تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الزراعة العمود الفقري لاقتصاد ما بعد الإنفصال

  1. #1

    Post الزراعة العمود الفقري لاقتصاد ما بعد الإنفصال

    مكامــن قوتنا:
    التاسع من يوليو موعد بزوغ دولة الجنوب، حيث تتبارى الآراء وتجتهد في إيجاد بدائل البترول بعد إعلان الدولة الوليدة. ولم أجد منها رأياً واضحاً يؤكد بقوةٍ على قدرة الإنتاج الزراعي وحده على ملإ هذه الفجوة، إلا ما ذكر على استحياء أو الإشارة إليه لمماً تتممةً لقائمةٍ وُصِفَتْ بأنها الخطط البديلة Copies Strategies لمواجهة الوضع الإقتصادي الوليد (زيادة المظلة الضريبية، التوسع في إنتاج البترول، تنشيط إيرادات المغتربين لتوفير العملات الصعبة، التقليل من الصرف الحكومي،...إلخ). السودان يتمتع بقاعدةٍ زراعيةٍ هائلة (أراضي زراعية خصبة صالحة للإنتاج الزراعي، مراعي طبيعية، ثروة حيوانية ضخمة ومتنوعة، غابات طبيعية واسعة، مصادر مائية متعددة ومختلفة (نيلية، بحرية / عذبة، مالحة، ...إلخ)، ثروة سمكية، ...إلخ) ونتبع لمنظومة الإقتصاديات الزراعية المُعْتَمِدَة في نموها وتقدمها على إنتاجها الزراعي في المقام الأول، وما يدعم إقتصادياتها من أنشطةٍ أخرى (التعدين، استخراج الوقود الأحفوري)، بهذا الوضع يُعْتَبـَرُ القطاع الزراعي الأوحد الذي يمتلك موارد طبيعيةٍ متجددةٍ ذات عطاءٍ مستمر، كما أنه الوحيد المحرك لبقية قطاعات الإقتصاد الأخرى في السودان (الصناعة، التجارة الخارجية، النقل، الخدمات، ...إلخ). معافاة هذا القطاع وأداؤه بصورةٍ كاملةٍ Full Capacity Employment، تعني اقتصاداً حياً متحركاً ومتجدداً وملبياً لحاجيات العباد والبلاد. وفي عالم اليوم، نجد أن الدول ذات الميزة النسبية في أحد الأنشطة الإقتصادية، تملك على الأغلب الأعم أجهزةً تنفيذيةً وإداريةً قويةً فيه. فدول الخليج العربي تملك ميزة إنتاج البترول على مستوى العالم، فنجد فيها أجهزةً محليةً قويةً تضطلع على هذا الجانب وتقوم عليه. الولايات المتحدة تملك أعتى الترسانات العسكرية على نطاق العالم، تقودها وزارةُ للدفاع بأجهزتها ووكالاتها المتعددة المتخصصة. قياساً على ذلك، فالسودان يملك أكبر الإمكانات الزراعية على المستويين الإفريقي والعالمي ولا تضاف إلينا في هذا المضمار غير كندا وأستراليا – كدولٍ ينتظر منها تلبية حاجة البشرية اليوم من الغذاء الذي توفره الزراعة -، ولكنا لا نملك الجهاز الذي يدير هذه الميزة بكفاءة!!.
    تصحيح مفاهـــــيم:
    لا نعني بالزراعة الإنتاج النباتي فقط، وإنما نستخدم لذلك مصطلح "القطاع الزراعي Agricultural Sector" لندلل على تكامل الإنتاجين النباتي والحيواني وإنتاج المياه معاً. وهذا هو المفهوم العالمي الحديث في البحث عن الغذاء لأكثر من 6 مليارات نسمة من البشر. مع هذا المفهوم أصبح لا مكان ولا قرار للتفريق بين الإنتاج النباتي والحيواني والمائي، بل تكاملٌ وانسجامٌ في الأدوار، والأجهزة التنفيذية المضطلعة بأمور الزراعة في تلكم الدول، غير منقسمة يختص بعضها بالإنتاج الزراعي والأخرى بالثروة الحيوانية والثالثة تهتم بالمياه!. إنما هو جسمٌ واحد يؤدي هذه المهام على أكمل وجه من أجل تحقيق الهدف المرتجى، وهو إنتاج الغذاء والوصول إلى مستوياتٍ مقدرةٍ من تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها وأُمَمِهَا.
    مظاهــــــر ضعفنا:
    السودان قطرٌ يعاني قطاعه الزراعي، ويرزح تحت وطأة الكثير من المثبطات التي قادت للقعود به عن أداء دوره. والأولى بنا بعد مآلات الإنفصال، أن تكون لنا نظرةٌ تقيميةٌ متفحصةٌ لأداء هذا القطاع كونه القادر على الخروج بالإقتصاد السوداني من شدته الحالية، وأن نكون أكثر شجاعةً واعترافاً بواقعنا في معالجتنا لأوضاع هذا القطاع. فالخطوة الأولى في هذا السبيل، الإعتراف الكامل بوجود قضايا بهذا القطاع نحتاج لحَلْحَلَتِهِا إلى اتخاذ سياساتٍ وقراراتٍ إداريةٍ داعمةٍ في هذا الإتجاه، من أجل إيجاد قطاعٍ زراعيٍ معافى. ولا نستقصي هنا كافة هذه الإشكالات، وإنما نذكره هنا على وجه الإشارة:
    ¦ القطاع الزراعي السوداني يعاني التقسيم، والذي ربما أملته الحاجة إلى خلق حقائب وزارية، فكان وجود ثلاث وزارات حالية ( "الزراعة" – والتي يترنح اسمها ويتغير ويتبدل ويضاف إليه وينقص منه في كل تشكيلٍ وزاريٍ جديد - ، "الثروة الحيوانية" ، "الري والموارد المائية"). وبعد الإنفصال سيعاني هذا القطاع أيضاً نقصاً سيطرأ على موارده الأساسية "الأرض الزراعية وما تحويه من موارد مختلفة".
    ¦ ضعف الإدارات التنفيذية المضطلعة بالأمر الزراعي "الوزارات"، وما استتبع ذلك من ضعف وقلة البرامج الحقيقية الرامية إلى مصلحة العمل الزراعي، فهذه الوزارات تعاني قضايا إدارية ومالية معقدة، ولا تُحْسِنْ المشي والسعي والضرب في فجاج الأرض، وتنتظر بعد ذلك أن تأكل من رزق الله فيها، وهذا لعمري الفساد عينه!!.
    ¦ وجود أجهزة وبرامج أخرى، - غير مؤسسات الدولة القائمة أصلاً على أمر القطاع الزراعي - ، تَبْذُلُ لها الدولة وتُغْدِقُ عليها الميزانيات المهولة التي تُصْرَفُ على برامج غير ذات أثرٍ ملموسٍ في واقع حياتنا في السودان.
    ¦ لا تمثل الزراعة في السودان هم الدولة الأكبر واستراتيجيتها الأهم – رغم ما يبذل ويصرف – غير شعاراتٍ تطلق هنا وهناك ولا تستتبع بسياساتٍ وقراراتٍ قويةٍ نافذةٍ وداعمةٍ لهذا الإتجاه.
    ¦ وزارات القطاع الزراعي – رغم أهميتها – تأتي في ذيل الخيارات عند تشكيل أي وزارةٍ جديدة. فيرمى لها بفضل القسمة، ولا يُنْظَرْ إلى جانب الكفاءة والقدرة من ذوي الإختصاص، رغم أنها وزارات فنية بالدرجة الأولى تحتاج إلى تدعيم هذا الجانب في المقام الأول "تلك إذاً قسمةٌ ضيزى".
    إلى... ولاة أمورنا:
    رغممسئوليات الدولة الكبرى ومهامها المتعددة، فلا نشك أن أمر الإقتصاد وقوته يهمها، ويعتمد ذلك على مدى استغلال مواردها المتاحة لها بصورةٍ كفؤةٍ ورشيدةٍ وكاملة. فاقتصاد الدولة عمودها الفقري الذي ترتكز عليه، وهذا العمود نخاعه القطاع الزراعي الذي بمعافاته، يتعافى الإقتصاد وينصلح حال الدولة، ولا تتأثر بما ذهب من موارد لدولة الجنوب. فعلينا إجراء جراحاتٍ بالغة لهذا القطاع، وإيلاؤه الأهمية القصوى في سلم أولوياتنا بعد قضايا الدفاع والأمن والسلم. ونحن نقوم بواجب تقديم المشورة لولاة أمورنا في أن ينظروا في الآتي:
    ¨ وضع القطاع الزراعي في السودان على قائمة أولويات الدولة وهمومها الكبرى، وبصورةٍ حقيقيةٍ بعيداً عن الشعارات والبرامج الزائفة، التي لا تخدم هذا القطاع من قريبٍ أو بعيد.
    ¨ سد لُحْمَة هذا القطاع والتئام أجزائه المتفرقة، بإنشاء وزارةٍ واحدةٍ تضطلع بمهامه، ولا شك أن خبرائنا الإداريين والمُخَطِّطِين لا تخلو جُعْبَتَهُم من وضع نموذجٍ لإدارة هذه الوزارة. ذلك، للاستفادة من الحجم الإقتصادي الضخم لهذا القطاع مجتمعاً، وللتقليل من الصرف الحكومي على أجهزة الدولة. (نرفق نموذجاً يمثل جهداً شخصياً يمكن تحديثه وتطويره)
    ¨ إسناد وزارة القطاع الزراعي (تحت أي مسمى مقترح)، إلى كفاءةٍ وخبرةٍ متميزةٍ وطويلة، عارفةٍ ومطلعة على خبايا هذا القطاع، وقادرةٍ على إدارة أجزاءه، من ذوي الإختصاص أهل الحل والعقد في هذا المجال.
    ¨ توجيه ميزانيات الدولة إلى تنمية إدارة هذا القطاع ممثلاً في وزارته الجديدة، وإيقاف الصرف على الأجهزة والبرامج الأخرى القائمة الآن، وتوفير الأطر المؤسسية وأسس الرقابة والمحاسبة على أدائه بعد بذل كافة الإمكانيات في سبيل إنفاذ برامجه ومراميه.
    ¨ العمل على الإستقرار الإداري للقطاع، ممثلاً في استقرار أجهزة وزارته المختصة لتضطلع بمهامها الموكلة إليها، ومنحها الزمن الكافي لذلك.
    هذا الطرح ليس بجديد ... ولكنه إضافةٌ إلى طرق الطارقين على الأبواب ... علنا ننتبه ونتيقظ ونستبين نصح اليوم.. قبل ضحى الغد.
    www.kenanaonline.com/elneel
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •