تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 69

الموضوع: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    يا نفس قد أقبل رمضان
    الكاتب : متنوع

    {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [سورة البقرة: 185].

    «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان: صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم بغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

    رمضان مدرسة للتعلم والتعليم، والتوبة والإنابة، ومحطة للتزود بالطاعات والنوافل.

    رمضان خلوة العابدين مع خالقهم في لياليه وأيامه، وإخلاص لله وحده في الطاعات والصيام «الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي» [رواه البخاري].

    رمضان دِربة للنفس على المجاهدة والصبر على الطاعات وترك العصيان.

    رمضان فرصة للمغفرة، فرصة للتوبة، وغسل الأوزار والخطايا.

    فيا فوز الطائعين، ويا فوز الصائمين، ويا فوز القائمين، ويا فوز التالين الذاكرين.

    فما ألذه من شعور يكتنف قلوبنا ونحن نستقبل شهر الخير والبركات...

    هنيئاً لنا جميعاً قدوم هذا الشهر المبارك، هنيئاً لنا بلوغ هذا الموسم العظيم.. اللهم بلغنا أيامه وبلغنا تمامه...

    اللهم سلمنا إلى رمضان وتسلمه منا متقبلاً...

    رمضان.. يا شهر العتق والغفران.

    رمضان.. يا شهر البر والإحسان.

    يا لسعادة نفوس طالما هفت إليك، وأرواح طالما حنت لنفحاتك ونسماتك، وقلوب قد تاقت لأزيز بكائها ودمع عيونها في أسحارك وخلواتك..

    رمضان بستان العارفين، ولذة الطائعين، وباب مفتوح للتائبين.

    فهلم نستقبله بتوبة وإنابة، واستغفار وندم، وعزم على الطاعة والثبات عسى أن نكون فيه من المعتقين من النيران، المقبولين المنعمين في أعالي الجنان.

    هلم يا نفس إلى التوبة، وإياك والتسويف والإعراض..

    يا نفس بأي شيء تستقبلين شهر الصيام.. بإنابة وتوبة.. أم إعراض وإحجام...

    آما آن لك أن ترعوي، ألم يأن لك يا قلب أن تخشع لذكر الله وما نزل من الحق.

    أما آن يا نفس أن ينفعك وعظ وتذكير!!

    إلى متى وأنت في غفلة ورقاد، أتظنين أنك في الحياة معمرة؟، أنسيت القبور وأهلها، والمقابر وسكانها، والقيامة وأهوالها.

    أما علمت أن لكل أجل كتاب، وبعد الأجل حساب.. فإما ثواب وإما عقاب.

    كم في القبور من حسرات، وكم فيها من زفرات، كم فيها من دركات ونيران، وصراخ وعويل، النار يعرضون عليها غدواً وعشياً..

    كم في القبور من نفحاتِ برٍّ ونسمات، كم فيها من جنات ونهر، كم فيها من نزلِ الجنة، وفرش الجنة، ولباس الجنة، ورَوحٍ وريحانٍ من الجنة..

    شتان بين منازل العابدين المشفقين ودرجاتهم، وبين مضاجع المفرطين ودكاتهم.

    أولئك في الجنان منعمون، والآخرون في النيران معذبون.

    أواه يا نفس.. كم دعيت إلى الحق فأحجمت.. ولما أتى داعي الهوى ركبت وأسرعت..

    أإلى الجنة أدعوك.. وأنت أمارة لا ترعوين...

    أتسمعين النداء.. ولا تجيبين؟!

    يا نفس سبق العابدون وبلغوا المنازل.. فهلا بركبهم تلحقين.. وفي طلب العلا تنافسين..

    ها هي نسمات الإيمان أطلت.. ورياح الجنان هبت.. ونفحات الرحمة تجلت...

    هذه الجنان تزينت.. وأبوابها تفتحت.. وهذه النيران تغيظت.. وأبوابها أوصدت.. وهذه الشياطين كبلت وصفدت...

    أتدرين لأي شيء ذاك؟!.. إنه لك.. نعم لك أنت.. لترجعي إلى ربك.. وتعودي إلى رشدك..

    لتستيقظي من رقادك.. وتفيقي من غفلتك.. لتغتنمي مواسم الإيمان.. وتستعيني على طاعة الرحمن.

    رمضان يا نفس جنة العابدين.. وأنس المحبين..

    فهلا ترجعين..

    نعم.. هلا ترجعين؟

    عودي إلى ربك فهذا أوان تنزل الرحمات.. وربك يفرح بتوبة عبده.. ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.. ولا يزال للعبد أمل في قبول التوبة مالم يغرغر..

    يا نفس.. ربك يناديك.. يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم.

    {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة: 186].

    استجيبي لربك.. وعودي إلى رشدك.. وليكن رمضان هذا مفتاح تغيير حياتك.. وصفحة جديدة.. ملؤها الطاعة والمحبة، والخشية والرجاء، والرغبة والرهبة، والإنابة والثبات.

    هلم يا نفس إلى مجالس الإيمان، ورياض الجنان، ومداومة الصيام والقيام، والعيش مع آيات القرآن عسى تحفنا ملائكة الرحمن، فنكتب في الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، ونكتب في سجل المعتقين من النيران في هذا الشهر الكريم.

    اللهم وفقنا للصالحات حتى الممات.. وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادك.. واجعلنا من المقبولين.


    موقع رمضانيات

    -بتصرف يسير-

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضان الأخير

    كثيرًا ما تضيع منا الأيام الأولى في رمضان لأننا لم نحسن الاستعداد لها، فلا نشعر بقيمة الصيام، ولا بحلاوة القرآن، ولا بخشوع القيام..

    وهذه لحظات غالية والدعاة والعلماء والمتحدثون أن يضعوا برامج في شعبان لشحذ الهمم وتنشيط الكسالى، مثل الإكثار من الصيام وقراءة القرآن والقيام لدخول رمضان وقد تعودنا على هذه الأمور فلا تضيع منا دون انتباه.. وهذا ولا شك شيء طيب.. بل رائع.. فاللاعب الذي لا يقوم بعملية الإحماء والتدريب قبل المباراة لا يمكن أن يستمر فيها بلياقة جيدة.. وهكذا أيضًا المسلم والمسلمة الذي "يفاجئ" برمضان فإنه لا يحسن استخدام كل أوقاته، واستغلال كل لحظاته..

    لكني أرى أن الأهم من ذلك، والذي قد نغفله كثيرًا، هو الاستعداد "ذهنيًا" لهذا الشهر الكريم.. بمعنى أن تكون مترقبًا له، منتظرًا إياه، مشتاقًا لأيامه ولياليه.. تعد الساعات التي تفصل بينك وبينه.. وتخشى كثيرًا ألا تبلغه...

    هذه الحالة الشعورية صعبة.. ولكن الذي يصل إليها قبل رمضان يستمتع حقيقةً بهذا الشهر الكريم.. بل ويستفيد مع المتعة.. بكل لحظة من لحظاته..

    وقد وجدت أنه من أسهل الطرق للوصول إلى هذه الحالة الشعورية الفريدة أن تتخيل بقوة أن رمضان القادم هو رمضانك الأخير في هذه الدنيا!!

    إن رسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- أوصانا أن نكثر من ذكر الموت، فقال: «أكثروا من ذكر هادم اللذات» [صححه الألباني].. ولم يحدد لنا وردًا معينًا لتذكره، فلم يقل مثلاً تذكروه في كل يوم مرة، أو في كل أسبوع مرة، أو أكثر من ذلك أو أقل، ولكنه ترك الأمر لنا نتفاوت فيه حسب درجة إيماننا، فبينما لا يتذكر بعضنا الموت إلا عند رؤية الموتى، أو عيادة المرضى، أو عند المواعظ والدروس، تجد أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح"..

    وقد قال هذه الكلمات الواعية تعليقًا على حديث الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» [رواه البخاري]..

    وفي إشارة من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى تذكر الموتى كل يومين قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» [رواه البخاري ومسلم]..

    إذًا افتراض أن رمضان القادم هو رمضان الأخير افتراض واقعي جدًا، ومحاولة الوصول إلى هذا الإحساس هو مطلب نبوي، والمشاهدات العملية تؤكد هذا وترسخه، فكم من أصحاب ومعارف كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور، والموت يأتي بغتة، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [سورة المؤمنون: 99-100]..

    فالعودة من الموت مستحيلة، وكل الذين يموتون يتمنون العودة، إن كان مسيئًا ليتوب، وإن كان محسنًا ليستزيد.. فماذا لو مِتنا في آخر رمضان المقبل؟!، إننا على كل الأحوال سنتمنى العودة لصيام رمضان بشكل جديد يكون أكثر نفعًا في قبورنا وآخرتنا.. فلنتخيل إننا عدنا إلى الحياة، وأخذنا فرصة أخيرة لتجميل حياتنا في هذا الشهر الأخير، ولتعويض ما فاتنا خلال العمر الطويل، ولتثقيل ميزان الحسنات، ولحسن الاستعداد للقاء الملك الجبار..

    هذا هو الشعور الذي معه ينجح إعدادنا وعملنا بإذن الله في هذا الشهر الكريم.. وليس هذا تشاؤمًا كما يظن البعض، بل إن هذه نظرة دافعة للعمل، ودافعة في نفس الوقت للبذل والتضحية والعطاء والإبداع.. ولقد حقق المسلمون فتوحات عسكرية كثيرة، ودانت لهم الأرض بكاملها بسبب هذه النظرة المرتقبة للموت، الجاهزة دومًا للقاء الله عز وجل..

    وما أروع الكلمات التي قالها سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لزعيم الفرس هرمز عندما وصف الجيش الإسلامي المتجه إلى بلاد فارس فقال: "جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة"!

    ولقد حقق هؤلاء الرجال الذين يحبون الموت كل مجد، وحازوا كل شرف.. ومات بعضهم شهيدًا، وعاش أكثرهم ممكنًا في الأرض مالكًا للدنيا، ولكن لم تكن الدنيا أبدًا في قلوبهم.. كيف وهم يوقنون أن الموت سيكون غدًا أو بعد غد؟!

    والآن ماذا أفعل لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير؟!

    لو أني أعلم ذلك ما أضعت فريضة فرضها الله عليّ أبدًا، بل ولاجتهدت في تجميلها وتحسينها، فلا أصلي صلواتي إلا في المسجد، ولا ينطلق ذهني هنا وهناك أثناء الصلاة، بل أخشع فيها تمام الخشوع، ولا أنقرها نقر الغراب، بل أطول فيها، بل استمتع بها.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» [رواه النسائي وصححه الألباني]..

    ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لحرصت على الحفاظ على صيامي من أن يُنقصه شيء.. فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل أحتسب كل لحظة من لحظاته في سبيل الله، فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]..

    ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير.. لحرصت على صلاة القيام في مسجد يمتعني فيه القارئ بآيات الله عز وجل، فيتجول بين صفحات المصحف من أوله إلى آخره.. وأنا أتدبر معه وأتفهم.. بل إنني أعود بعد صلاة القيام الطويلة إلى بيتي مشتاقًا إلى كلام ربي، فأفتح المصحف وأستزيد، وأصلي التهجد وأستزيد، وبين الفجر والشروق أستزيد.. إنه كلام ربي!.. وكان عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول: "كلام ربي.. كلام ربي..".

    ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرأت على معصية، ولا فتحت الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة.. وليس معقولاً أن أدمر ما أبني، وأن أحطم ما أشيد.. هذه صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة..

    إنني في رمضان الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصي وذنوب، وخطايا وآثام.. إن هذا ليس من العقل في شيء..

    ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزت المال لنفسي أو لورثتي.. بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي.. ولبحثت بكل طاقتي عن فقير محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلم في ضائقة.. أو غير ذلك من أصناف المحتاجين والملهوفين..

    ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلاً.. فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى!

    ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير ما نسيت أمتي.. فجراحها كثيرة، وأزماتها عديدة، وكيف أقابل ربي ولست مهمومًا بأمتي.. فلسطين محاصرة.. والعراق محتلة.. وأفغانستان كذلك.. واضطهاد في الشيشان، وبطش في كشمير، وتفتيت في السودان، وتدمير في الصومال.. ووحوش في الأرض تنهش.. والمسلمون في غفلة..

    ماذا سأقول لربي وأنا أقابله غدًا؟!

    هل ينفع عندها أنني كنت مشغولاً بمتابعة مباراة رياضية، أو مهمومًا بأخبار فنية، أو حتى مشغولاًَ بنفسي وأسرتي..

    أين شعور الأمة الواحدة؟!

    هل أتداعى بالحمى والسهر لما يحدث من جراح للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!

    وحتى والله لو كنت مشغولاً بصلاتي وقيامي.. هل يقبل ربي عذري أنني نسيت رجالاً تُقتَّل، ونساءً تُغتَصب، وأطفالاً تُشرَّد، وديارًا تُدمَّر، وأراضٍ تُجرَّف.. وحرمات تُنتَهك؟!

    لقد أفطر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر المسلمين بالفطر وهم يتجهون إلى مكة ليفتحوها بعد خيانة قريش وبني بكر..

    إن الصيام يُؤخَّر.. والجهاد لا يُؤخَّر..

    ليس هذا فقهي أو فقهك.. إنما هو فقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

    هكذا كان يجب أن يكون رمضاني الأخير..

    بل هكذا يجب أن يكون عمري كله..

    وماذا لو عشت بعد رمضان؟!، هل أقبل أن يراني الله عز وجل في شوال أو رجب لاهيًا ضائعًا تافهًا؟!

    وما أروع الوصية التي أوصى بها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- وهو يودعه في رحلته الجهادية إلى الشام..

    قال أبو بكر: "يا أبا عبيدة.. اعمل صالحًا.. وعش مجاهدًا.. وتوفَّ شهيدًا"..

    يا الله.. ما أعظمها من وصية، وما أعمقه من فهم!!

    فلا يكفي العمل الصالح بل احرص على ذروة سنام الإسلام.. الجهاد في سبيل الله.. في كل ميادين الحياة.. جهاد في المعركة مع أعداء المسلمين.. وجهاد باللسان مع سلطان جائر.. وجهاد بالقرآن مع أصحاب الشبهات.. وجهاد بالدعوة مع الغافلين عن دين الله.. وجهاد للنفس والهوى والشيطان.. وجهاد على الطاعة والعبادة.. وجهاد عن المعصية والشهوة..

    إنها حياة المجاهد..

    وشتان بين من جاهد لحظة ولحظتين.. وبين من عاش حياته مجاهدًا..

    ثم إنه لا يكفي الجهاد!!

    بل علينا بالموت شهداء...

    وكيف نموت شهداء ونحن لا نختار موعد موتتنا، ولا مكانها، ولا طريقتها؟!

    إننا لا نحتاج إلى كثير كلام لشرح هذا المعنى الدقيق.. بل يكفي أن نشير إلى حديث رسول الله -رضي الله عنه- ليتضح المقصود.. قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سأل الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» [رواه مسلم]..

    ولتلحظ أخي المسلم.. وأختي المسلمة كلمة "بصدق" التي ذكرها الرسول العظيم -صلى الله عليهوسلم- .. فالله عز وجل مطَّلعٌ على قلوبنا.. مدرك لنياتنا.. عليم بأحوالنا..

    أمتي الحبيبة..

    ليست النائحة كالثكلى...

    إننا في رمضاننا الأخير لا نتكلف الطاعة.. بل نعلم أن طاعة الرحمن هي سبيلنا إلى الجنة.. وأن الله عز وجل لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وأننا نحن المستفيدون من عملنا وجهادنا وشهادتنا..

    فيا أمتي.. العمل العمل.. والجهاد الجهاد.. والصدق الصدق..

    فما بقى من عمر الدنيا أقل مما ذهب منها..

    والكيِّس ما دان نفسه وعمل لما بعد الموت..

    وأسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين..

    موقع قصة الإسلام

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    وكان يأمل أن يصوم معنا رمضان
    الكاتب : متنوع
    حين دفنت صديقي البارحة وكان يأمل أن يصوم معنا رمضان

    صلاح عبدالشكور


    كان في صحة وعافية...

    ينتظر الجديد من يومه.. ينتظر اللحظة القادمة والمفاجأة الآتية

    هذا صبح يجيء بوهجه وإشراقه
    فما يلبث أن تطفئه غسقات الليل...

    وهذا ليل يحبو كشبح مخيف
    فما يبرح حتى يقتله شعاع الفجر...

    هكذا هي حياتنا
    صعود وانخفاض.. ومنعطفات ومسارات.

    سفر وحضر.. فرح وحزن.

    كان رحمه الله يسير من السائرين
    ويؤمل مع المؤملين.. ويرحل بطموحاته مع الراحلين.

    كان يعيش مثلنا بآمال طويلة عريضة
    وينسج بخياله مستقبله القادم...

    قابلته بعد إجازته فرحاً بشوشاً كعادته...

    جاء بحماس ونشاط
    واستعد لعمله بسرور وطيب نفس...

    جالسته فحدثته وحدثني
    ولم أنس حين قال بنبرة المتحمس: "اللهم بلغنا رمضان".

    وقد بقي على الشهر الفضيل بضعة أيام
    قلت: "آمين".

    تفرقنا في نهاية دوام ذلك اليوم سوياً على أمل اللقاء في غد
    وليتنا كنا ندري أننا لن نلتقي بعد هذا اليوم...

    وصلت إلى عملي في اليوم التالي،
    عجباً لقد تأخر عن العمل!!

    اتصلت عليه مباشرة،
    رد علي ابنه الأكبر.. سألته عن والده
    فقال بنبرة ملؤها الحزن والتوتر:
    "ادع الله له بالشفاء فقد أصيب البارحة بنزيف في الدماغ وأدخل على إثره العناية المركزة".

    صدمت من هول هذا الخبر المفجع
    لقد كان معي قبل أقل من أربع وعشرين ساعة!!

    أخذت أردد: "لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم اشف أخي ومنّ عليه بالصحة والعافية".

    مرت أيام عصيبة بعدها.. أتذكر صاحبي فيها كل يوم مرات ومرات
    أسائل عنه وكانت الإجابة المعتادة "لم يفق من غيبوبته".

    حتى جاء ذلك اليوم الحزين وقبل رمضان بيوم واحد
    وإذ بي أقرأ تلك اللوحة الأليمة على الجدار
    (انتقل إلى رحمة الله..............).

    إنا لله وإنا إليه راجعون

    شعرت بالحزن والأسى يجري في عروقي،
    وأحسست بنوبة من البكاء تجتاحني دون إنذار.

    يا لهول الفاجعة...

    وبدأت أدعو له بالرحمة والمغفرة...

    وعند أذان العصر وقبل الدفن بدأت أشعر بغربة عجيبة،
    ووحشة تسري في أعماقي...

    ويا لها من كلمات قاسيات حين نادى المنادي
    "الصلاة على الميت يرحمكم الله".

    أحدثت هذه الكلمات ضجيجاً في داخلي،
    ورحت أستذكر مواقفي مع هذا الذي يدعى الآن (ميت)!!!

    سبحان الله لقد خلعوا عنه كل الأسماء،
    وسمّوه بهذه الأحرف القاسية (م ي ت)!!!

    أدينا الصلاة عليه وحُمل على الأكتاف وأسرعوا
    وأنا أساءل نفسي هل المحمول هو فلان ابن فلان...

    وأتينا على المقابر،
    تلكم المساكن التي طالما نسيناها،
    وطالما أنزلنا فيها أحبابنا وأصدقاءنا وأقاربنا.

    دلفنا إلى حيث المقبرة المعدة،
    تأملت فيها.. حدقت النظر تجاهها،
    فيا لوحشة هذه الحفرة .. ولضيق مساحتها...

    كاد قلبي أن ينخلع وأنا الناس يُنزلون صديقي إلى قبره
    وهم يقولون (بسم الله وعلى سنة رسول الله)...

    أوّاه من هذه الحياة نجري فيها وكأننا مخلدون للعيش واللهو،
    وعلى كلٍ هذا هو مصير كل حي...

    ولكن الذي آلمني حقيقة.. وجعلني أشعر بنعمة العيش بعده،
    أن موت صديقي كان قبل دخول رمضان،
    وقد كان يأمل ويتمنى بلوغ هذا الشهر مثلنا،
    وربما خطط ورتّب وأعدّ العدة للصيام والقيام،
    ولكن قدر الله كان أقرب.

    كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجـيران وإخوانِ
    أفنـاهم الموت واستبـقاك بعدهمُ *** حياً فما أقرب القاصي من الداني

    فما أعظمها من نعمة أن مدّ الله في أعمارنا حتى بلغنا شهرنا الكريم...

    وتفكرت في أمنيات صاحبي فتذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم حين مرّ بقبر فقال: «من صاحب هذا القبر؟»، قالوا: فلان فقال: «ركعتان خفيتان بما تحقرون و تنفلون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم» [صححه الألباني].

    فاللهم اغفر لصاحبي وأسكنه فسيح جناتك،
    واكتب له أجر الصيام والقيام كما همّ،
    ووفقنا لرضاك واجعل خير أيامنا يوم نلقاك...


    صيد الفوائد

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    مقترحات لبرامج شهر رمضان
    الكاتب : متنوع
    أفكار ومقترحات لبرامج شهر رمضان المبارك

    عادل عبدالله هندي


    1 - أخبار المسجد على المحمول: يتم تجميع أرقام المحمول ممن يوَدُّون متابعة أخبار المسجد يوميًّا أو كل فترة، وخاصة في رمضان بإخبارهم بالمقرأة، التراويح، التهجُّد، خُطَب الجمعة، دروس،.. وغير ذلك.

    2 - سؤال وجائزة يوميَّة: يتم طباعة 30 سؤالاً في شخصية صحابي، ويوضع بأسلوب جذَّاب وبديع، ويتم تعليق كل يوم فجرًا السؤال الجديد، وعند صلاة العشاء يتم وضع صندوق لتجميع الإجابات وبنظام السحب عند الترويحة بين صلاة التراويح 4 و4 ويتم سحب إجابة وتُقَدَّم جائزة فوريَّة للمتَسَابِق إذا كان الجواب صحيحًا.

    3 - جِلسَة حِوَار في هذه الجلسة: والتي يمكن عقدها قبل رمضان بأيَّام، وذلك بالتنسيق مع الناس كلها في المسجد، وخاصة المتفاعلين معنا في المسجد والمهتمين جدًّا بأمور المسجد، يتم النقاش في أمور رمضان وخلاف ذلك، وكذا مشاكل وحلولها للناس كلها (جلسة عادية غير تقليدية، أسرية جدًّا).

    4 - رابطة شباب المسجد: فكرَتها تجمِيع عناصر شبابيَّة فعَّالة من المسجد لقيَادَة المسجِد فِي رَمَضَان، وَيَتِمُّ مِن خلالهم توزيع الهدايا والورق ودعوة غيرهم من الشباب ومتابعة أحوال المسجد، وبذلك يتم تفعيل دور الشباب.

    5 - مسابقة بين مسجدين يتم اختيار فريق من المتسابقين عند سن معين، وليكن للكبار من 28سنة وحتى 35 سنة، ويتم التنسيق مع مسجد مثل (سندس) أو غيره، ويتم عمل مسابقة، وجهًا لوجه – فريقين - ويتم الاتفاق على المواد التي سيسأل فيها قبل عقد المسابقة بمدَّة يتسنَّى للمتسابقين الاتفاق على توزيع أدوار المراجعة وخلاف ذلك، ويتم عقدها بحضور الناس، وفي دار مناسبات المسجد الكبير، وبحضور أساتذة ودكاترة وعلماء ومشايخ، ويتم تكريم المتفوقين في حفل توزيع الجوائز في ليلة 25 رمضان.

    6 - يوم النظافة للحي والمسجد يخصَّص يوم لنظافة المنطقة تَمامًا: وذلك بالتنسيق مع رجال الحيِّ الكرام، وكذا يتم نظافة المسجد وذلك يكون في نصف شهر رمضان، والهدف منه: إعلام الناس بقيمة العمل الاجتماعي، وإشعار الناس بوجود طاقات فاعلة.

    7 - لقاء للأئمَّة في المسجد مع الناس في هذا اللقاء المتَّفَق عليه بين الأئمة ويتم عقده بمسجد (المدينة المنورة) بعد صلاة عصر يوم من أيَّام رمضان، ولا سيَّما بعد مرور 5 أيَّام منه، ويتناقش الناس والحاضرون مع الأئمة الحاضرين فيما يريدون ويعرضون: ماذا يريدون من الأئمة والخطباء؟ ليتم التواصل.

    8 - مسابقة من يحضر أكثر يتم عمل فريق رصد لأكثر مسلم يحضر في (صلاة الفجر – المقرأة – العشاء والتراويح – التهجُّد – خطب رمضان – دروس العصر والتي ستكون في يومين من أيام الأسبوع)، ويتم تكريم الفائزين، والذين يصلون إلى نسبة 95%.

    9 - مسابقة الأسرة المسلمة في رمضان يتم عمل مسابقة من قبل رمضان وتوزَّع مع أول أيام رمضان المبارك (مسابقة شاملة للقرآن وعلومه، والسنة، والسيرة، والفقه، ومعلومات عامة، ويضاف إليها معلومات عن القدس)، ويتم تصحيحها وَفق لجنة خاصة من المدرسين الكرام من رواد المسجد، ويتم توزيع الجوائز أيضًا على الأسر الفائزة في حفل ليلة 27 رمضان، وبحضور نخبة من علماء وأساتذة من جامعة الأزهر.

    10 - يوم إفطار جماعي يوم 26 رمضان يتم عمل إفطار جماعي بإعداد الناس أنفسهم، ويتم عمل مكان للسيدات والأطفال كذلك؛ ليصير يومًا له علامة مميزة في حياة الروَّاد.

    11 - الحقيبة الرمضانية حقيبة رمضان فكرة متميزة بالفعل في إسعاد المُزَكِّي والمُزَكَّى عليه، ويتم إعدادها بمحتوياتها من طرف من يتبرع بما تَجُود به نفسه أو نقود عينية يتم من خلالها الإعداد للحقيبة، وتوزع في أول رمضان، وليكن على يوم 3 رمضان إن شاء الله تعالى.

    12 - العيدية فكرة العيدية لمن يريد أن يزكي زكاة الفطر، وتخرج قبل العيد، إن شاء الله، أو من أراد أن يساهم، ولو بعد أداء زكاة فطره، ومعروف ما توقعه هذه المشاركة من فرحة في نفوس وقلوب الأطفال قبل الكبار، وذلك هو عين التعاون.

    13 - مفكرة رمضان مفكرة رمضان فكرة نحاول فيها وضع بعض الآتي:

    * إهداء من المسجد.

    * أذكار الصباح والمساء.

    * جدول لمتابعة مراجعة وقراءة القرآن في رمضان.

    * عرض أيام الشهر الكريم مع مواقيت الآذان والصلوات بالمسجد وغيره.

    * عرض برامج رمضان بهذه المفكرة اليومية، يعني عرض برنامج كل يوم تقريبًا.

    * جدول تنظيم وقت الصائمين مع مواعيد العمل.

    * ملاحظات ومقترحات.

    14 - مسحراتي المحمول: فكرة المسحراتي معروفة من قديم، ولكنها هذه المرة بالمحمول (من أراد أن يستيقظ في موعد يتم تحديده بالاتفاق بين المسلمين للسحور يسجل اسمه ورقم هاتفه المحمول أو الأرضي، وسيتم تكوين فريق مسحراتيَّة؛ ليأخذوا الثواب العظيم والبركة العميمة من آثار هذا المجهود).

    15 - سهرة عائلية وخاطرة رمضانية وختمة قرآنية هذه فكرة خاصة بالأسرة:

    * ختمة القرآن والتسابق فيمن ينتهي أولاً؟ وكم مرَّة؟

    * خاطرة بعد الإفطار أو قبله أو حسب ما تراه كل أسرة.

    * سهرة عائلية للنقاش في الأمور المهمة، وبذلك يقترب رب كل أسرة من أسرته.

    16 - مقرأة الفجر يتم قراءة جزء يوميًّا بالمسجد من اليوم الأخير لشعبان بعد الفجر، وبذا تضاف ختمة قرآنية إلى ختمة التروايح.

    17 - مسابقة أفضل ابن متعاون مع أبويه هى فكرة نقترح على الأسر تنفيذها للأبناء (أكثر ولد أو بنت متعاون أو متعاونة مع أبويها، وإعطاؤه هدية قيمة، وذلك يكون بمشاركة الأسر وصدق الراعي).

    18 - صندوق رمضاني للأسئلة يتم عمل صندوقين ورقيَّين لا يفتحهما إلا إمام المسجد أو من ينوب عنه لتجميع الأسئلة عند الرجال والنساء، وسيجاب عليها تباعًا وباستمرار، إن شاء الله.

    19 - فرصة العمر ليلة القدر.

    20 - الليلة عيد أقترح في هذه الليلة (ليلة العيد) أن يتم تخصيص وفد من المسجد لزيارة بعض الأسر الفقيرة، ويشمل كذلك أسر رواد المسجد ممَّن يرحبون بالزيارة في المنطقة والحي.


    صيد الفوائد

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    هدي النبي (صلى الله عليه و سلم) في الصيام
    الكاتب : محمد بن عبدالوهاب



    بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على أشرف من خلق الله، محمد بن عبدالله، وبعد:

    لما كان المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، وقبول ما تزكو فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعه من المساكين، وتضييق مجاري الطعام والشراب فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار المقربين، وهو لرب العالمين، من بين الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئاً، وإنما يترك شهوته، فهو ترك المحبوبات لمحبة الله، وهو سر بين العبد وربه، إذ العباد قد يطلعون على ترك المفطريات الظاهرة، أما كونه ترك ذلك لأجل معبوده، فأمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم.

    وله تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، واستفراغ المواد الرديئة، المانعة لها من صحتها، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى: ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].

    وأمر -صلى الله عليه وسلم- من اشتدت شهوته للنكاح، ولا قدرة له عليه بالصيام، وجعله وجاء هذه الشهوة.

    وكان هديه -صلى الله عليه وسلم- فيه أكمل هدي، وأعظم تحصيلاً للمقصود، وأسهله على النفوس، ولما كان فطم النفوس عن شهواتها ومألوفتها من أشق الأمور، تأخر فرضه إلى ما بعد الهجرة، وفرض أولاً على التخيير بينه وبين أن يطعم كل يوم مسكيناً، ثم ختم الصوم، وجعل الإطعام للشيخ الكبير، والمرأة إذا لم يطيقا، ورخص للمريض والمسافر أن يفطرا، أو يقضيا، والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما كذلك، وإن خافتا على ولديهما زادتا مع القضاء، إطعام مسكين لكل يوم، فإن فطرهما لم يكن لخوف مرض، وإنما كان مع الصحة، فجبر مع إطعام مسكين، كفطر الصحيح في أول الإسلام.

    وكان من هدية -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان، الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل -عليه السلام- يدارسه القرآن في رمضان، وكان يكثر فيه من الصدقة والإحسان، والتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر، والاعتكاف.

    وكان يخصه من العبادات بما لا يخص به غيره، وإنه ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليلة ونهارة على العبادة.

    وكان ينهى أصحابه عن الوصال، فيقولون له: "إنك تواصل؟"، فيقول: لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، نهى عنه رحمةً للأمة، وأذن فيه إلى السحر.

    وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة، أو بشهادة شاهد، فإن لم يكن رؤية ولا شهادة، أكمل عدة شعبان ثلاثون، وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظرة سحاب أكمل شعبان ثلاثين، ولك يكن يصوم يوم الإغمام، ولا أمر به، بل أمر بإكمال عدة شعبان، ولا يناقض هذا قوله: «فإن غم عليكم فاقدروا له» [رواه البخاري ومسلم]، فإن القدر: هو الحساب المقدور، والمراد به الإكمال.

    وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- الخروج منه بشهادة اثنين، وإذا شهد شاهدان برؤيته، بعد خروج وقت العيد، افطر، وأمرهم بالفطر، وصلي العيد من الغد في وقتها.

    وكان يعجل الفطر، ويحث عليه، ويتسحر ويحث عليه، ويؤخره، ويرغب في تأخيره، وكان يحض على الفطر على التمر، فإن لم يجده فعلى الماء.

    ونهى الصائم عن الرفث، والصخب، والسباب، وجواب السباب، وأمره أن يقول لمن سابه: إني صائم.
    وسافر في رمضان، فصام، وأفطر، وخير أصحابه بين الأمرين، وكان يأمره بالفطر إذا دنوا من العدو، ولم يكن من هديه تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- حين ينشئون السفر يفطرون من غير اعتبار مجاوزة البيوت ويخبرون أن ذلك هديه وسنته -صلى الله عليه وسلم.

    وكان يدركه الفجر وهو جنب من اهله، فيغتسل بعد الفجر ويصوم، وكان يقبل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان، وشبه قبلة الصائم بالمضمضة بالماء، ولم يصح عنه -صلى الله عليه وسلم- التفريق بين الشاب والشيخ.

    وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسياً، وإن الله هو الذي أطعمه وسقاه، والذي صحّ عنه أنه يفطر الصائم به: هو الأكل والشرب، والحجامة والقيء، والقرآن دل على الجماعة، ولم يصح عنه في الكحل شيء.

    وصحّ عنه أنه يستاك وهو صائم، وذكر أحمد عنه أنه كان يصب على رأسه الماء وهو صائم وكان يستنشق ويتمضمض وهو صائم، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق، ولا يصحّ عنه أنه احتجم وهو صائم. قال أحمد: وروي عنه أنه قال في الأثمد: "ليتقه الصائم" ولا يصح، قال ابن المعين: حديث منكر.

    وكان يصوم حتى يقال: لا يفطر، و يفطر حتى يقال: لا يصوم، وما استكمل صيام شهر غير رمضان، وما كان يصوم في شهر أكثر مما كان يصوم في شعبان، ولم يكن يخرج عنه شهر حتى يصوم منه، وكان يتحرى صيام الأثنين والخميس. قال ابن عباس: كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر، ذكره النسائي.

    وكان يحض على صيامها. وأما صيام عشر ذي الحجة، فقد اختلف فيه عنه، أما صيام ستة أيام من شوال، فصحّ عنه أنه قال: صيامها مع رمضان يعدل صيام الدهر، وأما يوم عاشوراء، فإنه كان يتحرى صومه على سائر الأيام، ولما قدم المدينة وجد اليهود تصومه وتعظمه، فقال: «نحن أحق بموسى منكم» [رواه البخاري]، فصام وأمر بصيامه، وذلك قبل فرض رمضان، فلما فرض رمضان قال: «من شاء صامه ومن شاء تركه» [رواه مسلم].

    وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- إفطار يوم عرفة بعرفة، ثبت عنه ذلك في (الصحيحين) وروي عنه أنه نهى عن صوم عرفة بعرفة (رواه أهل السنن)، وصحّ عنه أن "صيامه يكفر السنة الماضية والباقية" (ذكره مسلم).

    ولم يكن من هديه صيام الدهر، بل قد قال: من صام الدهر لا صام ولا أفطر، وكان يدخل على أهله فيقول: هل عندكم شيء؟ فإن قالوا: لا، قال: "إني إذاً صائم"، وكان أحياناً ينوي صوم التطوع، ثم يفطر وأما حديث عائشة -رضي الله عنها- فإنه قال لها ولحفصة: "اقضيا يوماً مكانه" وكان إذا نزل على قوم وهو صائم أتم صيامه، كما فعل لما دخل على أم سليم، لكن أم سليم عنده بمنزلة أهل بيته. وفي الصحيح عنه انه قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم» [رواه مسلم].

    وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- كراهة تخصيص يوم الجمعة بالصوم.
    وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




    المصدر: مختصر زاد المعاد
    للإمام ابن قيم الجوزية.
    تأليف الإمام: محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-.

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضان أمل
    الكاتب : محمد بن سرار اليامي



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].

    والصلاة والسلام على النبي القائل: «للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه» [رواه مسلم]، والقائل : «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]، والقائل: «إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلن يدخل منه أحد» [رواه البخاري ومسلم].


    فقد هل أشرف الشهور... بعد طول غياب... وبعد شوق عظيم.. ذابت الأحداق في انتظاره.. وتمزقت المآقي على فراقه.. وها هو يقدم.. بين يديه العتق والرحمة والمغفرة من الله جل وعز ..

    أتاك شهر السعد والمكرمات *** فحيه في أجمل الذكريات
    يا موسم الغفران أتحفتنا *** أنت المنى يا زمن الصالحات

    أحبتي
    يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [سورة الزمر: 53].

    وهذا الشهر هو موسم عظيم للتوبة والمغفرة صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار، ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» [رواه مسلم].

    فسبحان من يعطي ونخطئ دائما *** ولم يزل مهما هفا العبد عفا
    يعطي الذي يخطئ ولا يمنعه *** جلاله عن العطا لذي الخطا

    فكفاره الذنب.. التوبة منه.. وعدم الإصرار عليه والاعتراف به والاستغفار منه والندم عليه
    قال جل وعز: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا ْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة آل عمران: 135].

    فرغم أنفه من أدرك رمضان فلم يغفر له.... لماذا؟ لأنه فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى بل قد لا تعود أبدا...
    والسؤال الذي كان يراودني منذ أن وضعت قلمي على ورقتي أرقم هذه العبارات والجمل .. هو ...

    متى يتوب من لم يتب في رمضان؟!

    متى يعود إلى الله من لم يعد في رمضان؟! متى ... متى؟

    أحبتي: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنّ َ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [سورة النحل: 92].

    إن شهرا هذه خصائصه وصفاته لحقيق بأن يذرف الدمع على فراقه وتتفتت الأكباد عند وداعه..

    كتبه
    محمد بن سرار اليامي
    من كتاب رمضان أمل وألم

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    وظائف العشر الأواخر من رمضان
    الكاتب : متنوع



    بسم الله الرحمن الرحيم

    ها هو شهر رمضان قد اصفرّت شمسه، وآذنت بالغروب فلم يبق إلا ثلثه الأخير، فماذا عساك قدمت فيما مضى منه؟ وهل أحسنت فيه أو أسأت؟ فيا أيها المحسن المجاهد فيه هل تحس الآن بتعب ما بذلته من الطاعة؟ ويا أيها المفرّط الكسول المنغمس في الشهوات هل تجد راحة الكسل والإضاعة؟ وهل بقي لك طعم الشهوة إلى هذه الساعة؟

    تفنى اللذات ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعــار
    تبقى عواقب سوء في مغبتـها لا خير في لذة من بعدها النار

    فلنستدرك ما مضى بما بقى، وما تبقى من ليال أفضل مما مضى، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)) [متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها]، وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)

    وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه:

    أحدها: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.

    وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم يحي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.

    وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.

    ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.

    وعليه فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلي:

    1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل.
    قال الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
    وليحرص على أن يصلي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: <<إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة>> [رواه أهل السنن وقال الترمذي: حسن صحيح]

    2- اجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر فقد قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.

    قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.

    وقال صلى الله عليه وسلم <<من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه>> [متفق عليه]

    وقوله صلى الله عليه وسلم <<إيماناً>> أي إيماناً بالله وتصديقاً بما رتب على قيامها من الثواب. و <<احتساباً>> للأجر والثواب

    وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم <<تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان>> [متفق عليه]

    وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: <<تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان>> [رواه البخاري]

    وهي في السبع الأواخر أقرب, لقوله صلى الله عليه وسلم: <<التمسوها في العشر الأواخر, فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي>> [رواه مسلم]

    وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: "والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين" [واه مسلم]

    وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل في الليالي تبعاً لمشيئة الله وحكمته.
    قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل...ا.هـ.
    قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها...ا.هـ
    وعليه فاجتهد في قيام هذه العشر جميعاً وكثرة الأعمال الصالحة فيها وستظفر بها يقيناً بإذن الله عز وجل.

    والأجر المترتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر .

    3- احرص على الاعتكاف في هذه العشر.

    والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى، وهو من الأمور المشروعة. وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده, ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل – ثم اعتكف أزواجه من بعده) ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال, كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين.

    قال الإمام أحمد –رحمه الله- : لا أعلم عن أحد من العلماء خلافاً أن الاعتكاف مسنون والأفضل اعتكاف العشر جميعاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يوماً أو أقل أو أكثر جاز.

    قال في الإنصاف: أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً.

    وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم.
    وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يحاسب نفسه، وينظر فيما قدم لآخرته, وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ويقلل من الخلطة بالخلق.

    قال ابن رجب: ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية ...ا.هـ.

    د.عبدالله بن علي الجعيثن

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    همسات العشر تقول
    الكاتب : عبدالله القحطاني



    الحمد لله الكريم الوهاب، خلق خلقه من تراب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، إمام الأنبياء وسيد الحنفاء، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الذين آمنوا وهُدوا إلى الطيب من القول، وهدوا إلى صراط الحميد.

    نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة بركته، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، والشهر شهر القران والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد، لا نظير له ولا مثيل.

    وقد خص هذا الشهر العظيم بمزايا ليست لغيره من الشهور وها نحن ننتظر أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام ننتظر العشر المباركات وهمساتها تقول :-

    ها أنا العشر الأواخر من رمضان قد أقبلت، ها أنا خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان.

    وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي لياليَّ بالصلاة والذكر والقيام ويوقظ أهله شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في لياليَّ ـ وكان يشدُّ مئزره من أجلي أي يعتزل نساءه في هذه الليالي لإشتغاله بالذكر والعبادة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئزره.

    همسات العشر تقول ...
    ضاعفوا الإجتهاد في هذه الليالي ، أكثروا من الذكر ... أكثروا من تلاوة القرآن ... أكثروا من الصلاة، أكثروا من الصدقات، أكثروا من تفطير الصائمين ... ففي صحيح مسلم أن رسول الله كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها.

    همسات العشر تقول ...
    اطلبوا تلك الليلةِ الزاهية، تلك الليلة البهية، ليلة العتق والمباهاة، ليلة القرب والمناجاة ... ليلة القدر، ليلة نزول القرآن، ليلة خير من ألف شهر ...

    أطلّـي غُرّةَ الـدهـرِ .. أطـلي ليلــةَ القـدرِ
    أطلـي درّةَ الأيــام مثـلَ الكـوكــب الــدرّي
    أطلّي فـي سماء العمر إشراقاً مـع البدرِ
    سـلامٌ أنتِ في الليل وحتى مـطلعِ الفجــرِ
    ســلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّـي الكـونَ بالطهــرِ
    وينشــرُ نفحـةَ القــرآنِ والإيـمـانِ والخيــرِ
    لأنكِ منتهـى أمـري فـإنــي الـيـوم لا أدري
    فـأنـتِ أنتِ أمنيتـي... لأنــك ليلــة القــدرِ

    فاجتهدوا لهذه الليلة التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري من حديث أبي هريرة ...

    فيا حسرة من فاتته هذه الليلة في سنواته الماضية، ويا أسفى على من لم يجتهد فيها في الليالي القادمة ...

    وحتي تضمنوا قيام ليلة القدر والفوز بها اجتهدوا وشمروا في كلِّ لياليّ ... فحبيبكم صلى الله عليه وسلم يقول : <<تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان>> رواه البخاري ... وقد خصَّها الرسول في الأوتار فقال: << تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر>> رواه البخاري .

    قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

    همسات العشر تقول ...

    يا أيها الراقــد كــم ترقــد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعدُ
    و خذ من الليل وساعاتـه *** حـظـا إذا هـجـع الـــرُّقَـــُد

    لا تتركوني من دون القيام ...

    أتركوا لذيذ النوم، وجحيم الكسل، وانصبوا أقدامكم في جنح لياليّ، وارفعوا هممكم، وادفِنوا فتوركم ونافسوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا أصحاب تقىً وقيام ...

    قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً}

    فاغتنموني فإن ليلة القدر تستحق التضحية والإجتهاد ... .

    همسات العشر تقول ...
    ارفعوا عنكم التنازع والخصام فإنها سببٌ في منع الخير وخفائه ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أي تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين" فقال: <<خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت >> رواه البخاري .

    همسات العشر تقول ...
    أحيوا فيَّ سنة الإعتكاف ، فإن هذه السُنَّة بلسمٌ للقلوب ، ودواءٌ لآفاته ، وقد قال ابن القيم رحمه الله " الاعتكاف هو عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم ".

    فيا من هجر الإعتكاف ...
    أحيوا هذه السنة العظيمة في مساجدكم ...

    فهذه السنة سبب في تعويد وتربية النفس على الإخلاص لأنك في معتكفك لايراك أحد إلا الله جل وعلا، فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأنت في معتكفك تصلي وتصوم وتذكر الله جل وعلا وتقرأ القرآن فبذلك تربي نفسك على الإخلاص ...

    وهذه السنة تربي النفس على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة وتعويد النفس على ذلك ...

    وكذلك سبب في تربية النفس على قيام الليل وقراءة القرآن والاستغفار والذكر والمناجاة ... وتقوية الصلة بالله تعالى واللجوء إليه ومناجاته ... والتفكر والتعود على الاستخدام الأمثل لنعمة العقل وخاصة في زمن الفتن والمحن ... وكذلك سبب في مراجعة النفس ومحاسبتها في أمور الدين والدنيا في أمور العبادة وغيرها ... كذلك سبباً في تربية النفس على الاستخدام الأمثل للوقت وعدم تضييع الثواني فضلاً عن الدقائق والساعات ... وكذلك سببا مباشر في تعويد النفس على الصبر ومجاهدة النفس وتأديبها على معالي الأمور ...

    فالزموا هذه السنة العظيمة، وتخلصوا من الآفات التي يتعرض لها بعض المعتكفين من فضول الكلام والأكل والشرب والنوم والخلطة ...

    همسات العشر تقول ...
    ما جئتكم لتجعلوني موسماً لملء بطونكم بأصناف الطعام والشراب .. ولا جئتكم لتجعلوا ليلي نهاراً، ونهاري ليلاً، وتقطّعوا ساعاتي الثمينة باللهو واللعب، والنظر إلى ما حرم الله وتقطيع الوقت في المنتزهات وغيرها.. !

    ... فأدركوا الحكمة من مجيئي إليكم . .

    همسات العشر تقول ...
    أيها المسلمون : إني لم أكن في يوم من الأيام وقتاً للنوم والبطالة وملء البطون والنوم والكسل إلا في هذه الأزمنة المتأخرة ..

    فهلا رجعتم إلى تاريخ أسلافكم العظام لتروا ما صنعوا في الأيام التي قبلي ... فلا تنسوا معركة بدر، وفتح مكة، واليرموك وحطين، إنها بطولات تحققت في رمضان .. ولم تكن هذه البطولات والانتصارات لتتحقق في أرض الواقع، لو لا أنها تحققت أولاً في نفوس أولئك المؤمنين، على أهوائهم وشهواتهم فمتى انتصرتم أيها المسلمون اليوم على أنفسكم وأهوائكم، نصركم الله على أعدائكم، وعاد لكم عزكم ومجدكم المسلوب ..

    همسات العشر تقول ...
    لا تفسدوا صفو لياليَّ ببعضَ المعكرات التي تثيرُ الأشجان ... وتجلبُ الأحزان ... وتؤنبُ الضمائر ... وتقلقُ الخواطر ... فلقد اعتكف بعض الناس في لياليَّ في الأسواق التي قد ضاقت بها النساء وتهافتوا على المراكزِ التجارية ومسابقاتِها ...

    فلماذا لم يجد الناس أوقاتاً غير أوقاتي الفاضلة ...

    أم أن العادة فرضت نفسها على ضعفاء البشر ...

    فيمكنك أن تشتري ملابس العيد وأغراضه في شهر شعبان، حيث الأسعار مناسبة، والأعداد قليلة !! فتقضي حوائجك دون أن تخسر كثيرا أو أن تضيع وقتا فاضل ...

    همسات العشر تقول ...
    أيقظوا قلوبكم من النوم عن صلاة الظهر وصلاة العصر ... ولاتجعلوا القيام مندوحة ً لكم في ذلك ... فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ...

    همسات العشر تقول ...
    من ذهب لبيت الله الحرام فليحفظ بصره من فتن النساء التي كثرت في المسجد الحرام والله المستعان ... وإن خشيت على نفسك فالبقاء في بيتك أولى وأفضل ...

    وكذلك أهمس في أذن كلِّ أبٍ رءوم وأقول له اتق الله عز وجل عند ذهابك أنت وأسرتك إلى مكة ... ولا تفلت القيد لأهلك ... لأنه قد يذهب بعضهم لأغراض سيئة لا يحمد عقباها ...

    فكم من أبٍ قد ابتلَّ خدُّه من الدموع، وبعض أبناءه في لجج المعاصي في أسواق مكة وما جاورها ...

    فالمصلحة المصلحة ابحثوا ... وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح

    همسات العشر تقول ...
    استغلوني ... فقد ذهب الكثير من رمضان ... ولا يعلم أحدٌ منكم هل سيصوم هذا الشهر في أعوامه القادمة أم سيكون في حفرة مظلمة من فوقه تراب ومن تحته تراب وعن يمينه تراب وعن شماله تراب ...

    همسات العشر تقول ...
    أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ... وقد لا ألتقي بكم في أزمنة قادمة ...

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...


    عبدالله القحطاني

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    مفطرات الصيام المعاصرة
    الكاتب : متنوع



    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

    اطلعت على كتاب (مفطرات الصيام المعاصرة) للشيخ د. أحمد بن محمد الخليل فألفيته كتابا نافعا جمع فيه - حفظه الله - جملة من المسائل الطبية المعاصرة (النوازل) وهل هي من مفسدات الصيام أو لا ونظرا لأهمية هذه المسائل وكثرة السؤال عنها فقد اختصرته مع تصرف وزيادات يسيرة لعل الله تعالى أن ينفع به الجميع وهذه المسائل هي:

    - بخاخ الربو: ذهب العلامتان ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله تعالى- واللجنة الدائمة إلى أنه لا يفطر لأن البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة وإنما يصل إلى القصبات الهوائية وقياساً على المضمضة والسواك.

    - الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج بعض الأزمات القلبية: ولا يدخل إلى الجوف شيء من هذه الأقراص فإنها لا تفطر.

    - منظار المعدة: ذهب جمهور العلماء إلى أن من أدخل شيئا إلى جوفه أفطر ولو كان غير مغذ قال ابن عباس رضي الله عنهما (إنما الفطر مما دخل وليس مما خرج) رواه البيهقي 4/261 وحسنه النووي وابن حجر.

    وذهب بعض المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن ما دخل إلى المعدة لا يفطر إلا ما كان طعاماً أو شراباً. واختار شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - أن المنظار لا يفطر إلا إذا وضع مع المنظار مادة دهنية مغذية تسهل دخول المنظار فهنا يفطر الصائم بهذه المادة لا بدخول المنظار لأنه لا يفطر إلا المغذي. وهو مذهب الحنفية حيث اشترطوا استقرار الداخل في الجوف وأن لا يبقى منه شيء في الخارج بينما المنظار لا يستقر في الجوف ويبقى طرفه في الخارج.

    - قطرة الأنف: ذهب العلامتان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى إلى أنها تفطر واشترط ابن باز: إن وجد طعمها في حلقة. واشترط ابن عثيمين: إن وصلت إلى المعدة لحديث (بالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائماً) رواه أبو داود (142) والنسائي (87) وصححه ابن حبان من حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه. وذهب بعض المعاصرين إلى أنها لا تفطر لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما ولأن الواصل منها أقل بكثير من المتبقي من المضمضة.

    - غاز الأكسجين: لا يفطر لأنه ليس أكلا ولا شربا ولا بمعناهما.

    - بخاخ الأنف: (حكمة حكم بخاخ الربو)

    - البنج: وهو أنواع:

    1- التخدير عن طريق الأنف بمادة غازية لا تفطر لأن المادة الغازية ليست جرماً.

    2- التخدير الصيني (الإبر) لا تفطر لعدم دخول أي مادة إلى الجوف.

    3- التخدير بالحقن فإن كان تخديراً موضعياً فلا يفطر لعدم دخول شيء إلى الجوف

    4- التخدير الكلي: وفيه أمران:
    الأول: فقدان الوعي:- أن يفقده جميع النهار فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة - أن من أغمي عليه جميع النهار فصومه غير صحيح لحديث <<يدع طعامه وشرابه وشهوته>> البخاري (1795) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأضاف الإمساك إلى الصائم أما المغمي عليه فلا يصدق عليه ذلك.

    - أن لا يستغرق فقدان الوعي كل النهار فذهب مالك إلى عدم صحة صومه وذهب الشافعي وأحمد إلى صحة صومه وهو الأقرب للصواب لأنه لا دليل على بطلان صومه.

    الثاني: قد يرفق مع البنج مادة مغذية فإن حصل ذلك بطل الصيام ولو لم يستغرق جميع النهار.

    - قطرة الأذن: إن لم يوجد خرق في الطبلة ولم يصل شيء إلى الحلق فالصيام صحيح وإن وجد طعمها أفطر عند جمهور العلماء.

    - غسول الأذن: غالباً أنه يحتوي على قدر كبير من الماء فإن كانت الطبلة مخرقه ووصل إلى الحلق أفطر عند الجمهور أما إن لم يصل شيء إلى الحلق فلا يفطر.

    - قطرة العين: اختار العلامتان ابن باز وابن عثيمين أن قطرة العين لا تفطر لأنها ليس منفذاً للأكل والشرب وهو مذهب الحنفية والشافعية في الكحل.

    - الحقنة الجلدية أو العضلية: لا تفطر لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناها، وهو اختيار العلامتين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.

    - الحقنة الوريدية المغذية: تعتبر من المفطرات لأنها في معنى الأكل والشرب.

    - المراهم واللصقات العلاجية: لا تفطر لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما.

    - منظار البطن: بحيث يُدخل منظار من خلال فتحة صغيرة في جدار البطن لاستئصال المرارة أو تشخيص بعض الأمراض وهذه المسألة تقاس على الجائفة وهي الجرح في البطن يصل إلى الجوف فقد ذهب المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنها لا تفطر لأن المسلمين كانوا يجرحون في الجهاد فلو كانت الجائفة مفطرة لبين لهم.

    - الغسيل الكلوي: اختار شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى أنه مفطر لأن غسيل الكلى يزود الجسم بالدم النقي كما أنه قد يزود بمادة مغذية وهو مفطر آخر فاجتمع مفطران.

    - الغسول المهبلي والتحاميل والمنظار المهبلي: ذهب المالكية والحنابلة إلى أن المرأة إذا قطرت في قبلها مائعاً لا تفطر بذلك.

    - الحقنة الشرجية: الجمهور من الأئمة الأربعة تفطر لأنه يصل إلى الجوف.

    واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب الظاهرية أنها لا تفطر لأن الحقنة الشرجية لا تغذي بل تستفرغ ما في البدن كما لو شم شيئا من المسهلات وهو اختيار العلامة ابن عثيمين إن كانت المادة دواءً وليست مغذية.

    - التحاميل: لا تفطر وهو اختيار العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى لأنها تحتوي على مادة دوائية وليس فيها سوائل وليست أكلاً وشرباً ولا بمعناها.

    - التبرع بالدم: يقاس على الحجامة من قال بأنها تفطر يفطر بذلك وإلا فلا، واختيار العلامتين ابن باز وابن عثيمين أنه يفطر.

    - أخذ عينه من الدم للتحليل: لا يفطر لأنه قليل.

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


    حرر في 6/9/1426هـ
    كتبه د. نايف بن أحمد الحمد

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    ليلة القدر للحائض
    الكاتب : متنوع




    ماذا يمكن للحائض أن تفعل في ليلة القدر

    السؤال:
    ماذا يمكن للحائض أن تفعل في ليلة القدر؟ هل يمكنها أن تزيد من حسناتها بانشغالها بالعبادة؟
    إذا كان الجواب "بنعم"، فما هي الأمور التي يمكن أن تفعلها في تلك الليلة؟

    الجواب: الحمد لله

    الحائض تفعل جميع العبادات إلا الصلاة والصيام والطواف بالكعبة والاعتكاف في المسجد .

    وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحيي الليل في العشر الأواخر من رمضان، روى البخاري ( 2024 ) ومسلم ( 1174 ) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله .

    وإحياء الليل ليس خاصاً بالصلاة، بل يشمل جميع الطاعات، وبهذا فسره العلماء:
    قال الحافظ: "وأحيا ليله" أي سهره بالطاعة .

    وقال النووي: أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها .

    وقال في عون المعبود: أي بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن .

    وصلاة القيام أفضل ما يقوم به العبد من العبادات في ليلة القدر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : <<من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه>> رواه البخاري ( 1901 ) ، ومسلم ( 760 ) .

    ولما كانت الحائض ممنوعة من الصلاة، فإنه يمكنها إحياء الليل بطاعات أخرى غير الصلاة مثل :
    1- قراءة القرآن :
    ملاحـــــــــظة ...... هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية ؟

    الجواب:
    الحمد لله
    هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :

    فجمهور الفقهاء أجمع على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول : بسم الله الرحمن الرحيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .

    واستدلوا على المنع بأمور منها :
    1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل، وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة " رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144) وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84) ابن خزيمة (1/104) قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحافظ ابن حجر: والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة .

    2- ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : << لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن >> رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117) والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ . وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .

    وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها:

    1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة، وقال: ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .

    2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .

    3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .

    4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .

    فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن، وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .

    ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }
    ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه: <<ألا يمس القرآن إلا طاهر >> رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 قال الحافظ ابن حجر: وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة، وقال الشافعي: ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبدالبر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .أ.هـ وقال الشيخ الألباني عنه: صحيح .التلخيص الحبير 4/17 وانظر : نصب الراية 1/196 إرواء الغليل 1/158.
    حاشية ابن عابدين 1/159 المجموع 1/356 كشاف القناع 1/147 المغني 3/461 نيل الأوطار 1/226 مجموع الفتاوى 21/460 الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 1/291 .

    ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازا، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ، والله تعالى أعلم .

    2- الذكر: من تسبيح وتهليل وتحميد وما شابه ذلك، فتكثر من قول:
    سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم ... ونحو ذلك

    3- الاستغفار: فتكثر من قول ( استغفر الله ) .

    4- الدعاء: فتكثر من دعاء الله تعالى وسؤاله من خير الدنيا والآخرة، فإن الدعاء من أفضل العبادات، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: <<الدعاء هو العبادة>> رواه الترمذي ( 2895 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2370 )

    فيمكن للحائض أن تقوم بهذه العبادات وغيرها في ليلة القدر .

    نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يتقبل الله منا صالح الأعمال .



    أخوات طريق الإسلام

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    ليلة القدر
    الكاتب : متنوع



    نلاحظ أن شهر رمضان ما هو إلا أيام قلائل قال الله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [ البقرة :184)

    وقت ليلة القدر :

    وردت أحاديث كثيرة في ذلك، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر>>

    رواه البخاري ( 1912 ( وانظر ( 1913 ) ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 )

    وفي الأوتار منها بالذات، أي ليالي: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين.

    وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه " أنها ليلة سبع وعشرين" واستنبط ذلك استنباطاً عجيباً من عدة أمور، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا: إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا؟ فقال عمر: إنه فتى له قلب عقول، ولسان سؤول، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان، فسأل ابن عباس عنها، فقال: إني لأظن أين هي، إنها ليلة سبع وعشرين، فقال عمر: وما أدراك؟ فقال: إن الله تعالى خلق السموات سبعاً، وخلق الأرضين سبعاً، وجعل الأيام سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل الطواف سبعاً، والسعي سبعاً، ورمي الجمار سبعاً"
    فيرى ابن عباس أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات، وكأن هذا ثابت عن ابن عباس.

    ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين: أن كلمة فيها من قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} (هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر)

    وهذا ليس عليه دليل شرعي، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا.

    لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب والله أعلم وليس دائماً، فقد تكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدّم، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه كما تقدّم، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى>> (رواه البخاري 4/260)

    ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام، قال النووي رحمه الله: "وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها" (المجموع 6/450).

    أهمية قيام ليلة القدر أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم ففيها تنسخ الآجال, وفيها يفرق كل أمر حكيم.

    فاحرص أن تكون فيها ذاكراً لله ومسبحاً له, أو قارئا للقرآن, أو قانتاً لله, تسأله السعادة في الدنيا والآخرة, وإياك أن تكون فيها في مواطن الغفلة, كالأسواق ومدن الملاهي ومجالس اللغو فيفوتك خير كثير.

    قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
    وقال تعالى في سورة الدخان: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}

    فقيام ليلة القدر -وهي إحدى ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان- أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك لقوله تبارك وتعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا .

    ولو أصاب مسلم ليلة القدر فقامها لمدة عشرين سنة فإنه يكتب له بإذن الله ثواب يزيد على من عبد الله ألفاً وستمائة وستة وستين سنة، أليس هذا عمراً إضافيا طويلا يسجل في صحيفتك لا تحلم أن يتحقق لك فتقوم به في الواقع؟

    سبب تسميتها بليلة القدر:
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
    أولا: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف

    ثانيا: أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .

    ثالثا: وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم <<من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه>> متفق عليه

    وقوله <<فيها يفرق كل أمر حكيم >> أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة.

    والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ .

    قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات" أي انه كتب في ليلة القدر أنه من الأموات، وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة .

    ومعنى (القدر ) التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر، وقيل: القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها: إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من ( القدر ) وهو التضييق، قال تعالى: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16]، أي ضيق عليه رزقه .

    وقيل: القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها .

    فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه>> البخاري (1910)، ومسلم (760).

    السؤال : ما معنى أن ليلة القدر خير من ألف شهر ؟
    ليلة القدر هي في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان، ومعنى كونها خير من ألف شهر، بيان فضلها وأن العبادة فيها مضاعفة كعبادة العابد في ألف شهر، فمن قامها فكأنها قام ألف شهر، ومن ذكر الله فيها أو قرأ القرآن أو دعا فكذلك، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة، لما كان أعمارهم أقل، وأجسادهم أضعف، عوضهم الله تعالى بمضاعفة الأجر في هذه الليلة والله اعلم .( فضيلة الشيخ حامد عبد الله العلي )

    قال صلى الله عليه وسلم: <<تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان>>
    علامات ليلة القدر وفضلها :
    1- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: <<أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها>> -رواه مسلم .

    2- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4]

    3- ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب، فهي سلام كلها، قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }

    4- ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة، ورواه الطيالسي في مسنده، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<ليلة القدر ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة>> ( صحيح ابن خزيمة 2912 ( ومسند الطيالسي) .

    5- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول؟" قال: قولي: <<اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني>> رواه الإمام أحمد، والترمذي (3513)، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح

    فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

    س: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
    الجواب : نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه.

    ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين، وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين.

    ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها، فقد قال الله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [الدخان: 3]

    وقال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر].

    وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها، وهي قوله تعالى:
    {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر]

    فقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} تنويهاً بشأنها، وإظهاراً لعظمتها، (ليلة القدر خير من ألف شهر).

    أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في طلبها، ويجدّوا في العبادة، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها.

    فينبغي للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله.

    قيام ليلة القدر يحصل بصلاة ما تيسر منها، فإن من قام مع الإمام أول الليل أو آخره حتى ينصرف كتب من القائمين‏.‏

    (وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى ليلة مع أصحابه أو بأصحابه، فلما انصرفوا نصف الليل قالوا‏:‏ لونفلتنا بقية ليلتنا، فقال‏:‏ <<إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة‏>> رواه أحمد وغيره، وكان أحمد يعمل به‏.‏

    وقولهم‏:‏ ‏(‏لونفلتنا ليلتنا‏)‏ يعني لوأكملت لنا قيام ليلتنا وزدنا في الصلاة حتى نصليها كاملة، ولكنه صلى الله عليه وسلم بشرهم بهذه البشارة، وهي أنه من قام وصلى مع الإمام حتى يكمل الإمام صلاته، كتب له قيام ليلة‏، فإذا صلَّى المرء مع الإمام أول الليل وآخره حتى ينصرف كتب له قيام تلك الليلة، فحظي منها بما يسر الله، وكتب من القائمين، هذا هو القيام‏.‏

    وقيام ليلة القدر يكون إيماناً واحتساباً كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ <<إيماناً واحتساباً‏>>‏
    والإيمان هو‏:‏ التصديق بفضلها، والتصديق بمشروعية العمل فيها‏،‏ والعمل المشروع فيها هو الصلاة، والقراءة، والدعاء، والابتهال، والخشوع، ونحوذلك‏.‏‏.‏ فإن عليك أن تؤمن بأن الله أمر به، وشرعه، ورغب فيه، فمشروعيته متأكدة‏.‏

    وإيمان المرء بذلك تصديقه بأن الله أمر به، وأنه يثيب عليه‏.‏

    وقوله: <<إيماناً واحتسابا>> أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . فتح الباري 4/251 .

    وأما الاحتساب‏:‏ فمعناه خلوص النية، وصدق الطوية، بحيث لا يكون في قلبه شك ولا تردد، وبحيث لا يريد من صلاته ولا من قيامه شيئاً من حطام الدنيا، ولا شيئاً من المدح، ولا الثناء عليه، ولا يريد مراءاة الناس ليروه، ولا يمدحوه ويثنوا عليه، إنما يريد أجره من الله تعالى، فهذا هو معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ <<إيماناً واحتساباً‏>>

    وأما غفران الذنوب فإنه مقيد في بعض الروايات بغفران الخطايا التي دون الكبائر، أما الكبائر فلابد لها من التوبة النصوح، فالكبائر يجب أن يتوب الإنسان منها، ويقلع عنها ويندم‏.‏

    أما الصغائر فإن الله يمحوها عن العبد بمثل هذه الأعمال، والمحافظة عليها، ومنها‏:‏ صيام رمضان، وقيامه، وقيام هذه الليلة‏.‏

    ويستحب كثرة الدعاء في هذه الليلة المباركة، لأنه مظنة الإجابة، ويكثر من طلب العفو والعافية كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث، فعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ "قلت‏:‏ يا رسول الله، إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها‏؟‏"، قال‏:‏ قولي‏:‏ <<اللهم إنك عفوكريم تُحب العفو فاعف عني‏>>

    والعفو معناه‏:‏ التجاوز عن الخطايا، ومعناه‏:‏ طلب ستر الذنوب، ومحوها وإزالة أثرها، وذلك دليل على أن الإنسان مهما عمل، ومهما أكثر من الحسنات فإنه محل للتقصير، فيطلب العفو فيقول‏:‏ يا رب اعف عني‏..‏يا رب أسألك العفو‏.‏

    الدعاء+ الاستغفار.

    1- فالدعاءُ طاعةٌ لله، وامتثال لأمره، قال الله _عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]
    2- والدعاء عبادة، قال النبي: <<الدعاء هو العبادة>>

    وقال صلى الله عليه وسلم: <<إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين>>

    3- وقال صلى الله عليه وسلم: <<لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر>>
    4- والدعاء سلامة من الكبر: والدليل من القرآن الكريم: قول الله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60]

    وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم)

    قال رسول الله: <<من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب>>

    وأخيراً أذكر نفسي وإياكم :
    لا يلزم أن نعلم من أدرك وقام ليلة القدر أنه أصابها، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أم لم يعلم، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم.

    نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته.
    وصلى الله على نبينا محمد

    بعض المصادر:
    لفضيلة الشيخ بن عثيمين رحمه الله
    لفضيلة الشيخ عبدالله الجبرين حفظه الله

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    خير رمضان يمر عليك في حياتك
    الكاتب : متنوع



    ليكن هذا الرمضان وما بعده خير رمضان يمر عليك في حياتك

    كم رمضان مر عليك؟
    خمس رمضانات أو عشر او عشرين أو أكثر أو أقل؟!!

    كيف حالك وكيف هي عبادتك في أشهر رمضان للأعوام السابقة؟!
    كيف أيمانك وقربك من الله سبحانه وتعالى؟!!
    والاهم كيف هو تقواك بعد رمضان؟
    وهل حققت الغاية السامية من صيام رمضان وهي {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؟

    هل أنت من النوع الذي يشعر بالحسرة والندامة إذا مضى جزء من رمضان ولم تقراء من القرآن إلا الشي اليسير؟ ولم يتزود بزاد الطاعات والعبادات والقربات بما يتناسب وعظمة ومكانة هذا الشهر الفضيل؟ ثم تعزم أن تنشط وتستغل مابقي من الشهر الكريم ثم تعود لحالك ولسابق عهدك وتجدد العزم لكن لا يتغير إلا النزر اليسير وينتهي رمضان ولم تنتهي حسراتك وينتهي الشهر وأنت أنت لم تتغير لا عملاَ ولاتقوى ولا عبادة؟!

    إذا كنت كذلك فأنت المعني بهذا الموضوع، واذا كنت صاحب همة عالية وتستغل أيام وساعات هذا الشهر أمثل استغلال فتابع الموضوع فقد تجد فيه بعض الفوائد، أما إذا كنت من المضيعين الظالمين لأنفسهم الذين مازادهم رمضان إلا إعراضا وصداً واتبع خطوات شياطين الإنس من قنوات فضائية وأسواق ومعاكسات فنقول تعال معنا لعل الله أن يفتح على بصائر قلبك، فنحن ندعوك إلى ان تعيش أياماً نجزم جزماً قطاعا بأنها الأسعد وندعوك ليكون هذا الرمضان انطلاقة للتغيير وللأبد.

    فتعال معي أخي الكريم أختي الكريمة لبعض الوصايا التي أوصي بها نفسي وأذكرك بها قبل دخول هذا الموسم العظيم علنا أن ننال الأجر العظيم ونحقق التقوى التي هي ثمرة هذا الشهر الفضيل .

    الوصية الأولى :-
    جدد التوبة مع الله سبحانه وتعالى، أقبل على الله سبحانه بقلب صادق خاشع منيب معترف بذنبه مقر بتقصيره عازم على أن يقلع عن كل ذنوبه ولا يعود إليها نادم عليها وإذا كان لديك مظلمة لأحد فردها وإذا كان بينك وبين أخ لك خصومة فبادر بالتصالح وطهر قلبك من ضغينة وحسد وحقد، لكي لا تكون هذه الخصومة سبب في تأخر توبتك أو سبب في منع المغفرة.

    الوصية الثانية :-
    أدعو الله سبحانة وتعالى وألح عليه في الدعاء أن يبلغك رمضان وأن يعينك فيه على صيامه وقيامه وحسن عبادته وأن يتقبل الله جميع أعمالك وطاعاتك.

    الوصية الثالثة :-
    ابدء من الآن وهيئ نفسك للعبادة اذا كنت ممن هجر القرأن فضع لك ورد من اليوم وحاول أن تختم القرآن أو نصفه قبل رمضان، المهم أن تضع لك ورد يومي قبل دخول رمضان، إذا كنت من المفرطين في السنن الرواتب وصلاة الضحى والأذكار والأوراد فحافظ عليها من اليوم، قم الليل لو بخمس أو ثلاث ركعات، اجتهد ان لايدخل رمضان إلا وكانت هذه الأعمال جزء من برنامجك اليومي.

    الوصية الرابعة :-
    احضر دورة علمية مختصرة أو أستمع إلى شريط في أحكام الصيام، ركز في هذه الأيام على أستماع أشرطة التفسير وأشرطة قصص القرأن فهذا بإذن الله يساعدك على التدبر والتلذذ بالقراءة في رمضان وغيره. ( أنصح بالإستماع لاشرطة أو مشاهدة برنامجه في القناة العلمية بعد صلاة الفجر)

    الوصية الخامسة :-
    اكتب الأهداف التي تنوي تحقيقها في هذا الشهر الكريم ولتكن أهدافك واضحة محددة بالكم والكيف مثل ان تقول
    * أن أختم القرآن الكريم خمس مرات قراءة بتدبر.
    * أن أحفظ 7 أجزاء من القرآن الكريم حفظا متقناً.
    * أن أتصدق ب 2000ريال على الفقراء في الحي الذي أسكن فيه.
    * أن أزور 15 بيتا من أقاربي.
    * أن أعتمر عمرة واحدة في العشر الآواخر من رمضان.
    وجميع الأهداف التي تنوي تحقيقها، ولتكن أهدافك طموحة وفي نفس الوقت واقعية يمكن تحقيقها.

    الوصية السادسة :-
    ضع جدولا زمنيا لانجاز الأهداف التي ذكرتها تضع فيه جميع أيام الشهر والمهام الرئيسية لكل يوم مع تحديد وقت الانجاز، احرص على الإلتزام بالجدول ولا مانع من تعديله إذا دعت الحاجة.

    الوصية السابعة :-
    إذا كان لديك أعمال معلقة في بيتك أو مرتبط بها مع أحد أنجزها قبل دخول الشهر وإذا لم تستطع ولم تكن طارئة أجلها لبعد الشهر، وكذلك أتمم عمليات التسوق الخاصة بك وبأسرتك الخاصة بالعيد قبل دخول شهر رمضان لكي لا تذهب أيام العشر أنت وأسرتك كل يوم في سوق.

    الوصية الثامنة :-
    إذا كنت تنوي العمرة وقد حددت ضمن خطتك اليوم الذي ستعتمر فيه ونويت أن تذهب بالطائرة قم من الآن بحجز المقعد وإذا أمكن أحجز الشقة أو الفندق من الآن.

    الوصية التاسعة :-
    إذا كنت تاجراً اعمل على إنجاز الأعمال المتأخرة والمتعلقة والتي قد تصبح طارئة مع دخول الشهر وحاول أن تجد آلية لتسيير عملك بأقل تواجد وتدخل منك ما استطعت .

    الوصية العاشرة :-
    ثق واستعن بالله ولا تعجز، واسئل الله الإخلاص، وتذكر دائما قول الله تعالى: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]
    كلما فترت تذكر أنها مجرد أيام معدودات فإن ضيعتها ضيعت عمرك كما قال عليه الصلاة والسلام «رغم أنف عبد ادرك رمضان فلم يغفر له».

    عبدالمجيد

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضان وسياسة تفريغ الإسلام
    الكاتب : متنوع


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    رمضان وسياسة تفريغ الإسلام

    دأب أعداء الإسلام منذ ظهوره على محاربته والعمل على تحجيمه بالقوة إن تمكنوا، وإلاَّ بالمكر والخديعة، ومن جملة أساليبهم الماكرة ووسائلهم الخادعة في صراعهم مع أمة الإسلام لُبْسُ الحق بالباطل، بهدف تفريغ الإسلام من محتواه، كما أخبر تعالى مبينا عن أسلوب يهود في محاربة الإسلام وأهله {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42]، اللَّبْس في اللغة: الْخَلْط، والمعنى كما أوردته كتب التفسير: لا تخلطوا الحق المُنزل من عند الله تعالى بالباطل الذي تخترعونه من عند أنفسكم، فتظهروا شعار الصالحين وتبطنوا أخلاق الفاسقين، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب.

    فلُبْسُ الحق بالباطل مسلك شيطاني خبيث يهدف إلى إظهار الباطل وترويجه في صورة الحق، والشر في صورة الخير، حتى يُوهم أنه يريد الرشاد والهداية وهو لا يريد إلا الإفساد والضلالة، ذلك أن أهل الباطل يعلمون جليًّا أن صورة باطلهم قبيحة ورائحته منتنة تشمئز منه النفوس السليمة وتنكره العقول القويمة، فكان لا بد من خلطه وستره بغلاف خدَّاع من الحق بحيث يختلط الحق بالباطل، فيُقبل الناس على الباطل ظنا منهم أنه خير وحق يؤجرون عليه، وهو في حقيقته شر وباطل يؤثمون عليه، كل ذلك بهدف رَدِّ الناس عن الدين الحق، دين التوحيد، الإسلام الحنيف، كما قال عَزَّ وجَلَّ: {لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} [الأنعام: 137]، وهذا ما يسميه أعداء الإسلام: سياسة تفريغ الإسلام من محتواه.

    وسياسة تفريغ الإسلام تعني الإبقاء على الإسم مع تحريف المحتوى وتشويه المضمون، وهذا ما نلمسه جلياً واضحاً في الخطاب الإعلامي للقنوات الفضائية ووسائل الإعلام عند استقبال وحلول شهر رمضان، حيث نشأت مصطلحات إعلامية رسخت في أذهان الناس لا علاقة لها بشهر رمضان، شهر الصيام والقرآن، شهر العبادة والتهجد والقيام.

    بل لا أبالغ إذ أقول أن بعض غير المسلمين أشد فرحاً بقدوم شهر رمضان من المسلمين أنفسهم، فرمضان بالنسبة لهم شهر المأكولات الرمضانية والبرامج التلفزيونية الرمضانية (الخاصة ) وشهر الفوازير الرمضانية وشهر السهرات الرمضانية فيما يُعرف بالخيمة الرمضانية، رمضان بالنسبة لهم شهر التجديد وكسر الحياة الرتيبة ( الروتين ) سهر الليل ونوم النهار و... غير ذلك من الأمور التي لا تمت لشهر رمضان بصلة.

    فما أن تبدأ الأيام تقترب من رمضان حتى تبدأ سياسة تفريغ رمضان من محتواه، فتنطلق الحملات الإعلانية تتبارى وتتسابق في رمي سهامها المسمومة إلى عقول وقلوب المسلمين، لتوجهم وتدعوهم إلى سلوكيات وأعمال يُعصى فيها الرحمن ويُطاع فيها الشيطان، فيتحول شهر رمضان من شهر طاعة وفضيلة إلى شهر معصية ورذيلة، وما يدمي القلب أن تُنسب تلك المعاصي إلى الشهر الفضيل، فنسمع بالخيمة الرمضانية، التي تستمر فيها المعاصي من رقص وطرب و... حتى الفجر، بل إن بعض المقاهي يُصدر إعلاناً عمَّا يسميه بالشيشة الرمضانية، الشيشة ( التبغ ) الذي أجمع العلماء على تحريمها لما فيها من ضرر على صحة الإنسان نسبوها بهتاناً وزوراً إلى رمضان، ولازم الخطاب الإعلامي لشهر رمضان مصطلح فوازير ( مسابقات ) رمضان، وحتماً القارئ يعلم جلياً أن شهر رمضان برئ منها براءة الذئب من دم يوسف لما يخالطها من معاصي وآثام وإلهاء عن موسم الطاعة والرحمة.

    ومن المصطلحات التي ركزت في عقول الناس مصطلح الأكلات الرمضانية، وكأنما شهر رمضان شهر الطعام والشراب، بل الأصل أن المسلم يتخفف من الطعام في شهر رمضان حتى يؤدي العبادات من صيام وصلاة وصلاة التراويح بخفة ونشاط، كما أنه ليس من العدل والإنصاف أن تقضي النساء وربات البيوت معظم أوقات هذا الشهر الفضيل في إعداد الطعام، فهو جهد ومشقة ينتج عنه ضياع النهار في المطبخ والليل في النوم وطلب الراحة، فلا ذكر وقراءة قرآن ولا قيام وصلاة ليل.

    وغير ذلك من الأسماء والمصطلحات التي نسبوها زوراً وبهتاناً ومكراً وخبثاً إلى شهر رمضان، شهر رمضان الذي سماه الله تعالى في القرآن الكريم شهر التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة:183]، وفي الحديث ‏عن ‏أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏قال : «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري].

    رمضان شهر القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]، وفي الحديث ‏عن ‏ابن عباس ‏رضي الله عنهما ‏قال : " كان النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، ‏‏وكان‏ ‏جبريل ‏عليه السلام ‏‏يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أجود بالخير من الريح المرسلة " [رواه البخاري].

    رمضان شهر الدعاء، فقد ورد في القرآن الكريم ضمن آيات الصيام قوله تعالى: {وَإِذَا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَليُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ‏قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم:‏ «‏ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» [رواه ابن ماجه].

    ورمضان محرقة الذنوب، فكلمة رمضان مشتقة من الرَمض، وهو شدة الحَرِّ، وسُمِيَّ شهر الصيام بـهذا الإسم لأنه يحرق الذنوب بالصيام والقيام وتلاوة القرآن وسائر الأعمال الصالحة، وفي الحديث الشريف ‏عن‏ ‏أبي هريرة‏ رضي الله عنه ‏قال: قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: «رَغِمَ أنف رجل دخل عليه رمضان ثم ‏ ‏انسلخ‏ ‏قبل أن يـُغْـفَرَ له» [رواه الترمذي]، ولقد استوعب الحسن البصري التابعي العظيم هذا المعنى فقال: " جُعِلَ رمضان مضماراً لخلقه يتسابقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من الضاحك اللاهي في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر المبطلون ".

    قال الشاعر:

    أتَى رَمَضَـانُ مَزْرَعَـَة العِبَادِ *** لِتَطْهِيرَ القُلُـوبِ مِنِ الفَسَادِ

    فـأدِّ حُقُـوقَــهُ قَــوْلاً وفِعْــلاً *** وزَادَكَ فَاتَّـخِذْهُ إلى المَعَـادِ

    فمَنْ زَرَعَ الحُبُوِبَ وماَ سَقَاهَا*** تَأوَّهَ نَـادِمـاً يـَـوْمَ الحَصَــادِ

    فانتبه أيها المسلم، وانتبهي أيتها المسلمة حتى لا تكونوا من المحرومين، الذين أنعم الله عليهم بشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فلم يحسن استقباله فكان من الغافلين اللاهين وهو يركض وراء الأكلات الرمضانية وفوازير رمضان والسهرات التلفزيونية الرمضانية والخيمة الرمضانية و…، فحتماً من هذه حاله فهو من الخاسرين المحرومين، وختاماً جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان : صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النيران فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة فلم بُغلق منها باب، ويُنادي مُناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقْصر، ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة» [رواه الترمذي]، و «صفدت» : تعني قُيدت، اللّهم اجعلنا من عتقاء شهرك الكريم، والحمد لله رب العالمين.


    هيثم حيدر

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    نحن والشهر
    الكاتب : متنوع



    قال تعالى : {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر:49].

    هذا نداء ربّكم لنبيه وحبيبه وبشراه لكم.

    نداء يقرع آذان المعاصي فيذيبها في بحر الرحمة والمغفرة وشهر أقبل يحمل بركات من الله لنا فهل من يقرع أبواب المغفرة ..

    أظلنا رمضان شهر عظيم، وعظيمة فيه العطايا من ربّ غفور كريم جواد رحيم فأين المشمرون ... أين من يبحثون عن الجنان ويفرون من النيران إلى الرحمن.

    أنت يا أمة الله ما بالك لا تنشطين ؟ وأنت أخي الكريم لم تستكين ؟ أين النفوس الزكية التي لا ترضى عن الفردوس بدلا . أين العاملون لهذا الدين ؟ هل أنت مشغول بشهواتك عن جنات ربّ العالمين ؟

    أم أنّك أختي بجمالك تعبثين وتلهين ...

    هل تتركون الشياطين بنا يشمتون ؟

    فما أحلى أن نكون لربّنا في الطاعات من السابقين وما أروع أن نكون من المتنافسين.

    وما أعظمها من فرصة للتوبة فالشياطين تصفد.

    وهي فرصة نتوجه إلى الله، نطلب منه العون والسداد والنصرة على الأعداء، فلن يخيب رجانا.

    وفي رمضان نتذكر التاريخ وما كان نتذكر يوم بدر يوم الفرقان ولن نسهو عن عين جالوت، لا والله معارك كلّها خاضها المسلمون لإعلاء كلمة الله، فالله أكبر دائما وأبدا وفي كل حين ولو كره المشركون ...

    أين نحن من إخواننا المستضعفين في كل مكان ؟

    في فلسطين والشيشان في كشمير وأراكان وأفغانستان وفي كل مكان، فما من بلد إلاّ وبه جرح ينزف، فلن ننساهم في رمضان.

    أين سهام الليل التي بإذن الله تحصهم عددا وتقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا... أين دعاء القائمين المتضرعين أين دعاء الوجلين الخاضعين، يتربص بنا الجناة من كل واد، ونحن أمة لاهية، فهل سيكون همنا في رمضان هذا العام. المسابقات والجوائز والمسلسلات وملء البطون والأعداء من حولنا يحيكون لنا المنون في غير تورية أو مداراة بل هي التعبئة، بل إنّهم يتحيرون بمن يبدأون إفطارهم.

    فلا ملجأ من الله أيّها الأحباب إلّا إليه ولا منجى منه إلّا إليه فاسترضوه يرضكم، واستغيثوه يغثكم واستجيروه يجركم ويثبت أقدامكم...

    فيجب أن يكون الصيام هذا العام ليس ككل عام مجرد ترك للطعام والشراب وباقي الأعضاء مفطره بل ترك للطعام والشراب وصيام للجوارح عن الأذى فإنّه «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ترك طعامه وشرابه»، وتربية للجنان سمو للروح إنتاج متدفق غزير للعقل في نفع المسلمين.

    فاللّهم كن لنا ولا تكن علينا، وامكر لنا ولا تمكر بنا، تول أمرنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، واحفظ لنا حرماتنا ومقدساتنا واحقن دماء المسلمين، واحفظ أعراضهم وأموالهم، إنّك بالثناء جدير وعلى الإجابة قدير، فيا من لا يعجزه شيء في أرض ولا في السموات لا تهلكنا بم يفعل السفهاء منّا، ونبرأ إليك مما يفعلون ... اللّهم آمين اللّهم آمين.

    وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .



    موقع العمل للإسلام

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضان شهر الدعاء
    الكاتب : متنوع



    في سياق آيات الصيام جاءت لفتة عجيبة تخاطب أعماق النفس، وتلامس شغاف القلب، وتسرِّي عن الصائم ما يجده من مشقة، وتجعله يتطلع إلى العوض الكامل والجزاء المعجل، هذا العوض وذلك الجزاء الذي يجده في القرب من المولى جل وعلا، والتلذذ بمناجاته، والوعد بإجابة دعائه وتضرعه، حين ختم الله آيات فرضية الصيام بقوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة : 186] فهذه الآية تسكب في نفس الصائم أعظم معاني الرضا والقرب، والثقة واليقين، ليعيش معها في جنبات هذا الملاذ الأمين والركن الركين.

    كما أنّها تدل دلالة واضحة على ارتباط عبادة الصوم بعبادة الدعاء، وتبين أنّ من أعظم الأوقات التي يُرجى فيها الإجابة والقبول شهر رمضان المبارك الذي هو شهر الدعاء.

    وقد جاءت النصوص الشرعية مبينة عظم شأن الدعاء وفضله، فالدعاء هو العبادة، وهو أكرم شيء على الله، ومن أعظم أسباب دفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله، كما أنّه سبب لانشراح الصدر وتفريج الهم وزوال الغم، وهو مفزع المظلومين وملجأ المستضعفين، وأعجز النّاس من عجز عن الدعاء.


    وإنّي لأدعو اللهَ والأمرُ ضيقٌ *** عليَّ فما ينفك أن يتفرّجا

    وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا


    وللدعاء شروط وآداب ينبغي مراعاتها والأخذ بها حتى يكون الدعاء مقبولاً مستجاباً :

    يأتي في مقدمتها إخلاص الدعاء لله، وإفراده سبحانه بالقصد والتوجه، فلا يدعو إلّا الله ولا يسأل أحداً سواه.

    ولا بد من قوة الرجاء وحضور القلب وعدم الغفلة عند الدعاء لقوله صلى الله عليه وسلم : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه » [رواه الترمذي].

    وعلى الداعي أن يجزم في المسألة ولا يتردد، ولا يستعجل الإجابة لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنّه يفعل ما يشاء لا مكره له»، وقوله : «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي » [رواه البخاري].

    وليتحر الأوقات والأحوال التي تكون الإجابة فيها أرجى كليلة القدر، وجوف الليل الآخر،ودبر الصلوات المكتوبات، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وحال السجود، والصيام والسفر وغير ها من أوقات الإجابة.

    وليقدم بين يدي دعائه الثناء على الله جل وعلا، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإقرار والاعتراف بالذنب والخطيئة، فعن فضالة بن عبيد قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً إذ دخل رجل فصلى فقال : " اللهم اغفر لي وارحمني "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عجلت أيّها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي، ثم ادعه» [رواه الترمذي].

    وعليه أن يلح في دعائه وتضرعه، ويعظم المسألة، ويظهر الفاقة والمسكنة، ويدعو في جميع الأحوال من شدة ورخاء ومنشط ومكره، ويكرر دعاءه ثلاثاً، قال صلى الله عليه وسلم : «إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنّما يسأله ربّه» [رواه الطبراني]، وقال : «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرَب فليكثر الدعاء في الرخاء» [رواه الترمذي].

    ويستحب أن يتطهر ويستقبل القبلة، ويرفع يديه حال الدعاء، يقول صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله حي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين» [رواه الترمذي].

    وعلى الداعي أن يخفض صوته بين المخافتة والجهر لقوله جل وعلا : {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «يا أيّها النّاس اربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنّكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم» [رواه البخاري].

    وليتخير جوامع الدعاء، والأدعية المأثورة التي جاءت النصوص بأنّها أرجى للقبول والإجابة كقوله صلى الله عليه وسلم : «دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت (( لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين )) فإنّه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلّا استجاب الله» [رواه الترمذي].

    وليبتعد عن السجع المتكلف، ومراعاة تنميق العبارات، وتزويق الألفاظ، فإنّ العبرة بما في القلب من صدق التوجه والإقبال على الله، وقد كان صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك.

    وعلى الداعي أن يطيب مطعمه ومشربه حتى يكون مجاب الدعوة، وألّا يدعو إلّا بخير، وأن يتجنب الاعتداء في دعائه، ولا يدعو على نفسه وماله وأهله لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم»، وقوله : «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم» [رواه مسلم].

    هذه بعض آداب الدعاء وشروطه على سبيل الإجمال، فاحرص أخي الصائم على استغلال الأوقات والأحوال الشريفة في هذا الشهر المبارك، وأكثر من الدعاء لنفسك ووالديك وأولادك، وإخوانك من المؤمنين والمؤمنات، وتعرض لنفحات الله، لعله أن تصيبك نفحة لا تشقى بعدها أبداً.


    الشبكة الإسلامية

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    البركة في رمضان
    الكاتب : متنوع



    الخير كلُّه في الدنيا والآخرة من فضل الله تعالى وبيده، وثبوته ودوامه للنَّاس، ونماؤه وزيادته منه عز وجل، والتوفيق للخير من رحمة الله بعباده، وإرادته إسعادهم، وكلُّ ذلك يُسمى البَرَكَة. قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]

    فالبركات: جميع الخيرات والأنعام والأرزاق، والأمن، والسلامة من الآفات، وكلُّ ذلك من فضل الله وإحسانه على عباده.

    فالبَرَكَة منحة من الله يسبغها على من شاء من عباده ليسعدهم، متى أطاعوه، وحفظوا أمره ونهيه، واستقاموا على شرعه، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، وقال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك».

    وبهذا نعلم أنَّ البَرَكَة منحة إلهية مرتبطة بالطاعة؛ فمتى أطاع العبد ربَّه بارك له في عمره، فبقي العبد متقلباً طوال أيامه من طاعة إلى طاعة؛ وبارك له في ولده.

    وإن كان عددهم قليلاً إلّا أنَّ صلاحهم، واستقامتهم، وبرَّهم بوالديهم يُنسي تلك القلة، ويحيلها إلى كثرة؛ وبارك له في ماله، فحفظه من السرقة، أو من استعماله في حرام، وأراح خاطره من التعلق به، وصار المال في يده مملوكاً لا مالكاً.

    وبارك له في بدنه، فَسَّلَّمَه من الآفات، وسخره في الطاعة؛ وبارك له في نفسه، فعاش مطمئناً سعيداً، منشرح الصدر، وهكذا يُسهّل له العسير، ويفتح له المنغلق، ويعيش في سعادة ورضا بما عنده.

    وفي رمضان نرى كثيراً من ذلك يتحقق في حياة الصالحين من عباد الله تعالى، فنرى الطمأنينة في أنفسهم، والرغبة في الخير، والازدياد منه، حتى أنَّ أحدهم يبكي لفراق رمضان، لما يرى من قوة إيمانه فيه، وتذوقه لذة المناجاة، وشوقه إلى ربِّه.

    ونرى البَرَكَة في أجساد بعض الصائمين، واحتمالهم لشدائد يعجز عنها الصائمون من غير أهل الصلاح، وانظر إلى جَلَدِهم في قيام الليل، ومواصلة الذكر، والحرص على الطاعة، تجد ذلك ظاهراً؛ ونرى البَرَكَة في أوقاتهم، حتى أنَّ أحدهم يختم المصحف مرَّات عدَّة في شهر رمضان، مع مشاغله المتعددة؛ فأين أنت، يا عبد الله، من هذه البركات التي يفيض بها على من شاء من عباده ربُّ الأرض والسماوات؟

    هل حرصت على تحقيق أسبابها؟ نرجو ذلك!!


    مجموعة مواقع الاسلام

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضان والصيام وطبقات أهله
    الكاتب : متنوع



    الصيام حكم فرضه الله على عباده كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].

    فمن مراتب الصيام ما جعله الله على مريم - عليها السلام - في إمساكها عن الكلام إلّا رمزاً كما في قوله سبحانه في سورة مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} [مريم:26].

    وقوله لزكريا - عليه السلام- في قوله من سورة آل عمران : {آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً} [آل عمران:41].

    وفي الحقيقة النّاس مع الصيام في طبقات متفاوتة:

    فمن طبقات الصائمين من امتثلوا أمر الله بالصيام فصاموا وقاموا رمضان مقتدين متأسين بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكانوا موفقين بأدائهم هذه الفريضة وهم مع ذلك في أدائهم على مراتب.

    فإنّ من ترك طعامه وشرابه وشهوته لوجه الله وابتغاء ما عنده، فإنّ الله لا يخيب رجاءه ولا يضيع عمله، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي».

    إنّ الصيام لله حقاً هو تجارة مع الله ومعاملة معه سبحانه، والله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولا يخيب من تاجر معه وعامله بل يربح أعظم الربح، فقد روى الإمام أحمد بسند جيد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «إنّك لن تدع شيئاً اتقاء لله إلّا آتاك الله خيراً منه».

    - ومن طبقات الصائمين من صام في الدنيا كلها عما سوى الله وطاعته، فهو حافظ لرأسه وما حوى، وحافظ بطنه وما وعى، ذاكر للموت والبلى، صام عن الشهوات في الدنيا، تاركاً الدينا وزينتها، فهذا - وياسعده - عيد فطره يوم لقاء الله عز وجل، يوم يفرح برؤيته سبحانه، ففطرهم وأكلهم وشربهم ونعيمهم يوم يجوع ويظمأ ويتعذب الناس في المحشر، فهؤلاء جعلوا دهرهم كله صياماً، ولكن عن المحرمات والمشتبهات، كما صام في رمضان عن الطعام والشراب والشهوة، وهذا مقصد عظيم من مقاصد الصيام في رمضان.

    - ومن طبقات الصائمين من كان حظهم من الصيام في رمضان الجوع والعطش وحظهم من القيام التعب والنصب، ذلكم الذي أمسك عن الأكل والشرب والشهوة من طلوع الفجر إلى إقبال الليل عادة لا عبادة، أمسك ولم يقر قلبه وعمله بتوحيد، بل هو داع لغير الله ذابح له، مستغيث بغيره، قلبه وقصده وعمله متوجه لغير الله.

    - ومنهم من صام عن الطعام والشهوة وترك الصلاة، فلم يصل لا مع الجماعة ولا في بيته، فحظ رمضان منه الصيام عن الطعام فقط وهو مستمر على تفريطه بالصلاة والواجبات، منغمس بالمحرمات والكبائر.

    - ومنهم أيضاً من لم يصم عن الحرام قولاً وفعلاً، صام عما يدخل إلى جوفه ولم يصم عما يتكلم به من الفسق والفجور، ولم يصم أذنه عن سماع الغيبة والنميمة ومساوئ الكلام، ولم تصم جوارحه عن الظلم والمعاصي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه».

    - ومن طبقات الصائمين من قطع نهار رمضان بالنوم وليله بالسهر على المشاهد الهابطة، والتي توجهت جهودها إلى النّاس في هذا الشهر الكريم توجهاً مركزاً واضحاً، فقولوا لي بالله عليكم: هل هذا وأمثاله صائم أم لاعب؟ وكل إناء بما فيه ينضج.

    - ومن النّاس - وهم الأكثر - من لم يرفعوا بالصيام ولا بالقيام رأساً ولم يقيموا لها وزناً وهم بين طائفتين:

    1 - طائفة من جمهور المسلمين اسماً، ولكن لاحظ لهم من امتثال إسلامهم قولاً وفعلاً - وللأسف - يمثل هذه الطائفة كثير ممن ينتمون إلى الإسلام وأهله.

    2 - وطائفة هم أكثر أهل الأرض لم تقر بدين الله ولم ترفع به رأساً فلا صوم ولا توحيد ولا صلاة ولا إيمان يعيشون كالأنعام بل هم أضل سبيلا.

    نعوذ بالله من دركات أهل الضلال وحال أهل الهوى، ونسأله منازل الصالحين والشهداء، ومراقي أهل السعادة لا أهل الشقاء، ونعوذ بالله أن يكون حظنا من صيامنا تعب وجوع، ونسأله أن نكون فيه من المقبولين المعتقين من النّار، الذين يقال لهم يوم القيامة: "ادخلوا من أبواب الجنان ومن باب الريان.." إنّه ولي ذلك وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.



    كتبه : د. علي بن عبدالعزيز الشبل
    (أستاذ بجامعة الإمام بالرياض)


    مجلة الفرقان

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    رمضــان وحالنــا مع القرآن
    الكاتب : متنوع



    الحمد لله الذي أنزل القرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للنّاس. الحمد لله الذي فرض على عباده الصيام. والصلاة والسلام على من رغب في رمضان القيام. نبينا محمد وعلى آله وصحابته الكرام.. وبعد:

    ها هو رمضان يطل علينا بعد عام, فمرحباً بك يا رمضان. يا شهر الرحمة والمغفرة والرضوان, والعتق من النيران. شهر رمضان هو شهر القرآن. قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] فالقرآن كلام الله عز وجل. فمن أراد أن يناجي الخالق سبحانه من الله تعالى. فعليه بقراءة وتلاوة القرآن الكريم فهو الهدى والنور المبين. ففيه التعرفة والتبصرة بالطريق الصحيح المؤدي إلى جنّة الرضوان بإذن الواحد الديان. فيه تبيان الحلال والحرام. فيه أخبار السابقين. وأنباء اللاحقين. وفيه الفصل لما بين النّاس. كلما قرأه المسلم ثم عاد إليه، فإنّه يشتاق إليه. فلا يمل من قراءته القارئ أبداً. فمن أراد الاطمئنان فعليه بالقرآن. ومن أراد الراحة والسكينة فعليه بالقرآن. ومن أراد الخشوع والإنابة فعليه بالقرآن. قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]· فمن ذكر الله تعالى تلاوة وقراءة القرآن الكريم. فهو حبل الله المتين. وهو الجد ليس بالهزل. ومن قرأ حرفاً واحداً منه فله به عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء والله واسع علي. قال صلى الله عليه وسلم : «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها· لا أقول آلم حرفاً ولكن ألف حرف· ولام حرف· وميم حرف» [الترمذي وقال حسن صحيح]. ففضل القرآن عظيم. قال صلى الله عليه وسلم : «إنّ الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» [الترمذي وقال حسن صحيح]. والأحاديث في فضل قراءة القرآن كثيرة.

    أخي الكريم: لو تأملنا حال السلف مع القرآن في رمضان لوجدنا عجباً. فتعال بنا نقلب صفحات التاريخ لنعرف كيف كان حال السلف الصالح مع كتاب الله عز وجل في شهر القرآن، شهر رمضان.
    كان الإمام مالك - رحمه الله - إذا دخل عليه شهر رمضان أغلق على كتبه وأخذ المصحف ومنع الفتوى والمساءلة مع النّاس. وقال هذا هو شهر رمضان هذا هو شهر القرآن فيمكث في المسجد حتى ينسلخ شهر رمضان.

    وكان الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - الزاهد العابد إمام أهل السنة إذا دخل شهر رمضان دخل المسجد ومكث فيه يستغفر ويسبح وكلما انتقض وضوءه عاد فجدد وضوءه فلا يعود لبيته إلّا لأمر ضروري من أكل أو شرب أو نوم هكذا حتى ينسلخ شهر رمضان ثم يقول للنّاس. هذا هو الشهر المكفر فلا نريد أن نلحق به الأشهر الأخرى في المعاصي والخطايا والذنوب.

    شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي على المسلم أن يكثر فيه من قراءة كتاب الله تعالى. وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله الكريم. فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان. وكان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة. وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال. وبعضهم في كل سبع. وبعضهم في كل عشر. فكانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وفي غيرها. فكان للشافعي ستون ختمة في رمضان يقرؤها في غير الصلاة. وكان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين. وكان قتادة يختم في رمضان كل ثلاث. وفي العشر كل ليلة. وكان الزهري إذا دخل شهر رمضان يفر من قراءة الحديث ومن مجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.

    كان ذلك هو حال بعض السلف مع القرآن في رمضان. فما هو يا ترى حال الخلف في هذا الزمان مع القرآن في رمضان؟ ماهو حالنا مع كتاب الله عز وجل؟

    حالنا اليوم مع كتاب الله تعالى حال تأسف لها النفوس، وتندى لها الأفئدة، وتدمع لها العيون. حالنا اليوم حال من ضيع شيئاً ثميناً ويطلبه ويبحث عنه وهو أمامه ولكن عميت عنه بصيرته. حالنا حال من منّ الله عليه بكنز ولكن ما عرف كيف يتصرف به. هذا هو الحال. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    انظر إلى حال النّاس اليوم مع القرآن الكريم. فمن النّاس من إذا دخل المسجد صلى ركعتين تحية المسجد ثم جلس صامتاً ينتظر إقامة الصلاة. والمسجد ملئ بالمصاحف ولكن عميت بصيرته فلا هم له إلّا أن تقام الصلاة. أمّا القرآن لا مكان له في قلبه. ولو قدمت إليه المصحف ليقرأ. قال: شكراً شكراً، وكأنّه امتلأ بالحسنات. فلا إله إلّا الله. وحال بعض من النّاس اليوم مع القرآن حال محزنة، حال مؤثرة، تركوا كتاب الله، تركوا دستور هذه الأمة، وانكبوا على اللهو واللعب، ومشاهدة الخبيث من الأفلام والمسلسلات الهابطة التي في ظاهرتها السلامة وفي باطنها تبث أنواعاً من السموم والندامة. انكبوا على تحريك القنوات الفضائية لمشاهدة العاهرات والفاجرات، ومتابعة الملهيات وما يدعو إلى السيئات. انكبوا على الأكل والشرب وكثرة النوم، فالليل لعب ولهو وسهر إلى طلوع الفجر، والنهار نوم إلى قبيل الغروب، والقرآن لا مكان له في القلوب، لا محل له في جدول أولئك النّاس، فلا حول ولا قوة إلّا بالله. فأين هؤلاء الخلف من أولئك السلف؟ ما هو حالنا مع القرآن في رمضان في هذا الوقت؟ فحال البعض ضياع ودمار وقتل للوقت والنفس وهولا يدري، فغيبة ونميمة وكذب وغش وخداع وبغضاء وشحناء. هكذا يتم قضاء الوقت في هذا الزمان مع الكثير من النّاس.

    أخي الكريم: لا نقول لك أختم القرآن كل يوم ولا كل أسبوع، ولكن اختم القرآن على الأقل كل شهر. وإليك الطريقة التي قد تستطيع أن تختم بها القرآن كل شهر بإذن الله تعالى. القرآن ثلاثون جزءاً، وكل جزء عشر ورقات. فلو قرأت بين الأذان والإقامة في كل صلاة ورقتين في خمس صلوات. فهذه عشر ورقات. وهي جزء، وقد تحتاج إلى أن تزيد شيئاً يسيراً إذا كان الشهر ناقصاً.

    أخي الكريم: خصص لكتاب الله جزءاً من وقتك حتى تقرأه فيه, فخصص ساعة أو نصف ساعة كل يوم للقرآن الكريم تراجع فيه وتحفظ منه ما تيسر لك. حاول أن تختم كتاب الله لتجده اللذة، والطمأنينة، ولتشعر بالسكينة، وتحفك الملائكة، وتغشاك الرحمة, رحمة رب العباد. حاول وستجد أنّ ذلك سهلاً ميسراً بإذن الله تعالى.

    إنّها أمور يندى لها الجبين، ويتفطر لها القلب؛ عندما ترى تلك السهرات والجلسات على الأرصفة في ليالي شهر رمضان المبارك، والتي يتم فيها معصية الخالق سبحانه، يعصون الله تعالى في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النّار، بينما لا مكان في قلوب أولئك للقرآن. فهي جلسات إلى قبيل الفجر، ثم نوم إلى قبيل الغروب. فأين هؤلاء الخلف من أولئك السلف؟!! فرق شاسع وواسع بين الفريقين. ضعف الإيمان واليقين فحصل هذا البعد عن حبل الله المتين. أين هؤلاء من قول المولى - جل وعلا : {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا} [الفرقان:30]. وأين هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم : «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان» [رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني· فأولئك لم يعرفوا حقيقة الصيام والقرآن].

    فأحوال النّاس مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة. فمن النّاس من لا يعرف القرآن في رمضان ولا غير رمضان. ومن النّاس من لا يعرف القرآن إلّا في رمضان فتجده يقرأ القرآن في رمضان لعدة أيام ثم ما يلبث أن يترك القراءة وينكب على اللعب واللهو، فهذا استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. ومن النّاس من يختم القرآن الكريم في رمضان ولكنه لاه القلب أعمى البصيرة لا يتدبر ولا يتأمل كلام الله عز وجل، وكأنّه في سجن؛ فإذا انسلخ شهر رمضان وضع المصحف وأحكم عليه الوثاق ولسان حاله يقول: وداعاً إلى رمضان القادم، وكأنّه أيقن أنّه سيدرك رمضان القادم. فلا حول ولا قوة إلّا بالله. قال صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين».

    هذا هو كتابنا إن لم نقرأه نحن فمن الذي سيقرأه إذن. أننتظر من غيرنا أن يقرأ كتابنا، والله تعالى يقول: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [الإسراء:9].

    يقول تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} [الإسراء:82]· وقال صلى الله عليه وسلم : «اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» [مسلم]· وقال عليه الصلاة والسلام : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [البخاري]· هذا هو الحال مع القرآن في شهر رمضان شهر القرآن.

    وأمّا حال النساء مع رمضان فعجيب جد عجيب؛ فقد حولن شهر القرآن والقيام إلى شهر طبخ وطعام. فلا همّ لهنّ إلّا الطبخ والتفنن والتأنق فيه، فالشغل الشاغل لكثير منهن كم ستقدم من أصناف الطعام والشراب على مائدة الإفطار والعشاء والسحور. فأصبح هذا الشهر عندهن هو شهر طعام وشراب. فلا حول ولا قوة إلّا بالله. فتجد إحداهن تجهد نفسها من الليل ماذا ستعمل؟ وماذا ستقدم على مائدة الإفطار، وإذا انتهى الإفطار بسلام بدأت تفكر وتفكر ماذا ستقدم على مائدتي العشاء والسحور؟ وبين ذلك تعكف على الجلوس الطويل أمام الشاشات لمشاهدة الهابط من المسلسلات وغيرها مما يعرض في القنوات. فحالهن إسراف وتبذير. وأمّا القرآن فبخل وتقتير. القرآن لا مكان له، ولا أهمية له عند الكثيرات فرحماك يارب الأرض والسموات!! فها هو الحال اليوم مع القرآن في رمضان هجران وترك ونسيان. فما هذا التفريط والعصيان؟! وما هذا البعد عن الواحد الديان؟!

    أخي المسلم، أختي المسلمة:

    الواجب عليكما تلاوة القرآن الكريم بالتدبر والتفكر فهو سبب لحياة القلوب ونورها، وقوة الإيمان، وطرد الشيطان، وإيّاكما وهجران القرآن؛ فهجرانه يورث النفاق، وعمى القلب، والغفلة، وتسليط الشيطان.

    فهذا هو الحال مع القرآن في شهر رمضان؛ فإلى الله نشتكي هذا الهجران، والبعد عن قراءة القرآن. نشكوا إلى الله قسوة القلوب، وكثرة الذنوب، فأين المشمرون؟ وأين الراغبون فيما عند الله تعالى؟ فينبغي على المسلم المداومة على قراءة القرآن في شهر رمضان؛ لأنّه الشهر الذي أنزل فيه القرآن. وينبغي على المسلم أن يغتنم هذه الفرص في هذه الأوقات الفاضلة، وفي هذا الشهر خصوصاً؛ لأنّ فيه ليلة هي خير من ألف شهر. فأي خسارة لمن مر عليه رمضان ولم يستفد منه، وأي تضييع لمن مر عليه رمضان ولم يقتنص تلك الفرص.

    أخي الكريم: احرص على المداومة على قراءة القرآن الكريم في كل الأوقات وخصوصاً شهر رمضان شهر القرآن، قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185].

    اللّهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء همومنا واجعل شافعاً لنا يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.


    الشيــخ يحيى بن موسى الزهراني

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    ليلة القدر وعلاماتها
    الكاتب : متنوع



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا، الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين.. أما بعد:

    لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين:

    قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر].

    وقال تعالى في سورة الدخان: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [سورة الدخان: 3-4].

    سبب تسميتها بليلة القدر:

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

    أولا: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف.

    ثانيا: أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه.

    ثالثا: وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

    علامات ليلة القدر:

    ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة:

    العلامات المقارنة:

    قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار
    الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.

    أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواص ، بل بكون الجو مناسبا.

    أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم.

    أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.

    العلامات اللاحقة:

    أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها» [رواه مسلم].

    فضائل ليلة القدر:

    أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [سورة القدر: 1].

    أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [سورة الدخان: 3].

    يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [سورة الدخان: 4].

    فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: 3].

    تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [سورة القدر: 4].

    ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر: 5]، فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    كتبه الشيخ/ يحيى الزهراني

    موقع طريق الإسلام

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    955

    افتراضي رد: مقالات عن رمضان الشهر الكريم

    فضل قيام ليالي رمضان
    الكاتب : متنوع



    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».

    فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك (أي على ترك الجماعة في التراويح) ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدرٍ من خلافة عمر رضي الله عنه.

    وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: "يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء».

    ليلة القدر وتحديدها:

    2- وأفضل لياليه ليلة القدر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر "ثم وُفّقت له"، إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه».

    ورفع ذلك في رواية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه مسلم وغيره...

    مشروعية الجماعة في القيام:

    4- وتشرع الجماعة في قيام رمضان، بل هي أفضل من الانفراد، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه، وبيانه لفضلها بقوله، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: "يا رسول الله، لو نفّلتنا قيام هذه الليلة"، فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة». فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: "وما الفلاح؟"، قال: «السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر» [ حديث صحيح، أخرجه أصحاب السنن].

    السبب في عدم استمرار النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة فيه:

    5- وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تُفرض عليهم صلاة الليل في رمضان، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما، وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة، وبذلك زال المعلول، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان، وبقي الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة، ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري وغيره.

    مشروعية الجماعة للنساء:

    6- ويشرع للنساء حضورها كما في حديث أبي ذر السابق بل يجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة، فعن عرفجة الثقفي قال: "كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء".

    قلت: وهذا محله عندي إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر.

    عدد ركعات القيام:

    7- وركعاتها إحدى عشرة ركعة، ونختار أن لا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاته في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاُ فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً" [أخرجه الشيخان وغيرهما].

    8- وله أن ينقص منها، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله.

    أما الفعل، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها: "بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟"، قالت: «كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة» [رواه ابو داود وأحمد وغيرهما].

    وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو: «الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة» [صححه الألباني].

    القراءة في القيام:

    9- وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره، فلم يحُد فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} وهي عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: «من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين» [إسناده ضعيف]، وفي حديث آخر: «.. بمائتي آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين» [إسناده ضعيف].

    وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال، وهي سورة (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) و (الأنعام) و (الأعراف) و (التوبة).

    وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران)، وكان يقرؤها مترسلا متمهلاً.

    وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أبيّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، كان أبيّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين، حتى كان الذين خلفه يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر.

    وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القراء في رمضان، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، والوسط خمساً وعشرين آية، والبطيء عشرين آية.

    وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يحيي الليل كله إلا نادراً، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل: "وخير الهدي هدي محمد"، وأما إذا صلى إماماً، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإنه منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء» [رواه البخاري].

    وقت القيام:

    10- ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر» [صححه الألباني].

    11- والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» [رواه مسلم].

    12- وإذا دار الأمر بين الصلاة أول الليل مع الجماعة، وبين الصلاة آخر الليل منفرداً، فالصلاة مع الجماعة أفضل، لأنه يحسب له قيام ليلة تامة.

    وعلى ذلك جرى عمل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، فقال عبد الرحمن بن عبد القاري: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرّهط، فقال: والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبيّ بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال: عمر، نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله".

    وقال زيد بن وهب: "كان عبد الله يصلي بنا في شهر رمضان فينصرف بليل".

    13- لما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإيتار بثلاث، وعلل ذلك بقوله: «ولا تشبهوا بصلاة المغرب».

    فحينئذ لابد لمن صلى الوتر ثلاثاً من الخروج من هذه المشابهة، وذلك يكون بوجهين:

    أحدهما: التسليم بين الشفع والوتر، وهو الأقوى والأفضل.

    والآخر: أن لا يقعد بين الشفع والوتر، والله تعالى أعلم.

    القراءة في ثلاث الوتر:

    14- ومن السنة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويضيف إليها أحياناُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.

    وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمائة آية من سورة (النساء).

    دعاء القنوت:

    15- و.. يقنت .. بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو: "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك"، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتي بعده. (ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح).

    16- ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع، ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه، فقد جاء في آخر حديث عبد الرحمن بن عبيد القاري المتقدم: "وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق" ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين.

    قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: "اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق" ثم يكبر ويهوي ساجداً.

    ما يقول في آخر الوتر:

    17- ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده):

    "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".

    18- وإذا سلم من الوتر، قال : سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس (ثلاثاً) ويمد بها صوته، ويرفع في الثالثة.

    الركعتان بعده:

    19- وله أن يصلي ركعتين (بعد الوتر إن شاء)، لثبوتهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً بل.. قال: "إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم، فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له".

    20- والسنة أن يقرأ فيهما: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.

    من كتاب قيام رمضان للألباني.

    متابعة الإمام حتى ينصرف:

    إذا كان الأرجح في عدد ركعات التراويح هو أحد عشر ركعة وصليت في مسجد تقام فيه التراويح بإحدى وعشرين ركعة، فهل لي أن أغادر المسجد بعد الركعة العاشرة أم من الأحسن إكمال الإحدى وعشرين ركعة معهم؟

    الأفضل إتمام الصلاة مع الإمام حتى ينصرف ولو زاد على إحدى عشرة ركعة لأنّ الزيادة جائزة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «.. مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ..» [صححه الألباني]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» [رواه السبعة وهذا لفظ النسائي].

    ولا شكّ أنّ التقيّد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والأكثر أجرا مع إطالتها وتحسينها، ولكن إذا دار الأمر بين مفارقة الإمام لأجل العدد وبين موافقته إذا زاد فالأفضل أن يوافقه المصلي للأحاديث المتقدّمة، هذا مع مناصحة الإمام بالحرص على السنّة.

    إذا زاد ركعة على وتر الإمام ليكمل بعد ذلك.

    بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل فما حكم هذا العمل؟، وهل يعتبر انصراف مع الإمام؟

    الجواب:

    الحمد لله

    لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً.

    من كتاب الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح للشيخ عبد العزيز بن باز ص 41


    موقع الإسلام سؤال وجواب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •