بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد رسول الله وعلى اله وصحبه
مراتب العلم ثلاثة :
أ ـ علم اليقين / وهو ما كان ناتجا عن الادلة والبراهين
ب ـ عين اليقين / وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف
ج ـ حق اليقين / وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة
مثال ذلك : انك تعلم بالادلة ان الغرفة موجودة ,فذلك علم اليقين فاذا رايتها بعينيك فذالك عين اليقين ,واذا ما دخلت في جوفها فذلك حق اليقين
يقول الله سبحانه { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } آل عمران 37 ـ 38
الله سبحانه جعل زكريا عليه السلام كافلا لمريم أي ضامنا لمصالحها ورعايتها وكان زكريا يدخل على مريم عليها السلام المحراب وهو غرفة عبادتها في بيت المقدس لا يدخل احد سواه فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف وهذا دليل على قدرة الله سبحانه على كل شيء وعلى رعايته لمريم , فقد رزقها سبحانه من حيث لا تحتسب وهو دليل وقوع الكرامة لاولياء الله تعالى وعند سؤاله من اين لك هذا قالت هو من عند الله فهو الذي رزقني اياه وساقه الي بقدرته .
وزكريا نبي واعلى درجة من مريم وان ما راه من احوالها من الاسباب التي جعلته وهو الشيخ الهرم وزوجته قد تجاوزت السن التي يحصل فيها الانجاب في العادة ـ ان يتضرع الى الله بان يرزقه الذرية الصالحة .
فاستجاب الله سبحانه دعاءه ورزقه الولد الصالح وسماه يحيى , فكانت معجزة للنبي زكريا , والسؤال : لماذا توجه النبي زكريا بالدعاء في هذا الوقت ولم يتوجه به في وقت سابق ؟
ان النبي زكريا كان يعلم علم اليقين بان الله قادر على كل شيء وكان عنده علم ايضا بان الله خلق ادم من غير اب وام , ويعلم كذلك ان الله رزق ابراهيم عليه السلام الولد وكان كبير السن وامراته عاقر ,لكنه لم يشاهد ذلك بعينه فاراد ان ينتقل من علم اليقين الى عين اليقين ويرى بام عينه المعجزة ويشاهدها وليطمان قلبه , وهو نفس طلب ا
ابراهيم عليه السلام لمشاهدة كيف يحي الله الموتى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّأَرِنِيكَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } البقرة 260
مع العلم ان ابراهيم كان يعلم علم اليقين بان الله يحي الموتى ولكن اراد مشاهدة ذلك بعينه ليطمان قلبه وينتقل من علم اليقين الى عين اليقين ,
وطلب الحواريون من النبي عيسى عليه السلام بان ينزل الله لهم مائدة من السماء لكي تزداد قلوبهم اطمئنانا وانضمام علم المشاهدة الى العلم الاستدلالي مما يؤدي الى رسوخ الايمان وقوة اليقين { إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) } المائدة ...والله اعلم
والحمد لله رب العالمين