الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ،،
أما بعد ،،،
لقد اطلعت على رسالة لأخينا الفاضل ( عبد الله بن محمد المزروع ) ، والتي عنونها بـ( عقوبة من يعمل عمل قوم لوط ) ، ورأيتها متينة في بابها ، وبالأخص في تخريجه لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحابته رضوان الله عليهم .
إلا أن لي وقفت مع أثر عثمان رضي الله عنه وقفة أحببت أن أذكرها ، لأفيد بها مبحثه ، ولأستفيد أيضًا من ردود الأخوة الأفاضل عليها .
قال الأخ الفاضل ما يلي :
(( الأثر الثالث : أنَّ عثمان – رضي الله عنه – أشرف على الناس يوم الدار ، فقال : أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربعة : أو رجل عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط .
أخرجه ابن أبي شيبة ( 14 / 299 / ح 28484 ) وَ ( 14 / 422 / ح 28938 ) ، وأبو نعيم في الحلية ( 8 / 379 ) عن وكيع ، عن محمد بن قيس ، عن أبي حَصين عثمان بن عاصم ، ( عن أبي عبد الرحمن السلمي ) (1) به .
وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف في سماع أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان ؛ فنفى سماعه من عثمان : شعبة ، وحجاج بن محمد ، وقال ابن أبي حاتم : روى عنه – أي : عن أبيه – ولم يذكر سماعًا ؛ وأثبت سماعه من عثمان : البخاري ، وقال ابن حبان : وزعم شعبة أنَّ أبا عبد الرحمن لم يسمع من عثمان . وأثبت العجلي قراءته على عثمان ؛ وقد بيَّنَ خطأَ من نفى السماع العلائيُّ في جامع التحصيل ، وذلك برواية البخاري حديثين له عن عثمان(2) .
قال أبو نعيم في الحلية ( 8 / 379 ) : غريب ؛ تفرد به وكيع ، عن محمد بن قيس – وهو الأسدي الكوفي – يجمع حديثه .
وقد ذكر هذا الأثر ابن رجب في جامع العلوم والحكم ( 1 / 128 ) بصيغة التضعيف ( وروي ) .
وقال السيوطي في الحاوي ( 2 / 105 ) : هذا إسنادٌ صحيح ، وفي قول عثمان – رضي الله عنه – للناس : ( أما علمتم ) دليلٌ على اشتهار هذا عندهم ؛ كالثلاثة المذكورة معه .
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية ( 4 / 243 ) : وصح عن عثمان – رضي الله تعالى عنه – وذكر القصة .
1) هذه الزيادة من : رواية أبي نعيم للحديث من طريق عثمان بن أبي شيبة ، وكما نقله السيوطي في الحاوي ، والمتقي الهندي في كنز العمال ( 13 / 88 ) ؛ نبهني على هذا بعض الأفاضل ، مع أنَّ نسخة عوامة والرشد على عدم ورود هذه الزيادة !
2) تهذيب التهذيب ( 5 / 184 ) ، التاريخ الكبير ( 5 / 72 ) ، الثقات لابن حبان ( 5 / 9 ) ، التعديل والتجريح ( 2 / 816 ) ، الثقات للعجلي ( 2 / 413 ) ، جامع التحصيل ( 208 ) .
***
انتهى ما أردت نقله من رسالته
***
قلت : هذا الأثر بهذه الزيادة ( أو رجل عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط ) إن لم يكن ضعيفًا ، فهو شاذ !
ففي كلا الحالتين لا يصح عن عثمان رضي الله عنه !
وقد بين المؤلف في تعليقه أن هذه الزيادة صحيحة ، وأن المحققين لم ينتبهوا لذلك في النسختين المطبوعتين .
ولو رجعنا إلى المُصَنَّف – كما أحال المؤلف إلى ذلك - نجد أن ابن أبي شيبة قد ذكر هذا الأثر في الموضعين ، وكلاهما عن أبي حصين عن عثمان ، مرسل .
فعدم ذكر ( السلمي ) في الموضعين يبين أنها هي الأضبط .
وهذه الزيادة ذكرها أبو نعيم – كما قال المؤلف - من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أبيه عن وكيع عن محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن فذكره .
ومحمد بن عثمان متكلم فيه ، فعلة هذه الزيادة منه .
فسندها ضعيف ، للانقطاع ، وعلى فرض صحة زيادة السند ، فزيادة المتن شاذة !
لأن هذه الرواية بهذا اللفظ قد خالفت الروايات الأخرى التي لم تذكر هذه الزيادة عن عثمان رضي الله عنه ، واقتصارها على الثلاثة الأول تحديدًا !
1. فقد روى النسائي في سننه الصغرى (ص621) ، وابن أبي حاتم في العلل (4/184) ، والطحاوي في مشكل اللآثار (5/58) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/75) ، والبيهقي في سننه الكبرى (8/194) ، ومن طريق النسائي الضياء في الأحاديث المختارة (1/490) من طريق محمد بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : ( كنا مع عثمان وهو محصور ، وكنا إذا دخلنا مدخلا نسمع كلام من بالبلاط ، فدخل عثمان يوما ، ثم خرج , فقال : إنهم ليتواعدوني بالقتل . قلنا : يكفيكهم الله . قال : فلم يقتلوني ؟ , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس " ، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله ، ولا قتلت نفسا فلم يقتلونني ) .
الصواب فيه وقفه على عثمان ، فقد قال أبو حاتم : ( غلط ابن الطباع ، حديث عبد الله بن عامر غير مرفوع ، وهو موقوف ) ، وقال البخاري كما في العلل الكبير للترمذي (ص322) : ( وحديث يحيى بن سعيد الأنصاري في هذا الباب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عثمان قوله ) ، وقال الدارقطني في العلل (3/61) : ( وحديث عبد الله بن عامر بن ربيعة هو حديث آخر موقوف على عثمان ، وَهِمَ محمد بن عيسى في الجمع بينه ، وبين أبي أمامة في هذا الحديث ) ، وقال أبو نعيم : ( حديث أبي أمامة مشهور ، وعبد الله بن عامر غريب ، يقال : إن محمد بن عيسى تفرد به ، عن حماد ) ، وقال البزار في مسنده (1/35) : ( وهذا الحديث هكذا رواه جماعة ، عن حماد بن زيد بهذا الإسناد ، إلا محمد بن عيسى بن الطباع فرواه عن حماد عن يحيى عن أبي أمامة ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ) .
2. وروى عبد الرزاق في مصنفه (10/167) عن ابن جريج قال : أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة أن عثمان – وهو محصور- ارتقى في كنيف له ، فسمعهم يذكرون قتله ، لا يريدون غيره ، فنزل فقال : ( لقد سمعتهم يريدون أمرًا ما كنت أخشى أن تذل به ألسنتهم ، ولا تنشرح به صدورهم ، إنما يحل دم المسلم ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنًا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس ) .
وسنده حسن إلى عمر بن عبد الله ، وهو مرسل .
3. وروى أيضًا عبد الرزاق في مصنفه (10/167) عن معمر عن قتادة قال : ( لما حصر عثمان قال : إنه لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث : أن يقتل فيقتل ، أو يزني بعد ما يحصن ، أو يكفر بعدما أسلم ) .
وسنده صحيح إلى قتادة ، وهو مرسل .
4. وروى ابن سعد في طبقاته (3/65) من طريق جعفر بن برقان قال : أخبرنا ميمون بن مهران قال : لما حوصر عثمان في الدار بعث رجلاً فقال : سل وانظر ما يقول الناس ، قال : سمعت بعضهم يقول قد حل دمه ! فقال عثمان : ما يحل دم امرئ مسلم إلا رجل كفر بعد إيمانه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل رجلاً فقتل به ، قال : وأحسبه قال هو أو غيره : أو سعى في الأرض فسادًا ) .
وسندها حسن إلى ميمون ، وهو مرسل .
5. وروى الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/57) من طريق المطلب بن شعيب الأسدي قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن عامر بن ربيعة : ( أنهم كانوا مع عثمان بن عفان في الدار فلما سمع أنهم يريدون قتله قال : ما أعلمه يحل قتل المؤمن إلا الكفر بعد الإيمان ، أو الزنى بعد الإحصان ، أو قتل النفس بغير نفس ) .
وسنده ضعيف ، علته عبد الله بن صالح ، كاتب الليث ضعيف .
وبمجموع هذه الروايات ، ورواية عبد الله بن عامر خاصة ، يرتقي هذا الأثر إلى الصحة ؛ والله الموفق .
***
مع أن الأصل في هذه الرواية هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس فيها هذه الزيادة ، رواها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وغيره من الصحابة ، وسأكتفي بذكر الروايات عن عثمان ، وأما بقية الصحابة سأحيل إليها .
فقد روى عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس )) .
وقد رواها عن عثمان كل من :
أولاً : أبو أمامة بن سهل : قال : ( كنا مع عثمان وهو محصور في الدار ، وكان في الدار مدخل كان من دخله سمع كلام من على البلاط ، فدخله فخرج إلينا وهو متغير لونه ، قال : إنهم ليتوعدوني بالقتل آنفا ، فقلنا : يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين ، قال : وبم يقتلوني ؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس )) ، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط ، ولا أحببت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله ، ولا قتلت نفسًا ، فبم يقتلوني ؟! ) .
- ورواه يحيى بن سعيد عن أبي أمامة ، ورواه عن يحيى كل من :
أولا : حماد بن زيد :
- ورواه عن حماد كل من :
1. سليمان بن حرب :
- رواه أحمد في المسند (1/208 ، 227) ، وابن شبة في تاريخ المدينة (4/1186) ، وأبو داود في سننه (6/552) ، وابن الجارود في المنتقى (ص213) ، والحاكم في المستدرك (4/500) ، وابن المنذر في الإقناع (2/580) ، وابن سعد في الطبقات (3/63) ، والمقدسي في الأحاديث المختارة (1/443) ، والبغوي في شرح السنة (10/148) من طرق عن سليمان بن حرب عن حماد به .
وسنده صحيح .
2. عفان بن مسلم :
- رواه أحمد في مسنده (1/217) ، وابن سعد في الطبقات (3/63) من طريق عفان عن حماد به .
وسنده صحيح .
3. عبيد الله بن عمر القواريري :
- رواه عبد الله في زوائد مسند أحمد (1/209) ، والأحاديث المختارة ، للضياء المقدسي (1/442) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري عن حماد به .
وسنده صحيح .
4. يحيى بن حسان :
- رواه الشافعي في مسنده (2/191) ، ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (12/237) من طريق يحيى بن حسان عن حماد بن زيد به ، من دون ذكر القصة .
وسنده صحيح .
5. أحمد بن عبدة :
- رواه ابن ماجة في سننه (4/153) ، والترمذي في سننه (4/233) من طريق أحمد عن حماد به .
وسنده صحيح .
6. خلف بن هشام البزار :
- رواه البلاذري في أنساب الأشراف (6/2461) من طريق خلف البزار عن حماد به .
وسنده صحيح .
7. سليمان بن داود ، أبو الربيع :
- رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/132) ، وكذا في الديات (ص9) من طريق سليمان بن داود عن حماد به .
وسنده صحيح .
8. محمد بن عبيد بن حساب :
- رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/132) ، وكذا في الديات (ص9) من طريق سليمان بن داود عن حماد به .
وسنده صحيح .
9. محمد بن عبد الملك القرشي :
- رواه البزار في مسنده (1/35) من طريق محمد بن عبد الملك عن حماد به .
وسنده صحيح .
10. أبو النعمان محمد بن الفضل عارم :
- رواه الدارمي في سننه (3/1477) ، والطحاوي في مشكل الآثار (5/56) من طريق أبو النعمان عن حماد به .
وسنده صحيح .
11. حبان بن هلال :
- رواه الطحاوي في مشكل الآثار (5/57) من طريق أبو النعمان عن حماد به .
وسنده صحيح .
12. أبو داود الطيالسي :
- رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/71) ، ومن طريقه البيهقي (8/18) عن حماد به .
وسنده صحيح .
13. محمد بن عيسى الطباع :
- رواه النسائي في سننه الصغرى (ص621) ، وكذا الكبرى (3/427) ، والطحاوي في مشكل الآثار (5/58) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/75) ، وابن أبي حاتم في العلل (4/184) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/490) ، والبيهقي في السنن الصغرى (3/277) ، وكذا الكبرى (8/194) من طريق الطباع عن حماد بن زيد به .
وسنده صحيح .
ثانيا : حماد بن سلمة :
- رواه البخاري كما ذكره الترمذي في العلل الكبير (ص322) من طريق داود بن شبيب عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد به .
وسنده حسن .
إلا أن أبو حاتم ذكر كما في العلل لابنه (4/184) أنه رواه موقوفًا ، ولم أجده عن ابن سلمة موقوفًا ، فالعهدة على ما رواه البخاري ، وما أقره الترمذي على ذلك بقوله : ( وإنما روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرفوعًا حماد بن سلمة , وحماد بن زيد , وأما الآخرون فرووا عن يحيى بن سعيد موقوفًا ) .
***
ثانيًا : عبد الله بن عمر : قال : ( قال : لما أرادوا قتل عثمان أشرف عليهم فقال : علام تقتلوني ؟! فإني سمعت رسول الله يقول لا يحل قتل رجل إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه فإنه يقتل ، ورجل زنى بعد إحصانه فإنه يرجم ، ورجل قتل رجلاً متعمدًا ، فإنه يقتل ) .
- رواه نافع عن ابن عمر به ، ورواه عن نافع كل من :
1. مطر الوراق :
- رواه أحمد في مسنده (1/212) ، ومن طريقه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/498) ، وابن شبة في تاريخ المدينة (1/1187) ، وابن أبي عاصم في الديات (ص28) ، ومن طريقه ابن حذلم في مشيخته (مخطوط/رقم51) ، والنسائي في سننه الصغرى (ص626) ، وكذا الكبرى (3/440) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/345) من طريق المغيرة بن مسلم عن مطر الوراق عن نافع به .
وسنده ضعيف ، علته مطر الوراق .
2. يعلى بن حكيم :
- رواه ابن سعد في الطبقات الكبير (3/65) ، والبزار في مسنده (2/9) ، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص405) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/346) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن يعلى عن نافع به .
وسنده ضعيف ، فسعيد وإن كان ثقة حافظ فقد اختلط .
إلا أن الأثر عن ابن عمر بالطريقين يرتقي إلى الحسن لغيره .
***
ثالثًا : بسر بن سعيد : قال : ( عن عثمان بن عفان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : أن يزني بعدما أحصن ، أو يقتل إنسانا فيقتل ، أو يكفر بعد إسلامه فيقتل ) .
- رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/167) ، ومن طريقه النسائي في سننه الصغرى (ص626) – وفي المطبوع ابن جرير ، وهو تصحيف ، وفي سننه الكبرى (3/441) موافق للأصل - وابن مندة في الإيمان (1/413) ، ومن طريق النسائي الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/445) ، كلهم من طرق عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي النضر عن بسر بن سعيد به .
وسنده ضعيف ، فقد عنعن ابن جريج هنا ولم يصرح بالسماع .
***
رابعًا : عبد الله بن عامر بن ربيعة : قال : ( كنا مع عثمان وهو محصور ، وكنا إذا دخلنا مدخلا نسمع كلام من بالبلاط ، فدخل عثمان يوما ، ثم خرج , فقال : إنهم ليتواعدوني بالقتل . قلنا : يكفيكهم الله . قال : فلم يقتلوني ؟ , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس " ، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله ، ولا قتلت نفسا فلم يقتلونني ) .
- رواه النسائي في سننه الصغرى (ص621) ، وابن أبي حاتم في العلل (4/184) ، والطحاوي في مشكل اللآثار (5/58) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/75) ، والبيهقي في سننه الكبرى (8/194) ، ومن طريق النسائي الضياء في الأحاديث المختارة (1/490) من طريق محمد بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر به .
الصواب فيه وقفه على عثمان ، كما مر بنا سابقًا .
***
خامسًا : قتادة بن دعامة : قال : ( أن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم مسلم إلا بأحد ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا متعمدا ) .
- رواه يحيى بن سلام في تفسيره (مخطوط/رقم51) من طريق سعيد بن أبي عروبة ، وهشام عن قتادة به .
وسنده صحيح إلى قتادة ، وهو مرسل .
***
سادسًا : مجبَّر ( عبد الرحمن ) بن عبد الرحمن :قال : ( أن عثمان أشرف على الذين حصروه فسلم عليهم ، فلم يردوا عليه ، فقال عثمان : أفي القوم طلحة ؟ قال طلحة : نعم ، قال : فإنا لله وإنا إليه راجعون ، أسلم على قوم أنت فيهم فلا يردون ، قال : قد رددت ، قال : أهكذا الرد ؟ أسمعتك ولا تسمعني يا طلحة ، أنشدك الله أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا يحل دم المسلم إلا واحدة من ثلاث : أن يكفر بعد إيمانه ، أو يزني بعد إحصانه ، أو يقتل نفسا فيقتل بها " ؟ قال : اللهم نعم ، فكبر عثمان ، فقال : والله ما أنكرت الله عز وجل منذ عرفته ، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام ، وقد تركته في الجاهلية تكرما ، وفي الإسلام تعففا ، وما قتلت نفسا يحل بها قتلي ) .
- رواه أحمد في فضائل الصحابة (1/486) ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (39/344) من طريق الحارث بن عبيدة عن محمد بن عبد الرحمن بن مجبر – وعند ابن عساكر محيريز وهو خطأ – عن أبيه عن جده مجبر بن عبد الرحمن به .
وسنده ضعيف جدًا ، علته الحارث ضعيف ، ومحمد بن عبد الرحمن بن مجبر ، متروك ، ومجبر – بتشديد الباء – اسمه عبد الرحمن ، ومجبر لقبه ، قال عنه أبو زرعة العراقي في ذيل الكاشف (ص263) : ( لا يعرف ) ، ورد عليه ابن حجر في تعجيل المنفعة (2/240) فقال : ( بل هو معروف ) ولم يزد على ذلك ، ولم يذكره هو ولا غيره بجرح أو تعديل ، فهو مجهول ؛ والله أعلم .
***
ولكن لنا وقفة مع هذه الرواية ، فتارة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وتارة أخرى ثبتت عن عثمان رضي الله عنه ! كيف ذلك ؟!
قد يقول قائل : هذا جائز وقوعه ، فتارة يروي الصحابي عن النبي فيرفعه ، وتارة يوقفه عليه ، ويكون له حكم الرفع ، فلا إشكال في ذلك .
أقول : ولكن عندي فيها إشكال !
لأن هذه الحادثة غير متعددة الوقوع ، فهي حادثة فريدة لا مثيل لها ، والتي بسببها ذكر عثمان هذا القول ، وهو يوم حصاره ، فلا يمكن أن تتكرر الحادثة مرتين ، فمرة قالها من غير أن يرفعها ، ومرة أخرى قالها برفعها !
فالذي أراه أن الصواب رفعها عن عثمان رضي الله عنه ، وليس وقفها عليه ، فرواية الرفع أصح ، وأقوى من رواية الوقف - كما مر بنا - ويشهد لها ما رواه غيره من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير هذه الزيادة ، والتي اقتصرت على الثلاثة الأول .
وهما :
1. عائشة عليها السلام :
- رواه مسلم في صحيحه (5/106) .
2. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
- رواه البخاري في صحيحه (4/268) ، ومسلم في صحيحه (5/106) .
كما أن هذه الأمور الثلاث هي الموافقة لما جاء في كتاب الله تعالى ، حيث قال الله تعالى في محكم كتابه : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [سورة الفرقان :68-70] .
***
كما أن هناك وقفت أخرى فيما ذهب إليه المؤلف وفقه الله ، وهو إطلاقه الإجماع عن الصحابة حول هذه المسألة !
فبعد ما تبين لنا أن هذا الحكم لم يثبت عن عثمان رضي الله عنه ، وثبت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه وحده ، فنقول أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد خالف ابن عباس ، ولو قلنا أنه ثبت عن عثمان رضي الله عنه أيضًا ، فقد خالفهما في الحكم !
ففي الرواية التي ذكرها المؤلف عن عمر ، والتي رواها معمر في جامعه (11/243) ، ومن طريقه عبد الرزاق في المصنف ، والحراني في الأوائل (ص132) ، والبيهقي في الشعب (4/358) من طريق الزهري عن عروة عن عائشة عليها السلام ، قالت : ( أول من اتهم بالأمر القبيح – يعني : عمل قوم لوط – على عهد عمر رضي الله عنه ، فأمرَ عمر شبابَ قريش أن لا يجالسوه ) .
وسندها صحيح .
فلم يحكم رضي الله عنه عليه بشيء ! بل كل ما هنالك أنه أمر شباب قريش ألا يجالسوه !
وهذا خرق واضح بين لهذا الإجماع !
***
كما أن الحكم الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنه ، وهو : (( يُنْظَر إلى أعلى بناءٍ في القرية فيُرمى منه منكسًا ، ثم يُتْبَع بالحجارة )) ، فيه نظر !
فكما تعلمون أنه رضي الله عنه قد قاسه على ما حصل لقوم لوط عليه السلام ، في قوله تعالى : { فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَاحِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ} [سورة هود:82] ، وقوله تعالى : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَاسَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} [سورةالحجر:74] .
وأما ما روي في تفصيل هذه الحادثة ، وإن ثبتت عن قائليها ، فهي من الإسرائيليات التي لا يعول عليها ( انظرها في كتاب العظمة ، لأبي الشيخ 2/796 – 799 ) .
وإليك بعض الآيات التي ذكرت حالهم : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّه ُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [سورة العنكبوت] .
فإن المتأمل لهذه الآيات ، والأحداث التي دارت حولها نجد أن الله عز وجل لما عاقبهم بهذه العقوبة لم تكن لهذا الفعل الذي مارسوه فقط ، بل لكفرهم بالله عز وجل ، ولعلنية فحشهم ، وفسقهم ، وسعيهم للفساد ، ولغيره من الأمور التي عددها الله من أفعالهم .
قال ابن حزم في المحلى (12/389) : (( فِعل قوم لوط من الكبائر الفواحش المحرمة : كلحم الخنزير , والميتة , والدم , والخمر , والزنى , وسائر المعاصي ، من أحله أو أحل شيئًا مما ذكرنا فهو كافر ، مشرك حلال الدم والمال)) .
فإن هذا الحكم لا يصلح أن يطبق إلا على من كان هذا أمره .
كما أن الأساس في هذا الحكم هو الكفر ، حتى لو لم يكن يمارس قوم لوط هذه الفعلة ، ولكنهم كفروا بالله عنادًا واستكبارًا ، فقد يكون هذا عقابهم .
فقد عاقب الله سبحانه تعالى أمم بعقوبات مقاربة لهذه العقوبة ، فقد قال الله تعالى تتميمًا لسورة العنكبوت : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .
وقال الله تعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةًأَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُفَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىبِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } [سورة الإسراء :16-17] .
فلم يكن تعذيبه لهم لمجرد هذه المعصية بل لفسقهم ، ولظلمهم ، والمقصود به هنا الكفر ، قال ابن العربي في أحكام القرآن (3/183) : ( وأكثر ما يكون هذا الفسق وأعظمه في المخالفة الكفر أو البدعة ، وقد قال تعالى في نظيره : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [سورة هود:100-102] ، فهؤلاء قوم عصوا وكفروا ، وهذه صفة الأمم السابقة في قصص القرآن ، وأخبار من مضى من الأمم ) .
فلن نقول كما قال البعض – وأتمنى أن تشمل مراجعاته هذه المقولة - : (( لو استجاب قوم لوط في دعوة التوحيد لنبيهم واتبعوه ما نفعهم ذلك طالما هم أقاموا على جريمتهم )) !!!
بل أقول : لو استجاب قوم لوط في دعوة التوحيد لنبيهم واتبعوه لنفعهم ذلك ، ولو كانوا قائمين على فعلتهم ، فيكونوا تحت المشيئة ، إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم !
وأقول أيضًا : أن هذا الذنب كغيره من الذنوب ، بل إن ذنب الزنى لأشد منه ذنبًا وأعظم جرمًا ، فقد جاءت آيات صريحة فيه منها قوله تعالى : { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا } [سورة الإسراء:3] .
وفي قوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍوَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَبِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَالْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةًوَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ} [سورة النور:2-3] .
قال ابن القيم في الجواب الكافي (ص 144) : (( وخصَّ سبحانه حدَّ الزنا من بين الحدود بثلاث خصائص :
أحدها : القتل فيه بأشنع القتلات ، وحيث خففه جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد ، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة .
الثاني : أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه ؛ بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم ، فإنه سبحانه من رأفته بهم شرع هذه العقوبة ؛ فهو أرحم منكم بهم ، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة ؛ فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره .
الثالث : أنه سبحانه أمر أن يكون حدُّهما بمشهد من المؤمنين ، فلا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد ، وذلك أبلغ في مصلحة الحد ، وحكمة الزجر )) .
***
وأما بالنسبة لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي كثيرة جدًا نذكر منها :
1. ما رواه مسلم في صحيحه (5/115) : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ ، وَنَفْيُ سَنَةٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ )) .
2. ما رواه البخاري (1/425) من حديث الرؤيا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، وفيه : (( فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا ، فَإِذَا اقْتَرَبْتِ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا ، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالا : انْطَلِقِ ... وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ )) بتصرف .
3. ما رواه البخاري في صحيحه (2/201) : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) .
والسبب في أن الزنى أشد من اللواط ، هو أن في الزنى فيه هلاك النسل ، وضياع الأنساب ، ودمار الأسر !
وكذلك الذي أشد منه عقوق الوالدين ، وشرب الخمر ، وإتيان الساحر أو العراف ، وكذا الغيبة ، والنميمة ..... إلى آخره !
هذا ما أحببت ذكره على عجالة ، والمسألة بحاجة إلى بسط
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت – وهو وارد – فمني ومن الشيطان
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والله الموفق