تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

  1. #1

    افتراضي هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هل صفات الله جل وعلا كلها قديمة النوع حادثة الآحاد؟ هل يشمل هذا أفعال الله (الاستواء على العرش كمثال)؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    أخي السلفي لا تستعمل كلمة القديم في حق الله عز وجل ولك ما أخبر به الله ورسوله ففيه الغنية والكفاية وإني والله لأعجب من هذه التخمة من التفريعات النظرية والتشريح للذات الإلهية على مستوى المعرفة والإثبات وأتسائل عن الذين تكلفوا هذه المضائق مافعلت هذه التفريعات في قلوبهم وأين إجلال الرب تبارك وتعالى وعظمته في القلوب وإستواءه على عرشه فعل فعله الله وقت ما أراد وهو إستقراره على عرشه وكل ذلك يرجع إلى قدرته على كل شئ أفلا يكفي هذا ويكثر المؤمن من العمل الصالح و لزوم القصد حتى لا يقول على الله ما لا يعلم

  3. #3

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    بارك الله فيك أخي في الله ووفقني وإياك لنيل (المطالب العالية)، وبلوغ (نهاية العقول)[ابتسامة] -ربما فهمت الإشارة!- والإقدام والتعظيم والتنزيه في هذا الباب الجليل.
    -أما قولك أخي الباجي (لا تستعمل كلمة القديم في حق الله عز وجل)، فلا أرى وجه المنع، وجل طلبة العلم، إن لم أقل كلهم يعرفون ما المقصود بهذا الاصطلاح في مثل هذا السياق، وإن كنت أوافقك على أن الأكمل في التعظيم والإجلال لله تعالى هو ما ذكرت أنت، لكن طبيعة المسألة التي سألت عنها اقتضت ذلك، والله أعلم.
    -وأما قولك: (وإني والله لأعجب من هذه التخمة من التفريعات النظرية والتشريح للذات الإلهية على مستوى المعرفة والإثبات) فهذه المسألة أصلها قيام الصفات والأفعال الاختيارية بالله جل جلاله، ويقول شيخ الإسلام عن هذا الأصل: "وكلام السلف والأئمة، ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير، يوجد في كتب التفسير والأصول..." (درء التعارض 2/20). يريد مسألة قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى.
    أما أن تقول عنها: تفريعات نظرية. فوالله ليست كذلك، بل هي مفترق الطريق بين المثبتة للصفات والمعطلة، وهي التي يسميها الأشاعرة والمعتزلة حلول الحوادث، وهي أساس مذهبهم جميعا على اختلاف في تفصيلاتها، وهي التي من أجلها امتحن الإمام أحمد فثبته الله وقال مقولته المشهورة التي يكثر شيخ الإسلام ابن تيمية نقلها: "إن الله لم يزل يتكلم إذا شاء وبما شاء" ومن عرف بطلانها استبان له قوة مذهب السلف واتضح، وازداد يقينا وبصيرة أنه الحق. والله أعلم
    أما عن سؤالي، فيعلم الله أني ما أردت إلا الاستفسار عن إشكال وقع لي لا غير! بصرنا الله بالهدى ورزقنا حسن الاتباع.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    496

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أمامة السلفي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هل صفات الله جل وعلا كلها قديمة النوع حادثة الآحاد؟ هل يشمل هذا أفعال الله (الاستواء على العرش كمثال)؟
    يعني حضرتك تقصد ان الله تعالى يصير محلا للحوادث؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟هل فهمي لكلامك صحيح؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    الدولة
    مصر.المنصورة.بنى عبيد.ميت فارس
    المشاركات
    17

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محرز الباجي مشاهدة المشاركة
    أخي السلفي لا تستعمل كلمة القديم في حق الله عز وجل
    فما تقول فى قول الحبيب
    أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم

  6. #6

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    أخي في الله صادق صادق صادق، هذا لفظ مجمل قد يراد به حق، وقد يراد به باطل. فإن كان قيام الأفعال الاختيارية يسميه المعطلة حلول حوادث بذات الله، فما الذي يمنع منه؟!، وإن أرادوا نفي حلول المخلوقات بذات الله تعالى فهذا لا يكابر فيه إلا ملاحدة الصوفية (ابن عربي، ابن سبعين، ابن الفارض..) وأنا شخصيا لم أقصد ذلك.
    بكل بساطة: هل جميع صفات الله قديمة من حيث قيامها بذاته المقدسة تبارك وتعالى بما فيها من أفعال كالاستواء على العرش الذي لم يحدث إلا بعد خلق العرش، بل بعد خلق السموات والأرض، والمجيء لفصل القضاء بين العباد يوم القيامة، والأفعال المتعلقة بالأسباب، كالرضا والغضب، فلم يرض أو يغضب جل جلاله إلا عند وجود سبب ذلك (المقتضي) ولم يغفر الذنوب إلا عند عند وجود المذنبين والتائبين، وهكذا...؟؟
    -أما ما ذكره أخونا النووي الصغير فهو فعلا إشكال عندي لم أجد له جوابا!! فمن من رواد هذا المنتدى يتحفنا؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    496

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    لقد اوضحت مرادك بما فيه الكفاية ، وهذه المسألة من الامور المشكلة عندي حتى الان والله الهادي

  8. #8

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    مسألة حلول الحوادث بذات الله تعالى ليس مجملا, وإنما نقول أن هذه القاعدة لو طبقت في حقه عزوجل لاستعملت قياس الشمول في حقه عزوجل وهو فاسد ,وإنما نقول أن أفعال الله ليست حوادث لأنها متعلقة بمشيئته فهو يحدثها كما شاء في زمن شاء ,أقول هو يحدثها بنفسه ,ولو خلصنا الى نتيجة امتناع الحوادث بذاته تعالى فهذه نتيجة خاطئة وان كانت مقدمتها صحيحة.
    لأن الحوادث متعلقة بالأجسام يحدثها الله في المخلوقات فلا يمكن حمل هذا على ذاته المقدسة.
    هذا لمن قدر الله حق قدره .
    أخوكم في الله أبو العباس السلفي الوهراني

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أمامة السلفي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هل صفات الله جل وعلا كلها قديمة النوع حادثة الآحاد؟ هل يشمل هذا أفعال الله (الاستواء على العرش كمثال)؟
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    أشارك من باب المناقشة للاستفادة ؛ فلست أهلا للإجابة .

    قولكم أحسن الله إليكم :

    هل صفات الله جل وعلا كلها قديمة النوع حادثة الآحاد؟


    أليست صفات الله عزو وجل :
    - إما صفات ذاتية ( لازمة ) وهي التي لا مفعولات
    ولا آحاد لها مثل : الحياة

    - أو صفات فعلية ( متعدية ) وهي التي لها مفعولات
    ولها آحاد - إن صح التعبير - مثل :الخلق والرزق

    فهل تعميم القول في السؤال بكلمة كلها صحيح ؟


    * وأما قولكم أحسن الله إليكم :

    هل يشمل هذا أفعال الله (الاستواء على العرش كمثال)؟



    * فحضرني قول بعض أهل العلم أن استواء الله على العرش له دلالتان :
    - دلالة العلو وهذه أزلية
    - و الدلالة الأخرى وهي الاستواء على العرش
    فهي من صفات أفعاله

    هذا والله تعالى أعلى وأعلم .

  10. #10

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    بارك الله فيك أخي، لكن بين لي وفقك الله كيف يلزم من أثبت حلول الحوادث بذات الله تعالى (وأطلق الإثبات الكرامية والهشامية والسالمية) أن يستعمل قياس الشمول في حقه تعالى؟؟ فلم أفهم مرادك.
    إن كنت أخانا الكريم لا تسميها حوادث، فهم يسمونها حوادث فيبتدعون لفظا في حق الله جل وعلا يحكمون باسحالة وصف الله به ووجوب نفيه عنه جل وعلا مع أن لم يرد به نفي ولا إثبات، فمقام كهذا يقتضي الاستفسار عن المراد، وهو المراد بقولي هو مجمل، إذ لا أظن أنك تخالف في أنه يحتمل معانٍ عدة، شأنه شأن الجسم والحيز والجهة والمكان؛ فهذه ألفاظ ليست باطلة في نفسها، لكن قد يراد بها ما هو باطل. صوبني إن كنت مخطئا.
    قال شيخ الإسلام في القاعدة الثانية من التدمرية: "وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا، فليس على أحد ولا له أن يوافق أحدا على إثبات لفظ أو نفيه حتى يعرف مراده، فإن أراد حقا قبل، وإن أراد باطلا رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والحيز وغير ذلك." اهـ
    قلت أحسن الله عاقبتي وعاقبتك: "ولو خلصنا الى نتيجة امتناع الحوادث بذاته تعالى فهذه نتيجة خاطئة وان كانت مقدمتها صحيحة.
    لأن الحوادث متعلقة بالأجسام يحدثها الله في المخلوقات فلا يمكن حمل هذا على ذاته المقدسة"
    ما الي تعنيه بقولك أن النتيجة خاطئة والمقدمة صحيحة، وهل تعتقد أن الحوادث لا تقوم فعلا إلا بالأجسام؟؟

  11. #11

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    جزى الله خيرا الأخت أم هانئ.
    إنما سؤالي أصلا متعلق بالصفات الاختيارية، وإن كنت أخطأت في الإطلاق، فبارك الله فيك على التنبيه.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    النووي الصغير صحة الدليل +صحة الإستدلال يساوي برهان ونتيجة صادقة وهذا كله يساوي تعقيب في محله

  13. #13

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    أقل الأحوال أن الحديث الذي ذكره النووي الصغير لا يمكن أن ننزل معناه على ما هو مصطلح عليه بين أهل الكلام، ولا يخفاكم إن شاء الله أن هذا من موارد الضلال، أعني تنزيل المصطلحات الشرعية على المعاني المحدثة الاصطلاحية!! والله أعلم.

  14. #14

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أمامة السلفي مشاهدة المشاركة
    جزى الله خيرا الأخت أم هانئ.
    إنما سؤالي أصلا متعلق بالصفات الاختيارية، وإن كنت أخطأت في الإطلاق، فبارك الله فيك على التنبيه.
    لعلك تجد فيه بغيتك أخي الكريم
    المطلب الثاني
    الــصــفــات الاخــتــيــاري ــة
    يراد بالصفات الاختيارية: الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته.
    مثل الكلام والسمع والبصر والإرادة والمحبة والرضى والرحمة والغضب والسخط والخلق والإحسان والعدل والاستواء وغيرها (67) .
    وكل ما وجد وكان من أفعال الله بعد عدمه فإنما يكون بمشيئته وقدرته، وهو - سبحانه - ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاءه وجب كونه، وهو يجب بمشيئة الرب وقدرته، وما لم يشأه امتنع كونه مع قدرته عليه، كما قال تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة: 13] وقال سبحانه:{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [البقرة: 253] ، وقال عزّ وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112]
    ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله:
    (كون الشيء واجب الوقوع لكونه قد سبق به القضاء، وعلم أنه لا بد من كونه لا يمتنع أن يكون واقعاً بمشيئته وقدرته وإرادته - وإن كانت من لوازم ذاته كحياته وعلمه - فإن إرادته للمستقبلات هي مسبوقة بإرادته للماضي: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يس: 82] ، وهو إنما أراد هذا الثاني بعد أن أراد قبله ما يقتضي إرادته، فكان حصول الإرادة اللاحقة بالإرادة السابقة) (68).
    والفعل من الله قسمان: متعدٍ ولازم، فالمتعدي مثل: الخلق والإعطاء، واللازم مثل: الاستواء والنزول، ويُمثل لهما بقول الحق تبارك وتعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [الحديد: 4] ، فذكر فعلين متعدٍ ولازم، فالخلق متعدي، والاستواء لازم، وكلاهما حاصل بقدرته ومشيئته وهو متصف به.
    والفعل المتعدي مستلزم للفعل اللازم؛ لأن الفعل لا بد له من فاعل، سواء كان متعدياً إلى مفعول أو لم يكن، والفاعل لا بد له من فعل، سواء كان فعله مقتصراً عليه أو متعدياً إلى غيره، والفعل المتعدي إلى غيره لا يتعدى حتى يقوم بفاعله.
    ويذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن ذلك معلوم بالسمع والعقل:
    أما السمع: فإن أهل اللغة العربية التي نزل بها القرآن متفقون على أن الإنسان إذا قال: (قام فلان وقعد)، وقال: (أكل فلان الطعام وشرب الشراب)، فإنه لا بد أن يكون في الفعل المتعدي إلى المفعول ما في الفعل اللازم وزيادة، إذ كلتا الجملتين فعلية، وكلاهما فيه فعل وفاعل، والثانية امتازت بزيادة المفعول.
    وأما من جهة العقل : فمن جوز أن يقوم بذات الله تعالى فعل لازم له كالمجيء والاستواء ونحو ذلك، لم يمكنه أن يمنع قيام فعل يتعلق بالمخلوق كالخلق والبعث والإماتة والإحياء، كما أن من جَوّز أن تقوم به صفة لا تتعلق بالغير كالحياة لم يمكنه أن يمنع قيام الصفات المتعلقة بالغير كالعلم والقدرة والسمع والبصر.
    ولهذا لم يقل أحد من العقلاء بإثبات أحد الضربين دون الآخر، بل قد يثبت الأفعال المتعدية القائمة به كالتخليق من ينازع في الأفعال اللازمة كالمجيء والإتيان، وأما العكس فلا يعلم له قائل (69).
    وقد تنوعت وكثرت الأدلة المثبتة للأفعال الاختيارية من الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة حتى لا تكاد تحصى كثرة:
    أما الأدلة من القرآن الكريم فتبلغ المئين ومنها على سبيل المثال:
    قول الله عزّ وجل: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة: 186] .
    وقال سبحانه: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } [المجادلة: 1] .
    وقال عزّ وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [البقرة: 174] .
    وقال: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 47] .
    وقال - سبحانه -: { )إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
    وقال عزّ وجل: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ } [آل عمران: 77] .
    وقال: { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 3] .
    وقال: { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى* إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى* إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } [طه: 11 - 14] .
    وقال - سبحانه -: { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم } [الأنبياء: 83، 84] .
    وقال: { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } [الأنبياء: 89، 90] .
    وقد ذكر عزّ وجل عن النداء قوله: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62] .
    وذكر عن الحكم والإرادة والمحبة قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1] .
    وقال: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء: 16] .
    وقال سبحانه: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 31] وقال: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ} [البقرة: 222] .
    وقال عن السخط والرضى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 28] .
    وقال عزّ وجل: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14] .
    وقال: { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا } [النازعات: 27 - 32] .
    والآيات في هذا كثيرة جدّاً تفوق الحصر(70) .
    أما الأحاديث فمنها:
    قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حَمِدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم: قال: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي»(71) .
    وفي الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: يقتل هذا فيلج الجنة، ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام، ثم يجاهد في سبيل الله فيستشهد»(72) .
    وقال عليه الصلاة والسلام: «الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء»(73) .
    وفي الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان قاعداً في أصحابه إذ جاء ثلاثة نفر، فأما رجل فوجد فرجة في الحلقة فجلس، وأما رجل فجلس، يعني خلفهم، وأما رجل فانطلق.
    فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟
    أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله .
    وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه .
    وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه»(74) .
    وفي الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه - تبارك وتعالى -: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي(75) عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت، وأكره مساءته ولا بد له منه»(76).
    وعن عبادة بن الصامت(77) رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقالت عائشة: إنا لنكره الموت؟ قال: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت يُبَشّر برضوان الله وكرامته، وإذا بشر بذلك أحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه
    وإن الكافر إذا حضره الموت بُشر بعذاب الله وسخطه فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه»(78)
    وعن أبي سعيد الخدري (ت - 74هـ) رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك.. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً»(79) .
    وفي الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأما معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن اقترب إليَّ شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إليَّ ذراعاً اقتربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»(80) .
    وعن أبي هريرة (ت - 57هـ) رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن عبداً أصاب ذنباً فقال: رب أصبت ذنباً فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: أي رب، أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي»(81) .
    وعن أبي هريرة (ت - 57هـ) رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يقول الله يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، فيقول: يا رب كيف أعودك، وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده .
    ويقول: يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني فيقول: أي رب، وكيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ فيقول تبارك وتعالى: أما علمت أن عبدي فلاناً استسقاك فلم تسقه؟ أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟
    قال: ويقول: يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، فيقول: أي رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلاناً استطعمك فلم تطعمه؟ أما إنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي»(82) .
    وعن أبي هريرة (ت - 57هـ) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله ينادون: هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال: فيقول: وكيف لو رأوني. قال: فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً. قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها. قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها. قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها. قال يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم»(83) .
    والأحاديث كثيرة في هذا الباب يصعب إحصاؤها واستقصاؤها (84).
    وأما المنقول من أقوال سلف الأمة الموافق للكتاب والسنة فكثير جدّاً:
    فمنهم البخاري(85) رحمه الله فقد ذكر عن الفضيل بن عياض(86) رحمه الله قوله: (إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء) (87) .
    وقال عبد الرحمن بن مهدي(88) رحمه الله: «من زعم أن الله لم يكلم موسى فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل)(89) .
    وروى البخاري (ت - 256هـ) حديث عبد الله بن أنيس(90) رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله يحشر العباد يوم القيامة، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب «أنا الملك وأنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحدٌ من أهل النار يطلبه مظلمة»»(91) .
    وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يحب أن يكون الرجل خفيض الصوت، ويكره أن يكون رفيع الصوت، وأن الله عزّ وجل ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فليس هذا لغير الله.
    قال البخاري (ت - 256هـ) رحمه الله: (وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصواتب الخلق؛ لأن صوت الله - جل ذكره - يسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا، وقال عزّ وجل: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 22] فليس لصفة الله ند، ولا مثل، ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين)(92) .
    ومنهم الدارمي (ت - 280هـ) رحمه الله حيث رد على المريسي (ت - 218هـ) إنكاره نزول الباري عزّ وجل وتأويله النزول بنزول أمره ورحمته لا بنفسه بقوله: «وهذا من حجج النساء والصبيان، ومن ليس عنده بيان، ولا لمذهبه برهان؛ لأن أمر الله ورحمته ينزل في كل ساعة ووقت وأوان، فما بال النبي صلّى الله عليه وسلّم يحدد لنزوله الليل دون النهار، ويؤقت من الليل شطره أو الأسحار؟. فبرحمته وأمره يدعو العباد إلى الاستغفار، أو يقدر الأمر والرحمة أن يتكلما دونه فيقولا: هل من داع فأجيب؟ هل من مستغفر فأغفر؟ هل من سائل فأعطي؟... وما بال رحمته وأمره ينزلان من عنده شطر الليل، ثم لا يمكثان إلا إلى طلوع الفجر ثم يرفعان؟...» (93).
    وقال رحمه الله: (الله المتكلم أولاً وآخراً، لم يزل له الكلام، إذ لا متكلم غيره ولا يزال له الكلام، إذ لا يبقى متكلم غيره، فيقول: { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16] . - ثم ذكر آيات إلى أن قال: - وقال لقوم موسى حين اتخذوا العجل فقال: { أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً} [طه: 89] . وقال: { عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [الأعراف: 148] .
    قال أبو سعيد: ففي كل ما ذكرناه تحقيق كلام الله وتثبيته نصاً بلا تأويل، ففيما عاب الله به العجل في عجزه عن القول والكلام بيانٌ بين أن الله غير عاجز عنه، وأنه متكلم، وقائل؛ لأنه لم يكن يعيب العجل بشيء وهو موجود فيه) (94) .
    ومنهم الآجري (ت - 360هـ) رحمه الله حيث ذكر حديث أبي موسى الأشعري(95) رضي الله عنه قال: (قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأربع قال: إن الله عزّ وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يرفع القسط ويخفضه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - أو النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره)(96) .
    وقال رحمه الله عن النزول: (الأخبار قد صحت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الله عزّ وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، والذين نقلوا إلينا هذه الأخبار هم الذين نقلوا إلينا الأحكام من الحلال والحرام، وعلم الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وكما قبل العلماء منهم ذلك كذلك قبلوا منهم هذه السنن، وقالوا: من ردها فهو ضال خبيث، يَحذَرونه، ويحذرون منه)(97).
    ومنهم: الإمام الإسماعيلي (ت - 371هـ) حيث قال في عقيدته: (ويعتقدون أن الله.. مالك خلقه وأنشأهم لا عن حاجة إلى ما خلق، ولا لمعنى دعاه إلى أن خلقهم، لكنه فعال لما يشاء، ويحكم ما يريد، لا يسأل عما يفعل، والخلق مسؤولون عما يفعلون)(98) .
    وقال رحمه الله: (ويقولون ما يقوله المسلمون بأسرهم: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لا يكون، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } [الإنسان: 30]
    ويقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق... وإنه لا خالق على الحقيقة إلا الله عزّ وجل... وإنه عزّ وجل ينزل إلى السماء على ما صح به الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلا اعتقاد كيف فيه) (99).
    ومنهم ابن أبي زمنين (ت - 399هـ) رحمه الله حيث قال: (ومن قول أهل السنة: أن الله عزّ وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وفي قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } [الحديد: 4] ) (100).
    وقال: (ومن قول أهل السنة: أن الله عزّ وجل ينزل إلى السماء الدنيا، ويؤمنون بذلك)(101) .
    ومنهم الإمام الصابوني (449هـ) حيث قال في عقيدته: (ويعتقد أصحاب الحديث أن الله - سبحانه - فوق سبع سماواته، على عرشه مستو، كما نطق به كتابه في قوله عزّ وجل في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] وقوله في سورة يونس: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } [يونس: 3] )(102) .
    وقال رحمه الله: (ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل، ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وينتهون فيه إليه) (103).
    وبعد: فهذه جملة مختصرة من أقوال سلف الأمة في بيان المعتقد الحق في أفعال الله وصفاته التي تكون بمشيئته وقدرته، وأقوالهم - رحمهم الله - تفوق الحصر في بيان هذا المعتقد عرضاً له، ورداً على مخالفيه من الجهمية ومن وافقهم (104). وقد كان الناس على قول واحد في صفات الله وأفعاله الاختيارية وهو الإيمان بها، وأنها متعلقة بمشيئة الله وقدرته، وأن الله متصف بها وهي قائمة بذاته سبحانه وتعالى.
    حتى جاءت الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم فنفوا الصفات الاختيارية عن الله نفياً مطلقاً فلا يقوم بالرب - عندهم - شيء من الأمور الاختيارية، فلا يرضى على أحد بعد أن لم يكن راضياً عنه، ولا يغضب عليه بعد أن لم يكن غضبان، ولا يفرح بالتوبة بعد التوبة؛ ولا يتكلم بمشيئته وقدرته، وأن الكلام قائم بذاته. ويجعلون هذه الأمور الاختيارية مخلوقاً منفصلاً عن الله - تعالى -.
    وكان الناس بعد ظهور الجهمية والمعتزلة فريقين حتى ظهرت الكلابية ومن وافقهم كأبي الحسن الأشعري(105) وأبي العباس القلانسي(106) ، ومن وافقهم من السالمية(107) وغيرهم، فأثبتوا بعض الصفات لكنهم لم يثبتوا الصفات الاختيارية التي تكون بمشيئة الله وقدرته، فالصفات التي أثبتوها هي قديمة بأعيانها لازمة لذات الله كالعلم والقدرة، وأما ما يكون بمشيئته وقدرته فلا يكون إلا مخلوقاً منفصلاً عنه، فلا تقوم الصفات الاختيارية - عندهم - بذات الرب - جل وعلا (108)- .
    ومنشأ الخلاف بين الكلابية ومن وافقهم وبين أهل السنة: في مسألة الخلق: هل هو المخلوق أم غيره؟ والفعل هل هو المفعول أم غيره؟
    وقد ذكر الإمام البخاري (ت - 256هـ) رحمه الله وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن نزاع الناس في أفعال الله اللازمة كالمجيء والإتيان والاستواء، والأفعال المتعدية كالخلق والإحسان والعدل ناشئ عن النزاع في هذه المسألة(109) .
    فالمأثور عن السلف أن الخلق غير المخلوق، وأن الفعل غير المفعول، فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث، لقوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام:73] فالسماوات والأرض مفعول، وكل شيء سوى الله بقضائه فهو مفعول، فتخليق السماوات فعله؛ لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته حيث يقول: {كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] .
    والفعل صفة، والمفعول غيره، ويدل على هذا قول الله - تبارك وتعالى - {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} [الكهف: 51] ، ولم يرد بخلق السماوات نفسها، وقد ميز فعل السماوات عن السماوات، وكذلك فعل جملة الخلق.
    قال البخاري (ت - 256هـ) رحمه الله: (قال أهل العلم: التخليق فعل الله، وأفاعيلنا مخلوقة لقوله - تعالى -: { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } [الملك: 13، 14] يعني السر والجهر من القول، ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق)(109).
    وقد استدل السلف على هذا بكلام الله عزّ وجل وأنه غير مخلوق، حيث استعاذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بكلمات الله، ولا يستعاذ بالمخلوق كما ذكر ذلك نعيم بن حماد (ت - 228هـ) رضي الله عنه وغيره(110) .
    وأما دليل السلف العقلي على أن الخلق غير المخلوق فقد ذكره ابن تيمية رحمه الله بقوله: (إن كل ما سوى الله تعالى مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن، وأن الله انفرد بالقدم والأزلية، وقد قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } [الفرقان: 59] . فهو حين خلق السماوات ابتداءً: إما أن يحصل منه فعل يكون هو خلقاً للسماوات والأرض، وإما أن لا يحصل منه فعل، بل وجدت المخلوقات بلا فعل، ومعلوم أنه إذا كان الخالق قبل خلقها ومع خلقها سواء، وبعده سواء، لم يجز تخصيص خلقها بوقت دون وقت بلا سبب يوجب التخصيص) (111).
    وأما القول الثاني: وهو أن الخلق هو نفس المخلوق، والفعل هو المفعول، وليس لله عند هؤلاء صنع ولا فعل ولا خلق ولا إبداع إلا المخلوقات نفسها.
    وشبهتهم هي قولهم: (لو كان خلق المخلوقات بخلق: لكان ذلك الخلق: إما قديماً، وإما حادثاً، فإن كان قديماً: لزم قدم كل مخلوق، وهذا مكابرة.
    وإن كان حادثاً: فإن قام بالرب لزم قيام الحوادث به.
    وإن لم يقم به كان الخلق قائماً بغير الخالق وهذا ممتنع.
    وسواء قام به أو لم يقم به يفتقر ذلك الخلق إلى خلق آخر، ويلزم التسلسل)(112) .
    وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بجواب السلف والجمهور عن كل مقدمة من مقدمات هذا الدليل:
    فالمقدمة الأولى: قولهم: (بلزوم قدم كل مخلوق) بأن من يوافقونه على قدم الإرادة مع تأخر المراد يلزمونهم بأن الخلق قديم أزلي، وإن كان المخلوق متأخراً، ومهما قالوه في الإرادة ألزموا بنظيره في الخلق، وهذا جواب إلزامي لا حيلة لهم فيه ألزمهم به الحنفية والكرامية وكثير من الحنبلية، والشافعية، والمالكية، والصوفية، وأهل الحديث.
    وأما المقدمة الثانية: وهي قولهم: لو كان حادثاً قائماً بالرب لزم قيام الحوادث به وهو ممتنع: فقد منعهم ذلك السلف وأئمة أهل الحديث وغيرهم وقالوا: لا نسلم انتفاء اللازم، وقالوا: بأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وأن كلماته لا نهاية لها، وأن الله لم يزل فعالاً. وهذه المسألة: - أي امتناع دوام الحوادث من عدمه - من الأصول الكبار الفارقة بين أهل السنة ومخالفيهم في صفات الله وفي خلقه.
    وأما المقدمة الثالثة: وهي: إن لم يقم الخلق بالله كان الخلق قائماً بغير الخالق وهذا محال، وهذه المقدمة صحيحة، ولم يمنعهم ويخالفهم إلا بعض المتكلمين من المعتزلة وغيرهم. فمنهم من يقول: الخلق يقوم بالمخلوق، ومنهم من يقول: خلق وفعل بإرادة لا في مكان ومحل(113) . وهذا القول ممتنع لا يعرف عن أحد من السلف.
    وأما المقدمة الرابعة: وهي قولهم: الخلق الحادث يفتقر إلى خلق آخر: فقد منعهم من ذلك عامة الناس ممن يقول بحدوث الخلق من أهل الحديث والسلف وأهل الكلام والفلسفة والفقه والتصوف وغيرهم.
    وقالوا: إذا خلق السماوات والأرض بخلق لم يلزم أن يحتاج ذلك الخلق إلى خلق آخر، ولكن ذلك الخلق يحصل بقدرته ومشيئته، وإن كان ذلك الخلق حادثاً. ثم إنهم يسلمون أن المخلوقات محدثة منفصلة بدون حدوث (خلق)، فإذا جاز هذا في الحادث المنفصل عن المحدِث، فلأن يجوز حدوث الحادث المتصل به بدون (خلق) بطريق الأولى والأحرى.
    وأما المقدمة الخامسة: وهي قولهم: إن ذلك يفضي إلى التسلسل، فيجاب عنهم بأن التسلسل هنا هو التسلسل في الآثار، وهذا قد اتفق السلف على جوازه، والبرهان إنما دل على امتناع التسلسل في المؤثرين، فإن هذا يعلم فساده بصريح المعقول، وهو مما اتفق العقلاء على امتناعه(114).
    وصلة مسألة الخلق هل هو المخلوق أم غيره؟ بالصفات الاختيارية هي في بدء خلق السماوات والأرض حين خلقها الله عزّ وجل ولم تكن قبل ذلك، وقد تجددت له صفة الخلق وهي ما يسميه المتكلمون (حلول الحوادث بالرب)، فيقولون: إن الصفة (الخلق) هي مخلوق منفصل عن الله عزّ وجل لا يقوم بذات الرب، فالخلق هو المخلوق، والصفة مخلوقة، وقال بعضهم: إن الصفة قديمة بأعيانها لازمة لذات الرب كما تقدم بيانه(115).
    ومن منشأ الخلاف - أيضاً - بين أهل السنة ومخالفيهم في الصفات والأفعال الاختيارية: مسألة المضافات إلى الله سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة والتفريق بينها، وأنها ثلاثة أقسام:
    القسم الأول: إضافة الصفة إلى الموصوف فهي: إما إضافة اسمية، كقوله - تعالى -: { وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] ، وقوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] .
    وإما بصيغة الفعل كقوله تعالى: { )عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ } [البقرة: 187] ، وقوله: { عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا} [المزمل: 20] .
    القسم الثاني: إضافة المخلوقات والأعيان: كقوله تعالى: { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ } [الحج: 26] ، وقوله - تعالى -: { نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا } [الشمس: 13] ، وقال تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } [الإنسان: 6] .
    وهذه الأعيان إذا أضيفت إلى الله - تعالى - فإما أن تضاف بالجهة العامة التي يشترك فيها المخلوق مثل كونها مخلوقة ومملوكة له ومقدرة، ونحو ذلك، فهذه إضافة عامة مشتركة كقوله: { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان: 11] .
    وقد تضاف الأعيان لمعنى يختص بها ليميز به المضاف عن غيره مثل: بيت الله، ناقة الله، عبد الله، روح الله، فمن المعلوم اختصاص ناقة صالح بما تميزت به عن سائر النياق، وكذلك اختصاص الكعبة وهكذا، فإن المخلوقات اشتركت في كونها مخلوقة مملوكة مربوبة لله يجري عليها حكمه وقضاؤه وقدره، وهذه الإضافة لا اختصاص فيها، ولا فضيلة للمضاف على غيره.
    وامتاز بعضها بأن الله يحبه ويرضاه ويصطفيه ويقربه إليه، فهذه الإضافة يختص بها بعض المخلوقات كإضافة البيت، والناقة، والروح: مثل قوله تعالى: { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 91] .
    القسم الثالث: ما فيه معنى الصفة والفعل مثل قوله تعالى: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] .
    وقوله تعالى: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يس: 82] ،
    وقوله: { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي } [الكهف: 109] وقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1] ، وقوله: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ } [النساء: 93] ، وقوله: { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] ، وقوله: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [محمد: 28] ، وقوله: { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [الفجر: 22]
    ومن الأحاديث قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حديث الشفاعة: «إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله»(116) .
    وقوله عليه الصلاة والسلام: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة»(117) .
    والخلاف في الصفات الاختيارية هو في القسم الثالث الذي فيه معنى الصفة والفعل؛ لأن القسم الأول قد اتفق أهل السنة على إثباته وأنه قديم غير مخلوق، خلافاً للجهمية الذين نفوا الصفات جملة.
    وأما القسم الثاني فلم يخالف أحد في مخلوقيته.
    وأما القسم الثالث: فهو موضع الخلاف ومنشأ النزاع والناس فيه على أقوال:
    أحدها: أن الجميع إضافته إضافة ملك، وليس لله حياة قائمة به، ولا علم قائم به، ولا قدرة قائمة به، ولا كلام قائم به، ولا حب، ولا بغض، ولا غضب، ولا رضى، بل جميع ذلك مخلوق من مخلوقاته، وهذا قول المعطلة نفاة الصفات.
    ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أول من ابتدع هذا القول في الإسلام الجهمية، وقد ابتدعوه بعد انقراض عصر الصحابة وأكابر التابعين(118) .
    الثاني: أن كل ما يضاف إلى الله هو صفة لله وإن كان بائناً عنه، وقال كثير منهم: إن أرواح بني آدم قديمة أزلية وهي صفة لله، وأن ما يسمعه الناس من أصوات القراء ومداد المصاحف قديم أزلي، وهو صفة لله، وقال بهذا القول الحلولية.
    الثالث: أن صفات الله وأفعاله الاختيارية من الغضب والرضى والمحبة والبغض والإرادة وغيرها: إما أن تكون قديمة قائمة بالرب بأعيانها عند من يجوز ذلك وهم الكلابية، وإما مخلوقاً منفصلاً عنه فهو يلحق بأحد القسمين السابقين، فيمتنع أن يقوم به نعت أو حال أو فعل، أو شيء ليس بقديم، ويسمون هذه المسألة (مسألة حلول الحوادث بذاته) (119).
    وقال بهذا المعتزلة وبعض الكلابية والأشعرية، وكثير من الحنبلية ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية وغيرهم.
    الرابع: أن صفات الله وأفعاله الاختيارية قسم ثالث: فهي ليست من المخلوقات المنفصلة عن الله، وليست بمنزلة الذات والصفات القديمة الواجبة التي لا تتعلق بها مشيئته، لا بأنواعها، ولا بأعيانها، وهذا قول سلف المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين المشهورين بالإمامة، وهو القول الصحيح.
    وبهذا التفصيل في مسألة المضاف إلى الله والتفريق بين ما يضاف إلى الله من صفاته، وبين مخلوقاته يتضح لنا صلة هذه المسألة بالخلاف الدائر في صفات الله وأفعاله الاختيارية بين فرق المسلمين، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المضاف إلى الله في نصوص الكتاب والسنة أصل عظيم ضل فيه كثير من أهل الأرض من أهل الملل كلهم(120) .
    ويستدل نفاة الصفات والأفعال الاختيارية بأدلة عقلية(121) منها:
    الأول: قولهم: (أن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، فلو جاز اتصافه بها لم يخل منها، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث). وهذا الدليل مبني على مقدمتين، وفي كل من المقدمتين نزاع معروف بين طوائف المسلمين.
    أما الأولى: وهي أن القابل للشيء لا يخلو منه ومن ضده. فأكثر العقلاء على خلافها حتى المتكلمين أنفسهم لم يذكروا لها حجة عقلية صحيحة(122) .
    وأما المقدمة الثانية: وهي أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، فهذه - أيضاً - قد نازع فيها طوائف من أهل الكلام والفلسفة والفقه والحديث والتصوف وغيرهم، وقالوا: التسلسل الممتنع هو التسلسل في العلل، فأما التسلسل في الآثار المتعاقبة والشروط المتعاقبة فلا دليل على بطلانه، فلا يمكن حدوث شيء من الحوادث إلا على هذا الأصل، ومن لم يجوز ذلك لزمه القول بحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وذلك يستلزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح.
    الثاني: هو قولهم: (لو كان قابلاً لها لكان قابلاً لها في الأزل، وذلك فرع إمكان وجودها ووجودها في الأزل محال).
    وهذا الدليل أبطلوه هم بالمعارضة بالقدرة: بأنه - سبحانه - قادر على إحداث الحوادث، والقدرة تستدعي إمكان المقدور، ووجود المقدور وهو الحوادث في الأزل محال.
    وهذا الدليل باطل من وجوه:
    أولاً: أن يقال: وجود الحوادث: إما أن يكون ممتنعاً، وإما أن يكون ممكناً.
    فإن كان ممكناً أمكن قبولها والقدرة عليها دائماً، وحينئذٍ فلا يكون وجود جنسها في الأزل ممتنعاً، بل يمكن أن يكون جنسها مقدوراً مقبولاً.
    وإن كان ممتنعاً فقد امتنع وجود حوادث لا تتناهى، وحينئذٍ فلا تكون في الأزل ممكنة، لا مقدورة ولا مقبولة، وحينئذٍ فلا يلزم امتناعها بعد ذلك، فإن الحوادث موجودة فلا يجوز أن يقال بدوام امتناعها، وهذا تقسيم حاصر يبين فساد هذا الدليل.
    ثانياً: أن يقال: لا ريب أن الله تعالى قادر: فإما أن يقال: إنه لم يزل قادراً. وهذا هو الصواب. وإما أن يقال: بل صار قادراً بعد أن لم يكن.
    فإن قيل: لم يزل قادراً، فقال: إذا كان لم يزل قادراً: فإن كان المقدور لم يزل ممكناً أمكن دوام وجود الممكنات، فأمكن دوام وجود الحوادث، وحينئذٍ فلا يمتنع كونه قابلاً لها في الأزل.
    ثالثاً: إذا قيل: هو قابل لما في الأزل، فإنما هو قابل لما هو قادر عليه يمكن وجوده، فأما ما يكون ممتنعاً لا يدخل تحت القدرة فهذا ليس بقابل له.
    رابعاً: أن يقال هو قادر على حدوث ما هو مباين له من المخلوقات، ومعلوم أن قدرة القادر على فعله القائم به أولى من قدرته على المباين له، وإذا كان الفعل لا مانع منه إلا ما يمنع مثله لوجود المقدور المباين، ثم ثبت أن المقدور المباين هو ممكن وهو قادر عليه، فالفعل أن يكون ممكناً مقدوراً أولى(123) .
    الثالث: قولهم: إن قيام الحوادث به تغيّر، والله منزه عن التغير.
    والجواب: أن لفظ (التغير) لفظ مجمل، فالتغير في اللغة لا يراد به مجرد كون المحل قامت به الحوادث، فإن الناس لا يقولون للشمس والقمر والكواكب إذا تحركت إنها قد تغيرت، ولا يقولون للإنسان إذا تكلم ومشى إنه تغير، ولا يقولون إذا طاف وصلى، وأمر ونهى، وركب إنه تغير إذا كان ذلك عادته، بل إنما يقولون تغير لمن استحال من صفة إلى صفة، كالشمس إذا زال نورها ظاهراً لا يقال إنها تغيرت، فإذا اصفرت قيل: تغيرت.
    وإذا جرى أحد على عادته في أقواله وأفعاله فلا يقال إنه قد تغير، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11] ، ومعلوم أنهم إذا كانوا على عادتهم الموجودة يقولون ويفعلون ما هو خير لم يكونوا قد غيروا ما بأنفسهم، فإذا انتقلوا عن ذلك فاستبدلوا بقصد الخير قصد الشر، وباعتقاد الحق اعتقاد الباطل قيل: قد غيروا ما بأنفسهم.
    وإذا كان هذا معنى التغير: فالرب تعالى لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال، وكماله من لوازم ذاته، فيمتنع أن يزول عنه شيء من صفات كماله، ويمتنع أن يصير ناقصاً بعد كماله (124).
    الرابع: قولهم: حلول الحوادث أفول، والخليل قد قال: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: 76] والآفل هو المتحرك الذي تقوم به الحوادث، والخليل قد نفى محبة من تقوم به الحوادث فلا يكون إلهاً(125) .
    وهذا الدليل حجة عليهم لا لهم، ذلك أن الله عزّ وجل قال: { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 76 - 78] ، فقد أخبر الله في كتابه أنه حين بزغ الكوكب، والقمر، والشمس إلى حين أفولها لم يقل الخليل: لا أحب البازغين، ولا المتحركين، ولا المتحولين، ولا أحب من تقوم به الحركات ولا الحوادث.
    والأفول في اللغة هو المغيب والاحتجاب(126) . وهذا باتفاق العلماء.
    ولم يقل إبراهيم: { لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ } [الأنعام: 76] إلا حين أفل وغاب عن الأبصار، وهذا يقتضي أن كونه متحركاً منتقلاً وجسماً تقوم به الحوادث لم يكن دليلاً عند إبراهيم على نفي محبته، ثم إن قول إبراهيم له حين بزغ: { هَـذَا رَبِّي } [الأنعام: 76، 77، 78] ولم ينف عنه الربوبية من حين بزوغه إلى حال أفوله دل ذلك على أنه لم يجعل حركته منافية لذلك، وإنما جعل المنافي الأفول، وإن كان الخليل إنما احتج بالأفول على أنه لا يصلح أن يتخذ رباً يشرك، ويدعى من دون الله، فليس فيه تعرض لأفعال الله تعالى، فقصة الخليل حجة عليهم لا لهم.
    وأما قولهم: إن الأفول هو التغير: فإن أريد بالتغير الاستحالة: فالشمس والقمر والكواكب لم تستحل بالمغيب.
    وإن أراد به التحرك: فهو لا يزال متحركاً، ولفظ التغير والتحرك مجمل: إن أريد به التحرك أو حلول الحوادث: فليس هو معنى التغير في اللغة، وليس الأفول هو التحرك، ولا التحرك هو التغير، بل الأفول أخص من التحرك، والتغير أخص من التحرك. وبين التغير والأفول عموم وخصوص، فقد يكون الشيء متغيراً غير آفل، وقد يكون آفلاً غير متغير، وقد يكون متحركاً غير متغير، ومتحركاً غير آفل(127) .
    وبعد ذلك ذكر شيخ الإسلام أن نفي النفاة للصفات الاختيارية - التي يسمونها حلول الحوادث(128) - ليس لهم دليل عقلي عليه، وأما السمع فلا ريب أنه مملوء بما يناقض هذا القول. وقد احتال متأخروهم حين لم يكن معهم حجة عقلية ولا سمعية، فاحتجوا بما يسمونه بحجة الكمال والنقصان وهي: أن الصفات إن كانت صفات نقص وجب تنزيه الرب عنها، وإن كانت صفات كمال فقد كان فاقداً لها قبل حدوثها، وعدم الكمال نقص، فيلزم أن يكون كان ناقصاً، وتنزيهه عن النقص واجب بالإجماع (129).
    وهذه الحجة فاسدة من وجوه:
    أحدها: لا نسلم أن عدم هذه الأمور قبل وجودها نقص، بل لو وجدت قبل وجودها لكان نقصاً، مثال ذلك: تكليم الله لموسى عليه السلام ونداؤه له، فنداؤه حين ناداه صفة كمال، ولو ناداه قبل أن يجيء لكان ذلك نقصاً، فكل منها كمال حين وجوده، ليس بكمال قبل وجوده.
    الثاني: لا نسلم أن عدم ذلك نقص، فإن ما كان حادثاً امتنع أن يكون قديماً، وما كان ممتنعاً لم يكن عدمه نقصاً، إنما النقص فوات ما يمكن من صفات الكمال.
    الثالث: أن هذا يرد في كل ما فعله الرب وخلقه فيقال: إن كان نقصاً فقد اتصف بالنقص، وإن كان كمالاً فقد كان فاقداً له.
    فإن قال المخالف: صفات الأفعال عندنا ليست بنقص ولا كمال.
    قيل: إذا قلتم ذلك أمكن المنازع أن يقول: هذه الحوادث ليست بنقص ولا كمال.
    الرابع: أن يقال: إذا عُرض على العقل الصريح ذاتٌ يمكنها أن تتكلم بقدرتها وتفعل ما تشاء بنفسها، وذات لا يمكنها أن تتكلم بمشيئتها ولا تتصرف بنفسها ألبتة بل هي بمنزلة العاجز الذي لا يمكنه فعل يقوم به باختياره: فإن العقل الصريح يقضي بأن هذه الذات أكمل، وحينئذٍ فأنتم الذين وصفتم الرب بصفة النقص. والكمال باتصافه بهذه الصفات، لا في نفي اتصافه بها.
    الخامس: أن يقال: الحوادث التي يمتنع كون كل منها أزلياً، ولا يمكن وجودها إلا شيئاً فشيئاً إذا قيل: أيهما أكمل: أن يقدر على فعلها شيئاً فشيئاً أو لا يقدر على ذلك؟، كان معلوماً بصريح العقل أن القادر على فعلها شيئاً فشيئاً أكمل ممن لا يقدر على ذلك، وهم يقولون: إن الرب لا يقدر على شيء من هذه الأمور، ويقولون: إنه يقدر على أمور مباينة له(130) .

    نقلا عن كتاب " دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية " للدكتور عبدالله الغصن - وفقه الله - ومن أراد الهوامش فعليه بالكتاب .
    كل العلوم سوى القرآن مشغلة... إلا الحديث و علم الفقه في الدين
    العلم مـا كان فيه قال حدثنا...و ماسوى ذلك وسواس الشياطين

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    293

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا إخواني وتوضيح لما سبق أقول في إختصار نعم نقول في الصفات الإختاريه _الفعليه_ هي قديمة النوع حادثة الأفراد أو لآحاد فلا نقول أن الله كان لا يتكلم قديما ثم تكلم حاشا لله فصفة الكلام قديمة النوع حادثة الآحاد قال تعالي ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث )
    وأما قولنا هي قديمه هذا من باب الاخبار عن الله بها وليس من باب الوصف وهذا فرق كبير إذ أن لك أن تخبر عن الله بما لا حسن فيه كالموجود والشئ وقد أخبر الله عن نفسه بذلك فقال ( قل أي شئ أكبر شهادة قل الله )
    فباب الإخبار أعم من باب الصفات كما أن باب الصفات أعم من باب الأسماء
    وجزاكم الله خيرا
    ساعد في نشر العلم http://olom.banouta.net

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    293

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    وققولنا قديمة النوع حادثة الآحاد هذه قاعدة قالها شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله تعالي
    ساعد في نشر العلم http://olom.banouta.net

  17. #17

    افتراضي رد: هل يصح إطلاق القول بأن كل الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النووى الصغير مشاهدة المشاركة
    فما تقول فى قول الحبيب
    أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم
    بارك الله فيك أخي النووي الصغير, لفظة القديم هنا جاءت صفة للسلطان وليس لله سبحانه وتعالى وفرق بين الله وسلطانه, صفات الله الأختياريه قديمة النوع حادثة الأحاد مثل قوله تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير, والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •