تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: منهج التخريج والتحقيق عند الشيخ المحدث ماهر الفحل

  1. افتراضي منهج التخريج والتحقيق عند الشيخ المحدث ماهر الفحل

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وآله الطيبين ، وأصحابه الغر المحجلين ، وبعد :
    فقد اعتنى علماء الحديث قديماً وحديثاً بكتب الحديث تحقيقاً وتخريجاً ، ولكل عالم منهجه في هذا الفن ، وبما أنه لم يخلو عمل من فوائد جمة تعود على طالب علم الحديث ، فقد رأيت أن أقدم لإخواني الكرام منهج التحقيق والتخريج عند فضيلة الشيخ المحدث ماهر الفحل ـــ حفظه الله ـــ شيخ دار الحديث في العراق لينتفع بها من يروم العمل في هذا المضمار ، والله الموفق وهو المعين .
    قال الشيخ ــ حفظه الله ــ : إن الغاية من تحقيق أي كتاب من الكتب يتعين أن تتجه إلى تقديم النص صحيحاً مطابقاً لما أراده مؤلفه ، بعد توثيق نسبته ومادته مع العناية بضبطه وتوضيح مراده . وحين ظهرت الثورة الطباعية في هذين القرنين وبدأ الناس يعنون بتحقيق المخطوطات العربية ثم نشرها ظهر رأيان في التحقيق :
    الأول : رأي يرى الاختصار على إخراج نص مصححٍ مجردٍ من كل تعليق ، وهذا الرأي يعتمد على عدم تضخيم الكتاب بالهوامش ، وإبقاء الكتاب كما هو عليه من غير تعليقات في الهوامش .
    والآخر : رأي يرى أن الأفضل توضيح النص بالتعليقات في الهوامش وهذه التعليقات تكون متنوعة ما بين تخريج للنصوص وما بين تعليقات مفيدة وموضحة فكانت الكتب المحققة التي ظهرت إلى عالم المطبوعات على نوعين :
    الأول : ما خرج خالياً من كل تعليق في الهامش والاقتصار على متن الكتاب .
    والآخر : ما خرج متوجاً بالتعليقات الكثيرة في الهوامش .
    وهذه الكتب التي خرجت وعليها تعليقات واسعة كان منها ما فيه تعليقات
    نافعة ، ومنها ما أثقل بحواش لا قيمة لها ، وكأن كاتبيها أرادوا مجرد تضخيم الكتاب .
    والنصوص التي خرجت تتفاوت ما بين نص متقن وما بين نص رديء على حسب النسخ المستخدمة في التحقيق ، وعلى مدى مقدرة المحقق إلى التوصل إلى نص سليم قويم .
    فالتحقيق ينبغي أن يكون بضبط النص أولاً وترتيبه وشكل مشكله مع ذكر الفواصل التي تعين على قراءة النص وفهمه مع بذل الجهد من أجل التوصل إلى النص الذي كتبه المصنف أو أراده ، وذلك باعتماد النسخ المهمة والرجوع إلى موارد المصنف ومن استقى منه ، وتثبيت الاختلافات المهمة بين النسخ والترجيح بينها مع العناية الدقيقة في ذكر الاختلافات المهمة بين موارد المصنف ومن نقل عنه .
    ثم التعليق ينبغي أن يكون بما يجلي النص أو ييسره من توضيح مشكل أو تقييد اسم غريب أو شرح مصطلح من المصطلحات وتخريج النصوص بأنواعها والكلام على المهم من عندها ، كما يتعين الكلام على نقد الحديث أو تخريج التراجم المهمة . وبالإمكان إضافة أشياء أخرى أو إهمال بعض ما ذُكر حسب ما يراه المحقق مناسباً لقارئ النص ، على أن لا يكون ذلك من باب الاهمال والتقصير .
    وعند تحقيقي لمسند الشافعي بعد عثوري على نسخته النفيسة المتقنة أردت أن يكون تحقيقي لهذا الكتاب على أفضل طرقه ، بعد استنفاذ الجهد وضبطه ، وكان الأمير سنجر قد خفف عليَّ الجهد من قبل إذ إن نسخته في غاية الشكل ، بل إنه نبه في كثير من المواطن إلى احتمال حركتين أو وجود روايتين ؛ فشكلت النص شكلاً تاماً مستفيداً بادئ ذي بدء بشكل الأمير سنجر ، ثم بما منه الله عليَّ من معرفة في هذا الفن بعد مراجعة الأم للطبعتين ومسند الشافعي المطبوع مفرداً والمسند المطبوع بآخر الأم والترتيب والسنن المأثورة والمصادر التي نقل منها الشافعي كموطأ مالك برواياته وكتب محمد بن الحسن ، وكذلك مراجعة المصادر التي استقت من مسند الشافعي على اختلافها وكثرتها ، وكان من أهمها كتب البيهقي لا سيما كتابه النافع الماتع معرفة السنن والآثار ، ثم علقت في الهامش على شرح كثير من الألفاظ الغريبة والكلمات المشكلة ، وضبطت كثيراً من أسماء الرواة مستعيناً بكتب الرجال وكتبه المشتبه ثم اعتنيت عناية بالغة في تخريج الحديث وتتبع طرقه من المصنفات والجوامع والمسانيد والأجزاء والصحاح وكتب المشيخات والفوائد وغيرها ، ورتبت التخريج على الوفيات مقدماً من أخرج الحديث من طريق الشافعي ، وأجملت التخريج على الصحابي أو من يقوم مقامه ثم عقبت ذلك بالعزو إلى بعض المصادر التي تعين على تخريج الحديث ونقده . ثم العزو إلى إتحاف المهرة لحافظ عصره ابن حجر العسقلاني ، إذ إنه جعل أحد موارده مسند الإمام الشافعي ، ثم أحلت إلى كتاب الأم ، وصدرت كل ذلك بالحكم على الأحاديث وما يليق بها من صحة أو ضعف وغير ذلك من التعليقات الغنية التي يراها القارئ بين طيات الكتاب . أسأل الله أن يكون أنيسي في وحشتي وأن ينفعني الله به يوم لا ينفع مال ولا بنون .
    ومنهجي في التحقيق يمكن أن يلخص بالتالي :
    واجبات وضوابط المحقق
    1- تخريج الآيات ، يكتب اسم السورة ، ثم نقطتان ، ثم رقم الآية . هكذا البقرة : 43 .
    2- تخريج الأحاديث من الكتب المسندة .
    3- التخريج يرتب على حسب الوفيات .
    4- صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، تكتب لهما الجزء والصفحة ورقم الحديث . للطبعات المشهورة .
    5- الجزء والصفحة للكتب التي لم ترقم أحاديثها ورقم الحديث فقط للكتب التي رقمت أحاديثها ، أما إذا كان الكتاب مجلداً واحداً ولم ترقم أحاديثه فكتب نقطتان قبل رقم الصفحة . هكذا : 571 .
    6- عند التخريج يستفاد من الكتب التي تجمع أسانيد كتب متعددة . مثل تحفة الأشراف ، وجامع المسانيد ، وإتحاف المهرة ، والمطالب العالية والمسند الجامع . وكذلك يستأنس بجامع الأصول ، وموسوعة أطراف الحديث ، والكتب المحققة المخرجة .
    7- الاعتناء بعلامات التفريز .
    8- كتب التخريج القديمة يستفاد منها كثيراً عند تخريجنا للأحاديث . مثل نصب الراية للزيلعي ، والتلخيص الحبير ، وتخريج أحاديث الإحياء ، وتحفة المحتاج ، وتخريج أحاديث الكشاف .
    9- للتخريج خمس طرق :
    الطريقة الأولى : عن معرفة راوي الحديث من الصحابة ، وهذه الطريقة نرجع إليها حينما نعرف اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث . وعند تخريجنا لهذه الطريقة نستفيد من مجموعة من الكتب وهي : المسانيد ، والمسانيد هي الكتب التي تجمع أحاديث مسند كل صحابي على حدة . مثل مسند أحمد والحميدي ، والطيالسي ، وأبي يعلى . وكذلك المعاجم مثل معاجم الطبراني الثلاثة . فهي أيضاً على المسانيد إلا إن مسانيد الصحابة رتبت على حروف المعاجم . وكذلك كتب الأطراف مثل تحفة الأشراف ، وإتحاف المهرة .
    الطريقة الثانية : فهي على طريقة معرفة أول لفظ من متن الحديث . وهذه طريقة نلجأ إليه حينما نعرف أول متن الحديث . وأفضل كتاب لهذه الطريقة هو كتاب موسوعة أطراف الحديث . وكذلك فيها فهارس الكتب المطبوعة حديثاً . وهناك كثير من الكتب ألفت مرتبة على الفهارس المعجمية مثل صحيح الجامع الصغير ، وضعيف الجامع الصغير ، والمقاصد الحسنة . وكشف الخفاء .
    أما الطريقة الثالثة : فهي عن طريق معرفة كلمة مشتقة من فعل ثلاثي . مثل : (( إنما الأعمال بالنيات )) فالأعمال أصلها (( عمل )) والنيات أصلها (( نوى )) ونستعين على هذه الطريقة بفهارس صحيح مسلم للمرصفي . والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث لونسك . ولمسند أبي يعلى لحسين سليم أسد فهرس في مجلدين .
    أما الطريقة الرابعة : فهي عن طريق معرفة موضوع الحديث . وهو أن نبحث عن الحديث في بابه الفقهي . ونلجأ إليها بالكتب المؤلفة على هذه الطريقة . مثل الجوامع والمستخرجات والمستدركات والسنن . وأحسن شيئ لهذه الطريقة . الرجوع لكتب شملت عدة كتب . مثل جامع الأصول ، ومجمع الزوائد والمطالب العالية .
    أما الطريقة الخامسة : فهي النظر إلى نوع الحديث فإذا كان الحديث مرسلاً . بحثنا عنه في كتب المراسيل . وإذا كان متواتراً بحثنا عنه في الكتب التي ألفت في المتواتر . وإذا كان الحديث ضعيفاً نبحث عنه في الكتب المتخصصة في ذلك . مثل السلسلة الضعيفة . وإذا كان مشتهراً على السنة الناس نبحث عنه في المقاصد الحسنة وكشف الخفاء . وإذا كان الحديث من أحاديث الأحكام نبحث عنه في الكتب التي تعتني في هذا . مثل إرواء الغليل والتلخيص الحبير . و نصب الراية . وإذا كان الحديث من أحاديث التفسير يبحث عنه في كتب التفاسير المسندة مثل تفسير الطبري ، وابن أبي حاتم ، والبغوي ، وكتب الواحدي .
    فعلى المخرج أن يخرج على إحدى هذه الطرق حسب الحال .
    10 – عند تخريج الحديث يحكم على الأحاديث ؛ لأنا لا نستطيع أن نعمل بالحديث حتى نعرف صلاحيته من عدمها ونحن نبحث عن حكم المتقدمين فإذا كان الحديث في الصحيحين ، أو في واحد منهما ، فهو صحيح . وما دون ذلك يبحث عن أقوال أهل العلم في تصحيح الأحاديث وتعليلها . من ذلك كتب العلل . وكتب التخريج القديمة . وبعض الكتب التي شملت أحكاماً مثل جامع الترمذي ، وسنن الدارقطني . أما إذا لم نجد لأهل العلم تصحيحاً ولا تضعيفاً في ذلك الحديث المبحوث عنه . فنعمل قواعد الجرح والتعديل وقواعد المصطلح . وهو أمر صعب . نحن نعلم أن شروط صحة الحديث الاتصال ، والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة . فإذا تخلف شرط من هذه الشروط عن الحديث فالحديث ضعيف . والشروط الثلاثة الأولى تكون في الإسناد ونستطيع أن نبحث عنها بمراجعة كتب الرجال . أما الشرطان الأخيران فهما يحتاجان إلى الحفظ . ولمعرفة عدالة الراوي وضبطهم نستفيد أكثر شيئ من تهذيب الكمال ، وميزان الاعتدال ، والتقريب ، وغيرها من كتب الرجال .
    والحكم على الأسانيد على النحو الآتي :
    أولاً : إسناده صحيح ، إذا كان السند متصلاً بالرواة الثقات ، أو فيه من هو صدوق حسن الحديث وقد توبع ، فهو يشمل السند الصحيح لذاته والسند الصحيح لغيره .
    ثانياً : إسناده حسن إذا كان في السند من هو أدني من رتبة الثقة وهو الصدوق الحسن الحديث ولم يتابع ، أو كان فيه (( الضعيف المعتبربه )) أو (( المقبول )) أو (( اللين الحديث ))أو (( السيئ الحفظ )) ومن وصف بأنه (( ليس بالقوي )) أو (( يكتب حديثه وإن كان فيه ضعف )) ، إذا تابعه من هو بدرجته أو أعلى منـزلة منه ، فهو يشمل السند الحسن لذاته والحسن لغيره .
    ثالثاً : إسناده ضعيف إذا كان في السند من وصف بالضعف ، أو نحوه ويدخل فيه : المنقطع ، والمعضل ، والمرسل ، والمدلس رابعاً .
    رابعا إسناده ضعيف جداً ، إذا كان في السند أحد المتروكين أو من اتهم بالكذب.
    11- من أول واجبات المحقق ، رجوعه إلى النسخ الخطية العتيقة ، وإلى الكتب المساعدة مثل موارد صاحب المخطوط ، ومن استقى منه .
    12 – الاعتناء بشرح ما لا بد من شرحه من غريب أو غيره .
    13- ضبط الأسماء المشكلة بالحروف بالهامش مع شكلها بالشكل في المتن .
    14- التخريج يكون بجمع الموارد على الصحابي أو تفصيله عند الحاجة .
    15- تخريج النقولات عن العلماء من الكتب القديمة .
    16- تتبع المذاهب سواء كانت لغوية أم فقهية أم غيرها وتوثيقها من المصادر التي تعنى بها .
    17- ترجمه بعض المهملين الذين يرد ذكرهم بترجمة بسيطة .
    18 – التعليق على المواطن التي يحتاج فيها إلى التعليق .
    19- ينبغي وضع خطة خاصة عند تحقيق أي كتاب .
    20- عند التحقيق يجب السير على منهج واحد . والإشارة إليه قبل بدأ العمل .
    21- ينبغي شكل ما يشكل .
    22- لا بد في التخريج من ذكر الصحابي .
    23- عند تخريج أحاديث من في حفظه شيء ، يرجع إلى الكامل والضعفاء للعقيلي والميزان واللسان خشية أن تكون هذه الأحاديث مما أنكرت عليهم.
    24- لا بد من معرفة مناهج المخطوطات عند تحقيق أي مخطوطة .
    25- يستعان في ضبط المدن في معجم البلدان ، ومراصد الاصطلاح .
    26- ويستفاد في ضبط الأنساب في كتاب الأنساب للسمعاني أو اللباب لابن الأثير .
    27- ينبغي صنع الفهارس لأي كتاب يحقق . والمنهج السديد لصنع الفهارس فيما يأتي :
    أ : اعتبار المدة ( آ ) أول حرف
    ب : عدم التفريق بين ( أن ) و ( أنّ ) و ( إن ) وكذلك بين ( أما ) ( أمّا ) ( إمّا ) ، أي : لا يعتد بحركة الهمزة ، ولا تخفيف النون ، والميم ، وتشديدها .
    ج : عدم التفريق بين همزة الوصل والقطع ، وعد الهمزة التي كتبت على الواو، والألف همزة .
    ء : عدم الاعتداد ب*ـ (( أل )) التعريف في الترتيب ، ويستثنى من ذلك لفظ الجلالة ولفظ اسم الموصول ، فتعدُ همزتها همزة أصلية .
    ذ : عدم الاعتداد بجملة (( صلى الله عليه وسلم )) .
    ه* : عد الألف المقصورة ياءً في الترتب فتجئ (( صلّى )) مثلاً بعد (( صلوا )) .
    ف : عد (( لا )) حرفاً مستقلاً . وضع بين الواو والياء) .
    ( والحمد لله أولاً وآخراً )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: منهج التخريج والتحقيق عند الشيخ المحدث ماهر الفحل

    جزاك الله خيراً
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  3. افتراضي رد: منهج التخريج والتحقيق عند الشيخ المحدث ماهر الفحل

    وجزاك الله خيراً أخي الحبيب
    وَحسان الْكَوْن لما أَن بَدَت ... أَقبلت نحوي وَقَالَت لي إِلَــــيّ
    فتعاميت كَـــــــــــــ ــأَن لم أرهـــــــــا ... عِنْدَمَا أَبْصرت مقصــودي لدي


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •