تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: تنبيه على فتوى لمعالي الشيخ صالح الفوزان في معنى وانا اجزي به

  1. #1

    افتراضي تنبيه على فتوى لمعالي الشيخ صالح الفوزان في معنى وانا اجزي به

    يقول الشيخ حفظه الله في معنى حديث الا الصوم وانا اجزي به
    في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. أريد شرحًا لهذا الحديث‏.‏ لماذا خص الصوم بهذا التخصيص؟

    الاجابة :

    هذا حديث عظيم وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" [رواه الإمام البخاري في صحيحه‏]. فهذا الحديث فيه فضيلة الصيام ومزيته من بين سائر الأعمال، وأن الله اختصه لنفسه من بين أعمال العبد.
    وقد أجاب أهل العلم عن قوله: "‏الصوم لي وأنا أجزي به‏" [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. بعدة أجوبة منهم من قال: أن معنى قوله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. إن أعمال ابن آدم قد يجري فيها القصاص بينه وبين المظلومين، فالمظلومين يقتصون منه يوم القيامة بأخذ شيء من أعماله وحسناته كما في الحديث أن الرجل يأتي يوم القيامة بأعمال صالحة أمثال الجبال ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا أو أكل مال هذا فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته ولم يبق شيء فإنه يؤخذ من سيئات المظلومين وتطرح عليه ويطرح في النار إلا الصيام فإنه لا يؤخذ للغرماء يوم القيامة وإنما يدخره الله عز وجل للعامل يجزيه به ويدل على هذا قوله: "كل عمل ابن آدم له كفارة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" أي أن أعمال بني آدم يجري فيها القصاص ويأخذها الغرماء يوم القيامة إذا كان ظلمهم إلا الصيام فإن الله يحفظه ولا يتسلط عليه الغرماء ويكون لصاحبه عند الله عز وجل.
    وقيل أن معنى قوله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" أن الصوم عمل باطني لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى فهو نية قلبية بخلاف سائر الأعمال فإنها تظهر ويراها الناس أما الصيام فإنه عمل سري بين العبد وبين ربه عز وجل ولهذا يقول: "الصوم لي وأنا أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي"، وكونه ترك شهوته وطعامه من أجل الله هذا عمل باطني ونية خفية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى بخلاف الصدقة مثلاً والصلاة والحج والأعمال الظاهرة هذه يراها الناس، أما الصيام فلا يراه أحد لأنه ليس معنى الصيام ترك الطعام والشراب فقط أو ترك المفطرات لكن مع ذلك لابد أن يكون خالصًا لله عز وجل وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
    ويكون قوله: "إنه ترك‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخره" تفسيرًا لقوله: "الصوم لي وأنا أجزي به".
    ومن العلماء من يقول أن معنى قوله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" أن الصوم لا يدخله شرك بخلاف سائر الأعمال فإن المشركين يقدمونها لمعبوداتهم كالذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة وكذلك الدعاء والخوف والرجاء فإن كثيرًا من المشركين يتقربون إلى الأصنام ومعبوداتهم بهذه الأشياء بخلاف الصوم فما ذكر أن المشركين كانوا يصومون لأوثانهم ولمعبوداتهم فالصوم إنما هو خاص لله عز وجل فعلى هذا يكون معنى قوله: "الصوم لي وأنا أجزي به" أنه لا يدخله شرك لأنه لم يكن المشركون يتقربون به إلى أوثانهم وإنما يتقرب بالصوم إلى الله عز وجل.
    المفتي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

    والمعنى الاول الذي اورده الشيخ حفظه الله يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فان الصوم ايضا يُقتصّ فيه كسائر الطاعات والدليل ما رواه مسلم

    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.

  2. #2

    افتراضي رد: تنبيه على فتوى لمعالي الشيخ صالح الفوزان في معنى وانا اجزي به

    (قوله: "كل عمل ابن آدم له كفارة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" أي أن أعمال بني آدم يجري فيها القصاص ويأخذها الغرماء يوم القيامة إذا كان ظلمهم إلا الصيام فإن الله يحفظه ولا يتسلط عليه الغرماء ويكون لصاحبه عند الله عز وجل)

    أخي أبو قتادة ذكر الشيخ أعلاه ما يوضح الحديث الذي ذكرته والذي أظن أن فيه اجمال فلم يبين ان الصوم من ضمن الأعمال التي يؤخذ منها للقصاص وقد تكون هذه الأعمال ذكرت لا على التعيين بل عل غالب ما يفعله العبد, فالعبد أيضا يحج ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويجاهد وهي لم تذكر في الحديث الذي أوردته أظن أنه لاخطأ في كلام الشيخ بارك الله فيك والله أعلم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    3,214

    افتراضي رد: تنبيه على فتوى لمعالي الشيخ صالح الفوزان في معنى وانا اجزي به

    قال الامام المنذري رحمه الله :
    وناسخ العلم النافع :
    له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل به ما بقي خطه ،
    وناسخ ما فيه إثم :
    عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" 4 / 108 من كلام أهل العلم عشرة أوجه في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل ، وأهم هذه الأوجه ما يلي :

    - أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، قال القرطبي : لما كانت الأعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث : (يدع شهوته من أجلي) .
    وقال ابن الجوزي : جميع العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ ( يعني قد يخالطه شيء من الرياء ) بخلاف الصوم .

    - أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته . قال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير . ويشهد لهذا رواية مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .

    - أن معنى قوله : ( الصوم لي ) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي . قال ابن عبد البر : كفى بقوله : ( الصوم لي ) فضلا للصيام على سائر العبادات . وروى النسائي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ ) .

    - أن الإضافة إضافة تشريف وتعظيم ، كما يقال : بيت الله ، وإن كانت البيوت كلها لله . قال الزين بن المنير : التخصيص في موضع التعميم في مثل هذا السياق لا يفهم منه إلا التعظيم والتشريف .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "مجالس شهر رمضان" (ص 13) :
    " وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ عديدةٍ :
    الوجه الأول : أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال ، وذلك لِشرفِهِ عنده ، ومحبَّتهِ له ، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه ، لأنه سِرُّ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله . فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام ، فلا يتناولُهُ ؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه ، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك ، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه ، ورغبةً في ثوابه ، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا الإِخلاصَ ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ ولهذا قال : ( يَدعُ شهوتَه وطعامَه من أجْلي ) . وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامَةِ كما قال سَفيانُ بنُ عُييَنة رحمه الله : إِذَا كانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم ويُدخله الجنَّةَ بالصوم . ( كذا ذكره الشيخ رحمه الله أيضا )
    الوجه الثاني : أن الله قال في الصوم : (وأَنَا أجْزي به) فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد ، الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ ، أمَّا الصَّوم فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ ، وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين ، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها . فيكُونُ أجرُ الصائمِ عظيماً كثيراً بِلاَ حساب . والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله ، وصبرٌ عن مَحارِم الله ، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ البَدَنِ والنَّفْسِ ، فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ ، وَتحقَّقَ أن يكون الصائمُ من الصابِرِين . وقَدْ قَالَ الله تَعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) .. " اهـ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    السؤال:
    هل معنى الحديث أن الحسنات في الصيام تتضاعف أكثر من سبعمائة ضعف ؛ لقوله تعالى : ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ؟


    الجواب :
    الحمد لله
    ثبت في الحديث ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه مسلم (1151) .

    وقد قرر العلماء في شرحهم لهذا الحديث أن مقتضى ذلك : مضاعفة أجر الصيام أكثر من سبعمائة ضعف ، ونحن ننقل هنا شيئا من تقريراتهم الكثيرة :
    قال أبو الوليد الباجي رحمه الله (ت474هـ) :
    " فضل تضعيف الصيام ، فأضاف الجزاء عليه إلى نفسه تعالى ، وذلك أنه يقتضي أنه يزيد على السبعمائة ضعف " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (2/74) .

    وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله (ت505هـ) :
    " وقد قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ، والصوم نصف الصبر ، فقد جاوز ثوابُه قانون التقدير والحساب " انتهى من " إحياء علوم الدين " (1/231) .

    وقال ابن العربي رحمه الله (ت543هـ) :
    " فأعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن ثواب الأعمال الصالحة مقدر من حسنة إلى سبعمائة ضعف ، وخبأ قدر الصبر منها تحت علمه ، فقال : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) [الزمر/10] ولما كان الصوم نوعا من الصبر ، حين كان كفا عن الشهوات ، قال تعالى : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي ، وأنا أجزي به ) قال أهل العلم : كل أجر يوزن وزنا ، ويكال كيلا ، إلا الصوم ، فإنه يحثي حثيا ، ويغرف غرفا ؛ ولذلك قال مالك : هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها ؛ فلا شك أن كل من سلم فيما أصابه ، وترك ما نهى عنه ، فلا مقدار لأجره ، وأشار بالصوم إلى أنه من ذلك الباب ، وإن لم يكن جميعه " انتهى من " أحكام القرآن " (4/77) .

    وقال القاضي عياض رحمه الله (ت544هـ) :
    " ثم يتفضل الله على من يشاء بما يشاء بالزيادة عليها إلى سبعمائة ضعف ، وإلى ما لا يأخذه حساب ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ، وقال : ( إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ) بعدما ذكر نهاية التضعيف إلى سبعمائة " انتهى من " إكمال المعلم بفوائد مسلم " (8/ 184) .

    وقال ابن رجب رحمه الله (ت795هـ) :
    " فعلى الرواية الأولى [ يعني المذكورة أول الجواب ] : يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة ، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام ، فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد ، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد ، فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر: 10] ، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر .
    وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( الصوم نصف الصبر ) خرجه الترمذي .
    والصبر ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله ، وصبر عن محارم الله ، وصبر على أقدار الله المؤلمة . وتجتمع الثلاثة في الصوم " انتهى من " لطائف المعارف " لابن رجب (ص/150) .

    وقال ابن الملقن رحمه الله (ت804هـ) :
    " وقيل : في قوله تعالى : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) [السجدة: 17] أن عملهم الصيام ، فيفرغ لهم الجزاء إفراغًا من غير تقدير ، فخص الصيام بالتضعيف عَلَى سبعمائة ضعف في هذا الحديث " انتهى من " التوضيح لشرح الجامع الصحيح " (13/28) .

    وقال الشيخ السعدي رحمه الله (ت1376هـ) :
    " استثنى في هذا الحديث الصيام ، وأضافه إليه ، وأنه الذي يجزى به بمحض فضله وكرمه ، من غير مقابلة للعمل بالتضعيف المذكور الذي تشترك فيه الأعمال . وهذا شيء لا يمكن التعبير عنه ، بل يجازيهم بما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
    وفي الحديث : كالتنبيه على حكمة هذا التخصيص ، وأن الصائم لما ترك محبوبات النفس التي طبعت على محبتها ، وتقديمها على غيرها ، وأنها من الأمور الضرورية ، فقدم الصائم عليها محبة ربه ، فتركها لله في حالة لا يطلع عليها إلا الله ، وصارت محبته لله مقدمة وقاهرة لكل محبة نفسية ، وطلب رضاه وثوابه مقدماً على تحصيل الأغراض النفسية ؛ فلهذا اختصه الله لنفسه ، وجعل ثواب الصائم عنده ، فما ظنك بأجر وجزاء تكفل به الرحمن الرحيم الكريم المنان ، الذي عمت مواهبه جميع الموجودات ، وخصّ أولياءه منها بالحظ الأوفر ، والنصيب الأكمل ، وقدر لهم من الأسباب والألطاف التي ينالون بها ما عنده على أمور لا تخطر له بالبال . ولا تدور في الخيال . فما ظنك أن يفعل الله بهؤلاء الصائمين المخلصين .
    وهنا يقف القلم ، ويسيح قلب الصائم فرحاً وطرباً بعمل اختصه الله لنفسه ، وجعل جزاءه من فضله المحض ، وإحسانه الصرف . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " انتهى باختصار من " بهجة قلوب الأبرار " (ص/94-95) .

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ت1421هـ) :
    " العبادات ثوابها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، إلا الصوم ، فإن الله هو الذي يجزي به ، ومعنى ذلك أن ثوابه عظيم جداً . قال أهل العلم : لأنه يجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة ، وهي : الصبر على طاعة الله ، وعن معصية الله ، وعلى أقداره ، فهو صبر على طاعة الله لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها ، وعن معصيته لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم ، وعلى أقدار الله لأن الصائم يصيبه ألم بالعطش والجوع والكسل وضعف النفس ، فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر ؛ لأنه جامع بين الأنواع الثلاثة ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر: 10] " انتهى من " الشرح الممتع " (6/458) .

    والله أعلم .

    https://islamqa.info/ar/221201



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •