السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فهذه بعض المقالات التي نشرها وينشرها فضيلة الشيخ عصام البشير المراكشي المغربي (مشرف قسم اللغة العربية بملتقى أهل الحديث) على صفحته في الفيسبوك تحت عنوان شذرات في اللغة والأدب
وهذه المقالات تحوي علما جما وفوائد لغوية وأدبية مهمة, وقد أذن لي الشيخ أبو محمد أن أنشرها ـ جزاه الله خيراـ
أرجو من الله عز وجل أن يبارك هذا الجهد وأن ينفعنا بما من الله به على الشيخ من علم
قال فضيلة الشيخ عصام البشير المراكشي المغربي:
في خزانة الأدب (1/76):
(وقد أجمع علماء الشعر على أن جريرا والفرزدق والأخطل مقدّمون على سائر شعراء الإسلام، واختلفوا في أيهم أفضل. وقد حكم مروان بن أبي حفصة بين الثلاثة بقوله:
ذهب الفرزدق بالفخار وإنما = حلو الكلام ومره لجريرِ
ولقد هجا فأمضّ أخطلُ تغلبٍ = وحوى اللّهى بمديحه المشهور
فحكم للفرزدق بالفخار، وللأخطل بالمدح والهجو، ولجرير بجميع فنون الشعر).
ــ ــ ــ ــ
في الكامل للمبرد (2/703):
(وحدثني الزيادي قال: قيل لأعرابي: ألا تخضب بالوَسْمَةِ، فقال: لِمَ ذاك? فقال: لتصبُوَ إليكَ النساءُ، فقال: أما نساؤنا فما يبغينَ بنا بدلاً، وأما غيرهن فما نلتمس صبوته).
قلت: ما أجمل هذا المنطق الجليّ، والعفاف الفطري.
ــ ــ ــ ــ
ما أجمل أن تكون العقيدة حاكمة على كل الأقوال والأفعال!
أورد البغدادي في خزانة الأدب (1/184) بيتا لأعشى قيس، من قصيدة له ينفّر فيها عامر بن الطفيل، على ابن عمّه علقمة بن علاثة الصحابي، رضي الله عنه.
ثم قال بعد أن شرح البيت، وأشار إلى القصيدة: (ولولا أنها في صحابيّ لأوردت منها أبياتا).
قلت: أين أدباء اليوم الذين يشتمون في كتاباتهم خالقَهم سبحانه وتعالى بأقذع الشتائم، من هذا الالتزام الفكري الذي ينطلق من عقيدة راسخة، لا تغيرها الأحوال والمقامات؟
فائدة:
المُنافَرَةُ عند العرب أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه ثم يُحَكِّما بينهما ثالثا. ويقال: (نَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً) أَي قضى عليه بأنه الغالب.
ــ ــ ــ ــ
في زهر الآداب للحصري:
(ذكر عُتبة بن أبي سفيان كلامَ العرب فقال: إن للعرب كلاماً هو أرقّ من الهواء، وأعذب من الماءِ. مرق من أفواههم مُروقَ السهام من قِسيّها، بكلمات مؤتلفات، إنْ فُسِّرت بغيرها عطِلتْ، وإن بدلت بسوَاها من الكلام استصعبَت. فسهولةُ ألفاظِهم توهِمُك أنها ممكنة إذا سمعت، وصعوبتها تعلمك أنها مفقودة إذا طُلِبت.
هم اللطيف فهمهم، النافعُ علمهم، بلغتهم نزلِ القرآن، وبها يدرَكُ البيان، وكلُّ نوع من معناه مُبَاينٌ لما سواه، والناسُ إلى قولهم يصيرون، وبهداهم يأتمّون، أكثر الناسِ أحلاماً، وأكرمهُم أخلاقا).
ــ ــ ــ ــ
أورد ابن الأزرق الغرناطي في (روضة الإعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام) (ص99) قول أبي بن كعب رضي الله عنه: (تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه). ثم قال:
(واللحن هنا يراد به النحو كما حكى ابن الأنباري عن يزيد بن هارون أنه لما حدث بأن عمر رضي الله عنه كتب أن تعلموا الفرائض والسنة واللحن كما تعلمون القرآن. قيل له: (ما اللحن؟) قال: النحو).
ــ ــ ــ ــ
وقال ابن الأزرق الغرناطي في (روضة الإعلام) أيضا:
(ومن عدم الاعتبار بزينة الملبس إذا عري صاحبه من هذا العلم (أي علم العربية)، وأنه حقيق بأن لا يلبس ما لا يستر عوراء جهله فضلا عن الزينة، ما يروى أن رجلا حسن الشارة، جميل البزة. وقف على المبرد، فسأله عن مسألة، فأحال ولحن، فقال له المبرد:
يا هذا أنصِفنا من نفسك! إما أن تلبس على قدر كلامك، أو تتكلم على قدر لباسك).
ــ ــ ــ ــ
يقول العلامة الطناحي في مقال له في نقد (ذيل الأعلام) للعلاونة:
(يضاف في ترجمة ''محمود حسن إسماعيل'' أنه كان من أخلص أصدقاء شيخنا ''محمود محمد شاكر''، وقد سألت الشيخ مرة – وقد قرأ علينا شعرا له هو شجي النغم – لماذا لم تواصل الشعر يا مولانا؟
فقال: تركته لمحمود حسن إسماعيل ..).
ــ ــ ــ ــ
قال البغدادي في الخزانة (1/269):
(واعلم أن الشعراء أربع طبقات:
الأولى: جاهلي قديم.
الثانية: المخضرم.
الثالثة: إسلامي.
وهم أربعة أقسام:
شاعر خنذيذ (بالخاء والنون والذالين المعجمات على وزن إبريق) وهو الذي يجمع إلى جيد شعره رواية الجيد من شعر غيره.
وشاعر مفلق وهو الذي لا رواية له إلا أنه مجود كالخنذيذ في شعره. والمفلق: معناه الذي يأتي في شعره بالفلق بالكسر وهو ...
ــ ــ ــ ــ
من لطائف عادات العرب أنهم كانوا يجعلون في يدي الملدوغ الحلي والجلاجل، حتى لا ينام فيدبّ السم فيه (الخزانة 2/458).
وبه يفهم قول الشاعر:
يسهَّد في ليل التِّمام سليمُها = لحليِ النساءِ في يديه قعاقعُ
فيه أمور:
- البيت للنابغة الذبياني من قصيدة.
- ليل التِّمام (بكسر التاء): هو أطول ليل في السنة.
- السليم: هو الملدوغ، يسمونه السليم تفاؤلا.
- ارتكب الشاعر في عجز البيت القبض في مفاعيلن فصارت مفاعلن. نبهتُ عليه لأن بعض الناس لا تستسيغ أذنه هذا الزحاف في البحر الطويل.