السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما ما ادعاه الأخ من أن ابن المذهب قد روى عن القطيعي قبل الاختلاط فمجرد دعوى وقد لبس أن الحافظ قد قال بهذا بينما الحافظ قد رمى بالدعوى على شيخه، فابن المذهب ولد سنة 355 هـ وتوفي القطيعي سنة 368 هـ، فبين ولادة الأول ووفاة الثاني 13 سنة، فلو فرضنا جدلا أن ابن المذهب قد بكر بالسماع فلن يعدو أن سمع وهو ابن 8 أو 9، والمسند كتاب كبير جدا ربما استغرق سماعه وقتا طويلا إن لم يكن سنوات، والقطيعي قد بلغ التسعين أو جاوزها، وسنين الاختلاط تبدأ في ذلك السن إن لم تكن قبلها. وقد أثنى الحاكم على القطيعي ووثقه فهذا دليل على أنه سمع منه قبل الاختلاط وقد كان رحل مرتين إلى بغداد كان آخرها سنة 368 هـ أي في السنة التي توفي فيها القطيعي، فسماعه منه في هذه الرحلة يبدو بعيدا، وقد قال أبو موسى المديني أن الخاكم خرج إلى القطيعي ليسمع المسند لأجل تأليفه المستدرك، وقد بدأ التأليف سنة 337 هـ بالرغم من أن الذهبي قال أن الحاكم ألف المستدرك بعد الدارقطني في أواخر عمره، والمهم أن في المستدرك عن القطيعي زايادات على ما روى ابن المذهب، وقد قال ابن أبي الفوارس والبرقاني أن القطيعي غرقت له قطعة من المسند ثم كتبها من كتاب غير مسموع، فطعنوا فيه، وهذا دليل آخر أن ابن المذهب سمع من القطيعي بعدما طعن في روايته للمسند، وعلى كل فإن الخوف ممن هذا حاله -الاختلاط- إذا كان يروي من حفظه، أما وأن الكتاب كان يقرأ عليه - القطيعي- فإن الخوف ينحصر في التصحيف والاشتباه- وقد وقع للحاكم من هذا الشيء الكثير في المستدرك،
قال الذهبي ( سير: 16/213): قال ابن الفرات: هو كثير السماع - القطيعي- إلا أنه خلط في آخر عمره، وكف بصره، وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه.اهـ
فالمجازفة بالقول أن ابن المذهب روى قبل الاختلاط فيه ما فيه، وإن صح هذا فالطعن في بعض أصول القطيعي قديم ولعله قبل أن يولد ابن المذهب، وبالرغم من ذلك فقد استجازوا روايته للمسند إذ العبرة بالكتاب لا بالسماعات آنذاك، والمحدثون يخافون على من هذا حاله من تحريف أسماء الرواة أو تصحيفها، وليس في نص أبي ثور من هذا شيء.
ثم إني وجدت أن اللالكائي قد رواه من قبل أخصر بقليل:(ص172):قال اعتقاد أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي الفقيه رحمه الله أخبرنا محمد بن رزق الله قال أخبرنا أحمد بن حمدان -هو القطيعي- قال حدثنا أبو الحسن ادريس بن عبد الكريم قال أرسل رجل من أهل خراسان إلى أبي ثور إبراهيم بن خالد بكتاب يسأل عن الإيمان ما هو ويزيد وينقص وقول أو قول وعمل أو وقول وتصديق وعمل فأجابه إنه التصديق بالقلب والاقرار باللسان وعمل الجوارح وسأله عن القدرية من هم فقال إن القدرية من قال أن الله لم يخلق أفاعلي العباد وأن المعاصي لم يقدرها الله على العباد ولم يخلقها فهؤلاء القدرية لا يصلي خلفهم ولا يعاد مريضهم ولا يشهد جنائزهم ويستتابون من هذه المقالة فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم وسألت الصلاة خلف من يقول القرآن مخلوق فهذا كافر بقوله لا يصلي خلفه وذلك أن القرآن كلام الله جل ثناؤه ولا اختلاف فيه بين أهل العلم ومن قال كلام الله مخلوق فقد كفر وزعم أن الله عز وجل حدث فيه شيء لم يكن وسالت يخلد في النار أحد من أهل التوحيد والذي عندنا أن نقول لا يخلد موحد في النار .
فهذا دليل على أن الرجل حفظ ما روى إذ قد روى عنه اثنان نفس القول - إلا أن اللالكائي اختصر الأول بعض الشيء ليذكر مجمل عقيدة أبي ثور رحمه الله.
شعيب بن حرب يقول قلت لأبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري حدثني بحديث من السنة ينفعني الله عز وجل به فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى وسألني عنه فقال لي من اين أخذت هذا قلت يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان الثوري وأخذته عنه فأنجو أنا وتؤاخذ أنت فقال يا شعيب هذا توكيد واي توكيد اكتب بسم الله الرحمن الرحيم القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود من قال غير هذا فهو كفر والإيمان قول وعمل ونية يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ولا يجوز القول إلا بالعمل ولا يجوز القول والعمل إلا بالنية ولايجوز القول والعمل والنية إلا بموافقة السنة، وانظر عقيدة شعيب بن حرب عن سفيان الثوري.