تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    بسم الله الرحمن الرحيم


    اعلم وفقك الله أن الإجماع منعقد بين السلف والأئمة على كفر تارك الصلاة, ولكنهم اختلفوا في ماهية الترك المكفر, وصورة الخلاف بين السلف تبين ذلك وتوضحه.
    فصورة الخلاف بين السلف والأئمة فيمن ترك صلاة واحدة متعمدًا حتى يخرج وقتها .
    فذهبوا إلى المذهبين المشهورين:
    الاول : التكفير بمجرد ترك صلاة واحد متعمدًا والقتل ردة.
    الثاني : التفسيق مع القتل تعزيرًا .
    وهذا الخلاف محصور في هذه الصورة, والفريق الثاني لم يخالف في التكفير مطلقًا وإنما خالف في هذه الصورة, ودليل ذلك أنه أوصل صاحبها إلى القتل تعزيرًا ,وبهذا يكونوا قد قطعوا الطريق على أن يوجد تارك بالكلية ليناقشوا هل هو كافر أم فاسق كما فرعه المتأخرون, فما أفقه سلفنا الصالح, وما ابعد المذاهب الحادثة عن مذهبهم, وهي ما بين مهدر لخلافهم أو مصحح لإيمان تارك الصلاة بالكلية .
    يقول الإمام أبو بكر الإسماعيلي في اعتقاد أئمة الحديث[1] :
    (( واختلفوا في متعمدي ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر, فكفّره جماعة .... وتأوّل جماعة منهم بذلك تركها جاحدًا لها )) . انتهى
    فهذا نص من الإمام على محل الخلاف وهو (ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها), وبرهان أن الخلاف بين السلف إنما هو فيمن ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها نصوص الطائفتين في متى يقتل هذا التارك سواء كانت القتل ردة أو تعزيرًا .
    فذُكر عن الطائفة الأولى ما يلي :
    يقول الإمام إسحاق بن راهويه : وينتظر تارك الصلاة إذا أبى من أدائها وقضائها في استتابته حتى يخرج وقتها وخروج وقت الظهر بغروب الشمس وخروج وقت المغرب بطلوع الفجر.
    ويقول الإمام أحمد فيما حكاه الميموني عنه : أما في الصلاة إذا تركها إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا يعنى قتل .

    وأما الطائفة الثانية المفسقة وهم القائلون بقتله تعزيرًا :
    فيقول الزين العراقي في طرح التثريب : " ثُمَّ هَلْ يُصَدَّقُ التَّرْكُ لَهَا بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَرْكِ الْخَمْسِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُقْتَلُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ إذَا أَخْرَجَهَا عَنْ آخِرِ وَقْتِهَا ، وَمِمَّنْ حَكَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَيَدُلُّ لَهُمْ حَدِيثُ { مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ } وَقَدْ تَقَدَّمَ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ خَمْسَةَ أَوْجُهٍ قَالَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِذَا تَضَيَّقَ وَقْتَهَا طَالَبْنَاهُ بِفِعْلِهَا وَقُلْنَا لَهُ : إنْ أَخْرَجْتهَا عَنْ وَقْتِهَا قَتَلْنَاك ، فَإِذَا أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَقَدْ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ وَلَا يُعْتَبَرُ بِضِيقِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إنَّهُ إنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْقَتْلَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ ، وَعَنْ الْإِصْطَخْرِيّ ِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَتْرُكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْقَتْلَ إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ وَامْتَنَعَ عَنْ الْقَضَاءِ ، وَعَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِعَدَدٍ وَلَكِنْ إذَا تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ قَدْرَ مَا يَظْهَرُ لَنَا اعْتِيَادُهُ لِلتَّرْكِ " . انتهى

    والشاهد أن حقيقة الخلاف هو كما تقدم في المتهاون التارك لصلاة واحدة حتى يخرج وقتها, ولكن الفقهاء المتأخرين فرّعوا على المسألة فروعًا فاسدة كما نص عليه ابن تيمية رحمه الله[2], وأدخلوا في الخلاف من يتركها بالكلية حتى يقتل !
    ولذلك فقد استشكل كثير من المتأخرين الشافعية مذهب الإمام الشافعي في قتل تارك الصلاة, فقال ابن دقيق العيد في الإحكام : " وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني استشكل قتله في مذهب الشافعي أيضًا ". انتهى
    وقال الزين العراقي في طرح التثريب : " وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا سُقُوطَ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ فِي حَقِّ تَارِكِ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ حَدًّا لَا كُفْرًا ، وَالتَّوْبَةُ لَا تُسْقِطُ الْحُدُودَ كَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ ". انتهى
    وهذا الاستشكالات عند فقهاء الشافعية تدل بوضوح على التباين بين تقريرهم في المسألة وبين تقرير إمامهم رحمه الله, وهي استشكالات صحيحة إذا ظنوا أن الإمام يذهب لعدم كفر التارك للصلاة مطلقًا ولو تركها بالكلية, وإنما يحكم عليه بالفسق وأن حده القتل, والحدود لا تسقط بالتوبة كحد الزاني وشارب الخمر, ولكن الصواب أن الإمام وغيره من القائلين بهذا المذهب من السلف إنما يقولون : بقتله تعزيرًا لتهاونه بتركه صلاة الفرض حتى يخرج وقتها بدون عذر, وأما التارك لها بالكلية وهو الممتنع عن أداءها, فليس بمؤمن إجماعًا عند السلف الذين يقولون أن الإيمان قول وعمل, وعلى ذلك تحمل الرواية الثانية عن الشافعي التي تنص على كفر تارك الصلاة كما أخرجها الطحاوي [3]. والله أعلم

    تنبيه :
    لا بد للباحث في هذه المسألة الحذر من الاقتصار في بحثها من كتب الأئمة المتاخرين من فقهاء المذاهب المتبوعة, وذلك لأن المسألة فقهية عقدية في بعض الجوانب بلا شك, ومثال ذلك:
    معنى الجحد عند السلف: فهو ليس محصورًا في التكذيب والإنكار, المقابلان لعدم التصديق وترك الإقرار, وجل الفقهاء يحملون القول الثاني للسلف في مسألة ترك الصلاة على هذا المعنى وهو باطل.
    فهذا المعنى كفر بالإجماع في الصلاة وفي غير الصلاة مما كان معلومًا من الدين بالضرورة, والصواب : أن الجحد عند السلف يشتمل على أمرين وهما : ترك التصديق والإقرار, وترك الالتزام والإذعان .
    وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال : " وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ : أَنَّهُ إنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْ وُجُوبَهَا فَهُوَ مَوْرِدُ النِّزَاعِ ... فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُ وَمَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا مَنْ يَجْحَدُ وُجُوبَهَا فَيَكُونُ الْجَحْدُ عِنْدَهُ مُتَنَاوِلًا لِلتَّكْذِيبِ بِالْإِيجَابِ وَمُتَنَاوِلًا لِلِامْتِنَاعِ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالِالْتِزَامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } ".انتهى
    فلله دره من إمام يحتذى به, فقد لاحظ رحمه الله أن الأية الأولى ذُكر فيها الجحد مرادفًا للتكذيب المضاد للتصديق, وأما في الأية الثانية فقد ذُكر الجحد وتضمن الإنكار المضاد للإقرار وتضمن الامتناع والاستكبار وهما ضد الالتزام والإذعان.
    وهذا المعنى موجود عند الإمام محمد بن نصر المروزي في مثال ضربه موضحًا أن الجحد يتناول الأمرين (ترك التصديق والإقرار, وترك الالتزام والإذعان) فيقول رحمه الله : " كمثل رجلين عليهما حق لرجل, فسأل أحدهما حقه. فقال : ليس لك عندي حق. فأنكر وجحد . فلم تبق له منزلة يحقق بها ما قال إذ جحد وأنكر. وسأل الآخر حقه, فقال : نعم لك عليّ كذا وكذا, فليس إقراره بالذي يصل إليه بذلك حقه دون أن يوفيه, وهو منتظر له أن يحقق ما قال بالأداء, ويصدق إقراره بالوفاء, ولو أقر ثم لم يؤد إليه حقه, كان كمن جحده في المعنى إذا استويا في الترك للأداء, فتحقيق ما قال أن يؤدي إليه حقه, فإن أدى جزءًا منه حقق بعض ما قال ووفي ببعض ما أقر به وكلما أدى جزءًا ازداد تحقيقا لما أقر به " . انتهى
    فالسلف يجعلون الجحد متناولًا لترك الإقرار ولترك الإذعان, وهم في مسألة تارك الصلاة إنما يعنون بالجحد هو ترك الإذعان والالتزام, ودليل ذلك ما نقل عنهم من استدلالهم بقوله تعالى مخبرًا عن يوسف { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } على أن الترك محمول على الجحد, وحاشا يوسف عليه السلام أن يكون قد أقر بالكفر ثم جحده بترك الإقرار به, وحاشاهم سلفنا الصالح أن يفهموا هذا الفهم, ولكن المراد أنه ترك ملة الكفر ردًا لها وممتنعًا عنها وتاركًا الالتزام بها, وهذا هو الجحد الذي عُلق به كفر تارك الصلاة عند جماعة من السلف وهو مناط ترك الصلاة بالكلية .
    يقول البغوي رحمه الله في قوله تعالى { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } : ولم يكن قط في ملتهم . انتهى
    ويقول الألوسي رحمه الله : والمراد بالترك الامتناع فإنه لم يتلوث بتلك قط كما يفصح عنه ما يأتي من كلامه عليه السلام .انتهى
    ويقول الشوكاني رحمه الله : والمراد بالترك هو عدم التلبس بذلك من الأصل لا أنه قد كان تلبس به ثم تركه . انتهى
    ويقول ابن سعدي رحمه الله : والترك كما يكون للداخل في شيء ثم ينتقل عنه، يكون لمن لم يدخل فيه أصلًا .انتهى
    وبرهان ما تقدم ما أخرجه محمد بن نصر المروزي : حدثنا محمد بن عبدة قال سمعت يعمر بن بشر أبا عمرو . قال سمعت عبد الله بن المبارك رضى الله عنه قال : من أخر صلاة حتى يفوت وقتها متعمدًا من غير عذر كفر . ثم قال (يعمر): خالفنى سفيان (وهو الثوري) وغيره من أصحاب عبد الله وأنكروه . فدخلوا على عبد الله بالزبدانقان فأخبروه أن يعمر روى عليك كذا وكذا ولم ينكره . وقال (ابن المبارك): فما قلت أنت ؟ فقال سفيان لعبدالله : إنه روى عليك كذا وكذا . فقال له عبد الله : فما قلت أنت ؟ قال (سفيان) : إذا تركها ردًا لها . فقال (ابن المبارك) : ليس هذا قولي, قست عليّ يا أبا عبد الله .
    فقول سفيان وهو الثوري رحمه الله ظاهر في أن الخلاف في صفة الترك الذي يكون كفرًا, فقوله (إذا تركها ردًا لها) يعني إذا تركها ممتنعًا كفر ككفر إبليس كما بيّن ذلك ابن نصر عن شيخه الإمام ابن راهويه رحمهما الله في تعظيم قدر الصلاة .
    يقول شيخ الإسلام : " أَنْ لَا يَجْحَدَ وُجُوبَهَا لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْتِزَامِ فِعْلِهَا كِبْرًا أَوْ حَسَدًا أَوْ بُغْضًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَيَقُولُ : اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالرَّسُولَ صَادِقٌ فِي تَبْلِيغِ الْقُرْآنِ وَلَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ عَنْ الْتِزَامِ الْفِعْلِ اسْتِكْبَارًا أَوْ حَسَدًا لِلرَّسُولِ أَوْ عَصَبِيَّةً لِدِينِهِ أَوْ بُغْضًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَهَذَا أَيْضًا كَافِرٌ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّ إبْلِيسَ لَمَّا تَرَكَ السُّجُودَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا لِلْإِيجَابِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاشَرَهُ بِالْخِطَابِ وَإِنَّمَا أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ " . انتهى
    جاء في المصباح المنير : " رَدَدْتُ الشيء ( رَدًّا ) منعته فهو ( مَرْدُودٌ ) وقد يوصف بالمصدر فيقال ( فَهُوَ رَدٌّ ) " . انتهى
    وأصل هذا المعنى ذكره الزبيدي في تاج العروس وجعل أصله الرد ضد الإعطاء وهو رد الحرمان والمنع من قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تَرُدُّوا السَّائِلَ ولو بِظِلْف ) أَي لا تَرُدُّوه رَدَّ حِرْمَانٍ بلا شيءٍ ، ولو أَنه ظِلْفٌ ".انتهى

