,.يقول الشيخ :
ولقد تهتُ شخصياً عن هذا المعنى زمنا !

ولي في هذا الشأن قصة أذكرها لعل فيها ما ينبئ عما تعانيه حركة التدين في المجتمع اليوم ؛ عسى أن نتمكن من تشخيص مكمن الداء .

وذلك أني في فهمي للدين عموماً ، وللعقيدة منه خصوصاً ، مررت بثلاث مراحل : المرحلة الأولى هي التي ورثتها عن بيئتي الإسلامية التقليدية ؛ حيث كان الدين بالنسبة لي سلوكاً خاصاً بالشيوخ ، وكأنما هو على طائفة الشباب نفل وتطوع ، ثم إن معنى « لا إله إلا الله » كان أقرب عندي إلى الشعار منه إلى ( الشهادة ) ! فلم أكن أفهم منها أكثر من مجرد كونها عنوان الدخول إلى الإسلام ، واكتساب صفة ( مسلم ) ، كما هي عند سائر الناس . لكن هذا المعنى ولله الحمد لم يدم في تصوري طويلاً ؛ فقد انتبهت في مرحلة الشباب الأولى إلى شيء اسمه ( الحركة الإسلامية ) ؛ وذلك بسبب ما كان يصلني عنها من أصداء وصراعات ، خاصة في الصف الطلابي بالجامعة ! وأنا آنئذ ما أزال تلميذاً بالصف الثانوي .
فكانت تلك إذن هي المرحلة الثانية في حياتي الدينية ، وبحلولها زالت الصورة الأولى التقليدية من ذهني ، وأبدلتها بما صرت أتلقاه من أدبيات إصلاحية ، ومقولات دعوية جديدة ، مثل : ( الإسلام دين ودولة ، ومصحف وسيف .. إلخ ) . ثم بدأ الوعي يتطور في الاتجاه نفسه ، إلى تقرير أن ( لا إله إلا الله منهج حياة ! ) وأن ( الحاكمية لله ) وهكذا بدأ الوعي الديني يتسع في وجداني شيئاً فشيئاً ، حتى انخرطتُ في حركة الوعي الإسلامي عاملاً بهذه المفاهيم مجاهداً في سبيلها .
لكني أصدقكم القول : لقد مر عليَّ دهر وأنا أعمل على هذه التصورات ، دون أن أجد للدين لذة في وجداني ؛ هذه هي الحقيقة . إنني لا أتهم تلك التصورات بالقصور ، كلا ؛ فما زلت أومن بأن الإسلام مصحف وسيف ، ودين ودولة ! وأن ( لا إله إلا الله ) منهج حياة بالفعل . وما أحسب أن ذلك يخالف فيه أحد من المسلمين الصادقين . ولكن .. كانت ظروف التلقي سيئة للغاية . لقد انفتح وعيي الجديد هذا على مرحلة ( رد الفعل غير المتوازن ) في تاريخ الأمة المعاصر ، فكان أن تلقيت كل التصورات الجديدة في سياق مواجهة الغرب ، ومقاتلة العلمانية ، ومدافعة
الماركسية ؛ ومجاهدة الطغيان السياسي ، والظلم الاجتماعي ؛ فاكتسبت من صفات المحامي كثيراً ، بيد أني لم أكتسب من سلوك المؤمن إلا قليلاً ، فعشت مع الناس أكثر مما عشت مع الله ؛ لأن هذه الظروف جعلتني أفهم عقيدة « لا إله إلا الله » في سياق واحد ووحيد : هو أن ( الحاكمية ) إنما هي لله . وبدا لي زمناً أن ما سوى تصحيح قضية الحكم والتشريع في الدولة جزئيات من الدين ، لا تستحق أي اهتمام !

وكانت لنا أنشطة في هذه الاتجاهات ، فبدأت ألاحظُ أن معي على الجبهة الواحدة ، من يخطب الليل كله ، ولا يصلي لله فريضة واحدة في وقتها ! فإن فعل فبلا خشوع ولا طمأنينة ، ينقرها نقر الغراب . لقد تعلمنا شهوة الكلام . نعم ! اتبعنا الشهوات وأضعنا الصلاة إلا قليلاً . وبدأت أرى الآفات الخطيرة تعصف بالصف الإسلامي : العُجْب ، وحب الرياسة ، والتصدر أمام وسائل الإعلام . ورأيت بأم عيني أن هناك فتنة أخرى ، لم أعرفها من قبل : هي فتنة ( الكاميرا ) ، أو فتنة ( الميكرفون ) كما سماها بعض الظرفاء ! ورأيت رقة في الدين تجتاح الصفوف المتدينة كالوباء الفتاك ، وسقوطاً هنا وهناك ، يتتابع بين الإخوان والأخوات على السواء !

المنادي ينادي للصلاة : حي على الصلاة ! حي على الفلاح ! وخطاب الواجهة الفاتنة المفتونة مستمر كأنه لا يسمع شيئاً . وضربت الصفوفَ الدينية آفاتُ المجتمع المريض ، من رعونة وتحلل خلقي ، وانسياق وراء كثير من مغريات الحياة الدنيا وفتنتها . وبدأت أسأل نفسي متهماً إياها : أي دين هذا ؟ وأي صلاح هذا ؟ وبدل أن يتنافس شباب الصحوة الإسلامية حول منازل العلم ، ومقامات التقوى والورع ، بدؤوا يتنافسون حول حدود الشبهات ، ويتبارون أيهم أقدر على الرعي حول الحمى دون أن يقع فيه ! زعموا .. ! وانطلق السباق نحو الهاوية .
أين المشكلة إذن ؟
هذه هي البرامج التربوية تترى تأليفاً وتنظيراً ، وهذه هي المطبوعات التصورية تتواتر ، ولكن بلا جدوى ، وبلا فائدة ؛ فإنها جميعها تبقى على رفوف مقرات الحركات ومكاتبها موقَّرة إلى إشعار آخر ؛ فأين الخلل ؟ ولطالما وُضِع هذا السؤال ، ولكن أين من يتابعه ؟ وبقي الأمر بالنسبة لي غامضاً ، حتى لقيت بعض أساتذتي الأجلاء ، ممن تتلمذت عليهم ، وأخذت عنهم علم الدعوة وعلم البحث العلمي ، فكانت لي معه جلسة مذاكرة حول بعض مفاهيم القرآن الكريم ، وتحدثنا عن بعض النماذج من بينها مفهوم ( الإله ) في القرآن الكريم ، فنبهني إلى الأصل اللغوي لهذه العبارة ، من أنه راجع إلى معنى قلبي وجداني ، وذكر لي شيئاً من الدلالة اللغوية على المحبة ، مما بينته قبل قليل ، فكانت بالنسبة لي مفاجأة حقيقية ، لا على مستوى الفهم فقط ؛ ولكن على مستوى الوجدان والشعور .

نعم ! أذكر أني قرأت مثل هذا قبل ذلك بكثير ، ولكن اندماجي الكلي في تصوراتي الأخرى ، وانغلاقي على ( توحيد الحاكمية ) إن صح التعبير ، أعماني عن مشاهدة ( توحيد المحبة ! ) الذي هو الأصل ، والمفتاح الحقيقي لتوحيد الإلهية ، والذي منه تفرعت فروع شتى منها توحيد الحاكمية نفسه . لقد جعلت الجزء محل الكل ، وجعلت الفرع محل الأصل ؛ وعشت في فهمي متناقضاً . فسِرْتُ في تديني مختلاً كسائر المختلين ؛ حتى مَنَّ الله باللحظة التي انتقلت خلالها إلى مرحلتي الجديدة : حيث بدأت المراجعة في حياتي كلية ، واكتشفت حقيقة أن هناك شيئاً اسمه ( حلاوة الإيمان ) ، ذوقاً لا تصورا ! وحقيقة لا تخيلا ! ثم بدأت أعود إلى القرآن .. فوجدت أني كنت بعيداً جداً عن بشاشته وجماله ، وبدأت أعود إلى السنة ؛ فوجدت أني كنت أجهل الناس بأخلاق محمد - عليه الصلاة والسلام - . وبدأت
أراجع ما قرأته عن العقيدة ، فوجدت صفحات مشرقة مما كتب السلف الصالح ، قد مررت عليها مرور الأعمى لا مرور الكرام بسبب ما غطى بصري من فهوم سابقة حتى كأني لم أقرأ قط .

قلت : لم تكن مفاجأتي علمية بقدر ما كانت وجدانية ! لقد كنت أقرأ عبارات « المحبة ، والشوق ، والخوف ، والرجاء » ولكن دون أن أجد لها شيئاً من نبض الحياة بقلبي .

فمثلاً هذا كتاب ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ) للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب وهو خلاصة للعقيدة السلفية قد خضت به معارك ضد أهلي وعشيرتي زمناً ؛ وأنا أقرب إلى المراهقة يومئذ مني إلى الشباب ؛ ولقد ظللت أحارب به البدع والضلالات والمنكرات ، في الاعتقاد والعبادات ، اقتداء بشيخ شيوخنا العلاَّمة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي - رحمه الله - ؛ بَيْدَ أني كنت ألحظ أن كثيراً من هؤلاء ( المبتدعة ) هم أفضل مني حفظاً للصلاة وأوقاتها ! إني لا أتهم الكتاب المذكور ، ولكني أتهم نفسي ومنهجي في القراءة والاستعمال .

لقد كانت العقيدة السلفية عندي عصا من خشب أصم أضرب بها غيري .. ولم أدرك أنما هي تربية ورحمة للعالمين . وإني لأعجب كيف لم أنظر إلى هذا المعنى من قبلُ في الكتاب المذكور ؟

عجباً ! .. أين كنت أنا إذن من مثل هذا الكلام ؟ ( السكون إلى حب الله .. الذي تألهه القلوب ) أهي عقيدة قلبية وجدانية إذن ؟ وهو إجماع من العلماء ؟ أي عمى هذا الذي ركضت وراءه في نقع الخصومات والجدالات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ؟ وهذا قلبي ظل فارغاً من عبادة الحب وأذواق التعبد . أليس ذلك هو الضلال المبين ؟ لقد أسأت زمناً طويلاً في فهم عقيدة السلف الصالح .

لقد رسخ في ذهني - بعد المشاهدة والمعاينة للآثار السلبية التي ترتبت عن التكوين العقدي القائم على نفسية ردود الأفعال المتشنجة ، وعقلية التفتيش المذهبي - أننا في حاجة ماسة ومستعجلة ؛ لإعادة قراءة عقيدة السلف الصالح من مصادرها الأولى ، وإلى إعادة قراءة أعلامها الكبار الذين تميزوا في التاريخ الإسلامي بالريادة والقيادة ، وأسهموا في بناء صرح الأمة وتجديد حياتها ، كالأئمة الأربعة أبي حنيفة ، و مالك بن أنس ، و الشافعي ، و أحمد بن حنبل ، ومن جاء بعدهم من المتميزين في هذا السياق ، مثل حافظ المغرب أبي يوسف عمر بن عبد البر ، ومجدد زمانه
شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ... إلخ .

هؤلاء وأضرابهم جميعاً ، وقع خطأ منهجي كبير في قراءتهم . لقد كان الفكر السلفي المعاصر في بعض تجلياته إذ يقرأ تراثهم إنما يقرؤه في كثير من الأحيان بمنهج تجزيئي إسقاطي . فأما كونه تجزيئياً ؛ فلأنه كان يقرؤه بعين واحدة ، فلا يرى من حقيقته إلا ما تتيحه له تلك الرؤية الجزئية المحدودة ؛ فلا يتصور حقيقته في شموليته الكلية .

فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً ، لا تصوره كثير من المصنفات المعاصرة إلا شخصاً مقاتلا محارباً متخصصاً في تفصيل في مذاهب أهل النار ؛ دون مذاهب أهل الجنة ؛ فكل من أراد أن يَصِمَ شخصاً بصك الجحيم ، فما عليه إلا أن يُخرج عليه سيف المقولة المشهورة . ( قال شيخ الإسلام ابن تيمية ) وكأن ابن تيمية - رحمه الله - ما خلقه الله إلا للاستشهاد به على أهل الضلال وحسب ؛ وكأنما تحولت نصوصه وفتاواه إلى مجرد صكوك اتهام ، تقرأ على الضحية عند تنفيذ حكم الإعدام .

أين ابن تيمية الداعية إلى الله ؟ أين ابن تيمية المربي ؟ وأين ابن تيمية السالك إلى مولاه عبر منازل الخوف والرجاء ؟ والشوق والمحبة ؟ وأين ابن تيمية صاحب الأذواق الإيمانية والأحوال السنية ؟ .. ولقد حفلت كتبه وفتاواه بمعاني ( الجمالية ) ، ومقاصد ( الربانية ) في الدعوة والتربية والتعليم ؛ مما يصعب لغزارته حصره واسقصاؤه ! كما أن تلميذه الإمام الرباني ابن القيم - رحمه الله - قد حكى عنه من ذلك الشيء الكثير ! فأين ضاع ذلك كله ؟

وأما كونه إسقاطيا ؛ فلأنه تم استعمال ابن تيمية للتعبير عن مشكلات العصر النفسية والسياسية بصورة حرفية ! ففُسِّرت نصوصُه بما تقتضيه حالة رد الفعل النفسي والاجتماعي بصورة غير متوازنة عن ظروف الظلم السياسي ، ومظاهر الخلاف العقدي والمذهبي ، بين طوائف وجماعات ، ودول وتحالفات ! وتم إسقاط زماننا على زمانه - رحمه الله - ، وإلباس أحوالنا لأحواله دون مراعاة الفروق بين الثوابت والمتغيرات ، سواء منها ما تعلق بالنصوص أو بتحقيق المناطات ؛ وفي ذلك ما فيه من الشطط العلمي والانحراف المنهجي .

ولذلك فقد تمت عملية ( إخراج ) سيئة لشخص ابن تيمية لدى بعضهم على أنه شخص لا ذوق له ولا وجدان ؛ وإنما هو السب والشتم واللعان ؛ وما أبعد شيخ الإسلام رحمه الله عن ذلك وأبرأه .

ولو تتبع متتبع نصوص فتاواه ومؤلفاته جميعا ؛ لجمع من مشاهد الجمالية وأذواقها عنده في الدين والتدين الشيء الكثير ، ولولا أن نخرج عن غرض هذا المقال لعرضنا من نصوصه مواجيد وأذواقاً وأحوالاً رِقَاقاً ، ولكن لك أن تقرأ من ذلك هذه الإشارات ؛ فقد تحدث - رحمه الله - عن أحوال المؤمن لدى سماع القرآن
الكريم ، وذلك في سياق ذكر ( السماع ) بمعناه الشرعي ، وأورد فيه آيات وأحاديث ، ثم قال : ( وهذا كان سماع سلف الأمة ، وأكابر مشائخها ، وأئمتها ، كالصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من المشائخ كإبراهيم بن أدهم ، و الفضيل بن عياض ، و أبي سليمان الداراني ، و معروف الكرخي ، و يوسف بن أسباط ، و حذيفة المرعشي ، وأمثال هؤلاء .. وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – يقول لأبي موسى الأشعري : يا أبا موسى ! ذَكِّرنا ربَّنا ! فيقرأ ، وهم يسمعون ويبكون . ولهذا السماع من المواجيد العظيمة ، والأذواق الكريمة ، ومزيد المعارف ، والأحوال الجسيمة ؛ ما لا يتسع له خطاب ، ولا يحويه كتاب . كما أن في تدبر القرآن وتفهمه ؛ من مزيد العلم والإيمان ، ما لا يحيط به بيان .

قال الشارح - رحمه الله - في سياق ذكر كلام العلماء في معنى ( لا إله إلا الله ) : ( وقال شيخ الإسلام [ ابن تيمية ] : الإله هو المعبود المطاع ؛ فإن الإله هو المألوه ، والمألوه هو الذي يستحق أن يُعبد . وكونه يستحق أن يعبد هو : بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب ، المخضوع له غاية الخضوع ، قال : فإن الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهه القلوب بحبها ، وتسكن إلى حبه ، وليس ذلك إلا لله وحده . ولهذا كانت « لا إله إلا الله » أصدق الكلام ، وكان أهلها أهل الله وحزبه ؛ فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق ، وإذا لم يصححها العبد ؛ فالفساد لازم له في علومه وأعماله .

وقال ابن القيم : ( الإله ) هو الذي تألهه القلوب محبة ، وإجلالاً ، وإنابة ، وإكراماً ، وتعظيماً ، وذلاً ، وخضوعاً ، وخوفاً ، ورجاء ، وتوكلاً .

وقال ابن رجب : ( الإله ) هو الذي يطاع فلا يعصى ؛ هيبة له وإجلالاً ، ومحبة ، وخوفاً ، ورجاء ، وتوكلاً عليه .

وقال البقاعي : « لا إله إلا الله » : أي انتفاءً عظيماً أن يكون معبودٌ بحق غير الملك الأعظم ؛ فإن هذا العلم هو أعظم الذكرى المنجية من أهوال الساعة .
وقال الطيبي : ( الإله ) فِعال بمعنى مفعول ، كالكتاب بمعنى المكتوب ، من ألِه إلهةً ، أي : عبَدَ عبادةً .
قال الشارح : وهذا كثير في كلام العلماء وإجماع منهم ) [9] .

ومما ينبغي التفطن له أن الله سبحانه قال في كتابه : ]قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [( آل عمران : 31 ) ؛ فبيَّن سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وأن اتباع الرسول يوجب محبة الله للعبد ، وهذه محبةٌ امتحن الله بها أهل دعوى محبة الله ؛ فإن هذا الباب تكثر فيه الدعاوى والاشتباه ؛ ولهذا يُرْوَى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده ؛ فقال : « اسكتوا عن هذه المسألة ؛ لئلا تسمعها النفوس فتدعيها » .

وكان المشائخ المصنفون في السنَّة يذكرون في عقائدهم مجانبة من يكثر دعوى المحبة ، والخوض فيها من غير خشية ، لِمَا في ذلك من الفساد الذي وقع فيه طوائف من المتصوفة .

وما وقع في هؤلاء من فساد الاعتقاد والأعمال أوجب إنكار الطوائف لأصل طريقة المتصوفة بالكلية ، حتى صار المنحرفون صنفين : صنف يقر بحقها وباطلها ، وصنف ينكر حقَّها وباطلَها ! كما عليه طوائف من أهل الكلام ، والفقه .
والصواب : إنما هو الإقرار بما فيها وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة ، والإنكار لِمَا فيها وفي غيرها من مخالفة الكتاب والسنة [10] .

فأي جمال هذا وأي إحسان ؛ وأي فقه هذا وأي ميزان ! ألا رحم الله شيخ الإسلام !

ملحوظة: النص مقتطف من مقال للشيخ فريد الانصاري بعنوان جمالية الدين في جمالية التوحيد وهو منشور في المواقع والمنتديات وقد علق عليه وشرحه شيخنا الحبيب محمد اسماعيل المقدم في محاضرة بعنوان عقيدتنا جميلة رابط شرح المقال http://www.islamway.com/index.php?iw...27&autoplay=rm