ملحمة الشباب ..
إلى ثوارنا وشهدائنا الشباب، أولادنا الذين حملوا همّ الأمة، ففتحوا صدورهم العاريةَ لنسيم الحرية، وهفت نفوسهم لعبير الجنة، فانطلقوا يهدمون الخوف، ويبنون الأمل..
أودعْتُكَ اللهَ ربَّ العرش يا ولدي* *يا حبّةَ القلبِ بل يا بَضعَةَ الكَبِدِ
إني نذرْتُكَ للرحمن خالصةً* *وهْوَ الحفيظُ ... عليه اليومَ مُعتمدي
أقصانيَ الدهرُ عن عينيكَ مبتعِداً* *ووجْهُكَ العذْبُ عنّي غيرُ مبتعِدِ
يَمرُّ طيفُكَ في قلبي، فأحضنُهُ* *شوقاً إليكَ، وفي عقلي، وفي خلَدي
أستحضرُ الطيفَ وهْماً كلَّ سانحةٍ* *لأحتسي منهُ كأسَ الصبْرِ والجلَدِ
أقبّلُ الجبهةَ الشمّاءَ، ألمِسُها* *وأمسحُ الوجنةَ الأسنى بملءِ يدي
وألثمُ الطهْرَ في عينيكَ، أرّقهُ* *ليلٌ من الزيفِ غَشّى الفجْرَ بالنّكَدِ
ليلٌ تطاولَ حتّى قال قائلهُ: * * ما للنهارِ؟ أما للّيلِ من أمَدِ؟
و(طغمةٌ) للخنا والبغيِ أجّجها* *حقدٌ دفينٌ، غَذاها الكُفْرُ بالمدَدِ
قد نكّلتْ بدمِ الأحرارِ، ما رَقَبَتْ* *في الله إلاًّ ، ولم ترفُقْ على أحَدِ
أوهَتْ عُرى الدين في أرضٍ مباركةٍ* *من الشآمِ، وغُلَّ الدينُ بالصّفَدِ
وباعتِ الأرضَ للأوغادِ سائغةً* *لم تَبْنِ للدينِ أركاناً ولم تَشِدِ
أرخى لها الغربُ حبلاً من مودتهِ* *وما دَرَوا أنه حبلٌ من المسَدِ
ذقْنا بها الويلَ أضعافاً مضاعفةً* *لكنها النارُ تنفي وَخْمَةَ الزَّبَدِ
ما زال ثأرُ حماةَ الثُّكْلِ مُتَّقِداً* *يستصرخُ النخوةَ العَرباءَ في بلدي
ما زال جرحُ الثكالى الطاهراتِ بلا* *آسٍ، يمجُّ نجيعَ القهر من جسدي
الأربعونَ كَوَتْنا نارُ جمرتها* *وقد هَرِمْنا، وجَمْرُ الظلمِ لم يَكَدِ
* * *
وجئتَ يا ولدي الدنيا على قَدَرٍ* *وزينةُ العمْرِ شطْرُ المالِ والولَدِ
فرَشْتُ دربَكَ آمالاً أزيّنُها* *وأرسمُ العُمْرَ آفاقاً من الرغَدِ
محَضْتُكَ الحبَّ صِرْفاً ما بخلتُ بهِ* *حتى استويتَ شباباً زِينَ بالرَّشَدِ
واشتدَّ في كنَفِ الإيمان عودُكَ لم* *يَستهْوِكَ الزُّخرُفُ الخدّاعُ أو يَصِدِ
حمَّلتَ همّكَ قلباً يافعاً فسَرَى* *في عودِكَ الغضّ نَسْغُ الحقِّ والسَّدَدِ
وبِعتَ لله نفْساً قطّ ما خضعَتْ* *ولا استكانت لغير الواحدِ الأحدِ
كأنكَ اليومَ حِبُّ المصطفى انبلجتْ* *=عنه الليالي، جلاءَ الأعيُنِ الرُّمُدِ
* * *
كيفَ انتفضتَ، ولم يلسعْكَ مَيسَمُها* *أكنتَ تلمس ما في القلب من كَمَدِ
نَهضْتَ من قمقمِ الظّلْماتِ تَحْطِمُهُ* *لتسكبَ النورَ في بُردَيكَ للأبَدِ
حطّمتَ فينا جدارَ الخوفِ، هَوَّلَهُ* *كَرُّ السنين، ووجْهٌ للزنيمِ رَدِي
ناديتَ يا ربّ ما لي عن جَداكَ غِنًى* *إنّي استعنتُ على الطاغوتِ بالصَّمَدِ
وقلتَ دعني؛ فرَوْحُ الخلْدُ في رئتي* *والصوتُ في أذُني، والطيبُ في بُرُدي
* * *
فاسلكْ سبيلكَ للفردوسِ منبعثاً* *يا خيرَ مُقْتَبِلٍ للهِ مُنجَرِدِ
لكلّ شيءٍ مَدًى لا بدَّ بالغُهُ* *والله يَقْدُرُ للغايات والأمَدِ