قرأتُ كلاماً أسماه الأخ / سليمان الضحيان خاطرة حول ( طريقة الاستدلال ) في ( قضية قيادة المرأة للسيارة ) ، تناول فيه موضوع الممانعة من قيادة المرأة للسيارة والذي يذهب إليه ـ حسب زعمه ـ قلة ممن يهمسون بمعارضتهم دون جهر بها ، وسيلتحقون بالركب حين يرغمون على الرأي المطالب بقيادتها ومن ثم سيكون القول بالممانعة من ذكريات الماضي !! يتندر به من عاصره ، ويُدْهش كيف تغيرت الأمور ؟ ، وسيتعجب من لم يعاصرها من الأجيال اللاحقة ويستنكر أنه وجد حقيقة من يرى حرمتها !! ..

إي والله هكذا يقول !! ..

طيّب ..

وقد يكون قول المؤيدين من البلايا ـ التي لو فُرِضتْ مسألة القيادة للمرأة في ظل هذه الظروف الصعبة للبلد لا قدر الله ـ والتي ستلعن الأجيال القادمة رموز هذا الفكر وسيصنفون على أنهم رموز التغريب أو جسوراً له ، ولن يقولوا لهم إلا ما يقال عن رواد الفكر التغريبي في المجتمعات العربية الأخرى ..

على أية حال ليست القضية هي في حدود أن تقود أو لا تقود ، فالقيادة للمرأة في أصلها مباحة ، إنما القضية أكبر من هذا ، فوراء قيادتها مشاريع تغريبية مخيفة في ظل بلد لم يزل بعد ! ، وما سلمت المرأة من الأيدي العابثة في المستشفيات وفي المراكز التجارية بل في بيوتها من الابتزاز والانتهاك ، ولم نشاهد في المقابل عقوبات على العابثين من رجمٍ للزاني أو جلدٍ له يردع المترصد ويحي الفضيلة حتى يفتح لها باب القيادة الذي وراءه افتتاح إدارات نسائية متعددة وهو ما يعني الدفع بالمرأة لأن تخرج من البيت الذي هو قرارها ، وفوق ذلك ، ما يعانيه البلد من زحام شديد يتزايد يوماً بعد يوم والمرأة لم تمسك بالمقود ، فكيف سيكون الحال لو قادت السيارة ! .
وما يقوله بعض السذج من أن النساء الأول كن يركبن الجمال ونحوها الأمر الذي يجعل نساء العصر الحديث مثلهن في جواز ذلك هؤلاء سطحيون ..


إنني لستُ هنا إلا كاشفاً عن عدم واقعية هذا القول الذي يقول بضرورة قيادة المرأة في ظل وضعنا الحالي .


أعود لخاطرة الضحيان التي يقول عنها إنها معرفية ! خالصة تبين عن هشاشة في بناء الفتوى القائلة بالتحريم ، فيقول : إن أقوى الأدلة التي تطرح لـ( تحريم القيادة ) هي سد الذريعة للفساد ، ثم يقول : دعونا نبحث عن ( الفساد المتحقق ) وليس ( الفساد المتوهم ) لأن الفتوى إنما تبنى على ( الأمور المتحققة لا المتوهمة ..

فما هو الفساد المتحقق يا سليمان ؟ .

أجاب بأن مرجعه إلى أمرين هما أكثر ما يورد ، الأول منهما وهو تسهيل طريق الفساد للمرأة برضاها ؛ فتكون السيارة عامل فساد كبير لها تذهب بها إلى ما تريد من دون رقابة أسرية .
ولا شك أن هذا ليس هو العلة التي جعلت علمائنا يمانعون من قيادتها ـ حسب علمي ـ وليس فيما لو مُنِعَت المرأة من خطر يتهددها معاملة دونية لها بل إنّ هذا هو من معنى القوامة على المرأة ، القوامة التي تعني أن تكون المرأة من حيث الأصل مرتبطة بالرجل وليست هي مستقلة بنفسها وهذا مما فطرت عليه المرأة هذه القوامة أرى أن الأخ سليمان كأنه يتهكم فيها ، وليس هو من الشك بها وبأخلاقها وتغليب ذلك على الثقة بها !! هذا من الافتراء والتدليس .

لقد وجد في سائر المجتمعات أن المرأة التي يُعْلَم بعد الرجل القيم عنها سواء بعداً حسياً أو معنوياً فإنها تكون مطمعاً لكل رديء مريض القلب ولا تسلم خصوصاً في ظل هذه الشراهة الجنسية وقلة الأيمان الرادع من الفجور ، وهذا مما هو معروف :
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ، ، ، وتتقي مربض المستأسد الحامي .


ثم أورد العلة الثانية من علل المنع التي يقول بها الممانعون وهي مفسدة ( تحرش ضعاف النفوس من الشباب بمن تقود السيارة ) ، وأكد أن الممانعين قد أصابوا في هذه ، وأنها مفسدة حقيقية موجودة وليست متوهمة ؛ إذ هي متحققة ، و متفق على وجودها في ظل واقعنا المحلي ، ثم أجاب بعد أن استعمل طريقة السبر والتقسيم بأن هذه المفسدة يمكن دفعها فتكون قيادتها جائزة لا محرمة !! ..

وأنا هنا أقول : الكلام سهل يا سليمان ولا عليه جمارك كما يقولون ، ونحن لدينا نماذج كثيرة بالمرة في المستشفيات وفي الأسواق تنتهك فيها الأعراض ويغتال فيها الشرف وما عولج الوضع فيها حتى تأتي وتفتح علينا باباً خطيراً وهو قيادة المرأة للسيارة .
هلاً أريتنا جدارتك في دفع المفسدة الموجودة الآن جراء التحرش في الأسواق والمنتزهات والمستشفيات قبل التعلق بالدفع الموهوم للمفسدة الناجمة من قيادة المرأة للسيارة .

على أية حال ، كنت أتمنى من الأخ سليمان وهو الذي عرفناه سابقاً موجهاً للشباب أن يراجع نفسه في هذه المسألة ويكون واقعياً في رؤيته للواقع المحلي وألا يحكم عليه من زاوية رجلٍ أو رجلين .
دمت سالماً من كل شر ..