الجبار
وقد ذكر هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم مقرونًا باسم الله العزيز في قوله تعالى :{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر : 23]
والجبار له ثلاثة معانٍ:
الأول :بمعنى القهار ،فهو سبحانه القاهر لكل شيء ،الذي دان له كل شيء ،وخضع له كل شيء ،فالعالم العلوي والسفلي بما فيهما من المخلوقات العظيمة كلها قد خضعت في حركتها وسكناتها ،وما تأتي وما تذر لمليكها و مدبرها ، فليس لها من الأمر شيء ، ولا من الحكم شيء ، بل الأمر كله لله ،والحكم القدري والشرعي والجزائي كله له ،لا حاكم إلا هو ،ولا رب غيره ،ولا إله سواه.
الثاني :يرجع إلى لطف الرحمة والرأفة ،فهو الذي يجبر الكسير ،ويغني الفقير ،وييسر العسير ،ويجبر المريض والمصاب بتوفيقه للصبر وتيسير المعافاة له ،مع تعويضه على مصابه أعظم الأجر،ويجبر جبرًا خاصا قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله ، وقلوب المحبين له الخاضعين لكماله،الراجين لفضله ونواله ،بما يفيضه على قلوبهم من المحبة وأنواع المعارف والتوفيق الإلهي، والهداية والرشاد، وقول الداعي (اللهم اجبرني)يراد به هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره والشرور عنه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين : ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني) رواه الترمذي ،وابن ماجه .
الثالث :من معاني الجبار :أي: العلي على كل شيء ،الذي له جميع معاني العلو :علو الذات ،وعلو القدر ،وعلو القهر.
والجبروت لله وحده ،ومن تجبّر من الخلق باء بسخط من الله ، واستحق وعيده ،وقد توعد جل وعلا من كان كذلك بالنكال الشديد ،والطبع على القلوب ودخول النار يوم القيامة ،قال الله تعالى :{ ......كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر : 35]
وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة –رضي الله عنه –قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما ،و أذنان يسمع بهما ، ولسان ينطق به، فيقول :إني وكلّت بثلاثة :بكل جبار عنيد،وبكل من ادعى مع الله إلهًا آخر،والمصورين ).
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر .