السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحيي
وقد ورد ذكر الحياء في القرآن بصيغة الفعل مضافًا إلى الله عز و جل ،قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }
وورد اسمًا في حديثين :
الأول :حديث يعلى بن أمية –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبزار بلا إزار،فصعد المنبر،فحمد الله وأثنى عليه ،ثم قال صلى الله عليه وسلم : (إن الله عز وجل حييٌّ ستير يحب الحياء والستر ،فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) رواه أبو داود والنسائي.
الثاني:حديث سلمان الفارسي –رضي الله عنه – قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم ،يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ) ،رواه أبو
داود وابن ماجه.
وفي هذا الاسم الكريم دلالة على ثبوت الحياء صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله وكماله ،وهو سبحانه في صفاته كلها لا يماثل أحدًا من خلقه ،ولا يماثله أحدًا من خلقه ،كما قال تعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ،وقال تعالى :{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } ،فحياؤه سبحانه وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين .
والقول في هذه الصفة كالقول في سائر صفات الرب سبحانه ،فكما أنا نثبت لله سبحانه علما لا كعلمنا ، وإرادة لا كإرادتنا فكذلك نثبت له حياء لا كحيائنا ؛ إذ كل ما أثبته سبحانه لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم حق لا ريب فيه.
والله سبحانه حيي يحب الحياء و أهله ،وقد تكاثرت النصوص في الأمر بالحياء والحث عليه والترغيب فيه ،وعدّه من شعب الإيمان ،وبيان ثماره العظيمة و آثاره المباركة ،وأنه خير كله.
و أعظم الحياء وأوجبه الحياء من الله عز وجل ،فعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استحيوا من الله حق الحياء ،قال :قلنا :يا رسول الله ،إنا نستحي والحمد لله ،قال :ليس ذاك ،ولكن الإستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ،وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ،فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)) رواه أحمد والترمذي .
رزقنا الله الحياء منه ،و وفقنا لتحقيق خشيته في الغيب والشهادة والسر والعلانية .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر .