" التصويت على مسائل الدين في الفضائيات والمنتديات "
http://bawady.maktoobblog.com/
بقلم : أحمد بوادي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
إن محبة الناس للخير ، وعملهم على تحقيقه ، وبذلهم الجهد في إدراكه ، من غير أن يكون على هدى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فساد كبير ، ومنحدر خطير، وسبيل للضلال .
بل إن البعض يرغب بدعوته تلك بمدلولات راقية و أساليب في ظنه أنها سامية ، اعتقادا منه أن دعوته تلك من التضحيات التي لا يتطرق إليها إلا أصحاب النفوس العالية ، فيطرح المسألة ، ويعمل على تزيينها لقبول الناس لها ، وأصلها قائم عن هوى وضلال
ونحن أمام مسألة في الدين مهمة يتسابق إليها المسلمون ويتسارعون لها حبا في نيل ثوابها وما يترتب لهم من أجرها ألا وهي :
مسألة التصويت على بعض مسائل الدين
فاعلم أخي وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى أن مسألة التصويت تعتريها من الأمور ما يخدش فيها من جانب العقيدة والتوحيد
لأن خطورة مسألة التصويت تكمن في أنها
1 _ لا تخضع لأحكام الدين :
قال تعالى :
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }
وقال تعالى :
{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }
فالتصويت يراد منه طلب آراء الرجال والنساء على أمر ما بحجة الحرية وأننا في عصر الديمقراطية ، وليس فيه شيء من أخذ الآراء ومناقشتها وإبداؤها لبيان الحق والإذعان له على أساس من العلم .
وقد يكون الدافع أهواء وشهوات النفوس ، أو الجهل في معرفة الحكم الشرعي فتخير بين أمرين أو أكثر فتصوت لما تراه صوابا دون ضوابط فتنصر الباطل بدون علم .
بل ويدخل في تلك الآراء أهل البدع ، والضلال ، بل واللصوص والزناة وقطاع الطريق وأصحاب الكذب والفجور ، وقد يترتب على ذلك التصويت التشريع كالتصويت على حكم الخمر ، أو تعدد الزوجات ، أو ........
2_ استخفاف بالأحكام الشرعية :
قال تعالى :
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }
وقال تعالى :
{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
إن إخضاع الأحكام الشرعية وخاصة ما كان منها محل إجماع كتحريم الخمر ، وتعدد الزوجات ، وتحريم الربا لآراء الرجال استخفاف وسخرية في أحكام الدين ، فلا يحق لمسلم يعظم شعائر الله أن يقبل على أحكام دينه أن تكون محل قبول ورد من أهل الزندقة ، فيجاريهم في زندقتهم ، حتى وإن حسنت نيته .
بل إن البعض يضع اسم الإسلام بين الأديان للتصويت على ما هو أفضل دين ، وكأنه بهذا الفعل ينصر الدين أو يعتقد أن الناس سيدخلون زرافات إن جاء بأكثر الأصوات وماذا يفعل ذلك المسكين أن كانت نسبة الدين الإسلامي أقل تلك الأصوات فهل سيتركه الناس ليدخلوا في دين النصارى إن كسب أكثر الأصوات ؟؟!!! .
قال تعالى : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَِ رَبِّهِ }
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }
3 _ ازدراء في حق الآخرين
قد يكون التصويت أحيانا لبعض الشخصيات كمن يضع شخصية الرسول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم مع بعض أسماء الكفار وهذا من شأنه الازدراء من قدر الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وانتصار لهؤلاء الكفار بوضعهم في قائمة فيها اسم الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وكما قيل :
وإنه لينقص من قدر السيف ... إن قيل أن السيف أمضى من العصا
فحب الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يفوق كل حب من الخلق حتى كان حبه أوجب على العبد من حب نفسه وأهله و هذا من كمال الإيمان الذي لا يكون إيمان المرء إلا به قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من نفسه وولده وماله "
وقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يا عمر لايكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك”
وقال تعالى : {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوه َا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }
فعلى المسلم أن يعرف منزلة نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وينزلها منزلتها اللائقة به
وإن كان البعض يفعل ذلك ظنا منه أن فيه انتصارا له لكن الأمر غير ذلك لأن إنزال هؤلاء الكفار الفجرة أو غيرهم من أهل الضلال بمنزلته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فتقترن أسماؤهم باسمه غير لائق به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فمنزلته فوق كل منزلة من منازل الخلق " صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " فعلى المسلم أن يتفطن لذلك فلا ينغر بفعل أهل الباطل .
4 _ التصويت من التشبه بالنصارى واليهود :
لقد انخدع البعض بهم واتخذ من هذا الفعل عادة يتبعها في كثير من أفكاره ومعتقداته
وكلما لاح له عمل أو قول شيء جعل الناس يصوتون له في ظنه أن هذا يضفي على عمله شيئا جميلا
وقد نهينا عن ذلك قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر ، وذراعًا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه "
والبعض قد يلجأ إلى أساليب المكر والخديعة في إقناع
الناس بباطله ليصوتوا لرأيه
5 ـ تصويتك يستلزم عليك قبول النتيجة :
فتصويتك بتلك القائمة يفرض عليك قبول نتائجها ، أو على الأقل الخضوع والالتزام بما يترتب عليك من نتائج غير شرعية فقد رضيت بداية بحكم غير حكم الله ونهاية لزم عليك الامتثال انطلاقا من ثوابتهم التي قبلت الإحتكام إليها
6 _ نصرة الدين لا تكون بالتصويت :
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }
فنصرة الدين قائمة على الكتاب والسنة ، والعمل بما يقتضيه الدين من أحكام والوقوف عند شرائعه
والعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونشر الدين وأحكامه وبفهم سلف الأمة
أما نصر الدين بالتصويت !!! فهذا لا يغني ولا يسمن من جوع .
7 ـ التصويت يدخل فيه الكذب والتزوير :
فالكثير قد يتبع اساليب المكر والخديعة في رفع أعداد المصوتين لنصر باطله
والعمل على تحقيق أهدافه
وعمل كهذا قائم على الكذب والبهتان لا يجوز للمسلم أن يستدرج فيه فعليك الحذر