفْ منهم عن حضور جنازته والترحُّمِ عليه، والتأسُّف عليه، إلا ثلاثة أنفس، تأخَّروا خشيةً على أنفسهم من العامَّة".

    هذه مجرَّد إشاراتٍ في شيخ الإسلام ابن تيمه - رحمه الله، وقدَّس الله رُوحه - وإن كان يكفيه فخرًا وفضلاً أنَّ الإمام الجهبذ ابن القيم تلميذُه ونتاجُه، فرحم الله الجميع، وللمزيد الماتع يراجع: "الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية"، إشراف الشيخ العلاَّمة د. بكر أبو زيد - رحم الله الجميع.

    مع هذا وغيرِه يندم في آخِر حياته!!

    أتدري لماذا؟ تأمَّل:
    في آخرِ أيَّامه في سجن القلعة الذي مات فيه يقول شيخ الإسلام: "وندمتُ على تضييع أوقاتي في غيرِ معاني القرآن"؛ "ذيل طبقات الحنابلة"، ابن رجب، (2/402).

    هذا وهو الذي برَع في تفسير القرآن، وغاصَ في دقيق معانيه بطبْع سيَّال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميَّال، واستنبط منه أشياءَ لم يُسبق إليها - كما قال الإمام الذهبي. وقال: "وأمَّا التفسير فمُسلَّم إليه، وله مِن استحضار الآيات من القرآن وقتَ إقامة الدليل بها على المسألة قوةٌ عجيبة".

    إنَّها دعوةٌ من شيخ الإسلام للعلماء قبلَ الطلاَّب، وللدعاة قبل المدعوين، ولأهل الفِكر والثقافة قبلَ العوامِّ أن يقفوا عند معاني القرآن، ويكشفوا كنوزَه، ويُسطِّروا عجائبَه التي لا تنقضي، وأن يعيشوا مع القرآن، ويُعيدوا النظر في تعاملهم معه، إنَّها دعوةٌ للحياة بالقرآن، وبذل الجهْد في تدبُّر معانيه، والوقوف عند آياته.

    لله دَرُّ شيخ الإسلام يندم وقد قدَّم ما قدَّم، ولم يغترَّ ويفخر، ولم يكتفِ بتلك السِّيرة والمسيرة التي تَنقَّل فيها بين بساتين الدعوة والجِهاد والعلم.

    نسأل الله أن يرفعَ درجتَه، ويُقدِّس رُوحَه، ويحشرَه في زمرة الأنبياء والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وأن يحشرَنا برحمته معهم.

    ونسأل الله أن يجعلَ القرآن ربيعَ قلوبنا، ونورَ صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذَهابَ همومنا وغمومنا.

    بقلم نبيل بن عبد المجيد النشمي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    الجزائر.... أم القرى
    المشاركات
    423

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    ونعم ما ندم عليه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    19

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    صحيح انك نشمي كونك نقلت لنا هالكلام الطيب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    587

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ

  5. #5

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    جزاك الله خيرا ، وبارك فيك .

  6. #6

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    أتدري لماذا؟ تأمَّل:
    في آخرِ أيَّامه في سجن القلعة الذي مات فيه يقول شيخ الإسلام: "وندمتُ على تضييع أوقاتي في غيرِ معاني القرآن"؛ "ذيل طبقات الحنابلة"، ابن رجب، (2/402)

    سبحان الله سبحان الله.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    19

    افتراضي رد: لماذا ندم شيخ الإسلام في آخر حياته؟

    ذكر الحافظ ابن رجب [ت 795هـ] في "الذيل على طبقات الحنابلة" (519/4) تحت ترجمة (رقم 531) لشيخ الاسلام ابن تيمية [728هـ] رحمهما الله ، قوله :
    (
    وَ بَقِيَ مُدَّةً فِي الْقَلْعَةِ يَكْتُبُ الْعِلْمَ وَ يُصَنِّفُهُ، وَ يُرْسِلُ إِلَى أَصْحَابِهِ الرَّسَائِلَ، وَ يَذْكُرُ مَا فَتَحَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ مِنَ الْعُلُومِ الْعَظِيمَةِ، وَ الْأَحْوَالِ الْجَسِيمَةِ. وَ قَالَ: "قَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيَّّ فِي هَذَا الْحِصْنِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ، وَ مِنْ أُصُولِ الْعِلْمِ بِأَشْيَاءٍ، كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَتَمَنَّوْنَهَ ا، وَ نَدِمْتُ عَلَى تَضْيِيعِ أَكْثَرِ أَوْقَاتِي فِي غَيْرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ" ؛ ثُمَّ إِنَّهُ مُنِعَ مِنَ الْكِتَابَةِ ، وَ لَمْ يُتْرَكُ عِنْدَهُ دَوَاةٌ وَ لاَ قَلَمٌ وَ لاَ وَرَقٌ، فَأَقْبَلَ عَلَى التِّلاَوَةِ وَ التَّهَجُّدِ، وَ الْمُنَاجَاةِ وَ الذَِكْرِ.
    )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •