وفقك الله تبارك وتعالى للحق ..
الميزان الذي يزن به الشيخ الفوزان أحكام الشريعة غير الميزان الذي تزن به أنت أيها الأخ الكريم ، لأن الشيخ الفوزان عالم وإمام ، وواجب على العالم أن يبين أحكام الدين للمسلمين ولا يكتم العلم والبيان ، قال الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }، وفي الحديث الشريف " من كتم علمًا ألجمه الله عز وجل بلجام من نار " فهذا هو الميزان عند الفوزان ، أن يصدع بالحق ولا يخشى في الله سبحانه وتعالى لوم أعداء الدين من العلمانيين والليبراليين ! والمسلم مطالب أن يقول الحق حيثما كان ، وأن يبلغ ما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين ولا يستحي أبدًا من أعداء الدين .
والسؤال لك :
هل يجوز التنازل عن إظهار أحكام الدين من أجل غضب العلمانيين ؟
إن قلت : ( نعم يجوز ) ! ، فلن يرضى عنك بني علمان حتى تخفي أحكام الشريعة بأكلمها !
وإن قلت : ( لا يجوز ) ، كنت أنت والشيخ الفوزان في خندق واحد وما كان لكل هذا الإنتقاد للشيخ الفوزان أي معنى ، والواجب عليك أن تتراجع عن كلامك وتتبرأ منه ابراء للذمة واعتراف بالحق .
واعلم يا أخي الكريم أنه توجد الآن ظاهرة عند بعض الناس وهي : الاستحياء من بعض أحكام الدين مخافة هجوم أعداء الدين وتنقصهم للصالحين ، وهذا الاستحياء ما خرج منهم إلا لوجود خلل عندهم ، فلسان حالهم : إن الذي أنزله رب العالمين لم يكن ينبغي أن ينزل والعياذ بالله تبارك وتعالى ، فهو قد رأى خلل في الدين بزعمه فيريد هو اصلاح هذا الخلل عن طريق اخفاء أو تغيير بعض أحكام الدين لأنه يظن أنه لو أظهر هذه الأحكام لأعداء الدين كما أنزلها الله تبارك وتعالى سيكون ذلك سببًا في عدم هدايتهم وايمانهم بالإسلام !
على سبيل المثال : " الرق في الإسلام " :
تجد من يقول : إن الإسلام لم يقر الرق بل منعه مطلقًا ! ويقول ذلك من أجل اظهار الإسلام بأنه كامل من وجهة نظره ، وظن أن عدم اقرار الإسلام للرق هو الكمال الذي يجب أن يكون عليه الإسلام وأن اقرار الإسلام للرق هو النقص ، وهذا خلل لأن ما شرعه الله عز وجل هو الكمال ، وكل ما هو ضد شرع الله عز وجل هو النقص والخلل والبطلان ، والميزان عند المسلم هو شرع الله عز وجل ، وليس أي ميزان آخر .
مثال آخر " حد الردة " :
إن كنا نزن الأمور بالعدل والإنصاف العالمي المزعوم ،، فيقال لك : إن الإنسان له مطلق الحرية في أن يختار عقيدته في أي وقت شاء ! وحكم الردة بزعمهم هو اجبار الناس على البقاء في الإسلام وفيه من الشدة والقسوة بزعمهم إلى غير ذلك ..، هذا من ناحية العدل والإنصاف العالمي المزعوم !!
ويقولون لك : " لماذا تغضب عندما يقوم النصارى بقتل أو خطف المسلمات الجدد من النصرانية ؟ وتريد منا قبول قتل المرتد من الإسلام للنصرانية مثلاً ؟
فلو كان الأمر بالميزان الذي تزن به أنت يا أخي الأمور ، فماذا ستفعل ؟ هل ستعطيهم المسلمات ؟ أم تتنازل عن حكم الردة حتى يرضى أعداء الدين ؟!
فميزان الأمور عند المسلم يختلف عن غيره من أعداء الدين ، فالمسلم لا يحب ولا يكره ولا يؤيد إلا من خلال شرع رب العالمين سبحانه وتعالى .
والفتنة ليس السبب فيها فتوى الشيخ الفوزان ، ولكن سبب الفتنة قد بينه الله عز وجل في قوله : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
قال الحافظ ابن كثير :
" أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبيله هو ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل، وما خالفه فهو مَرْدُود على قائله وفاعله، كائنا ما كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عَمَلا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ . . أي: فليحذر وليخْشَ من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا { أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ } أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة، { أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: في الدنيا، بقتل، أو حَد، أو حبس، أو نحو ذلك " اهـــ
ومفاسد هذا الرأي الذي أنت عليه يا أخي كبيرة منها :
الغاء حكم الردة، اباحة قيادة المرأة للسيارة، السفر بدون محرم، اباحة النمص، اباحة الاختلاط !
قل لي : ماذا لو جاءك من يقول لك هل يعقل أن تتعذب المرأة لمجرد أنها قامت بنتف بعض الشعيرات ؟! فماذا ستقول له ؟! هل سنستحي من حكم الشرع ؟ أم سنصدع بما أمرنا ؟!
يعني لو قام العلمانيون بالاعتراض على حكم الردة مثلاً أو النمص أو السفر بدون محرم أو قيادة المرأة للسيارة أو الاختلاط أو غيرها ، وجاء عالم من علماء المسلمين يبين ويوضح شرع الله عز وجل فيها بالأدلة الشرعية بيانًا شافيًا للمسلمين ،
فهل يقال له : بيانك هذا هو فتنة وسيضر المسلمين ؟! كما فعلت أنت مع الشيخ الفوزان ؟!
ميزان المسلم يختلف عن أي ميزان آخر يا أخي الكريم .
ولا تخشى من هجوم العلمانيين على العلماء والصالحين ، فقد قال الله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } ، وقد قال الله عز وجل : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } .
وعلى المسلم أن يصدع بما أنزل الله تبارك وتعالى ولا يستحي من الحق ، بل يبين الحق ويبين للناس أن . الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله ، وعلى كل مسلم أن يؤمن به وبما جاء به ويتبعه في باطنه وظاهره ، والإيمان به ومتابعته هو سبيل الله عز وجل وهو دين الله عز وجل ، وأن النجاة في اتباع ما أنزله الله سبحانه وتعالى ،
هذا يا أخي ما يجب أن يبين للناس ، لا أن ننتقد ونعترض على من يبين دين الله عز وجل للناس .