تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

  1. #1

    افتراضي بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إذا وقعت مصيبة على مسلم ، يتساءل الناس ، بل حتى من وقعت عليه:

    هل هذا ابتلاء لإيمانه ؟
    أو
    هو عقوبة له على ذنوب قد لا نعلمها ؟


    يتردد هذا كثيرًا في الأذهان عند المصائب .

    وقد رأيتُ كلامًا متعلقًا بهذا التساؤل في رسالة قيّمة - لم تُطبع بعد - للدكتور حسن الحميد - وفقه الله - : عنوانها " سُنن الله في الأمم من خلال آيات القرآن " قال فيها (ص 386-388 ) :

    هل يُعد كل ابتلاء مصيبة جزاء على تقصير؟ وبالتالي فهل كل بلاء ومصيبة عقوبة؟

    وتلك مسألة قد تُشكل على بعض الناس.

    ومنشأ الإشكال فيما أرى: هو الإختلاف في فهم النصوص المتعلقة بهذه المسألة، وكيف يكون الجزاء على الأعمال؟

    فحين يرد التصريح في بعضها بأن كل مصيبة تقع فهي بسبب ما كسبه العبد، كقوله تبارك وتعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) .

    نجد نصوصاً أخر تصرح بأن (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل). كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.

    وبأن البلاء يقع –فيما يقع له- على المؤمنين ليكشف عن معدنهم ويختبر صدقهم (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم).

    فلو كان كل بلاء يقع يكون جزاء على تقصير ؛ لكان القياس أن يكون أشد الناس بلاء الكفرة والمشركين والمنافقين، بدليل الآية السابقة (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم...) !.

    والذي يزول به هذا الإشكال بإذن الله تعالى، هو أن ننظر إلى هذه المسألة من ثلاث جهات:


    الأولى: أن نفرق بين حال المؤمنين وحال الكفار في هذه الدنيا.

    فالمؤمنون لابد لهم من الإبتلاء في هذه الدنيا، لأنهم مؤمنون، قبل أن يكونوا شيئاً آخر، فهذا خاص بهم، وليس الكفار كذلك. (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) .

    الجهة الثانية: أنه لا انفصال بين الجزاء في الدنيا والجزاء في الآخرة.

    فما يقع على المؤمنين من البلاء والمصائب في الدنيا، فهو بما كسبت أيديهم من جهة، وبحسب منازلهم عند الله في الدار الآخرة من جهة ثانية.

    فمنهم من يجزى بكل ما اكتسب من الذنوب في هذه الدنيا، حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه خطيئة.

    وهذا أرفع منـزلة ممن يلقى الله بذنوبه وخطاياه، ولهذا اشتد البلاء على الأنبياء فالصالحين فالأمثل فالأمثل؛ لأنهم أكرم على الله من غيرهم.

    ومن كان دون ذلك فجزاؤه بما كسبت يداه في هذه الدنيا بحسب حاله.

    وليس الكفار كذلك؛ فإنهم (ليس لهم في الآخرة إلا النار) ، فليس هناك أجور تضاعف ولا درجات ترفع، ولا سيئات تُكفّر. ومقتضى الحكمة ألا يدّخر الله لهم في الآخرة عملاً صالحاً، بل ما كان لهم من عمل خير، وما قدّموا من نفع للخلق يجزون ويكافئون به في الدنيا، بأن يخفف عنهم من لأوائها وأمراضها. وبالتالي لا يمن عليهم ولا يبتليهم بهذا النوع من المصائب والابتلاءات.

    فما يصيب المؤمنين ليس قدراً زائداً على ما كسبته أيديهم، بل هو ما كسبوه أو بعضه، عُجل لهم، لما لهم من القدر والمنـزلة عند الله.

    وهذه يوضحها النظر في الجهة الثالثة وهي:

    أن نعلم علم اليقين أن أي عمل نافع تقوم به الجماعة أو الأمة المسلمة، فإنها لابد أن تلقى جزاءها في الدنيا، كما يلقى ذلك غيرها، بل أفضل مما يلقاه غيرها.

    وهذا شيء اقتضته حكمة الله، وجرت به سنته كما سبق بيانه في أكثر من موضع.

    ولهذا صح من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة. يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها).

    والخلاصة:

    أنه لا يكون بلاء ومصيبة إلا بسبب ذنب.

    وأن المؤمنين يجزون بحسناتهم في الدنيا والآخرة، ويُزاد في بلائهم في الدنيا ليكفر الله عنهم من خطاياهم التي يجترحونها، فلا يُعاقبون عليها هناك، وحتى تسلم لهم حسناتهم في الآخرة.

    وأما الكفار فيُجزون بحسناتهم كلها في الدنيا، فيكون ما يستمتعون به في دنياهم – مما يُرى أنه قدر زائد على ما أعْطيه المؤمنون- يكون هذا في مقابلة ما يكون لهم من حسنات. وليس لهم في الآخرة من خلاق.

    والله أعلم

    بحث قيّم جداً مفيد ، وصلني بالبريد جزى الله كاتبه ومرسلته لي خير الجزاء

    المصدر:

    قد نقلته بدوري من منتدى "الراسخون في العلم" و صاحبة الموضوع تكني نفسها بـ الفقيرة إلى عفو ربها.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    168

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    نقل طيب ، قد وفقتم في إختياره
    جزيتم الجنة
    ***لا يصلح آخر هذه الأمة ،إلا بما صلح به أولها***.
    www.nouralhuda.com
    مختص بالتعريف بأهل العلم الأوائل الجزائريين

  3. #3

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    بارك الله فيك أخي يوسف، و لك بالمثل ،،
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    24

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    أبو هارون الجزائري
    جزيت الجنة على الطرح الطيب

  5. #5

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    بارك الله فيك أخي كوكب صافي، و لك بالمثل.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    جزاك الله خيراً على هذا البحث النافع المفيد
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    يبتلي الله المؤمن في الدنيا ويصيبه ... لتكفير السيئات ... ولرفع الدرجات
    لذلك إن قيل: فلم يصاب الأنبياء ... قيل : من حِكَم ذلك رفع الدرجات في الجنة حيث لم تكن لهم سيئات ,,,
    والله تعالى أعلم
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  8. #8

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا الحملاوي مشاهدة المشاركة
    يبتلي الله المؤمن في الدنيا ويصيبه ... لتكفير السيئات ... ولرفع الدرجات
    لذلك إن قيل: فلم يصاب الأنبياء ... قيل : من حِكَم ذلك رفع الدرجات في الجنة حيث لم تكن لهم سيئات ,,,
    والله تعالى أعلم
    ما شاء الله، هذه من اللطائف

    جزاني و إياك أخي رضا ،،
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: بحث قيّم ، المصائب عقاب أم ابتلاء؟

    جميل جدا
    بارك الله فيك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •