تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إصلاح الأخطاء الشائعه في اللغه العربيه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    806

    افتراضي إصلاح الأخطاء الشائعه في اللغه العربيه



    للإطلاع على المقالة الأولى من السلسة



    المقالة الثانية : إصلاح الأغلاط الشّائعة في اللّغة العربية (2) (*)


    قال الأستاذ الأديب علي الجارم رحمه الله تعالى :

    أعود إلى الكلام في تصحيح الأغلاط الشّائعة في العربية , و أنا أزداد في كلّ يوم ثقة بأنّ الدعوة إلى هذه الناحية من الإصلاح أخذت تدنو من أفئدة الشبّان و المتعلمين في مصر و بقية الأقطار العربية , و أزعم أنه بعد أن كانت الأذن تنفر في أوقات فراغها من البحوث العلمية و أقاويل الجد , شرعت تصغي إليّ من بعيد علّها تتدارك خطأً فتصلحه , أو غلطاً فتجتنبه , لأني أدعو إلى إصلاح يجب أن يُحِلَّهُ كلّ عربي المحلَّ الأول , و ينزله من ثقافته في المكانة العليا . و دعوني من الشبان المستهترين و الكتاب الإباحيين , فلست هؤلاء أعني و لا إليهم أسوق الحديث , و لعلنا نتقابل بعد قليل حينما ينتعشون من كبوتهم , و يفيقون من غفوتهم , و لقد وصلت إلى رسائل ليست بالقليلة , و علمت في أثناء رحلتي إلى لبنان و سورية و العراق أن صوتي لم يذهب في الهواء , و أن صرختي لم تكن في واد , و أن حميتي للعربية و أهلها عرفت سبيلها إلى القلوب.


    و قد أخذت على نفسي ألا أحكم بخطأ كلمة لها في العربية وجه مقبول , و ألا أتجاوز عن غلط يأباه ذوق العربية و تنبذه نصوصها و تتجافى عنه أصولها , لأني بان لا هدام , و مصلح لا متزمت , و مترخص فيما اتسعت له الرخصة , و حارس بستان إذا ذدت الغربان عن ثماره فلن أذود الصادحات عن أفنانه .

    و التعرض للحكم بأن كلمة غير صحيحة و أن أخرى صحيحة ليس بالأمر السهل , و لا هو على طرف الثمام , و إنما يجب أن يصدر عن نضج في اللغة و الأدب , و تمكن من طرائق العرب في تصريف الأبنية و مناحي استعمال الكلام , ورب كلمة لا تجد لها نصاً في معجمات اللغة و لكنها جاءت في أشعار المتقدمين , و عبارات كبار الكاتبين الذين يحتج بهم لمكانتهم في اللغة , فللجاحظ مثلا كلمات لم نظفر بها في المعجمات و للإمام الشافعي في مؤلفاته ألفاظ لم تقع بأيدي اللّغويين , و هو الذي يقول فيه الأزهري صاحب الحكم : ( وقول الشافعي نفسه حجة , لأنّه عربي فصيح اللهجة , و قد اعترض عليه بعض المتحذلقين فخطأه , و قد عجل و لم يثبت فيما قال , و لا يجوز لحضري أن يعجل إلى إنكار ما لا يعرفه من لغات العرب).

    و قد كنت مرة أقرأ للمتنبي قصيدته البائية في مدح سيف الدولة التي أولها :

    فديناك من ربع و إن زدتنا كرباً *** فإنّك كنت الشرق للشمس و الغربا

    فتلاقيت بهذا البيت :

    و يخشى عباب البحر و هو مكانه *** فكيف بمن يغشى البلاد إذا عبا

    و رأيت أن الشراح جميعاً فسروا عب بمعنى زخر و ارتفع ماؤه , فأحببت أن أرجع إلى المعجمات لدارسة هذا الفعل دراسة كاملة , فلم أجد فيها نصا بهذا المعنى , ففيها : عب فلان الماء يعبه : شربه مرة واحدة , و عب النبت : طال , عب الرجل : إذا حسن وجهه بعد أن أصابه تغير
    و لم أجد بين صفحاتها فعلاً مثل عب البحر إذا زخر و ارتفع ماؤه.


    و لكنني أجد فيها كلمة العباب و أرى أنهم قالوا ف تفسيرها : عباب الماء : أوله و معظمه و ارتفاعه .

    و هنا ينقذني و ينقذ المتنبي على الصرف , فيقول : إن الماء إذا تدفق و ارتفع و سمع له صوت و نثيج , و إن الغالب في الأفعال الدالة على صوت – من غير بابي فرح و كرم – أن يكون مصدرها على فعيل أو فعال , كصهيل و صراخ , و إذا فعباب هذا إنما هو مصدر ل (( عبّ)) بمعنى زخر , و إذا يكون اللغويون قد ذكروا المصدر و أغفلوا الفعل ثم يقول علم الصرف ثانية : أن مضارع عب الماء يجمل أن يكون يعِب بكسر العين , لأنه فعل مضعّف لازم و الغالب في هذا أن يكون من باب ضرب.


    و ربّ كلمة لهج بها المتعلمون بأنها خطأ , و جرت عليها أقلام المعلمين الحمر قاسية غاضبة , لأنهم لم يروها في كتب اللغة ماثلة بنصها و حروفها و اشتقاقها.

    و ذلك ككلمة : عائلة , لماذا ؟ لأنها ليست في المعجمات . يا سادتي إن هذه الكلمة ليست مستحدثة في هذا القرن و لا في القرن الذي قبل , إنها وجدت في شعر لشعراء الدولة الأيوبية , و قد يكون لها ذكر قبل ذلك و لكني لم أعثر عليه , و الدولة الأيوبية نشرتها في سنة سبع و ستين و خمسمائة , إذن مر على هذه الكلمة المسكينة تسعون و سبعمائة عام و هي تدور على الألسنة و تكتب في الشعر , ثم نجيء اليوم و نقول لها اخرجي من وكرك أيتها الدعية اللزيقة فلست منا و لا من لغتنا لأنك لست في معجماتنا ! يا سادتي المعجمات لا تذكر المشتقات و لو استوفت المشتقات جميعاً لعادت حجما كبيراً و عبئاً ثقيلاً.

    تعالوا نبحث في هذه الكلمة من الوجهتين اللغوية و الصرفية , و تمهلوا فإن الحكم على كلمة بالإعدام يشبه قتل النفس البريئة بغير حق.

    العائلة على وزن فاعلة , و هي مشتقة من عال ما في ذلك ريب , فلننظر إذن معاني الفعل : عالَ , فنرى علماء اللغة يقولون : عال الرجل يعول و يعيل إذا افتقر . يكفينا هذا فعائلة بمعنى مفتقرة , و لا شك أن زوج الرجل و صغارة مفتقرون إلى من يقوم عليهم و يمونهم , فعائلة الرجل المفتقرة إليه هي زوجه و أولاده , و هذا هو المعنى الحقيقي الذي يقصده الناس عند التعبير بكلمة العائلة.
    ثم نعود إلى المعجمات ثانية , فنرى عال الرجل أهله يعولهم : كفاهم و مانهم و أنفق عليهم , و العائلة على هذا المعنى فاعلة بمعنى مفعولة , أي : معولة . واستعمال اسم الفاعل في معنى اسم المفعول شائع فصيح . قال الله تعالى : ( فهو في عيشة راضية ) أي : مرضي عنها , ثم إن هنا معنى بليغاً , لأن العائلة و إن كان كاسبها يمونها هي التي في الحقيقة تمونه , لأنها تدفعه إلى الكدّ و العمل و طلب الرزق.

    قال تعال : ( لاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقهم و إياكم ) فقد(1) رزق الأولاد على رزق آبائهم , لأن الآباء بأبنائهم يرزقون .

    جملة القول أن كلمة العائلة صحيحة من ناحية الاشتقاق اللغوي على كلا المعنيين لـ ((عال)).


    و مما يجري هذا المجرى كلمة فنان . نبت بين المتأدبين من يقول : لا تستعملوا كلمة فنان في صاحب الفن كالشاعر و المصور و المغني و الممثل(2) , لأنّ الفنان في اللغة الحمار الوحشي , فرجع الكتّاب و المتعلمون إلى معجماتهم فوجدوا فيها :
    و الفنان في شعر الأعشى حمار الوحش , لأن له فنوناً في العدو , فآمنوا و صدقوا و سخروا من كل من يسمي المصور فناناً . و لو تأمل هؤلاء في عبارة اللغويين لرأوا أمرين حقيقين بالنظر , أولاً أنهم قالوا : الفنان في شعر الأعشى , أي أن الأعشى استعمل هذه الكلمة ليدل بها على الحمار الوحشي , فالفنان إذن ليس اسما موضوعاً للحمار الوحشي يعرفه به كل العرب , على أن هذه الكلمة في الحقيقة في شعر الأعشى وصف لموصوف محذوف , و هذا كثير في لغة العرب فهو يقول :
    و إن يك عربيب من الشّد غالها *** بميعة فنان الأجاري مجذم

    أي بميعة حمار فنان الأجاري .


    و ثانيا : أن اللغويين قالوا : (لأن له فنوناً في العدو) و هذا صريح في أن هذا الوصف إنما أطلق على حمار الوحش لأن له أنواعاً مختلفة من العدو و ما علمناأن الوصف يختص بشيء بعينه , و لا أننا إذا وصفنا فرساً بأنه سباق لا يسوغ لنا أن نصف عالما بأنه سباق في علمه و فضله.
    على أن صيغة فنان من صيغ النسب الجارية على فعّال كـ : لبّان , و زجّاج أي : ذي لين , و ذي زجاج , فمعناها : ذو الفنون , فهي تطلق على كلّ صاحب فن في العدو أو التصوير أو غيرها(3).

    هذه أمثلة قليلة عندنا منها كثير , تدل على أنّ كتب اللغة يجب أن تقرأ بفهم و بصيرة و تمكن في علوم الاشتقاق .
    و هذه إشارات خاطفة للذين يتعجلون فيكتبون في الصحف و المجلات بأن هذه الكلمة خطأ و أن هذه الكلمة صحيحة من غير إلمام و تريث و تدقيق.
    و الله وليّ التوفيق. اهـ جارميات ص(230 / 233 )


    .................يتبع بإذن الله مع المقالة الثالثة.



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    159

    افتراضي رد: إصلاح الأخطاء الشائعه في اللغه العربيه

    بارك الله في علمك.
    تصحيح الآية: (لا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)
    لعلك قصدت: (لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم)
    وفي تقديم الآباء على الأبناء في الآية الأولى ،وتأخيره في الآية الثانية ما يدل بحق إنه معجز من لدن عليم حكيم.
    فعندما كان قتل الأولاد بسبب الإملاق قدّم رزقهم.
    وعندما كان قتل الأولاد خوفًا من الإملاق قدّم رزق آبائهم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •