كتبت حليمة مظفر في جريدة الوطن هذين المقالين
داعيات سعوديات.. ولكن!
الداعيات السعوديات أو الواعظات ـ لكون الدعوة مهمة جليلة تُمارس في المجتمعات غير الإسلامية ـ فإنه ما يزال اجتهادهن الذي يُشكرن عليه محدودا، وتلقينيا غير قادر على استيعاب مجريات الحياة العملية التي تعتصرنا، وبدلا من أن يكنّ أداة المرأة لتنويرها في حقوقها التي أعطاها إياها الإسلام، فإنهن يُعتبرن عائقا لحل مشاكلها أحيانا.
إن ما يقدمنه في خطابهن الديني من معايير حياة المرأة المسلمة في المئتين الأولى من الهجرة، ما عادت تناسب المرأة الآن؛ والتي تسعى للعمل في ظل ظروف اجتماعية مادية قاهرة؛ وضيق الفرص التعليمية والبطالة والعنوسة، وقد أصبحت شريكا اقتصاديا داخل الأسرة، كما لا تمس حياة الشابات اللاتي أصبح عالمهن داخل الشبكة العنكبوتية؛ ولا حتى مع حياة الزوجة التي تعاني من زوج ظالم أو مدمن، وإن كان كل ذلك شيئا لا يُعمم على الجميع.
إن الواعظات السعوديات لهن قدرة كبيرة في التأثير على النساء اللاتي انقطعت بهن السبل عن المنابر الأخرى؛ واعتمدن على ما يسردنه من قصص تاريخية حالمة في محاضرات لا تناقش واقعهن، ولا تعمل على توعيتهن الدينية المطلوبة في قضاياهن كحق المطلقات في النفقة والحضانة والخلع وأمور عديدة، وعادة ما تعالج هذه القضايا بشكل سطحي، يُلقى فيه باللائمة على المرأة التي ما عادت تعرف أين تضع يدها وقدمها بين حقوقها وواجباتها.
إن الداعيات السعوديات من واجبهن ألا يكتمن علمهن في الاختلافات الفقهية التي وُجدت رحمة بين المسلمين، ولا يتعصبن لرأي يعتنقنه محرمات غيره، وأن يكنّ على وعي كاف بفقه الواقع؛ فحفظ عدد من أجزاء القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة ليس كافيا لكي تكون هذه أو تلك داعية، والمؤسف أن في المدن الصغيرة والقرى من أصبحت تلقي المحاضرات الدينية لمجرد أن زوجها إمام مسجد أو داعية.
وما زلت أتذكر حديثي مع إحدى الداعيات ممن شاركن في الحوار الوطني الثالث الذي ناقش قضية المرأة، حين سألتها عن كيفية إصلاح أوضاع المرأة في المجتمع؟ فأجابتني بأنه ينبغي عليها أن تقرّ في البيت كما أوصانا الإسلام وأن يُلبي الرجل والمجتمع احتياجاتها.
سألتها: كلام جميل، لكن المجتمع لم يلبِ احتياجاتها سيدتي وهي تعاني!
أجابت: إنها مسؤولية الدولة الغنية، ينبغي أن توفر مستشفيات نسائية، وأسواقا نسائية، ودوائر حكومية نسائية، وصُحفا نسائية، هكذا ستتوفر الوظائف للنساء من دون اختلاط بالرجل، وإلى أن تتوفر هذه الأمور عليها أن تصبر ولها الأجر.
ابتسمتُ حينها، لكن ليس بسبب خارطة الطريق الجغرافية التي استعرضتها لحل قضايا المرأة، دون حساب للخسارة الاقتصادية التي ستتكبدها الدولة في بناء مجتمعين داخل مجتمع واحد؛
وهذا مقالها الاخر
دعاة.. خمس نجوم
أصبح رمضان (فضائيا ) حاملا للنقيضين؛ إنه موسم النجوم من الدعاة والفنانين؛ فكل يوم تطالعنا بهم إعلانات الفضائيات المتنافسة في الصحف، (لتضغضغ) المشاهدين وخاصة المشاهدات (العاطفيات)، ممن يتابعن هؤلاء حبا وإعجابا، لأنهن مصدر تسويقي رئيس لإعلاناتها، هم يتنقلون كالعصافير ببراءة بين هؤلاء وهؤلاء، ولا يعلمون أن المشاهدة مدفوعة الثمن.
ولأننا عادة ما نعرف من مجلات الفن المبالغ الباهظة التي تُدفع لنجوم الدراما الرمضانية من قبل الفضائيات، دار في ذهني تساؤل حول ما إذا كان النجوم من الدعاة يحصلون أيضا على أرقام مماثلة، وبسبب فضولي الصحفي حاولتُ منذ السنة الماضية ـ بعد أن سطعت البرامج الدينية في الفضاء التلفزيوني ـ معرفة الأرقام التي يتقاضونها، فكانت صعبة المنال؛ لأنها غاية في السرية.
ولأني عنيدة؛ توالت محاولاتي باجتهاد، وذهلتُ عندما عرفتُ عن طريق بعض العاملين في هذا النوع من البرامج أنّ أحدهم يتقاضى عشرة آلاف دولار عن الحلقة الواحدة، وآخر يتقاضى أقل منه بقليل، وهكذا حسب نجوميته الجماهيرية، وصعقتُ عندما أخذتُ الآلة الحاسبة لأضرب أخماسا في أسداس، وتخيلتُ الرصيد البنكي الضخم الذي يتراكم قبل انتهاء شهر رمضان، مقابل استبكاء دموعنا وإلهاب عواطفنا بالآخرة، فيما جيوبنا الدنيوية خاوية، وفقراؤنا جياع، وأطفالنا يرفلون في أحلام ضائعة.
نعم، عشرات الآلاف مقابل ظهور بعضهم على قنوات دون أخرى، وهناك من يقبل بالاحتكار، فلا نراه إلا على قناة بعينها، وإن كانت مخالفة لاتجاهه، وتعرف بسهراتها (الحمراء)، فهي في نظره منبر إعلامي يصل منها إلى شريحة لا تبحث عنه في القنوات الإسلامية، متناسيا أن ظهوره فيها كرت أخضر يُجوَز المرور عليها.
وهناك من تمكنه نجوميته من رفض الاحتكار، فالمشاهد والمشاهدة (العاطفية) سيلحق به، لأنه أحبه في الله، وعظم أجره لما يدعوه إليه، وكما أخبرني أحد الإعلاميين المتخصصين في هذا النوع من البرامج أن أحد النجوم رفض عرض احتكار إحدى القوات الفضائية الذي بلغ مليون دولار وفرض هو شروطه عليها.
فماهوتعليقكم وردودكم ايها الاخوة الكرام على الكلام في الدعاة الافاضل و الداعيات الفاضلات