    فالسلف لا يختلفون في التكفير بالامتناع عن الصلاة وتركها بالكلية, وإنما يختلفون في صورة من ترك الصلاة متعمدًا حتى خرج وقتها, فالذين قالوا : يقتل تعزيًرا إنما قصدهم هذا المتهاون, وليس كل تارك ولو كان تركه لها بالكلية .
    وإجماع الصحابة رضي الله عنهم في كفر تارك الصلاة محفوظ وثابت, وإنما الخلاف بينهم وفيمن بعدهم من الأئمة هو في صفة الترك الذي يكفر به صاحبه .
    ومن يجعل إجماع الصحابة رضي الله عنهم فيمن يترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها فقد أخطأ, ومذهب الأئمة ابن المبارك وأحمد وإسحاق وابن نصر وابن باز والوادعي رحمهم الله براء منه, فهذا المذهب لم ينقل إجماعًا, وإنما يروى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم, وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة على أن مقتضى المنقول عن ابن مسعود رضي الله عنه أن تركها بالكلية هو الكفر وهو المختار عنده.
    يقول ابن تيمية رحمه الله : " قول عمر لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة أصرح شيء في خروجه عن الملة وكذلك قول ابن مسعود و غيره مع أنه بيّن إن إخراجها عن الوقت ليس هو الكفر و إنما هو الترك بالكلية و هذا لا يكون إلا فيما يخرج عن الملة " . انتهى
    وقال رحمه الله في موطن أخر من شرح العمدة : " فسره ابن مسعود - أي الترك المكفر - وبين أن تأخيرها عن وقتها - يقصد إخراجها عن وقتها - من الكبائر و أن تركها بالكلية كفر ". انتهى
    والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
    أبو طارق

    ______________________

    [1] اعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلي مع شرحه للشيخ حمد العثمان حفظه الله (ص 341).
    [2] يقول شيخ الإسلام كما في المجموع: " وَأَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى التَّرْكِ: فَقَدْ ذَكَرَ عَلَيْهِ الْمُفَرِّعُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فُرُوعًا.
    أَحَدُهَا هَذَا، فَقِيلَ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ: مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
    وَإِذَا صِيرَ حَتَّى يُقْتَلَ فَهَلْ يُقْتَلُ كَافِرًا مُرْتَدًّا، أَوْ فَاسِقًا كَفُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ.
    حُكِيَا رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهَذِهِ الْفُرُوعُ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَهِيَ فُرُوعٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالصَّلَاةِ فِي الْبَاطِنِ، مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا، يَمْتَنِعُ أَنْ يُصِرَّ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى يُقْتَلَ، وَهُوَ لَا يُصَلِّي هَذَا لَا يُعْرَفُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَعَادَتِهِمْ ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ هَذَا قَطُّ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تُصَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاك، وَهُوَ يُصِرُّ عَلَى تَرْكِهَا، مَعَ إقْرَارِهِ بِالْوُجُوبِ، فَهَذَا لَمْ يَقَعْ قَطُّ فِي الْإِسْلَامِ.
    وَمَتَى امْتَنَعَ الرَّجُلُ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يُقْتَلَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَاطِنِ مُقِرًّا بِوُجُوبِهَا، وَلَا مُلْتَزِمًا بِفِعْلِهَا، وَهَذَا كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا اسْتَفَاضَتْ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ بِكُفْرِ هَذَا، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ ".انتهى
    [3]ما نقل عن الإمام الشافعي رحمه الله مما يدل على مذهبيه في التكفير والتفسيق :
    قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الأم (باب - التشديد في ترك الجمعة) : " حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاونًا كان قد تعرض شرًا إلا أن يعفو الله, كما لو أن رجلًا ترك صلاة حتى يمضى وقتها كان قد تعرض شرًا إلا أن يعفو الله" . انتهى
    قال الطحاوي رحمه الله في المشكل - باب ما روي في تارك الصلاة لا على الجحود لها - : " وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ كَمَا ذَكَرْنَا فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ مَنْ يُسْتَتَابُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا وَجَعَلَهُ مِنْ فَاسِقِي الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ " .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة
    اعلم وفقك الله أن الإجماع منعقد بين السلف والأئمة على كفر تارك الصلاة
    ممكن مرجع؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حازم المكي مشاهدة المشاركة
    ممكن مرجع؟
    أخرج الخلال رحمه الله في السنة :
    1379- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبر أَبِي الْحَجَّاجِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ , قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا كَانَ فَرْقُ بَيْنِ الْكُفْرِ وَبَيْنَ الإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : الصَّلاَةُ.
    1372- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ : بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ أَنْ يُشْرِكَ فَيَكْفُرَ أَنْ يَدَعَ الصَّلاَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.


    وأخرج الإمام الترمذي رحمه الله في الجامع :
    2546 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِتَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ .

  4. افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    المسألة خلافيَّة قديمة ، ولم يجمع السلف على كفر تارك الصلاة ، أمَّا الأحاديث التي نصت على كفر التارك فتأولها الجمهور كما تأول جميع أهل السنَّة قوله صلى الله عليه وسلم : "سبابُ المسلم فسوقٌ وقتاله كفر" ، ومعلومٌ أنَّ قتل المسلم ليس بالكفر الناقل عن الملة ..

    ومِن الأدلة على عدم انعقاد الإجماع : ما رويَ عن سفيان بن عيينة ، قال أبو بكر الآجُرِّي رحمه الله في كتاب الشريعة : (وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الصفَّار ، قال : حدثني محمد بن عبد الملك الـمَصِّيصي أبو عبد الله ، قال : كنَّا عند سفيان بن عُيينة في سنة سبعين ومئة ، فسألهُ رجلٌ عن الإيمان ، فقال : "قولٌ وعمل" ، قال : يزيدُ وينقص ؟ ، قال : "يزيدُ ما شاء الله وينقص حتى لا يبقى شيءٌ مِنه مثل هذه" وأشار سُفيان بيدهِ ، قال الرجل : كيف نصنعُ بقومٍ عندنا يزعمون أنَّ الإيمانَ قولٌ بلا عمل ؟! قال سفيان : "كان القولُ قولهم قبل أن تنزل أحكام الإيمان وحدودهُ ، ثمَّ إنَّ الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة أن يقولوا : لا إله إلا الله ، وأنَّهُ رسول الله ، فإذا قالوها عصموا بها دمائهم وأموالهم إلاَّ بحقها وحسابهم على الله تعالى ، فلمَّا علم الله صدق ذلك مِن قلوبهم ، أَمَرهُ أن يأمرهم بالصلاةِ فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرارُ الأوَّل ، فلمَّا علم الله صدق ذلك مِن قلوبهم أمرهُ أن يأمرهم بالهجرة إلى المدينَة ، فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرارُ الأوَّل ولا صلاتهم ، فلمَّا علم الله صدق ذلك مِن قلوبهم ، أمرهُ أن يأمرهم بالرجوع إلى مكة فيقاتلوا آباءهم وأبناءهم حتى يقولوا كقولهم ، ويصلوا صلاتهم ويهاجروا هجرتهم ، فأمرهم ففعلوا ، حتى أخذ أحدهم برأس أبيهِ فقال : يا رسول الله هذا رأسُ الشيخ الكافر ، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرارُ الأوَّل ولا صلاتهم ولا هجرتهم ولا قتالهم ، فلمَّا علم الله صدق ذلك مِن قلوبهم أمرهُ أن يأمرهم بالطواف بالبيت تعبُّدًا ، وأن يحلقوا رؤوسهم تذلُّلاً ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأوَّل ولا صلاتهم ولا هجرتهم ولا قتلهم آباءهم ، فلما علم الله صدق ذلك مِن قلوبهم أمرهُ أن يأخذ مِن أموالهم صدقة تطهرهم ، فأمرهم ففعلوا ، حتى أتوا بها قليلها وكثيرها ، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرارُ الأوَّل ولا صلاتهم ولا مهاجرتهم ولا قتلهم آباءهم ولا طوافهم ، فلما علم الله الصدق في قلوبهم فيما تتابعَ عليهم مِن شرائع الإيمان وحدودهِ ، قال الله له : قُل لهم {اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا}" قال سفيان : "فمن تركَ خلَّةً مِن خلال الإيمان جاحدًا كان بها عندنا كافرًا ، ومَن تركها كسلاً أو تهاونًا أدَّبناهُ ، وكان بها عندنا ناقصًا ، هكذا السُّــنَّة ، أَبلِغهَا عنِّي مَن سألكَ مِن الناس") انتهى . رواه أبو بكر الآجُرِّي في الشريعة برقم (197) ج2/ص557 .

  5. افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    قال الإمام الحافظ ابن عبد البر في التمهيد ، لما حكى قول الجمهور في أنَّ تارك الصلاة لا يكفر إلا بعد الجحد : (هذا قولٌ قد قال به جماعةٌ مِن الأئمة ممن يقول : الإيمان قولٌ وعمل . وقالت به المرجئة أيضًا ، إلاَّ أن المرجئة تقول : المؤمن المُقرُّ مستكمل الإيمان . وقد ذكرنا اختلاف أئمة أهل السنَّة والجماعة في تارك الصلاة) انتهى . التمهيد (ج2/ص376) ط. دار الفكر .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    الذي لا تريد الانتباه له وفقك الله, الفرق بين كلام المرجئي وبين كلام السني حول مسألة ترك الصلاة .
    فالمرجئي إذا قال : من تركها جاحدًا كفر , فهو يعني بالجحد , ناقض قول القلب, لأن الإيمان عنده قول فقط.
    واما السني إذا قال : من تركها جاحدًا كفر , فهو يعني بالجحد , ناقض عمل القلب من الامتناع والاستكبار المستلزم لتركها بالكلية, لأن الإيمان عند السني قول وعمل.
    وقد نقل ابن نصر المروزي عن شيخه إسحاق بن راهويه بيانًا شافيًا حول مذاهب المُكفّرين فنص ابن راهويه أن طائفة من أهل العلم جعلوا ترك الصلاة كفرًا, إذا كان تركها كترك إبليس السجود لآدم عليه السلام, يعني إباءًا واستكبارًا, ثم ذكر قول طائفة ثانية من أهل العلم وأنهم حملوا الكفر في الأحاديث على تارك الصلاة إذا ثبت على تركها حتى يموت .
    ثم قال ابن راهويه : وهذا القول قريب من قول الطائقة التي رأت الترك الجحد[1]. ومقصوده رحمه الله الطائفة الأولى الذين حملوا الكفر على الإباء والاستكبار ككفر إبليس الرجيم .
    وهذا صريح في أن الجحد عندهم هنا ليس هو التكذيب المضاد للتصديق أو الإنكار المضاد للإقرار, وإن كانوا رحمهم الله يجعلون ما في القلب من الالتزام والإذعان, لوازم للتصديق , وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم .
    ثم نص محمد بن نصر المروزي على معنى ما تقدم عن شيخه رحمهما الله فقال[2] : " قد حكينا مقالة هؤلاء الذين أكفروا تارك الصلاة متعمدًا, وحكينا جملة ما احتجوا به, وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث, وقد خالفتهم جماعة أخرى من أصحاب الحديث, فأبوا أن يكفروا تارك الصلاة إلا إن يتركها جحودًا أو إباء واستكبارًا واستنكافًا ومعاندة فحينئذ يكفر ".انتهى
    فقوله (( فأبوا أن يكفروا تارك الصلاة إلا إن يتركها جحودًا أو إباء واستكبارًا واستنكافًا ومعاندة فحينئذ يكفر )) وهو الترك الكلي, فعُلم بذلك أن خلاف السلف, في ماهية الترك المكفر والله الموفق .

    ________________________
    [1] انظر تعظيم قدر الصلاة الأثار أرقام (997), (998), (999), (1000) .
    [2] تعظيم قدر الصلاة ص592 ط الربيش .

  7. افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة
    الذي لا تريد الانتباه له وفقك الله, الفرق بين كلام المرجئي وبين كلام السني حول مسألة ترك الصلاة .
    فالمرجئي إذا قال : من تركها جاحدًا كفر , فهو يعني بالجحد , ناقض قول القلب, لأن الإيمان عنده قول فقط.
    واما السني إذا قال : من تركها جاحدًا كفر , فهو يعني بالجحد , ناقض عمل القلب من الامتناع والاستكبار المستلزم لتركها بالكلية, لأن الإيمان عند السني قول وعمل.
    مِن أين لك هذا الفهم شيخنا الفاضل ؟
    بل السني إذا قال (تركها جاحدًا لها) : فيعني ذلك منكرًا لوجوبها أو مُنكرًا لها بالكلية ، وهو عمل القلب .. ولا يعني ذلك الامتناع ، فتفسيرك للجحد عند السني بالامتناع أو الاستكبار تفسيرٌ باطل ، وعليك بالبرهان ، وليس استنباطًا مِن فهمك !

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح الجبرين مشاهدة المشاركة
    بل السني إذا قال (تركها جاحدًا لها) : فيعني ذلك منكرًا لوجوبها أو مُنكرًا لها بالكلية ، وهو عمل القلب .. ولا يعني ذلك الامتناع ، فتفسيرك للجحد عند السني بالامتناع أو الاستكبار تفسيرٌ باطل ، وعليك بالبرهان ، وليس استنباطًا مِن فهمك !
    صدقت فالجحد يتناول إنكار الوجوب, أو الامتناع عن الفعل إباءًا واستكبارًا وهو الترك الكلي, والثاني هو المقصود عند السلف في مسألة ترك الصلاة, والبرهان استدلالهم بقول يوسف عليه السلام { إني تركت ملة قوم ... الأية } والترك هنا الامتناع عن الدخول في ملة الكفر وترك يوسف كان كليًا, لاستحالة معنى الإنكار عليه عليه السلام المستلزم للإقرار ثم الإنكار وحاشاه الكريم ابن الكريم ابن الكريم والله الموفق.

  9. افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة
    صدقت فالجحد يتناول إنكار الوجوب, أو الامتناع عن الفعل إباءًا واستكبارًا وهو الترك الكلي, والثاني هو المقصود عند السلف في مسألة ترك الصلاة, والبرهان استدلالهم بقول يوسف عليه السلام { إني تركت ملة قوم ... الأية } والترك هنا الامتناع عن الدخول في ملة الكفر وترك يوسف كان كليًا, لاستحالة معنى الإنكار عليه عليه السلام المستلزم للإقرار ثم الإنكار وحاشاه الكريم ابن الكريم ابن الكريم والله الموفق.
    الجحد لا يتناول الامتناع عن الفعل ، وهذا قولك أنت فقط ، وليس فهم أهل السنَّة ، أمَّا الاستدلال بقصة يوسف فهو ترك دين لا يشترط الجحد ، وليس كترك المسلم للفريضة . فرق بين الاثنين !!

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح الجبرين مشاهدة المشاركة
    أمَّا الاستدلال بقصة يوسف فهو ترك دين لا يشترط الجحد، وليس كترك المسلم للفريضة . فرق بين الاثنين !!
    بصرّك الله بالصواب .
    السلف هم الذين أطلقوا على ترك يوسف عليه السلام بأنه جحد, وقصدوا الامتناع وهو الترك الكلي وليس هذا من كيسي عفا الله عنك .
    قال الإمام الاسماعيلي في اعتقاد ائمة الحديث : " واختلفوا في متعمدي ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر، فكفره جماعة لما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: « (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) » وقوله: « (من ترك الصلاة فقد كفر) » و: « (من ترك الصلاة فقد برأت منه ذمة الله) » وتأول جماعة منهم بذلك من تركها جاحدًا لها، كما قال يوسف عليه السلام: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [يوسف: 37] ". انتهى المقصود, فالاستدلال بهذه الأية يمنع من زعم من زعم أنهم أرادوا الجحد بمعنى إنكار الوجوب, وهذا ظاهر, لاسيما وإن الاستدلال على كفر منكر الواجبات لا يفتقر للاستدلال أصلًا فهو مجمع عليه بين الطوائف في الصلاة وفي غير الصلاة, لذا فهم قصدوا بالجحد الترك الكلي للصلاة واستدلوا عليه بترك يوسف عليه الصلاة لملة الكفر, وهو ترك مستمر مقرون بقصد الترك, والترك إذا قُصد كان فعلًا .
    من الإزراء بالسلف أن يُنسب إليهم أنهم قصدوا إنكار الوجوب واستدلوا له بترك يوسف عليه السلام, فهذا لا يليق بك فضلًا بهم .
    ولو أنهم أرادوا حمل الكفر الذي في الأحاديث على إنكار الوجوب لما احتاجوا للإستدلال أصلًا للإجماع عليه فضلًا عن هذا الاستدلال الخاطئ البيّن.
    وتنبه يا أخي بأن الأئمة من أهل السنة فرّقوا بين ترك المباني الأربعة وبين الوقوع في الكبائر, فالأولى وقعوا الخلاف في تكفير تاركها المقر بوجوبها, وأما الثانية كالزنا والربا ونحوها فلا خلاف في عدم كفر فاعلها إلا بالاستحلال وهو ترك الإقرار بوجوبها.
    وهذا معنى ما قاله سفيان بن عيينة عندما سئل عن الإرجاء فقال : " يقولون : الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل، والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله؛ مصراً بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليس بسواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية، وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو كفر". انتهى من كتاب السنة لعبد الله بن أحمد (745).
    فتأمل قوله (( مصرًا بقلبه على ترك الفرائض )) فهذا هو الجحد الذي عناه بعض السلف وأناطوا به الكفر في أحاديث ترك الصلاة, والله الموفق.

  11. افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة
    بصرك الله, السلف هم الذين أطلقوا على ترك يوسف عليه السلام بأنه جحد, وقصدوا الامتناع وهو الترك الكلي وليس هذا من كيسي عفا الله عنك .
    قال الإمام الاسماعيلي في اعتقاد ائمة الحديث : " واختلفوا في متعمدي ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر، فكفره جماعة لما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: « (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) » وقوله: « (من ترك الصلاة فقد كفر) » و: « (من ترك الصلاة فقد برأت منه ذمة الله) » وتأول جماعة منهم بذلك من تركها جاحدًا لها، كما قال يوسف عليه السلام: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [يوسف: 37] ترك جحود الكفر". انتهى
    فالاستدلال بهذه الأية يمنع من أنهم أراد الجحود بمعنى إنكار الوجوب, وهذا ظاهر .
    عندي ليس ظاهر .. وأنا طلبت البرهان على كون الجحد عند السلف يعني الامتناع !! فأين وجدتَ هذا ؟! أريدهُ نصًّا لا مِن فهمك ..
    ثم يا شيخ بارك الله فيك ، أنا أقول بكفر تارك الصلاة ، لكني لا أقول بأنَّ هناك إجماعًا ، وأريد سؤالك : هل نكفر من لم يكفر تارك الصلاة ؟ وهل الإجماع قطعي أم ظني ؟

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    أنا قد حررت البرهان فيما سبق ولعلك لم تطلع على الإضافة, فأرجع وتأملها تكرمًا .
    والمقصود بارك الله فيك, ليس إلزام المخالف بالإجماع , وإنما بيان أن المسألة له تعلق بدخول العمل في الإيمان, وأن السلف وكل من يقول بأن العمل من الإيمان, لا يسعهم أن يختلفوا في التكفير بترك الصلاة بالكلية, ولكنه يسعهم أن يختلفوا في مطلق الترك وهذا الخلاف هو الواقع بين السلف ولا شك في تسويغه.

  13. #13

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ بعد أن عرض قولي العلماء : وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَدِلَّةً عِنْدِي : قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَافِرٌ ، وَأَجْرَى الْأَقْوَالَ عَلَى مُقْتَضَى الصِّنَاعَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَعُلُومِ الْحَدِيثِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ : إِنَّهُ كُفْرٌ غَيْرُ مُخْرِجٍ عَنِ الْمِلَّةِ لِوُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ إِذَا أَمْكَنَ ، وَإِذَا حُمِلَ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْأَحَادِيثِ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ حَصَلَ بِذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ ; لِأَنَّ إِعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْأُصُولِ وَعِلْمِ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (بَعْدَ أَنْ سَاقَ أَدِلَّةَ مَنْ قَالُوا إِنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ ، مَا نَصُّهُ : وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يُوَرِّثُونَ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَيُوَرَّثُونَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَلَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ .
    وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَفَّرَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَبُرَيْدَةَ ، وَرِوَايَةِ ابْنِ شَقِيقٍ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَارَكَ الْكَافِرَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ الْقَتْلُ ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ نُصُوصِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا . انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
    أضواء البيان ( 3 / 455 ـ 456 ).
    لو كنت تعقل نعمة الرحمن ..... ما كنت سباقا إلى العصيان
    فكيف وجدت عاقبة المعاصي ...أم كيف يعصي حامل القرآن
    حسبي الله ونعم الوكيل .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    62

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    ،،

    \\

    قد حررت هذه المسألة في وقت مضى

    وأظهر الأقوال وأقواها أنه بمجرد ترك الصلاة تهاونا وكسلا يكفر

    ولدي أدلة عقلية وشرعية على صحة كلامي إن شاء الله

    بـــ الرغم من جزمي بــــ أن قول الجمهور لايكفرونه

    ولـــ الإفادة والإستزداة

    اختلف الجمهور الذي يرون بكفر تارك الصلاة جحدًأ وعمدًا بها

    منهم من قال إذا دعي إلى الصلاة وأمر بها ولم يصلي فهذا تعمدًا منه ليس كسلا

    على العموم أعود إلى المسألة

    إن قول من ترك صلاة واحدة فقد كفر هذه تحتاج إلى تحقيق لأن الشيخ العلامة ابن عثيمين

    رد على هذا القول فــــ قال

    لو كان من يترك صلاة واحدة كافر لقال الرسول صلى الله عليه وسلم

    "العهد الذي بيننا وبينهم صلاة " لكنّه قال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة

    لو كان تارك صلاة واحدة يكفر لقال الرسول صلى الله عليه وسلم

    " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك صلاة " لكنه قال ترك الصلاة

    لدي دليل قوي مفحم على كفر تارك الصلاة تهاونًا وكسلا ً

    متى يجوز الخروج على الحاكم .!؟

    بعد أن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيكون من بعده خلفاء يستنون بغير سنته

    ويقتفون بغير أثره فسألوه الصحابة هل يخرجون على هؤلاء بسيوفهم

    "قال : لا
    ، ما أقاموا فيكم الصلاة "

    وفي رواية أخرى

    قال لا حتى تروا كفرًا بواحا لكم فيه من الله برهان

    فــــ دل أن تارك الصلاة تهاونًا وكسلا ً كافر

    إذ لايعقل أن حاكم يترك الصلاة ثم يسأله الرعية حتى يتحققون من الشرط الذي

    قيده لهم رسول الله فيقول لهم لا أنا فقط تركتها تهاونًا وكسلا لا جحدًا وعمدًا بها
    ،،

    \\

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: تحرير صورة المسألة في الخلاف بين السلف في حكم ترك الصلاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة

    فالسلف لا يختلفون في التكفير بالامتناع عن الصلاة وتركها بالكلية, وإنما يختلفون في صورة من ترك الصلاة متعمدًا حتى خرج وقتها, فالذين قالوا : يقتل تعزيًرا إنما قصدهم هذا المتهاون, وليس كل تارك ولو كان تركه لها بالكلية .
    النكت الدالة على البيان للقصاب

    ولا أعلم بين الأمة خلافا في أن الخارج من الكفر إلى الإيمان لو قال: أؤمن بالله وأؤمن بأن الصلاة والزكاة حق، ولكن لا أقيمهما وأقتصر على القول بالشهادة - أنه لا يقبل منه، وأنه كافر كما كان حلال الدم والمال، وأن الذي يحرم دمه بالشهادة هو الذي يحمل عليه في الحرب فيظهر القول بها أو يجيء متبرعا فيقولها ويسكت ليؤمر بالصلاة والزكاة على الأيام ولا يشترط ترك الصلاة والزكاة في وقت إسلامه.




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •