مصادر السيرة النبوية،:
المصدر الأول:القرآن الكريم: فقد أكثر القرآن الكريم من ذكر النبي r وذكر أحواله، وذكر بعضا من مواقفه r، وشيئًا من جهاده r كإشارات يتضح بعدها ما لها، وما كان منه r حال هذه الإشارات، والقرآن محفوظ بحفظ الله تبارك وتعالى له ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ والذكر قرآن وسنة، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]. ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ أي: السنة، ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ فالسنة مبينة للقرآن كما احتج الصحابة ومن بعدهم على مخالفيهم في أن السنة مبينة للقرآن وأن السنة وحي كما قال النبي r بنص حديثه r «ألا أني قد أوتيت القرآن ومثله معه» فالسنة النبوية ذكرٌ كالقرآن الكريم، وهي أيضا محفوظة بحفظ الله تبارك وتعالى لها، حفظ الله تبارك وتعالى السنة النبوية بحفظ رجال الأسانيد أو بقيام علماء هذه الأمة بعلم الإسناد، وإسناد كل قول إلى قائله، ورد كل أمر إلى قائله، والتحقق من هذا القائل من عدالته وضبطه بل بحثوا في أدق تفاصيل هؤلاء الرواه حتى أنهم كانوا يردون رواية من لا يُعرف أو رواية من يُتهم ولو بتهمة يسيرة، فعندما تقرؤوا علماء المصطلح كيف كانوا يقبلون، شروط قبول الرواية من الراوي، تعلمون أن هؤلاء كانوا قد شددوا في الأمر تشديدا شديدا وبقوة حتى لا يتفلت منهم شيء، فكان أشد الناس في قبول الروايات، الإمام البخاري، ويليه الإمام مسلم ثم تتابع العلماء بعد ذلك، فكان البخاري مثلا يشترط للراوي اللقيا والمعاصرة ،كي لا يكون هناك فاصلاً بينه وبين شيخه، أما مسلم مثلا فكان يشترط المعاصرة ولا يشترط اللقيا، فهذان شرطان مختلفان، فالمقصود أن أبين لك أن جهود علماء الحديث في حفظ السنة النبوية، ومن حفظ السنة النبوية حفظ سيرة النبي r فمن حفظ الكتاب، ومن حفظ السنة، سنة النبي r كانت سيرته العطرة r.
المصدر الثاني: كتب الحديث: ينسحب ما قلناه آنفا على كتب الحديث، كتب الحديث البخاري، ومسلم، وسائر السنن، النسائي، والترمذي، وأبي داود، وسائر كتب السنة التي بين أيدينا، فإنها كلها قد حوت إما كلمات للرسول r، وإما أحوالا للنبي r أو أفعالا له أو إقرارا منه r لأفعال أصحابه، لأن السنة إما قول أو فعل أو تقرير، يأتي الصحابي فيفعل فعل أمام النبي r فيقره النبي r على ذلك، إذن إقرار النبي r على ذلك هو بمثابة الموافقة العملية على هذا الفعل.
المصدر الثالث:، كتب الدلائل: التي يسميها العلماء دلائل النبوة، الدلائل للإمام البيهقي،.
المصدر الرابع: كتب الشمائل المحمدية، أو كتب الشمائل النبوية، المصدر الخامس: كتب المغازي والسير: أشهر كتب السيرة، السيرة لابن إسحاق، والسيرة لابن هشام ، وهذه الكتب جمع فيها كاتبوها كل ما يتعلق بالرسول r ما صح منه وما لم يصح ، والآن جاء دور التفتيش ، بعد ذلك في عصر النقد من العلماء المتقدمين، ولا مانع كم ترك الأول للآخر من أمور، يفتح الله تبارك وتعالى بها على بعض عباده،.
حاجة البشرية إلى النبي r، وحاجة البشرية إلى بعثة النبي r: كان الناس قبل رسول الله r في فترة تسمى الجاهلية، والجاهلية قد يظن البعض أنها حُقبة من الزمان، أو فترة من التاريخ، ولكن الجاهلية أعم من ذلك، الجاهلية فترة زمنية أقوال وأفعال قد تكون في زمن النبوة، وقد تكون بعد زمن الجاهلية، فالجاهلية ليست قاصرة على الفترة الزمنية التي كان فيها النبي r فحسب بل هذه الجاهلية قد تكون أقوال وأفعال بعد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ولَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: 33]. فالتبرج يحدث في زمن النبي r وبعد زمن النبي r، فوصف تبرج النساء بأنه تبرج الجاهلية، المرأة في الجاهلية كانت تقف وتطوف بالبيت عريانة، وتقول:
الْيَوْم يَبْدُو بَعْضُه أَو كُلِّه
وَمَا بَدَا مِنْه الْيَوْم فَلَا أُحِلّه
فكان هذا نوع من أنواع التبرج تطوف بالبيت عريانة ليس عليها شيء من الثياب، وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله يعني هذا الجسد يبدو بعضه أو كله، وما بدا منه اليوم فلا أحله، الذي يشاهد لا يشاهد أنا محرمة عليه ، أفعال الجاهلية، هذه الجاهلية كانت في زمن النبي r، وقبل الرسول r، ويأتي بعده r هذا الفعل، فالتبرج لازال موجودا يختلف من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن شكل إلى آخر، كذلك حمية الجاهلية، كما قال الله تبارك وتعالى ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح: 26]. فكل حمية لغير كتاب الله، ولغير سنة النبي r، ولغير دين الله U فهي تسمى حمية جاهلية،كمن يتعصب لفريقه ، أو لحزبه فكل ذلك من العصبيات الجاهلية، وهذه أيضا موجودة في كل زمان، وفي كل مكان، كما حدث مع النبي r أن أبا ذر عير بلال بأمه فقال يا ابن السوداء، فقال النبي r «إنك امرؤ فيك جاهلية» إذن الجاهلية قد تكون فعل، وتصرف، هذه الجاهلية كانت موجودة ولازالت موجودة، أو لازال طرفا منها موجودا، إذن لابد من مقاومة هذه الصور الجاهلية بالإسلام، لأنه لا يغير هذه الجاهلية إلا الإسلام، ولا يقومها إلا الإسلام طبعًا بقايا شيء منها إنما هو من باب صراع الحق مع الباطل، وإنما هو من باب ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم: 31]. وليكون هناك تنافس شريف في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي تبليغ دين الله تبارك وتعالى، وفي العمل لهذا الدين.
فالجاهلية قبل النبي r وبعد الرسول r صورتها متغايرة، تغيرت صورة الجاهلية من بعثة النبي r من الشرك إلى التوحيد، ومن وأد البنات إلى إكرامهن، ومن شرب الخمر إلى العقل والفهم، ومن السفاح إلى النكاح، ومن التبرج والسفور، إلى الحجاب والحشمة، ومن الزنا وهتك الأعراض، إلى العفة والصيانة، ومن الحرب والقتال، إلى السلم والأمن والأمان، ومن الشدة والقسوة إلى الرحمة والرأفة، ومن التميز العنصري إلى المساواة في الحقوق والواجبات، إذن جاء النبي r والبشرية تحتاج إليه r ليعدل كل الموازين ويضع الأمور في نصابه لأمر الله تبارك وتعالى.
فهذه الجاهلية لابد لكل واحد منا أن يتعرف على شيء منها الشيخ الخضري في هذا الكتاب لم يسلُك مسلك بقية العلماء في أنه جاء مثلا بالكلام أو بالحديث عن الجاهلية قبل الحديث عن بعثة النبي r كل ذلك رجاء الاختصار، طبعا نحن نلاحظ أن الشيخ الخضري رحمه الله أتى بعناصر من السيرة النبوية كلها عناصر إجمالية، إذا فصلت فيها وقفت فيها على شيء كثير، ووقفت فيها على معاني عظيمة ومفيدة في سيرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فلابد وأن نتعرف على الجاهلية، كما قال عمر t ما عرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية، ولو من باب قول القائل:
عَرَفْت الْشَّر لَا لِلْشَّر أَعْرِفُه
وَلَكِن لِتَوَقِّيه
وَمَن لَا يُعْرَف الْخَيْر مِن الْشَّر الشر
يَقَع فِيْه
كانت هذه الفترة فيها حالات اجتماعية، وحالات سياسية، وأحوال دينية إذا نظرنا نظرة سريعة إلى المجتمع قبل بعثة النبي r الحالة الاجتماعية قبل بعثة النبي r ة: كما كنتم تعلمون من الشدة، والقسوة، والقوي يأكل الضعيف، والغني يأكل الفقير، وطغى وبغى كل من كانت له قوة، وكل من كان له سطوة وكان هناك سفاح ولم يكن هناك نكاح وكانت صور النكاح في الجاهلية على صور أربع كما أخبرت أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
الحالة الدينية قبل بعثة النبي r :وجدنا أن العرب خاصة كانوا أقواما يعبدون الأصنام لا يعرفون إلا عبادة الأصنام والأوثان وأول من أدخل الأصنام والأوثان إلى العرب رجل يسمى عمرو بن لحي الخزاعي فإنه أول من أدخل الشرك إلى جزيرة العرب كان رجل بالشام فرآهم يعبدون أصناما، فأخذ صنمًا منهم ، ثم حمله على ظهره وجاء به فوضعه في مكة أو في صحن الكعبة حتى عبده الناس، واتخذ الناس بعده أصناما وآلهة تُعبد من دون الله تبارك وتعالى، لذلك يقول النبي r «لقد رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار» لأنه أول من سيب السوائب، وأدخل الشرك إلى جزيرة العرب فالحالة الدينية قبل بعثة النبي r كان عبارة عن أناس يعبدون أصنام، ويعبدون أوثان إلا بقايا من أهل الكتاب هؤلاء البقية الباقية من أهل الكتاب كان على دين إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ولكنهم كانوا معتزلين الناس، مثل زيد بن عمرو، وكمثل ورقة بن نوفل.
كان هؤلاء وأمثال هؤلاء كانوا يعيشون ولكنهم كانوا يعيشون في معزل من الناس، كانوا لا يرضون بما عليه الناس من الكفر ولكنهم كانوا يتعبدون ويتحنثون لله تبارك وتعالى في معزل عن الناس.
الحالة السياسية قبل بعثة النبي r : إذا نظرنا للحالة السياسية وجدنا أن الجزيرة العربية كان يحيطها دولة الرومان، وكانوا يحيطها دولة الفرس، وكانوا يحيطها دولة الهند، وكانت تحيطها أوربا من جهة أخرى، وفي المنتصف العرب.
لماذا كانت بعثة النبي r من العرب؟لأسباب اجتهد العلماء في جمعها:
أولاً: أن العرب أهل ذكاء وفطرة، وفطنة واتساع للغة، فكان العرب أذكى من كل الأمم التي حولهم على الرغم أنهم كانوا متخلفون ماديا غير أنهم كانوا متقدمون عقليًا كذلك كانوا أهل كرم وسخاء حتى أن مضرب المثل في الكرم والسخاء عند العرب،عدي حاتم الطائي، كان حاتم من أكرم العرب فكانت لا تطفأ له نار وكان يضرب ولده إذا ضرب كلبه فيقول إنها تدل علينا الضيفان، فحاتم الطائي كان من أكرم العرب، كذلك كانوا أصحاب صراحة ووضوح بعيدين عن الالتواء والتعقيد، لأنه بطبيعته لا يهاب أحد،النبي r يوم أن وقف على جبل أبي قبيص وهو يقول: «يا صبحاه يا صبحاه لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي، قالوا ما جربنا عليك كذبا قط، فقال فأني رسول الله إليكم جميعًا»، قام إليه عمه بتلقائية وبوضوح تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا.
عندهم وضوح حتى في الكفر، عندهم وضوح حتى في الكفر، كذلك العرب كانوا أصحاب شجاعة ومغاوير حرب وأحلاس خيل فكانوا يقاتلون من أجل ناقة، ويقتتلون من أجل جرعة ماء فكانوا مغاوير حرب عندهم صبر وقوة وجلد على القتال لا قبل لأحد بهم وأنتم عندما تقرءون إن شاء الله سيرة النبي r ونتناول أحداث السيرة كيف أن الصحابة كانوا يصبرون في الغزو، والفتح، والجهاد، ويصبرون على حصار الحصون، ويصبرون على القتال مع الكفار أيام وليالي وشهور تجدون أمرا عجبا.
ثانيًا:كذلك من أسباب الاصطفاء للعرب أنهم كانوا بمعزل عن الأدواء المدينة والترف الذي يحول بينهم وبين معتقدهم لأن المدينة تشغل الإنسان عما يعتقده النظر والالتفاف لشهوات وما شابه يصرف الإنسان عما يعتقده أما هؤلاء فكان ليس لهم إلا الآلهة والأكل والشرب، والبيوت فالمدنية لم تكن عندهم، حتى لا تصرف شيئا من جهدهم، ولا شيء من فكرهم عن معتقدهم ثالثًا:كذلك كانوا أمة نشأت على الحرية والمساواة والأنفة، يحكى أن عمرو بن هند وكان في الجاهلية أرسل له ملك الحيرة وكان ملك الحيرة من أغنى الناس، ومن أعظم الناس مُلكا في ذلك الوقت، جلس يوما ملك الحيرة مع بعض ندمائه، ومع بعض جلسائه فقال ترون أحد يأبى أن يخدمني، قالوا نعم عمرو بن هند وأمه فأنهم من أأنف العرب، قال ما تصنعون إن جعلته خادما لي هو وأمه، فتراهن على عمرو بن هند فأرسل ملك الحيرة إلى عمرو بن هند واتفق ملك الحيرة مع أمه إن جاءتك أم عمرو بن هند فأجلسيها بجوار الأطباق ، وقولي لها ناوليني هذا ثم ناوليني هذا وأنا أجعلها خادمة لك شيئا فشيئا، فدخل عمرو بن هند على ملك الحيرة، ودخلت أمه على أم ملك الحيرة، فلما جلست أمه بجوار هذه الأطباق إذا بأم ملك الحيرة تقول لها ناوليني الطبق، قالت لا يكون، ما يكون لمثلي أن يناول مثلك، فلما صرخت في وجهها صرخت أم عمرو بن هند يا آل تغلب علمت أنهم يريدون أن يستخدمونها أمة، فقام عمرو بن هند وكان سيفا قد عُلق بجوار ملك الحيرة فأمسك بالسيف وضرب ملك الحيرة فشطره نصفين ثم أنشد قصيدة طويلة موجودة في المعلقات السبعة ،بمعنى أنكم لا تستخدمونا ولا تستعملونا ،من الأنفة والعزة التي كانت عند العرب.
فالعرب كان عندهم حرية، وشهامة، ونخوة، ويأنفون أن ينصاعوا إلى أحد فكان كل هذه العلامات والأمارات كانت سببا لاصطفاء الله تبارك وتعالى للعرب حتى يكون منهم حملة الرسالة، وحملة النبوة .
رابعًا:بالإضافة إلى موقع جزيرة العرب في الناس فإن الجزيرة العربية من نظر إليها إطلالة سريعة وجد أن الجزيرة العربية تملك العالم بأسره، كل العالم محيط بالجزيرة العربية وأثبتت الجغرافيا الآن أن مكة أم القرى كما قال الله تبارك وتعالى أن مكة والكعبة هي مركز الأرض ، فكان موقع العرب موقع متميز إذ عندهم البحار، وعندهم الأنهار، وعندهم الصحراء فكانوا يملكون شيئا كثيرا من هذه الأرض مما جعل ذلك مدعاة لظهور الرسالة عندهم ليحتاج الناس إليهم في كل زمان وفي كل مكان.
بدأ الشيخ الخضري رحمه الله تبارك وتعالى هذا الكتاب، وكتابنا الذي ندرسه ونتناوله بالدراسة كتاب نور اليقين أنا أسف طبعا أطلت في المقدمة ولكن أردت أن يكون لنا يعني كالتوطئة للوصول إلى الغاية المنشودة من دراسة هذا الكتاب، لأن الهدف من دراسته، أنت تخرج منه بأكبر فائدة هذا الكتاب على صغر حجمه إلا أنه قد حوى علما كثيرا.
سبب تصنيف الخضري لكتاب نور اليقين:بدأ الشيخ الخضري رحمه الله تبارك وتعالى في تصنيف هذا الكتاب بناء على رغبة بعض أصحابه ووافق ذلك هوى في نفسه أنه كان يريد كتابة سيرة النبي r في كتاب مختصر جامع فيقول: لما رأيت ذلك وشعرت بما شعرت به ووافق ذلك طلب بعض الأحبة مني أن أكتب في سيرة النبي r فشرعت في بداية كتابة هذا الكتاب.
ابتدأ كتابة بقوله النسب الشريف ثم قال عنهr: ((السيد الأكرم الذي شرف الناس بوجوده هو محمد بن عبد الله من زوجه آمنة بنت وَهْب الزُّهرية القرشية) نلاحظ أن الشيخ الخضري الوحيد فيمن صنف في سيرة النبي r أو فيمن كتب في سيرة النبي r الوحيد الذي يذكر كل من آباء النبي r ويذكر معه زوجه، أي يذكر كل من كان من نسب النبي r ويذكره معه زوجه فيقول مثلا، محمد بن عبد الله زوجه زوجه آمنة بنت وهب فيذكر أبو نبي ويذكر أمه وهكذا في سائر النسب.
فيقول (ابن عبد المطلب من زوجه فاطمة بنت عمرو المخزومية القرشية، وكان عبد المطلب شيخاً معظماً في قريش يَصْدُرون عن رأيه في مشكلاتهم ويقدمونه في مهماتهم، ثم يقول ابن هاشم من زوجه سلمى بنت عمرو النجارية) سأترك لكم قراءة السند ولكن أعطيكم الفوائد لنسب النبي r،.
1-جزء متفق عليه.
2-وجزء الخلاف فيه قليل.
3-وجزء الخلاف فيه كثير.
الجزء الأول وهو المتفق على صحته: كما قال الإمام البخاري رحمه الله في نسب النبي r: هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بنالنضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
قال الإمام البغوي رحمه الله:لا يصح حفظ النسب فوق عدنان.
وقال الإمام ابن سعد من كتاب التاريخ والسيرة: قال الأمر عندنا الإمساك عما وراء عدنان إلى إسماعيل، .
يقول ابن القيم رحمه الله: إلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين لا خلاف فيه البتة، وما فوق عدنان مختلف فيه ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل، الخلاصة في نسبه r أن نسبه الثابت اثنان وعشرون رجلا ، واختلف من بعد الاثنين وعشرين الذي هو من أول عدنا إلى إسماعيل u ولا يثبت نسبا إلى آدم u .
الجزء المختلف فيه: من عدنان إلى إسماعيل.
الجزء الثالث :أما من إسماعيل إلى آدم u فهذا كله اجتهادات لا طائل من وراءها.
أخوال النبيr :
من بني زُهرة لأن أمه آمنة بنت وهب يلتقي نسبها مع والده في كلاب بن مرة،والذي سمي نبينا r بهذا الاسم هو جده عبد المطلب وأمه رغبة منهما عن أسماء أهل بيته، اعلم رحمك الله أن النبي r أعلى وأطهر الأرض نسبا، وقوما وقبيلة، وفخذا، ولذلك من طعن أو شك أو استهزأ أو غمز أو لمز في نسبه r فقد وقع في الكفر الأكبر المخرج من الملة فيكون حلال الدم والمال.
الكلام مرة ثانية: كل من طعن أو شك أو استهزأ أو غمز أو لمز في نسبه r فقد كفر ووقع في الكفر الأكبر وخرج من الملة، والنبي r لما تحدث عن نسبه r كما في صحيح مسلم قال «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريش، واصطفى من بني قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .
وعن أبي هريرة t في ما رواه أحمد قال رسول الله r «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه» والفضل ما شهدت به الأعداء لما أرسل هرقل عظيم الروم إلى أبي سفيان فسأله وما نسبه فيكم؟ قال هو فينا ذو نسب، فشهد للنبي r أنه صاحب نسب r قال الإمام ابن القيم اسم الرسول r محمد فهو محمود عند الله ومحمود عند ملائكته، ومحمود عند إخوانه من المرسلين، ومحمود عند أهل الأرض كلهم أجمعين، فهذا نسب النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
زواج عبد الله بآمنة وحملها منه.
تزوج عبد الله بآمنة ومات بعد أشهر معدودة، وكان قد خرج في سفر لطلب التجارة وشيء من التربح فمات والد النبي r وتركه حملا في بطن أمه، لأن هناك بعض الناس يقول مات بعد ولادته، لا، مات والده r وهو حمل في بطن أمه، وقام على رعايته جده عبد المطلب.
تنبيه: أنبه أيضا إلى أن ميلاد النبي r كان في العام الذي أرّخت له العرب بعام الفيل، وفي هذه الحادثة :أن أبرهة الأشرم أراد أن يبني بيتا يحج إليه الناس وسماه القُلِّيس، فبدأ وجاء بجموع وجنود حتى يهدم الكعبة وكان ما كان لما دخل أبرهة إلى مكة وقابل عبد المطلب، أما الإبل فهي لي وأما البيت فله رب يحميه، فكان ما كان من حادثة الفيل بإرسال الله تبارك وتعالى الطير الأبابيل، القصة التي ذكرها ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل، فأرخ العرب لميلاد النبي r بهذه الواقعة المشهورة التي علمها العرب والعجم، عن ميلاده ،صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وقفات في ميلاد النبيr :
الوقفة الأولى :أن تاريخ ميلاده r لا يرتبط بعبادة معينة من العبادات ولم يشرع فيه أي نوع من العبادات كما نرى أن الأمة أحدثت يوم سمته مولد النبي r يقوم فيه طائفة من الناس المتدينين بإنشاد الأبيات والقصائد لاسيما البردة للبصيري وبإنشاد القصائد والمدائح النبوية، وأيضا يكثرون فيها من يعني الطعام وإطعام الطعام، والصدقات والذبائح ويقولون ذلك يوم أكرم الله تبارك وتعالى فيه العباد، فكل هذه العبادات لا تشرع ولم تشرع فلا يصح في تاريخ النبي r عبادة معنية، إلا عبادة واحدة وهي الصيام كما في صحيح مسلم أن النبي r لما سئل عن صيام يوم الاثنين قال: «ذاك يوم ولدت فيه» لكن هل هذا مصوغ لأن يتخذ الإنسان يوما ميلاده يصوم فيه،؟ لا وإنما هذه عبادة، فعلها النبي r تعبدا ونحن نتعبد إلى الله تبارك وتعالى بما تعبد به النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
الوقفة الثانية: يدل البحث والتحري والجمع بين الأقوال من أقوال أهل العلم في يوم مولده r على المحبة العظيمة لهذا النبي والعناية بسيرته حتى أن الكل يدقق ويبحث ليصل إلى الوقت الصحيح لميلاده -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
علامات علي مبعث النبيr:
قال العلماء المحققون لم يثبت بطرق صحيحة ولكن اشتهر القول بأن عند مولده r سقطت أربع عشر شرفة من إيوان كسرى وخمدت نار المجوس وغاصت بحيرة ساوه وانهدمت المعابد من حوله r يعني قال كل هذا علامات على مبعثه r، كل هذه العلامات لم يثبت بها دليل صحيح،.
رضاع النبي r.
ولد النبي r وأرضعه جماعة من نساء العرب(وكان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي ليكون أنجبَ للولد، وكانوا يقولون: إن المربَّى في المدن يكون كليلَ الذهن فاتر العزيمة، فجاءت نِسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم، فكان الرضيع المحمود من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، واسم زوجها أبو كبشة، وهو الذي كانت قريش تنسبُ له الرسول صلى الله) و كانت تعير به الرسول r لما كانوا يقولون لقد أمر أمُر بن أبي كبشة، ينسبونه إلى أبي كبشة وهو أبوه في الرضاعة، -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
من فوائد يتم النبي r:
قال الحافظ ابن كثير:
أولاً:النبي r بلغ أبلغ اليتم وأعلى مراتبه.
ثانيًا: يتم النبي r في ردا على المبطلين، دعواتهم بأن محمد r تلقى دعوته بتوجيهات وإرشادات والده أو مكانة جده.
ثالثًا:نشأة النبي r في طفولته مع والدته قد كان مثله بعض الأنبياء: مثل إسماعيل وموسى وعيسى، ويدل على أهمية اختيار الزوجة، أنت قد تموت من يربي بعدك ولدك زوجتك فلابد أن تكون هذه الزوجة قد اختيرت بعناية شديدة، لأنها هي التي سوف تقوم بتربية ولدك.
رابعًا:يتم النبي r فيه أسوة للأيتام في كل زمان ومكان ليعرفوا أن اليتم ليس عيبا وليس نقمة وأنه لا يجب أن يقعد صاحبه عن بلوغ أعلى المراتب.
خامسًا: كذلك شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل نبيه يتيما حتى لا تتدخل يد أب حانية أو توجيهاته بل يتولاه الله سبحانه وتعالى ولا يتلقى شيئا من مفاهيم وأعراف وعادات الجاهلية، يعني شاءت إرادة الله أن يكون النبي r يتيم حتى لا يؤثر عليه شخصية أبوه ولا من يقوم على رعايته وعلى ولايته r.
مرضعات النبي r .
الأولى: أمه آمنة بنت وهب، وكانت قد أرضعته r أياما ثم ترك رضاعها، ثم تولت رضاعته.
الثانية: ثويبة مولاة أبي لهب.
الثالثة:حليمة السعدية، .
سنقف إن شاء الله تبارك وتعالى عند حادثة شق الصدر، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم هذا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نسألكم الدعاء ( أختكم أم محمد الظن)
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك