المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) .
أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل(1)
بدعة ضلالة .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
(1) هذا هو الثابت المحفوظ عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عند مسلم وغيره كما رواه جمهور أصحاب جعفر بن محمد : عبدالوهاب الثقفي ، وسليمان بن بلال ، ووهيب بن خالد ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبدالعزيز بن محمد ، ويحيى بن سليم وآخرون ، ومقتضى صنيع مسلم أن يكون هو لفظ وكيع عن الثوري عن جعفر به ، حيث أحال على رواية الثقفي وقال : « ثم ساق الحديث بمثل حديث الثقفي » .
لكن رواه أحمد ، وابن أبي عاصم عن وكيع بلفظ : « وكل محدثة بدعة » وجمع بينهما البيهقي .
وخالف جميع هؤلاء : عبدالله بن المبارك ، فرواه عن الثوري عن جعفر به بلفظ : « وشرالأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار» .
وهذه اللفظة تحاشاها الإمام مسلم في «صحيحه» ، وكذلك ابن حبان ، وأوردها ابن خزيمة في «صحيحه» بالتحويل مع رواية أنس بن عياض عن جعفر وقال : « ولفظ أنس بن عياض مخالف لهذا اللفظ » .
وفي الحقيقة أن لفظ جمهور الرواة عن جعفر كذلك في هذه الزيادة وفي السياق نفسه .
وشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وإن صحح لفظ النسائي بالزيادة في «إقامة الدليل على إبطال التحليل» من الفتاوى( 3 / 58 ) كما في خطبة الحاجة للعلامة الألباني ـ رحمه الله ـ ( ص 30 ) ، فقد طعن في ثبوتها عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في «مجموع الفتاوى» (19/191) فقال : « ولم يقل : وكل ضلالة في النار » ، ثم شرع في بيان عدم صحة هذا المعنى .
ولولا أن الله ـ عز وجل ـ قيّض لي أخاً كريماً يسألني عن هذه اللفظة منذ عدة سنوات ، ما تفطنت إلى شذوذها بعد التقصي التام لطرق هذا الحديث ، وإن رُويتْ عن عمر وابن مسعود ـ رضوان الله عليهما ـ .
نقلاً عن العلامة الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف رحمه الله من كتابه أحاديث ومرويات في الميزان.