كيف دخلت النصرانية بلاد العرب؟
كان رأسا من رءوسهم يسمى يحيى، أو فايمنون كما تذكره كتب التاريخ ولكن هو اسمه يحيى، هذا اليحيى كان على الدين الحق والدين الصحيح يعيش في الشام، في موطن دين عيسى u، وهذا من أولي البقية الذين ينهون عن الفساد في الأرض كما ذكر الله تعالى في سورة هود، فدائماً ستجد من أتباع أي دين أولي بقية، وهم الذين ذكرهم النبي r: (لا تزال طائفة من أمتي).
هذا الرأس المؤمن فايمنون أو يحيى من نشأته تتعلم ،فالإنسان من بداية نشأته هي مرسم ومعلم لبقية حياته، ولذلك، ادرس حياة الدعاة من طفولتهم ادرس حياة العلماء من مهدهم ومن منشأهم تعرف ،ما انتهوا إليه، أو لم وصلوا إلى ما وصلوا إليه من المستحيل أبداً أن يكون الإنسان وغداً رعديدا ثم يكون في النهاية رسولاً أو نبيا أو هادياً أو عالماً، صعب جداً، صعب لدرجة هذا إلا إذا كانت حقت عليه الولاية من أصل الكتاب الأول في الكتاب المحفوظ،.
ولكن كان يحيى ابن ملك من ملوك الشام،: لما مات أبوه راودوه عن الحكم ليرث، ميراثك ميراث أبوك، قال: لا، دعوني وشأني، رفض الملك، رفض الشهرة، رفض التسلط على الناس، وأن يكون متحكما عليهم، بل قال دعوني والفلاة، أترك الدنيا إلى الغابات، أعبد الله وحدي، كان منهم هذا الرجل، وهذا الرجل تلمس من ترجمته مدى التزامه بدين عيسى u، بل مدى إقتدائه بشخص عيسى u، وهذا هو التابعي الحق ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، إن لم يكن في النبي الأسوة فمن؟ إن لم يكن في دينه الأسوة فمن؟ إن لم يكن في أخلاقه الأسوة فمن؟ إن لم يكن في طاعته الأسوة فمن؟ إذن لابد أن تكون من أشبه الناس بنبيك خلقًا وعبادة وعقيدة وطاعة لله تعالى.
محاكاة فايمنون لعيسي عليه السلام.
انظر لهذا العبد وهو يحاكي عيسى u تماماً، كأنها صورة ظل لعيسى ابن مريم، صورة ظل له تماماً، كان يعظم الأحد، وهذا اليوم الذي ضلت عنه النصارى، وكذلك لأن في الأيام يوم ضلته الأمم ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: 213]، كان يخرج إلى الفلاة يصلي ويتعبد، يصوم ويصلي ويتعبد ويتحنث، على دين عيسى u، وكان لا يأكل إلا من كسب يده، .
وهذا شأن الدعاة المخلصين الصادقين، لا يأكل إلا من كسب يده،:
هذا الرجل كان يعمل بناء يبني، ويبني اللبن الطين، يبني بالطين، ويحصل أجرة بسيطة يتقوت منها، وإذا جاء عليه الليل يقوم يصف قدمه لله تعالى يصلي حتى الصباح، وكان مجاب الدعوة، وكان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى، نحن قلنا أنه صورة ظل لعيسى u، وما كان يتعمد أن يدعو الإنسان، ولكن إذا رأى مبتلى دعا له وهو يمضي في الطريق، فيبرأ بإذن الله تعالى، .
مسألة في غاية الإتقان وفي غاية السرية، لما أرادوه أن يتولى الحكم رفض،لم يقدم نفسه للشهرة، ولكن هم قدموها له، إرث أبوك، احكم البلد، وليس بعد الحكم شهرة ، أراد الله وحده، إذن هو صادق جاءته الدنيا راغمه، زفوها له فرفضها.
المهم الرجل لا يريد أن يشتهر أبداً، حتى مضى كلما اشتهر في قرية تركها وتفهم من ذلك أنه ليس له دار، بدليل إنه ، إذا اشتهر في مكان تركه، كذلك كان عيسى u، كان يأوي كالطير في أعشاشها تحت الأشجار، إذا جاء المغرب تجده تحت جدار نائم، تحت شجرة، ليس له بيت، مات u ولم يكن له بيت، قالوا له ابني لك بيتاً، قال: «من يبني على الماء داراً ، فليس على الماء قرار» هل يستطيع أحد أن يبني علي الماء؟ فلذلك أتباع عيسى u شابهوه تماماً، إذن الرجل وهو أمام ملك من الملوك طلق الملك ونشأ في العبادة وكان نفعه للناس أفضل من نفعه في الملك، لما اشتهر يخرج إلى قرية أخرى ويبدأ يعمل يكسب لنفسه يتقوت،فالسر في التبرؤ من الحول والقوة واللجوء إلى حول الله وقوته، الذي هو التوكل وصدق اللجوء إلى الله تعالى تأتي الإجابة صحيحة، أعجب شخصاً بهذا الرجل في قرية من القرى اسمه صالح وله من اسمه الشيء الكثير،.
وهذا يبين لك مذاهب طلاب العلم من قديم أنهم في غاية الأدب مع شيوخهم،.
هو يعلم أن هذا الرجل لا يريد أن يعرف أو يشتهر فكان يصاحبه على بعد، أي أن فايميون أو يحيى هذا لا يعرف صالح مطلقاً وكل ما يخرج من بلد ويدخل بلد يخرج معه ويدخل معه، وهو لا يدري هو متابعه، وإذا خرج إلى الصلاة يعني اختفى في الأحراش أو في الأدغال ووقف يصلي بصلاته وهو لا يراه، حتى في يوم كا فايميون يصلي فجاء تنين خرج عليه، والتنين هي الحية ذات السبع رؤوس فطبعاً خاف على شيخه، فصرخ يا فايميون التنين التنين، أول مرة يدل على مكانه ويدل على نفسه في وقت الخطر، الذي حداه لذلك الخطر، فايميون ماالتفت إلى التنين ولا غيره وأخذ في صلاته واسترسل ولا شيء، خرج صالح مسرعاً إليه ويظل يصلي فلما انتهى من صلاته قال من أنت؟ قال اسمي صالح، قال من أين عرفتني ؟أنا تابعتك من قرية كذا إلى قرية كذا وقرية كذا وعلمت أنك لا تريد أن تصاحب أحد أو يراك أحداً، ولكني فزعت لما رأيت هذا التنين، ولكن فايميون دعى عليه وهو في صلاته، وهلك ،لأنه مشغول بالله تعالى احفظ الله يحفظك، كلام نهائي، يا غلام أني أعلمك كلمات ، الله يحفظك، والله تعالى يحفظ بالرجل الصالح نفسه وأولاده وبيته وذريته بل بلده كلها بل القطر بالكامل قد يحفظ لرجل صالح، يحفظ من الزلازل والأوبئة والفساد برجل واحد الله تعالى ينظر إليه بعين رعايته.
فقال له أود أن أصاحبك،قال له أتصبر على حالي،قال له حالنا كما ترى حال على القوت وعلى المعاش، قال أصاحبك على ما تفعل، فمضى معه كثير من القرى كلما اشتهر ومضى وتركوها حتى أخذوا في بعض بلاد العرب يعني أسروا وبيع رقيق، واحد من قبيلة.. العرب أسرتهم فباعوهم وليتهم باعوهم إلى واحد،
فباعوهم أخذ فايميون الرجل من قواد البلد، وراح صالح مع رجل آخر، افترقا فلما أخذ رجل كبير البلد فايميون قال له لي شرط، قال هو العبيد لهم شروط، قال له نعم أنا عبد لله وليس لك، قال لك النهار ولي الليل، لا تأمرني في الليل بأي شيء، في النهار كلفني كما تريد ، قال له كما تحب وأفضل مما تحب، فقال ولا أبيت إلا في بيت وحدي، فمرت عليه ابنته فرأت مصباحا أو نورًا من فتحة الباب، فذهبت إلى أبيها فنظر من ثقب الباب وهو واقف يتلوا الإنجيل ويصلي.
وكانت هذه البلد في نجران القرية وكان عندهم نخلة يعبدونها من دون الله، وكل من عنده شيء يزينها به ليوم الزينة،يعبدونها ،من دون الله، فالمهم الرجل السيد هذا ذهب قال له ماذا تقرأ أسمعك قال أقرأ الإنجيل الذي نزل على عيسى u، قال إنه لكلام جميل ترتيل جميل، قال وما هذا... قال هذا من الله تعالى نور قال أريد أن أدخل في دينك الذي أنت عليه، قال أدخل ولكن أنتم أهل شرك وأهل أوثان، قال له كيف؟ قال تعبدون نخلة من دون الله تعالى، وهذا حرام ، متى قال هذا شرك وهذا كفر متى؟ بعد أن اطمئن له ودخل معه،قال لهم هذه نخلة فيها كفر وشرك، ماذا نفعل؟ قال أنا مستعد أدعو ربي الذي أعبده أن يقطعها لكم، فدعى فايمنون الله سبحانه وتعالى أن يخلص هذه البلد من الشرك فجاءت ريح فجعفتها من أصلها،هذا من المنهج الحركي في العقيدة الإسلامية وفي الشباب بالإسلام، لا يقوم بيده دائماً مرتكبا لموبقات يثير البغض عند الناس، إذن لابد أن تتلطف وتكون دارس لمنهج الإسلام كيف تصل برفق ، إلى هدفك بعد أن يظهر صلاحك ويثق فيك الناس ويستفتونك وتسير أنت لك الدولة ولك الكلام في مكانه هذا حرام .فلابد من القناعة ولكن بعد أن يشتهر حالك بين الناس وأن تكون لك السيادة على المكان، .
بعد أن أقنعهم ورأى صلاحه ورأى النور في بيته وآية من الآيات الظاهرة معجزة من معجزات عيسى، قال والله أنت على إيه قال أنا أقرأ الإنجيل، أرتل هذا الإنجيل الذي نزل على عيسى u، وأنكم أهل شرك وأوثان وأدعو ربي أن يجعفها لكم وفعلاً ذهبت النخلة، ولذلك لما اشتهر قال له تأذن لي ،صار حراً بإعتاق البلدة من الشرك، وهاجر منها لشهرته، ودخل بين نجران المدينة ونجران القرية وهذا محل الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
من الشريط الثاني عشر من السيرة النبوية للشيخ إبراهيم شاهين